رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الحمد لله، تفرّد عزًا
وكمالاً ، واختص بهاءً وجمالاً وجلالاً ، وأسأله صلاح الشأن كله حالاً
ومآلاً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدس وتعالى ، أمرنا
بعبادته وطاعته غدوًا وآصالاً ، وحذرنا مغبة التفريط لهواً وإغفالاً ،
ولعباً وآمالاً ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله ، أزكى الورى
خصالاً ، وأسنى البرية خلالاً ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين
تفيؤوا
من المجد ظلالاً ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم
تسليما
كثيرًا جزيلاً . . . أمّا بعد :
فاتقوا الله معاشر المسلمين ، وتمسكوا بحبل الله المتين ، وكتابه المبين ،
وسنة نبيه الأمين ، فالتقوى زاد المؤمنين ، ولباس المحسنين ، ودأب
المتوكلين ، قال رب العالمين : { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ
التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ } ، فاتقوا الله أيها
الأحباب ، واخشوا يوم الحساب ، فهناك الثواب والعقاب .
عباد الله : جار يوجه ابن جاره توجيهاً وإرشاداً ، مواجهة استهتار
واستكباراً ، فما تظنون ولي الأمر فعل ، أو ما عساه عمل ، أتظنونه جاء
شاكراً امتناناً ، أم أتى إحساناً وعرفاناً ، كلا ، لا هذا ولا ذاك ، بل
جمع أبناءه وجلس على عتبة باب جاره ينتظر خروجه ، لأخذ الثأر والانتقام ،
دون استعلام أو استفهام ، حشد العصي والأخشاب ، وقد خسر من فعل ذلك وخاب ،
ولولا رحمة الباري ، لسالت الدماء الزواكي ، وذرفت عيون البواكي ، ولكن
الله سلم ، فاللهم سلم سلم ، إنه الجهل وضمور التفكير ، وسيء القصد
والتدبير ، آباءٌ قساة ، ظلمة عصاة ، سوء في التربية ، وقصور في التعليم
والتنشئة ، فتن وبلايا ، ومحن ورزايا ، منيت بها أمة محمد صلى الله عليه
وسلم ، ليس لها من دون الله كاشفة .
عباد الله : ألا وإن من آثار سوء التربية ، وتبعات انفلات القيادة
الأبوية
، عبث بالطرقات ، وتدمير لكثير من المقدرات ، واعتداءات واضحة ، وجرائم
فاضحة ، بصور مريعة ، وطرق فظيعة ، لعب بالسيارات ، سفه وتفحيط ، وتخريب
وسوء تخطيط ، يقوده شباب غافلون أشقياء ، أدى إلى إزهاق أرواح كثير من
الأبرياء ، انظروا إلى أعمدة الإنارة عبر الشوارع ، والحدائق في الأحياء ،
وثالثة الأثافي ذلكم التمرد البواح ، والتعدي الوضاح ، الذي يفعله بعض
شباب
الأمة ، متبرئين من دينهم ، مقتفين أثر عدوهم ، لو دخلوا جحر ضب لدخلوه ،
يتبعونهم حذو القذة بالقذة ، سلاسل وخواتم وقبعات ، ودخان ومفترات ،
ومسكرات ومخدرات ، ألسنة بذيئة ، وأفعال محرمة جريئة ، فقولوا لي بربكم
أي
جرم هذا ، وأي إفساد في الأرض ذاك ؟ فأين المسؤولية والمسؤولين ، وأين
التربية والمربين ، اللهم إنا نبرأ إليك مما آل إليه حال كثير من الآباء ،
لا تربية ولا تعليم ، بل انفلات وتهييم ، أين الدين ومنهياته ، والشرع
وتحذيراته ؟ فحسبنا الله الواحد الماجد ، على ما نرى ونشاهد ، ورحماك
ربنا
رحماك .
إخوة العقيدة والدين : فشوا الجريمة ، وظهور الفاحشة ، واستخدام الأعيرة
النارية ، والقتل والإصابات ، والتلاسنٌ والمضاربات ، والولوغ في الفواحش
والمنكرات ، واقتراف الكبائر ، كل هذه الجرائم ، وتلكم العظائم ، والموج
المتلاطم ، تجعل الغيور في بحرها هائم ، والعاقل تائه ، فأين الإسلام يا
أمة الإسلام ، أين الإيمان يا أهل الإيمان ؟ هذا غيض من فيض ، مما تبثه
وسائل الإعلام ، عن تغريب الإسلام ، وقتله في نفوس أبنائه ، أخبار تشيب
لها
رؤوس الولدان ، ويتفطر منها الجنان ، وتتهدم لها الأركان ، ويسقط من
هولها
الكيان ، أعمال هوجاء ، وأفعال غوغاء ، أسهمت في وجود منغصات للحياة
ومثبطات ، تنتزع الأفراح ، وترسم الأتراح ؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم .
أيها الأخوة في الله : إن قضية تربية الأبناء ، قضية مقلقة بصدق وجلاء ،
فإن لم يقم كل ولي بالاضطلاع بمسؤولياته ، والقيام بمهماته ، وإلا فإن
الأمة ستنجر إلى مستنقعات الرذيلة وإليه تساق ، وتبحر في أوحال المهالك
والانزلاق ، وتهوي إلى منحدرات الأخلاق ، فالأمر يستدعي العرض والشرح ،
بشيء من التوضيح والطرح ، عسانا أن نكون من المستمعين المجيبين ،
والناجين
المهتدين ، فموضوع تربية الناشئة ، هو لب الموضوعات ، وأساس المهمات ، إن
لم تتكاتف الجهود وتتحالف ، ولأجله تتحد الآراء وتتآلف ، وإلا وصلنا إلى
طرق مسدودة ، وأبواب موصودة ، فتعالوا بنا نحدد الداء ، لنصف الدواء ،
لعلنا في هذا السِّياق ، نصل إلى حل ووفاق ، بالحجة والبيان ، والدليل
والبرهان ، لعل الشاردين من قومنا يعودون ، والتائهين يقبلون .
عباد الله : هناك آباء قتلة ، أولياء ظلمة ، لم يقتلوا أولادهم بإراقة
دمائهم ، أو التقصير في توفير سبل العيش لهم ، بل على النقيض من ذلك ،
وفروا لهم أسباب الحياة ، وأغدقوا عليهم الأموال ، وألبسوهم صنوف اللباس ،
ووفروا لهم أنواع الشراب والطعام ، ولكنهم قتلوهم ، بقتل الحياء في
قلوبهم
، واغتيال الغيرة في نفوسهم ، ورأس ذلك كله ، عندما وأدوا الدين في
صدورهم
، وأزالوه من عقولهم ، وغربوا هواياتهم ، وانتزعوا شخصياتهم ، نعم عباد
الله ، آباء قتلة ، آباء ظلمة ، تركوا الزمام ، وفقدوا الخطام ، امتلأت
جفونهم نوماً ، وقلوبهم استقراراً ، وواعجباً لهم ، كيف يهنئون بالنوم
والراحة ، وزوجاتهم خارج المنازل ، وأبناؤهم طالع ونازل ، وبناتهم مع
السائق تارة ، وفي الأسواق أخرى ، والأبناء إلى منتصف الليالي يسهرون ،
وإلى بزوغ الفجر يسمرون ، وإذا أذن المؤذن هاموا ، وعن الصلاة ناموا ،
فأين
المسؤولية يارعاكم الله ، أنشدكم الله أيها الأخوة في الله ، أهذه هي
التربية الدينية ، والتنشئة النبوية ، أهكذا أمر الإسلام بأداء الأمانة ،
أم أن هذا هو الغدر والخيانة ؟ ألم يقرأ أولئك الآباء ، قول عظيم الآلاء :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ
وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } ، ألم يسمعوا قول
فاطر الأرض والسماء : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا
مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ، فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات ،
واعملوا الصالحات ، وارعوا الأبناء والبنات ، لتنجوا من العقوبات
والتبعات
، قال رب البريات : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ } .
أيها الآباء والأولياء : أنصحتم لأبنائكم وبناتكم ، أجهدتم في توجيه
زوجاتكم ، أم زاغت أبصاركم ، وعميت قلوبكم ، وشغلتكم أعمالكم وأموالكم ،
فإن لم تنصحوا وتجهدوا ، وتوجهوا وترشدوا ، فأنذركم هذا الحديث ، عَنْ
مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ
اللَّهُ رَعِيَّةً ، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ ، إِلاَّ لَمْ يَجِدْ
رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " [ رواه البخاري ومسلم ] ، ألا فاعلموا عباد الله
أن
ترك الأهل والأولاد يسرحون ويمرحون ، دون رقابة أو محاسبة ، لهو الغش
برمته
، والظلم بحقيقته ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم قال : " إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا
اسْتَرْعَاهُ
، أحَفِظَ ذَلِكَ أمْ ضَيَّعَهُ ، حَتَّى يُسَألَ الرَّجُلُ عَنْ أهْلِ
بَيْتِهِ " [ رواه ابن حبان وحسنه الألباني في صحيح الجامع ] ، ألا ما
أحوج
الأمة اليوم إلى تربية سليمة ، وتنشئة صحيحة ، تستمد تعاليمها من كتاب
الله
عز وجل ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، مستفيدة من حياة الصالح من سلف
الأمة ، فاحذروا رحمكم الله ، أن تغشوا أو تخونوا ، بل أصلحوا وبينوا ،
قبل
ألا يكون خلاص ، بل عقاب ما عنه مناص ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً
لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا
فَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ } ، اللهم أصلح نياتنا وأولادنا ، وأزواجنا وذرياتنا ، واجعلنا
للمتقين إماماً ، ووف لنا العطاء تماماً ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله
العظيم الجليل لي ولكم ولكافّة المسلمين من كلّ ذنب ، فاستغفروه وتوبوا
إليه ، إنّه كان للأوّابين غفورًا .
الحمدُ لله ، أوجدنا من العدَم ، وربَّانا بالنِّعم ، وجعل الوحيَ لنا
نورًا نهتدي به في حالِكِ الظُلَمَ ، وأشهد أن لا إلهَ إلا وحده لا شريكَ
له ، قد أفلح من بحبلِه اعتَصَم ، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله ، صلى
الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، ومن سارَ على نهجه الأقوَم . . . أمّا
بعد
:
فيا أيها المسلمون : إنَّ مهمّةَ تربيةِ الأولاد مهمّةٌ عظيمة ، لاسيما
في
هذا الزّمنِ الذي تَلاطمَت فيه أمواجُ الفتن ، واشتدَّت فيه غربةُ الدين ،
وكثُرت فيه دواعي الفساد ، فزاد سعارها ، واشتد أوارها ، حتى صار
المربِّي
مع أولاده ، كراعِي الغَنَم في أرضِ السّباع الضارية ، إن غفَل عنها
أكلَتها الذئاب ، فيا عباد الله ، هل أدّى الأمانة من أيقظَ ابنَه
للمدرسة
، وأهملَه في صلاة الفجر والعصر ؟ وهل رعى المسؤوليّةَ من جلب
الفضائيّاتِ
والمفسِدات لبيتِه ، في تناقضٍ صريح مع مقوّمات التربية التي تجاهِد
المدرسةُ والمسجد في إرسائِها وبنائها ؟ ألا فاعلموا أن التربيةُ اليومَ
لم
تعد مقتصرةً على مقاعدِ الدراسة ، فمع التطوّر الهائل ، والتقدم المائل ،
والانفتاحِ المذهِل ، لوسائل الإعلام والاتّصال ، أصبحنا في وقتٍ ينازعنا
غيرُنا في تربية أجيالنا ، لاسيما إذا كان واقعُ هذه الوسائل والفضائيُّ
منها خاصّة ، إثمُه أكبر من نفعه ، وجرمه أعظم من خيره ، وهدمُه للقِيَم
والعقائد ظاهرٌ لكلِّ ناظر ، تبذَل الطاقاتُ والإمكانات ، وتصرَف الجهود
والأموال للتربية والتعليم ، بينما الفضائياتُ تهدِم وتفسِد وتفتِك ،
وكأنّها في حربٍ مع الدّين والقِيَم ، ليُستَنبَتَ جيلٌ في هذه
المستنقعاتِ
القذرة ، أفلا يستدعي ذلك وقفةً من أصحابِ القرار ، وحرّاس الفضيلة ،
والمعنيِّين بالتربيةِ ، لأجل حمايةِ المجتمع المسلم ، ممن يشيع الفاحشة
بين أفراده ، مما يؤذن بدق ناقوس الخطر ، وتفاقم الشرر ، ووجود الضرر ،
ولا
أدل على ذلكم ، هذا المضحك من القصات ، والمبكي من الرقصات ، والفاضح من
الموضات ، التي شرب من كأسها المسف ، زخم كثير من الشباب والشابات ،
والنساء الفاتنات ، ألا ترون التبرج السافر ، والبرقع الساحر ، واللبس
الحاسر ، من أين أتى بهذه الخزعبلات أبناؤنا وبناتنا ؟ فويل لمن أتى بهذه
التقليعات ، وويل لمن عملها واتبع هواها ، وقد قال الله تعالى متوعداً
إياهم : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } .
عباد الله : وبعد تشخيصِ الدّاء ، فإنّ وصفةَ الدواء ، للجنوح الشبابيّ
الفكريّ ، والاجتماعيّ والأخلاقيّ ، تكون في ظلّ الدّعوة السلفيّة
المعتدِلة ، والعِبء في ذلك يقع على عاتق العلماء والدّعاة ، ورجال
التّربية والإعلام ، وحملةِ الفكر والأقلام ، وفي طليعة أولئكم يقع العبء
الأكبر ، والثقل الأكثر ، على الآباء والأمهات ، لانتشال الجيل من شبح
التفسّخ والضّياع ، وإبعادهم عن السقوط في سراديب الأفكار النتنة ،
ولوثات
العقل السخيفة ، وإحباطًا لخُطَط الخصوم الذين يسعون لتحقيق مآربهم
المشبوهة ، عبر الأبناء والبنات ، وبالتّوجيه الرحيم الرفيق ، والتّرشيد
اللطيف الرّقيق ، وتلاحُم أفرادِ الأسرة والمجتمع مع أبنائهم ، وفتح
أبواب
الحوار الهادئ الهادِف معهم ، وتهيئة الفُرَص الوظيفيّة لهم ، حمايةً مِن
الفراغ القتال ، والوقت البطال ، وحفظاً لهم من البطالة ، ومع تعاونِ
الجهات المسؤولة ، واضطلاع وسائلِ الإعلام والقنوات الفضائيّة والشبكات
المعلوماتيّة بدورها التربويّ ، مع تظافر تلك الجهود جميعاً ، سنحصد بحول
الله وقوته ، ما يصبوا إليه المجتمع من آمن واستقرارٍ ، ونماء وازدهار ،
ووجود أولاد أبرار ، فاللهَ اللهَ في تحصين الجيل واحتضان النشء وحِراسة
الشباب من المؤثِّرات العقديّة ، واللوثات الفكريّة ، والتجاوزات
السلوكية
، الناتجة عن مشاهدة الهابط من الأفلام والمسلسلات ، والسيئ من البرامج
والأغنيات ، ألا فاحذروا الفضائيات ، فهي أصل كل شر وبلية ، ومنبع كل
مصيبة
ورزية ، والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين .
عباد الله : علموا أبناءكم الحِفاظ على دينهم ، وصيانةِ عقيدتهم ،
وسلامةِ
أخلاقهم ، وتعميق مفاهيمَ الولاء لدينهم ، والتّلاحم مع ولاتِهم
وعلمائِهم
، بكلّ منطِق وموضوعيّة ، ووضوحٍ وشفافيّة ، واحرصوا كل الحرص على
إلحاقهم
بحلقات تحفيظ الكتاب والسنة ، وتعليم العلم الشرعي النافع ، فبعون الله
المنان ، سنصل بهم إلى بر الأمان ، ورسوخ الإيمان ، وحينئذ سيسعَد الشباب
ويُسعِدون ، ويصلُحون ويصلِحون ، وهو من أعظم ما تتمنون ، هذا وصلوا
وسلموا
على رسول الهدى ، ومصباح الدجى ، محمد خير الورى ، فقد أمركم الله بذلك
في
كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، فقال قولاً كريماً : { إِنَّ ٱللَّهَ
وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً } ، اللهمّ صلِّ
وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولك محمّد صاحبِ الحوض المورودِ ، واللّواء
المعقود ، وأورِدنا حوضَه ، واحشرنا تحت لِوائه ، وارضَ اللهم عن الخلفاء
الراشدين ، الأربعة المهديين ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أجمعين ، وعن
سائر
الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام
والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد
آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم ادفع عنا الغلا والوباء ،
والزنا والربا ، وسوء الفتن والمحن ، ما ظهر منها وما بطن ، اللهم آمنا
في
أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم أيد بالحق إمامنا وولي
أمرنا
، اللهم ارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا ب العالمين ، اللهم انصر
إخواننا
المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم كن لهم مؤيداً ونصيراً ، ومعيناً
وظهيراً ، اللهم عليك بأعدائك في كل مكان وزمان ، فإنهم لا يعجزونك ،
اللهم
ارفع عنهم يدك وعافيتك ، يا قوي يا عزيز ، اللهم إنا نسألك الجنة ، ونعوذ
بك من النار ، يا عزيز يا غفار ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة
حسنة ، وقنا عذاب النار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على
المرسلين ، والحمد لله رب العالمين
وكمالاً ، واختص بهاءً وجمالاً وجلالاً ، وأسأله صلاح الشأن كله حالاً
ومآلاً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدس وتعالى ، أمرنا
بعبادته وطاعته غدوًا وآصالاً ، وحذرنا مغبة التفريط لهواً وإغفالاً ،
ولعباً وآمالاً ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله ، أزكى الورى
خصالاً ، وأسنى البرية خلالاً ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين
تفيؤوا
من المجد ظلالاً ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم
تسليما
كثيرًا جزيلاً . . . أمّا بعد :
فاتقوا الله معاشر المسلمين ، وتمسكوا بحبل الله المتين ، وكتابه المبين ،
وسنة نبيه الأمين ، فالتقوى زاد المؤمنين ، ولباس المحسنين ، ودأب
المتوكلين ، قال رب العالمين : { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ
التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ } ، فاتقوا الله أيها
الأحباب ، واخشوا يوم الحساب ، فهناك الثواب والعقاب .
عباد الله : جار يوجه ابن جاره توجيهاً وإرشاداً ، مواجهة استهتار
واستكباراً ، فما تظنون ولي الأمر فعل ، أو ما عساه عمل ، أتظنونه جاء
شاكراً امتناناً ، أم أتى إحساناً وعرفاناً ، كلا ، لا هذا ولا ذاك ، بل
جمع أبناءه وجلس على عتبة باب جاره ينتظر خروجه ، لأخذ الثأر والانتقام ،
دون استعلام أو استفهام ، حشد العصي والأخشاب ، وقد خسر من فعل ذلك وخاب ،
ولولا رحمة الباري ، لسالت الدماء الزواكي ، وذرفت عيون البواكي ، ولكن
الله سلم ، فاللهم سلم سلم ، إنه الجهل وضمور التفكير ، وسيء القصد
والتدبير ، آباءٌ قساة ، ظلمة عصاة ، سوء في التربية ، وقصور في التعليم
والتنشئة ، فتن وبلايا ، ومحن ورزايا ، منيت بها أمة محمد صلى الله عليه
وسلم ، ليس لها من دون الله كاشفة .
عباد الله : ألا وإن من آثار سوء التربية ، وتبعات انفلات القيادة
الأبوية
، عبث بالطرقات ، وتدمير لكثير من المقدرات ، واعتداءات واضحة ، وجرائم
فاضحة ، بصور مريعة ، وطرق فظيعة ، لعب بالسيارات ، سفه وتفحيط ، وتخريب
وسوء تخطيط ، يقوده شباب غافلون أشقياء ، أدى إلى إزهاق أرواح كثير من
الأبرياء ، انظروا إلى أعمدة الإنارة عبر الشوارع ، والحدائق في الأحياء ،
وثالثة الأثافي ذلكم التمرد البواح ، والتعدي الوضاح ، الذي يفعله بعض
شباب
الأمة ، متبرئين من دينهم ، مقتفين أثر عدوهم ، لو دخلوا جحر ضب لدخلوه ،
يتبعونهم حذو القذة بالقذة ، سلاسل وخواتم وقبعات ، ودخان ومفترات ،
ومسكرات ومخدرات ، ألسنة بذيئة ، وأفعال محرمة جريئة ، فقولوا لي بربكم
أي
جرم هذا ، وأي إفساد في الأرض ذاك ؟ فأين المسؤولية والمسؤولين ، وأين
التربية والمربين ، اللهم إنا نبرأ إليك مما آل إليه حال كثير من الآباء ،
لا تربية ولا تعليم ، بل انفلات وتهييم ، أين الدين ومنهياته ، والشرع
وتحذيراته ؟ فحسبنا الله الواحد الماجد ، على ما نرى ونشاهد ، ورحماك
ربنا
رحماك .
إخوة العقيدة والدين : فشوا الجريمة ، وظهور الفاحشة ، واستخدام الأعيرة
النارية ، والقتل والإصابات ، والتلاسنٌ والمضاربات ، والولوغ في الفواحش
والمنكرات ، واقتراف الكبائر ، كل هذه الجرائم ، وتلكم العظائم ، والموج
المتلاطم ، تجعل الغيور في بحرها هائم ، والعاقل تائه ، فأين الإسلام يا
أمة الإسلام ، أين الإيمان يا أهل الإيمان ؟ هذا غيض من فيض ، مما تبثه
وسائل الإعلام ، عن تغريب الإسلام ، وقتله في نفوس أبنائه ، أخبار تشيب
لها
رؤوس الولدان ، ويتفطر منها الجنان ، وتتهدم لها الأركان ، ويسقط من
هولها
الكيان ، أعمال هوجاء ، وأفعال غوغاء ، أسهمت في وجود منغصات للحياة
ومثبطات ، تنتزع الأفراح ، وترسم الأتراح ؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم .
أيها الأخوة في الله : إن قضية تربية الأبناء ، قضية مقلقة بصدق وجلاء ،
فإن لم يقم كل ولي بالاضطلاع بمسؤولياته ، والقيام بمهماته ، وإلا فإن
الأمة ستنجر إلى مستنقعات الرذيلة وإليه تساق ، وتبحر في أوحال المهالك
والانزلاق ، وتهوي إلى منحدرات الأخلاق ، فالأمر يستدعي العرض والشرح ،
بشيء من التوضيح والطرح ، عسانا أن نكون من المستمعين المجيبين ،
والناجين
المهتدين ، فموضوع تربية الناشئة ، هو لب الموضوعات ، وأساس المهمات ، إن
لم تتكاتف الجهود وتتحالف ، ولأجله تتحد الآراء وتتآلف ، وإلا وصلنا إلى
طرق مسدودة ، وأبواب موصودة ، فتعالوا بنا نحدد الداء ، لنصف الدواء ،
لعلنا في هذا السِّياق ، نصل إلى حل ووفاق ، بالحجة والبيان ، والدليل
والبرهان ، لعل الشاردين من قومنا يعودون ، والتائهين يقبلون .
عباد الله : هناك آباء قتلة ، أولياء ظلمة ، لم يقتلوا أولادهم بإراقة
دمائهم ، أو التقصير في توفير سبل العيش لهم ، بل على النقيض من ذلك ،
وفروا لهم أسباب الحياة ، وأغدقوا عليهم الأموال ، وألبسوهم صنوف اللباس ،
ووفروا لهم أنواع الشراب والطعام ، ولكنهم قتلوهم ، بقتل الحياء في
قلوبهم
، واغتيال الغيرة في نفوسهم ، ورأس ذلك كله ، عندما وأدوا الدين في
صدورهم
، وأزالوه من عقولهم ، وغربوا هواياتهم ، وانتزعوا شخصياتهم ، نعم عباد
الله ، آباء قتلة ، آباء ظلمة ، تركوا الزمام ، وفقدوا الخطام ، امتلأت
جفونهم نوماً ، وقلوبهم استقراراً ، وواعجباً لهم ، كيف يهنئون بالنوم
والراحة ، وزوجاتهم خارج المنازل ، وأبناؤهم طالع ونازل ، وبناتهم مع
السائق تارة ، وفي الأسواق أخرى ، والأبناء إلى منتصف الليالي يسهرون ،
وإلى بزوغ الفجر يسمرون ، وإذا أذن المؤذن هاموا ، وعن الصلاة ناموا ،
فأين
المسؤولية يارعاكم الله ، أنشدكم الله أيها الأخوة في الله ، أهذه هي
التربية الدينية ، والتنشئة النبوية ، أهكذا أمر الإسلام بأداء الأمانة ،
أم أن هذا هو الغدر والخيانة ؟ ألم يقرأ أولئك الآباء ، قول عظيم الآلاء :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ
وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } ، ألم يسمعوا قول
فاطر الأرض والسماء : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا
مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ، فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات ،
واعملوا الصالحات ، وارعوا الأبناء والبنات ، لتنجوا من العقوبات
والتبعات
، قال رب البريات : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ } .
أيها الآباء والأولياء : أنصحتم لأبنائكم وبناتكم ، أجهدتم في توجيه
زوجاتكم ، أم زاغت أبصاركم ، وعميت قلوبكم ، وشغلتكم أعمالكم وأموالكم ،
فإن لم تنصحوا وتجهدوا ، وتوجهوا وترشدوا ، فأنذركم هذا الحديث ، عَنْ
مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ
اللَّهُ رَعِيَّةً ، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ ، إِلاَّ لَمْ يَجِدْ
رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " [ رواه البخاري ومسلم ] ، ألا فاعلموا عباد الله
أن
ترك الأهل والأولاد يسرحون ويمرحون ، دون رقابة أو محاسبة ، لهو الغش
برمته
، والظلم بحقيقته ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم قال : " إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا
اسْتَرْعَاهُ
، أحَفِظَ ذَلِكَ أمْ ضَيَّعَهُ ، حَتَّى يُسَألَ الرَّجُلُ عَنْ أهْلِ
بَيْتِهِ " [ رواه ابن حبان وحسنه الألباني في صحيح الجامع ] ، ألا ما
أحوج
الأمة اليوم إلى تربية سليمة ، وتنشئة صحيحة ، تستمد تعاليمها من كتاب
الله
عز وجل ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، مستفيدة من حياة الصالح من سلف
الأمة ، فاحذروا رحمكم الله ، أن تغشوا أو تخونوا ، بل أصلحوا وبينوا ،
قبل
ألا يكون خلاص ، بل عقاب ما عنه مناص ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً
لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا
فَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ } ، اللهم أصلح نياتنا وأولادنا ، وأزواجنا وذرياتنا ، واجعلنا
للمتقين إماماً ، ووف لنا العطاء تماماً ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله
العظيم الجليل لي ولكم ولكافّة المسلمين من كلّ ذنب ، فاستغفروه وتوبوا
إليه ، إنّه كان للأوّابين غفورًا .
الحمدُ لله ، أوجدنا من العدَم ، وربَّانا بالنِّعم ، وجعل الوحيَ لنا
نورًا نهتدي به في حالِكِ الظُلَمَ ، وأشهد أن لا إلهَ إلا وحده لا شريكَ
له ، قد أفلح من بحبلِه اعتَصَم ، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله ، صلى
الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، ومن سارَ على نهجه الأقوَم . . . أمّا
بعد
:
فيا أيها المسلمون : إنَّ مهمّةَ تربيةِ الأولاد مهمّةٌ عظيمة ، لاسيما
في
هذا الزّمنِ الذي تَلاطمَت فيه أمواجُ الفتن ، واشتدَّت فيه غربةُ الدين ،
وكثُرت فيه دواعي الفساد ، فزاد سعارها ، واشتد أوارها ، حتى صار
المربِّي
مع أولاده ، كراعِي الغَنَم في أرضِ السّباع الضارية ، إن غفَل عنها
أكلَتها الذئاب ، فيا عباد الله ، هل أدّى الأمانة من أيقظَ ابنَه
للمدرسة
، وأهملَه في صلاة الفجر والعصر ؟ وهل رعى المسؤوليّةَ من جلب
الفضائيّاتِ
والمفسِدات لبيتِه ، في تناقضٍ صريح مع مقوّمات التربية التي تجاهِد
المدرسةُ والمسجد في إرسائِها وبنائها ؟ ألا فاعلموا أن التربيةُ اليومَ
لم
تعد مقتصرةً على مقاعدِ الدراسة ، فمع التطوّر الهائل ، والتقدم المائل ،
والانفتاحِ المذهِل ، لوسائل الإعلام والاتّصال ، أصبحنا في وقتٍ ينازعنا
غيرُنا في تربية أجيالنا ، لاسيما إذا كان واقعُ هذه الوسائل والفضائيُّ
منها خاصّة ، إثمُه أكبر من نفعه ، وجرمه أعظم من خيره ، وهدمُه للقِيَم
والعقائد ظاهرٌ لكلِّ ناظر ، تبذَل الطاقاتُ والإمكانات ، وتصرَف الجهود
والأموال للتربية والتعليم ، بينما الفضائياتُ تهدِم وتفسِد وتفتِك ،
وكأنّها في حربٍ مع الدّين والقِيَم ، ليُستَنبَتَ جيلٌ في هذه
المستنقعاتِ
القذرة ، أفلا يستدعي ذلك وقفةً من أصحابِ القرار ، وحرّاس الفضيلة ،
والمعنيِّين بالتربيةِ ، لأجل حمايةِ المجتمع المسلم ، ممن يشيع الفاحشة
بين أفراده ، مما يؤذن بدق ناقوس الخطر ، وتفاقم الشرر ، ووجود الضرر ،
ولا
أدل على ذلكم ، هذا المضحك من القصات ، والمبكي من الرقصات ، والفاضح من
الموضات ، التي شرب من كأسها المسف ، زخم كثير من الشباب والشابات ،
والنساء الفاتنات ، ألا ترون التبرج السافر ، والبرقع الساحر ، واللبس
الحاسر ، من أين أتى بهذه الخزعبلات أبناؤنا وبناتنا ؟ فويل لمن أتى بهذه
التقليعات ، وويل لمن عملها واتبع هواها ، وقد قال الله تعالى متوعداً
إياهم : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } .
عباد الله : وبعد تشخيصِ الدّاء ، فإنّ وصفةَ الدواء ، للجنوح الشبابيّ
الفكريّ ، والاجتماعيّ والأخلاقيّ ، تكون في ظلّ الدّعوة السلفيّة
المعتدِلة ، والعِبء في ذلك يقع على عاتق العلماء والدّعاة ، ورجال
التّربية والإعلام ، وحملةِ الفكر والأقلام ، وفي طليعة أولئكم يقع العبء
الأكبر ، والثقل الأكثر ، على الآباء والأمهات ، لانتشال الجيل من شبح
التفسّخ والضّياع ، وإبعادهم عن السقوط في سراديب الأفكار النتنة ،
ولوثات
العقل السخيفة ، وإحباطًا لخُطَط الخصوم الذين يسعون لتحقيق مآربهم
المشبوهة ، عبر الأبناء والبنات ، وبالتّوجيه الرحيم الرفيق ، والتّرشيد
اللطيف الرّقيق ، وتلاحُم أفرادِ الأسرة والمجتمع مع أبنائهم ، وفتح
أبواب
الحوار الهادئ الهادِف معهم ، وتهيئة الفُرَص الوظيفيّة لهم ، حمايةً مِن
الفراغ القتال ، والوقت البطال ، وحفظاً لهم من البطالة ، ومع تعاونِ
الجهات المسؤولة ، واضطلاع وسائلِ الإعلام والقنوات الفضائيّة والشبكات
المعلوماتيّة بدورها التربويّ ، مع تظافر تلك الجهود جميعاً ، سنحصد بحول
الله وقوته ، ما يصبوا إليه المجتمع من آمن واستقرارٍ ، ونماء وازدهار ،
ووجود أولاد أبرار ، فاللهَ اللهَ في تحصين الجيل واحتضان النشء وحِراسة
الشباب من المؤثِّرات العقديّة ، واللوثات الفكريّة ، والتجاوزات
السلوكية
، الناتجة عن مشاهدة الهابط من الأفلام والمسلسلات ، والسيئ من البرامج
والأغنيات ، ألا فاحذروا الفضائيات ، فهي أصل كل شر وبلية ، ومنبع كل
مصيبة
ورزية ، والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين .
عباد الله : علموا أبناءكم الحِفاظ على دينهم ، وصيانةِ عقيدتهم ،
وسلامةِ
أخلاقهم ، وتعميق مفاهيمَ الولاء لدينهم ، والتّلاحم مع ولاتِهم
وعلمائِهم
، بكلّ منطِق وموضوعيّة ، ووضوحٍ وشفافيّة ، واحرصوا كل الحرص على
إلحاقهم
بحلقات تحفيظ الكتاب والسنة ، وتعليم العلم الشرعي النافع ، فبعون الله
المنان ، سنصل بهم إلى بر الأمان ، ورسوخ الإيمان ، وحينئذ سيسعَد الشباب
ويُسعِدون ، ويصلُحون ويصلِحون ، وهو من أعظم ما تتمنون ، هذا وصلوا
وسلموا
على رسول الهدى ، ومصباح الدجى ، محمد خير الورى ، فقد أمركم الله بذلك
في
كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، فقال قولاً كريماً : { إِنَّ ٱللَّهَ
وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً } ، اللهمّ صلِّ
وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولك محمّد صاحبِ الحوض المورودِ ، واللّواء
المعقود ، وأورِدنا حوضَه ، واحشرنا تحت لِوائه ، وارضَ اللهم عن الخلفاء
الراشدين ، الأربعة المهديين ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أجمعين ، وعن
سائر
الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام
والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد
آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم ادفع عنا الغلا والوباء ،
والزنا والربا ، وسوء الفتن والمحن ، ما ظهر منها وما بطن ، اللهم آمنا
في
أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم أيد بالحق إمامنا وولي
أمرنا
، اللهم ارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا ب العالمين ، اللهم انصر
إخواننا
المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم كن لهم مؤيداً ونصيراً ، ومعيناً
وظهيراً ، اللهم عليك بأعدائك في كل مكان وزمان ، فإنهم لا يعجزونك ،
اللهم
ارفع عنهم يدك وعافيتك ، يا قوي يا عزيز ، اللهم إنا نسألك الجنة ، ونعوذ
بك من النار ، يا عزيز يا غفار ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة
حسنة ، وقنا عذاب النار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على
المرسلين ، والحمد لله رب العالمين
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى