عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
عندما أتأمل العصر الذي نعيشه أدرك أنه عصر استطاع فرض أدواته على العالم كافة، فقد تمكن بانفتاحه تحقيق تمازج بين الشعوب على اختلاف خلفياتها الدينية والثقافية والحضارية، فهو عصر لا يعترف بالحواجز، ولا بالحدود الدولية، عصر امتلك الفضاء وساد العالم من خلاله، والدول بصفة عامة لا تستطيع إيقاف مسار هذا الانفتاح العالمي ولا إلغاء وجوده، وهي مجبره في أحوالها كلها على الجلوس إليه والتعامل معه.
كما أدرك أنه عصر حمل ويحمل إلينا قيما جديدة لم نعهدها من قبل، قيما لامست مجتمعنا السعودي كما لامست غيره من المجتمعات وفي العديد من الجوانب الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، فمع كثرة الثقافات الوافدة التي تتربع بيننا من خلال الإنترنت والهواتف النقالة والقنوات الفضائية والإذاعية وغيرها، يجد المجتمع السعودي نفسه كغيره من المجتمعات، مستقبلا مفاهيم إنسانية وافدة، بعضها قد يترك أثرا إيجابيا على مجتمعنا، وهذه النوعية تستوجب التشجيع والمساندة، وأخرى سلبية تتعارض مع خصائصنا الدينية والوطنية وهي تستوجب الإنكار والرفض، كالقيم التي تخالف تعاليمنا الدينية وقيمنا الوطنية.
ولنكون فاعلين متفاعلين في عصرنا هذا يتوجب علينا الاهتمام ببناء الضوابط الداخلية لدى أبنائنا وبناتنا، ضوابط قائمة على الخصائص الدينية والوطنية، وقادرة على تحديد قناعات ذاتية محددة المعالم إيجابية المنبع والأثر، ضوابط كفيلة بتحديد الفرق بين الخير والشر والصالح والطالح من الأمور كلها، ومن المهم أن نبذل قصارى جهدنا لتأصيل الصحيح لمفهوم الأمن الثقافي، وذلك من خلال رفضنا للمفاهيم الخاطئة التي تدعو للانعزال ورفض التعاطي مع المستجدات العصرية النافعة، فمع حرصنا وحمايتنا لخصائصنا الدينية والوطنية علينا توفير المناخ الثقافي الذي يمكننا من التفاعل الإيجابي مع مستجدات هذا العصر.
أما اعتزازنا بالذات وبالثقافة المحلية المنبثقة بطبيعة الحال من تعاليم ديننا الحنيف ومن تاريخنا الوطني المجيد، فهو من وجهة نظري أهم عنصر من العناصر التي تمكننا من التعامل مع كافة الثقافات الإنسانية بثقة كاملة، فمن خلاله نستطيع استيعاب معطيات الثقافات الوافدة وتدبرها وأخذ المفيد منها ورفض ما يتعارض ومصالحنا الدينية والوطنية، وبها نحافظ على ثقافتنا، وفي الوقت نفسه نتمكن من القيام بالدور المطلوب واللائق بنا على الساحة الوطنية والعالمية ومن ذلك نكسب احترامنا لأنفسنا واحترام العالم لنا.
وهذا الهدف السامي سهل المنال بإذن الله لو بذلنا جهدنا في طلب العلم وسخرناه في خدمتنا وخدمة الإنسانية بشكل عام، لو سخرنا أدوات هذا العصر كالإنترنت والقنوات الفضائية والإذاعية وغيرها في نشر قيمنا الإسلامية السامية وخصائصنا الثقافية، ومن المهم في خضم انشغالنا ذاك ألا ننسى توجيه وتنمية وجداننا نحو الموقع الخاص والمتفرد لوطننا المملكة العربية السعودية في وجدان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وهذه الخصوصية تضفي علينا مسؤولية عظيمة، فمن جهة تلزمنا بالتفاعل مع الأحداث الإسلامية والعالمية، ومن جهة أخرى تلزمنا بالتفاعل مع هذا العصر الذي نحن نعيش فيه، تفاعل لا يستهدف بطبيعة الحال ثوابتنا المستمدة من ديننا الإسلامي.
ولكني أخشى ما أخشاه أن أجد أبناءنا وبناتنا وقد تجاهلوا الآثار السلبية لأدوات هذا العصر، أخشى على أبنائنا من الانزلاق في أعراف غريبة عنا وعن مجتمعنا، أعراف وتقاليد تتعارض مع تعاليم ديننا وعاداتنا الطيبة، فقد تحمل إلينا ما يخالف ويتعارض مع تعاليم ديننا الذي يدعو لفضائل الأخلاق وللطيب من الأفعال، كما قد تعارض أدوات هذا العصر ما يخالف قيمنا الوطنية، وقد تسعى لتزييف الحقائق التاريخية والجغرافية، كما قد تستغل لتجنيد أبنائنا ليكونوا إرهابيين خارجين على القانون، يزرعون الخوف والرعب أينما وقفوا واتجهوا، ويكونوا بذلك جنودا لأعدائنا الذين سخروا أدوات هذا العصر بأبشع الصور، وقد يكون رفضنا التعامل مع أدوات العصر والتحدث بلغته السبب في تمكينهم من تحقيق غاياتهم الدنيئة.
كمجتمع يتوجب علينا في عصر المستجدات المتسارعة تحقيق معادلة التوازن بين خصوصيتنا الثقافية المنبثقة عن ثوابتها الدينية والوطنية وبين التعايش والتفاعل بإيجابية مع العصر وأدواته، وهذه المعادلة هي النقطة التي علينا كمجتمع سعودي السعي للوصول إليها لنكون بحق فاعلين متفاعلين في هذا العالم المتغير، فنحن نعيش في عصر غريب يطالعنا يوما بعد يوم بما هو جديد ومبهر وفي كل المجالات، وفهم طبيعة هذا العصر والقدرة على التعامل مع أدواته على اختلافها واجب ديني ووطني، إذ إنه من المهم أن نكون على قدم وساق مع كل ما يطرح عالميا نسعى لفهمه ونستوعب قدراته وأبعاده، ونستطيع أن نوجه كل ذلك ليكون بما يتناسب وخصائصنا الدينية والوطنية، علينا أن نتعامل مع هذا العصر دون خوف وهو أمر لن يتحقق دون علم وعمل، وحبذا لو كثفنا برامجنا الثقافية الهادفة لتوعية الإنسان السعودي بكيفية التعامل مع كافة أدوات العصر الحالي، والإيجابيات والسلبيات الكامنة فيه، ويا ليتنا نوجه قنواتنا الفضائية لإنتاج برامج تهدف لتدعيم ذلك، كما أنه من الواجب إصدار قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه استغلال التقنية الحديثة لتنفيذ جرائم إلكترونية إرهابية تستهدف الأمن وسلامة الإنسان الجسدية والفكرية.
وأخيرا أجد أنه من المناسب ذكر قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي جاء فيه: (لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)، (لا تكرهوا أولادكم على عاداتكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم) فمن الواجب علينا الاعتراف أننا في عصر تتسارع فيه المستجدات فلا يخلو يوم دون اختراع جديد فاق خيالنا وتطلعاتنا، وغالبية هذه المستجدات تصبح بين ليلة وضحاها من أولوياتنا اليومية، فمنذ سنوات لم أكن أحلم أن يحتل الإنترنت والهواتف النقالة والقنوات الإخبارية الفضائية وغيرها هذا الحيز من اهتمام أبنائنا بل من اهتمامنا نحن الآباء والأمهات، فلنساير عالمنا المتغير بتفاؤل حذر
لنساير عالمنا المتغير بتفاؤل حذر
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام
كما أدرك أنه عصر حمل ويحمل إلينا قيما جديدة لم نعهدها من قبل، قيما لامست مجتمعنا السعودي كما لامست غيره من المجتمعات وفي العديد من الجوانب الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، فمع كثرة الثقافات الوافدة التي تتربع بيننا من خلال الإنترنت والهواتف النقالة والقنوات الفضائية والإذاعية وغيرها، يجد المجتمع السعودي نفسه كغيره من المجتمعات، مستقبلا مفاهيم إنسانية وافدة، بعضها قد يترك أثرا إيجابيا على مجتمعنا، وهذه النوعية تستوجب التشجيع والمساندة، وأخرى سلبية تتعارض مع خصائصنا الدينية والوطنية وهي تستوجب الإنكار والرفض، كالقيم التي تخالف تعاليمنا الدينية وقيمنا الوطنية.
ولنكون فاعلين متفاعلين في عصرنا هذا يتوجب علينا الاهتمام ببناء الضوابط الداخلية لدى أبنائنا وبناتنا، ضوابط قائمة على الخصائص الدينية والوطنية، وقادرة على تحديد قناعات ذاتية محددة المعالم إيجابية المنبع والأثر، ضوابط كفيلة بتحديد الفرق بين الخير والشر والصالح والطالح من الأمور كلها، ومن المهم أن نبذل قصارى جهدنا لتأصيل الصحيح لمفهوم الأمن الثقافي، وذلك من خلال رفضنا للمفاهيم الخاطئة التي تدعو للانعزال ورفض التعاطي مع المستجدات العصرية النافعة، فمع حرصنا وحمايتنا لخصائصنا الدينية والوطنية علينا توفير المناخ الثقافي الذي يمكننا من التفاعل الإيجابي مع مستجدات هذا العصر.
أما اعتزازنا بالذات وبالثقافة المحلية المنبثقة بطبيعة الحال من تعاليم ديننا الحنيف ومن تاريخنا الوطني المجيد، فهو من وجهة نظري أهم عنصر من العناصر التي تمكننا من التعامل مع كافة الثقافات الإنسانية بثقة كاملة، فمن خلاله نستطيع استيعاب معطيات الثقافات الوافدة وتدبرها وأخذ المفيد منها ورفض ما يتعارض ومصالحنا الدينية والوطنية، وبها نحافظ على ثقافتنا، وفي الوقت نفسه نتمكن من القيام بالدور المطلوب واللائق بنا على الساحة الوطنية والعالمية ومن ذلك نكسب احترامنا لأنفسنا واحترام العالم لنا.
وهذا الهدف السامي سهل المنال بإذن الله لو بذلنا جهدنا في طلب العلم وسخرناه في خدمتنا وخدمة الإنسانية بشكل عام، لو سخرنا أدوات هذا العصر كالإنترنت والقنوات الفضائية والإذاعية وغيرها في نشر قيمنا الإسلامية السامية وخصائصنا الثقافية، ومن المهم في خضم انشغالنا ذاك ألا ننسى توجيه وتنمية وجداننا نحو الموقع الخاص والمتفرد لوطننا المملكة العربية السعودية في وجدان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وهذه الخصوصية تضفي علينا مسؤولية عظيمة، فمن جهة تلزمنا بالتفاعل مع الأحداث الإسلامية والعالمية، ومن جهة أخرى تلزمنا بالتفاعل مع هذا العصر الذي نحن نعيش فيه، تفاعل لا يستهدف بطبيعة الحال ثوابتنا المستمدة من ديننا الإسلامي.
ولكني أخشى ما أخشاه أن أجد أبناءنا وبناتنا وقد تجاهلوا الآثار السلبية لأدوات هذا العصر، أخشى على أبنائنا من الانزلاق في أعراف غريبة عنا وعن مجتمعنا، أعراف وتقاليد تتعارض مع تعاليم ديننا وعاداتنا الطيبة، فقد تحمل إلينا ما يخالف ويتعارض مع تعاليم ديننا الذي يدعو لفضائل الأخلاق وللطيب من الأفعال، كما قد تعارض أدوات هذا العصر ما يخالف قيمنا الوطنية، وقد تسعى لتزييف الحقائق التاريخية والجغرافية، كما قد تستغل لتجنيد أبنائنا ليكونوا إرهابيين خارجين على القانون، يزرعون الخوف والرعب أينما وقفوا واتجهوا، ويكونوا بذلك جنودا لأعدائنا الذين سخروا أدوات هذا العصر بأبشع الصور، وقد يكون رفضنا التعامل مع أدوات العصر والتحدث بلغته السبب في تمكينهم من تحقيق غاياتهم الدنيئة.
كمجتمع يتوجب علينا في عصر المستجدات المتسارعة تحقيق معادلة التوازن بين خصوصيتنا الثقافية المنبثقة عن ثوابتها الدينية والوطنية وبين التعايش والتفاعل بإيجابية مع العصر وأدواته، وهذه المعادلة هي النقطة التي علينا كمجتمع سعودي السعي للوصول إليها لنكون بحق فاعلين متفاعلين في هذا العالم المتغير، فنحن نعيش في عصر غريب يطالعنا يوما بعد يوم بما هو جديد ومبهر وفي كل المجالات، وفهم طبيعة هذا العصر والقدرة على التعامل مع أدواته على اختلافها واجب ديني ووطني، إذ إنه من المهم أن نكون على قدم وساق مع كل ما يطرح عالميا نسعى لفهمه ونستوعب قدراته وأبعاده، ونستطيع أن نوجه كل ذلك ليكون بما يتناسب وخصائصنا الدينية والوطنية، علينا أن نتعامل مع هذا العصر دون خوف وهو أمر لن يتحقق دون علم وعمل، وحبذا لو كثفنا برامجنا الثقافية الهادفة لتوعية الإنسان السعودي بكيفية التعامل مع كافة أدوات العصر الحالي، والإيجابيات والسلبيات الكامنة فيه، ويا ليتنا نوجه قنواتنا الفضائية لإنتاج برامج تهدف لتدعيم ذلك، كما أنه من الواجب إصدار قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه استغلال التقنية الحديثة لتنفيذ جرائم إلكترونية إرهابية تستهدف الأمن وسلامة الإنسان الجسدية والفكرية.
وأخيرا أجد أنه من المناسب ذكر قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي جاء فيه: (لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)، (لا تكرهوا أولادكم على عاداتكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم) فمن الواجب علينا الاعتراف أننا في عصر تتسارع فيه المستجدات فلا يخلو يوم دون اختراع جديد فاق خيالنا وتطلعاتنا، وغالبية هذه المستجدات تصبح بين ليلة وضحاها من أولوياتنا اليومية، فمنذ سنوات لم أكن أحلم أن يحتل الإنترنت والهواتف النقالة والقنوات الإخبارية الفضائية وغيرها هذا الحيز من اهتمام أبنائنا بل من اهتمامنا نحن الآباء والأمهات، فلنساير عالمنا المتغير بتفاؤل حذر
لنساير عالمنا المتغير بتفاؤل حذر
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى