عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
ليتنا نعمد لتمكين أبنائنا وبناتنا الطلبة من تفعيل حبهم للوطن بخدمات تطوعية تقدم للمجتمع ولو بشكل دوري، لنرسم في ذاكرتهم صورة رائعة عن حب الوطن، لنطلب منهم بذل ساعات معينة في هذا الشأن ولا بأس أن ينالوا درجات تشجيعية، وحبذا لو أصبحت الخدمة الاجتماعية من متطلبات التعليم في جامعاتنا
في طفولتي كان أبي ـ رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته ـ يقول إن الحب الكامل يُفعل بالعمل لا بالأقوال. كان ـ رحمه الله ـ يؤكد هذا المفهوم كلما جلست أمامه أحاوره وأستثير جدله حول قضية كنت أعتقد آنذاك أنها محسومة بالنسبة لي، فقد كنت أقاوم وبجد هذا الفكر الوافد من سيدي الوالد الذي أحببته كما أفهم الحب، وبذلت جهدي لأستخلص منه إقرارا بأني ابنته الفضلى فلا قبلها ولا بعدها، إقرارا لم يصل إلى مسامعي مع ما بذلت من حيل، فتارة أذكره أنه أبي ومعلمي وصديقي ومثلي الأعلى، وتارة أطلب منه ودون تفكير ذكر أسماء إخوتي لعله يذكر اسمي ابتداء، ويكون بفعله ذاك قد أقر مرغما بما أسعى إليه، وكان دوما ـ رحمه الله ـ يؤكد أنه يحمل لأولاده قدرا مساويا من الحب والتقدير، ما عدا أختي الكبرى فهي المفضلة، ومعه الحق في ذلك فقد اعتادت ـ حفظها الله ـ تجسيد حبها بالأفعال الطيبة النّدية وبالرعاية المتتالية.. هي أمي التي أحب والمرشدة التي استرشد بعقلها وبعد نظرها ـ أطال الله في عمرها، ووهب لها الصحة والعافية ـ ولقد حاولت التعلم منها كيف يفعل الحب على أرض الواقع وكيف يكون، وإن كان من المحال أن أصل لعطائها وتفانيها حفظها الله.
أتمنى أن نفعل حبنا لله سبحانه بطاعته، وحب والدينا ببرهم ولأبنائنا برعايتهم والرحمة بهم، وللأهل والأصدقاء بالوفاء تجاههم، وحب الوطن بالبذل والعطاء والإخلاص، فمن يحب هذه الأرض عليه أن يثبت ذلك بفعله لا بقصائد ينساها الزمن أو يتناساها، لا بأس أن نظهر حبنا ونتغنى به لكن أن نكتفي بذلك، فذاك إجحاف ما بعده إجحاف، أن نعلن أننا محبون لبلادنا إلا أننا على أرض الواقع لا نغار على مصلحتها ونسيء بأفعالنا لسمعتها، نحب بلادنا ما دامت سخية كريمة معطاءة، ما دامت تنظر إلينا نظرتها للابن المدلل، نحب بلادنا ما دامت تمشي على هوانا، حب يفعل من طرفها لا من طرفنا، فلا حق للوطن علينا ولنا منه الحق كله، نطالبه بالعطاء والسخاء والبذل والرعاية والتدليل والعفو، وتحقيق الأمن والرخاء وتوفير كافة مطالبنا، ولكننا قد لا نتوقف ولو للحظة تدبر فيما يجب علينا تجاهه وتجاه أسلافنا الذي واصلوا الليل بالنهار لتحقيق المعجزة التي نعيشها اليوم في هذا الوطن الفتي الشاب، وكما لا يجوز نكران فضل الأبوين علينا لا يجوز إنكار فضل أوطاننا علينا.
لقد طالبت مرارا وما زلت أطالب بتفعيل هذا الحب على أرض الواقع، فما المصلحة التي يجنيها هذا الوطن من متحدث مفوه سرعان ما يسيء لبلاده ولمقدراتها، لمفوه يظهر خلاف ما يبطن، ويتقرب في الخفاء وفي العلن لغيره من الأوطان، بل ويتذلل في إظهاره الوفاء والتبعية لها، معللا لنفسه بطبيعة الحال أنه وجد التقدير هناك. من ناحيتي هو يستحق العقوبة، فما قام به يمثل خيانة لا تقل خطورة عن خيانة الإرهابي. الطالب الذي يسعى لتحقيق طموحاته دون بذل أي جهد في سبيل ذلك يعد بالنسبة لي مقصرا ويستحق اللوم والإرشاد، والموظف الذي يتعامل مع وظيفته كسبيل للرزق فلا ولاء هناك ولا إخلاصا ولا حماسة يعد أيضا مقصرا يستحق اللوم، وللفاسد المفسد الذي يتعمد استخدام صلاحياته لتصب في مصلحته الشخصية، ولو على حساب الأمانة والمصلحة الوطنية وهذا دون شك يستحق العقوبة الرادعة، وذاك الذي ينسى أو يتناسى فضل وطنه ـ بعد الله ـ ويزعم أنه ناجح بالفطرة لا فضل لأحد عليه، فيتكبر ويبخل ويتعالى ويظلم ويتجبر.. فهذا يستحق التجاهل والإهمال.
وإحقاقا للحق لابد من الإشارة إلى أن من بيننا أناسا يحبون الوطن ويسعون لخدمته بأنفسهم وأموالهم، يحبونه ويفعلون حبهم بالأفعال الملموسة التي تصل لهذه الأرض الطيبة ولأهلها، أفعالهم ـ حفظهم الله ـ منها المعلن ومنها الخفي، وهؤلاء لو تعمدت ذكر أسمائهم لما تمكنت، فهم كثر ولله الحمد والمنة.
ليتنا نعمد لتمكين أبنائنا وبناتنا الطلبة من تفعيل حبهم للوطن بخدمات تطوعية تقدم للمجتمع ولو بشكل دوري، لنرسم في ذاكرتهم صورة رائعة عن حب الوطن، لنطلب منهم بذل ساعات معينة في هذا الشأن ولا بأس أن ينالوا درجات تشجيعية، وحبذا لو أصبحت الخدمة الاجتماعية من متطلبات التعليم في جامعاتنا، ـ طلب سبق أن أشرت إليه أكثر من مرة ـ وحبذا لو أصبحت الخدمة الاجتماعية الوطنية في مؤسساتنا الجامعية نوعاً من أنواع التقويم المعتمد يطالب بها الطلبة المخالفون للأنظمة.
أخيرا يجدر بي الإشادة باقتراح الصحيفة الإلكترونية (عناوين)، والذي جاء فيه: تحديد الدولة في كل عام (هدفا) وطنيا اجتماعيا كان أو اقتصاديا أو إداريا أو حتى ثقافيا أو تنمويا، على أن تتنافس كافة قطاعات الدولة والقطاع الخاص على تحقيقه خلال عام، وقد كان من بين الأهداف المقترحة ـ على سبيل المثال ـ تعزيز الثقافة الوطنية والانتماء الوجداني للوطن، الحد من مشكلة الفقر، الحث على الإخلاص في العمل، تكريس فكرة التطوع الاجتماعي، محاربة ظاهرة الرشوة والفساد، بث روح التسامح والمحبة، التركيز على معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.. وغيرها.
كما أنه من الجميل لو عمدنا إلى تحفيز كافة المناطق فيما بينها لتحقيق هذا الهدف، من خلال القطاعات التعليمية والصحية والأمنية وحتى القطاع الخاص وغيرها من المجالات، وذلك من خلال الإعلان عن مسابقة وطنية بين مناطق المملكة تعمل على رصد تفاعل كل القطاعات الوطنية في هذا الشأن ومن ثم تقييمها، على أن تكرم المنطقة الفائزة من خلال احتفال يقام لهذه الغاية في اليوم الوطني من كل عام .
دعونا نتعلم كيف نحبه؟
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام
في طفولتي كان أبي ـ رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته ـ يقول إن الحب الكامل يُفعل بالعمل لا بالأقوال. كان ـ رحمه الله ـ يؤكد هذا المفهوم كلما جلست أمامه أحاوره وأستثير جدله حول قضية كنت أعتقد آنذاك أنها محسومة بالنسبة لي، فقد كنت أقاوم وبجد هذا الفكر الوافد من سيدي الوالد الذي أحببته كما أفهم الحب، وبذلت جهدي لأستخلص منه إقرارا بأني ابنته الفضلى فلا قبلها ولا بعدها، إقرارا لم يصل إلى مسامعي مع ما بذلت من حيل، فتارة أذكره أنه أبي ومعلمي وصديقي ومثلي الأعلى، وتارة أطلب منه ودون تفكير ذكر أسماء إخوتي لعله يذكر اسمي ابتداء، ويكون بفعله ذاك قد أقر مرغما بما أسعى إليه، وكان دوما ـ رحمه الله ـ يؤكد أنه يحمل لأولاده قدرا مساويا من الحب والتقدير، ما عدا أختي الكبرى فهي المفضلة، ومعه الحق في ذلك فقد اعتادت ـ حفظها الله ـ تجسيد حبها بالأفعال الطيبة النّدية وبالرعاية المتتالية.. هي أمي التي أحب والمرشدة التي استرشد بعقلها وبعد نظرها ـ أطال الله في عمرها، ووهب لها الصحة والعافية ـ ولقد حاولت التعلم منها كيف يفعل الحب على أرض الواقع وكيف يكون، وإن كان من المحال أن أصل لعطائها وتفانيها حفظها الله.
أتمنى أن نفعل حبنا لله سبحانه بطاعته، وحب والدينا ببرهم ولأبنائنا برعايتهم والرحمة بهم، وللأهل والأصدقاء بالوفاء تجاههم، وحب الوطن بالبذل والعطاء والإخلاص، فمن يحب هذه الأرض عليه أن يثبت ذلك بفعله لا بقصائد ينساها الزمن أو يتناساها، لا بأس أن نظهر حبنا ونتغنى به لكن أن نكتفي بذلك، فذاك إجحاف ما بعده إجحاف، أن نعلن أننا محبون لبلادنا إلا أننا على أرض الواقع لا نغار على مصلحتها ونسيء بأفعالنا لسمعتها، نحب بلادنا ما دامت سخية كريمة معطاءة، ما دامت تنظر إلينا نظرتها للابن المدلل، نحب بلادنا ما دامت تمشي على هوانا، حب يفعل من طرفها لا من طرفنا، فلا حق للوطن علينا ولنا منه الحق كله، نطالبه بالعطاء والسخاء والبذل والرعاية والتدليل والعفو، وتحقيق الأمن والرخاء وتوفير كافة مطالبنا، ولكننا قد لا نتوقف ولو للحظة تدبر فيما يجب علينا تجاهه وتجاه أسلافنا الذي واصلوا الليل بالنهار لتحقيق المعجزة التي نعيشها اليوم في هذا الوطن الفتي الشاب، وكما لا يجوز نكران فضل الأبوين علينا لا يجوز إنكار فضل أوطاننا علينا.
لقد طالبت مرارا وما زلت أطالب بتفعيل هذا الحب على أرض الواقع، فما المصلحة التي يجنيها هذا الوطن من متحدث مفوه سرعان ما يسيء لبلاده ولمقدراتها، لمفوه يظهر خلاف ما يبطن، ويتقرب في الخفاء وفي العلن لغيره من الأوطان، بل ويتذلل في إظهاره الوفاء والتبعية لها، معللا لنفسه بطبيعة الحال أنه وجد التقدير هناك. من ناحيتي هو يستحق العقوبة، فما قام به يمثل خيانة لا تقل خطورة عن خيانة الإرهابي. الطالب الذي يسعى لتحقيق طموحاته دون بذل أي جهد في سبيل ذلك يعد بالنسبة لي مقصرا ويستحق اللوم والإرشاد، والموظف الذي يتعامل مع وظيفته كسبيل للرزق فلا ولاء هناك ولا إخلاصا ولا حماسة يعد أيضا مقصرا يستحق اللوم، وللفاسد المفسد الذي يتعمد استخدام صلاحياته لتصب في مصلحته الشخصية، ولو على حساب الأمانة والمصلحة الوطنية وهذا دون شك يستحق العقوبة الرادعة، وذاك الذي ينسى أو يتناسى فضل وطنه ـ بعد الله ـ ويزعم أنه ناجح بالفطرة لا فضل لأحد عليه، فيتكبر ويبخل ويتعالى ويظلم ويتجبر.. فهذا يستحق التجاهل والإهمال.
وإحقاقا للحق لابد من الإشارة إلى أن من بيننا أناسا يحبون الوطن ويسعون لخدمته بأنفسهم وأموالهم، يحبونه ويفعلون حبهم بالأفعال الملموسة التي تصل لهذه الأرض الطيبة ولأهلها، أفعالهم ـ حفظهم الله ـ منها المعلن ومنها الخفي، وهؤلاء لو تعمدت ذكر أسمائهم لما تمكنت، فهم كثر ولله الحمد والمنة.
ليتنا نعمد لتمكين أبنائنا وبناتنا الطلبة من تفعيل حبهم للوطن بخدمات تطوعية تقدم للمجتمع ولو بشكل دوري، لنرسم في ذاكرتهم صورة رائعة عن حب الوطن، لنطلب منهم بذل ساعات معينة في هذا الشأن ولا بأس أن ينالوا درجات تشجيعية، وحبذا لو أصبحت الخدمة الاجتماعية من متطلبات التعليم في جامعاتنا، ـ طلب سبق أن أشرت إليه أكثر من مرة ـ وحبذا لو أصبحت الخدمة الاجتماعية الوطنية في مؤسساتنا الجامعية نوعاً من أنواع التقويم المعتمد يطالب بها الطلبة المخالفون للأنظمة.
أخيرا يجدر بي الإشادة باقتراح الصحيفة الإلكترونية (عناوين)، والذي جاء فيه: تحديد الدولة في كل عام (هدفا) وطنيا اجتماعيا كان أو اقتصاديا أو إداريا أو حتى ثقافيا أو تنمويا، على أن تتنافس كافة قطاعات الدولة والقطاع الخاص على تحقيقه خلال عام، وقد كان من بين الأهداف المقترحة ـ على سبيل المثال ـ تعزيز الثقافة الوطنية والانتماء الوجداني للوطن، الحد من مشكلة الفقر، الحث على الإخلاص في العمل، تكريس فكرة التطوع الاجتماعي، محاربة ظاهرة الرشوة والفساد، بث روح التسامح والمحبة، التركيز على معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.. وغيرها.
كما أنه من الجميل لو عمدنا إلى تحفيز كافة المناطق فيما بينها لتحقيق هذا الهدف، من خلال القطاعات التعليمية والصحية والأمنية وحتى القطاع الخاص وغيرها من المجالات، وذلك من خلال الإعلان عن مسابقة وطنية بين مناطق المملكة تعمل على رصد تفاعل كل القطاعات الوطنية في هذا الشأن ومن ثم تقييمها، على أن تكرم المنطقة الفائزة من خلال احتفال يقام لهذه الغاية في اليوم الوطني من كل عام .
دعونا نتعلم كيف نحبه؟
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى