عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
هذه السيدة المميزة والتي تعد بحق نموذجا محفزا للنساء السعوديات، لم تشتك من أي شيء، بل انحصرت شكواها بقطع الأطفال للحبل.. دليل زوجها للمسجد هي أمية وأنا متعلمة، هي راعية غنم وأنا أستاذة جامعية، وهي في الستين وأنا لا أدري إن كنت سأصل بعد إلى هذا الخط الأحمر، ومع كل تلك المقدمات أدرك أني أقف أمام سيدة تمكنت من هز نفس اعتادت الشموخ وتباهت بذلك، نفس اعتقدت أنها تخطط لتنجح، وتنجح لتخطط للمزيد من النجاح، نفس تنام عادة قريرة العين، حامدة المولى سبحانه طالبة المزيد من نعمه، نفس كانت تعتقد أنها أنجزت ولو القليل، وعانت لتنجز هذا القليل، كان ذلك قبل أن أقف عند السيرة العطرة للسيدة الفاضلة "فاطمة بنت سعيد كردم" ابنة الستين، وأم لثمانية أبناء وأربع بنات كلهم متزوجون ويسكنون خارج قريتها.. السيدة الأمية التي لا تجيد فك الخط، ومع ذلك استطاعت حفظ كتاب الله كاملا وأجادت تجويده خلال ثلاث سنوات، وحازت شهادة بذلك من قبل رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بظهران الجنوب، الشيخ الدكتور محمد مصلح آل هاشل حفظه الله.
وإلى هنا لا جديد يذكر، فحفظة كتاب الله في بلادي ولله الحمد كثر، وكثير من المتقاعدات السعوديات لا يترددن في الوقوف على بداية الطريق ويبدأن حفظ كتاب الله بعد التقاعد مباشرة، بل ويتنافسن في ذلك، وكثير منهن يصبحن بفضل الله أكثر نشاطا وفاعلية ويبادرن في تقديم خدماتهن كمتطوعات في الأعمال الخيرية.
أتعرفون ما جعلني أتوقف عند هذه السيدة الحافظة لكتاب الله، رضاها التام بما قسم الله الكريم لها، تفانيها في خدمة زوجها الكفيف "حيان مسرع ثاني" والذي يبلغ من العمر 120 عاما، فقد تزوجته وهي شابة فتية لم تتعد الثامنة عشرة من عمرها، وهو آنذاك رجل مسن، فالفارق بينهما يصل إلى الستين عاما، هذا الزوج الفاضل لم يتوار في الإفصاح والإعلان عن مشاعر المودة والحب التي يكنها لزوجته وأم أولاده، معلنا تقديره لحبها وتفانيها في خدمته طوال حياته معها، خاصة منذ خمسة وثلاثين عاما حيث فقد بصره.
وسأترككم عند حديث الزوج الذي نقله إلينا الصحفي عوض فرحان عبر صفحات هذه الصحيفة - الوطن السعودية - فقد قال عنها: "لم أعرف فاطمة غير زاهدة في الدنيا، محبة لفعل الخير، فلقد تربت على يد والدها سعيد بن كردم المعروف في عصره بالصلاح والتقوى، وهي لم تتغير فقد استمرت معاملتها الطيبة معي، كما لم أسمعها تتضجر في يوم من الأيام من عاهتي أو كبر سني"، كما بين أن أكثر ما تحرص عليه زوجته هو وصوله إلى المسجد الذي يبعد عن منزلهم نحو600م.
عفوا القصة لم تبدأ بعد.. فما زال هناك الكثير ليروى.. فهذه السيدة التي بلغت الستين تعمل اليوم برعي الغنم، وبحسب كلام زوجها فالرعي يعد مصدر الرزق الوحيد لهما، هذه المواطنة السعودية لم تشتك ضعف زوجها وحالته الصحية، ولا كبر سنها وإصابتها بالسكر والضغط وصعوبة ممارستها للرعي، شكواها أيها القارئ الفاضل تنحصر في أن بعض الصبية الصغار يعمدون أثناء لهوهم إلى قطع حبل علقته بين باب بيتها والمسجد، يستعين زوجها به للوصول إلى المسجد، من هنا انطلقت شكواها ومن هنا انتهت.. هذه السيدة ربطت الحبل وكررت ربط البديل ما إن ينقطع، هذه السيدة كريمة المنبت تشعر بتأنيب الضمير، فهي تعتقد أنها مقصرة في حق زوجها، فقد ذكرت أنها قد تنشغل عن خدمته برعي الغنم وبحفظ كتاب الله وزيارتها للمستشفى خارج المدينة، ولا تتمكن من إيصاله للمسجد خلال الفروض الخمسة، وهو الذي ظل لأربعين عاما مؤذنا، قبل ابتلاء الله اللطيف له بالعمى، ومن هنا جاءت فكرة الحبل ومن هنا دربته على استخدامه كدليل.
القصة لم تنته بعد.. فهذه السيدة التي لقبت "حافظة القرآن" لديها حلقة تحفيظ للقرآن يومية خاصة بها وعلى يديها تعلم القرآن كل من "علي حيان" و"سعود هادي مسفر" اللذين كانا في وداع الصحفي "عوض فرحان".
هناك فصل مهم لا بد من التوقف عنده في حياة هذه السيدة الفاضلة وأسرتها، فقد ذكر الصحفي "عوض" أنه وقبل زيارته لهذه الأسرة الفاضلة بأسبوع أصاب بيتهم البسيط تماس كهربائي نتج عنه حرق منزلهم بالكامل، ولم يمس أحدهم بسوء ولله الحمد، مما اضطر الزوج والابن محمد والأحفاد لاستقباله في الساحة الخارجية لبيتهم، إن الغريب ها هنا أن هذه السيدة المميزة والتي تعد بحق نموذجا محفزا للنساء السعوديات، لم تشتك من ذلك كله، فقد انحصرت شكواها بقطع الأطفال للحبل.. دليل زوجها للمسجد، والغريب أنها اشترطت عند إجابتها على أسئلة الصحفي "عوض" الاكتفاء بالحديث عن رحلتها مع القرآن الكريم، الرحلة التي تستحق بحق أن تروى وتتناقل.. إن حياة هذه الأسرة تؤكد أننا كمجتمع نملك نماذج إنسانية تستحق الإشادة ولبساطتها نغفل عنها، نماذج كهذه السيدة الفاضلة، وهذا الزوج الفاضل والذي مع عظم تقديري لحبه لزوجته واحترامه لها، أورد هنا إمعانا لبيان الحق أن من الشروط المعتبرة لصحة النكاح: (ألا تزوج الفتاة بمن تتضرر بمعاشرته كالشيخ الهرم..".
وأخيرا يتوجب توجيه شكر خاص للصحفي "عوض فرحان" الذي بادر مشكورا بتكبد عناء السفر إلى قرية "الدافعة" في تهامة قحطان، وهي القرية النائية التي تنتمي إليها السيدة فاطمة، واطلع على طبيعة الحياة التي خرجت لنا أمثالها، وعلى أسرتها وجيرانها، وبفضل الله سبحانه ثم جهده هذا وقفت على روعة هذه السيدة السعودية. التي أقول لها: سيدتي..
لك كل التقدير
سيدتي.. لك كل التقدير
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام
وإلى هنا لا جديد يذكر، فحفظة كتاب الله في بلادي ولله الحمد كثر، وكثير من المتقاعدات السعوديات لا يترددن في الوقوف على بداية الطريق ويبدأن حفظ كتاب الله بعد التقاعد مباشرة، بل ويتنافسن في ذلك، وكثير منهن يصبحن بفضل الله أكثر نشاطا وفاعلية ويبادرن في تقديم خدماتهن كمتطوعات في الأعمال الخيرية.
أتعرفون ما جعلني أتوقف عند هذه السيدة الحافظة لكتاب الله، رضاها التام بما قسم الله الكريم لها، تفانيها في خدمة زوجها الكفيف "حيان مسرع ثاني" والذي يبلغ من العمر 120 عاما، فقد تزوجته وهي شابة فتية لم تتعد الثامنة عشرة من عمرها، وهو آنذاك رجل مسن، فالفارق بينهما يصل إلى الستين عاما، هذا الزوج الفاضل لم يتوار في الإفصاح والإعلان عن مشاعر المودة والحب التي يكنها لزوجته وأم أولاده، معلنا تقديره لحبها وتفانيها في خدمته طوال حياته معها، خاصة منذ خمسة وثلاثين عاما حيث فقد بصره.
وسأترككم عند حديث الزوج الذي نقله إلينا الصحفي عوض فرحان عبر صفحات هذه الصحيفة - الوطن السعودية - فقد قال عنها: "لم أعرف فاطمة غير زاهدة في الدنيا، محبة لفعل الخير، فلقد تربت على يد والدها سعيد بن كردم المعروف في عصره بالصلاح والتقوى، وهي لم تتغير فقد استمرت معاملتها الطيبة معي، كما لم أسمعها تتضجر في يوم من الأيام من عاهتي أو كبر سني"، كما بين أن أكثر ما تحرص عليه زوجته هو وصوله إلى المسجد الذي يبعد عن منزلهم نحو600م.
عفوا القصة لم تبدأ بعد.. فما زال هناك الكثير ليروى.. فهذه السيدة التي بلغت الستين تعمل اليوم برعي الغنم، وبحسب كلام زوجها فالرعي يعد مصدر الرزق الوحيد لهما، هذه المواطنة السعودية لم تشتك ضعف زوجها وحالته الصحية، ولا كبر سنها وإصابتها بالسكر والضغط وصعوبة ممارستها للرعي، شكواها أيها القارئ الفاضل تنحصر في أن بعض الصبية الصغار يعمدون أثناء لهوهم إلى قطع حبل علقته بين باب بيتها والمسجد، يستعين زوجها به للوصول إلى المسجد، من هنا انطلقت شكواها ومن هنا انتهت.. هذه السيدة ربطت الحبل وكررت ربط البديل ما إن ينقطع، هذه السيدة كريمة المنبت تشعر بتأنيب الضمير، فهي تعتقد أنها مقصرة في حق زوجها، فقد ذكرت أنها قد تنشغل عن خدمته برعي الغنم وبحفظ كتاب الله وزيارتها للمستشفى خارج المدينة، ولا تتمكن من إيصاله للمسجد خلال الفروض الخمسة، وهو الذي ظل لأربعين عاما مؤذنا، قبل ابتلاء الله اللطيف له بالعمى، ومن هنا جاءت فكرة الحبل ومن هنا دربته على استخدامه كدليل.
القصة لم تنته بعد.. فهذه السيدة التي لقبت "حافظة القرآن" لديها حلقة تحفيظ للقرآن يومية خاصة بها وعلى يديها تعلم القرآن كل من "علي حيان" و"سعود هادي مسفر" اللذين كانا في وداع الصحفي "عوض فرحان".
هناك فصل مهم لا بد من التوقف عنده في حياة هذه السيدة الفاضلة وأسرتها، فقد ذكر الصحفي "عوض" أنه وقبل زيارته لهذه الأسرة الفاضلة بأسبوع أصاب بيتهم البسيط تماس كهربائي نتج عنه حرق منزلهم بالكامل، ولم يمس أحدهم بسوء ولله الحمد، مما اضطر الزوج والابن محمد والأحفاد لاستقباله في الساحة الخارجية لبيتهم، إن الغريب ها هنا أن هذه السيدة المميزة والتي تعد بحق نموذجا محفزا للنساء السعوديات، لم تشتك من ذلك كله، فقد انحصرت شكواها بقطع الأطفال للحبل.. دليل زوجها للمسجد، والغريب أنها اشترطت عند إجابتها على أسئلة الصحفي "عوض" الاكتفاء بالحديث عن رحلتها مع القرآن الكريم، الرحلة التي تستحق بحق أن تروى وتتناقل.. إن حياة هذه الأسرة تؤكد أننا كمجتمع نملك نماذج إنسانية تستحق الإشادة ولبساطتها نغفل عنها، نماذج كهذه السيدة الفاضلة، وهذا الزوج الفاضل والذي مع عظم تقديري لحبه لزوجته واحترامه لها، أورد هنا إمعانا لبيان الحق أن من الشروط المعتبرة لصحة النكاح: (ألا تزوج الفتاة بمن تتضرر بمعاشرته كالشيخ الهرم..".
وأخيرا يتوجب توجيه شكر خاص للصحفي "عوض فرحان" الذي بادر مشكورا بتكبد عناء السفر إلى قرية "الدافعة" في تهامة قحطان، وهي القرية النائية التي تنتمي إليها السيدة فاطمة، واطلع على طبيعة الحياة التي خرجت لنا أمثالها، وعلى أسرتها وجيرانها، وبفضل الله سبحانه ثم جهده هذا وقفت على روعة هذه السيدة السعودية. التي أقول لها: سيدتي..
لك كل التقدير
سيدتي.. لك كل التقدير
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى