رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم[1]
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه . وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله . ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( ]آل عمران:102[ . ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ ]النساء:1[ .
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [ ]الأحزاب:70-71[ .
أما بعدُ : فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكلَّ محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار .
أما بعد ، أيها المسلمون :
ففي السنةِ السابعةِ من الهجرةِ النبويةِ الشريفة ، توجه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى جهة الشمال ,قاصداً خبير ,والتي استوطنها اليهود ,وأقاموا فيها حصوناً منيعة يصعبُ اختراقُها, خوفا من نكسةٍ جديدة, عقبَ نكساتِهم المتتابعةِ في بني النضيرِ وبني قريضة , وقف الجيشُ الإسلامي الفذ, بقيادةِ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم على مشارفِ خيبر, وفي نيتهِ فتحُ المدينة, وتطهيرُها من رجسِ يهود, والقضاءُ على آخر معقلٍ سياسيٍ لهم في الجزيرةِ العربية, وقد أوهم صلى الله عليه وسلم يهود غطفان بأن الهجوم متجه إليهم, وأن قوة المسلمين توشك أن تصل إليهم, أوهمهم بذلك لأنه سمع صلى الله عليه وسلم بأنهم خرجوا ليظاهروا يهود خبير عليه, فلما سمعوا بمقدمه صلى الله عليه وسلم رجعوا على أعقابهم ، وأقاموا في أهليهم وأموالهم ، وخلوا بين رسول الله وبين خيبر , وهكذا استطاع عليه الصلاة والسلام أن ينهي كل عدو على حده, وهو يتربص به الدوائر , وهكذا ينبغي للأمة أن تحذوا حذو نبيها صلى الله عليه وسلم فهي بحاجة أن تكون على مستوى الأحداث, وتفقه كيف تواجه أعدائها, لا أن تكون فريسة لهم .
أيها المسلمون : وفي ساعات الصباح الأولى , خرجَ اليهودُ إلى مزارعهِم وثمارهمِ كعادتهمِ كلَّ يوم , ولم يدرْ بخلدِ واحدٍ منهم أنَّ يومَهم ذاك سيكونُ يوماً أسودا .
وكم كانت المفاجأةً,يوم رأى أولئك الفئران, رأوا أسودَ الله واقفةً على مشارفِ المدينة, تمتلئ قلوبهُم حنقا, وتتفجرُ دمائهم غضبا من بغضِ اليهودِ, وكراهيتهِم , تنتظرُ على أحرِّ من الجمر, إشارةً من رسول الله للانقضاضِ السريعِ, ودكِّ المدينةِ على أهلهاِ .
فصرخ صارخُ اليهود في قومهِ منذراً, صيحةَ يومٍ يقطرُ دماً , وأخذ يرددُ بأعلى صوته ، مرعوباً مفزوعاً محمدٌ والله, محمد والخميس, ونزل هذا الخبرُ المخيفُ على يهود كالصاعقةِ المحرقة, التي تحولُ الأبيضَ سوادا ,والأخضرَ هشيما , وشعرَ اليهودُ بخطورةِ موقفهمِ, وأنهم قابَ قوسين أو أدنى من الهلكة, فهمْ يدركون حقيقةَ الجيشِ الواقفِ على مقرُبةٍ من حصونهِم, وأبوابِ مدينتهمِ , إنهم يدركون تماماً أنه جيشٌ يعشقُ الموتَ, في ساحات الوغى, كما يعشقون هم نقضَ العهودِ, وعبادةَ المال, وكانوا يدركون أنه جيشُ لم يُصنع من أجلِ البطولاتِ الكلامية, والاستعراضاتِ المهرجانية, ولكنه جيشٌ صُنع لإعلاءِ كلمةِ الله, والذبِ عن حمى الإسلام, وحملِ الدينِ بقوة إلى البشريةِ الحائرة, والإنسانيةِ التائهة, في أوديةِ الضلالةِ والهوى , وكانوا يدركون أنه جيشٌ لم يصنعْ ليبنيَ أمجادهَ فوقَ جماجمِ أبناءهِ , ولكنهُ جيشٌ أُعد لزحزحةِ الطواغيت من أمامِ المدِّ النورانيِ الإسلامي, المبدد لظلامِ الوثنية, الضاربةِ بجذورها في الأرضِ عبرَ القرون , وفرَّ اليهودُ إلى داخلِ حصونِ خيبر , تصطكُ ركبُهم وأسنانُهم من الرعبِ والهلع , وعبثاً حاولَ أولئكَ الفئران صنعَ شيءٍ ما يخلصهمُ من البلاء , فانتدبوا أشجعَ من عندهم من الرجال , فخرج متبخترا في مشيتهِ وهو يقول :
أنا الذي سمتني أمي مرحبُ **** شاكيِ السلاحِ بطلٌ مُجربُ
وظلَّ اليهودُ خلفَ حصونهم, ينظرونَ من طرفٍ خفي, ماذا عساه يصنعُ فارسهُم مرحبُ, فخرج إليه الأسد عليُ بنُ أبي طالبٍ, وهو يقول :
أنا الذي سمتني أمي حيدرةْ *** كليثِ غاباتٍ كريه المنظرهْ
وفي لمحِ البصر, إذا برأسِ اليهودي الذي سمتهُ أمهُ مرحبُ , إذا برأسهِ يتدحرجُ على الأرض, إثرِ ضربةٍ واحدةٍ من يد علي رضي الله عنه , فلا مرحباً به ولا مرحباً بأمه , وبمقتلِ هذه اليهودي, انهارت معنوياتُ اليهود, وسقطَ خيارُ المقاومة, وفضل الفئران ,البقاءَ في حصونِهم , حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا , ويضربُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حصاراً محكماً حولَ خيبر, ويحيطُ بها إحاطةَ السوارِ بالمعصم , ويأتي الخبرُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن لليهودِ منفذاً تحت الأرض إلى عينٍ من الماء يشربونَ منها, مما يطيلُ ولابد أمدَ الحصار, فيرسلُ عليه الصلاة والسلام من يقطعُ إمداداتِ الماءِ عنهم, في خطوةٍ عسكريةٍ فذة , حتى إذا يبستْ عروقُهم, واحترقتْ أكبادُهم, خرجوا من جحورهمِ , في محاولةِ أخيرةِ لصدِّ جيشِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم , وثنيهِ عما عزمَ عليه من فتحِ المدينة ، وطردهمِ فيها فقاتلوا قتالاً شرساً, لا شجاعةً ولا بطولة, ولكنْ حسرةً على أموالهمِ وكنوزهمِ, التي كانوا يقدسونها أشدَّ التقديس, ويعبدونها أعظمَ العبادة ويفضلونَها على الأهلِ والولد, ومع ذلك ,لم يصبر اليهود سوى سويعاتٍ قليلة, انهارت قواهُم بعدَها, وأعلنوا الاستسلامَ التام, تحت وقعِ ضرباتِ سيوفٍ لا قبلَ لهم بها , وما أسرع ما يستسلم اليهود, متى وجدوا رجالاً, لا يهابونَ الموت ولا يخشونَ الفناء, وما عرفنا اليهودَ يجيدون قتالاً, إلا حين تكون المواجهة مع أسودٍ من ورق, أو نمورٍ من خشب, يحسنونَ الكلام الفارغ, ويطيلونَ الصراخَ والعويل, فنسمع جعجعة ولا نرى طحنا ,أعلن اليهودُ استسلامَهم, وعرضوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن يحقنَ دماءَهم على أن يسلموه خيبرَ كاملةً, بمزارعها وكنوزِها , إنها اللغةُ الوحيدة التي يفقُها اليهود, لغةُ القوةِ والتحدي, فهيهات أن يتنازلوا عن مترٍ واحد , أو يتزحزحوا عن شبرٍ واحد إلا بالحربِ والمكيدة .
إنها النفسيةُ اليهوديةُ المريضة, المجبولةُ على العنادِ, والمكرِ, والمراوغة, والتي لا يمكنُ ترويضُها إلا بمطارق من حديد, وسياطٍ من لهب , ويصدرُ أمرُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بإيقافِ القتال, على أن يخرجَ اليهودُ من خيبر, ليس معهم إلا ثوباً على ظهرِ إنسان, ويتوعدُهم بقطعِ رقابهمِ, وسفكِ دماءهم, إن كتموه شيئا , وبمثل ذلكِ حطمَّ أسلافنُا اليهود وسقوهم من الذلِ كؤوسا, ولقنوهم من الهوانِ دروسا, يوم كانوا يتوكلون على الله حق توكله, ويطلبون المدد منه وحده , وحازَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أموالَ خيبر, وحوا صلهَا , واستدعى جنودَ الإسلام يقسمُ بينهم أنصبتَهم من الغنيمة, وقسمَ لرجلٍ من الأعراب نصيبَه منها, فحملهُ الأعرابيُ وأتى به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم , وهو يقول ما هذا يا رسولَ الله ؟ فيقول له عليه الصلاة والسلام : ( هذا قسمتهُ لك ) ، فيقولُ الأعرابي : يا رسول الله ، ما على هذا اتبعتُك , ولكنْ اتبعتُك على أن أرمى من هاهنا بسهمٍ ـ وأشار إلى حلقهِ ـ فأدخلُ الجنة [2],هكذا يعلنُ هذا الجندي ,عن سر وجودهِ في ساحةِ القتال, إنه جنديٌ لم يخرجْ من بيته, أشراً وبطرا, ورئاء الناس ولم يخرجْ إلى المعركةِ خوفاً من الفصلِ والعقوبة ,ولم يخرجْ إلى المعركةِ من أجل الترقية والوظيفة , ولم يخرج إلى المعركة ليُزين له صدرهُ بالتيجان, والأوسمة ولم يخرجْ إلى المعركةِ دفاعاً عن قوميةِ منتنة, أو وطنية هابطة , ما لهذا اتبعتك يا رسول الله , ولكنْ اتبعتك على أن أُرمى بسهمٍ من هاهنا فأموتُ فأدخلُ الجنة
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية :
أيها الموحدون : لقد كانت موقعةُ خيبر واحدةً من الوقائع التي حطمنا من خلالها النفسية اليهودية, وأذقنها مرارةَ العيش, وعلقمَ الحياة , يوم كنا أمةَ القرآن والسنة, نقرأُ قوله تعالى : ]إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[(محمد: 7) فتلتهبُ صدورُنا حماساً, وتمتلئ قولبُنا يقيناً بموعودِ الله , فلا نخافُ يهود, ولا مَنْ وراء اليهود, وكنّا نقرأُ قولَه تعالى : ]وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[(المائدة: 23) فننفضُ أيدينا من أيدِ البشر والدولِ, والأمم كِلها , وتمتدُ أعناقنُا إلى فاطرِ السمواتِ والأرض, نستمطرُ النصرَ منه وحده دونَ غيره , وكنا نقرأُ قولَه تعالى : ]وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل[(لأنفال:60) فنصنع من الشباب أسوداً , ومن الفتيان فهودا ,لا يعشقون من الألوان إلا الأحمر َالمتفجرَ من رقابِ الأعادي, ولا يجيدون من الصراخِ والعويل, إلا صيحاتُ اللهُ أكبر ,يا خيلَ اللهِ أركبي .
أما اليوم, فقد استأسد يهود, وانتكست الأوضاع رأساً على عقب, يوم نُحي الإسلامُ بعيداً بعيدا , واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير , فاحتل اليهود بلادنا, وظلوا طوال خمسينا عاماً يحتلون أرضنا شيئاً فشيئاً, ويوسعون مملكتَهم رويداً رويدا, وحين وثق اليهودُ بما لديهم من قوةٍ, واطمأنوا إلى ما يتميزون به من تفوقٍ , أصبحوا لا يترددون عن المجاهرة بمصادرة مزيدٍ من أراضي المسلمين في فلسطين, فما الذي يخشونه ؟ بعد أن أعلن المسلمون عجزهم عن مواصلة التحدي, ووقعوا على معاهدة الاستسلام, وأعطوا الجزية, أو كادوا عن يد وهم صاغرون .
كيف تخشى إسرائيل من أناسٍ يقولون : إن الانتفاضة لا تحقق نصراً ولا نريد أن نحارب إسرائيل, فخيارنا المفاوضات .
إن من يظن أن خلافنَا مع اليهود, هو حولَ قطعةٍ من الأرض, أو نهرٍ من الماء, فهو غبيٌ مغفل, لا يفقه شيئا من كتابِ الله, ويعاني أميةً فاضحةً, في قراءةِ التاريخ, وتتبعِ السنن, إن خلافنا مع اليهود خلافٌ عقديٌ بالدرجة الأولى, ولن يلتقي الطرفان في وسطِ الطريق, ولن تكونَ هناك أنصافُ حلول .
فالحل الوحيد إما أن يسلَم اليهود, أو أن يتهودَ المسلمون , ] وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم[(البقرة: 120) إن اليهود يريدون كلَّ شيءٍ في مقابلِ لا شيء , يريدون مزيداً من الهيمنة, ومزيداً من السيطرة, ومزيداً من الأراضي, ومزيداً من الأنهار المسروقة, ومزيداً من الانفتاحِ الاقتصادي, وفتحِ الأسواقِ لمنتجاتهم, مقابلَ مزيدٍ من الإهانات, ومزيدِ من الركلات, ومزيدٍ من الصفعات , إن ما أخذ بالقوة, لا يمكنُ أن يُستعادَ إلا بالقوة, وأما التباكي على عتباتِ مجلسِ الأمن, فهو حيلةُ البائسِ الضعيف, ورغم ذلك أبدعَ الطواغيت الكبار في إيهامِ المسلمين بشرعيةِ مجلسِ الأمن, وقداسةِ ما يصدرهُ من قرارات, استمع إلى القرار الذي أصدرته السلطة الفلسطينية, وهي تدعو إلى وئد الانتفاضة المباركة : ( إن تحقيق سلام الشجعان ـ وضع تحت كلمة الشجعان خطوطا ـ .الذي يوفر السلام, والأمن والعدل لجميع شعوب المنطقة, يتطلب تأكيد الالتزام بالعمل, بقرارات الشرعية الدولية ,) ,أي شرعية تلك , وأي سلام مع نقضت العهود, والمواثيق .
لقد أصبحت غايةُ المنى, مجردَ إدانةٍ لإهاناتِ يهود المتتابعة, ومع ذلك يحرمون منها, لتظلَ الإدانة: هي الحلمَ الذي يحسنونه, ويكافحون من أجله .
إن الطريقَ إلى القدس, واستعادةِ الأقصى الشريف, وإعادة مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حياض الإيمان, لا يكونُ بعقدِ مزيدِ من المؤتمرات العاجلة ولا الآجلة, ولا بعباراتِ الشجب والاستنكار, ولا بإرسال الوفودِ إلى العواصم الكبرى, لكسب عطفهم وتأييدهمِ, إن الطريقَ إلى القدس لا يكونُ إلا بالعودةِ الجادةِ إلى الإسلامِ, عقيدةً, وشريعة, ومنهجَ حياة , الطريقُ إلى القدس حين تعادُ إلى القرآن هيبتُه, ومكانتُه , الطريق إلى القدس حين يعاد رفع رايات الجهاد في سبيل الله تعالى, ولا أدل على ذلك ما نراه من هذه الانتفاضة المباركة, هذه الثورة المؤمنة الربانية الجديدة, التي أعادت الروح إلى الجسد الهامد, هذه الثورة التي انطلقت من المساجد, راياتها المصاحف, وشعاراتها لا إله إلا الله والله أكبر , إننا ننتظر لهذه الانتفاضة النصر بإذن الله ] وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ[ (الإسراء: من الآية51) إن الذي يقاتل لا يسأل : متى هو ؟ ولكن يقول : ]عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً[(الإسراء: من الآية51),لقد بشرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بأن المعركة مستمرة مع اليهود , فقال صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ ، يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلَّا الغر قد فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ) ([3]),وإنا لهذا اليوم, ولهذه المعركة لمنتظرين , وإننا نناشد أبطال الحجارة ألا يتوقفوا عن مسيرتهم, لتطهير الأقصى من رجز يهود , فإن ما أخذ بالقوةِ لا يستردُ إلا بالقوة , فيا أبطال الحجارة مزيداً من عمليات الاستشهاد, مزيدا من ملاحقة واستهداف جنود العدو, وقطعانه المستوطنين ,
اللهم عز جارك ,
[1] ألقيت بتاريخ 24/11/1416هـ .
[2] ـ الحديث رواه النسائي (1953) من حديث شداد بن الهاد رضي الله عنه .
[3] ـ الحديث رواه مسلم (2922) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
أسود خيبر
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه . وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله . ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( ]آل عمران:102[ . ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ ]النساء:1[ .
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [ ]الأحزاب:70-71[ .
أما بعدُ : فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكلَّ محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار .
أما بعد ، أيها المسلمون :
ففي السنةِ السابعةِ من الهجرةِ النبويةِ الشريفة ، توجه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى جهة الشمال ,قاصداً خبير ,والتي استوطنها اليهود ,وأقاموا فيها حصوناً منيعة يصعبُ اختراقُها, خوفا من نكسةٍ جديدة, عقبَ نكساتِهم المتتابعةِ في بني النضيرِ وبني قريضة , وقف الجيشُ الإسلامي الفذ, بقيادةِ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم على مشارفِ خيبر, وفي نيتهِ فتحُ المدينة, وتطهيرُها من رجسِ يهود, والقضاءُ على آخر معقلٍ سياسيٍ لهم في الجزيرةِ العربية, وقد أوهم صلى الله عليه وسلم يهود غطفان بأن الهجوم متجه إليهم, وأن قوة المسلمين توشك أن تصل إليهم, أوهمهم بذلك لأنه سمع صلى الله عليه وسلم بأنهم خرجوا ليظاهروا يهود خبير عليه, فلما سمعوا بمقدمه صلى الله عليه وسلم رجعوا على أعقابهم ، وأقاموا في أهليهم وأموالهم ، وخلوا بين رسول الله وبين خيبر , وهكذا استطاع عليه الصلاة والسلام أن ينهي كل عدو على حده, وهو يتربص به الدوائر , وهكذا ينبغي للأمة أن تحذوا حذو نبيها صلى الله عليه وسلم فهي بحاجة أن تكون على مستوى الأحداث, وتفقه كيف تواجه أعدائها, لا أن تكون فريسة لهم .
أيها المسلمون : وفي ساعات الصباح الأولى , خرجَ اليهودُ إلى مزارعهِم وثمارهمِ كعادتهمِ كلَّ يوم , ولم يدرْ بخلدِ واحدٍ منهم أنَّ يومَهم ذاك سيكونُ يوماً أسودا .
وكم كانت المفاجأةً,يوم رأى أولئك الفئران, رأوا أسودَ الله واقفةً على مشارفِ المدينة, تمتلئ قلوبهُم حنقا, وتتفجرُ دمائهم غضبا من بغضِ اليهودِ, وكراهيتهِم , تنتظرُ على أحرِّ من الجمر, إشارةً من رسول الله للانقضاضِ السريعِ, ودكِّ المدينةِ على أهلهاِ .
فصرخ صارخُ اليهود في قومهِ منذراً, صيحةَ يومٍ يقطرُ دماً , وأخذ يرددُ بأعلى صوته ، مرعوباً مفزوعاً محمدٌ والله, محمد والخميس, ونزل هذا الخبرُ المخيفُ على يهود كالصاعقةِ المحرقة, التي تحولُ الأبيضَ سوادا ,والأخضرَ هشيما , وشعرَ اليهودُ بخطورةِ موقفهمِ, وأنهم قابَ قوسين أو أدنى من الهلكة, فهمْ يدركون حقيقةَ الجيشِ الواقفِ على مقرُبةٍ من حصونهِم, وأبوابِ مدينتهمِ , إنهم يدركون تماماً أنه جيشٌ يعشقُ الموتَ, في ساحات الوغى, كما يعشقون هم نقضَ العهودِ, وعبادةَ المال, وكانوا يدركون أنه جيشُ لم يُصنع من أجلِ البطولاتِ الكلامية, والاستعراضاتِ المهرجانية, ولكنه جيشٌ صُنع لإعلاءِ كلمةِ الله, والذبِ عن حمى الإسلام, وحملِ الدينِ بقوة إلى البشريةِ الحائرة, والإنسانيةِ التائهة, في أوديةِ الضلالةِ والهوى , وكانوا يدركون أنه جيشٌ لم يصنعْ ليبنيَ أمجادهَ فوقَ جماجمِ أبناءهِ , ولكنهُ جيشٌ أُعد لزحزحةِ الطواغيت من أمامِ المدِّ النورانيِ الإسلامي, المبدد لظلامِ الوثنية, الضاربةِ بجذورها في الأرضِ عبرَ القرون , وفرَّ اليهودُ إلى داخلِ حصونِ خيبر , تصطكُ ركبُهم وأسنانُهم من الرعبِ والهلع , وعبثاً حاولَ أولئكَ الفئران صنعَ شيءٍ ما يخلصهمُ من البلاء , فانتدبوا أشجعَ من عندهم من الرجال , فخرج متبخترا في مشيتهِ وهو يقول :
أنا الذي سمتني أمي مرحبُ **** شاكيِ السلاحِ بطلٌ مُجربُ
وظلَّ اليهودُ خلفَ حصونهم, ينظرونَ من طرفٍ خفي, ماذا عساه يصنعُ فارسهُم مرحبُ, فخرج إليه الأسد عليُ بنُ أبي طالبٍ, وهو يقول :
أنا الذي سمتني أمي حيدرةْ *** كليثِ غاباتٍ كريه المنظرهْ
وفي لمحِ البصر, إذا برأسِ اليهودي الذي سمتهُ أمهُ مرحبُ , إذا برأسهِ يتدحرجُ على الأرض, إثرِ ضربةٍ واحدةٍ من يد علي رضي الله عنه , فلا مرحباً به ولا مرحباً بأمه , وبمقتلِ هذه اليهودي, انهارت معنوياتُ اليهود, وسقطَ خيارُ المقاومة, وفضل الفئران ,البقاءَ في حصونِهم , حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا , ويضربُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حصاراً محكماً حولَ خيبر, ويحيطُ بها إحاطةَ السوارِ بالمعصم , ويأتي الخبرُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن لليهودِ منفذاً تحت الأرض إلى عينٍ من الماء يشربونَ منها, مما يطيلُ ولابد أمدَ الحصار, فيرسلُ عليه الصلاة والسلام من يقطعُ إمداداتِ الماءِ عنهم, في خطوةٍ عسكريةٍ فذة , حتى إذا يبستْ عروقُهم, واحترقتْ أكبادُهم, خرجوا من جحورهمِ , في محاولةِ أخيرةِ لصدِّ جيشِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم , وثنيهِ عما عزمَ عليه من فتحِ المدينة ، وطردهمِ فيها فقاتلوا قتالاً شرساً, لا شجاعةً ولا بطولة, ولكنْ حسرةً على أموالهمِ وكنوزهمِ, التي كانوا يقدسونها أشدَّ التقديس, ويعبدونها أعظمَ العبادة ويفضلونَها على الأهلِ والولد, ومع ذلك ,لم يصبر اليهود سوى سويعاتٍ قليلة, انهارت قواهُم بعدَها, وأعلنوا الاستسلامَ التام, تحت وقعِ ضرباتِ سيوفٍ لا قبلَ لهم بها , وما أسرع ما يستسلم اليهود, متى وجدوا رجالاً, لا يهابونَ الموت ولا يخشونَ الفناء, وما عرفنا اليهودَ يجيدون قتالاً, إلا حين تكون المواجهة مع أسودٍ من ورق, أو نمورٍ من خشب, يحسنونَ الكلام الفارغ, ويطيلونَ الصراخَ والعويل, فنسمع جعجعة ولا نرى طحنا ,أعلن اليهودُ استسلامَهم, وعرضوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن يحقنَ دماءَهم على أن يسلموه خيبرَ كاملةً, بمزارعها وكنوزِها , إنها اللغةُ الوحيدة التي يفقُها اليهود, لغةُ القوةِ والتحدي, فهيهات أن يتنازلوا عن مترٍ واحد , أو يتزحزحوا عن شبرٍ واحد إلا بالحربِ والمكيدة .
إنها النفسيةُ اليهوديةُ المريضة, المجبولةُ على العنادِ, والمكرِ, والمراوغة, والتي لا يمكنُ ترويضُها إلا بمطارق من حديد, وسياطٍ من لهب , ويصدرُ أمرُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بإيقافِ القتال, على أن يخرجَ اليهودُ من خيبر, ليس معهم إلا ثوباً على ظهرِ إنسان, ويتوعدُهم بقطعِ رقابهمِ, وسفكِ دماءهم, إن كتموه شيئا , وبمثل ذلكِ حطمَّ أسلافنُا اليهود وسقوهم من الذلِ كؤوسا, ولقنوهم من الهوانِ دروسا, يوم كانوا يتوكلون على الله حق توكله, ويطلبون المدد منه وحده , وحازَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أموالَ خيبر, وحوا صلهَا , واستدعى جنودَ الإسلام يقسمُ بينهم أنصبتَهم من الغنيمة, وقسمَ لرجلٍ من الأعراب نصيبَه منها, فحملهُ الأعرابيُ وأتى به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم , وهو يقول ما هذا يا رسولَ الله ؟ فيقول له عليه الصلاة والسلام : ( هذا قسمتهُ لك ) ، فيقولُ الأعرابي : يا رسول الله ، ما على هذا اتبعتُك , ولكنْ اتبعتُك على أن أرمى من هاهنا بسهمٍ ـ وأشار إلى حلقهِ ـ فأدخلُ الجنة [2],هكذا يعلنُ هذا الجندي ,عن سر وجودهِ في ساحةِ القتال, إنه جنديٌ لم يخرجْ من بيته, أشراً وبطرا, ورئاء الناس ولم يخرجْ إلى المعركةِ خوفاً من الفصلِ والعقوبة ,ولم يخرجْ إلى المعركةِ من أجل الترقية والوظيفة , ولم يخرج إلى المعركة ليُزين له صدرهُ بالتيجان, والأوسمة ولم يخرجْ إلى المعركةِ دفاعاً عن قوميةِ منتنة, أو وطنية هابطة , ما لهذا اتبعتك يا رسول الله , ولكنْ اتبعتك على أن أُرمى بسهمٍ من هاهنا فأموتُ فأدخلُ الجنة
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية :
أيها الموحدون : لقد كانت موقعةُ خيبر واحدةً من الوقائع التي حطمنا من خلالها النفسية اليهودية, وأذقنها مرارةَ العيش, وعلقمَ الحياة , يوم كنا أمةَ القرآن والسنة, نقرأُ قوله تعالى : ]إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[(محمد: 7) فتلتهبُ صدورُنا حماساً, وتمتلئ قولبُنا يقيناً بموعودِ الله , فلا نخافُ يهود, ولا مَنْ وراء اليهود, وكنّا نقرأُ قولَه تعالى : ]وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[(المائدة: 23) فننفضُ أيدينا من أيدِ البشر والدولِ, والأمم كِلها , وتمتدُ أعناقنُا إلى فاطرِ السمواتِ والأرض, نستمطرُ النصرَ منه وحده دونَ غيره , وكنا نقرأُ قولَه تعالى : ]وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل[(لأنفال:60) فنصنع من الشباب أسوداً , ومن الفتيان فهودا ,لا يعشقون من الألوان إلا الأحمر َالمتفجرَ من رقابِ الأعادي, ولا يجيدون من الصراخِ والعويل, إلا صيحاتُ اللهُ أكبر ,يا خيلَ اللهِ أركبي .
أما اليوم, فقد استأسد يهود, وانتكست الأوضاع رأساً على عقب, يوم نُحي الإسلامُ بعيداً بعيدا , واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير , فاحتل اليهود بلادنا, وظلوا طوال خمسينا عاماً يحتلون أرضنا شيئاً فشيئاً, ويوسعون مملكتَهم رويداً رويدا, وحين وثق اليهودُ بما لديهم من قوةٍ, واطمأنوا إلى ما يتميزون به من تفوقٍ , أصبحوا لا يترددون عن المجاهرة بمصادرة مزيدٍ من أراضي المسلمين في فلسطين, فما الذي يخشونه ؟ بعد أن أعلن المسلمون عجزهم عن مواصلة التحدي, ووقعوا على معاهدة الاستسلام, وأعطوا الجزية, أو كادوا عن يد وهم صاغرون .
كيف تخشى إسرائيل من أناسٍ يقولون : إن الانتفاضة لا تحقق نصراً ولا نريد أن نحارب إسرائيل, فخيارنا المفاوضات .
إن من يظن أن خلافنَا مع اليهود, هو حولَ قطعةٍ من الأرض, أو نهرٍ من الماء, فهو غبيٌ مغفل, لا يفقه شيئا من كتابِ الله, ويعاني أميةً فاضحةً, في قراءةِ التاريخ, وتتبعِ السنن, إن خلافنا مع اليهود خلافٌ عقديٌ بالدرجة الأولى, ولن يلتقي الطرفان في وسطِ الطريق, ولن تكونَ هناك أنصافُ حلول .
فالحل الوحيد إما أن يسلَم اليهود, أو أن يتهودَ المسلمون , ] وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم[(البقرة: 120) إن اليهود يريدون كلَّ شيءٍ في مقابلِ لا شيء , يريدون مزيداً من الهيمنة, ومزيداً من السيطرة, ومزيداً من الأراضي, ومزيداً من الأنهار المسروقة, ومزيداً من الانفتاحِ الاقتصادي, وفتحِ الأسواقِ لمنتجاتهم, مقابلَ مزيدٍ من الإهانات, ومزيدِ من الركلات, ومزيدٍ من الصفعات , إن ما أخذ بالقوة, لا يمكنُ أن يُستعادَ إلا بالقوة, وأما التباكي على عتباتِ مجلسِ الأمن, فهو حيلةُ البائسِ الضعيف, ورغم ذلك أبدعَ الطواغيت الكبار في إيهامِ المسلمين بشرعيةِ مجلسِ الأمن, وقداسةِ ما يصدرهُ من قرارات, استمع إلى القرار الذي أصدرته السلطة الفلسطينية, وهي تدعو إلى وئد الانتفاضة المباركة : ( إن تحقيق سلام الشجعان ـ وضع تحت كلمة الشجعان خطوطا ـ .الذي يوفر السلام, والأمن والعدل لجميع شعوب المنطقة, يتطلب تأكيد الالتزام بالعمل, بقرارات الشرعية الدولية ,) ,أي شرعية تلك , وأي سلام مع نقضت العهود, والمواثيق .
لقد أصبحت غايةُ المنى, مجردَ إدانةٍ لإهاناتِ يهود المتتابعة, ومع ذلك يحرمون منها, لتظلَ الإدانة: هي الحلمَ الذي يحسنونه, ويكافحون من أجله .
إن الطريقَ إلى القدس, واستعادةِ الأقصى الشريف, وإعادة مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حياض الإيمان, لا يكونُ بعقدِ مزيدِ من المؤتمرات العاجلة ولا الآجلة, ولا بعباراتِ الشجب والاستنكار, ولا بإرسال الوفودِ إلى العواصم الكبرى, لكسب عطفهم وتأييدهمِ, إن الطريقَ إلى القدس لا يكونُ إلا بالعودةِ الجادةِ إلى الإسلامِ, عقيدةً, وشريعة, ومنهجَ حياة , الطريقُ إلى القدس حين تعادُ إلى القرآن هيبتُه, ومكانتُه , الطريق إلى القدس حين يعاد رفع رايات الجهاد في سبيل الله تعالى, ولا أدل على ذلك ما نراه من هذه الانتفاضة المباركة, هذه الثورة المؤمنة الربانية الجديدة, التي أعادت الروح إلى الجسد الهامد, هذه الثورة التي انطلقت من المساجد, راياتها المصاحف, وشعاراتها لا إله إلا الله والله أكبر , إننا ننتظر لهذه الانتفاضة النصر بإذن الله ] وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ[ (الإسراء: من الآية51) إن الذي يقاتل لا يسأل : متى هو ؟ ولكن يقول : ]عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً[(الإسراء: من الآية51),لقد بشرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بأن المعركة مستمرة مع اليهود , فقال صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ ، يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلَّا الغر قد فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ) ([3]),وإنا لهذا اليوم, ولهذه المعركة لمنتظرين , وإننا نناشد أبطال الحجارة ألا يتوقفوا عن مسيرتهم, لتطهير الأقصى من رجز يهود , فإن ما أخذ بالقوةِ لا يستردُ إلا بالقوة , فيا أبطال الحجارة مزيداً من عمليات الاستشهاد, مزيدا من ملاحقة واستهداف جنود العدو, وقطعانه المستوطنين ,
اللهم عز جارك ,
[1] ألقيت بتاريخ 24/11/1416هـ .
[2] ـ الحديث رواه النسائي (1953) من حديث شداد بن الهاد رضي الله عنه .
[3] ـ الحديث رواه مسلم (2922) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
أسود خيبر
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى