لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
ام الشهيد
ام الشهيد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

السيرة - سيرة الصحابيات الجليلات - أمهات المؤمنين - سيرة السيدة خديجة بنت خويلد - الدرس 8-8 : قلادة خديجة Empty السيرة - سيرة الصحابيات الجليلات - أمهات المؤمنين - سيرة السيدة خديجة بنت خويلد - الدرس 8-8 : قلادة خديجة {الجمعة 15 يوليو - 19:56}

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما
ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا
اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول
فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أيها الأخوة الكرام ، مع الدرس الثامن والأخير
من سيرة السيدة خديجة رَضِي اللَّه عَنْها زوجة رسول الله صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأولى .

البطولة أن تعطي الناس حقهم وأن تكون منصفاً :


هناك موضوع في سيرة السيدة خديجة عنوانه قلادة
خديجة ، موضوع دقيق ومؤثر ، فالسيدة زينب رَضِي اللَّه عَنْها ، كبرى بنات
السيدة خديجة من النبي عليه الصلاة والسلام ، زوجها عليه الصلاة والسلام
من أبي العاصي بن الربيع ، زوجها النبي في الجاهلية من أبي العاص بن الربيع
، وهو ابن أخت السيدة خديجة ، أمه هالة بنت خويلد ، وكانت السيدة خديجة
تعد أبا العاصي بن الربيع بمنزلة ولدها ، ولما زفت السيدة زينب إليه أهدتها
أمها خديجة قلادةً هدية زفافها ، هذه بدايات القصة ، ولما أراد المشركون
أن يؤذوا رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بناته كما مر من
قبل ، وكلموا أبا العاصي أن يطلق السيدة زينب ، وعرضوا عليه بالمقابل أن
يزوجوه أية امرأة من قريش يشاء ، هذا الموقف الشريف الأخلاقي رفضه رَضِي
اللَّه عَنْه ، وقال لهم : لا والله إني لا أفارق صاحبتي ، هناك أصهار رسول
الله بعضهم طلق زوجاته ، أما أبو العاصي فقال : والله لا أفارق صاحبتي ،
وما أحب أن لي بامرأتي امرأةً من قريش ، لهذا أثنى عليه النبي صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال : زوجت أبى العاصي فحدثني ، وصدقني ،
ووعدني فوفى لي ، وحينما رآه عليه الصلاة والسلام بين الأسرى في موقعة بدر
قال : والله ما ذممناه صهراً ، والبطولة أيها الأخوة أن تعطي الناس حقهم ،
البطولة أن تكون منصفاً ، رأى صهره بين الأسرى ، جاء ليقاتله ، ولكنه ما
ذمه صهراً ، لما عرضوا عليه أن يطلق زوجته ليؤذوا بتطليق زوجته النبي عليه
الصلاة والسلام قال : لا والله لا أفارق صاحبتي ، وما أحب أن لي بامرأتي
امرأةً من قريش ، فكان زوجاً وفياً ، والنبي عليه الصلاة والسلام حفظها له ،
وعاشت السيدة زينب رَضِي اللَّه عَنْها معه وهي مسلمة ، وبينما هو لا يزال
على شركه ، هي مسلمة وهو مشرك ، بسبب أن الآيات التي حرمت زواج المسلمات
بالمشركين لم تنزل بعد ، ليس هناك تشريع ، فالآيات التي حرمت المسلمات على
المشركين ما كانت قد نزلت بعد ، وقدر الله تعالى أن يكون أبى العاصي بن
الربيع من جملة أسرى المشركين في غزوة بدر ، موقوف ، مقيدة حريته ، أسير مع
أسرى قريش وهو صهر النبي عليه الصلاة والسلام ، وزوجته في مكة ، وهي بنت
النبي عليه الصلاة والسلام .

تواضع النبي عليه الصلاة والسلام :

إذا بالنبي عليه الصلاة والسلام يفاجأ أن
ابنته زينب رَضِي اللَّه عَنْها بعثت القلادة التي أهدتها إليها أمها خديجة
يوم زفافها ، بعثت بهذه القلادة إلى النبي عليه الصلاة والسلام لعله
يأخذها ، ويفك صهره من الأسر ، تروي بعض الروايات أن النبي بكى ، يعني
ابنته وصهره ، وجاء أخو صهره مع قلادة ابنته يعرضها على النبي فلعل النبي
يقبلها ، ويفك أسر صهره المشرك ، ولما رأى النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ القلادة رقّ لها رقةً شديداً ، لقد أثارت القلادة في قلبه الشريف
ذكريات زوجته السيدة خديجة رَضِي اللَّه عَنْها ، فقال عليه الصلاة
والسلام لأصحابه وعواطفه ومشاعره تطرب في قلبه وصدره ، ابنته وصهره ، وهو
النبي ، وهو القائد ، وهو قمة المجتمع الإسلامي ، انظروا إلى تواضعه ، فقال
لأصحابه : إن رأيتم أنتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها مالها
فافعلوا إن شئتم ، أن تردوا لها أسيرها ، وتردوا عليها مالها فافعلوا ،
فقالوا : نعم يا رسول الله ، الأمر لأصحابه ، وما أراد النبي عليه الصلاة
والسلام أن يخرج عن النظام العام الذي وضعه هو ، وطلب النبي عليه الصلاة
والسلام من أبي العاصي ، وكانت قد نزلت آيات تحرم زواج المسلمات بالمشركين
طلب النبي عليه الصلاة والسلام من أبي العاصي قبل أن يطلق سراحه أن يفارق
السيدة زينب ، بأن يطلقها ، هذا أمر الله عز وجل ، أنه يحبها ، أنها تحبه ،
أنه متعلق بها ، أنها متعلقة به ، شرع الله عز وجل فوق كل شيء ، فإذا أصر
على شركه وكفره فلا بد أن يطلق زوجته زينب ، فالإسلام فرق بينهما ، والحكمة
أيها الأخوة تعرفونها جميعاً ، الزوج هو الآمر ، هو المسيطر ، إن كانت
تحته امرأة مشركة يمكن أن يحملها على طاعة الله ، أما إن كانت امرأة مسلمة
تحت مشرك يمكن أن يحملها على الشرك ، لأنه هو الآمر ، فيصح أن تكون امرأة
مشركة تحت مسلم ، ولا يصح أن تكون امرأة مسلمة تحت مشرك ، وأرسل عليه
الصلاة والسلام زيد بن حارثة ، ورجلاً من الأنصار ، وأمرهما أن ينتظرا
السيدة زينب خارج مكة ببطن يأجج ، على الطريق إلى المدينة المنورة لكي
يكونوا بصحبتها حتى تصل إلى المدينة ، أرسل سيدنا زيد بن حارثة ، وأرسل رجل
آخر من أجل أن يأتيا بزينب من مكة إلى المدينة ، لأن صهره مشرك ، ولا يمكن
أن يبقى معها ، ولا أن تبقى معه ، فالإسلام فرق بينهما ، أبو العاصي وفى
بما وعد رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأمر السيدة زينب أن
تسافر إلى أبيها رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المدينة
المنورة ، وفارقت السيدة زينب زوجها الذي أحبها وأحبته ، فحبها لدينها أعظم
عندها من حبها لزوجها ، الآن تقول له أحياناً زوجته شيئاً فيقول لها : أنا
أو هذا الجهاز ، فتقول له : لا الجهاز ، أنت لا أريدك ، أما الصحابيات
فحينما خيرن بين طاعة الله ورسوله وبين زوجها ، اختارت طاعة الله ، وخرجت
مسافرة إلى المدينة في هودج على بعير يقوده كنانة بن الربيع أخو زوجها ،
واعترضها بعض سفهاء المشركين ، وكانوا حديثي عهد بمصابهم في غزوة بدر ،
وسبق إليها هبار بن الأسود ، ومعه رمح يلوح به فروعها بالرمح ، وهي في
الهودج ، يعني آذى بنت رسول الله ، وكانت حاملاً فأسقطت .

الإنسان بخاتمة عمله والماضي يطوى بلمحة :

تذكر رواية أخرى أن هباراً نخس البعير برمحه ،
فنفر البعير بها ، وأسقطها على صخرة مما أدى إلى نزف دمها ، وإسقاط جنينها
، وبرك كنانة على الأرض ، ونثر كنانته ، ثم قال : والله لا يدنو مني رجل
إلا وضعت فيه سهماً ، وكنانة أخو زوجها ، فرجع الناس عنه ، وأتى أبو سفيان
ومعه رجال من قريش ، فقال له : أيها الرجل كفَّ عنا نبلك حتى نكلمك ، فكفَّ
، فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه ، فقال : إنك لم تُصِب ، يعني إنك أخطأت ،
خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية ، وقد عرفت مصيبتنا ، ونكبتنا ، وما
دخل علينا من محمد ، فيظن الناس إذا خرجت بابنته علانية على رؤوس الناس من
بين أظهرنا أن ذلك عن وجل أصابنا ، عن مصيبتنا التي كانت ، وأن ذلك منا ضعف
ووهن ، ولعمري مالنا بحبسها عن أبيها من حاجة ، وما لنا من ذلك من ثؤرة ،
أي طلب ثأر ، ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات ، وتحدث الناس أن قد
رددناها ، فسلها سراً ، وألحقها بأبيها ، كلام طيب ، وكلام معقول ، لأننا
نحن الآن مصابون ، الجراح لا تزال نازفة ، الألم شديد مما أصابنا في بدر ،
فأنت إذا خرجت بابنة محمد عليه الصلاة والسلام علانية ، على رؤوس الناس ،
متحدياً فكأن في هذا ضعفاً لنا وإهانة ، فأرجعها الآن ، وبعد أيام قليلة ،
سلها من بيننا ليلاً ، وألحقها بأبيها ، ولا نعترض على ذلك ، ففعل كنانة
بمشورة أبي سفيان ، وأقام السيدة زينب ليالي في مكة ، ثم خرج بها ليلاً حتى
سلمها لزيد بن حارثة والأنصاري ، فقدما بها على النبي صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وغضب صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَا تعرضت له
ابنته السيدة زينب ، فأراد أن يفعل شيئاً ، ثم كفَّ عن ذلك .
ذكر ابن كثير ، أن هبار بن الأسود الذي نخس
ناقة زينب ، وقد وقعت من على الناقة ، ونزفت ، وأسقطت ، أن هذا من جملة من
ماتوا في السنة الثالثة عشر من الهجرة ، هذا الرجل كان قد طعن راحلة زينب
بنت النبي عليه الصلاة والسلام يوم خرجت من مكة حتى أسقطت ، ثم أسلم بعد
ذلك ، فحسن إسلامه ، وقتل بأجنادين رَضِي اللَّه عَنْه ، الإسلام يجُبُّ ما
قبله ، الذي سبب هذا الألم الشديد للنبي عليه الصلاة والسلام ، ونخس بعير
زينب ، وأوقعها من على البعير ونزفت ، وأسقطت ، تاب ، وأسلم ، وحسن إسلامه ،
ومات شهيداً إذاً رَضِي اللَّه عَنْه ، إذاً هبار ابن الأسود رَضِي اللَّه
عَنْه ، العبرة مما سبق أن الإنسان بخاتمة عمله ، فالإنسان لا ينبغي أن
يقف كثيراً عند ماضيه ، ينبغي أن ينظر إلى مستقبله ، الماضي يطوى بلمحة ،
الصلحة بلمحة .


إجارة السيدة زينب ابنة النبي لزوجها :

مرت سنوات والسيدة زينب رَضِي اللَّه عَنْه
مفارقة لزوجها ، وبينما كان أبو العاصي زوجها قافلاً بتجارة فيها أموال
لقريش ، عن طريق مكة المحاذي للمدينة ، اعترضت سرية من سرايا المسلمين هذه
القافلة فأخذوا ما معه من أموال ، وتمكن أبو العاصي من الفرار ، فلم يقع في
أيدي رجال السرية ، إلا أن رجال السرية أخذوا كل البضائع وبالملايين ،
قافلة كبيرة جداً ، والأموال كلها لقريش ، وأبو العاصي كان تاجراً ، ثم
تسلل إلى المدينة المنورة ليلاً حتى دخل على زوجته السيدة زينب ، فاستجار
بها ، فأجارته ، وانتظرت السيدة زينب حتى إذا خرج النبي صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى صلاة الفجر ، وكبر للصلاة ، وكبر الناس ، صرخت
رَضِي اللَّه عَنْها من بين صفوف النساء : أيها الناس إني أجرت أبا العاصي
بن الربيع ، فلما سلم النبي عليه الصلاة والسلام أقبل على الناس فقال :

((أيها الناس هل سمعتم الذي سمعته قالوا : نعم ، قال :
والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء حتى سمعت ما سمعتم ـ من غير تخطيط ، أنا
سمعت معكم ، انظر إلى التواضع ، تبرئة النفس ، ابنته وصهره ، وهو سيد
الخلق ، وهو نبي هذه الأمة ، وهو قائد هذه الأمة ، قال : أيها الناس هل
سمعتم الذي سمعت ، قالوا : نعم ، قال : والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء
حتى سمعت ما سمعتم ، وإنه يجير على المسلمين أدناهم))



[البيهقي عن أم سلمة]

عد ابنته أدنى المسلمين ، ومن حقها أن تجير ،
قال ذلك عليه الصلاة والسلام حتى لا يظن أحد أن النبي اتفق مع ابنته
السيدة زينب لتجير أبا العاصي بن الربيع ، ثم دخل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ على ابنته زينب فقال لها : أي بنيّة أكرمي مثواه ، ولا يخلصن
إليك فإنك لا تحلين له ، قال ذلك لأن أبا العاصي لا يزال على كفره ، ثم بعث
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رجال السرية فحثهم على رد ما كان مع
أبي العاصي من أموال ، فاستجابوا لرسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وردوا عليه كل ما أخذوه منه ، فأخذ البضاعة كلها .
هنا نقطة أيها الأخوة لا تقدر بثمن ، رجع أبو
العاصي بتجارته إلى مكة ، وأعطى كل إنسانٍ حقه ، أعطى كل إنسان ما كان له ،
ثم قال : يا معشر المشركين هل بقي لأحد منكم مالٌ لم يأخذه ؟ قالوا : لا ،
فجزاك الله خيراً ، فقد وجدناك وفياً كريماً ، فقال : فإني أشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله .


وفاة السيدة زينب رضي الله عنها :

بالمناسبة أيها الأخوة ، عرضوا عليه أن يأخذ
البضاعة كلها ، إذا أسلم عادت هذه البضاعة غنائم ، لأن المسلمين في حالة
حرب مع المشركين ، وقد أخذوا أموالاً طائلة ، فمجرد أن يعلن أبو العاصي
إسلامه عندئذٍ تغدو كل هذه الأموال غنيمة للمسلمين ، ماذا قال أبو العاصي ؟
قال : والله لا أبدأ إسلامي بهذا ، أنا مقتنع بالإسلام ، إن أسلمت بهذه
الطريقة ، وأخذت كل هذه الأموال ماذا يفهم الناس ؟ أنني أسلمت لأكل أموالهم
، أنني أسلمت وأصبحت هذه الأموال غنائم من أجل أن آكل أموال الناس ، والله
لا يصدقونني ، عاد إلى مكة ، وأعاد إلى كل ذي حقٍ حقه ، هل لكم عندي شيء ؟
قالوا لا ، جزاك الله خيراً ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً
عبده ورسوله ، والله يا معشر قريش ما منعني عن الإسلام عنده في المدينة إلا
خوفُ أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم ، فلما أداها الله إليكم ،
وفرغت منها أسلمت ، أداها الله إليكم ، ثم خرج رَضِي اللَّه عَنْه حتى قدم
على النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرد عليه زينب على النكاح
الأول هي زوجته :

((رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِي بْنِ الرَّبِيعِ
بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ نِكَاحاً))



[الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ]

لما أصر على شركه فرق الإسلام بينهما ، فلما أسلم عادت إلى حكمه الأول .
لم يدم اجتماع الزوجين الكريمين طويلاً ، إذ
قدر الله سبحانه وتعالى أن يفرق الموت بعد اجتماعهما بزمن قصير ، ففي أول
السنة الثامنة من الهجرة توفيت السيدة زينب رَضِي اللَّه عَنْها ، ولحقت
بأمها السيدة خديجة رَضِي اللَّه عَنْها ، وحزن صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ على موت ابنته ، وكفنها بإزاره ففي الحديث الشريف :


(( دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ : اغْسِلْنَهَا
ثَلاثاً ، أَو ْخَمْساً ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ
ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً ، أَوْ
شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي فَلَمَّا
فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ : أَشْعِرْنَهَا
إِيَّاهُ تَعْنِي إِزَارَهُ ))



[البخاري عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِي اللَّه عَنْهَا]

أعطاها قماشاً خاصاً به فلفَّت به في الكفن ، ومات أبو العاصي بعدها بأربع سنين من وفاتها .

مواقف كثيرة يمكن للإنسان أن يفعلها وهو صادق لكن الناس لا يصدقونه :

ولدت السيدة زينب من أبي العاصي ولداً اسمه
علي ، عاش حتى ناهز الاحتلام ، توفي في حياة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وولدت أيضاً بنتاً اسمها أُمامة ، كان صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يحبها كثيراً ، ويدنيها منه ، ففي الصحيحين قَالَ :

(( خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصيِ عَلَى عَاتِقِهِ
فَصَلَّى فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا ))



[ متفق عليه عن أَبِي قَتَادَةَ ]

أهديت للنبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مرة هدية فيها قلادة ، فدعا أمامة فعقدها بيده في عنقها ، كأنها
ذكرته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقلادة خديجة رَضِي اللَّه عَنْها
، من تزوج أمامة ؟ تزوجها علي بن أبي طالب رَضِي اللَّه عَنْه بعد موت
خالتها السيدة فاطمة ، وبعد استشهاد علي رَضِي اللَّه عَنْه تزوجت أمامة
المغيرة بن نوفل الهاشمي وماتت عنده رَضِي اللَّه عَنْها ولم تلد لعلي ولا
للمغيرة ، هذه قصة القلادة .
أبرز ما في هذه القصة أنه أدى الأموال إلى
أصحابها ، وبعدها أعلن إسلامه ، هناك مواقف كثيرة يمكن أن تفعلها أنت صادق
لكن الناس لا يصدقونك ، قال والله لا أبدأ إسلامي بهذا .
أيها الأخوة الكرام ، هؤلاء أصحاب رسول الله ،
وأصهار رسول الله ، وبنات رسول الله كانوا قدوة لنا جميعاً ، ويحسن بنا أن
نقف عند هذه القصص وقفةً متأنية ، لعل الله سبحانه وتعالى يعلمنا الشيء
الكثير من هذا الفهم الدقيق لما فعله أصحاب النبي رضوان الله عليهم .



انقسام العلماء في موضوع التفضيل بين السيدة خديجة والسيدة عائشة رضي الله عنهما :

في بحث قصير عن السيدة عائشة والسيدة خديجة ، أقرأ لكم ما تيسر منه إلى أن يؤذن العشاء ، قال عليه الصلاة والسلام :

((كمل من الرجال الكثير ولم يكمل من النساء إلا مريم
بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وفضل عائشة على النساء ، كفضل الثريد على
سائر الطعام))



[من مختصر تفسير ابن كثير عن أنس بن مالك]

العلماء ينقسمون في موضوع التفضيل بين عائشة
وخديجة رَضِي اللَّه عَنْهما ، إلى فريقين ، فريق ذهب إلى فضل السيدة خديجة
على السيدة عائشة وفريق فضّل السيدة عائشة على السيدة خديجة ، إلا أن
الكلام الطيب إذا أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فهذا لا يعلمه إلا
الله ، التفضيل يتوقف ، وإن أريد بالتفضيل كثرة العلم فعائشة هي الأولى ،
وإن أريد بالتفضل شرف الأصل ففاطمة لا محالة ، وإن أريد بالتفضيل النصرة
والسبق إلى الإسلام فالسيدة خديجة ، كل واحدة لها نصيب من الفضل ، النبي
عليه الصلاة والسلام قال مرة للسيدة فاطمة :

(( يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين .))


[الشيخان عن فاطمة]

طبعاً هذا الحديث في صحيح مسلم ، فهو يعدها صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيدة نساء المؤمنين ، وفي رواية أخرى :

(( يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة ، أو نساء المؤمنين.))


[متفق عليه عن عائشة]

بعضهم يعلق ويقول : إن أريد فضل كثرة العلم
فعائشة ، ولو قدر للسيدة خديجة أن تسمع من النبي ما سمعت السيدة عائشة ،
وأن تروي ما روت لبلغت من العلم درجة عالية رفيعة كما بلغت السيدة عائشة
رَضِي اللَّه عَنْها .
أيها الأخوة الكرام ، هؤلاء أهل بيت النبي
قدوة لنساء المؤمنين ، إن شاء الله تعالى نتابع الحديث عن زوجاته الطاهرات
زوجةً زوجة ، ثم ننتقل إن سمح الله لنا أن ننتقل إلى بناته الجليلات ،
ونأخذ ما كتب عنهن من مواقف كاملة فلعلنا بهذه المواقف وتلك القصص نعرف قدر
هؤلاء الصحابة الكرام الذين أيدوا النبي عليه الصلاة والسلام .

والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى