رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
مجالس الإملاء عند العلماء
الشيخ: عبد الكريم الخضير
"فأملى علينا"
وعرفنا أن الإملاء أعلى درجات السماع الذي هو أعلى طرق التحمل، والإملاء والأمالي
سنة معروفة عند أهل الحديث، عندهم ما يعرف بمجالس الإملاء، وعندهم أيضاً ما يعرف
بالأمالي، فهم يعقدون الأمالي، ويملون على طلابهم، إضافة إلى ما يحدثونهم به، وما
يجيزونهم به، وما يقرأه الطلاب عليهم أمالي، أمالي هذه تكون عيون ما ينتقونه من
رواياتهم، ومن مقروءاتهم ومن مسموعاتهم، فتعقد هذه المجالس التي اندثرت منذ قرون،
ولو أن الشيوخ أعادوا هذه المجالس، يعني انقطعت منذ عقود، ثم أعادها الحافظ العراقي
-رحمه الله-، ثم انقطعت فأعادها الحافظ ابن حجر، ثم السخاوي، ثم السيوطي، والآن
اندرست، لكن لو أن الشيوخ من خلال مطالعاتهم وقراءاتهم ومدوناتهم يعقدون مجالس
للطلاب، ويملون عليهم هذه التحف، وهذه العيون من المسائل ومن الطرائف والغرائب من
أشعار ونثر، ما يبعث الهمم والنشاط في قلوب السامعين، كانت سنة طيبة ومعروفة عند
أهل العلم قديماً، لكن مع الأسف أنه مع انتشار الوسائل يمكن ما يتحمس الطلاب
للإملاء، ما يتحمسون للإملاء، فتجد الطلاب لو عقد مجلس إملاء وحضر مجموعة من الطلاب
تجد طلاب يكتبون وإلا ما يكتبون؟ يعني واحد منهم يسجل ومنهم يفرغ، ثم تصور، تكتب في
أوراق ثم تصور ويتداولونها، ما يكلفون أنفسهم عبء؛ لأنهم وجدوا الراحة، في العصور
السابقة قبل وجود هذه الآلات كان لا بد أن تكتب، وإلا ما فيه شيء، ما فيه بديل عن
الكتابة، تجد جميع الطلاب يكتبون، فإذا عقد مجلس الإملاء على هذه الصفة، وتعب الشيخ
على تحصيل هذه الفوائد، وضرب له يوماً في الأسبوع مثلاً، وكثير من أهل العلم يجعلون
يوم الثلاثاء للإملاء، ما أدري إيش السبب؟ ما أدري ما السبب؟ ولعله في كونه منتصف
الأسبوع يجعلونه للإملاء، فالطلاب يستمعون ويدونون، وفيه من الأخبار والأشعار ما
يطرب لها السامع، لكن الآن من خلال الدراسات النظامية، ومن خلال حرص طلاب العلم على
العلم الشرعي الأصيل تجد عندهم جفاف بالنسبة لما يهتم به المتقدمون من الطرائف
العلمية والأدبية، وهذه لا شك أنها نافعة جداً لطالب العلم، يستجم بها، وينشط
بسببها، وينشط غيره بها؛ فالدرس إذا كان الشيخ ملازم كتابه لا يخرج، لا يطلع يمين
ولا يسار هذه طرفة أدبية، هذه نكتة تاريخية، هذه عجيبة من العجائب، هذه حادثة غريبة
تجد الطلاب كثيراً منهم ينام، لا شك أن الأصل متين العلم، ومن أجله جلس الشيخ، ومن
أجله حضر الطالب، لكن ملح العلم تعين على الاستمرار في تلقي متينه، كما أن النوم
يعين على قيام الليل، وكما أن الأكل يعين على بقاء النفس التي يستعملها في طاعة
الله، فمثل هذه إذا قصد بها التنشيط على الاستمرار في العلم وطلبه فإن هذا لا شك
أنه يثاب عليه، ويكون له حكم المقصد.
"فأملى علينا" بطون الكتب الكبيرة المطولات التي لا يتسنى لأي طالب من طلاب العلم،
أو لجميع الطلاب أن يقرؤوا فيها، وإذا قرؤوا في كتاب لم يقرؤوا في آخر، وهكذا فيها
من العلوم والكنوز ما لا يمكن الاطلاع عليه، إلا ما كان ديدنه القراءة، وتوسع في
القراءة، وتفنن فيها، فمثل هذا المطلع المتفنن الذي دون الفوائد والغرائب والعجائب
مثل هذا لو أملى على الطلاب شيئاً ينشطهم، ولو اتخذ طريقة يعني في كل يوم يتحفهم
بفائدة أو في غريبة أو طريفة ينشط بها الطلاب، وإلا قد يقول قائل: لماذا لا يجمع
هذه الطرائف وهذه الغرائب ويجمعها في كتاب واحد ويطبعه وينتشر ولا حاجة إلى أن يضيع
وقت الدرس بهذه الأمور؟ قد يقول قائل مثل هذا، ونقول: نعم يمكن أن يشتريها الطلاب،
ويجلسون في بيوتهم، ولا شيء يرغبهم في الدروس، وإذا حضروا الدرس كثير منهم ينام،
إذا صار الدرس متين من أوله إلى آخره، هذا الكلام الذي جره مسألة الإملاء، وهي سنة
عند أهل العلم اندرست.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى