رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الأم .. نبع الحنان ، ومرتع الأمان ، وسلوة الأحزان ، حديثنا عن الأم التي تواجه القسوة من أبنائها ، وتذوق مرارة الجفوة والفجوة منهم ..
فداكِ روحي إذا لم تـُفْـدِ أشعار ................... بحر هواك وقلبي فيه بحّار
فداك روحي وأحشائي وفيضِ دمي ............. فداك قلب ينبض الحب موّار
أماه أماه يا لحن الهوى بفمي .................... يا عذبة الروح فيكِ الشعر يحتار
الأم هي رمز التضحية والفداء والطهر والنقاء ، والحب والحنان، وهي الأصل الذي يتشرف الولد به، ويفخر بنسبه له ونسبته إليه، وتأمل في هذا الفرق الذي جاء على لسان النبي عيسى(عليه السلام)، فهو حين تكلّم عن وجوب البرّ والإكرام ذكر وصف "الوالدة"، فقال: {وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً} [مريم:32]. وعندما أراد الله عز وجل لفت نظر الأبناء إلى معاناة الأم من جراء الولادة، مقدماتها وآثارها ونتائجها، فإن القرآن الكريم يطلق كلمة "الأم" المضحية الصابرة التي أمرنا الله بإكرامها في الدنيا إكراماً مطلقاً لا حدود له، فمن أساليب القرآن الكريم البليغة في هذا المجال أنه يوصينا ببرّ الوالدين ثم يعقبها بالحديث عن الأم فقط لشدة فضلها على الأب {ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن} [لقمان:14].
وهكذا تحدّث الله عن فضل الأم لشدة معاناتها وهناً على وهن في الحمل وما يلزم له من تضحيات، ومثل ذلك قوله تعالى: {ووصّينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً..} وعندما أراد الله عزّ وجل بيان مدى حنان الوالدة على أولادها، ومدى شفقتها وإشفاقها على أولادها عبر الله عنها بلفظ الأم فقال{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }القصص1 . وعندما عبّر القرآن الكريم عن مدى سعادة الوالدة وفرحها بعودة ولدها الغائب من خطر عليه أطلق عليها كلمة "الأم" فقال عز وجل: ( فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} [طه:4 .] وجاء رجل يسال الرسول صلى الله عليه وسلم : من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك .
الأم منذ الحمل ، تحمل في جسدها التعب على الابن ، وفي صدرها الحب والحنان ، وفي عينيها القلق والسهر، فهي حكاية بلا نهاية ، وعطاء بلا حدود ، ومثال لا مثيل له .
إن أجمل وردة في الكون هي ابتسامة على وجه الأم ، وأفضل نبع يجرى في نفسها هو نبع الحب ، وأرقى شيء تتمتع به هي العاطفة . إن مكانة الأم لها ثقل في قلوب الأبرار ، وشذى في نفوس الصغار والكبار ، ومن يجهل ذلك ، أو يغيب عنه الإحسان لها فإنه يتخبط في عنفوان القسوة .. يا مقلة سهِرَت ... يا دمعة سُكِبَت ......... يا أنّة جُمِّدت من حرّها النار يا من سَهِرَت لترعى أنّتي وعلى .......... أجفانك الدمع بالآمال موّار
تكفكفين دموعا لا تكفكفها ......... كف ولم يُكْفها بالكف صبّار
ائذن لي أيها القارئ في رواية مظاهر للقسوة ، في جوف حكايات حزينة أورثها الأبناء لأمهاتهم ، وإن أشد شيء على النفس ، دموع الأم حينما تنهمر من أجل قسوة الابن ...
ما أشد آهات الأمهات المسنات من أبنائهم ، وما أقوى أنينـَهم وحنينـَهم عليهم ، فهذه أم تركها أبناؤها في دار للمسنين بإحدى الدول العربية ، تعترف بأن الأبناء يرسلون لها النقود التي تنفقها في الدار، ولكنها ترى أن الأهم من ذلك هي حاجتها لحسن التعامل والدعم العاطفي ... تقول: اخترت بإرادتي أن أقيم في دار المسنين بعد وفاة زوجي وانشغال أبنائي ، وما أغضبني هو ترحيب أبنائي بهذا الاقتراح ولم يَعرِض أيا منهم عليَّ أن أقيم معه في منزله ، أدركت وقتها أن الإنسان ثقيل للغاية حتى وإن كانت الأم... وفي الدار وجدت زميلات يؤنسن وحدتي، ولكنني أظل أترقب الباب طويلاً لعل أحداً من أبنائي يأتي لزيارتي...
حكاية أخرى لأم أتى بها أبناؤها لإيداعها أحد مراكز المسنين لعدم تفرغ أحد لرعايتها... نسي الأبناء حق أمهم عليهم ، زادت مشاغلهم إلى درجة أنهم لم يتذكروها حتى في الأعياد أو المناسبات.. والأم صامتة تتألم لحال أبنائها في صمت مطبق.. شكواها دموع تنهمر فقط....
وأحد الأمهات جاوزت الخامسة والسبعين من العمر تقول: " قلبي على ولدي أنفطر وقلب ولدي علي حجر". فمفاهيم الأمومة والبنوة اختلفت تماماً عن الماضي حين كانت الأم كبيرة السن تحظى باهتمام ورعاية فائقة من قِبل أبنائها ، أما العصر الحالي فبات الجحود هو السمة البارزة فيه من قبل الأبناء ، وعن تجـرُبتها الشخصيةِ مع أبنائها تقول: إن الأبناء -والحمد لله- فيهم البار بي الذي يرعاني في مرضي ويهتم بي، وفيه من لا يسأل عني سوى مرة في العام . أُدرك أنه مشغول، ولكنه يبدو أنه نسي أن له أماً!! أعترف أنني أحزن كثيراً لجفائه لي وجحوده، ومع ذلك أنا أدعو له ، ولا أملك أبداً أن أغضب عليه خوفاً عليه من عقاب الله تعالى ....
وأحد الأمهات ترى أن جحود الأبناء ، ونسيانهم لأمهاتهم هو قمة الأوضاع السلبية التي آلت إليها بعض الأسر المسلمة في عصرنا الحالي ، مؤكدة على أن الأبناء ينبغي أن يدركوا تماماً أن الأم المسنة لها احتياجات ، وخاصة بعد وفاة الزوج ، حين تجد الأم نفسها وحيدة ومنعزلة في ظل انشغال الأبناء ، مما ينعكس عليها سلباً نفسياً وهذا غير مطلوب ، بل من الضروري مراعاة الاحتياج النفسي المضاعف الذي تحتاج إليه الأم ، فالأم لا تنتظر شيئاً من أولادها ، ولكنها تكون بحاجة إلى مجرد الدعم النفسي وخصوصا في آخر العمر ، فموقف بسيط من الممكن أن يسعدها ، وموقف آخر من الممكن أن يدمرها نفسياً ويشعرها أنها عبء........
هناك العديد من الأبعاد النفسية التي تؤثر على المسن سلباً أو إيجاباً ، فيرى أحد الأطباء النفسيين أن مرحلة الشيخوخة يشهد خلالها الإنسان تغيرات متعددة قد تؤثر على الحياة النفسية والاجتماعية للأم المسنة خاصة ، وقد نجد أن القصور البدني أو تدهور بعض الوظائف الحيوية للأم المسنة ، وهو أمر لا مفر منه ، قد يفضي إلى اضطرابات نفسية وانفعالية أعمق ، إذا لم تجدِ المُسنةِ الإحاطة الوجدانية والحميمة الكافية التي تشعرها بالأمان .. فالأم في آخر عمرها تكون في أمس الحاجة إلى التوافق النفسي والاجتماعي ، والتوافق هو تواجد الأم في علاقة توازن وانسجام مع الذات ، ومع المحيط .. مما يستوجب ضرورة توفر عوامل ذاتية وموضوعية لتحقيق هذه الغاية ... ومن الضروري أن نعي حساسية الأم المسنة خلال هذه الفترة، وهي تمثل ظاهرة عادية ، لذا يجب على الأسرة أن تحقق للأم المسنة على وجه الخصوص التفاعل الاجتماعي ، والدعم العاطفي ، فالحاجات المادية وحدها لا تكفي ، ولكن الأهم هو حسن التفاعل مع هذه الفئة ، خاصة في ظل العديد من المتغيرات العميقة التي تشهدها مجتمعاتنا ، إذ أصبحت الأم المسنة لها نفسية هشة للغاية من أبسط المواقف ، لذا فإنها تكون بحاجة إلى رعاية نفسية مضاعفة خوفاً عليها من الإحساس المعنوي القاتل لها........
الأم معنا في هذه الحياة أشبه بالشمس مع الناس ، تكسونا الضياء ، وتغذينا بالعافية ، تُقدم لنا الروح لنسعد ، فلماذا عندما كبر بعضنا ، منحوا أمهاتهم أكتافهم ، وأداروا لها ظهورهم ، وقلبوا لها ظهر المِجن ، وأسمعوها ما يندى له الجبين ..
أيها الغالي --
أحسب أن هناك شريكاً لا يستهان به في قسوة الرجل على أمه ..
وقد يكون هو المحرك لها ، والدافع إليها ، والمشجع عليها -- و أعني بذلك .. الزوجة .. وأنا لا أعمم بأن كل الزوجات قد يكن سببا في ذلك ، ولا أريد أن تكون هذه اللفتة سبب في النزاع بين الزوج وزوجته ، ولكن غالب مظاهر العقوق تبدأ شرارتها من الزوجة .
الزوجة التي تكون سبباً في أن يعق الولد أمه !
إن مثل هذه الزوجة لا تستحق الاحترام ولا التقدير على حساب الأم ..
بل هي والله جديرة بأن لا توافق على ما تريده من الزوج على حساب الأم..
والمرجو والمنتظر أن تذوق من كانت سيئة مع أم زوجها نفس الكأس على يد أبنائها !!
بل المتوقع أن يذيقها أبناؤها أضعاف ما ذاقته أم زوجها على يده بسببها ..!
فبالكأس التي سقت ، سوف تشرب حتى الثمالة ..!
وإن غداً لناظره قريب .. !
فيا أيها الحبيب .. أمك .. أمك ..
فإنها جنتك ، أو نارك .. فانظر ماذا تختار لنفسك ..
وزوجة لا تعينك على بر والديك ، لا تبالِ بها وامض في طريقك ..
وهذا عتاب حار من أم مكلمومة لابن قاسي
تقول :
من القلب "
بأصدق إحساس لك في قلبي
ليس للكذب فيه مكان......
وبأوفى المشاعر..
وبدمعتي....بسهري ولوعتي......
وبشوق العيون لرؤية أحبابها..
وبكل الغلا الذي في ضميري مكانه...
بك انشغل فكري وبالي...
ولك سال دمعي غزيرا من بين الأحداق....
لأجلك تزلزل داخلي وتفجر بركان .....
إن قربك مني غاية السعادة ....
وتنكرك لي يمزق فؤادي وينحر روحي.....
حاربتني على حساب زوجتك وأنا لك سلم.....
صرخ لك شوقي ، وجرحي دعاك ....
بدأ عمرك معي... وانتهى عمري معك...
قبلت حبك.... ولم تقبل أنت حبي لحبك لزوجتك ...
غصت البحر بك وأنت شاطئه وميناه...
دنياي في لحظة حضورك تتجمل ....
كل ما فيَّ حين تراني حب وكل ما فيك حين أراك خوف !!!
لا تغضب إن آلمتك بنقدي القاسي!!! ؟
انه قلبي المحب..لفرط حبي...
لا تلمني إن قسوت يوما عليك......
فأنت؟
أنت!
أنت أغلى ما أملك يا بنيّ..
أعيذك بالرحمن من كل شر ، وأتمنى أن يكون لك ابنا مثلك عندي .. ثم كتبت في آخر رسالتها رسالة عتاب
من: أم
إلى: ابنها العاق
- - كان هناك مجموعة من الشباب ذاهبين لرحلة على إحدى شواطئنا ،وأثناء جلوسهم رأوا عجوز جالسة لوحدها .. . وبعد أن جاء وقت الغروب وحل القمر بدل الشمس ، جهزوا أغراضهم للرحيل ، فتعجبوا حين رأوا تلك المرأة العجوز لازالت جالسة في مكانها ، فقرروا أن يذهبوا إليها ويساعدوها إن كانت تحتاج إلى المساعدة ..
تقدموا لها وسألوها عن حالها ، فسألوها عن سبب جلوسها ، فقالت :
إن ابني قد أوصلني بسيارته هنا ، وقال لي اجلسي وسآتي إليك بعد ذلك ، فقال الشباب لها : هل تعرفين رقم هاتفه لربما واجهه مشكلة ، ولم يستطع القدوم فقالت نعم هذه الورقة أعطاني إياها ابني ، وقال لي : كل من مر بك أعطيه إياها ، وذهب بسيارته فقال الشباب أرينا هذه الورقة ، فلما قرؤوا ما فيها وجدوا أنه مكتوب فيها ، كل من يرى هذه العجوز يلقيها في دار المسنين ، فخاف الشباب على هذه العجوز ، فقالوا لها تعالي معنا لنذهب معكِ لمكان آمن ، لقد حل الظلام يا والدة ، لكن العجوز مصممة على بقائها ولم تخطوا خطوة واحدة ، وكلما قالوا لها تعالي معنا قالت إن ابني سيأتي لاصطحابي وأخاف أن يأتي ولا يراني فيقلق علي ، تعب الشباب مع المرأة ورحلوا .. وأحد الشباب لم يستطع النوم من شدة التفكير فيها ، فقرر الذهاب للشاطئ ليراها ويطمئن عليها ، فذهب بسيارته ورأى عند المكان الذي كانت واقفة فيه هذه العجوز سيارة إسعاف وسيارة شرطة وجمهور كثير من الناس تقدم الشاب إلى هذا المكان فوجد بأن هذه العجوز قد فارقت الحياة وثبت أنها ماتت من ارتفاع الضغط على كلام الطبيب ..
فهل رأيتم فعل هذا الولد العاق الذي تخلى عن أمه الحنون وتسبب في موتها ..
هذه قصة يرويها أحد بائعي المجوهرات يقول : دخل عليه في المحل رجل و زوجته و خلفه أمه العجوز تحمل ولده الصغير .. يقول أخذت زوجته تشتري من المحل و تشتري من الذهب .. فقال الرجل للبائع: كم حسابك .. قال البائع : عشرون ألف و مائة .. فقال الرجل : ومن أين جاءت المائة ... قال : أمك اشترت خاتما بمائة ريال .. فأخذ ابنها الخاتم من أمه ورماه على البائع .. فقال: العجائز ليس لهن ذهب .. ولما سمعت العجوز هذا الكلام بكت وذهبت إلي السيارة .. فقالت زوجته : ماذا فعلت ؟ لعلها لا تحمل ابنك بعد هذا .. عياذا بالله كأنها خادمة عندهم .. فعاتبه بائع المجوهرات ، وتكلم عليه .. فذهب الرجل إلى السيارة وقال لامه : خذي الذهب إذا تريدين خذي الخاتم .. فقالت أمه : لا والله .. لا أريده ولا أريد الخاتم ولكني أريد أن افرح بالعيد كما يفرح الناس ، فقتلت سعادتي سامحك الله ..
عبد الله اتق الله .. ثم اطلع ماذا قدمت للغد .. الغد غريب .. ربما لم ترى الفجر .. وربما لم ترى الشمس تشرق عليك .. ربما لم ترجع إلى اهلك .. وربما لا تكمل سماع هذا الحديث.. الموت أقرب من لمح البصر .. فقد يأتي بغتة و فجأة ..
إخوتي في الله -- قد يصنع القسوة والفجوة الإبن بسبب الأب ، فإحدى الأمهات المطلقات ، ذاقت مرارة الأم ، وطعم الحزن والأسى ، وتجرعت أشد العذاب من زوجها الذي طلقها ، وهو حرمانها من ابنها ثلاثة عشر سنة ، والله أن موقف هذه الأم يفطر الأكباد فهي تتمنى أن تسمع صوت ابنها ، أو ترى ملامحه ، وعندما جلست مع هذا الرجل ، وخوفته بالله ، قام يذكر بأنه يريد أن يلقن أهل هذه المرأة درسا لا ينسى ، لأنهم أساءوا إليه ، ومكان هذه المرأة يبعد عن منزله أكثر من مائتي كيلوا ، وهي بعض الأحيان تمر من أمام بابه مع أخيها لكي ترى ابنها عندما يلعب مع الأولاد .. وعندما ذكرت هذه القصة في بعض المجالس ، سمعت قصصا مما ثلة لهذا المظهر من الأزواج الذين يحبون الإنتقام ، وأحد مدراء المدارس يخبرني بقصة مماثلة لذلك ، وعندما أراد أن يجمع بين الأم والابن في منزله ، أو يستأجر لهم شقة وقت الدوام ، رفض الابن ذلك ، لأن والده قد ملأ صدره حقدا وحسدا على أمه ..
أُخيَّ :
إن كانت الأم عجوزا أو كانت مريضة أو مزعجة لك بطلباتها ، فتذكر أنك كنت في بطنها تسعة أشهر ، وتذكر مرحلة الطفولة وتذكر لحظات تنظيفها لك في صغرك ، وتذكر أعمالها التي لا تعد ولا تحصى معك في مراحل حياتك ، وإن طالبتك أن تقدّم لها من مالك فقد قدّمت لك من نفسها كثيرا، ويكفي أنها حملتك بين أحشائها فكنت عضوا من أعضائها تقوى بضعفها ، وتسمن بهزالها ، وتتغذّى من دمها ، وما وضعتك حتى كادت تخرج روحها ، فإن ضقت بطول حياة أمك ، وتخفي ذلك في أعماقك ، فقد كانت ترى فيك حياتها ، إن تبسّمت أحسّت أن الدنيا تتبسم لها ، وإن بكيت بكى قلبها واسودّ نهارها ، وإن مرضتّ هجرت منامها ونسيت طعامها ..
من كان له أم على قيد الحياة فليتدارك ما بقي له من أيامها قبل أن يأتي يوم يقال له فيه لقد ماتت أمّك .عندها ستجتاحك عاصفة من المشاعر الرهيبة التي لم تشعر ولن تشعر بمثل مرارتها بعد ذلك ، فلنستغل الفرص ..
أخيرا ليكون لسان كل واحد منا بعد أن نودع القسوة مع الأم ..
أمي ..
قسوة عليك ِوالدمع يحرق أجفاني
قسوة عليك ومظاهر قسوتي الهبت كبدي
أمي ..
الألم يعصفُ بكياني
كيف لي أن انساكِ؟
من لي بعد الله غيركِ؟
سأشتاقُ اليكِ في كل لحظه ..
سأتذكركِ والذكرى تؤرقني ..
دموعي على قسوتي معك تنسج أحزاني... وتعصفُ بوجداني ..
أمــــــــــــــــاه.. أمــــــــــــــــاه.. أمــــــــــــــــاه..
سوف أراكِ -- في كل صفحاتِ عُمري ..
سأتكبد الألم في سبيل راحتك ِ~~~~
سأمد جسر اعتذاري عن وفائكم ......... ولن تبرئني يا أم أعذار أنا الجحود نسيت الجود من يدكم ......... إني بفضلك يا أماه كفار رضاك عني مُنى نفسي وغايتها ........ و إن تغفري يا أم _ فالله غفار
سأسخر نفسي لخدمتك ، سألهب عاطـَفـَتـــَك بإحساني إليك ، والأيام بيننا ، ولن يحول بيني وبينك ، شغل أو زوجة أو ابن ..
النفس مني والعواطف ركع
ولهيب وجدي لا يلام فُيمنع
أمي وجودي قد جعلتُ فداءها
في حبها تغلو النفوسُ وتُرفع
هذا الفؤاد وكم يهيب باسمها
في طيفها عبر الجوى يتتبع
أنا في ليالي البرد أذكر عطفها
في الزمهرير إذ البوارق تلمع
أماه يا كل العواطف والنهى
القلب مني هائم لا يقنع
أنت المودة والمحبة كلها
الله يعلم أن حبـــــــكِ أوسع
وداعا للقسوة مع الأم
عبد الله بن سعيد آل يعن الله
فداكِ روحي إذا لم تـُفْـدِ أشعار ................... بحر هواك وقلبي فيه بحّار
فداك روحي وأحشائي وفيضِ دمي ............. فداك قلب ينبض الحب موّار
أماه أماه يا لحن الهوى بفمي .................... يا عذبة الروح فيكِ الشعر يحتار
الأم هي رمز التضحية والفداء والطهر والنقاء ، والحب والحنان، وهي الأصل الذي يتشرف الولد به، ويفخر بنسبه له ونسبته إليه، وتأمل في هذا الفرق الذي جاء على لسان النبي عيسى(عليه السلام)، فهو حين تكلّم عن وجوب البرّ والإكرام ذكر وصف "الوالدة"، فقال: {وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً} [مريم:32]. وعندما أراد الله عز وجل لفت نظر الأبناء إلى معاناة الأم من جراء الولادة، مقدماتها وآثارها ونتائجها، فإن القرآن الكريم يطلق كلمة "الأم" المضحية الصابرة التي أمرنا الله بإكرامها في الدنيا إكراماً مطلقاً لا حدود له، فمن أساليب القرآن الكريم البليغة في هذا المجال أنه يوصينا ببرّ الوالدين ثم يعقبها بالحديث عن الأم فقط لشدة فضلها على الأب {ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن} [لقمان:14].
وهكذا تحدّث الله عن فضل الأم لشدة معاناتها وهناً على وهن في الحمل وما يلزم له من تضحيات، ومثل ذلك قوله تعالى: {ووصّينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً..} وعندما أراد الله عزّ وجل بيان مدى حنان الوالدة على أولادها، ومدى شفقتها وإشفاقها على أولادها عبر الله عنها بلفظ الأم فقال{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }القصص1 . وعندما عبّر القرآن الكريم عن مدى سعادة الوالدة وفرحها بعودة ولدها الغائب من خطر عليه أطلق عليها كلمة "الأم" فقال عز وجل: ( فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} [طه:4 .] وجاء رجل يسال الرسول صلى الله عليه وسلم : من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك .
الأم منذ الحمل ، تحمل في جسدها التعب على الابن ، وفي صدرها الحب والحنان ، وفي عينيها القلق والسهر، فهي حكاية بلا نهاية ، وعطاء بلا حدود ، ومثال لا مثيل له .
إن أجمل وردة في الكون هي ابتسامة على وجه الأم ، وأفضل نبع يجرى في نفسها هو نبع الحب ، وأرقى شيء تتمتع به هي العاطفة . إن مكانة الأم لها ثقل في قلوب الأبرار ، وشذى في نفوس الصغار والكبار ، ومن يجهل ذلك ، أو يغيب عنه الإحسان لها فإنه يتخبط في عنفوان القسوة .. يا مقلة سهِرَت ... يا دمعة سُكِبَت ......... يا أنّة جُمِّدت من حرّها النار يا من سَهِرَت لترعى أنّتي وعلى .......... أجفانك الدمع بالآمال موّار
تكفكفين دموعا لا تكفكفها ......... كف ولم يُكْفها بالكف صبّار
ائذن لي أيها القارئ في رواية مظاهر للقسوة ، في جوف حكايات حزينة أورثها الأبناء لأمهاتهم ، وإن أشد شيء على النفس ، دموع الأم حينما تنهمر من أجل قسوة الابن ...
ما أشد آهات الأمهات المسنات من أبنائهم ، وما أقوى أنينـَهم وحنينـَهم عليهم ، فهذه أم تركها أبناؤها في دار للمسنين بإحدى الدول العربية ، تعترف بأن الأبناء يرسلون لها النقود التي تنفقها في الدار، ولكنها ترى أن الأهم من ذلك هي حاجتها لحسن التعامل والدعم العاطفي ... تقول: اخترت بإرادتي أن أقيم في دار المسنين بعد وفاة زوجي وانشغال أبنائي ، وما أغضبني هو ترحيب أبنائي بهذا الاقتراح ولم يَعرِض أيا منهم عليَّ أن أقيم معه في منزله ، أدركت وقتها أن الإنسان ثقيل للغاية حتى وإن كانت الأم... وفي الدار وجدت زميلات يؤنسن وحدتي، ولكنني أظل أترقب الباب طويلاً لعل أحداً من أبنائي يأتي لزيارتي...
حكاية أخرى لأم أتى بها أبناؤها لإيداعها أحد مراكز المسنين لعدم تفرغ أحد لرعايتها... نسي الأبناء حق أمهم عليهم ، زادت مشاغلهم إلى درجة أنهم لم يتذكروها حتى في الأعياد أو المناسبات.. والأم صامتة تتألم لحال أبنائها في صمت مطبق.. شكواها دموع تنهمر فقط....
وأحد الأمهات جاوزت الخامسة والسبعين من العمر تقول: " قلبي على ولدي أنفطر وقلب ولدي علي حجر". فمفاهيم الأمومة والبنوة اختلفت تماماً عن الماضي حين كانت الأم كبيرة السن تحظى باهتمام ورعاية فائقة من قِبل أبنائها ، أما العصر الحالي فبات الجحود هو السمة البارزة فيه من قبل الأبناء ، وعن تجـرُبتها الشخصيةِ مع أبنائها تقول: إن الأبناء -والحمد لله- فيهم البار بي الذي يرعاني في مرضي ويهتم بي، وفيه من لا يسأل عني سوى مرة في العام . أُدرك أنه مشغول، ولكنه يبدو أنه نسي أن له أماً!! أعترف أنني أحزن كثيراً لجفائه لي وجحوده، ومع ذلك أنا أدعو له ، ولا أملك أبداً أن أغضب عليه خوفاً عليه من عقاب الله تعالى ....
وأحد الأمهات ترى أن جحود الأبناء ، ونسيانهم لأمهاتهم هو قمة الأوضاع السلبية التي آلت إليها بعض الأسر المسلمة في عصرنا الحالي ، مؤكدة على أن الأبناء ينبغي أن يدركوا تماماً أن الأم المسنة لها احتياجات ، وخاصة بعد وفاة الزوج ، حين تجد الأم نفسها وحيدة ومنعزلة في ظل انشغال الأبناء ، مما ينعكس عليها سلباً نفسياً وهذا غير مطلوب ، بل من الضروري مراعاة الاحتياج النفسي المضاعف الذي تحتاج إليه الأم ، فالأم لا تنتظر شيئاً من أولادها ، ولكنها تكون بحاجة إلى مجرد الدعم النفسي وخصوصا في آخر العمر ، فموقف بسيط من الممكن أن يسعدها ، وموقف آخر من الممكن أن يدمرها نفسياً ويشعرها أنها عبء........
هناك العديد من الأبعاد النفسية التي تؤثر على المسن سلباً أو إيجاباً ، فيرى أحد الأطباء النفسيين أن مرحلة الشيخوخة يشهد خلالها الإنسان تغيرات متعددة قد تؤثر على الحياة النفسية والاجتماعية للأم المسنة خاصة ، وقد نجد أن القصور البدني أو تدهور بعض الوظائف الحيوية للأم المسنة ، وهو أمر لا مفر منه ، قد يفضي إلى اضطرابات نفسية وانفعالية أعمق ، إذا لم تجدِ المُسنةِ الإحاطة الوجدانية والحميمة الكافية التي تشعرها بالأمان .. فالأم في آخر عمرها تكون في أمس الحاجة إلى التوافق النفسي والاجتماعي ، والتوافق هو تواجد الأم في علاقة توازن وانسجام مع الذات ، ومع المحيط .. مما يستوجب ضرورة توفر عوامل ذاتية وموضوعية لتحقيق هذه الغاية ... ومن الضروري أن نعي حساسية الأم المسنة خلال هذه الفترة، وهي تمثل ظاهرة عادية ، لذا يجب على الأسرة أن تحقق للأم المسنة على وجه الخصوص التفاعل الاجتماعي ، والدعم العاطفي ، فالحاجات المادية وحدها لا تكفي ، ولكن الأهم هو حسن التفاعل مع هذه الفئة ، خاصة في ظل العديد من المتغيرات العميقة التي تشهدها مجتمعاتنا ، إذ أصبحت الأم المسنة لها نفسية هشة للغاية من أبسط المواقف ، لذا فإنها تكون بحاجة إلى رعاية نفسية مضاعفة خوفاً عليها من الإحساس المعنوي القاتل لها........
الأم معنا في هذه الحياة أشبه بالشمس مع الناس ، تكسونا الضياء ، وتغذينا بالعافية ، تُقدم لنا الروح لنسعد ، فلماذا عندما كبر بعضنا ، منحوا أمهاتهم أكتافهم ، وأداروا لها ظهورهم ، وقلبوا لها ظهر المِجن ، وأسمعوها ما يندى له الجبين ..
أيها الغالي --
أحسب أن هناك شريكاً لا يستهان به في قسوة الرجل على أمه ..
وقد يكون هو المحرك لها ، والدافع إليها ، والمشجع عليها -- و أعني بذلك .. الزوجة .. وأنا لا أعمم بأن كل الزوجات قد يكن سببا في ذلك ، ولا أريد أن تكون هذه اللفتة سبب في النزاع بين الزوج وزوجته ، ولكن غالب مظاهر العقوق تبدأ شرارتها من الزوجة .
الزوجة التي تكون سبباً في أن يعق الولد أمه !
إن مثل هذه الزوجة لا تستحق الاحترام ولا التقدير على حساب الأم ..
بل هي والله جديرة بأن لا توافق على ما تريده من الزوج على حساب الأم..
والمرجو والمنتظر أن تذوق من كانت سيئة مع أم زوجها نفس الكأس على يد أبنائها !!
بل المتوقع أن يذيقها أبناؤها أضعاف ما ذاقته أم زوجها على يده بسببها ..!
فبالكأس التي سقت ، سوف تشرب حتى الثمالة ..!
وإن غداً لناظره قريب .. !
فيا أيها الحبيب .. أمك .. أمك ..
فإنها جنتك ، أو نارك .. فانظر ماذا تختار لنفسك ..
وزوجة لا تعينك على بر والديك ، لا تبالِ بها وامض في طريقك ..
وهذا عتاب حار من أم مكلمومة لابن قاسي
تقول :
من القلب "
بأصدق إحساس لك في قلبي
ليس للكذب فيه مكان......
وبأوفى المشاعر..
وبدمعتي....بسهري ولوعتي......
وبشوق العيون لرؤية أحبابها..
وبكل الغلا الذي في ضميري مكانه...
بك انشغل فكري وبالي...
ولك سال دمعي غزيرا من بين الأحداق....
لأجلك تزلزل داخلي وتفجر بركان .....
إن قربك مني غاية السعادة ....
وتنكرك لي يمزق فؤادي وينحر روحي.....
حاربتني على حساب زوجتك وأنا لك سلم.....
صرخ لك شوقي ، وجرحي دعاك ....
بدأ عمرك معي... وانتهى عمري معك...
قبلت حبك.... ولم تقبل أنت حبي لحبك لزوجتك ...
غصت البحر بك وأنت شاطئه وميناه...
دنياي في لحظة حضورك تتجمل ....
كل ما فيَّ حين تراني حب وكل ما فيك حين أراك خوف !!!
لا تغضب إن آلمتك بنقدي القاسي!!! ؟
انه قلبي المحب..لفرط حبي...
لا تلمني إن قسوت يوما عليك......
فأنت؟
أنت!
أنت أغلى ما أملك يا بنيّ..
أعيذك بالرحمن من كل شر ، وأتمنى أن يكون لك ابنا مثلك عندي .. ثم كتبت في آخر رسالتها رسالة عتاب
من: أم
إلى: ابنها العاق
- - كان هناك مجموعة من الشباب ذاهبين لرحلة على إحدى شواطئنا ،وأثناء جلوسهم رأوا عجوز جالسة لوحدها .. . وبعد أن جاء وقت الغروب وحل القمر بدل الشمس ، جهزوا أغراضهم للرحيل ، فتعجبوا حين رأوا تلك المرأة العجوز لازالت جالسة في مكانها ، فقرروا أن يذهبوا إليها ويساعدوها إن كانت تحتاج إلى المساعدة ..
تقدموا لها وسألوها عن حالها ، فسألوها عن سبب جلوسها ، فقالت :
إن ابني قد أوصلني بسيارته هنا ، وقال لي اجلسي وسآتي إليك بعد ذلك ، فقال الشباب لها : هل تعرفين رقم هاتفه لربما واجهه مشكلة ، ولم يستطع القدوم فقالت نعم هذه الورقة أعطاني إياها ابني ، وقال لي : كل من مر بك أعطيه إياها ، وذهب بسيارته فقال الشباب أرينا هذه الورقة ، فلما قرؤوا ما فيها وجدوا أنه مكتوب فيها ، كل من يرى هذه العجوز يلقيها في دار المسنين ، فخاف الشباب على هذه العجوز ، فقالوا لها تعالي معنا لنذهب معكِ لمكان آمن ، لقد حل الظلام يا والدة ، لكن العجوز مصممة على بقائها ولم تخطوا خطوة واحدة ، وكلما قالوا لها تعالي معنا قالت إن ابني سيأتي لاصطحابي وأخاف أن يأتي ولا يراني فيقلق علي ، تعب الشباب مع المرأة ورحلوا .. وأحد الشباب لم يستطع النوم من شدة التفكير فيها ، فقرر الذهاب للشاطئ ليراها ويطمئن عليها ، فذهب بسيارته ورأى عند المكان الذي كانت واقفة فيه هذه العجوز سيارة إسعاف وسيارة شرطة وجمهور كثير من الناس تقدم الشاب إلى هذا المكان فوجد بأن هذه العجوز قد فارقت الحياة وثبت أنها ماتت من ارتفاع الضغط على كلام الطبيب ..
فهل رأيتم فعل هذا الولد العاق الذي تخلى عن أمه الحنون وتسبب في موتها ..
هذه قصة يرويها أحد بائعي المجوهرات يقول : دخل عليه في المحل رجل و زوجته و خلفه أمه العجوز تحمل ولده الصغير .. يقول أخذت زوجته تشتري من المحل و تشتري من الذهب .. فقال الرجل للبائع: كم حسابك .. قال البائع : عشرون ألف و مائة .. فقال الرجل : ومن أين جاءت المائة ... قال : أمك اشترت خاتما بمائة ريال .. فأخذ ابنها الخاتم من أمه ورماه على البائع .. فقال: العجائز ليس لهن ذهب .. ولما سمعت العجوز هذا الكلام بكت وذهبت إلي السيارة .. فقالت زوجته : ماذا فعلت ؟ لعلها لا تحمل ابنك بعد هذا .. عياذا بالله كأنها خادمة عندهم .. فعاتبه بائع المجوهرات ، وتكلم عليه .. فذهب الرجل إلى السيارة وقال لامه : خذي الذهب إذا تريدين خذي الخاتم .. فقالت أمه : لا والله .. لا أريده ولا أريد الخاتم ولكني أريد أن افرح بالعيد كما يفرح الناس ، فقتلت سعادتي سامحك الله ..
عبد الله اتق الله .. ثم اطلع ماذا قدمت للغد .. الغد غريب .. ربما لم ترى الفجر .. وربما لم ترى الشمس تشرق عليك .. ربما لم ترجع إلى اهلك .. وربما لا تكمل سماع هذا الحديث.. الموت أقرب من لمح البصر .. فقد يأتي بغتة و فجأة ..
إخوتي في الله -- قد يصنع القسوة والفجوة الإبن بسبب الأب ، فإحدى الأمهات المطلقات ، ذاقت مرارة الأم ، وطعم الحزن والأسى ، وتجرعت أشد العذاب من زوجها الذي طلقها ، وهو حرمانها من ابنها ثلاثة عشر سنة ، والله أن موقف هذه الأم يفطر الأكباد فهي تتمنى أن تسمع صوت ابنها ، أو ترى ملامحه ، وعندما جلست مع هذا الرجل ، وخوفته بالله ، قام يذكر بأنه يريد أن يلقن أهل هذه المرأة درسا لا ينسى ، لأنهم أساءوا إليه ، ومكان هذه المرأة يبعد عن منزله أكثر من مائتي كيلوا ، وهي بعض الأحيان تمر من أمام بابه مع أخيها لكي ترى ابنها عندما يلعب مع الأولاد .. وعندما ذكرت هذه القصة في بعض المجالس ، سمعت قصصا مما ثلة لهذا المظهر من الأزواج الذين يحبون الإنتقام ، وأحد مدراء المدارس يخبرني بقصة مماثلة لذلك ، وعندما أراد أن يجمع بين الأم والابن في منزله ، أو يستأجر لهم شقة وقت الدوام ، رفض الابن ذلك ، لأن والده قد ملأ صدره حقدا وحسدا على أمه ..
أُخيَّ :
إن كانت الأم عجوزا أو كانت مريضة أو مزعجة لك بطلباتها ، فتذكر أنك كنت في بطنها تسعة أشهر ، وتذكر مرحلة الطفولة وتذكر لحظات تنظيفها لك في صغرك ، وتذكر أعمالها التي لا تعد ولا تحصى معك في مراحل حياتك ، وإن طالبتك أن تقدّم لها من مالك فقد قدّمت لك من نفسها كثيرا، ويكفي أنها حملتك بين أحشائها فكنت عضوا من أعضائها تقوى بضعفها ، وتسمن بهزالها ، وتتغذّى من دمها ، وما وضعتك حتى كادت تخرج روحها ، فإن ضقت بطول حياة أمك ، وتخفي ذلك في أعماقك ، فقد كانت ترى فيك حياتها ، إن تبسّمت أحسّت أن الدنيا تتبسم لها ، وإن بكيت بكى قلبها واسودّ نهارها ، وإن مرضتّ هجرت منامها ونسيت طعامها ..
من كان له أم على قيد الحياة فليتدارك ما بقي له من أيامها قبل أن يأتي يوم يقال له فيه لقد ماتت أمّك .عندها ستجتاحك عاصفة من المشاعر الرهيبة التي لم تشعر ولن تشعر بمثل مرارتها بعد ذلك ، فلنستغل الفرص ..
أخيرا ليكون لسان كل واحد منا بعد أن نودع القسوة مع الأم ..
أمي ..
قسوة عليك ِوالدمع يحرق أجفاني
قسوة عليك ومظاهر قسوتي الهبت كبدي
أمي ..
الألم يعصفُ بكياني
كيف لي أن انساكِ؟
من لي بعد الله غيركِ؟
سأشتاقُ اليكِ في كل لحظه ..
سأتذكركِ والذكرى تؤرقني ..
دموعي على قسوتي معك تنسج أحزاني... وتعصفُ بوجداني ..
أمــــــــــــــــاه.. أمــــــــــــــــاه.. أمــــــــــــــــاه..
سوف أراكِ -- في كل صفحاتِ عُمري ..
سأتكبد الألم في سبيل راحتك ِ~~~~
سأمد جسر اعتذاري عن وفائكم ......... ولن تبرئني يا أم أعذار أنا الجحود نسيت الجود من يدكم ......... إني بفضلك يا أماه كفار رضاك عني مُنى نفسي وغايتها ........ و إن تغفري يا أم _ فالله غفار
سأسخر نفسي لخدمتك ، سألهب عاطـَفـَتـــَك بإحساني إليك ، والأيام بيننا ، ولن يحول بيني وبينك ، شغل أو زوجة أو ابن ..
النفس مني والعواطف ركع
ولهيب وجدي لا يلام فُيمنع
أمي وجودي قد جعلتُ فداءها
في حبها تغلو النفوسُ وتُرفع
هذا الفؤاد وكم يهيب باسمها
في طيفها عبر الجوى يتتبع
أنا في ليالي البرد أذكر عطفها
في الزمهرير إذ البوارق تلمع
أماه يا كل العواطف والنهى
القلب مني هائم لا يقنع
أنت المودة والمحبة كلها
الله يعلم أن حبـــــــكِ أوسع
وداعا للقسوة مع الأم
عبد الله بن سعيد آل يعن الله
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى