خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
أين كنا قبل الدنيا ، وأين كانت أرواحنا قبل أن
تنفخ في بطون أمهاتنا ؟ هل كنا لا شيء ؟ هل كنا مع الله ؟
وإذا كانت أرواحنا في مكان ما فهل لدينا فرصة أن نتذكر أي شيء عنه ؟
جزاكم الله خيرا
الجواب :
الحمد لله
هدانا الله وإياكم سواء السبيل ، ووفقنا وإياكم إلى كل خير .
أولا : اعلم يا أخي أن في انشغال المرء بخاصة نفسه وما يهمه من أمر الدنيا
والآخرة
الغنية عن السؤال عن مثل هذا ، وفيما هو آت من متاعب الدنيا وكروب الموت
وأهوال
الآخرة الكفاية لأن ينشغل به العبد عما كان في الزمان الأول الذي لا يضره
جهله به
ولا ينفعه علمه بحاله .
والسؤال عن الروح والخوض فيها ، ومتى خلقت ؟ وأين كانت ؟ فوق أنه من فضول
الكلام ،
فهو مخالف لما يتضمنه قول الله عز وجل : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ
قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا
قَلِيلًا )
الإسراء/ 85
قال السعدي رحمه الله :
" وهذا متضمن لردع من يسأل المسائل التي لا يقصد بها إلا التعنت والتعجيز ،
ويدع
السؤال عن المهم ، فيسألون عن الروح التي هي من الأمور الخفية ، التي لا
يتقن وصفها
وكيفيتها كل أحد ، وهم قاصرون في العلم الذي يحتاج إليه العباد .
ولهذا أمر الله رسوله أن يجيب سؤالهم بقوله : قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ
رَبِّي أي
: من جملة مخلوقاته ، التي أمرها أن تكون فكانت ، فليس في السؤال عنها كبير
فائدة ،
مع عدم علمكم بغيرها .
وفي هذه الآية دليل على أن المسؤول إذا سئل عن أمر ، الأولى بالسائل غيرُه ،
أن
يعرض عن جوابه ، ويدله على ما يحتاج إليه ، ويرشده إلى ما ينفعه " انتهى من
" تفسير
السعدي" (ص 466)
ثانيا :
الذي حرره ابن القيم رحمه الله من غير وجه أن خلق الأرواح متأخر عن خلق
الأبدان ؛
فإن خلق آدم أبي البشر عليه السلام كان هكذا .
قال ابن القيم : " والقرآن والحديث والآثار تدل على أنه سبحانه نفخ فيه من
روحه بعد
خلق جسده ، فمن تلك النفخة حدثت فيه الروح . وفي حديث أبى هريرة في تخليق
العالم
الإخبار عن خلق أجناس العالم وتأخر خلق آدم إلى يوم الجمعة ، ولو كانت
الأرواح
مخلوقة قبل الأجساد لكانت من جملة العالم المخلوق في ستة أيام ، فلما لم
يخبر عن
خلقها في هذه الأيام علم أن خلقها تابع لخلق الذرية ، وأن خلق آدم وحده هو
الذي وقع
في تلك الأيام الستة ، وأما خلق ذريته فعلى الوجه المشاهد المعاين .
وأيضا فإنها لو كانت موجودة قبل البدن لكانت عالمة حية ناطقة عاقلة فلما
تعلقت
بالبدن سلبت ذلك كله ثم حدث لها الشعور والعلم والعقل شيئا فشيئا ، وهذا لو
كان
لكان أعجب الأمور أن تكون الروح كاملة عاقلة ، ثم تعود ناقصة ضعيفة جاهلة ،
ثم تعود
بعد ذلك إلى عقلها وقوتها ! فأين في العقل والنقل والفطرة ما يدل على هذا "
انتهى
ملخصا .
"الروح" (ص 173-174)
فالأرواح لم تكن مخلوقة أولا ، ثم ركبت في الأبدان ، وإنما خلقت الأبدان ثم
خلقت
الأرواح وركبت فيها .
وسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّة رحِمَه الله عَنْ " الرُّوحِ
" هَلْ
هِيَ قَدِيمَةٌ أَوْ مَخْلُوقَةٌ ؟ وَهَلْ يُبَدَّعُ مَنْ يَقُولُ
بِقِدَمِهَا أَمْ
لَا ؟
فَأَجَابَ :
" رُوحُ الْآدَمِيِّ مَخْلُوقَةٌ مُبْدَعَةٌ بِاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ
وَأَئِمَّتِهَا وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ
الْعُلَمَاءِ
عَلَى أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ "
انتهى
.
"مجموع الفتاوى" (4 /216)
وقول السائل : أين كنا قبل الدنيا ؟ فالجواب : أن
الخلق قبل خلقهم لم يكونوا شيئا ، ثم خلقهم الله تعالى ، قال الله عز وجل
لنبيه
زكريا عليه السلام : ( وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)
مريم/ 9
وقال سبحانه : ( هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ
يَكُنْ
شَيْئًا مَذْكُورًا ) لإنسان/ 1
قال ابن كثير رحمه الله :
" يقول تعالى مخبرًا عن الإنسان أنه أوجده بعد أن لم يكن شيئًا يذكر
لحقارته وضعفه
، فقال: ( هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ
شَيْئًا
مَذْكُورًا ) ثم بين ذلك فقال : ( إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ
نُطْفَةٍ
أَمْشَاجٍ ) " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (8 /285) والمعنى أنه لم يكن شيئا أصلا ، ثم خلقه الله من
نطفة
أمشاج .
وروى البخاري (7418) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما أن نَاسا
مِنْ
أَهْلِ الْيَمَنِ دخلوا على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقالوا :
جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا
الْأَمْرِ
مَا كَانَ ؟ قَالَ : ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ
وَكَانَ
عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَكَتَبَ
فِي
الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ) .
وفي رواية : ( كان الله ولم يكن شيء غيره ) ، وفي أخرى : ( ولم يكن شيء معه
) راجع
الفتح (6/289)
وعند مسلم (2713) مرفوعا : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ
قَبْلَكَ
شَيْءٌ )
وقول السائل : هل كنا مع الله ؟ فنقول : - كما تقدم –
لم نكن شيئا أصلا ، فضلا عن أن يقال : كنا مع الله أو في السماء .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو يَعْقُوبَ النهرجوري : " هَذِهِ الْأَرْوَاحُ مِنْ
أَمْرِ
اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ . خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ الْمَلَكُوتِ كَمَا خَلَقَ
آدَمَ
مِنْ التُّرَابِ ، وَكُلُّ عَبْدٍ نَسَبَ رُوحَهُ إلَى ذَاتِ اللَّهِ
أَخْرَجَهُ
ذَلِكَ إلَى التَّعْطِيلِ ، وَاَلَّذِينَ نَسَبُوا الْأَرْوَاحَ إلَى ذَاتِ
اللَّهِ
هُمْ أَهْلُ الْحُلُولِ الْخَارِجُونَ إلَى الْإِبَاحَةِ ، وَقَالُوا إذَا
صَفَتْ
أَرْوَاحُنَا مِنْ أَكْدَارِ نُفُوسِنَا فَقَدْ اتَّصَلْنَا ؛ وَصِرْنَا
أَحْرَارًا
وَوُضِعَتْ عَنَّا الْعُبُودِيَّةُ وَأُبِيحَ لَنَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ
اللَّذَّاتِ
مِنْ النِّسَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَهُمْ زَنَادِقَةُ
هَذِهِ
الْأُمَّةِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (4 /221)
وقول السائل : وإذا كانت أرواحنا في مكان ما فهل لدينا
فرصة أن نتذكر أي شيء عنه ؟
فنقول : عدم تذكرنا أي شيء دليل على أنها لم تكن شيئا من قبل ، وأنها خلقت
بعد خلق
الأجساد – كما تقدم – وقال ابن القيم رحمه الله :
" ولو كان للروح وجود قبل البدن وهي حية عالمة ناطقة لكانت ذاكرة لذلك في
هذا
العالم شاعرة به ولو بوجه ما ، ومن الممتنع أن تكون حية عالمة ناطقة عارفة
بربها
وهي بين ملأ من الأرواح ثم تنتقل إلى هذا البدن ولا تشعر بحالها قبل ذلك
بوجه ما .
وإذا كانت بعد المفارقة تشعر بحالها وهي في البدن على التفصيل ، وتعلم ما
كانت عليه
ها هنا ، مع أنها اكتسبت بالبدن أمورا عاقتها عن كثير من كمالها ؛ فلأن
تشعر بحالها
الأول وهي غير معوقة هناك بطريق الأولى " انتهى .
"الروح" (ص 174)
والواجب الانشغال بما يهم المرء من أحوال معاشه ومعاده
، وعدم الانشغال بمثل هذه التساؤلات التي قد تورث الحيرة أو تُخرِج إلى
البدعة
والضلالة .
والله تعالى أعلم .
تنفخ في بطون أمهاتنا ؟ هل كنا لا شيء ؟ هل كنا مع الله ؟
وإذا كانت أرواحنا في مكان ما فهل لدينا فرصة أن نتذكر أي شيء عنه ؟
جزاكم الله خيرا
الجواب :
الحمد لله
هدانا الله وإياكم سواء السبيل ، ووفقنا وإياكم إلى كل خير .
أولا : اعلم يا أخي أن في انشغال المرء بخاصة نفسه وما يهمه من أمر الدنيا
والآخرة
الغنية عن السؤال عن مثل هذا ، وفيما هو آت من متاعب الدنيا وكروب الموت
وأهوال
الآخرة الكفاية لأن ينشغل به العبد عما كان في الزمان الأول الذي لا يضره
جهله به
ولا ينفعه علمه بحاله .
والسؤال عن الروح والخوض فيها ، ومتى خلقت ؟ وأين كانت ؟ فوق أنه من فضول
الكلام ،
فهو مخالف لما يتضمنه قول الله عز وجل : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ
قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا
قَلِيلًا )
الإسراء/ 85
قال السعدي رحمه الله :
" وهذا متضمن لردع من يسأل المسائل التي لا يقصد بها إلا التعنت والتعجيز ،
ويدع
السؤال عن المهم ، فيسألون عن الروح التي هي من الأمور الخفية ، التي لا
يتقن وصفها
وكيفيتها كل أحد ، وهم قاصرون في العلم الذي يحتاج إليه العباد .
ولهذا أمر الله رسوله أن يجيب سؤالهم بقوله : قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ
رَبِّي أي
: من جملة مخلوقاته ، التي أمرها أن تكون فكانت ، فليس في السؤال عنها كبير
فائدة ،
مع عدم علمكم بغيرها .
وفي هذه الآية دليل على أن المسؤول إذا سئل عن أمر ، الأولى بالسائل غيرُه ،
أن
يعرض عن جوابه ، ويدله على ما يحتاج إليه ، ويرشده إلى ما ينفعه " انتهى من
" تفسير
السعدي" (ص 466)
ثانيا :
الذي حرره ابن القيم رحمه الله من غير وجه أن خلق الأرواح متأخر عن خلق
الأبدان ؛
فإن خلق آدم أبي البشر عليه السلام كان هكذا .
قال ابن القيم : " والقرآن والحديث والآثار تدل على أنه سبحانه نفخ فيه من
روحه بعد
خلق جسده ، فمن تلك النفخة حدثت فيه الروح . وفي حديث أبى هريرة في تخليق
العالم
الإخبار عن خلق أجناس العالم وتأخر خلق آدم إلى يوم الجمعة ، ولو كانت
الأرواح
مخلوقة قبل الأجساد لكانت من جملة العالم المخلوق في ستة أيام ، فلما لم
يخبر عن
خلقها في هذه الأيام علم أن خلقها تابع لخلق الذرية ، وأن خلق آدم وحده هو
الذي وقع
في تلك الأيام الستة ، وأما خلق ذريته فعلى الوجه المشاهد المعاين .
وأيضا فإنها لو كانت موجودة قبل البدن لكانت عالمة حية ناطقة عاقلة فلما
تعلقت
بالبدن سلبت ذلك كله ثم حدث لها الشعور والعلم والعقل شيئا فشيئا ، وهذا لو
كان
لكان أعجب الأمور أن تكون الروح كاملة عاقلة ، ثم تعود ناقصة ضعيفة جاهلة ،
ثم تعود
بعد ذلك إلى عقلها وقوتها ! فأين في العقل والنقل والفطرة ما يدل على هذا "
انتهى
ملخصا .
"الروح" (ص 173-174)
فالأرواح لم تكن مخلوقة أولا ، ثم ركبت في الأبدان ، وإنما خلقت الأبدان ثم
خلقت
الأرواح وركبت فيها .
وسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّة رحِمَه الله عَنْ " الرُّوحِ
" هَلْ
هِيَ قَدِيمَةٌ أَوْ مَخْلُوقَةٌ ؟ وَهَلْ يُبَدَّعُ مَنْ يَقُولُ
بِقِدَمِهَا أَمْ
لَا ؟
فَأَجَابَ :
" رُوحُ الْآدَمِيِّ مَخْلُوقَةٌ مُبْدَعَةٌ بِاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ
وَأَئِمَّتِهَا وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ
الْعُلَمَاءِ
عَلَى أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ "
انتهى
.
"مجموع الفتاوى" (4 /216)
وقول السائل : أين كنا قبل الدنيا ؟ فالجواب : أن
الخلق قبل خلقهم لم يكونوا شيئا ، ثم خلقهم الله تعالى ، قال الله عز وجل
لنبيه
زكريا عليه السلام : ( وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)
مريم/ 9
وقال سبحانه : ( هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ
يَكُنْ
شَيْئًا مَذْكُورًا ) لإنسان/ 1
قال ابن كثير رحمه الله :
" يقول تعالى مخبرًا عن الإنسان أنه أوجده بعد أن لم يكن شيئًا يذكر
لحقارته وضعفه
، فقال: ( هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ
شَيْئًا
مَذْكُورًا ) ثم بين ذلك فقال : ( إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ
نُطْفَةٍ
أَمْشَاجٍ ) " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (8 /285) والمعنى أنه لم يكن شيئا أصلا ، ثم خلقه الله من
نطفة
أمشاج .
وروى البخاري (7418) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما أن نَاسا
مِنْ
أَهْلِ الْيَمَنِ دخلوا على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقالوا :
جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا
الْأَمْرِ
مَا كَانَ ؟ قَالَ : ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ
وَكَانَ
عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَكَتَبَ
فِي
الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ) .
وفي رواية : ( كان الله ولم يكن شيء غيره ) ، وفي أخرى : ( ولم يكن شيء معه
) راجع
الفتح (6/289)
وعند مسلم (2713) مرفوعا : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ
قَبْلَكَ
شَيْءٌ )
وقول السائل : هل كنا مع الله ؟ فنقول : - كما تقدم –
لم نكن شيئا أصلا ، فضلا عن أن يقال : كنا مع الله أو في السماء .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو يَعْقُوبَ النهرجوري : " هَذِهِ الْأَرْوَاحُ مِنْ
أَمْرِ
اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ . خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ الْمَلَكُوتِ كَمَا خَلَقَ
آدَمَ
مِنْ التُّرَابِ ، وَكُلُّ عَبْدٍ نَسَبَ رُوحَهُ إلَى ذَاتِ اللَّهِ
أَخْرَجَهُ
ذَلِكَ إلَى التَّعْطِيلِ ، وَاَلَّذِينَ نَسَبُوا الْأَرْوَاحَ إلَى ذَاتِ
اللَّهِ
هُمْ أَهْلُ الْحُلُولِ الْخَارِجُونَ إلَى الْإِبَاحَةِ ، وَقَالُوا إذَا
صَفَتْ
أَرْوَاحُنَا مِنْ أَكْدَارِ نُفُوسِنَا فَقَدْ اتَّصَلْنَا ؛ وَصِرْنَا
أَحْرَارًا
وَوُضِعَتْ عَنَّا الْعُبُودِيَّةُ وَأُبِيحَ لَنَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ
اللَّذَّاتِ
مِنْ النِّسَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَهُمْ زَنَادِقَةُ
هَذِهِ
الْأُمَّةِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (4 /221)
وقول السائل : وإذا كانت أرواحنا في مكان ما فهل لدينا
فرصة أن نتذكر أي شيء عنه ؟
فنقول : عدم تذكرنا أي شيء دليل على أنها لم تكن شيئا من قبل ، وأنها خلقت
بعد خلق
الأجساد – كما تقدم – وقال ابن القيم رحمه الله :
" ولو كان للروح وجود قبل البدن وهي حية عالمة ناطقة لكانت ذاكرة لذلك في
هذا
العالم شاعرة به ولو بوجه ما ، ومن الممتنع أن تكون حية عالمة ناطقة عارفة
بربها
وهي بين ملأ من الأرواح ثم تنتقل إلى هذا البدن ولا تشعر بحالها قبل ذلك
بوجه ما .
وإذا كانت بعد المفارقة تشعر بحالها وهي في البدن على التفصيل ، وتعلم ما
كانت عليه
ها هنا ، مع أنها اكتسبت بالبدن أمورا عاقتها عن كثير من كمالها ؛ فلأن
تشعر بحالها
الأول وهي غير معوقة هناك بطريق الأولى " انتهى .
"الروح" (ص 174)
والواجب الانشغال بما يهم المرء من أحوال معاشه ومعاده
، وعدم الانشغال بمثل هذه التساؤلات التي قد تورث الحيرة أو تُخرِج إلى
البدعة
والضلالة .
والله تعالى أعلم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى