عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
العلم بالحقوق والواجبات لا يخص فئة دون أخرى فلا بد أن يشمل الطلبة والطالبات، واحترامنا لمشاعرهم حق حفظه القانون والنظام، حق لم يفعل على أرض الواقع وبالشكل المطلوب مع الأسف
أيام قليلة وتتوافد الملايين من الطلبة والطالبات للمدارس النظامية، ولنكون صرحاء فحالة الفرح التي تنتاب أبناءنا لن تكون على الأغلب بسبب الفصول الدراسية ولا بسبب تكدس المناهج العلمية أو الواجبات غير الممنهجة، ولا بسبب الوجوه العابسة للمدرسين والمدرسات، فالمحرك المحفز لذاك الحماس ـ إن وجد ـ يرجع في المقام الأول لرؤية الأصدقاء القدامى، أو للتعرف على أصدقاء جدد، وللأحاديث الجانبية التي تبث خلسة داخل القاعات الدراسية أو خارجها، أما القلق الذي أجزم أنه حالة عامة لمعظمهم فيرجع ـ والله أعلم ـ إلى أن الكثير من المعلمين والمعلمات لا يستشعرون أهمية الدور الذي يناط بهم، فهم عندما يقومون بتحريك عقول شباب المستقبل ويوجهونها، يفعلون ذلك كمن يحرك الواحد منا أزرار الحاسب الآلي فلا روح هناك ولا عواطف، بل إن رعايتنا لهذه الأجهزة العمياء وخوفنا عليها قد يفوق خوفنا على نفسية الطلبة وحماسهم، ومن أراد التأكد من ذلك فما عليه إلا التوجه لزيارة إحدى المدارس في الأيام الأولى من بدء الدراسة، بل يكفيه المرور من جانب أسوارها ليسمع ضجيجا لا يحتمل من أصوات متشابكة لأساتذة ناقمين غاضبين، فجدول الواحد منهم متكدس والتقدير المعنوي يكاد يكون معدوما، وبالتالي فلا بأس بقليل من التنفيس، ولأن الطلبة في هذه المراحل هم بطبيعة الحال العنصر الأضعف في هذه المعادلة المعقدة، فلنعمد لتفريغ الشحنات السلبية في وجوههم، وإن كنت أحمد المولى سبحانه أن هذه الصورة لا تستمر وبهذا الشكل المستفز إلا لبضعة أيام، تعود بعدها الأجواء الرتيبة تطفو على السطح، فالحركة ذاتها والنظام نفسه والطريقة هي.. هي لا تتغير! وما علينا للتثبت من ذلك إلا محاولة رصد معاناة الطلبة والطالبات في تلك المراحل رصدا أكاديميا، وليت أحد الباحثين يوجه لدراسة هذه القضية دراسة أكاديمية، على أن يكون تابعا لجهة عليا في وزارة التربية والتعليم، جهة تتمتع بصلاحيات عليا ضمانا لتحقيق الإنصاف وترك تأثير المجاملات التي لا تحركنا إلا للخلف.
وقد عايشت تجربة إحدى الأمهات ففي الفصل الدراسي الأول نال ابنها درجة متميزة، وفي الفصل الثاني نال في نفس المادة درجة منخفضة جدا، وعند دراسة الأمر ومراجعة المدرسة اتضح أن مدرس المادة تغير، فذاك كانت سماحة النفس والصبر سمته الأساسية في تعامله مع الطلبة وفي طريقة تدريسه، والأخير كان يحلو له التلويح بالعصا والتكشير في وجوه الصبية الصغار، والغريب أن الطفل على حداثة سنه آنذاك أدرك أن سبب تغيير حالته من ممتاز إلى ضعيف، يرجع لعدم استيعابه للمادة، وللصراخ المستمر الذي انتهجه المدرس!
وفي الحقيقة هذه الحالة لا تشمل معظم المدارس فهناك مدارس يتسم العاملون فيها بوعي وإدراك لعظم أهمية التعليم، فالعاملون فيها يتعاملون مع الطلبة والطالبات من هذا المنطلق، وهذه مع الأسف وبشكل عام حالة المدارس الخاصة، وهذا أمر عجيب فالمدارس الخاصة تخصص رواتب متدنية جدا للمعلمين مقارنة مع مدارس القطاع العام، ودوامها يزيد بمعدل الربع عن دوام المعلم في المدارس الحكومية، ومع ذلك يتمتع الطالب والطالبة فيها برعاية علمية ومعنوية عالية، فيتعلمون فيها أهمية احترام النظام دون الاستخفاف أو إهمال لقدراتهم العقلية، هذا مع أخذنا بعين الاعتبار أن بعض هذه المدارس تتمسك بسياسة تعليمية جادة جدا، بل يمكن لنا القول إن بعضها يمارس النظام العسكري إذ إنها عندما تحدد سياستها العامة، تعمل على رفع مستوى الطلبة وقدراتهم العلمية، ومع تلك السياسة التي تعد صارمة نوعا ما، سنجد أن الولاء وغيرة الطلبة تجاهها آخذ بازدياد.
وأنا هنا لا أبرئ التعليم الجامعي من ذلك كله إلا أن حالة الطلبة والطالبات في المرحلة الجامعية تختلف جملة وتفصيلا عنها في المراحل النظامية، وهو ما يستوجب الإشارة إليه فالكثير من الطلبة في هذه المرحلة العليا، وخاصة في السنة الأولى يشعر أن أحلامهم قد أهدرت على أبواب الجامعات، فالاحترام المتبادل بين الطالب والمعلم الذي كان كثيرا ما يمني الطالب نفسه بتذوقه والتعايش معه يعد وضعا نادرا في أروقة بعض الجامعات إن لم يكن معدوما، وحقوق الطالب تكاد تكون غير محددة وغير مفهومة، بل وغير مطلوبة، ونقاشها سفاهة، وطرحها لدراستها وتفعيلها خروج عن العرف الذي جعل من الأستاذ الجامعي السيد المطاع.
ومن ناحية أخرى أجد أن بعض مؤسسات التعليم العالي تمتهن اضطهاد المعيدين والمعيدات، وهو أمر غير مفهوم فهؤلاء مستقبل التعليم العالي والامتداد المشروع لأساتذة الجامعات، هؤلاء من الواجب احتضانهم وتعليمهم وتوجيهم.
ومنذ ما يزيد عن عام جاءني اتصال من رئيس مركز الدراسات الإسلامية الدكتور "أحمد بن عبدالعزيز القصير" وكان المحور الوحيد لهذه المكالمة القصيرة يتمحور حول تعامل المركز مع المعيدات الجدد، وكان مما قال علينا مسؤولية تجاه هؤلاء، علينا ألا نحطم مشروع أستاذ، عندها أدركت أن بناتي المعيدات في أمان وأن طموحهن مدعوم.. وأننا بحول الله نستثمر كوادر بشرية شابة وبشكل لائق بها، وكانت الخطوة الأولى بعد الاحتفال بهن والترحيب بهن وتوضيح مهامهن بشكل عام، إعطاءهن اللائحة القانونية التي توضح حقوقهن وواجباتهن ليكن مطلعات على بنودها، خطوة كانت بالنسبة للأعضاء هامة جدا، فكل واجب يقابله حق، ومن قدم واجباته عليه أن ينال حقوقه ويعرفها في المقام الأول، ومن عرف واجباته وعرف حقوقه المترتبة عليها يقف على أرض ثابتة محددة الاتجاهات، فإن أجاد يضمن وصول التقدير إليه، وإن قصر فلا يلوم إلا نفسه.
وهذا العلم بالحقوق والواجبات لا يخص فئة دون أخرى فلا بد أن يشمل الطلبة والطالبات، واحترامنا لمشاعرهم حق حفظه القانون والنظام، حق لم يفعل على أرض الواقع وبالشكل المطلوب مع الأسف، فقد اعتاد الطلبة سماع الحديث عن الأنظمة، وصرامة تطبيقها والويل والوعيد للغافلين عنها المهملين لها.. أما الحقوق فنحن من امتهنا التغاضي عنها أو حتى الإشارة إليها، لنتحدث عن الحقوق كما نتحدث عن الواجبات، والله المستعان
لنتحدث عن الحقوق كما نتحدث عن الواجبات
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام
أيام قليلة وتتوافد الملايين من الطلبة والطالبات للمدارس النظامية، ولنكون صرحاء فحالة الفرح التي تنتاب أبناءنا لن تكون على الأغلب بسبب الفصول الدراسية ولا بسبب تكدس المناهج العلمية أو الواجبات غير الممنهجة، ولا بسبب الوجوه العابسة للمدرسين والمدرسات، فالمحرك المحفز لذاك الحماس ـ إن وجد ـ يرجع في المقام الأول لرؤية الأصدقاء القدامى، أو للتعرف على أصدقاء جدد، وللأحاديث الجانبية التي تبث خلسة داخل القاعات الدراسية أو خارجها، أما القلق الذي أجزم أنه حالة عامة لمعظمهم فيرجع ـ والله أعلم ـ إلى أن الكثير من المعلمين والمعلمات لا يستشعرون أهمية الدور الذي يناط بهم، فهم عندما يقومون بتحريك عقول شباب المستقبل ويوجهونها، يفعلون ذلك كمن يحرك الواحد منا أزرار الحاسب الآلي فلا روح هناك ولا عواطف، بل إن رعايتنا لهذه الأجهزة العمياء وخوفنا عليها قد يفوق خوفنا على نفسية الطلبة وحماسهم، ومن أراد التأكد من ذلك فما عليه إلا التوجه لزيارة إحدى المدارس في الأيام الأولى من بدء الدراسة، بل يكفيه المرور من جانب أسوارها ليسمع ضجيجا لا يحتمل من أصوات متشابكة لأساتذة ناقمين غاضبين، فجدول الواحد منهم متكدس والتقدير المعنوي يكاد يكون معدوما، وبالتالي فلا بأس بقليل من التنفيس، ولأن الطلبة في هذه المراحل هم بطبيعة الحال العنصر الأضعف في هذه المعادلة المعقدة، فلنعمد لتفريغ الشحنات السلبية في وجوههم، وإن كنت أحمد المولى سبحانه أن هذه الصورة لا تستمر وبهذا الشكل المستفز إلا لبضعة أيام، تعود بعدها الأجواء الرتيبة تطفو على السطح، فالحركة ذاتها والنظام نفسه والطريقة هي.. هي لا تتغير! وما علينا للتثبت من ذلك إلا محاولة رصد معاناة الطلبة والطالبات في تلك المراحل رصدا أكاديميا، وليت أحد الباحثين يوجه لدراسة هذه القضية دراسة أكاديمية، على أن يكون تابعا لجهة عليا في وزارة التربية والتعليم، جهة تتمتع بصلاحيات عليا ضمانا لتحقيق الإنصاف وترك تأثير المجاملات التي لا تحركنا إلا للخلف.
وقد عايشت تجربة إحدى الأمهات ففي الفصل الدراسي الأول نال ابنها درجة متميزة، وفي الفصل الثاني نال في نفس المادة درجة منخفضة جدا، وعند دراسة الأمر ومراجعة المدرسة اتضح أن مدرس المادة تغير، فذاك كانت سماحة النفس والصبر سمته الأساسية في تعامله مع الطلبة وفي طريقة تدريسه، والأخير كان يحلو له التلويح بالعصا والتكشير في وجوه الصبية الصغار، والغريب أن الطفل على حداثة سنه آنذاك أدرك أن سبب تغيير حالته من ممتاز إلى ضعيف، يرجع لعدم استيعابه للمادة، وللصراخ المستمر الذي انتهجه المدرس!
وفي الحقيقة هذه الحالة لا تشمل معظم المدارس فهناك مدارس يتسم العاملون فيها بوعي وإدراك لعظم أهمية التعليم، فالعاملون فيها يتعاملون مع الطلبة والطالبات من هذا المنطلق، وهذه مع الأسف وبشكل عام حالة المدارس الخاصة، وهذا أمر عجيب فالمدارس الخاصة تخصص رواتب متدنية جدا للمعلمين مقارنة مع مدارس القطاع العام، ودوامها يزيد بمعدل الربع عن دوام المعلم في المدارس الحكومية، ومع ذلك يتمتع الطالب والطالبة فيها برعاية علمية ومعنوية عالية، فيتعلمون فيها أهمية احترام النظام دون الاستخفاف أو إهمال لقدراتهم العقلية، هذا مع أخذنا بعين الاعتبار أن بعض هذه المدارس تتمسك بسياسة تعليمية جادة جدا، بل يمكن لنا القول إن بعضها يمارس النظام العسكري إذ إنها عندما تحدد سياستها العامة، تعمل على رفع مستوى الطلبة وقدراتهم العلمية، ومع تلك السياسة التي تعد صارمة نوعا ما، سنجد أن الولاء وغيرة الطلبة تجاهها آخذ بازدياد.
وأنا هنا لا أبرئ التعليم الجامعي من ذلك كله إلا أن حالة الطلبة والطالبات في المرحلة الجامعية تختلف جملة وتفصيلا عنها في المراحل النظامية، وهو ما يستوجب الإشارة إليه فالكثير من الطلبة في هذه المرحلة العليا، وخاصة في السنة الأولى يشعر أن أحلامهم قد أهدرت على أبواب الجامعات، فالاحترام المتبادل بين الطالب والمعلم الذي كان كثيرا ما يمني الطالب نفسه بتذوقه والتعايش معه يعد وضعا نادرا في أروقة بعض الجامعات إن لم يكن معدوما، وحقوق الطالب تكاد تكون غير محددة وغير مفهومة، بل وغير مطلوبة، ونقاشها سفاهة، وطرحها لدراستها وتفعيلها خروج عن العرف الذي جعل من الأستاذ الجامعي السيد المطاع.
ومن ناحية أخرى أجد أن بعض مؤسسات التعليم العالي تمتهن اضطهاد المعيدين والمعيدات، وهو أمر غير مفهوم فهؤلاء مستقبل التعليم العالي والامتداد المشروع لأساتذة الجامعات، هؤلاء من الواجب احتضانهم وتعليمهم وتوجيهم.
ومنذ ما يزيد عن عام جاءني اتصال من رئيس مركز الدراسات الإسلامية الدكتور "أحمد بن عبدالعزيز القصير" وكان المحور الوحيد لهذه المكالمة القصيرة يتمحور حول تعامل المركز مع المعيدات الجدد، وكان مما قال علينا مسؤولية تجاه هؤلاء، علينا ألا نحطم مشروع أستاذ، عندها أدركت أن بناتي المعيدات في أمان وأن طموحهن مدعوم.. وأننا بحول الله نستثمر كوادر بشرية شابة وبشكل لائق بها، وكانت الخطوة الأولى بعد الاحتفال بهن والترحيب بهن وتوضيح مهامهن بشكل عام، إعطاءهن اللائحة القانونية التي توضح حقوقهن وواجباتهن ليكن مطلعات على بنودها، خطوة كانت بالنسبة للأعضاء هامة جدا، فكل واجب يقابله حق، ومن قدم واجباته عليه أن ينال حقوقه ويعرفها في المقام الأول، ومن عرف واجباته وعرف حقوقه المترتبة عليها يقف على أرض ثابتة محددة الاتجاهات، فإن أجاد يضمن وصول التقدير إليه، وإن قصر فلا يلوم إلا نفسه.
وهذا العلم بالحقوق والواجبات لا يخص فئة دون أخرى فلا بد أن يشمل الطلبة والطالبات، واحترامنا لمشاعرهم حق حفظه القانون والنظام، حق لم يفعل على أرض الواقع وبالشكل المطلوب مع الأسف، فقد اعتاد الطلبة سماع الحديث عن الأنظمة، وصرامة تطبيقها والويل والوعيد للغافلين عنها المهملين لها.. أما الحقوق فنحن من امتهنا التغاضي عنها أو حتى الإشارة إليها، لنتحدث عن الحقوق كما نتحدث عن الواجبات، والله المستعان
لنتحدث عن الحقوق كما نتحدث عن الواجبات
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى