ابو ذياد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
التاريخ الهجري 584 هـ
في محرمها حاصر السلطان صلاح الدين حصن كوكب فرأه منيعاً
صعباً، فوكّل به الأمير قايماز البجمي في خمسمائة فارس يضيقون عليهم
المسالك، وكذلك وكّل لصفت وكانت للدواية خمسمائة فارس مع طغرلبك الجامدار
يمنعون الميرة والتقاوى أن تصل إليهم. (ج/ص: 12/403)
وبعث إلى الكرك الشوبك يضيقون على أهلها ويحاصرونهم، ليفرغ من أموره لقتال
هذه الأماكن.
ولما رجع السلطان من هذه الغزوة إلى دمشق وجد الصفي بن الفايض وكيل الخزانة
قد بنى له داراً بالقلعة هائلة مطلة على الشرف القبلي، فغضب عليه وعزله
وقال: إنا لم نخلق للمقام بدمشق ولا بغيرها من البلاد، وإنما خلقنا
لعبادة الله عز وجل والجهاد في سبيله، وهذا الذي عملته مما يثبط النفوس
ويقعدها عما خلقت له.
وجلس السلطان بدار العدل فحضرت عنده القضاة وأهل الفضل، وزار القاضي الفاضل
في بستانه على الشرف في جوسق ابن الفراش، وحكى له ما جرى من الأمور،
واستشاره فيما يفعل في المستقبل من المهمات والغزوات، ثم خرج من دمشق فسلك
على بيوس وقصد البقاع.
وسار إلى حمص وحماه وجاءت الجيوش من الجزيرة وهو على العاصي، فسار إلى
السواحل الشمالية ففتح أنطرطوس وغيرها من الحصون، وجبلة واللاذقية، وكانتا
من أحصن المدن عمارة ورخاماً ومحالاً، وفتح صهيون وبكاس والشغر وهما قلعتان
على العاصي حصينتان، فتحهما عنوة، وفتح حصن بدرية وهي قلعة عظيمة على جبل
شاهق منيع، تحتها أودية عميقة يضرب بها المثل في سائر بلاد الفرنج
والمسلمين.
فحاصرها أشد حصار وركب عليها المجانيق الكبار، وفرق الجيش ثلاث فرق، كل
فريق يقاتل، فإذا كلوا وتعبوا خلفهم الفريق الآخر، حتى لا يزال القتال
مستمراً ليلاً ونهاراً، فكان فتحها في نوبة السلطان أخذها عنوة في أيام
معدودات، ونهب جميع ما فيها.
واستولى على حواصلها وأموالها، وقتل حماتها ورجالها، واستخدم نساءها
وأطفالها، ثم عدل عنها ففتح حصن دربساك وحصن بغراس، كل ذلك يفتحه عنوة
فيغنم ويسلم، ثم سمت به همته العالية إلى فتح أنطاكية، وذلك لأنه أخذ جميع
ما حولها من القرى والمدن، واستظهر عليها بكثرة الجنود.
فراسله صاحب إنطاكية يطلب منه الهدنة على أن يطلق من عنده من أسرى
المسلمين، فأجابه إلى ذلك لعلمه بتضجر من معه من الجيش، فوقعت الهدنة على
سبعة أشهر، ومقصود السلطان أن يستريح من تعبها، وأرسل السلطان من تسلم منه
الأسارى وقد ذلت دولة النصارى.
ثم سار فسأله ولده الظاهر أن يجتاز بحلب فأجابه إلى ذلك، فنزل بقلعتها
ثلاثة أيام، ثم استقدمه ابن أخيه تقي الدين إليه حماه فنزل عنده ليلة
واحدة، وأقطعه جبلة واللاذقية، ثم سار فنزل بقلعة بعلبك، ودخل حمامها.
ثم عاد إلى دمشق في أوائل رمضان، وكان يوماً مشهوداً، وجاءته البشائر بفتح
الكرك وإنقاذه من أيدي الفرنج، وأراح الله منهم تلك الناحية، وسهل حزنها
على السالكين من التجار والغزاة والحجاج ( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
[الأنعام: 45]. (ج/ص: 12/404).
لم يقم السلطان بدمشق إلا أياماً حتى خرج قاصداً صفد فنازلها في العشر
الأوسط من رمضان، وحاصرها بالمجانيق، وكان البرد شديداً يصبح الماء فيه
جليداً، فما زال حتى فتحها صلحاً في ثامن شوال.
في محرمها حاصر السلطان صلاح الدين حصن كوكب فرأه منيعاً
صعباً، فوكّل به الأمير قايماز البجمي في خمسمائة فارس يضيقون عليهم
المسالك، وكذلك وكّل لصفت وكانت للدواية خمسمائة فارس مع طغرلبك الجامدار
يمنعون الميرة والتقاوى أن تصل إليهم. (ج/ص: 12/403)
وبعث إلى الكرك الشوبك يضيقون على أهلها ويحاصرونهم، ليفرغ من أموره لقتال
هذه الأماكن.
ولما رجع السلطان من هذه الغزوة إلى دمشق وجد الصفي بن الفايض وكيل الخزانة
قد بنى له داراً بالقلعة هائلة مطلة على الشرف القبلي، فغضب عليه وعزله
وقال: إنا لم نخلق للمقام بدمشق ولا بغيرها من البلاد، وإنما خلقنا
لعبادة الله عز وجل والجهاد في سبيله، وهذا الذي عملته مما يثبط النفوس
ويقعدها عما خلقت له.
وجلس السلطان بدار العدل فحضرت عنده القضاة وأهل الفضل، وزار القاضي الفاضل
في بستانه على الشرف في جوسق ابن الفراش، وحكى له ما جرى من الأمور،
واستشاره فيما يفعل في المستقبل من المهمات والغزوات، ثم خرج من دمشق فسلك
على بيوس وقصد البقاع.
وسار إلى حمص وحماه وجاءت الجيوش من الجزيرة وهو على العاصي، فسار إلى
السواحل الشمالية ففتح أنطرطوس وغيرها من الحصون، وجبلة واللاذقية، وكانتا
من أحصن المدن عمارة ورخاماً ومحالاً، وفتح صهيون وبكاس والشغر وهما قلعتان
على العاصي حصينتان، فتحهما عنوة، وفتح حصن بدرية وهي قلعة عظيمة على جبل
شاهق منيع، تحتها أودية عميقة يضرب بها المثل في سائر بلاد الفرنج
والمسلمين.
فحاصرها أشد حصار وركب عليها المجانيق الكبار، وفرق الجيش ثلاث فرق، كل
فريق يقاتل، فإذا كلوا وتعبوا خلفهم الفريق الآخر، حتى لا يزال القتال
مستمراً ليلاً ونهاراً، فكان فتحها في نوبة السلطان أخذها عنوة في أيام
معدودات، ونهب جميع ما فيها.
واستولى على حواصلها وأموالها، وقتل حماتها ورجالها، واستخدم نساءها
وأطفالها، ثم عدل عنها ففتح حصن دربساك وحصن بغراس، كل ذلك يفتحه عنوة
فيغنم ويسلم، ثم سمت به همته العالية إلى فتح أنطاكية، وذلك لأنه أخذ جميع
ما حولها من القرى والمدن، واستظهر عليها بكثرة الجنود.
فراسله صاحب إنطاكية يطلب منه الهدنة على أن يطلق من عنده من أسرى
المسلمين، فأجابه إلى ذلك لعلمه بتضجر من معه من الجيش، فوقعت الهدنة على
سبعة أشهر، ومقصود السلطان أن يستريح من تعبها، وأرسل السلطان من تسلم منه
الأسارى وقد ذلت دولة النصارى.
ثم سار فسأله ولده الظاهر أن يجتاز بحلب فأجابه إلى ذلك، فنزل بقلعتها
ثلاثة أيام، ثم استقدمه ابن أخيه تقي الدين إليه حماه فنزل عنده ليلة
واحدة، وأقطعه جبلة واللاذقية، ثم سار فنزل بقلعة بعلبك، ودخل حمامها.
ثم عاد إلى دمشق في أوائل رمضان، وكان يوماً مشهوداً، وجاءته البشائر بفتح
الكرك وإنقاذه من أيدي الفرنج، وأراح الله منهم تلك الناحية، وسهل حزنها
على السالكين من التجار والغزاة والحجاج ( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
[الأنعام: 45]. (ج/ص: 12/404).
لم يقم السلطان بدمشق إلا أياماً حتى خرج قاصداً صفد فنازلها في العشر
الأوسط من رمضان، وحاصرها بالمجانيق، وكان البرد شديداً يصبح الماء فيه
جليداً، فما زال حتى فتحها صلحاً في ثامن شوال.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى