الاستهزاء بالدين وأهله - طاش {الخميس 18 أغسطس - 11:21}

بسم الله الرحمن الرحيم
الاستهزاء بالدين وأهله - طاش
التأريخ: 13/9/1427هـ
المكان: جامع أبي بكر الصديق بالقطيف
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن النبي @ أخبرنا أن الشياطين تصفد في أيام رمضان فقال: (إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ)ولكننا نرى أن الناس ما زالوا يقعون في الذنوب والمعاصي في رمضان، فلماذا يقعون فيها مع تصفيد الشياطين؟!
قال الإمام ابن مفلح /: (وَالْمُرَادُ الْمَرَدَةُ، فَلَيْسَ فِيهِ إعْدَامُ الشَّرِّ بَلْ قِلَّتُهُ، لِضَعْفِهِمْ) ()
وهناك سبب آخر ألا وهو أن بعض الناس قد بلغ به الفجور والظلم حدا لا يحتاج معه إلى شياطين بل هو صار شيطانا مريدا قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)) [الأنعام:112]، وإن أعظم عمل تعهد به أبو الشياطين هو صد الناس عن دين الله قال تعالى عن إبليس: ((... أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)) [الأعراف: 15ـ17]، ولما منّ الله على هذه الأمة المحمدية بتصفيد مردة الشياطين في رمضان () حرك إبليس أعوانه من مردة الإنس لإفساد هذا الشهر على عباد الله المتقين، وأكبرُ ما قام به هؤلاء الشياطين هو المسلسلات والفوازير يسمونها
الرمضانية، والتي تصد عن ذكر الله، وأشدها وأعظمها خطرا على دين المسلمين ما كان فيها سخرية واستهزاء بأوامر الله جل وعلا، فيسخرون بالحجاب ويسخرون من المؤمنات المحجبات، ويقررون أن المحجبات يخفين تحت الحجاب المتفجرات أو أنهن فاجرات ويتسترن بالحجاب. والله جلا وعلا قال: ((وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ...)) [النور:31] إلى آخر الآية الكريمة

وكذلك الاستهزاء باللحية والسخرية من المؤمنين الملتحين وهم يعلمون أن الذي أمر باللحية هو محمد ص وهو القائل:"عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية،...) أخرجه مسلم في صحيحه، وكذلك الاستهزاء بجعل الثوب فوق الكعبين والسخرية من المؤمنين المتبعين لسنة أحمد @.
وكذلك الاستهزاء بتعدد النساء وتصوير المعددين بأنهم شهوانيين والله جل وعلا هو القائل: ((... فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ..)) [النساء:3]
فتُظهر هذه المسلسلات المتدينين وكأنهم أهل شهوات وسرقات ورشوة، ويستحلون المحرمات، وأكثروا من السخرية بشعيرة من شعائر الإسلام ألا وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع علمهم أن الله جل وعلا ما فضل هذه الأمة إلا بالأمر بالمعروف فقال: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...)) [آل عمران:110]
وهم يعلمون أن النهي عن المنكر واجب فقد قال رسول الله @: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. فإن لم يستطع فبلسانه. ومن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان).
وإن هؤلاء المستهزئين يسيرون على خطى أسيادهم اللذين سخروا بأنبياء الله # ((وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ)) [هود:38].
عباد الله:
إن السخرية بأوامر الله وشعائره هي سخرية بمن أمر بها تعالى الله وتقدس عما يقول المستهزئون علوا كبيرا، وهؤلاء لما خافوا من التصريح بما تضمر به نفوسهم من بغض الله ودينه ونبيه ص هاجموا أوامر الله، وقد حكم الله على هؤلاء من فوق سبع سموات فقال: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)) [التوبة 65:66] ثم بين لنا تعالى أن هؤلاء المنافقين اللذين يظهرون الإسلام ويتسمون بأسماء المسلمين يأمرون بالمنكر فقال: ((الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)) [التوبة:67].
عباد الله:
لو قال قائل لماذا الحديث عن هذا الأمر؟
فالجواب لأمرين: الأول: معرفة حكم الله جل وعلا في هؤلاء المستهزئين.
والأمر الآخر: الحذر من سلوك طريقهم، فإن كثيرا من الناس قد يشاهدون هذه البرامج ويضحكون منها ويظنون أنهم لا يأثمون مع أن الله جل وعلا قال ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)) [النساء:140] فأيما مسلم سمع السخرية بأحكام الله وشعائر دينه ولم يتحرك قلبه غيرة فيخشى عليه أن يكون من جملة المستهزئين الكافرين وهو لا يشعر فالحذر الحذر يا عباد الله.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وآله الطيبين الطاهرين، أما بعد:
عباد الله
مغبون مسكين من امتنع عن الطعام والشراب في نهار رمضان ثم لم يترك