ام الشهيد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
المعاهدة على الموت
بقلم: د. محمد ياسر القضماني
هل ينقضي العجب من أخبار النجوم الزواهر مع الطُّهر الطاهر سيد الناس في الدنيا وشفيعهم في اليوم الآخر؟!
هل
ينقضي العجب من أخبار هذا الجيل الفريد الذي صنعه الله المجيد على عين
حبيبه فكانوا العدَّة والذخيرة لكل من يريد التأسي والكرامة إلى يوم
القيامة!
نسيبة أم عمارة الأنصارية من نجوم تلك السماء، ومن أعلام ذلك العلاء!
في بيعة العقبة الثانية بايعت مع أختها، وكان معها زوجها زيد بن عاصم وابناها منه: حبيب وعبد الله.
اثنان
وستون رجلاً وهاتان العظيمتان، وكان قرَّة العين أسوتهم وحبيبهم عليه
الصلاة والسلام لا يصافح النساء؛ إنما كان يأخذ عليهن فإذا أقررن قال:
اذهبن.
نال الجميع هذا الشرف رجالاً ونساءً وكتب على وجه الدهر أن هذه الصفوة والنقاوة لها شأن وأي شأن!
وحبيب هذا ولد أم عمارة لنا معه وقفة جليلة ...
ذكر الواقدي: أنه لما بلغها قتل ابنها حبيب – والقاتل مسيلمة – عاهدت الله أن تموت دون مسيلمة، أو تقتل!
تعالوا يا ناس اسمعوا عن نساء ذلك الجيل الذي تربَّى في أحضان العزة ومهد السؤدد.
ما أخذت الدنيا وزينتها وبهرجتها وشهوة الامتلاء منها من قلوبهم!
عاهدت على الموت!
وعلى
قدر التعلق بالآخر يكون التشوق والتحقق والتذوق: التشوق للشؤون الأخروية
والكرامات العلوية، والتحقق بالأوامر والتمكن بالآداب المرعية والسُّنن
السَّنيَّة، والتذوق لما يُتلى ويُنثر ويُقصّ من أخبارهم وأحوالهم.
فشهدت اليمامة مع سيدنا خالد بن الوليد ومعها ابنها الآخر عبد الله فقتل مسيلمة وقطعت يدها في الحرب!
كم يدٌ هنا وهناك لنساء عُوِّدت التَّرف وألفت الزينة حتى أماتت لدى كثيرات الحسَّ!
لا
يذهب ظنكِ إلى الحسّ المادي؛ وإنما الحسَّ بمشاعر الفقيرات البائسات
اللواتي تمرُّ بعضهن بهذه الحياة دون أن تعرف بعض نعيم المترفة، أو تشمَّ
شيئاً من ريحها!
يد هذه العظيمة قطعت في نضال وجهاد فلتتضامن لها أيدي الرجال الذين تمتد أيدي كثير منهم إلى حرام أو تألف الأذى للمسلمين!
ومن روائع هذه العظيمة ما ورد من طريق أم سعد بنت سعد بن الربيع قال:
دخلت عليَّ أم عمارة، فقلت: يا خالة، أخبريني، فقالت: خرجت – يعني: يوم أحد – ومعي سقاء، وفيه ماء، فانتهينا إلى رسول الله r وهو في أصحابه، والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله r
فكنت أباشر القتال، وأذبُّ عنهم بالسيف وأرمي عن القوس، حتى خلصت الجراح
إليَّ، فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف، له غور، فقلت: من أصابك بهذا؟! قالت:
ابن قميئة!
نعم!
كم من فرق بين من أثرت الجراح فيها في موطن مجاهدة، وبين من أثّرت المعصية
والغفلة في جوارحها حتى بدت آثار وحشتها على سمعها وبصرها بل سائر
جوارحها؟!
أعتقد أن وضع أمثال هذه القصص أمام جيلنا فرض من فروضنا في زمن الجفاء مع جيلنا الأقدس والانبهار بأخبار من لا خلاق لهم هنا وهناك!
أم عمارة جمعت بين العلم والعمل فمن رواياتها عن سيد العلماء وإمام الأنبياء r: الصائم إذا أكل عنده صلّت عليه الملائكة.
نفعنا الله بأخبارهم وجمعنا بهم يوم القيامة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى