خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السؤال :
أواجه مشكلة عويصة ، منذ عام تقريباً ، فأنا فتاة تركية ، أبلغ من العمر 21
عاماً ، وأعيش بألمانيا ، وبالرغم من عدم تدين أسرتي : فإني أحاول -
والحمد لله - التمسك بتعاليم الإسلام ، ومع هذا : فهناك مشكلات كثيرة تنشأ
بيني وبين أسرتي ، لأنهم يرفضون تمسكي بأمور الدين ، كالحجاب ، وما إلى ذلك
، وأريد الآن أن أتزوج من أفغاني ، متدين أيضاً ، وقد أخبرت والدي بذلك ،
لكنه وطني ، متعصب ، ويرفض هذه الزيجة ، وقد ضربني لهذا السبب ، ولم يعد
بوسعي التحمل ، ولا تستطيع والدتي مساعدتي ؛ لأنها تخاف من والدي كثيراً ،
ونحن ننتظر منذ عام ، ولم يوافق على الزواج بعدُ ، وفى أثناء هذه المدة
وقعنا في الزنا ، ولا ندري ماذا نفعل ، ونحن محطمون داخليّاً ، ونريد
الزواج ، لكنَّا لا نستطيع دون موافقة والدي ، ولهذا فأنا لا أدري ماذا
أفعل ، فهل يجوز الزواج دون موافقة والد الفتاة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
نعجب منكِ حين تقولين إنك تحاولين التمسك بتعاليم الإسلام ، ثم نراك تفرطين في أغلى
ما تملكه الفتاة بعد دينها ، وهو عفتها ، وشرفها ! فكيف رضيت لنفسك الدون ، والسوء
؟! وكيف أسلمتِ عرضك لأجنبي لينتهكه ؟! وهل عدم موافقة أهلك على زوج بعينه يبيح لك
الوقوع في الزنا ، وارتكاب تلك الكبيرة البشعة ؟!
ثم العجب ، أيضاً ، من المتدين الآخر الذي أوقعك ، أو وقع معك في تلك القاذورة ؛
فإننا لم نعد ندري صراحة : ما هو التدين في نظركم ؟!
والواجب عليك الآن : التوبة الصادقة مما وقعتِ به ، ويلزم من ذلك : الندم على ما
حصل منك ، والعزم على عدم العوْد لمثل تلك المعصية ، وقطع العلاقة بالكلية بذلك
الفاجر الأثيم ، ولا يحل لك محادثته ، أو مراسلته ، فضلاً عن اللقاء به ، وهذا
مقتضى التوبة الصادقة التي أمر الله تعالى بها المذنبين في قوله ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ
يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ ) التحريم/ من الآية 8 .
ثانياً :
اعلمي أن فعلكما هذا قد جعل زواجكما محرَّماً ، حتى وإن وافق والدك على الزواج ؛
ذلك أن الله تعالى لم يحل نكاح الزاني ، والزانية ، إلا أن يتوبا .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
وإذا زنت المرأة : لم يحلَّ لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين :
أحدهما : انقضاء عدتها ، فإن حملت من الزنا فقضاء عدتها بوضعه ، ولا يحل نكاحها قبل
وضعه .
والشرط الثاني : أن تتوب من الزنا .
وقال :
وإذا وُجد الشرطان : حلَّ نكاحها ، للزاني ، وغيره ، في قول أكثر أهل العلم ، منهم
: أبو بكر ، وعمر ، وابنه ، وابن عباس ، وجابر ، وسعيد بن المسيب ، وجابر بن زيد ،
وعطاء ، والحسن ، وعكرمة ، والزهري ، والثوري ، والشافعي ، وابن المنذر ، وأصحاب
الرأي " انتهى .
"المغني" (7 / 108 ، 109 ) .
وقد بينا حكم هذه المسألة في أجوبة الأسئلة التالية : (
11195 ) و (
85335 ) و (
96460 ) و (
87894 ) و (
14381 ) .
وحينئذ ، إذا منّ الله عليك بالتوبة النصوح من ذلك الإثم المبين ، والفعل المشين ،
فبإمكانك أن تتزوجي من هذا الرجل ، إنْ رأيت منه التوبة الصادقة هو الآخر ، وأمكنك
أن تقنعي والدك ، أو أمكنه هو أن يستميله إلى الموافقة ، فإن لم يتيسر ذلك فعسى
الله أن يبدلك خيراً منه .
ثالثاً:
أما وصيتنا للأولياء عموماً : أن اتقوا الله في مولياتكم ، ولا تُقدموا على فعلٍ
تندمون على آثاره طوال عمركم ، وليس الندم بنافعكم ، ( فإذا جاءكم من ترضون دينه
وخلقه فزوجوه ) ، هذه وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ( فإن لم تفعلوا تكن فتنة في
الأرض وفساد كبير ) كما في تكملة الحديث ، فمن جاءكم راغباً بالتزوج من بناتكم أو
أخواتكم فلا تضعوا العراقيل أمام تزوجه ، ولا تقدموا اللغة ، والجنس ، والعرق ،
واللون ، على الدِّين ، ولا تدعوا فرصة للشيطان لأن يوقع مولياتكم في شباكه وشراكه
، واحذروا من تسويل الشيطان لهنَّ بفعل أمرين خطيرين ، وإثمين عظيمين ، وهما :
الزنا ، أو الزواج من المتقدم لها والمرفوض من قبلكم بغير ولي ، وهو ما يجعل العقد
فاسداً ، وها أنتم الآن أمام قصة واقعية جاءت في هذا السؤال ، فها هي الفتاة وقعت
في الزنا مع المتقدم لها ، وها هي تسأل عن التزوج بغير إذن وليها ، وليس هذا بعذر
لها ، لكن أنتم ما هو عذركم عند خالقكم عندما يحاسبكم على الأمانة التي توكلتم
بحفظها ؟ فهل سيكون عذركم عند الله عندما تردون صاحب الدِّين إذا أراد التزوج
ببناتكم ، أو أخواتكم ، وفق الكتاب والسنَّة ؟! .
ونحن لا نختلق أعذراً لتلك الفتاة ، فقد وقعتْ في إثم عظيم ، وإن هي تزوجت بغير إذن
وليها فنكاحها فاسد ، ولكننا في الوقت نفسه نلوم الأولياء الذين لا يتقون ربهم
تعالى ، ويفرطون في الأمانة المودعة عندهم .
ونقول للفتاة أيضاً : قد يكون من الخير لك أن يرد أهلك بعض المتقدمين لك إن رأوا
مصلحة لك في دينك ودنياك ، فلا ينبغي الإصرار على شخص بعينه ، والأولياء الذين
يمنعون تزوج مولياتهم بالكلية هم آثمون ، وللمرأة أن ترفع أمرها لقاضٍ شرعي ، أو من
يقوم مقامه ، لينقل الولاية لغير ذلك الولي الرافض تزويجها ، فإن لم يوجد أحد يستحق
الولاية غيره : كان القاضي الشرعي ، أو من يقومه مقامه : في حكم الولي ، ويزوجها هو
بنفسه ، وأما أن تعقد المرأة لنفسها بغير ولي مطلقاً : فعقدها فاسد .
وينظر في ذلك كله : أجوبة الأسئلة التالية : (
7193 ) و ( 10196 ) و (
36209 ) و (
2127 ) و (
7989 ) .
وفي الأجوبة المحال عليها بيان أدلة فساد العقد إن كان بغير موافقة الولي ، وفيها
بيان لما تفعله المرأة إن منعها وليها من التزوج ، وفوائد أخرى .
وانظري جواب السؤال رقم ( 20162
) لتقفي على قصة بعض النساء اللاتي خالفن رأي أهلهن وتزوجن بمن يرغبن .
والله أعلم
أواجه مشكلة عويصة ، منذ عام تقريباً ، فأنا فتاة تركية ، أبلغ من العمر 21
عاماً ، وأعيش بألمانيا ، وبالرغم من عدم تدين أسرتي : فإني أحاول -
والحمد لله - التمسك بتعاليم الإسلام ، ومع هذا : فهناك مشكلات كثيرة تنشأ
بيني وبين أسرتي ، لأنهم يرفضون تمسكي بأمور الدين ، كالحجاب ، وما إلى ذلك
، وأريد الآن أن أتزوج من أفغاني ، متدين أيضاً ، وقد أخبرت والدي بذلك ،
لكنه وطني ، متعصب ، ويرفض هذه الزيجة ، وقد ضربني لهذا السبب ، ولم يعد
بوسعي التحمل ، ولا تستطيع والدتي مساعدتي ؛ لأنها تخاف من والدي كثيراً ،
ونحن ننتظر منذ عام ، ولم يوافق على الزواج بعدُ ، وفى أثناء هذه المدة
وقعنا في الزنا ، ولا ندري ماذا نفعل ، ونحن محطمون داخليّاً ، ونريد
الزواج ، لكنَّا لا نستطيع دون موافقة والدي ، ولهذا فأنا لا أدري ماذا
أفعل ، فهل يجوز الزواج دون موافقة والد الفتاة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
نعجب منكِ حين تقولين إنك تحاولين التمسك بتعاليم الإسلام ، ثم نراك تفرطين في أغلى
ما تملكه الفتاة بعد دينها ، وهو عفتها ، وشرفها ! فكيف رضيت لنفسك الدون ، والسوء
؟! وكيف أسلمتِ عرضك لأجنبي لينتهكه ؟! وهل عدم موافقة أهلك على زوج بعينه يبيح لك
الوقوع في الزنا ، وارتكاب تلك الكبيرة البشعة ؟!
ثم العجب ، أيضاً ، من المتدين الآخر الذي أوقعك ، أو وقع معك في تلك القاذورة ؛
فإننا لم نعد ندري صراحة : ما هو التدين في نظركم ؟!
والواجب عليك الآن : التوبة الصادقة مما وقعتِ به ، ويلزم من ذلك : الندم على ما
حصل منك ، والعزم على عدم العوْد لمثل تلك المعصية ، وقطع العلاقة بالكلية بذلك
الفاجر الأثيم ، ولا يحل لك محادثته ، أو مراسلته ، فضلاً عن اللقاء به ، وهذا
مقتضى التوبة الصادقة التي أمر الله تعالى بها المذنبين في قوله ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ
يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ ) التحريم/ من الآية 8 .
ثانياً :
اعلمي أن فعلكما هذا قد جعل زواجكما محرَّماً ، حتى وإن وافق والدك على الزواج ؛
ذلك أن الله تعالى لم يحل نكاح الزاني ، والزانية ، إلا أن يتوبا .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
وإذا زنت المرأة : لم يحلَّ لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين :
أحدهما : انقضاء عدتها ، فإن حملت من الزنا فقضاء عدتها بوضعه ، ولا يحل نكاحها قبل
وضعه .
والشرط الثاني : أن تتوب من الزنا .
وقال :
وإذا وُجد الشرطان : حلَّ نكاحها ، للزاني ، وغيره ، في قول أكثر أهل العلم ، منهم
: أبو بكر ، وعمر ، وابنه ، وابن عباس ، وجابر ، وسعيد بن المسيب ، وجابر بن زيد ،
وعطاء ، والحسن ، وعكرمة ، والزهري ، والثوري ، والشافعي ، وابن المنذر ، وأصحاب
الرأي " انتهى .
"المغني" (7 / 108 ، 109 ) .
وقد بينا حكم هذه المسألة في أجوبة الأسئلة التالية : (
11195 ) و (
85335 ) و (
96460 ) و (
87894 ) و (
14381 ) .
وحينئذ ، إذا منّ الله عليك بالتوبة النصوح من ذلك الإثم المبين ، والفعل المشين ،
فبإمكانك أن تتزوجي من هذا الرجل ، إنْ رأيت منه التوبة الصادقة هو الآخر ، وأمكنك
أن تقنعي والدك ، أو أمكنه هو أن يستميله إلى الموافقة ، فإن لم يتيسر ذلك فعسى
الله أن يبدلك خيراً منه .
ثالثاً:
أما وصيتنا للأولياء عموماً : أن اتقوا الله في مولياتكم ، ولا تُقدموا على فعلٍ
تندمون على آثاره طوال عمركم ، وليس الندم بنافعكم ، ( فإذا جاءكم من ترضون دينه
وخلقه فزوجوه ) ، هذه وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ( فإن لم تفعلوا تكن فتنة في
الأرض وفساد كبير ) كما في تكملة الحديث ، فمن جاءكم راغباً بالتزوج من بناتكم أو
أخواتكم فلا تضعوا العراقيل أمام تزوجه ، ولا تقدموا اللغة ، والجنس ، والعرق ،
واللون ، على الدِّين ، ولا تدعوا فرصة للشيطان لأن يوقع مولياتكم في شباكه وشراكه
، واحذروا من تسويل الشيطان لهنَّ بفعل أمرين خطيرين ، وإثمين عظيمين ، وهما :
الزنا ، أو الزواج من المتقدم لها والمرفوض من قبلكم بغير ولي ، وهو ما يجعل العقد
فاسداً ، وها أنتم الآن أمام قصة واقعية جاءت في هذا السؤال ، فها هي الفتاة وقعت
في الزنا مع المتقدم لها ، وها هي تسأل عن التزوج بغير إذن وليها ، وليس هذا بعذر
لها ، لكن أنتم ما هو عذركم عند خالقكم عندما يحاسبكم على الأمانة التي توكلتم
بحفظها ؟ فهل سيكون عذركم عند الله عندما تردون صاحب الدِّين إذا أراد التزوج
ببناتكم ، أو أخواتكم ، وفق الكتاب والسنَّة ؟! .
ونحن لا نختلق أعذراً لتلك الفتاة ، فقد وقعتْ في إثم عظيم ، وإن هي تزوجت بغير إذن
وليها فنكاحها فاسد ، ولكننا في الوقت نفسه نلوم الأولياء الذين لا يتقون ربهم
تعالى ، ويفرطون في الأمانة المودعة عندهم .
ونقول للفتاة أيضاً : قد يكون من الخير لك أن يرد أهلك بعض المتقدمين لك إن رأوا
مصلحة لك في دينك ودنياك ، فلا ينبغي الإصرار على شخص بعينه ، والأولياء الذين
يمنعون تزوج مولياتهم بالكلية هم آثمون ، وللمرأة أن ترفع أمرها لقاضٍ شرعي ، أو من
يقوم مقامه ، لينقل الولاية لغير ذلك الولي الرافض تزويجها ، فإن لم يوجد أحد يستحق
الولاية غيره : كان القاضي الشرعي ، أو من يقومه مقامه : في حكم الولي ، ويزوجها هو
بنفسه ، وأما أن تعقد المرأة لنفسها بغير ولي مطلقاً : فعقدها فاسد .
وينظر في ذلك كله : أجوبة الأسئلة التالية : (
7193 ) و ( 10196 ) و (
36209 ) و (
2127 ) و (
7989 ) .
وفي الأجوبة المحال عليها بيان أدلة فساد العقد إن كان بغير موافقة الولي ، وفيها
بيان لما تفعله المرأة إن منعها وليها من التزوج ، وفوائد أخرى .
وانظري جواب السؤال رقم ( 20162
) لتقفي على قصة بعض النساء اللاتي خالفن رأي أهلهن وتزوجن بمن يرغبن .
والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى