رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الإخلاص - التحذير من التفجير
التأريخ:16/6/1426هـ
المكان:جامع أبي بكر الصديق بالقطيف
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
نقف في هذه الخطبة مع سورة كثيرا ما نكررها في اليوم الواحد، بل من السنةِ أن تقرأ في اليوم الواحد أثنى عشر مرة بعد الفجر والمغرب ثلاث وبعد الظهر والعصر والعشاء مرة وعند النوم ثلاث أيضا، إنها سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، قال الشيخ الطاهر ابن عاشور /: (المشهور في تسميتها في عهد النبي ع وفيما جرى من لفظه وفي أكثر ما روي عن الصحابة تسميتها سورة قل هو الله أحد، وسميت في أكثر المصاحف وفي معظم التفاسير وفي جامع الترمذي سورة الإخلاص واشتهر هذا الاسم لاختصاره وجمعه معاني هذه السورة لأن فيها تعليم الناس إخلاص العبادة لله تعالى، أي سلامة الاعتقاد من الإشراك بالله غيره في الإلهية، وسميت في بعض المصاحف التونسية سورة التوحيد لأنها تشتمل على إثبات أنه تعالى واحد)
عباد الله:
ورد في فضل هذه السورة أحاديث كثيرة سأذكر بعضها
أخرج البخاري قال رسول الله ع لأصحابه: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله. فقال: الله الواحد الصمد ثلث القرآن)
وأخرج مسلم في صحيحه أن النبي ع قال: "احشدوا. فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن"فحشد من حشد. ثم خرج نبي الله ع فقرأ: قل هو الله أحد. ثم دخل. فقال بعضنا لبعض: إني أرى هذا خبر جاءه من السماء. فذاك الذي أدخله. ثم خرج نبي الله ع فقال:"إني قلت لكم: سأقرأ عليكم ثلث القرآن. ألا إنها تعدل ثلث القرآن".
وأخرج ابن ماجه عن عمرو بن ميمون عن مسعود ا قال: قال رسول الله ع: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) وقال بعض أهل العلم: أن معنى تعدل ثلث القرآن أن القرآن الكريم ينقسم إلى التوحيد والشرائع والقصص، وهذه السورة تكلمت على التوحيد بأقسامه الثلاثة.
وأخرج البخاري عائشة ب أن النبي ع بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ع فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي ع: أخبروه أن الله تعالى يحبه)
أما سبب نزول هذه السورة فعن أُبيّ بن كعب أن المشركين قالوا للنبي ع: يا محمد انسب لنا ربك - أي أذكر نسب ربك ـ، فأنزل الله تعالى: (قل هو الله أحد)، وقال ابن كثير /: (قال عكرمة. لما قالت اليهود نحن نعبد عزيراً ابن الله، وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح بن الله، وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر، وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان، أنزل الله على رسوله ع قل هو الله أحد)
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ بدأت السورة بفظة (قل) أي قل يا محمد قل يا رسول الله ولتقل أمتك من بعدك: أن الله واحد لا شريك له. قال ابن كثير: يعني هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله Q لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله.
قال الطاهر ابن عاشور: فيها إثبات وحدانية الله تعالى. وأنه لا يقصد في الحوائج غيره.. وأن الله منفرد بالإلهية لا يشاركه فيها شيء من الموجودات. وهذا إبطال للشرك الذي يدين به أهل الشرك
وهو لفظ أدق من لفظ"واحد".. لأنه يضيف إلى معنى"واحد"أن لا شيء غيره معه. وأن ليس كمثله شيء. وهذه الآية - منهج لعبادة الله وحده..... ومنهج للاتجاه إلى الله وحده في الرغبة والرهبة. في السراء والضراء. في النعماء والبأساء. وإلا فما جدوى التوجه إلى غير موجود وجودا حقيقيا، وإلى غير فاعل في الوجود أصلا؟!
ومنهج للتلقي عن الله وحده. تلقي العقيدة والتصور والقيم والموازين، والشرائع والقوانين والأوضاع والنظم، والآداب والتقاليد. والانحرافات التي أصابت أهل الكتاب من قبل، والتي أفسدت عقائدهم وتصوراتهم وحياتهم، نشأت أول ما نشأت عن انطماس صورة التوحيد الخالص. ثم تبع هذا الانطماس ما تبعه من سائر الانحرافات.
على أن الذي تمتاز به صورة التوحيد في العقيدة الإسلامية هو تعمقها للحياة كلها، وقيام الحياة على أساسها، واتخاذها قاعدة للمنهج العملي الواقعي في الحياة، تبدو آثاره في التشريع كما تبدو في الاعتقاد سواء. وأول هذه الآثار أن تكون شريعة الله وحدها هي التي تحكم الحياة. فإذا تخلفت هذه الآثار فإن عقيدة التوحيد لا تكون قائمة، فإنها لا تقوم إلا ومعها آثارها محققة في كل ركن من أركان الحياة...().
﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾قال عكرمة عن ابن عباس: يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته. وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار
وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه، وقال الحسن أيضاً الصمد الحي القيوم الذي لا زوال له
وقال عكرمة: الصمد الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم، وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب
وقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله بن بريدة وعكرمة أيضاً، و سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي والضحاك والسدي الصمد الذي لا جوف له وقال سفيان عن منصور عن مجاهد الصمد المصمت الذي لا جوف له
وقال عبد الله بن بريدة أيضاً الصمد نور يتلألأ
قال الشيخ البيضاوي /: وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته وتكرير لفظة الله للإشعار بان من لم يتصف به لم يستحق الألوهية
فكل ما سبق من معاني الصمد فهو السيد في كل شيء والذي لا يأكل ولا يشرب ولا يحتاج لشيء مما يحتاجه بنو آدم، وهو الحي الذي لا يموت وهو المصمت الذي لا جوف له لأن المجوف محتاج لما يملأ جوفه والله أعز وأجل من ذلك، فقد جمعت هذه الكلمة كل الصفات الحميدة الجليلة الجميلة.
﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾أي ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة. وفي صحيح البخاري: لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم.
فأبطلت - هذه الآية - عقيدة النصارى بإلهية عيسى × بتوهمهم أنه ابن الله وأن ابن الله لا يكون إلا إلها؛بأن الإله يستحيل أن يكون له ولد فليس عيسى بابن الله، وبأن الإله يستحيل أن يكون مولودا بعد عدم. فالمولود المتفق على أنه مولود يستحيل أن يكون إلها فبطل أن يكون عيسى إلها()وفي هذه الآية رد كذلك على بعض اليهود في زعمهم أن عزير ابن الله كذلك.
﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ قال مجاهد: ولم يكن له كفواً أحد يعني لا صاحبة له وهذا كما قال تعالى: (( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) [الأنعام:101]أي هو مالك كل شيء وخالقه فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه تعالى وتقدس وتنزه، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [الشورى:11]
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي دلنا بالعقل عليه وأمرنا بالتفكر والنظر ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ *بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل:43-44] والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد ص الذي تبرأ من فعل سيف الله المسلول لما أخطأ في قتل معصومي الدم فقال:"اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد" أما بعد:
فيا عباد الله:
تسامع الناس بما حدث في لندن من تفجير، ونحن يجب علينا كمسلمين أن ننطلق من قواعد ديننا وليس من عواطفنا، فالعواطف خداعة مضلّة، لذلك يجب التفريق بين نساء وأطفال اليهود في فلسطين وبين أطفالهم ونسائهم في دولهم فالنساء في فلسطين محتلين غاصبين وحكمهم حكم رجالهم فيجوز تعمد قتلهم فضلا أن أغلبهم مجندات، أما الأطفال فلا يجوز تعمد قتلهم ولكن لو فجر مكان فهم يقتلون تبعا لا استقلالا.
عباد الله:
حذرت أمريكا من أعمال تفجير قد تقع في بلادنا - والعياذ بالله - وهذا قد يدل على أن أعمال التفجير في دول المسلمين هي وفق مخطط يهودي دقيق هدفه إشغال الشباب المسلم بحكومة بلده وإشغال الحكومات بالشباب المسلم، وهذا كله من دسائس اليهود الذين يحسنون التخطيط كما نحسن نحن النوم والغطيط.
ولم نر لها أي فائدة سوى تسلط أهل الكفر الأصليين وأذنابهم من العلمانيين اللبراليين على المسلمين عامة وعلماء بل حتى على شعائر الإسلام، وحسبنا الله عليهم ونعم والوكيل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / معلقاً على حوادث مقاتلة السلاطين: «فإن الله تعالى بعث رسوله ع بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ...، وقلّ من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد عن فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير، وغاية هؤلاء إما أن يُغْلبوا وإما أن يَغْلِبوا، ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة، وأما أهل الحرة وابن الأشعث وابن المهلب وغيرهم فهزموا وهزم أصحابهم، فلا أقاموا ديناً ولا أبقوا دنيا، والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا، وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين ومن أهل الجنة، فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم ي، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال، وهم أعظم قدراً عند الله وأحسن نية من غيرهم، وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق، وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل العلم والدين، والله يغفر لهم كلهم» ().
تفسير سورة الإخلاص - التحذير من التفجير
التأريخ:16/6/1426هـ
المكان:جامع أبي بكر الصديق بالقطيف
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
نقف في هذه الخطبة مع سورة كثيرا ما نكررها في اليوم الواحد، بل من السنةِ أن تقرأ في اليوم الواحد أثنى عشر مرة بعد الفجر والمغرب ثلاث وبعد الظهر والعصر والعشاء مرة وعند النوم ثلاث أيضا، إنها سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، قال الشيخ الطاهر ابن عاشور /: (المشهور في تسميتها في عهد النبي ع وفيما جرى من لفظه وفي أكثر ما روي عن الصحابة تسميتها سورة قل هو الله أحد، وسميت في أكثر المصاحف وفي معظم التفاسير وفي جامع الترمذي سورة الإخلاص واشتهر هذا الاسم لاختصاره وجمعه معاني هذه السورة لأن فيها تعليم الناس إخلاص العبادة لله تعالى، أي سلامة الاعتقاد من الإشراك بالله غيره في الإلهية، وسميت في بعض المصاحف التونسية سورة التوحيد لأنها تشتمل على إثبات أنه تعالى واحد)
عباد الله:
ورد في فضل هذه السورة أحاديث كثيرة سأذكر بعضها
أخرج البخاري قال رسول الله ع لأصحابه: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله. فقال: الله الواحد الصمد ثلث القرآن)
وأخرج مسلم في صحيحه أن النبي ع قال: "احشدوا. فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن"فحشد من حشد. ثم خرج نبي الله ع فقرأ: قل هو الله أحد. ثم دخل. فقال بعضنا لبعض: إني أرى هذا خبر جاءه من السماء. فذاك الذي أدخله. ثم خرج نبي الله ع فقال:"إني قلت لكم: سأقرأ عليكم ثلث القرآن. ألا إنها تعدل ثلث القرآن".
وأخرج ابن ماجه عن عمرو بن ميمون عن مسعود ا قال: قال رسول الله ع: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) وقال بعض أهل العلم: أن معنى تعدل ثلث القرآن أن القرآن الكريم ينقسم إلى التوحيد والشرائع والقصص، وهذه السورة تكلمت على التوحيد بأقسامه الثلاثة.
وأخرج البخاري عائشة ب أن النبي ع بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ع فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي ع: أخبروه أن الله تعالى يحبه)
أما سبب نزول هذه السورة فعن أُبيّ بن كعب أن المشركين قالوا للنبي ع: يا محمد انسب لنا ربك - أي أذكر نسب ربك ـ، فأنزل الله تعالى: (قل هو الله أحد)، وقال ابن كثير /: (قال عكرمة. لما قالت اليهود نحن نعبد عزيراً ابن الله، وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح بن الله، وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر، وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان، أنزل الله على رسوله ع قل هو الله أحد)
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ بدأت السورة بفظة (قل) أي قل يا محمد قل يا رسول الله ولتقل أمتك من بعدك: أن الله واحد لا شريك له. قال ابن كثير: يعني هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله Q لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله.
قال الطاهر ابن عاشور: فيها إثبات وحدانية الله تعالى. وأنه لا يقصد في الحوائج غيره.. وأن الله منفرد بالإلهية لا يشاركه فيها شيء من الموجودات. وهذا إبطال للشرك الذي يدين به أهل الشرك
وهو لفظ أدق من لفظ"واحد".. لأنه يضيف إلى معنى"واحد"أن لا شيء غيره معه. وأن ليس كمثله شيء. وهذه الآية - منهج لعبادة الله وحده..... ومنهج للاتجاه إلى الله وحده في الرغبة والرهبة. في السراء والضراء. في النعماء والبأساء. وإلا فما جدوى التوجه إلى غير موجود وجودا حقيقيا، وإلى غير فاعل في الوجود أصلا؟!
ومنهج للتلقي عن الله وحده. تلقي العقيدة والتصور والقيم والموازين، والشرائع والقوانين والأوضاع والنظم، والآداب والتقاليد. والانحرافات التي أصابت أهل الكتاب من قبل، والتي أفسدت عقائدهم وتصوراتهم وحياتهم، نشأت أول ما نشأت عن انطماس صورة التوحيد الخالص. ثم تبع هذا الانطماس ما تبعه من سائر الانحرافات.
على أن الذي تمتاز به صورة التوحيد في العقيدة الإسلامية هو تعمقها للحياة كلها، وقيام الحياة على أساسها، واتخاذها قاعدة للمنهج العملي الواقعي في الحياة، تبدو آثاره في التشريع كما تبدو في الاعتقاد سواء. وأول هذه الآثار أن تكون شريعة الله وحدها هي التي تحكم الحياة. فإذا تخلفت هذه الآثار فإن عقيدة التوحيد لا تكون قائمة، فإنها لا تقوم إلا ومعها آثارها محققة في كل ركن من أركان الحياة...().
﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾قال عكرمة عن ابن عباس: يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته. وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار
وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه، وقال الحسن أيضاً الصمد الحي القيوم الذي لا زوال له
وقال عكرمة: الصمد الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم، وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب
وقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله بن بريدة وعكرمة أيضاً، و سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي والضحاك والسدي الصمد الذي لا جوف له وقال سفيان عن منصور عن مجاهد الصمد المصمت الذي لا جوف له
وقال عبد الله بن بريدة أيضاً الصمد نور يتلألأ
قال الشيخ البيضاوي /: وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته وتكرير لفظة الله للإشعار بان من لم يتصف به لم يستحق الألوهية
فكل ما سبق من معاني الصمد فهو السيد في كل شيء والذي لا يأكل ولا يشرب ولا يحتاج لشيء مما يحتاجه بنو آدم، وهو الحي الذي لا يموت وهو المصمت الذي لا جوف له لأن المجوف محتاج لما يملأ جوفه والله أعز وأجل من ذلك، فقد جمعت هذه الكلمة كل الصفات الحميدة الجليلة الجميلة.
﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾أي ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة. وفي صحيح البخاري: لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم.
فأبطلت - هذه الآية - عقيدة النصارى بإلهية عيسى × بتوهمهم أنه ابن الله وأن ابن الله لا يكون إلا إلها؛بأن الإله يستحيل أن يكون له ولد فليس عيسى بابن الله، وبأن الإله يستحيل أن يكون مولودا بعد عدم. فالمولود المتفق على أنه مولود يستحيل أن يكون إلها فبطل أن يكون عيسى إلها()وفي هذه الآية رد كذلك على بعض اليهود في زعمهم أن عزير ابن الله كذلك.
﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ قال مجاهد: ولم يكن له كفواً أحد يعني لا صاحبة له وهذا كما قال تعالى: (( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) [الأنعام:101]أي هو مالك كل شيء وخالقه فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه تعالى وتقدس وتنزه، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [الشورى:11]
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي دلنا بالعقل عليه وأمرنا بالتفكر والنظر ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ *بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل:43-44] والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد ص الذي تبرأ من فعل سيف الله المسلول لما أخطأ في قتل معصومي الدم فقال:"اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد" أما بعد:
فيا عباد الله:
تسامع الناس بما حدث في لندن من تفجير، ونحن يجب علينا كمسلمين أن ننطلق من قواعد ديننا وليس من عواطفنا، فالعواطف خداعة مضلّة، لذلك يجب التفريق بين نساء وأطفال اليهود في فلسطين وبين أطفالهم ونسائهم في دولهم فالنساء في فلسطين محتلين غاصبين وحكمهم حكم رجالهم فيجوز تعمد قتلهم فضلا أن أغلبهم مجندات، أما الأطفال فلا يجوز تعمد قتلهم ولكن لو فجر مكان فهم يقتلون تبعا لا استقلالا.
عباد الله:
حذرت أمريكا من أعمال تفجير قد تقع في بلادنا - والعياذ بالله - وهذا قد يدل على أن أعمال التفجير في دول المسلمين هي وفق مخطط يهودي دقيق هدفه إشغال الشباب المسلم بحكومة بلده وإشغال الحكومات بالشباب المسلم، وهذا كله من دسائس اليهود الذين يحسنون التخطيط كما نحسن نحن النوم والغطيط.
ولم نر لها أي فائدة سوى تسلط أهل الكفر الأصليين وأذنابهم من العلمانيين اللبراليين على المسلمين عامة وعلماء بل حتى على شعائر الإسلام، وحسبنا الله عليهم ونعم والوكيل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / معلقاً على حوادث مقاتلة السلاطين: «فإن الله تعالى بعث رسوله ع بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ...، وقلّ من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد عن فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير، وغاية هؤلاء إما أن يُغْلبوا وإما أن يَغْلِبوا، ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة، وأما أهل الحرة وابن الأشعث وابن المهلب وغيرهم فهزموا وهزم أصحابهم، فلا أقاموا ديناً ولا أبقوا دنيا، والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا، وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين ومن أهل الجنة، فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم ي، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال، وهم أعظم قدراً عند الله وأحسن نية من غيرهم، وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق، وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل العلم والدين، والله يغفر لهم كلهم» ().
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى