نور القلوب
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بقلم: الأسير القسامي القائد حسام بدران
من أهم واجباتك نحو الله تعالى أن تلتزم بالفرائض وأن تحسن أداءها وأن تحافظ عليها فقد جاء في الحديث الشريف أن الله تعالى يقول: "وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترض عليه"،
ولقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته لكل من يدخل الإسلام أن
يعلمه الالتزام بالفرائض ابتداء لأنها أساس علاقة المؤمن بربه وفي مقدمة
هذه الفرائض التي نتعامل معها في سجننا تأتي الصلاة المكتوبة استجابة لأمر الله تعالى لنا ﴿ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [سورة البقرة: الآية 238] أي المفروضات بأركانهم وشروطهن.
ولما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال: "الصلاة على وقتها" فاعتمد عبد الله بن مسعود على ذلك فأرشدك قائلاً: "من سره أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلاة حيث ينادي بهن" بل إن قيامك بأداء الصلاة المفروضة كما أراد الله تعالى هو أفضل الوسائل المكفرة لذنوبك كما ورد في الحديث الشريف "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله" ولهذا كانت أول وصايا الإمام البنا لإخوانه "قم إلى الصلاة متى سمعت النداء مهما كانت الظروف".
ومن
مظاهر صحة سيرنا الفردي والجماعي أن نستعد للصلاة قبل وقتها خاصة أننا في
السجن لا عذر لنا غالباً في تأخير الصلاة عن وقتها ولا معنى في أن يضيّع
أحدنا صلاة الجماعة مع إخوانه بلا عذر شرعي ومن العيوب التي يقع بها البعض
أحيانا كثرة المزاح والحديث حتى بعيد إقامة الصلاة الأمر الذي يساهم في
ضياع الخشوع وصعوبة استحضار القلب بينما وصف الصحابة حال النبي صلى الله
عليه وسلم عند الصلاة بقولهم:"كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه" إذ ينصرف عن الناس وينقطع عما كان فيه استعداداً للقاء الله تبارك وتعالى.
فقد كانت قرة عينه في الصلاة حتى كان يقول صلى الله عليه وسلم: "أرحنا بها يا بلال"
والخشوع في الصلاة هي الوسيلة الأعظم في تزكية نفسك وهو أمر متعلق بالقلب
وهو روح الصلاة الذي ينبغي لك أن تحرص عليه وتجاهد نفسك للوصول إليه. وقد
ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن "أول علم يرفع من الأرض الخشوع" فهو علم يحتاج إلى تعلم وتدبر وهو يتطلب عزماً وإصراراً وهو أول علامات المفلحين لقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [سورة المؤمنون: الآية 1-2].
وأول
الأعمال المعينة على الخشوع قيامك بأداء أركان الصلاة وسنتها كما ورد عن
النبي صلى الله عليه وسلم ثم استجماع القلب ومقاومة العوارض المشغلة له
والتفكير في المعاني والكلمات التي ترددها ولكن اعلم أن إحضار القلب في
جميع الصلاة أمر يعجز عنه كل البشر إلا الأقلين ولهذا حسبك أن تجتهد بالأمر
وتتدرب عليه قدر استطاعتك ولك في الصالحين أسوة وقدوة فقد كان أبو بكر
الصديق رضي الله عنه في صلاته كأنه وتد أو جذع شجرة فاجتهد وسدد وقارب
وتوجه إلى الله بالدعاء ليعينك على الخشوع في صلاتك. وفي صلاتنا في غرف
السجون التي هي مساجدنا علينا أن نهيئ المكان ونحسن ترتيبه ونختار الإمام
الأنسب والأقرب إلى القلوب إضافة إلى العم والإتقان.
يخطئ
البعض منا حين يتحمس في مرحلة ما لأداء النافلة خاصة قيام الليل دون أن
يعطي اهتماماً كافيا لإحسان الأداء والإتقان في صلاة الفريضة. إذ أن فقه
الأولويات في العبادات يؤكد على أن الفريضة مقدمة على النافلة دون أن يعني
ذلك التقليل من أهمية صلاة التطوع وقيمتها. وهذه القاعدة تنطبق على مختلف
أنواع الفرائض لكن تركيزنا على
الصلاة المكتوبة يأتي كونها عبادة يومية وهي أكثر ما نتعامل معه داخل
السجن، والصلاة في فهمنا وفكرنا تمثل الركيزة الأولى في علاقة المؤمن بربه
وتأتي في مقدمة الواجبات نحو الله تعالى لكنها من ناحية أخرى تمثل إحدى
سماتنا التي تميزنا عن غيرنا ومدى حرصنا على حسن أدائها هو عنوان تقدمنا
ونجاحنا في مسيرتنا العامة كلها. كما أنها الرابطة الأساسية التي تجتمع
قلوبنا عليها وهي التي تذكرنا في كل حين بأهمية العمل الجماعي المعتمد على
إمام يقوده وصفوف ثابتة متراحمة متماسكة وجهتها واحدة وهدفها واحد.
وإذا نحن أحسنا أداء
الصلاة كان القبول والثواب من الله كما أننا إذا أتقنا العمل الجماعي كان
النصر والتدريب من الله فاحرص أخي على أن تتعامل مع الصلاة ضمن هذا المفهوم
الواسع والشامل واجعل ما افترضه الله عليك من أهم واجباتك. ثم اتبع ذلك ما
شئت من النوافل والتطوع واطلب القبول من الله لكل ذلك.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى