رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
في بيت متواضع البناء ، يطل على حقل القمح
بلونه الخلاب وتلـُفه الأشجار، وبعض الورود التي تكسو المكان بجمالها .
يعيش خالد مع أسرته
الصغيرة .
تعود من أمه التلقين لآيات القرآن مع نطقه
للحروف الأولى ، وأخذ يحاكي والديه بأداء الصلوات منذ تحركت أعضاؤه خارج
مهده الصغير .
على أعتاب المرحلة المتوسطة ، بدأت أمه حصاد
تعبها ، وحرصها عليه .. وفي ليلة أوت إلى الفراش ، بعد المعاناة من العمل
بالمنزل طيلة النهار ، مع مراعاة واجبات خالد ومتطلباته .
الوقت بعد منتصف الليل ، وقبل الفجر .
استدعاها التعب للتقلب في فراشها ، وفي
لحظتها شعرت بهمس أقدام خالد بصالة المنزل .
نفض النوم نفسه من عينيها .
فتحت جفنيها على أقدام خالد وهو يدخل غرفته .
الوقت متأخر ، طردت الخواطر المتزاحمة نومها :
لماذا يقوم من نومه هذه الساعة ، وما عهدتها عليه ؟ آااه .
لقد كبر خالد .
لقد أفسد أصدقاء السوء ما تعبت من أجل ثباته
عليه .
تــُـرى هل
قام هذا الوقت المتأخر لمشاهدة التلفاز ؟؟ ما عهدته مشاهدًا لمُحـرمات .
ألا يمكن أن يكون أحد زملائه بالمدرسة أعطاه
شريط فيديو ، وظن أن أنسب الأوقات لمشاهدته ونحن نيام ؟؟ لا.. لا .
إنه من المؤكد التليفون .
إنه على الأرجح سيتصل بـــــ ....... . لا .
خرجت الخواطر تدفع مشاعرها دفعـًا ، وما برد
قـلبُها إلا بدمعات حزينة مفعـمة بالحب والخوف على ولدها خالد .
يــاااه .
للمرة الأولى أشعر أنه كبـر .
أين حصاد السنوات من التوجيه والتربية .
ترى هل قصرت معه ؟ هل يمكن أن يضيع كل ذلك في
وقت قصير ، على غفلة منا ؟؟ كل هذا الشعور وغيره تدفق في لحظات قصيرة ،
تدفق وهو مشوب بالألم الذي اعتصر قلبها عندما ظنت أنها سترى ابنها في لحظة
الضعف ، وما كانت تظن أن ترى ما تعيشه الآن .
استجمعت قواها النفسية ، وسحبت جسدها المثقل
من سريرها .
كتمت أنفاسها ، وأخذت خطوات قصيرة نحو غرفة
خالد .
وقد أعياها التفكير : هل أفتح الباب عليه دون استئذان ؟؟ لا .. لقد عودته أدب
الاسلام بالاستئذان .
ــ هل أصـيح به بصوتٍ عالٍ ليعرف الجميع
لوعتي وحسرتي ؟؟ لا .
إنه الموقف الأصعب الذي أتعرض له .
كل ذلك ورجلاها تقتربان من الباب .
استجمعت أنفاسَها ، اقتربت من باب غرفة خالد
فما شعرت إلا بيدها على مزلاج الباب وقد أصابتها رعشة استمدت قوتها من
ضربات قلبها المتتابعة .
نظرت فوجدت نظرها وقد استجمع أركان الغرفة
كلها في لحظات .
أقدامها على عتبة الغرفة .
لا أثر لحركة بالغرفة .
النور خافت .
لم تشعـر
إلا وقد أيقظها صوتها العالي بترديدها : الحمد لله .. الحمد لله ... لقد
وجدته فوق سجادته يصلي ركعتين قبل أن يؤذن المؤذن لصلاة الفجر.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى