رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
أحاسيسٌ كثيرة تختلجني حين أفكِّر في هذا الموضوع؛ كيف سأستطيع أن أدوِّنه.. أن أصيغه إلى ألفاظ وعبارات تعني ما أقصده، ولا يتعدى ذلك إلى تفسيرات أخرى.. هل ما سأحيله إلى جُمل من الصعوبة رسمه بالقلم؟ .. أليس ما أعنيه واقعا يُرى ويُسمع؟
بلى.. بلى.. أجبت نفسي.
إذن.. ما وجه المُحال هنا؟
وأجبت نفسي مرَّة أخرى: هل سيصدِّقني الناس أم سيقولون: ضخّمت موضوعاً محجماً.. أم سيقولون تخيُّلات أو ... أم.. أو؟!
ودون أن أنتظر سؤالاً وردَّاً، عزمت على أن أفل قلمي من غمده، وللقارئ أن يعذرني إذا ظَنَّ أنَّي تجاوزت حد المعقول، فله منّي وعد ألاَّ أذكر إلا الواقع من الشواهد، فما أنا إلاَّ نذير قوم.
***
دلفتُ إلى محل لبيع المواد الغذائية والكماليات، تدفع عربة الحاجيات أمامها، وهي تعبر معابر ذلك المحل متنقلة من ركن إلى أخر، لم يكن هناك شيء يجذب في حركتها، لكن تلك الفتاة التي تتبعها كانت محل جذب واستدارة الرؤوس نحوها، لقد لفتت انتباه الكثير ممَّن رآها بما ترتديه من ملابس تظهر من جسدها أكثر مما تستر، أتذكرون حين قلت لكم "فتاة"؟! نعم، كانت فتاة عمرها يتجاوز اثنتي عشرة سنة، أما جسمها فأكبر من ذلك، ما كانت ترتديه عبارة عن سروال قصير يسمّونه "شورتاً" وقميصاً، لكم أن تتخيّلوا بشاعة المنظر حين تنتقي الأم بين معروضات المحل ما تشاء، وتعرض ابنتها بهذا الزي لتلتهمها كل عين جائعة ونفس عطشى..!
وتابعوا معي:
أمام كثير من مدارس البنات، حكومية أو أهلية ـ الأمر سيَّان ـ لك أن تقف حائراً لترى المأساة التي يصنعها كثيرٌ من الأهالي بأيديهم.. فهذه طفلة لا تفقه من الدنيا شيئاً سوى أناشيد تحفظها من معلّمتها في الروضة، يمسك السائق بيدها وأحياناً يحملها على صدره إلى بوابة الروضة، هل السائق الأجنبي موضع أمانة؟! رسالة إلى كل المفرِّطين.
وهذه فتاة في المرحلة المتوسطة أو الثانوية تركب وحدها مع السائق!! وتلك سيارة يقودها سائق بجوار خادمة ـ لا أدري زوجته أم لا؟! ـ مهمتها توصيل الطفلة الصغيرة إلى المدرسة، وبينما تنهمك الخادمة في حديث مع السائق، تخرج الطفلة رأسها من نافذة السيّارة لتتبع ذلك بكتفها ثمّ بنصف جسدها، والسيّارة تتهادى في الطريق.. تتهاوى الطفلة يمنةً ويسرةً.
وبجوار باب مشغل نسائي جلس السائق ينتظر "فلانة" التي دخلت، بينما أُوكل له حمل الصغيرة حتى لا تشغل أمَّها، وهذه الصغيرة ذات السنوات الأربع على أقل تقدير، ترك السائق لها حرية الحركة، فحيناً تقفز هنا، وحيناً أخرى تركض هناك، وأذكركم.. في الشارع كان لهو البريئة!! ومرَّة يمسكها بيده يرفعها تارة على كتفه وتارة يجلسها وتكون على رجله.. عفواً ـ أكاد أختنق ـ لن أكمل! أؤجل التعليق إلى النهاية..
تابعوا معي:
كنت أسمع فلم أصدِّق، قيل لي إنَّ هناك بعض الفتيات يقمن بقياس الملابس قبل شرائها في نفس المحل، حينها كنت أظنُّ ـ على أسوأ تقدير! ـ أنَّ هناك موضعاً مهيأً في المعرض لهذا الغرض، وأقول "على أسوأ تقدير"؛ لأنَّه في ظل انعدام الرقابة وقلَّة الأمانة في هذا الزمن فإنَّ هذا يُعدُّ تقديراً سيئاً وحالة سيئة ـ لا تتعجّبوا ـ.. قيل لي: ليس هناك موضع مهيأ لهذا الغرض، وإنَّما تختار موضعاً في المحل وتختفي خلف حامل ملابس أو ركن معيَّن، أو تسترها من حضرت معها، ثمَّ تقوم بلبس ما تشتريه، وغالباً يتم قياس السراويل "البنطال" والتنانير..!
بعد كلّ ما قيل لي لم أصدِّق حتى رأيت بعيني، لا بل بعيني الاثنتين، فحين هممتُ بمغادرة المعرض، لمَّا لم أجد بُغيتي فيه، إذ بإحدى المتسوِّقات منزوية خلف حامل الملابس وقد رفعت عباءتها من خلف، بحيث أظهر ذلك كلّ ما سترته العباءة..! تذكرت حال الأنصارية التي حاول أحد اليهود أن يكشف ما خُفي منها تحت جلبابها فاستغاثت بأحد المسلمين.. أقول: يظهر أنَّ صاحبتنا هذه نسيت وهي في غمرة قياس الملابس أن تنزل عباءتها بعد أن أنهت مهمّتها.. عموماً عدت إليها وأشرت إلى عباءتها مذكِّرة إيّاها.. مخجلة إيَّاها، ولكن يبدو ألا حياة لمن تنادي! ويا قلبي لا تختنق، بل احترق، ولن أعلِّق.. بل انتظروا.
وتابعوا معي:
وبينما تدخل الفتاة بكامل زينتها، وقد زادها لبس عباءة التبرُّج زينة، إلى محل لبيع الحلوى، يقف بالباب ـ باب المحل ـ ذلك الشاب الذي يلاحقها ويتلفَّظ بأعلى صوته بألفاظ مغازلة لها على مسمع ومرأى كلّ من في الطريق، أنا واحدة منهم، حيث كنت أنتظر في السيارة، وكنت أختنق من هذه الإسفاف والتبذُّل.. ومن المسؤول؟
وتابعوا ـ عفواً ـ أريد أن أذكر أنَّني هنا لا أحصر، بل أمثِّل، وسأواصل إن شاء الله تعالى..
فهذه نماذج قد تمرّ أمامنا أو أشباهها، فننساها، وقد تنسينا الحياة أحداثها، بينما تتفاعل آثارها لتخرج بمواقف أشدّ، وفي غياب الأمر والنهي والعيب والمسموح والممنوع؛ تكون تلك الوقائع سهلة بسيطة أمام القادم، ويكون النداء الحالم "عسى زمان مضى أن يعود" هو الرجاء، وهذا ما نخشاه.. والله يرعاكم.
وتابعوا معي...
.. وفي كثير من المشاغل النسائية تجاوزات لم يدركها الرقيب، بل لم يصل إليها.. عشرات الصور لنساء غربيات وشرقيات في أوضاع مختلفة، عارضات قصَّات شعورهن مع أجزاء من أجسادهن العارية معلَّقة على جدار أحد المشاغل كوسيلة إغراء للوصول إلى جُحر الضب بأيسر الطرق.
وفي زاوية أخرى تستقرُّ عشرات المجلات على طاولة تحوي آلاف النماذج لأزياء مسخ لا تقبل التأنيث ولا التذكير، ولا تملك انتماءً لثقافة أصيلة تهوي عندها أهواء كثير من النساء.
وفي جانب آخر من ذلك المشغل سُتر جزء ووُضع على باب ذلك الجزء "ممنوع الدخول"، حيث كانت غرفة العمليات ـ عفواً.. ليست جراحية ـ إنّما.. ـ وعفواً مرّة أخرى؛ فلم أرد أن أخدش مشاعركم ـ إنَّما غرفة إزالة الشعر من أجزاء الجسم، وهناك يحدث ما لم يدركه الرقيب، حين ينزع الحياء من أجل الجمال الممقوت، وتتمادى بعض النساء في التنازل بدءاً من ذراع وساق وحتى... إلخ!
وبين تلك الزاوية وهذا الجانب، تلمح الخياطة فلانة والمصممة فلانة و"الكوافيرة" فلانة، بملابسهن التي يخدشن بها الحياء العام، والخاص.. وأين الرقيب؟!
وتابعوا ـ حفظ الله حواسكم ـ:
حين كتبتُ قبل سنوات مضت: اقرأ عن الهاتف وسوء استخدامه وضرورة مراقبة الأهل لاستخدام الأبناء له ذكوراً وإناثاً.. كنت أتألَّم على جهل مني ـ لا على القصص التي أسمعها أو أقرؤها عن ضحايا ذلك الجهاز، وإنَّما لأنّي كنت أظنُّ أنَّ ذلك خنق للحرية الشخصية.. وحين أفقتُ على قصص وقعت بين يدي ممَّن وثقوا ووثقن بي.. ممَّن خاضوا أو خضن أوحال المعاكسات؛ أدركت خطأ تصوُّري واحتقاري لكثير من الشرر..!
وأفيقوا كما أفقت:
تقول إحدى طالباتي:
"لم تكن صديقاتي يصدقن أنَّي الوحيدة من بينهن التي لم يسبق لي أن حادثت شاباً في الهاتف".
وتقول أخرى:
"كنّا مجموعة صديقات، القاسم المشترك بيننا الاستمتاع بالحياة كما نريد، وإن اختلفت توجهاتنا العلمية.. بعضنا قد عُقد قرانها، ومنّا من خُطبت، وكثيرات من مجموعتنا ما زلن دون ارتباط.. كان مدار حديثنا دائماً المعاكسات.. ماذا قال لي.. وماذا قلت له، حتى إنَّ بعضنا كانت تتطوَّع بإيجاد شاب لكل صديقة تفقد صديقها.."!
وتقول أخرى:" كانت البداية حين كشفت عن جزء من وجهي، رغم أنَّي كنت منقبة؛ لأدقق في البضاعة المعروضة على الطاولة الزجاجية أمام البائع، وهناك وفي غفلة من أخواتي اللائي كنّ يصحبنني، رمى لي البائع برقم هاتف المحل، وكانت لحظة الفراغ بين انتهاء المرحلة الثانوية والتسجيل في الكلية، هي اللحظة القاتلة، حين سللت سماعة الهاتف لأطعن بها أنوثتي وحيائي وحشمتي، وبدأت سلسلة مكالمات.. لقد كنت أتسلى.."!!
وأخرى.. وأخرى.. ولولا خشية الإطالة لسردتُ من الحكايا والقصص التي تبلغني ما قد يؤرِّق ليلكم.
حين تسحب الفتاة أو الفتى سلك الهاتف ويتواريا عن أنظار الأهل.. وحين يسمح للأبناء بالحديث في الهاتف دون حدود زمانية، ودون معرفة مع من تتم المحادثة.. حين ذاك يقع المحظور، وقد يصعب الرتق!
وفي هذا المسار قد لا يدرك الرقيب كيف يُساء استخدام الإنترنت، فتابعوا معي مقالاً آخر بهذا الخصوص قريباً.
وواصلوا معي:
وفي إطار بعيد عن تصوُّرات الأهل والمربين، قد يكون التوسُّع في لقاء الصديقات بعضهن مع بعض، أو الأصدقاء بعضهم مع بعض، خاصة في جوِّ من الحرية الواسع، بعيداً عن مراقبة ومتابعة الأهل، ممَّا يساهم في التأثير على ما ارتضاه الوالدان من مسارات معيّنة في تربية أبنائهما أو بناتهما.
وفي هذا الخصوص.. هل تطرأ هذه الأسئلة على الوالدين والمربين
ـ كيف يمكن للوالدين أن يدققا في صديقات وأصدقاء أبنائهما وبناتهما؟
ـ ما الذي يحدث في لقاء الصديقات والأصدقاء، وما الذي يتبادلونه من أفكار وأشياء أخرى؟!
ـ لماذا يحرص بعض الأبناء والبنات على لقاء أصدقائهم وصديقاتهن خارج المنزل؟ ولماذا تحرص بعض الفتيات على غلق الباب حين تلتقي بصديقاتها داخل المنزل؟
ـ لماذا يحسَّ بعض الأبناء والبنات بالحرج حين يظهر الآباء والأمهات أمام الزملاء أو الزميلات؟
كتبت في المقال السابق أنَّي سأعلِّق في النهاية، لكنّي واعترافاً بالقصور، لم أستطع أن أخرج سوى زفرات من نفس مكلومة بمبضع "تقاصر الرقيب عن أداء دوره"، ممّا جعل ذلك التعليق يخرج مني على هيئة أسئلة تاركة للقارئ والقارئة أن يمدّني بما وصل إليه من مرئيات بهذا الخصوص.
ـ فمتى يتحمّل من يملك زمام الرقابة المسؤولية؟ وكيف يفعِّلها؟
ـ وكيف يستطيع من يملك زمام الرقابة أن ينمِّي الرقابة الذاتية في النفوس؟
ـ لماذا تحقر بعض النفوس الشرر المتطاير ولا تصطرخ حتى يتقاذف اللهب؟
ـ ما هي حدود الحرية الشخصية الممنوحة؟
ـ لماذا يتنازل الوالدان عن دورهما لأب بديل (السائق) وأمّ بديلة (الخادمة أو المربِّية)؟
ـ لماذا يغفل الوالدان عن التربية والملاحظة والمراجعة إلى حين يشتد السوق فلا تجدي لها إقامة؟
ـ متى نعلم جميعاً أنَّ الثقة التي نمنحها لمن نعول، لا تغني عن الرعاية والمراقبة وتقييم الاعوجاج؟
المصدر : لها أون لاين
ما لم يدركه الرَّقيب
د.أفراح بنت علي الحميضي
بلى.. بلى.. أجبت نفسي.
إذن.. ما وجه المُحال هنا؟
وأجبت نفسي مرَّة أخرى: هل سيصدِّقني الناس أم سيقولون: ضخّمت موضوعاً محجماً.. أم سيقولون تخيُّلات أو ... أم.. أو؟!
ودون أن أنتظر سؤالاً وردَّاً، عزمت على أن أفل قلمي من غمده، وللقارئ أن يعذرني إذا ظَنَّ أنَّي تجاوزت حد المعقول، فله منّي وعد ألاَّ أذكر إلا الواقع من الشواهد، فما أنا إلاَّ نذير قوم.
***
دلفتُ إلى محل لبيع المواد الغذائية والكماليات، تدفع عربة الحاجيات أمامها، وهي تعبر معابر ذلك المحل متنقلة من ركن إلى أخر، لم يكن هناك شيء يجذب في حركتها، لكن تلك الفتاة التي تتبعها كانت محل جذب واستدارة الرؤوس نحوها، لقد لفتت انتباه الكثير ممَّن رآها بما ترتديه من ملابس تظهر من جسدها أكثر مما تستر، أتذكرون حين قلت لكم "فتاة"؟! نعم، كانت فتاة عمرها يتجاوز اثنتي عشرة سنة، أما جسمها فأكبر من ذلك، ما كانت ترتديه عبارة عن سروال قصير يسمّونه "شورتاً" وقميصاً، لكم أن تتخيّلوا بشاعة المنظر حين تنتقي الأم بين معروضات المحل ما تشاء، وتعرض ابنتها بهذا الزي لتلتهمها كل عين جائعة ونفس عطشى..!
وتابعوا معي:
أمام كثير من مدارس البنات، حكومية أو أهلية ـ الأمر سيَّان ـ لك أن تقف حائراً لترى المأساة التي يصنعها كثيرٌ من الأهالي بأيديهم.. فهذه طفلة لا تفقه من الدنيا شيئاً سوى أناشيد تحفظها من معلّمتها في الروضة، يمسك السائق بيدها وأحياناً يحملها على صدره إلى بوابة الروضة، هل السائق الأجنبي موضع أمانة؟! رسالة إلى كل المفرِّطين.
وهذه فتاة في المرحلة المتوسطة أو الثانوية تركب وحدها مع السائق!! وتلك سيارة يقودها سائق بجوار خادمة ـ لا أدري زوجته أم لا؟! ـ مهمتها توصيل الطفلة الصغيرة إلى المدرسة، وبينما تنهمك الخادمة في حديث مع السائق، تخرج الطفلة رأسها من نافذة السيّارة لتتبع ذلك بكتفها ثمّ بنصف جسدها، والسيّارة تتهادى في الطريق.. تتهاوى الطفلة يمنةً ويسرةً.
وبجوار باب مشغل نسائي جلس السائق ينتظر "فلانة" التي دخلت، بينما أُوكل له حمل الصغيرة حتى لا تشغل أمَّها، وهذه الصغيرة ذات السنوات الأربع على أقل تقدير، ترك السائق لها حرية الحركة، فحيناً تقفز هنا، وحيناً أخرى تركض هناك، وأذكركم.. في الشارع كان لهو البريئة!! ومرَّة يمسكها بيده يرفعها تارة على كتفه وتارة يجلسها وتكون على رجله.. عفواً ـ أكاد أختنق ـ لن أكمل! أؤجل التعليق إلى النهاية..
تابعوا معي:
كنت أسمع فلم أصدِّق، قيل لي إنَّ هناك بعض الفتيات يقمن بقياس الملابس قبل شرائها في نفس المحل، حينها كنت أظنُّ ـ على أسوأ تقدير! ـ أنَّ هناك موضعاً مهيأً في المعرض لهذا الغرض، وأقول "على أسوأ تقدير"؛ لأنَّه في ظل انعدام الرقابة وقلَّة الأمانة في هذا الزمن فإنَّ هذا يُعدُّ تقديراً سيئاً وحالة سيئة ـ لا تتعجّبوا ـ.. قيل لي: ليس هناك موضع مهيأ لهذا الغرض، وإنَّما تختار موضعاً في المحل وتختفي خلف حامل ملابس أو ركن معيَّن، أو تسترها من حضرت معها، ثمَّ تقوم بلبس ما تشتريه، وغالباً يتم قياس السراويل "البنطال" والتنانير..!
بعد كلّ ما قيل لي لم أصدِّق حتى رأيت بعيني، لا بل بعيني الاثنتين، فحين هممتُ بمغادرة المعرض، لمَّا لم أجد بُغيتي فيه، إذ بإحدى المتسوِّقات منزوية خلف حامل الملابس وقد رفعت عباءتها من خلف، بحيث أظهر ذلك كلّ ما سترته العباءة..! تذكرت حال الأنصارية التي حاول أحد اليهود أن يكشف ما خُفي منها تحت جلبابها فاستغاثت بأحد المسلمين.. أقول: يظهر أنَّ صاحبتنا هذه نسيت وهي في غمرة قياس الملابس أن تنزل عباءتها بعد أن أنهت مهمّتها.. عموماً عدت إليها وأشرت إلى عباءتها مذكِّرة إيّاها.. مخجلة إيَّاها، ولكن يبدو ألا حياة لمن تنادي! ويا قلبي لا تختنق، بل احترق، ولن أعلِّق.. بل انتظروا.
وتابعوا معي:
وبينما تدخل الفتاة بكامل زينتها، وقد زادها لبس عباءة التبرُّج زينة، إلى محل لبيع الحلوى، يقف بالباب ـ باب المحل ـ ذلك الشاب الذي يلاحقها ويتلفَّظ بأعلى صوته بألفاظ مغازلة لها على مسمع ومرأى كلّ من في الطريق، أنا واحدة منهم، حيث كنت أنتظر في السيارة، وكنت أختنق من هذه الإسفاف والتبذُّل.. ومن المسؤول؟
وتابعوا ـ عفواً ـ أريد أن أذكر أنَّني هنا لا أحصر، بل أمثِّل، وسأواصل إن شاء الله تعالى..
فهذه نماذج قد تمرّ أمامنا أو أشباهها، فننساها، وقد تنسينا الحياة أحداثها، بينما تتفاعل آثارها لتخرج بمواقف أشدّ، وفي غياب الأمر والنهي والعيب والمسموح والممنوع؛ تكون تلك الوقائع سهلة بسيطة أمام القادم، ويكون النداء الحالم "عسى زمان مضى أن يعود" هو الرجاء، وهذا ما نخشاه.. والله يرعاكم.
وتابعوا معي...
.. وفي كثير من المشاغل النسائية تجاوزات لم يدركها الرقيب، بل لم يصل إليها.. عشرات الصور لنساء غربيات وشرقيات في أوضاع مختلفة، عارضات قصَّات شعورهن مع أجزاء من أجسادهن العارية معلَّقة على جدار أحد المشاغل كوسيلة إغراء للوصول إلى جُحر الضب بأيسر الطرق.
وفي زاوية أخرى تستقرُّ عشرات المجلات على طاولة تحوي آلاف النماذج لأزياء مسخ لا تقبل التأنيث ولا التذكير، ولا تملك انتماءً لثقافة أصيلة تهوي عندها أهواء كثير من النساء.
وفي جانب آخر من ذلك المشغل سُتر جزء ووُضع على باب ذلك الجزء "ممنوع الدخول"، حيث كانت غرفة العمليات ـ عفواً.. ليست جراحية ـ إنّما.. ـ وعفواً مرّة أخرى؛ فلم أرد أن أخدش مشاعركم ـ إنَّما غرفة إزالة الشعر من أجزاء الجسم، وهناك يحدث ما لم يدركه الرقيب، حين ينزع الحياء من أجل الجمال الممقوت، وتتمادى بعض النساء في التنازل بدءاً من ذراع وساق وحتى... إلخ!
وبين تلك الزاوية وهذا الجانب، تلمح الخياطة فلانة والمصممة فلانة و"الكوافيرة" فلانة، بملابسهن التي يخدشن بها الحياء العام، والخاص.. وأين الرقيب؟!
وتابعوا ـ حفظ الله حواسكم ـ:
حين كتبتُ قبل سنوات مضت: اقرأ عن الهاتف وسوء استخدامه وضرورة مراقبة الأهل لاستخدام الأبناء له ذكوراً وإناثاً.. كنت أتألَّم على جهل مني ـ لا على القصص التي أسمعها أو أقرؤها عن ضحايا ذلك الجهاز، وإنَّما لأنّي كنت أظنُّ أنَّ ذلك خنق للحرية الشخصية.. وحين أفقتُ على قصص وقعت بين يدي ممَّن وثقوا ووثقن بي.. ممَّن خاضوا أو خضن أوحال المعاكسات؛ أدركت خطأ تصوُّري واحتقاري لكثير من الشرر..!
وأفيقوا كما أفقت:
تقول إحدى طالباتي:
"لم تكن صديقاتي يصدقن أنَّي الوحيدة من بينهن التي لم يسبق لي أن حادثت شاباً في الهاتف".
وتقول أخرى:
"كنّا مجموعة صديقات، القاسم المشترك بيننا الاستمتاع بالحياة كما نريد، وإن اختلفت توجهاتنا العلمية.. بعضنا قد عُقد قرانها، ومنّا من خُطبت، وكثيرات من مجموعتنا ما زلن دون ارتباط.. كان مدار حديثنا دائماً المعاكسات.. ماذا قال لي.. وماذا قلت له، حتى إنَّ بعضنا كانت تتطوَّع بإيجاد شاب لكل صديقة تفقد صديقها.."!
وتقول أخرى:" كانت البداية حين كشفت عن جزء من وجهي، رغم أنَّي كنت منقبة؛ لأدقق في البضاعة المعروضة على الطاولة الزجاجية أمام البائع، وهناك وفي غفلة من أخواتي اللائي كنّ يصحبنني، رمى لي البائع برقم هاتف المحل، وكانت لحظة الفراغ بين انتهاء المرحلة الثانوية والتسجيل في الكلية، هي اللحظة القاتلة، حين سللت سماعة الهاتف لأطعن بها أنوثتي وحيائي وحشمتي، وبدأت سلسلة مكالمات.. لقد كنت أتسلى.."!!
وأخرى.. وأخرى.. ولولا خشية الإطالة لسردتُ من الحكايا والقصص التي تبلغني ما قد يؤرِّق ليلكم.
حين تسحب الفتاة أو الفتى سلك الهاتف ويتواريا عن أنظار الأهل.. وحين يسمح للأبناء بالحديث في الهاتف دون حدود زمانية، ودون معرفة مع من تتم المحادثة.. حين ذاك يقع المحظور، وقد يصعب الرتق!
وفي هذا المسار قد لا يدرك الرقيب كيف يُساء استخدام الإنترنت، فتابعوا معي مقالاً آخر بهذا الخصوص قريباً.
وواصلوا معي:
وفي إطار بعيد عن تصوُّرات الأهل والمربين، قد يكون التوسُّع في لقاء الصديقات بعضهن مع بعض، أو الأصدقاء بعضهم مع بعض، خاصة في جوِّ من الحرية الواسع، بعيداً عن مراقبة ومتابعة الأهل، ممَّا يساهم في التأثير على ما ارتضاه الوالدان من مسارات معيّنة في تربية أبنائهما أو بناتهما.
وفي هذا الخصوص.. هل تطرأ هذه الأسئلة على الوالدين والمربين
ـ كيف يمكن للوالدين أن يدققا في صديقات وأصدقاء أبنائهما وبناتهما؟
ـ ما الذي يحدث في لقاء الصديقات والأصدقاء، وما الذي يتبادلونه من أفكار وأشياء أخرى؟!
ـ لماذا يحرص بعض الأبناء والبنات على لقاء أصدقائهم وصديقاتهن خارج المنزل؟ ولماذا تحرص بعض الفتيات على غلق الباب حين تلتقي بصديقاتها داخل المنزل؟
ـ لماذا يحسَّ بعض الأبناء والبنات بالحرج حين يظهر الآباء والأمهات أمام الزملاء أو الزميلات؟
كتبت في المقال السابق أنَّي سأعلِّق في النهاية، لكنّي واعترافاً بالقصور، لم أستطع أن أخرج سوى زفرات من نفس مكلومة بمبضع "تقاصر الرقيب عن أداء دوره"، ممّا جعل ذلك التعليق يخرج مني على هيئة أسئلة تاركة للقارئ والقارئة أن يمدّني بما وصل إليه من مرئيات بهذا الخصوص.
ـ فمتى يتحمّل من يملك زمام الرقابة المسؤولية؟ وكيف يفعِّلها؟
ـ وكيف يستطيع من يملك زمام الرقابة أن ينمِّي الرقابة الذاتية في النفوس؟
ـ لماذا تحقر بعض النفوس الشرر المتطاير ولا تصطرخ حتى يتقاذف اللهب؟
ـ ما هي حدود الحرية الشخصية الممنوحة؟
ـ لماذا يتنازل الوالدان عن دورهما لأب بديل (السائق) وأمّ بديلة (الخادمة أو المربِّية)؟
ـ لماذا يغفل الوالدان عن التربية والملاحظة والمراجعة إلى حين يشتد السوق فلا تجدي لها إقامة؟
ـ متى نعلم جميعاً أنَّ الثقة التي نمنحها لمن نعول، لا تغني عن الرعاية والمراقبة وتقييم الاعوجاج؟
المصدر : لها أون لاين
ما لم يدركه الرَّقيب
د.أفراح بنت علي الحميضي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى