لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

شوقٌ وحنين إلى البلد الأمين   Empty شوقٌ وحنين إلى البلد الأمين {الأحد 21 أغسطس - 19:42}

شوقٌ وحنين إلى البلد الأمين يوم الجمعة: 28/11/1426هـ

مهما يكن من شيء بعد: فإني موصيكم بتقوى الله عز وجل, زاد السائرين في الطريق المستقيم الموصل إلى رضوان رب العالمين, {وَتََوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].
عباد الله: حركت رياح الأشواق عبر التاريخ ملايين البشر من المسافرين والمغامرين يسعون ويحفدون, رجالاً يسعون على أقدامهم، وركوبًا على كل ضامر جهَدَه السير, ممن تقاطروا إلى البلد الحرام مذ أذن فيهم الخليل إبراهيم عليه السلام الأذان الأوَّل بالحج, يؤمون البيت الحرام من أرجاء المعمورة، مختلفة ألوانهم، متباينة لغاتهم, متمايزة ألسنتهم، متباعدة بلدانهم, يفدون إليه ترف القلوب لرؤية البيت العتيق، يألهونه ولوه الحمام، تراهم عقدوا الإحرام ، ملئوا الفضاء بالتلبية والتكبير والإعظام ,جاءوا من سهول طاشقكند في الشرق, وبراري الرأس الأخضر في الغرب, وضفاف نهر الراين في أوربا, وصحراء النيجر في أفريقيا, ومن أعالي جبال كلكتا, وأدغال كينيا, وضفاف سومطرة في المحيط الهادي, كلهم يؤمون البيت الحرام أنساهم الأجر ما أعياهم السفر، لسان حالهم يقول: بعيد على كسلان أو ذي ملالة، فأمَّا على المشتاق فهو قريب, قضى من قضى في الطريق عطشاً, وتاه آخرون في مجاهل الصحراء، وكانوا عرضة لقطاع الطرق, أو صاروا نهبة للوحوش الضارية، وآخرون بلغوا الآمال وتحققت لهم الأمنيات برؤية البيت الحرام, وبلوغ مكة شرفها الله في مواكب مهيبة تجللهم عناية الله, كيف لا وهم وفده اللذين دعاهم فأجابوه, قال الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27] أي: مشاةً وركباناً على كل بعير مهزول أتعبه بعد السفر, قال ابن كثير:"فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن إلى رؤية الكعبة والطواف، فالناس يقصدونها من سائر الجهات والأقطار".
قال ابن القيم:"علقت القلوب على محبة الكعبة البيت الحرام, حتى استطاب المحبون في الوصول إليها هجر الأوطان والأحباب, ولذ لهم فيها السفر الذي هو قطعة من العذاب, فركبوا الأخطار وجابوا المفاوز والقفار, واحتملوا في الوصول غاية المشاق ولو أمكنهم لسعوا إليها على الجفون والأحداق:
نعم أسعى إليك على جفوني وإن بعدت لمسراك الطريق
وسر هذه المحبة هي إضافة الرب سبحانه له إلى نفسه بقوله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}"ا.هـ
لكن سير القلوب أبلغ من سير الأبدان، فكم من واصل إلى البيت ببدنه وقلبه منقطعٌ عن رب البيت، وكم من قاعدٍ على فراشه في بيته وقلبه متصلٌ بالمحل الأعلى, فلينظر كل امرئ ما مدى حبه للبيت وتعلق قلبه برب البيت.
ومن أوائل من استجاب لتلك الدعوة وذلك النداء كليم الله موسى كما في البخاري من حديث ابن عباس أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((فإذا موسى كأني أنظر إليه إذ انحدر في الوادي يلبي))، وعند مسلم وابن ماجه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مر بوادي الأزرق فقال لأصحابه: ((أي واد هذا؟)) قالوا: هذا وادي الأزرق، فقال: ((كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطاً من الثنية وله جؤار إلى الله بالتلبية)), ثم أتى على ثنية هرشى فقال: ((أي ثنية هذه ؟)) قالوا: ثنية هرشى قال: ((كأني أنظر إلى يونس بن متى عليه السلام على ناقة حمراء جعدة ـ يعني مجمعة الخلق شديدة ـ عليه جبة من صوف خطام ناقته خلبة ـ يعني من الليف ـ وهو يلبي)) ولا يزال الأمر على ذلك إلى أن ينزل ابن مريم فينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما كما صح بذلك الخبر عنه صلى الله عليه وسلم فيما روى مسلم وغيره.
ومهما تبارت القرائح وتجارت الأقلام متحدثة عن البيت الحرام, حادية أناشيد عظمته ستظل كأنها لم تبرح مكانها, وكأنها لم تحرك بالقول لسانها, ولا أصدق في بيان فضل البيت الحرام ومكانة مكة من قول رب العالمين: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ} [التين: 1، 2، 3] وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] وقوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26] وقوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127].
مكة البلد الأمين, اصطفاها الله من بين البلاد, وحرّمها يوم خلق السماوات والأرض، فيها أولُّ مسجد وضع في الأرض، بناه الخليل إبراهيم, واستجاب الله دعوته لأهلها بالبركة، أُنزل حجرها الأسود من الجنة فهو من الآيات البينات، وفي مكة خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم, به غسل صدر النبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم حين شق صدره الملائكة.

أنظر بعينك بهجـة الحسنـاء ما بعد هذا منظر للـرائي
فهي التي سلبت فؤاد محبهـا بجمال بهجتها ونور بهـاء
جعل المهيمن كل عام حجهـا فرضاً وهذا صح في الأنباء
بُشراك يا عيني أنظري وتربعي وتلذذي منها بطيب لقـاء
شنف بذكر مطافها ومقامـها أذني فهذا اليوم يوم هنـاء
وحتى يعلم الحل من الحرم, ولا يختلط الفاضل بالمفضول, أرسل الله جبريل يدل على الحدود والخليل إبراهيم يضع الأعلام, فجاء النبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم يجدد تلك الحرمة ويرفع لوائها, فقال صلَّى الله عليه وسلَّم يوم الفتح: ((هذه مكة حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض, لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي, وإنما أحلت لي ساعة من نهار, وهي من ساعتي هذه حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد)) فقام العباس وكان رجلا محرما فقال: إلا الأذخر فإنه لبيوتنا وقبورنا قال صلَّى الله عليه وسلَّم :((إلا الأذخر)), فكان يوم الفتح يوم تعظيم لمكة, وتأكيد للحرمة, وبيان للفضل والمكانة.
إنها بكة تبك أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها, ما قصدها عظيم بسوء إلا أهلكه الله، واستنطق القرآن ينبيك عن خبر أبرهة وجيشه مع الطير الأبابيل, {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [سورة الفيل], ومن قبل أبرهة لما وليت خزاعة أمر البيت وأحدثوا فيها بجلب الأصنام على يد عمرو بن لحى الخزاعي وأفسدوا السيرة بضرب المكوس وأخذ الرسوم وأكل أموال الناس بالباطل ظلماً, سلط الله عليهم قصي بن كلاب فأخرجهم منها أذلة صاغرين, وتلك سنة الله في كل ظالم: {وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 83] فهذا بيت الله العتيق أعتقه الله من كل ظالم غشوم, {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25] قال ابن كثير: أي: يَهُمّ فيه بأمر فظيع من المعاصي الكبار... وهذا من خصوصية الحرم أنه يعاقَب البادي فيه الشر، إذا كان عازما عليه، وإن لم يوقعه", قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري: ((أبغض الناس إلى الله ثلاثة - وذكر منهم - ملحد في الحرم))، قال الحافظ في الفتح: "وظاهر سياق الحديث أن فعل الصغيرة في الحرم أشد من فعل الكبيرة في غيره".
قال عمرو بن شبة: "كنت بمكة بين الصفا والمروة فرأيت رجلاً راكباً على بغلة وبين يديه غلمان يطوفون ويعنِّفُون الناس، قال: ثم بعد حين دخلت بغداد فكنت على الجسر فإذا برجل حافٍ حاسر الرأس طويل الشعر, قال: فجعلت أنظر إليه وأتأمَّل فقال: مالك تنظر إلىَّ؟ فقلت: شبهتك برجل رأيته بمكة راكباً على بغلة بين يديه غلمان يطوفون ويعنفون الناس, قال: أنا ذاك الرجل, فقلت: ما فعل الله بك؟, قال: إني ترفعت في موضع يتواضع فيه الناس, فوضعني الله تعالى في موضع يترفع الناس فيه".
قال أبو علي الرقاق:"ترك الأدب يوجب الطرد فمن أساء الأدب على البساط رد إلى الباب, ومن أساء الأدب على الباب رد إلى سياسة الدواب"، فمعصية الله فاحشة أينما وقعت، وأما في بلد الله وفي فناء بيته ومحل اختصاصه فإنها أقبح, ومع العلم والمعرفة تتضاعف العقوبة, فليس عقاب من يعلم كعقاب من لا يعلم.
إن مكة أحب البلاد إلى الله تعالى فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما أطيبك من بلد، وأحبك إلىّ، ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك)) رواه الترمذي وابن حبان والطبراني في الكبير قال الحاكم: صحيح الإسناد وصححه الألباني، وعن عبد الله بن عدي بن حمراء قال: رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم واقفاً على الحَزَوَّرَةِ فقال: ((إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أُخرجت منك ما خرجت)).
قالت عائشة رضي الله عنها: لولا الهجرة لسكنت مكة, إني لم أر السماء بمكان أقرب إلى الأرض منها بمكة، ولم يطمئن قلبي ببلد قط ما اطمأن بمكة، ولم أر القمر بمكان قط أحسن منه بمكة.
قال ابن عباس:"أقم بمكة وإن أكلت بها العضاه"، يعني السّمُر، ومع هذا فإن بن عباس خرج في آخر عمره إلى الطائف وقال:"إني لي بقايا حسنات أخاف أن تذهبها حرمة هذه البنية" وقال:"لأن أذنب خمسين ذنباً بركبة - وهو موضع قريب من الطائف- أحب إليَّ من أن أذنب ذنباً واحداً بمكة, وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان له فسطاطان أحدهما في الحل والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحل، فسئل عن ذلك فقال: كنا نحدث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل كلا والله، وبلى والله.
شرف هذه البقاع الطاهرة ليس بالذي يستوعب, وحسب المحب الواله الإلماع دون الإشباع, والإشارة حين لا تسعف العبارة, وحسبنا في بيان الفضل والفضيلة قول رب العالمين وأصدق القائلين في كتابه الحكيم: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ % فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} [آل عمران: 96، 97].

كتبه: بلال بن عبد الصابر قديري

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى