ابو ذياد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
التاريخ الهجري 587 هـ
سار الفرنج برمتهم قاصدين عسقلان، والسلطان صلاح الدين
بجيشه يسايرهم ويعارضهم منزلة منزلة، والمسلمون يتخطفونهم ويسلبونهم في كل
مكان، وكل أسير أتي به إلى السلطان يأمر بقتله في مكانه.
وجرت خطوب بين الجيشين، ووقعات متعددات، ثم طلب ملك الإنكليز أن يجتمع
بالملك العادل أخي السلطان يطلب منه الصلح والأمان، على أن يعاد لأهلها
بلاد السواحل، فقال له العادل: إن دون ذلك قتل كل فارس منكم وراجل.
فغضب اللعين ونهض من عنده غضبان، ثم اجتمعت الفرنج على حرب السلطان عند
غابة أرسوف، فكانت النصرة للمسلمين، فقتل من الفرنج عند غابة أرسوف ألوف
بعد ألوف، وقتل من المسلمين خلق كثير أيضاً.
وقد كان الجيش فرعن السلطان في أول الوقعة ولم يبق معه سوى سبعة عشر
مقاتلاً، وهو ثابت صابر والكؤسات لا تفتر، والأعلام منشورة، ثم تراجع الناس
فكانت النصرة للمسلمين، ثم تقدم السلطان بعساكره فنزل ظاهر عسقلان، فأشار
ذوو الرأي على السلطان بتخريب عسقلان خشية أن يتملكها الكفار، ويجعلونها
وسيلة إلى أخذ بيت المقدس، أو يجري عندها من الحرب والقتال نظير ما كان عند
عكا، أوشد. (ج/ص12 / 421)
فبات السلطان ليلته مفكراً في ذلك، فلما أصبح وقد أوقع الله في قلبه أن
خرابها هو المصلحة فذكر ذلك لمن حضره، وقال لهم: والله لموت جميع أولادي
أهون على من تخريب حجر واحد منها، ولكن إذا كان خرابها فيه مصلحة للمسلمين
فلا بأس به.
ثم طلب الولاة وأمرهم بتخريب البلد سريعاً، قبل وصول العدو إليها، فشرع
الناس في خرابه، وأهله ومن حضره يتباكون على حسنه وطيب مقيله، وكثرة زروعه
وثماره، ونضارة أنهاره وأزهاره، وكثرة رخامه وحسن بنائه.
وألقيت النار في سقوفه وأتلف ما فيه من الغلات التي لا يمكن تحويلها، ولا
نقلها، ولم يزل الخراب والحريق فيه من جمادى الآخرة إلى سلخ شعبان من هذه
السنة.
ثم رحل السلطان منها في ثاني رمضان وقد تركها قاعاً صفصفاً ليس فيها معلمة
لأحد، ثم اجتاز بالرملة فخرب حصنها وخرب كنيسة لد، وزار بيت المقدس وعاد
إلى المخيم سريعاً، وبعث ملك الإنكليز إلى السلطان: إن الأمر قد طال وهلك
الفرنج والمسلمون، وإنما مقصودنا ثلاثة أشياء لا سواها: رد الصليب وبلاد
الساحل وبيت المقدس، لا نرجع عن هذه الثلاثة، ومنا عين تطرف.
فأرسل إليه السلطان أشد جواب، وأسد مقال، فعزمت الفرنج على قصد بيت المقدس،
فتقدم السلطان بجيشه إلى القدس، وسكن في دار القساقس، قريباً من قمامة في
ذي القعدة.
وشرع في تحصين البلد، وتعميق خنادقه، وعمل فيه بنفسه وأولاده، وعمل فيه
الأمراء والقضاة والعلماء والصالحون، وكان وقتاً مشهوداً، واليزك حول البلد
من ناحية الفرنج وفي كل وقت يستظهرون على الفرنج ويقتلون ويأسرون ويغنمون،
ولله الحمد والمنة، وانقضت هذه السنة والأمر على ذلك.
سار الفرنج برمتهم قاصدين عسقلان، والسلطان صلاح الدين
بجيشه يسايرهم ويعارضهم منزلة منزلة، والمسلمون يتخطفونهم ويسلبونهم في كل
مكان، وكل أسير أتي به إلى السلطان يأمر بقتله في مكانه.
وجرت خطوب بين الجيشين، ووقعات متعددات، ثم طلب ملك الإنكليز أن يجتمع
بالملك العادل أخي السلطان يطلب منه الصلح والأمان، على أن يعاد لأهلها
بلاد السواحل، فقال له العادل: إن دون ذلك قتل كل فارس منكم وراجل.
فغضب اللعين ونهض من عنده غضبان، ثم اجتمعت الفرنج على حرب السلطان عند
غابة أرسوف، فكانت النصرة للمسلمين، فقتل من الفرنج عند غابة أرسوف ألوف
بعد ألوف، وقتل من المسلمين خلق كثير أيضاً.
وقد كان الجيش فرعن السلطان في أول الوقعة ولم يبق معه سوى سبعة عشر
مقاتلاً، وهو ثابت صابر والكؤسات لا تفتر، والأعلام منشورة، ثم تراجع الناس
فكانت النصرة للمسلمين، ثم تقدم السلطان بعساكره فنزل ظاهر عسقلان، فأشار
ذوو الرأي على السلطان بتخريب عسقلان خشية أن يتملكها الكفار، ويجعلونها
وسيلة إلى أخذ بيت المقدس، أو يجري عندها من الحرب والقتال نظير ما كان عند
عكا، أوشد. (ج/ص12 / 421)
فبات السلطان ليلته مفكراً في ذلك، فلما أصبح وقد أوقع الله في قلبه أن
خرابها هو المصلحة فذكر ذلك لمن حضره، وقال لهم: والله لموت جميع أولادي
أهون على من تخريب حجر واحد منها، ولكن إذا كان خرابها فيه مصلحة للمسلمين
فلا بأس به.
ثم طلب الولاة وأمرهم بتخريب البلد سريعاً، قبل وصول العدو إليها، فشرع
الناس في خرابه، وأهله ومن حضره يتباكون على حسنه وطيب مقيله، وكثرة زروعه
وثماره، ونضارة أنهاره وأزهاره، وكثرة رخامه وحسن بنائه.
وألقيت النار في سقوفه وأتلف ما فيه من الغلات التي لا يمكن تحويلها، ولا
نقلها، ولم يزل الخراب والحريق فيه من جمادى الآخرة إلى سلخ شعبان من هذه
السنة.
ثم رحل السلطان منها في ثاني رمضان وقد تركها قاعاً صفصفاً ليس فيها معلمة
لأحد، ثم اجتاز بالرملة فخرب حصنها وخرب كنيسة لد، وزار بيت المقدس وعاد
إلى المخيم سريعاً، وبعث ملك الإنكليز إلى السلطان: إن الأمر قد طال وهلك
الفرنج والمسلمون، وإنما مقصودنا ثلاثة أشياء لا سواها: رد الصليب وبلاد
الساحل وبيت المقدس، لا نرجع عن هذه الثلاثة، ومنا عين تطرف.
فأرسل إليه السلطان أشد جواب، وأسد مقال، فعزمت الفرنج على قصد بيت المقدس،
فتقدم السلطان بجيشه إلى القدس، وسكن في دار القساقس، قريباً من قمامة في
ذي القعدة.
وشرع في تحصين البلد، وتعميق خنادقه، وعمل فيه بنفسه وأولاده، وعمل فيه
الأمراء والقضاة والعلماء والصالحون، وكان وقتاً مشهوداً، واليزك حول البلد
من ناحية الفرنج وفي كل وقت يستظهرون على الفرنج ويقتلون ويأسرون ويغنمون،
ولله الحمد والمنة، وانقضت هذه السنة والأمر على ذلك.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى