عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
مع أنه يفترض أن يكون تحريم تمويل الإرهاب في ديننا كمسلمين معلوما بالضرورة، إلا أنه كان مهما إصدار هذه الفتوى من الهيئة الموقرة
إن الشكر والتقدير الذي صدر من المقام السامي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله- للمفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ولأعضاء الهيئة – حفظهم الله- ردا على كتاب المفتي المرفق به قرار هيئة كبار العلماء المتضمن (تجريم تمويل الإرهاب لما فيه من الإفساد وزعزعة الأمن والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة) لهو دليل على المكانة التي تتمتع بها المؤسسة الدينية في قلوب السعوديين حكومة وشعبا.
وهيئة كبار العلماء ليست مؤسسة دينية بسيطة، بل هي هيئة دينية إسلامية رسمية تضم لجنة محدودة من فقهاء المملكة العربية السعودية ورئيسها هو مفتي الديار السعودية، وهي مخولة بإصدار الفتاوى وإبداء رأي الشرع في أمور الدين والحياة، بمعنى آخر هي الناطق الرسمي للفتاوى الشرعية في المملكة العربية السعودية، وهي تتمتع بمصداقية عالية عند عامة الناس وخاصتهم، وبالتالي فأي قرار تصدره الهيئة يكون محل اعتبار وعلى أعلى المستويات، وها هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله بشكره هذا يعلن للعالم تقديره لهذه الهيئة ولقراراتها كافة، ولقرارها الأخير الذي تضمن تجريم وتحريم تمويل الإرهاب شرعا وبشتى أشكاله، سواء كان بالإيواء أو المعاونة أو التستر أو التنظير الفكري أو الدعم المادي والمعنوي الذي يحمي وينمي هذه الأعمال الإجرامية.
إن هذا الموقف من هيئة كبار العلماء والإفتاء تجاه الإرهاب ليس وليد اللحظة، فقد سبق لها ومنذ عقود إصدار فتاوى في هذا الشأن، ففي عام 1409هـ أصدرت فتوى تجرم الإرهاب وتبين حكم الله في أهله، ثم توالت الفتاوى التي تؤكد موقف ديننا الإسلامي الرافض لهذه الجرائم وأهلها، فتاوى استندت على أدلة من الكتاب والسنة النبوية الشريفة، وكان طبيعيا والحكم كذلك أن ننتظر كشعب إنزال أشد العقوبات على الذين حاولوا المساس بأمننا واستقرارنا ومقدراتنا وعلى من ساعدهم بالمال والعتاد أو عمد لإمدادهم بالدعم المعنوي، ومن هنا نطالب وزارة العدل بإصدار الإحكام الرادعة في هؤلاء الذين لم يكتفوا بالإضرار بنا كدولة وكشعب وزعزعة الأمن، بل أضروا بديننا الإسلامي الحنيف، الدين الخاتم الذي يدعو للسلام ويحرم الاعتداء ونشر الفساد بين أهله وبين غيرهم،الدين الذي يترفع عن النقائص والدنايا، الدين الذي يدعو للفضائل والإحسان.
ومع أنه يفترض أن يكون تحريم تمويل الإرهاب في ديننا نحن المسلمين معلوما بالضرورة، إلا أنه كان من الأهمية بمكان إصدار هذه الفتوى من جهة كهذه الهيئة الموقرة، وأهمية هذه الفتوى نابعة من كون بعض الناس مازال حتى هذه اللحظة يخلط بين بذل المال في مواطنه الخيرة، وبين تمويل الإرهاب، وقد يعتقد أنه بتمويله ذاك يكون مجاهدا بماله، استنادا لفهمه القاصر لمصارف الزكاة المحددة في كتاب الله سبحانه والتي خصصت جزءا منها في سبيل الله، وهنا أود التنبيه إلى أن جمع الزكاة وصرفها من واجبات الدولة الإسلامية أو من تنيبه من أجهزة إدارية رسمية لهذه المهمة، والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله سبحانه وتعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) لقد نصت الآية الكريمة على فعل (خذ) وهو فعل أمر يقتضي الوجوب، ومن هنا نفهم أن الله سبحانه أمر ولاة الأمر بأخذ وجمع الزكاة ممن تجب عليهم ومن ثم توزيعها على مستحقيها، كما وضح سبحانه وجوب تنظيم جهاز إداري يعمل على جمع الزكاة وتوزيعها، فقد قال سبحانه: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها..) فالعاملون عليها، الذين أشارت إليهم الآية الكريمة هم من تكلفهم الدولة بجباية الزكاة وتوزيعها على مستحقيها.
كما أكدت السنة النبوية الشريفة -أيضا- أن جمع الزكاة وتوزيعها من واجبات الدولة، هذا ما يؤكده الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، عندما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه، إلى اليمن بقوله: (فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) لقد قال عليه الصلاة والسلام عن الزكاة إنها: (تؤخذ.. وترد) أي أن هناك جباة تابعين للدولة مناط بهم أخذ الزكاة من الأغنياء وردها على الفقراء، وهكذا نصل إلى أن جمع الزكاة وتوزيعها لا يترك لرغبات دافعيها أو عواطفهم. وأنه ليس للأفراد الحق في توزيع زكاتهم على من أرادوا.
ومن هنا وجبت توعيه المواطن بأهمية تعامله مع الجهاز الإداري الرسمي المخصص لجمع الزكاة وتوزيعها، فهناك من يستغل ورع المسلمين الأخيار فيظهر حاجة المسلمين للمال، في حين يوجهها لدعم الإرهاب وترويع الناس وقتلهم.
والغريب أن المخدرات تعد من أهم مصادرتمويل الإرهاب عالميا، فهؤلاء لا يرون بأسا في قتل وترويع الناس وإفسادهم وزعزعة أمن واستقرار الشعوب، وهكذا رأت لهم عقولهم القاصرة التجارة في المحرمات وعلى رأس هذه المحرمات المخدرات، إن الإرهابي عبارة عن ورم خبيث، وممولي الإرهاب عبارة عن خلايا هذا الورم هم خلايا الذين يضمنون له البقاء إلى أن يقضي على الجسم كافة، ومن ثم علينا إيقاف تشعبه وازدياد فساده وخرابه ولو بقطعه تماما من مجتمعاتنا الإنسانية.
والرائع في هذه الفتوى أنها لم تهمل الإشارة إلى نقطة مهمة جدا وهي الفرق بين تمويل الإرهاب الذي نعرفه تماما، وبين دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم وعلاجهم وتعليمهم، والذي بطبيعة الحال لا بد أن يكون منظما حتى لا تقع الزكاة والصدقات في غير موقعها.
وفي هذا المقام نوجه بدورنا -كمواطنين- الشكر الجزيل لهيئة كبار العلماء الموقرة، على الدور الذي يقومون به في خدمة ديننا ووطنا، أعانهم الله سبحانه على أداء الأمانة إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأدام الله الخير على بلادنا حكومة وشعبا.
لا للخلط بين بذل المال في مواطنه وتمويل الإرهاب بعد فتوى كبار العلماء
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام
إن الشكر والتقدير الذي صدر من المقام السامي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله- للمفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ولأعضاء الهيئة – حفظهم الله- ردا على كتاب المفتي المرفق به قرار هيئة كبار العلماء المتضمن (تجريم تمويل الإرهاب لما فيه من الإفساد وزعزعة الأمن والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة) لهو دليل على المكانة التي تتمتع بها المؤسسة الدينية في قلوب السعوديين حكومة وشعبا.
وهيئة كبار العلماء ليست مؤسسة دينية بسيطة، بل هي هيئة دينية إسلامية رسمية تضم لجنة محدودة من فقهاء المملكة العربية السعودية ورئيسها هو مفتي الديار السعودية، وهي مخولة بإصدار الفتاوى وإبداء رأي الشرع في أمور الدين والحياة، بمعنى آخر هي الناطق الرسمي للفتاوى الشرعية في المملكة العربية السعودية، وهي تتمتع بمصداقية عالية عند عامة الناس وخاصتهم، وبالتالي فأي قرار تصدره الهيئة يكون محل اعتبار وعلى أعلى المستويات، وها هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله بشكره هذا يعلن للعالم تقديره لهذه الهيئة ولقراراتها كافة، ولقرارها الأخير الذي تضمن تجريم وتحريم تمويل الإرهاب شرعا وبشتى أشكاله، سواء كان بالإيواء أو المعاونة أو التستر أو التنظير الفكري أو الدعم المادي والمعنوي الذي يحمي وينمي هذه الأعمال الإجرامية.
إن هذا الموقف من هيئة كبار العلماء والإفتاء تجاه الإرهاب ليس وليد اللحظة، فقد سبق لها ومنذ عقود إصدار فتاوى في هذا الشأن، ففي عام 1409هـ أصدرت فتوى تجرم الإرهاب وتبين حكم الله في أهله، ثم توالت الفتاوى التي تؤكد موقف ديننا الإسلامي الرافض لهذه الجرائم وأهلها، فتاوى استندت على أدلة من الكتاب والسنة النبوية الشريفة، وكان طبيعيا والحكم كذلك أن ننتظر كشعب إنزال أشد العقوبات على الذين حاولوا المساس بأمننا واستقرارنا ومقدراتنا وعلى من ساعدهم بالمال والعتاد أو عمد لإمدادهم بالدعم المعنوي، ومن هنا نطالب وزارة العدل بإصدار الإحكام الرادعة في هؤلاء الذين لم يكتفوا بالإضرار بنا كدولة وكشعب وزعزعة الأمن، بل أضروا بديننا الإسلامي الحنيف، الدين الخاتم الذي يدعو للسلام ويحرم الاعتداء ونشر الفساد بين أهله وبين غيرهم،الدين الذي يترفع عن النقائص والدنايا، الدين الذي يدعو للفضائل والإحسان.
ومع أنه يفترض أن يكون تحريم تمويل الإرهاب في ديننا نحن المسلمين معلوما بالضرورة، إلا أنه كان من الأهمية بمكان إصدار هذه الفتوى من جهة كهذه الهيئة الموقرة، وأهمية هذه الفتوى نابعة من كون بعض الناس مازال حتى هذه اللحظة يخلط بين بذل المال في مواطنه الخيرة، وبين تمويل الإرهاب، وقد يعتقد أنه بتمويله ذاك يكون مجاهدا بماله، استنادا لفهمه القاصر لمصارف الزكاة المحددة في كتاب الله سبحانه والتي خصصت جزءا منها في سبيل الله، وهنا أود التنبيه إلى أن جمع الزكاة وصرفها من واجبات الدولة الإسلامية أو من تنيبه من أجهزة إدارية رسمية لهذه المهمة، والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله سبحانه وتعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) لقد نصت الآية الكريمة على فعل (خذ) وهو فعل أمر يقتضي الوجوب، ومن هنا نفهم أن الله سبحانه أمر ولاة الأمر بأخذ وجمع الزكاة ممن تجب عليهم ومن ثم توزيعها على مستحقيها، كما وضح سبحانه وجوب تنظيم جهاز إداري يعمل على جمع الزكاة وتوزيعها، فقد قال سبحانه: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها..) فالعاملون عليها، الذين أشارت إليهم الآية الكريمة هم من تكلفهم الدولة بجباية الزكاة وتوزيعها على مستحقيها.
كما أكدت السنة النبوية الشريفة -أيضا- أن جمع الزكاة وتوزيعها من واجبات الدولة، هذا ما يؤكده الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، عندما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه، إلى اليمن بقوله: (فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) لقد قال عليه الصلاة والسلام عن الزكاة إنها: (تؤخذ.. وترد) أي أن هناك جباة تابعين للدولة مناط بهم أخذ الزكاة من الأغنياء وردها على الفقراء، وهكذا نصل إلى أن جمع الزكاة وتوزيعها لا يترك لرغبات دافعيها أو عواطفهم. وأنه ليس للأفراد الحق في توزيع زكاتهم على من أرادوا.
ومن هنا وجبت توعيه المواطن بأهمية تعامله مع الجهاز الإداري الرسمي المخصص لجمع الزكاة وتوزيعها، فهناك من يستغل ورع المسلمين الأخيار فيظهر حاجة المسلمين للمال، في حين يوجهها لدعم الإرهاب وترويع الناس وقتلهم.
والغريب أن المخدرات تعد من أهم مصادرتمويل الإرهاب عالميا، فهؤلاء لا يرون بأسا في قتل وترويع الناس وإفسادهم وزعزعة أمن واستقرار الشعوب، وهكذا رأت لهم عقولهم القاصرة التجارة في المحرمات وعلى رأس هذه المحرمات المخدرات، إن الإرهابي عبارة عن ورم خبيث، وممولي الإرهاب عبارة عن خلايا هذا الورم هم خلايا الذين يضمنون له البقاء إلى أن يقضي على الجسم كافة، ومن ثم علينا إيقاف تشعبه وازدياد فساده وخرابه ولو بقطعه تماما من مجتمعاتنا الإنسانية.
والرائع في هذه الفتوى أنها لم تهمل الإشارة إلى نقطة مهمة جدا وهي الفرق بين تمويل الإرهاب الذي نعرفه تماما، وبين دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم وعلاجهم وتعليمهم، والذي بطبيعة الحال لا بد أن يكون منظما حتى لا تقع الزكاة والصدقات في غير موقعها.
وفي هذا المقام نوجه بدورنا -كمواطنين- الشكر الجزيل لهيئة كبار العلماء الموقرة، على الدور الذي يقومون به في خدمة ديننا ووطنا، أعانهم الله سبحانه على أداء الأمانة إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأدام الله الخير على بلادنا حكومة وشعبا.
لا للخلط بين بذل المال في مواطنه وتمويل الإرهاب بعد فتوى كبار العلماء
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى