خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
مررت برواية مفادها أن الأرض موضوعة على ظهر ثور ،
وعندما يحرك الثور رأسه يحدث زلزالا .
أظن أنني رأيت هذا في ابن كثير (2/29 و 1/50) . هل يمكنكم تفسير هذا ؟
الحمد لله
ما ذكره السائل هنا لم يرد بإثباته دليل من القرآن الكريم ، ولا من السنة
النبوية
الصحيحة ، وغاية ما ورد فيه آثار عن بعض الصحابة والتابعين .
فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( أوّل ما خلق الله من شيء
القلم ،
فجرى بما هو كائن ، ثم رفع بخار الماء ، فخلقت منه السماوات ، ثم خلق "
النون " –
يعني الحوت - فبسطت الأرض على ظهر النون ، فتحرّكت الأرض فمادت ، فأثبت
بالجبال ،
فإن الجبال لتفخر على الأرض ، قال : وقرأ : (ن وَالْقَلَمِ وَمَا
يَسْطُرُونَ )
أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/307) وابن أبي شيبة (14/101) وابن أبي
حاتم
– كما في تفسير ابن كثير (8/210) – والطبري في "جامع البيان" (23/140)
والحاكم في
"المستدرك" (2/540) ، وغيرهم كثير ، جميعهم من طريق الأعمش ، عن أبي
ظبيان حصين بن جندب ، عن ابن عباس به . وهذا إسناد صحيح . قال الحاكم: هذا
حديث
صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ، وقال الذهبي في التلخيص : على شرط
البخاري
ومسلم . كما ورد ذلك عن مجاهد ومقاتل والسدي والكلبي . وانظر: "الدر
المنثور" (8/240) ، وتفسير ابن كثير (8/185) في بداية تفسير سورة القلم.
وهذا الأثر – كما ترى – موقوف من كلام ابن عباس ، وليس من كلام النبي صلى
الله عليه
وسلم ، والغالب أن ابن عباس رضي الله عنهما أخذه عن كعب الأحبار ، أو عن
كتب بني
إسرائيل التي تحتوي على كثير من العجائب والغرائب والكذب ، يدل على ذلك
التفاصيل
التي تذكرها بعض كتب التفسير في هذا الموضوع :
يقول الإمام البغوي رحمه الله :
" وقالت الرواة : لما خلق الله الأرض وفتقها بعث من تحت العرش ملكًا ، فهبط
إلى
الأرض حتى دخل تحت الأرضين السبع ، فوضعها على عاتقه ، إحدى يديه بالمشرق ،
والأخرى
بالمغرب ، باسطتين قابضتين على الأرضين السبع ، حتى ضبطها ، فلم يكن لقدميه
موضع
قرار ، فأهبط الله عز وجل من الفردوس ثورًا له أربعون ألف قرن ، وأربعون
ألف قائمة
، وجعل قرار قدمي الملك على سنامه ، فلم تستقر قدماه ، فأخذ الله ياقوتة
خضراء من
أعلى درجة في الفردوس ، غلظها مسيرة خمسمائة عام ، فوضعها بين سنام الثور
إلى أذنه
فاستقرت عليها قدماه ، وقرون ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ، ومنخراه في
البحر ،
فهو يتنفس كل يوم نفسًا ، فإذا تنفس مدَّ البحر ، وإذا رد نفسه جزر البحر ،
فلم يكن
لقوائم الثور موضع قرار ، فخلق الله تعالى صخرة كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين
فاستقرت
قوائم الثور عليها ، وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه : ( يا بني إنها إن
تك مثقال
حبة من خردل فتكن في صخرة )، ولم يكن للصخرة مستقر ، فخلق الله نونًا وهو
الحوت
العظيم ، فوضع الصخرة على ظهره وسائر جسده خال ، والحوت على البحر ، والبحر
على متن
الريح ، والريح على القدرة . يقال : فكل الدنيا كلها بما عليها حرفان ، قال
لها
الجبار جل جلاله : كوني فكانت .
قال كعب الأحبار : إن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرض فوسوس
إليه ، فقال
له : أتدري ما على ظهرك يا لوِيثا – اسم الحوت - من الأمم والدواب والشجر
والجبال
لو نفضتهم ألقيتهم عن ظهرك ، فهمّ لوِيثا أن يفعل ذلك فبعث الله دابة فدخلت
منخره
فوصلت إلى دماغه ، فعج الحوت إلى الله منها ، فأذن لها الله فخرجت .
قال كعب : فوالذي نفسي بيده إنه لينظر إليها وتنظر إليه إن همَّ بشيء من
ذلك عادت
كما كانت " انتهى.
"معالم التنزيل" (8/186) ونحوه في تفسير القرطبي (29/442)،
وكلام كعب الأحبار رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/8)،
وعلق محققو تفسير القرطبي (1/385): كل من الدكتور عبد الله
بن عبد المحسن التركي، ومحمد رضوان عرقسوسي على هذا الأثر بقولهم: " خبر
إسرائيلي
لا أساس له، وكان من الأولى بالمصنف أن ينزه كتابه عن مثل هذا " انتهى.
فانظر كيف أن القصة زاد فيها الرواة وفصلوا ، ثم رجع الأمر إلى كعب الأحبار
الذي هو
مصدر كثير من العجائب المنسوبة إلى هذا الدين .
ولذلك أشار الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/15) –
بعد ذكر مجموعة من الغرائب منها هذا الحديث – إلى أنها من الإسرائيليات ،
فقال : "
هذا الإسناد يذكر به السدي أشياء كثيرة فيها غرابة ، وكأن كثيرا منها متلقى
من
الإسرائيليات " انتهى.
وقد وردت بعض الأحاديث المرفوعة المنكرة في هذا المعنى ، منها ما روي عن
ابن عمر أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الأرض على الماء ، و الماء على صخرة ، و
الصخرة
على ظهر حوت يلتقي حرفاه بالعرش ، والحوت على كاهل ملك قدماه في الهواء )
وهو حديث
موضوع، انظر: "السلسلة الضعيفة" (رقم/294) .
وإذا كان مثل ذلك لم يصح فيه شيء عن الشرع المعصوم ، لا من كتاب الله ولا
من سنة
رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما غاية ما فيه آثار عن بعض السلف ، ومن
الظاهر أن
مردها جميعا إلى الأخبار عن بني إسرائيل ؛ فالواجب في مثل ذلك الإمساك عن
الجزم فيه
بشيء ، وتفويض العلم بشأنه إلى علام الغيوب ، كما أدبنا رسول الله صلى الله
عليه
وسلم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ أَهْلُ
الْكِتَابِ
يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا
بِالْعَرَبِيَّةِ
لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ
وَقُولُوا
آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا الْآيَةَ ) , رواه البخاري
(4485) .
وفي رواية أخرى بيان سبب التوقف عن تصديق أو تكذيب مثل ذلك :
( فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ
تُكَذِّبُوهُ
) رواه أبو داود (3644) وأحمد (16774) ، وصححه الألباني في الصحيحة (2800) .
والله أعلم.
وعندما يحرك الثور رأسه يحدث زلزالا .
أظن أنني رأيت هذا في ابن كثير (2/29 و 1/50) . هل يمكنكم تفسير هذا ؟
الحمد لله
ما ذكره السائل هنا لم يرد بإثباته دليل من القرآن الكريم ، ولا من السنة
النبوية
الصحيحة ، وغاية ما ورد فيه آثار عن بعض الصحابة والتابعين .
فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( أوّل ما خلق الله من شيء
القلم ،
فجرى بما هو كائن ، ثم رفع بخار الماء ، فخلقت منه السماوات ، ثم خلق "
النون " –
يعني الحوت - فبسطت الأرض على ظهر النون ، فتحرّكت الأرض فمادت ، فأثبت
بالجبال ،
فإن الجبال لتفخر على الأرض ، قال : وقرأ : (ن وَالْقَلَمِ وَمَا
يَسْطُرُونَ )
أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/307) وابن أبي شيبة (14/101) وابن أبي
حاتم
– كما في تفسير ابن كثير (8/210) – والطبري في "جامع البيان" (23/140)
والحاكم في
"المستدرك" (2/540) ، وغيرهم كثير ، جميعهم من طريق الأعمش ، عن أبي
ظبيان حصين بن جندب ، عن ابن عباس به . وهذا إسناد صحيح . قال الحاكم: هذا
حديث
صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ، وقال الذهبي في التلخيص : على شرط
البخاري
ومسلم . كما ورد ذلك عن مجاهد ومقاتل والسدي والكلبي . وانظر: "الدر
المنثور" (8/240) ، وتفسير ابن كثير (8/185) في بداية تفسير سورة القلم.
وهذا الأثر – كما ترى – موقوف من كلام ابن عباس ، وليس من كلام النبي صلى
الله عليه
وسلم ، والغالب أن ابن عباس رضي الله عنهما أخذه عن كعب الأحبار ، أو عن
كتب بني
إسرائيل التي تحتوي على كثير من العجائب والغرائب والكذب ، يدل على ذلك
التفاصيل
التي تذكرها بعض كتب التفسير في هذا الموضوع :
يقول الإمام البغوي رحمه الله :
" وقالت الرواة : لما خلق الله الأرض وفتقها بعث من تحت العرش ملكًا ، فهبط
إلى
الأرض حتى دخل تحت الأرضين السبع ، فوضعها على عاتقه ، إحدى يديه بالمشرق ،
والأخرى
بالمغرب ، باسطتين قابضتين على الأرضين السبع ، حتى ضبطها ، فلم يكن لقدميه
موضع
قرار ، فأهبط الله عز وجل من الفردوس ثورًا له أربعون ألف قرن ، وأربعون
ألف قائمة
، وجعل قرار قدمي الملك على سنامه ، فلم تستقر قدماه ، فأخذ الله ياقوتة
خضراء من
أعلى درجة في الفردوس ، غلظها مسيرة خمسمائة عام ، فوضعها بين سنام الثور
إلى أذنه
فاستقرت عليها قدماه ، وقرون ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ، ومنخراه في
البحر ،
فهو يتنفس كل يوم نفسًا ، فإذا تنفس مدَّ البحر ، وإذا رد نفسه جزر البحر ،
فلم يكن
لقوائم الثور موضع قرار ، فخلق الله تعالى صخرة كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين
فاستقرت
قوائم الثور عليها ، وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه : ( يا بني إنها إن
تك مثقال
حبة من خردل فتكن في صخرة )، ولم يكن للصخرة مستقر ، فخلق الله نونًا وهو
الحوت
العظيم ، فوضع الصخرة على ظهره وسائر جسده خال ، والحوت على البحر ، والبحر
على متن
الريح ، والريح على القدرة . يقال : فكل الدنيا كلها بما عليها حرفان ، قال
لها
الجبار جل جلاله : كوني فكانت .
قال كعب الأحبار : إن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرض فوسوس
إليه ، فقال
له : أتدري ما على ظهرك يا لوِيثا – اسم الحوت - من الأمم والدواب والشجر
والجبال
لو نفضتهم ألقيتهم عن ظهرك ، فهمّ لوِيثا أن يفعل ذلك فبعث الله دابة فدخلت
منخره
فوصلت إلى دماغه ، فعج الحوت إلى الله منها ، فأذن لها الله فخرجت .
قال كعب : فوالذي نفسي بيده إنه لينظر إليها وتنظر إليه إن همَّ بشيء من
ذلك عادت
كما كانت " انتهى.
"معالم التنزيل" (8/186) ونحوه في تفسير القرطبي (29/442)،
وكلام كعب الأحبار رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/8)،
وعلق محققو تفسير القرطبي (1/385): كل من الدكتور عبد الله
بن عبد المحسن التركي، ومحمد رضوان عرقسوسي على هذا الأثر بقولهم: " خبر
إسرائيلي
لا أساس له، وكان من الأولى بالمصنف أن ينزه كتابه عن مثل هذا " انتهى.
فانظر كيف أن القصة زاد فيها الرواة وفصلوا ، ثم رجع الأمر إلى كعب الأحبار
الذي هو
مصدر كثير من العجائب المنسوبة إلى هذا الدين .
ولذلك أشار الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/15) –
بعد ذكر مجموعة من الغرائب منها هذا الحديث – إلى أنها من الإسرائيليات ،
فقال : "
هذا الإسناد يذكر به السدي أشياء كثيرة فيها غرابة ، وكأن كثيرا منها متلقى
من
الإسرائيليات " انتهى.
وقد وردت بعض الأحاديث المرفوعة المنكرة في هذا المعنى ، منها ما روي عن
ابن عمر أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الأرض على الماء ، و الماء على صخرة ، و
الصخرة
على ظهر حوت يلتقي حرفاه بالعرش ، والحوت على كاهل ملك قدماه في الهواء )
وهو حديث
موضوع، انظر: "السلسلة الضعيفة" (رقم/294) .
وإذا كان مثل ذلك لم يصح فيه شيء عن الشرع المعصوم ، لا من كتاب الله ولا
من سنة
رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما غاية ما فيه آثار عن بعض السلف ، ومن
الظاهر أن
مردها جميعا إلى الأخبار عن بني إسرائيل ؛ فالواجب في مثل ذلك الإمساك عن
الجزم فيه
بشيء ، وتفويض العلم بشأنه إلى علام الغيوب ، كما أدبنا رسول الله صلى الله
عليه
وسلم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ أَهْلُ
الْكِتَابِ
يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا
بِالْعَرَبِيَّةِ
لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ
وَقُولُوا
آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا الْآيَةَ ) , رواه البخاري
(4485) .
وفي رواية أخرى بيان سبب التوقف عن تصديق أو تكذيب مثل ذلك :
( فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ
تُكَذِّبُوهُ
) رواه أبو داود (3644) وأحمد (16774) ، وصححه الألباني في الصحيحة (2800) .
والله أعلم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى