رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الشمس 3
التأريخ: 16/9/1429هـ
المكان: جامع الإمام مالك بالدمام
الحمد لله جعل لنا في حادثات الليالي والأيام مضماراً للتفكر والاعتبار: ((يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ)) [النور:44] وجعل هذه الحوادث للاعتبار فقال: ((ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ)) [الزمر:16]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يخوف بعظيم آياته، وببعض أمراضه، وقال سبحانه: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً)) [الإسراء:59]وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله كان من دعائه: ((اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك)) ^ تسليماً كثيراً، أما بعد:
فمع الخطبة الثالثة والأخيرة في تفسير سورة الشمس، وقد بلغنا ثناء الله تعالى على من زكى نفسه وأنه المفلح، وحكمه جل وعلا بالخيبة والخسارة على من دسّا نفسه ثم إنه جل وعلا وتقدس ذكر لنا مثلا على هذه التدسية ألا وهم قوم ثمود فقال سبحانه: (( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا )) [الشمس]
عباد الله: لقد زرت ديار ثمود والتي يطلق عليها مدائن صالح؛، فأي شيء رأيت؟؟وأي كارثة حلّت بهؤلاء اللذين لم يزكوا أنفسهم وأرهقوها في دنس المعاصي؟
عباد الله:
الخطبة الثانية:
لقد وقفت على مقابر قبيلة ثمود فرأيت عجبا، فكم كانت مقابرهم جميلة الصنع متقنة النحت وصدق فيها قول الله جل وعلا: ((وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ)) [الشعراء:149] فقد كانوا حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها، والرفاهية التي شاهدتها في قبورهم فكيف بقصورهم التي ما زالت مدفونة؟؟.
وأي أمان كانوا فيه، فمن ذا الذي يقدر على دهمهم وهم يسكنون الجبال، ويتخذون منها قلاع حصينة، وقوة الجبال تشعرك بالأمن وتجعلك تفهم أكثر قول الله جل وعلا: ((وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ)) [الحجر:82] فقد كانوا يشعرون بالأمن لأن الجبال الراسيات كانت بيوتا لهم.
لقد جمع الله تعالى لهم بين الأمن والرفاهية، فلا رفاهية بلا أمن، ولكنهم كفروا بنعمة الله تعالى، فحلت بهم العقوبة كما هي سنة الله تعالى فيمن عصاه وخالف أمره.
عباد الله:
لقد ذكر صالح عليه ÷ قومه بمصير الأمم السالفة التي تضمخت بالذنوب وحاربت ربها بالمعاصي فقال: ((وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)) [الأعراف:74] فذكرهم بمصير قوم عاد ثم بين لهم فضل الله تعالى عليهم، وفي مشهد آخر يقف صالح ÷ مذكرا إياهم ومخوفا مرة بعد مرة (..وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) [هود]
وعلى عادة الملأ العتاة في الكفر بدأت السخرية (قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) والتكذيب: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) [الحجرات]، واتهام أنه من المسحورين ((قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)) [الشعراء].
ومع هذا التكذيب آمنت به طائفة من الضعفاء، وهم السباقون دائما بالإيمان بخلاف أشراف الناس ورؤساؤهم فالرياسة تورث الكِبر.
وفي جولة سخرية واستهزاء طلبوا من صالح؛ آية إن أخرجها لهم آمنوا، وهي ناقة عظيمة ليست كباقي النوق وذكروا لها صفات عجيبة غريبة وتخرج من صخرة معينة، فأخذ عليهم نبيهم العهود والمواثيق إن أخرجها الله لهم أن يؤمنوا ففعلوا ذلك، فقام صالح؛ إلي مصلاه فصلى لله Q ما قدر له، ثم دعا ربه - أن يجيبهم إلي ما طلبوا، فأمر الله Q تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة على الوجه الذي طلبوا، وعلى الصفة التي نعتوا.
فلما عاينوها كذلك رأوا أمر عظيماً ومنظراً هائلاً، وقدرة باهرة، ودليلاً قاطعاً، وبرهانا ساطعاً، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم، وهذه هي عادة الأمم المكذبة يطلبون الآيات والبراهين ثم لا يصدقونها لأنهم طلبوها عنادا وتعنتا فقط، ولذا لم يطلب الصحابة ي آية على صدق رسول الله ص.
وهاهم أولاءِ قوم صالح قد جاءتهم الخارقة التي طلبوا. فما أغنت معهم شيئا! إن الإيمان لا يحتاج إلى الخوارق. إنه دعوة بسيطة تتدبرها القلوب والعقول. ولكن الكبر والعناد والجهل المركب هو التي يطمس على القلوب والعقول!!.وبلغ التعنت والسخرية أن سأل بعضهم بعضا على وجه السخرية عن صدق رسالة صالح؛ وقد رؤوا الآية العظيمة: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)
ومع هذا التكذيب ذكّرهم صالح؛ بحرمة الناقة ولما لها عليهم من الحق، فهي ناقة الله أخرجها من الصخرة آية، فهي ليست كغيرها من النوق، وبين لهم صالح؛ أن من حق الناقة عليهم أن تشرب من البئر يوما لوحدها فقد كانت عظيمة الخلقة، فعليم أن يأخذوا احتياطهم، ولهم أن يشربوا من لبنها ما شاءوا في اليوم الذي تشرب من الماء ((قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ*وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) [الشعراء:156، 155]، ومن حقها كذلك أن تأكل من أي مزرعة كانت فالأرض لله وهي معجزة من عند الله أرسلها الله بطلب منهم: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [الأعراف:73] وفي كل مرة يذكر لهم حرمة الناقة ويخفوهم من الخيانة، فلا أمان لمن لا إيمان له، وكان يخاف على قومه من عذاب الله إن هم آذوا الناقة.((فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا))
فوسوس لهم الشيطان، لماذا الناقة تشرب يوما لوحدها؟ ولماذا تأكل من مزارعكم، وقد آذتكم فاقتلوها!!
فاجتمع كبرائهم، واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة؛ ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم، وسول لهم، وأملى لهم. ((فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا)) ((فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) هكذا بكل بشاعة عقروا ناقة الله
وذكر بعض المفسرين: أن الذي تولى كبر ذلك شابان وسعوا في قومهم بذلك فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة، وهم المذكورون في قوله تعالى:
{وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} (سورة النمل:48)
وسعوا في بقية القبيلة وحسنوا لهم عقرها، فأجابوهم إلي ذلك وطاوعوهم في ذلك، فانطلقوا يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها كمن لها أحدهم فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها، ثم جاء قدار بن سالف وهو سيدهم، فشد عليها بالسيف فخرت ساقطة على الأرض، ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها، ثم طعن في لبتها فنحرها، ولم ينته الأمر عند ذلك بل تعداه للتحدي بالعذاب (وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) وهذه هي عبارة المكذبين المستكبرين عبر العصور فقد قال غيرهم: ((قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)) [الأنفال:32]
هم يعلمون أن صالح رسول الله، ولكنه التعنت والكفر والإلحاد.
وهنا حقت كلمة العذاب، ووجب انتقام الله
قال لهم صالح: ((تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ))
الحمد لله العظيم المجيد العزيز الحكيم والصلاة والسلام على عبده ورسوله ص وبعد:
فيا عباد الله:
بعد أن أوعد صالح ع قومه بالعذاب أردوا أن يقتلوه أيضا إمعانا في الكفر، ولمّا كان ذو حسب ونسب لم يستطيعوا قتله علانية فخافوا من قومه ولم يخشوا الله وقرروا قتله غيلة، فكمنوا له في مكمن، وكانت عين الله ترقبهم فتحركت صخرة فقتلهم فكانوا أول فود قومهم إلى نار جهنم قال تعالى: ((وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)).
أما وصف عذابهم فقد بينه له صالح؛ فقال لهم لكم ثلاثة أيام تصفر وجوهكم ثم تحمر ثم تسود ثم يأتي العذاب.
أما وصف العذاب فقد وصفه الله بـ{عذاب قريب} (سورة هود:64) وفي آية أخرى: {عظيم} (سورة الشعراء:156) وفي الثالثة: {أليم} (سورة الأعراف:73) وهو قد جمع كل هذه الصفات المرعبة، وتخيل قوم صالح وهم ينتظرون العذاب وقد رفعت التوبة عنهم، وانتظار المصائب أليم على النفس، وكان قتل الناقة يوم الأربعاء، فأصبحت ثمود يوم الخميس - وهو اليوم الأول من أيام النظرة - ووجوههم مصفرة، ثم أصبحوا في اليوم الثاني ووجوههم محمرة، ثم أصبحوا في اليوم الثالث ووجوههم مسودة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد مضى الأجل. فلما أصبحوا تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة لا يدرون كيف يفعل بهم ولا من أي جهة تأتيهم العذاب.
فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم، ورجفة شديدة من أسفل منهم، خرجت الأرواح، وزهقت النفوس، وسكنت الحركات، وخشعت الأصوات، وحقت الحقائق، فأصبحوا في دارهم جاثمين، جثثاً لا أرواح فيها ولا حراك بها.
((فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ))
((وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ)) ((فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)).
((فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا)) ونجا الله تعالى صالحا ومن معه من المؤمنين: ((فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)) إنه انتقام الله من أعدائه اللذين دسوا أنفسهم.
عباد الله:
ألا ترون هذا الغبار الذي لازمنا هذه السنة، ألا ترون ارتفاع الأسعار، ألا ترون الأمراض والأسقام غزت كل بيوتنا، ألا ترون الشعوب تقتل من حولنا، بل ألم ترون أبنائنا وهم يقتلوننا ويفجرون في بلادنا، فإما أن نزكي أنفسنا بالتوبة والإنابة أو الأخرى والعياذ بالله ننتظر العذاب الأليم.
تفسير سورة الشمس 3
التأريخ: 16/9/1429هـ
المكان: جامع الإمام مالك بالدمام
الحمد لله جعل لنا في حادثات الليالي والأيام مضماراً للتفكر والاعتبار: ((يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ)) [النور:44] وجعل هذه الحوادث للاعتبار فقال: ((ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ)) [الزمر:16]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يخوف بعظيم آياته، وببعض أمراضه، وقال سبحانه: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً)) [الإسراء:59]وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله كان من دعائه: ((اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك)) ^ تسليماً كثيراً، أما بعد:
فمع الخطبة الثالثة والأخيرة في تفسير سورة الشمس، وقد بلغنا ثناء الله تعالى على من زكى نفسه وأنه المفلح، وحكمه جل وعلا بالخيبة والخسارة على من دسّا نفسه ثم إنه جل وعلا وتقدس ذكر لنا مثلا على هذه التدسية ألا وهم قوم ثمود فقال سبحانه: (( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا )) [الشمس]
عباد الله: لقد زرت ديار ثمود والتي يطلق عليها مدائن صالح؛، فأي شيء رأيت؟؟وأي كارثة حلّت بهؤلاء اللذين لم يزكوا أنفسهم وأرهقوها في دنس المعاصي؟
عباد الله:
الخطبة الثانية:
لقد وقفت على مقابر قبيلة ثمود فرأيت عجبا، فكم كانت مقابرهم جميلة الصنع متقنة النحت وصدق فيها قول الله جل وعلا: ((وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ)) [الشعراء:149] فقد كانوا حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها، والرفاهية التي شاهدتها في قبورهم فكيف بقصورهم التي ما زالت مدفونة؟؟.
وأي أمان كانوا فيه، فمن ذا الذي يقدر على دهمهم وهم يسكنون الجبال، ويتخذون منها قلاع حصينة، وقوة الجبال تشعرك بالأمن وتجعلك تفهم أكثر قول الله جل وعلا: ((وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ)) [الحجر:82] فقد كانوا يشعرون بالأمن لأن الجبال الراسيات كانت بيوتا لهم.
لقد جمع الله تعالى لهم بين الأمن والرفاهية، فلا رفاهية بلا أمن، ولكنهم كفروا بنعمة الله تعالى، فحلت بهم العقوبة كما هي سنة الله تعالى فيمن عصاه وخالف أمره.
عباد الله:
لقد ذكر صالح عليه ÷ قومه بمصير الأمم السالفة التي تضمخت بالذنوب وحاربت ربها بالمعاصي فقال: ((وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)) [الأعراف:74] فذكرهم بمصير قوم عاد ثم بين لهم فضل الله تعالى عليهم، وفي مشهد آخر يقف صالح ÷ مذكرا إياهم ومخوفا مرة بعد مرة (..وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) [هود]
وعلى عادة الملأ العتاة في الكفر بدأت السخرية (قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) والتكذيب: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) [الحجرات]، واتهام أنه من المسحورين ((قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)) [الشعراء].
ومع هذا التكذيب آمنت به طائفة من الضعفاء، وهم السباقون دائما بالإيمان بخلاف أشراف الناس ورؤساؤهم فالرياسة تورث الكِبر.
وفي جولة سخرية واستهزاء طلبوا من صالح؛ آية إن أخرجها لهم آمنوا، وهي ناقة عظيمة ليست كباقي النوق وذكروا لها صفات عجيبة غريبة وتخرج من صخرة معينة، فأخذ عليهم نبيهم العهود والمواثيق إن أخرجها الله لهم أن يؤمنوا ففعلوا ذلك، فقام صالح؛ إلي مصلاه فصلى لله Q ما قدر له، ثم دعا ربه - أن يجيبهم إلي ما طلبوا، فأمر الله Q تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة على الوجه الذي طلبوا، وعلى الصفة التي نعتوا.
فلما عاينوها كذلك رأوا أمر عظيماً ومنظراً هائلاً، وقدرة باهرة، ودليلاً قاطعاً، وبرهانا ساطعاً، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم، وهذه هي عادة الأمم المكذبة يطلبون الآيات والبراهين ثم لا يصدقونها لأنهم طلبوها عنادا وتعنتا فقط، ولذا لم يطلب الصحابة ي آية على صدق رسول الله ص.
وهاهم أولاءِ قوم صالح قد جاءتهم الخارقة التي طلبوا. فما أغنت معهم شيئا! إن الإيمان لا يحتاج إلى الخوارق. إنه دعوة بسيطة تتدبرها القلوب والعقول. ولكن الكبر والعناد والجهل المركب هو التي يطمس على القلوب والعقول!!.وبلغ التعنت والسخرية أن سأل بعضهم بعضا على وجه السخرية عن صدق رسالة صالح؛ وقد رؤوا الآية العظيمة: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)
ومع هذا التكذيب ذكّرهم صالح؛ بحرمة الناقة ولما لها عليهم من الحق، فهي ناقة الله أخرجها من الصخرة آية، فهي ليست كغيرها من النوق، وبين لهم صالح؛ أن من حق الناقة عليهم أن تشرب من البئر يوما لوحدها فقد كانت عظيمة الخلقة، فعليم أن يأخذوا احتياطهم، ولهم أن يشربوا من لبنها ما شاءوا في اليوم الذي تشرب من الماء ((قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ*وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) [الشعراء:156، 155]، ومن حقها كذلك أن تأكل من أي مزرعة كانت فالأرض لله وهي معجزة من عند الله أرسلها الله بطلب منهم: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [الأعراف:73] وفي كل مرة يذكر لهم حرمة الناقة ويخفوهم من الخيانة، فلا أمان لمن لا إيمان له، وكان يخاف على قومه من عذاب الله إن هم آذوا الناقة.((فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا))
فوسوس لهم الشيطان، لماذا الناقة تشرب يوما لوحدها؟ ولماذا تأكل من مزارعكم، وقد آذتكم فاقتلوها!!
فاجتمع كبرائهم، واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة؛ ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم، وسول لهم، وأملى لهم. ((فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا)) ((فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) هكذا بكل بشاعة عقروا ناقة الله
وذكر بعض المفسرين: أن الذي تولى كبر ذلك شابان وسعوا في قومهم بذلك فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة، وهم المذكورون في قوله تعالى:
{وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} (سورة النمل:48)
وسعوا في بقية القبيلة وحسنوا لهم عقرها، فأجابوهم إلي ذلك وطاوعوهم في ذلك، فانطلقوا يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها كمن لها أحدهم فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها، ثم جاء قدار بن سالف وهو سيدهم، فشد عليها بالسيف فخرت ساقطة على الأرض، ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها، ثم طعن في لبتها فنحرها، ولم ينته الأمر عند ذلك بل تعداه للتحدي بالعذاب (وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) وهذه هي عبارة المكذبين المستكبرين عبر العصور فقد قال غيرهم: ((قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)) [الأنفال:32]
هم يعلمون أن صالح رسول الله، ولكنه التعنت والكفر والإلحاد.
وهنا حقت كلمة العذاب، ووجب انتقام الله
قال لهم صالح: ((تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ))
الحمد لله العظيم المجيد العزيز الحكيم والصلاة والسلام على عبده ورسوله ص وبعد:
فيا عباد الله:
بعد أن أوعد صالح ع قومه بالعذاب أردوا أن يقتلوه أيضا إمعانا في الكفر، ولمّا كان ذو حسب ونسب لم يستطيعوا قتله علانية فخافوا من قومه ولم يخشوا الله وقرروا قتله غيلة، فكمنوا له في مكمن، وكانت عين الله ترقبهم فتحركت صخرة فقتلهم فكانوا أول فود قومهم إلى نار جهنم قال تعالى: ((وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)).
أما وصف عذابهم فقد بينه له صالح؛ فقال لهم لكم ثلاثة أيام تصفر وجوهكم ثم تحمر ثم تسود ثم يأتي العذاب.
أما وصف العذاب فقد وصفه الله بـ{عذاب قريب} (سورة هود:64) وفي آية أخرى: {عظيم} (سورة الشعراء:156) وفي الثالثة: {أليم} (سورة الأعراف:73) وهو قد جمع كل هذه الصفات المرعبة، وتخيل قوم صالح وهم ينتظرون العذاب وقد رفعت التوبة عنهم، وانتظار المصائب أليم على النفس، وكان قتل الناقة يوم الأربعاء، فأصبحت ثمود يوم الخميس - وهو اليوم الأول من أيام النظرة - ووجوههم مصفرة، ثم أصبحوا في اليوم الثاني ووجوههم محمرة، ثم أصبحوا في اليوم الثالث ووجوههم مسودة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد مضى الأجل. فلما أصبحوا تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة لا يدرون كيف يفعل بهم ولا من أي جهة تأتيهم العذاب.
فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم، ورجفة شديدة من أسفل منهم، خرجت الأرواح، وزهقت النفوس، وسكنت الحركات، وخشعت الأصوات، وحقت الحقائق، فأصبحوا في دارهم جاثمين، جثثاً لا أرواح فيها ولا حراك بها.
((فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ))
((وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ)) ((فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)).
((فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا)) ونجا الله تعالى صالحا ومن معه من المؤمنين: ((فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)) إنه انتقام الله من أعدائه اللذين دسوا أنفسهم.
عباد الله:
ألا ترون هذا الغبار الذي لازمنا هذه السنة، ألا ترون ارتفاع الأسعار، ألا ترون الأمراض والأسقام غزت كل بيوتنا، ألا ترون الشعوب تقتل من حولنا، بل ألم ترون أبنائنا وهم يقتلوننا ويفجرون في بلادنا، فإما أن نزكي أنفسنا بالتوبة والإنابة أو الأخرى والعياذ بالله ننتظر العذاب الأليم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى