ألا يستحي رجال الإعلام في رمضان؟ {الأربعاء 17 أغسطس - 17:26}

بسم الله الرحمن الرحيم
ألا يستحي رجال الإعلام في رمضان؟
تأريخ: 21/8/1429هـ
المكان: جامع الإمام مالك بن أنس / بالدمام
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102]
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1]
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71]. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن من نعم الله تعالى علينا أن منّ على هذه الأمة المرحومة بشهر رمضان، فهو باب من أبواب الخير والغفران، فيه تفتح أبواب الجنان،وتغلق أبواب النيران،وتصفد مردة الجان، فيه ليلة خير من ألف شهر، ويجب علينا أن نستعد لهذه الضيف الكريم، ونلبس له أحسن لبوس.
ويستعد أهل الإيمان لرمضان بأمور منها: دعاء الله تعالى ببلوغ هذا الشهر الفضيل، فكم من مسلمٍ تخطفته يد الردى، وعُجِلَ به إلى قبره ولما يدرك رحمات رمضان، وكذلك كثرة الاستغفار فمن أكثر منه حريٌ أن يوفق للصيام الصحيح الكامل، والمبادرة بالتوبة والأوبة إلى الله تعالى رجاء التوفيق والتسديد،ثم إن المؤمن يمرن نفسه على الصيام بصيام شعبان كله أو أكثره ولا يترك المؤمن بعضه على الأقل اقتداء بنبينا محمد ص، ومن أفعال أهل رمضان بر الوالدين قبل رمضان وفي رمضان لأن بر الوالدين هو نهر الحسنات وبئر الطاعات وطِلَّسْم القربات فالمؤمن يبادر لرضاء والديه عسى الله أن يوفقه للصيام، ثم إن هذا المؤمن يسأل عن أحكام الصيام وفضائله ويتعلمها حتى لا يفوته شيء منها فما يدريه لعله آخر رمضان يدركه في حياته، ويجمع خصال الخير كله التأمل في القرآن المجيد، وإمعان النظر في صفات الرب جل وعلا وتقدس فهو السلام ومنه السلام وبيده الخير كله وكل صفاته حميدة مجيدة عظمية تبارك ربنا وتعالى، وهذا من أعظم أبواب التوحيد.
قال ابن القيم /: (إذا طلعت شمس التوحيد وباشرت جوانبها الأرواح ونورها البصائر تجلت بها ظلمات النفس والطبع وتحركت بها الأرواح في طلب من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فسافر القلب في بيداء الأمر ونزل منازل العبودية منزلا منزلا فهو ينتقل من عبادة إلى عبادة مقيم على معبود واحد فلا تزال شواهد الصفات قائمة بقلبه توقظه إذا رقد وتذكره إذا غفل وتحدو به إذا سار وتقيمه إذا قعد إن قام بقلبه شاهد من الربوبية والقيومية رأى أن الأمر كله لله)
عباد الله:
لما رأى أهل الفسق والفجور استعداد أهل الإيمان لرمضان غاظهم ذلك، واحترقت قلوبهم، واكتوت أكبادهم، وقد احتاروا كيف يفسدوا على المؤمنين رمضان وسيصفد كبرائهم، فأوحى مردة الجان إلى أوليائهم من مردة الإنس أن بادروا بتخريب رمضان على أهل الإيمان ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام:112]، فاستعد هؤلاء لنشر الفجور والفحش بين الناس، وتأمل معي قول جريدة الرياض: (وستعرض أوربت خلال الشهر الفضيل أشهر المسلسلات)() ثم ذكرت عدد منها.
فهل خلق الله رمضان الشهر الفضيل للمسلسلات والفجور أم للطاعة والاستغفار وقيام الليل؟
ومع الأسف أن أسوء القنوات العربية ملاّكها من هذه البلاد، ولقد أخذت هذه القنوات على عاتقها إشاعة الفاحشة ونشر الرذيلة قال ربنا جل وعلا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور:19].
ألا يستحون من الله؟عشرات المسلسلات() التي تدعو للرذيلة والفجور، ومتى في شهر رمضان!! اللهم غفرانك.. اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منّا.
هذه المسلسلات حرام في شوال ومحرم وغيرها وهي في رمضان أشد تحريما لأنه شهر فضيل فالحسنات تضاعف في الزمن الفاضل، وكذا السيئات.
ومسكين من صام عن الطعام والشراب ولم يصم عن الذنوب والمعاصي، والنبي e يقول: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري، ومعنى قول الزور تعمد المعاصي ويؤكد هذا المعنى قوله ص (كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش) قال الألباني اسناده جيد.
فياعبد الله:
لا تدع هؤلاء الشياطين المفسدين أصحاب القنوات يهدمون عليك صومك، ومن المضحك المبكي أنهم يخصصون مسلسلات عن بعض سقط المتاع، فمن المسلسلات الرمضانية مسلسل عن ملحن ومغني() ينشر الفحش والفجور بين المسلمين وقال ناشر المسلسل عن هذا المغني: (كان فوضويا يحب الحياة ويفعل ما يحلو له، ومتهم بالقتل)() فما هي فضائله التي ستنشر وأعماله التي يستحق عليها هذا المسلسل خبتم وخسرتم.
ومسلسل رمضاني آخر عن نصارني ماروني قال عنه مادحوه: إنه من الرسل الأمناء الذين راحوا يبشرون بالمبادئ المسيحية الحقة() فما هو سبب نشر مسلسل عن مثل هذا، بل لقد بلغ فساد هذا النصراني حد عظيما قال عنه صنم الحداثة أدونيس: فإن كتابة دعوة لقلبِ نظام القيم.
فلا قيم ولا مبادئ وينشر النصرانية ثم يسمى بالملاك!، وبعد هذا تتناقل الفضائيات التي يملكها مسلمون مثل هذه المسلسلات، ومتى في شهر رمضان!!
وقد يقول البعض: ولكن هناك مسلسلات عن شخصيات تأريخة إسلامية، فالجواب: الأمر أشد وأنكى، فهم يظهرون خالد بن الوليد في صورة العاشق الولهان، وصلاح الدين في صورة الملك المتجبر، وثالثة الأثافي مسلسل عن مريم بنت عمران عليها السلام بعنوان: مريم المقدسة!! فهل أصحاب هذه القنوات مسلمين؟
ومسلسل عن النبي ص بأبي هو وأمي، وماذا سيقال فيه، وماذا سيمثل في هذا المسلسل.
وكيف سيصور رسول الله ص.
فإن قال قائل لماذا هذا الهجوم على هذه القنوات وفيها قنوات اسلامية أو برامج دينية، فالجواب هو ماقاله علي بن أبي طالب ت:
سَمِعْتُك تَبْنِي مَسْجِدا مِنْ خِيَانَةٍ وأنت بحمد الله غير موفقِ
كمطعمة الزهاد من كدِّ فرجها لَكِ الوَيْلُ، لا تَزْنِي، ولا تَتَصَدَّقي
الحمد لله
وفي ذكرى رمضان تمر بنا سحابة تهطل علينا هتان من الذكريات المؤلمة ففي تأريخ الأمس وفي عام 1969م حديث حريق المسجد الأقصى المبارك، وما زال الأقصى يأن ويبكي تحت ضربات يهود، ومنظمة اليونسكو تطلق يد الدولة العبرية على باب المغاربة، وكأن المسجد الأقصى ملك اليونسكو أو ملك غيرهم، إن المسجد الأقصى ملك للأمة الإسلامية.
وحديثنا عن المسجد الأقصى ينقلنا للحديث عن شاعر المقاومة كما سماه إعلامنا البائس، وقد مجدوه ورثوه وأثنو عليه وهو الذي قال:
(نرسم القدس: إله يتعرى فوق خط داكن الخضرة. أشباه عصافير تهاجر وصليب واقف في الشارع الخلفي..) ()
وقال: "ياالله جربناك جربناك من اعطاك هذا السر من سماك من اعلاك فوق جراحنا ليراك فاظهر يا الله مثل عنقاء الرماد من الدمار يا خالقى في هذه الساعات من عدم... تجلى لعل لى رباً لأعبده لعلا".
وقال: (نامي... عيون الله نائمة عنا وأسراب الشحارير)().
وقال: (إلهي.. إلهي لماذا تخليت عني؟ لماذا تزوجت مريم؟ لماذا وعدت الجنود بكرمي الوحيد...لماذا؟) وكرر هذا ثم قال: (أمن حق من هي مثلي أن تطلب الله زوجاً وأن تسأله إلهي... إلهي لماذا تخليت عني. لماذا تزوجتني يا إلهي، لماذا تزوجت مريم؟؟)().
عباد الله نختم هذه الخطبة بقول: "جان لويس توران" المسؤول المعني بشؤون العلاقات مع الأديان الأخرى بالفاتيكان حيث قال: "... الإسلام مهم للغاية ولكن هناك أيضاً ديانات آسيوية عظيمة أخرى، والإسلام دين واحد، بالفعل إن الناس مهووسون بالإسلام"().
ونقول نحن: قل متوا بغيظكم والإسلام دين الله سينتشر بعز عزيز أو بذل ذليل، ولكن الله سيسأل كل واحد منا ماذا قدمت لدينك؟