خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تضايقت حقاً حين علمت من صديقي عبد الرحمن أن صديقنا فهداً غير راض عن زوجته ، وأن خلافات قليلة نشبت بينهما .
وكان سبب ضيقي معرفتي الجيدة بفهد ، وبكمال خلقه ، وعفة نفسه ، وشدة زهده في الدنيا ومتاعها .
قال لي عبد الرحمن : أرى أن تتدخل قبل أن يستفحل الخلاف .
قلت له : قبل أن نعرف السبب ؟
قال لي : حاول أن تسأله .
قلت : هل أسأله .. لماذا أنت غير راض عن زوجتك .. ألا تجد في هذا حرجاً ؟
قال : لعلك تعرف السبب من زوجتك .. فإن المرأة تُسِرُّ أحياناً بما بينها وبين زوجها إلى صديقاتها .
قلت : اقتراح صائب .
قلت لزوجتي : من خلال لقاءاتك بزوجة فهد .. ألم تحيطي بسر عدم رضاه عنها ؟
ابتسمت زوجتي وقالت : ولِمَ لَمْ تقل : عدم رضاها هي عنه ؟
أعجبني إستدراك زوجتي وفهمت منه أنها محيطة بأسباب خلافهما .
فقلت مبتسماً أيضاً : حسن .. ما سر عدم رضاها عنه ؟
قالت : إنها والله لتثني عليه الثناء كله .. ولا تشكو فيه إلا عيباً واحداً .
أثارت زوجتي في نفسي الاستعجال لمعرفة سبب الخلاف ؛
فقلت على الفور : وهو ؟
قالت : إمساك يده .
قلت : تعنين البخل .
قالت : لا أحب إطلاق هذه الصفة عليه .
قلت : وأنا والله كذلك … فقد عرفته متصدقاً ، باذلاً في سبيل الخير .
قالت : وهذا ما أكدته زوجته ..
قلت : إنه زهده إذن .. زهده جعله يمسك يده في الإنفاق على زوجته .
قالت : أنت لم تزره منذ أن تزوج .. فلماذا لا تزوره في بيته وتحدثه برفق دون أن تشعره بما يحرجه أو يجرح نفسه ؟
قلت : أنت على حق . وهذا ما سأفعله إن شاء الله .
حين دخلت بيت فهد ، وشاهدت أثاثه القديم ، على الرغم من أنه حديث عهد بالزواج ؛ زاد اعتقادي بصدق دعوى زوجته بإمساك يده عنها .
كان فهد شديد الترحيب بي ، عاتباً على تأخيري بزيارته بعد زواجه ، معبراً عن شوقه لجلساتنا القديمة الطيبة ، أبديت له اعتذاري ، وأقررت له بتقصيري ، وخضت معه في أحاديث مختلفة .. لكني لم أنجح في أن أنتقل من أحدها إلى ما أردت محادثته من أجله .
أخيراً قلت له : كم سرّني يا أخي أن زواجك لم يشغلك عن حب الصدقة على الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى .
ابتسم راضياً وقال : وكيف عرفت ؟ إني والله لأحاول أن أكتم هذا حتى لا تعلم شمالي ما تنفق يميني .
قلت له ممازحاً : نحن الصحفيين لا نكشف عن مصادر أخبارنا .
قال : .. على ذكر الصحافة .. ما آخر الأخبار ؟
خشيت أن يخرجني عن غايتي وقد اقتربت منها ؛ فقلت له عائداً إليها :
ـ دعنا من الصحافة ومتاعبها وأخبارها ..
ابتسم صديقي فهد موافقاً .
قلت : ولكن أليس هذا على حساب زوجتك ؟
قال " وأحسبه نسي ما كنا فيه " : ماذا تعني ؟
فقلت : إنفاقك في سبيل الخير .. ألم يكن على حساب زوجتك ؟
قال متسائلا : ما يأخذه مني من وقت أو من مال ؟
قلت : ما يأخذه منك من وقت ومن مال .
قال : لقد ذكّرْتُ زوجتي منذ البداية .. أننا في هذه الدنيا عابرو سبيل .. وأننا لسنا خيراً من النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم حين كانوا يعيشون عيشة الكفاف والزهد .
" شعرت بالرضا لأنني نجحت في الوصول معه إلى الغاية التي أبتغيها .. لكنني في الوقت نفسه أدركت أن إقناعه فيه بعض الصعوبة " .
قلت : ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم علّمنا أن نعطي كل ذي حق حقه .. ولزوجتك عليك حقوق كثيرة .
قال : لا أحسب أنني مقصر في حق من حقوقها .. إنها تأكل وتشرب وتلبس .
قلت : ولكن ماذا تأكل ؟ وماذا تشرب ؟ وماذا تلبس ؟
قال : ماذا تعني ؟
قلت : هل سألتها يوماً عما تشتهيه نفسها لتشتريه لها ؟
صمت ولم يجب .
قلت له : هل ناولتها يوماً مائة دينار وقلت لها اشتري لنفسك ثياباً جديدة ؟
ردّ في شي من الاعتراض : ولم الثياب الجديدة .. و " فساتينها " لم يهتريء منها شي ؟!
قلت : ومَنْ مِن النساء اليوم تشتري " فستاناً " لأن فساتينها اهترأت .. إنهن يحببن الجديد .. ولا بأس من بعض مجاراتهن في ذلك .. لإدخال السرور على قلوبهن .
قال ممازحاً : ومن نصبّك يا أخي محامياً عن زوجتي ..
قلت : ماذا تبتغي من وراء تصدقك على الفقراء والمساكين ؟
قال : لا شك في أنه الأجر من الله تعالى .
قلت : عظيم .. هل تعلم أن في تصدقك على زوجتك أجراً أيضاً !
بل إن أجر تصدقك عليها أعظم من أجر تصدقك على الفقراء والمساكين !
قال : ولكن إنفاقي عليها واجب .. فأين الصدقة ؟
قلت : استمع إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه
" دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك .. أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك " .
قال صاحبي مندهشاً : الله أكبر .. هل تصدق أني أسمع بهذا الحديث لأول مرة ولكن .. هل هو حديث صحيح ؟
قلت : أجل .. لقد رواه مسلم في صحيحه .
قال " وكأنه يخاطب نفسه " : أشتري لزوجتي ما تشتهيه من طعام ولباس وغيرهما .. فأكسب حبها ورضاها .. وأكسب في الوقت نفسه أجراً عظيماً من الله !
كم أضعت من الأجر ؟ وكم ظلمت زوجتي ؟!
قلت : لا بأس عليك .. ولا تحزن على ما فات .. فما زلت في بداية زواجك .. وأمامك الحياة الزوجية ممتدة إن شاء الله .. لتعيد ترتيب الأولويات .. وتعطي كل ذي حق حقه .
قال : إنفاقي على زوجتي أعظم أجراً من تصدقي على مسكين .. ومن إنفاقي في سبيل الله ؟!
كم يحرص الإسلام على التأليف بين الأزواج !
قلت له : ولكن احذر .. !
قال : ماذا ؟
قلت : احذر أن ينسيك هذا مساكينك وفقراءك الذين تنفق عليهم .. فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يدعو إلى هذا .. إنما هو ترتيب للأولويات كما أمر عليه الصلاة والسلام في حديثه " وابدأ بمن تعول " .
قال : وزوجتي أول من أعول .
قلت : ويؤكد هذا أيضاً حديث آخر رواه البخاري في صحيحه ، فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها .. كانت له صدقة " .
قال متسائلاً : " يحتسبها " ؟
قلت : أي يريد بها وجه الله تعالى بأن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق فينفق بنية أداء ما أُمر به .
قال : ما أعظم كرم الله تعالى .
قلت : أليس للمرء أن يعجب من أولئك الذين يبخلون فيحرمون أنفسهم تلك الأجور العظيمة ؟
قال : بلى والله .
قلت : وغير هذا أيضاً .
قال : أهناك خير آخر لهذا الإنفاق .
قلت : نعم .. وأحسب أنك تعرفه في تصدقك على الفقراء والمساكين .
وهو أنه تعالى يخلف لك في الدنيا ما أنفقته .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال " قال تعالى : أنفقْ أنفِقُ عليك " رواه البخاري
وكذلك الحديث الذي يقسم فيه الرسول عليه الصلاة والسلام على ثلاث ..
أحدهما .. " ما نقص مال عبد من صدقة " .
الشيخ العويد الكاتب الكويتي والداعية المعروف ..
المصدر فتاة المجد -- منتدى ناصح
حين اختلفت الأولويات عند صديقي فهد
وكان سبب ضيقي معرفتي الجيدة بفهد ، وبكمال خلقه ، وعفة نفسه ، وشدة زهده في الدنيا ومتاعها .
قال لي عبد الرحمن : أرى أن تتدخل قبل أن يستفحل الخلاف .
قلت له : قبل أن نعرف السبب ؟
قال لي : حاول أن تسأله .
قلت : هل أسأله .. لماذا أنت غير راض عن زوجتك .. ألا تجد في هذا حرجاً ؟
قال : لعلك تعرف السبب من زوجتك .. فإن المرأة تُسِرُّ أحياناً بما بينها وبين زوجها إلى صديقاتها .
قلت : اقتراح صائب .
قلت لزوجتي : من خلال لقاءاتك بزوجة فهد .. ألم تحيطي بسر عدم رضاه عنها ؟
ابتسمت زوجتي وقالت : ولِمَ لَمْ تقل : عدم رضاها هي عنه ؟
أعجبني إستدراك زوجتي وفهمت منه أنها محيطة بأسباب خلافهما .
فقلت مبتسماً أيضاً : حسن .. ما سر عدم رضاها عنه ؟
قالت : إنها والله لتثني عليه الثناء كله .. ولا تشكو فيه إلا عيباً واحداً .
أثارت زوجتي في نفسي الاستعجال لمعرفة سبب الخلاف ؛
فقلت على الفور : وهو ؟
قالت : إمساك يده .
قلت : تعنين البخل .
قالت : لا أحب إطلاق هذه الصفة عليه .
قلت : وأنا والله كذلك … فقد عرفته متصدقاً ، باذلاً في سبيل الخير .
قالت : وهذا ما أكدته زوجته ..
قلت : إنه زهده إذن .. زهده جعله يمسك يده في الإنفاق على زوجته .
قالت : أنت لم تزره منذ أن تزوج .. فلماذا لا تزوره في بيته وتحدثه برفق دون أن تشعره بما يحرجه أو يجرح نفسه ؟
قلت : أنت على حق . وهذا ما سأفعله إن شاء الله .
حين دخلت بيت فهد ، وشاهدت أثاثه القديم ، على الرغم من أنه حديث عهد بالزواج ؛ زاد اعتقادي بصدق دعوى زوجته بإمساك يده عنها .
كان فهد شديد الترحيب بي ، عاتباً على تأخيري بزيارته بعد زواجه ، معبراً عن شوقه لجلساتنا القديمة الطيبة ، أبديت له اعتذاري ، وأقررت له بتقصيري ، وخضت معه في أحاديث مختلفة .. لكني لم أنجح في أن أنتقل من أحدها إلى ما أردت محادثته من أجله .
أخيراً قلت له : كم سرّني يا أخي أن زواجك لم يشغلك عن حب الصدقة على الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى .
ابتسم راضياً وقال : وكيف عرفت ؟ إني والله لأحاول أن أكتم هذا حتى لا تعلم شمالي ما تنفق يميني .
قلت له ممازحاً : نحن الصحفيين لا نكشف عن مصادر أخبارنا .
قال : .. على ذكر الصحافة .. ما آخر الأخبار ؟
خشيت أن يخرجني عن غايتي وقد اقتربت منها ؛ فقلت له عائداً إليها :
ـ دعنا من الصحافة ومتاعبها وأخبارها ..
ابتسم صديقي فهد موافقاً .
قلت : ولكن أليس هذا على حساب زوجتك ؟
قال " وأحسبه نسي ما كنا فيه " : ماذا تعني ؟
فقلت : إنفاقك في سبيل الخير .. ألم يكن على حساب زوجتك ؟
قال متسائلا : ما يأخذه مني من وقت أو من مال ؟
قلت : ما يأخذه منك من وقت ومن مال .
قال : لقد ذكّرْتُ زوجتي منذ البداية .. أننا في هذه الدنيا عابرو سبيل .. وأننا لسنا خيراً من النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم حين كانوا يعيشون عيشة الكفاف والزهد .
" شعرت بالرضا لأنني نجحت في الوصول معه إلى الغاية التي أبتغيها .. لكنني في الوقت نفسه أدركت أن إقناعه فيه بعض الصعوبة " .
قلت : ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم علّمنا أن نعطي كل ذي حق حقه .. ولزوجتك عليك حقوق كثيرة .
قال : لا أحسب أنني مقصر في حق من حقوقها .. إنها تأكل وتشرب وتلبس .
قلت : ولكن ماذا تأكل ؟ وماذا تشرب ؟ وماذا تلبس ؟
قال : ماذا تعني ؟
قلت : هل سألتها يوماً عما تشتهيه نفسها لتشتريه لها ؟
صمت ولم يجب .
قلت له : هل ناولتها يوماً مائة دينار وقلت لها اشتري لنفسك ثياباً جديدة ؟
ردّ في شي من الاعتراض : ولم الثياب الجديدة .. و " فساتينها " لم يهتريء منها شي ؟!
قلت : ومَنْ مِن النساء اليوم تشتري " فستاناً " لأن فساتينها اهترأت .. إنهن يحببن الجديد .. ولا بأس من بعض مجاراتهن في ذلك .. لإدخال السرور على قلوبهن .
قال ممازحاً : ومن نصبّك يا أخي محامياً عن زوجتي ..
قلت : ماذا تبتغي من وراء تصدقك على الفقراء والمساكين ؟
قال : لا شك في أنه الأجر من الله تعالى .
قلت : عظيم .. هل تعلم أن في تصدقك على زوجتك أجراً أيضاً !
بل إن أجر تصدقك عليها أعظم من أجر تصدقك على الفقراء والمساكين !
قال : ولكن إنفاقي عليها واجب .. فأين الصدقة ؟
قلت : استمع إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه
" دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك .. أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك " .
قال صاحبي مندهشاً : الله أكبر .. هل تصدق أني أسمع بهذا الحديث لأول مرة ولكن .. هل هو حديث صحيح ؟
قلت : أجل .. لقد رواه مسلم في صحيحه .
قال " وكأنه يخاطب نفسه " : أشتري لزوجتي ما تشتهيه من طعام ولباس وغيرهما .. فأكسب حبها ورضاها .. وأكسب في الوقت نفسه أجراً عظيماً من الله !
كم أضعت من الأجر ؟ وكم ظلمت زوجتي ؟!
قلت : لا بأس عليك .. ولا تحزن على ما فات .. فما زلت في بداية زواجك .. وأمامك الحياة الزوجية ممتدة إن شاء الله .. لتعيد ترتيب الأولويات .. وتعطي كل ذي حق حقه .
قال : إنفاقي على زوجتي أعظم أجراً من تصدقي على مسكين .. ومن إنفاقي في سبيل الله ؟!
كم يحرص الإسلام على التأليف بين الأزواج !
قلت له : ولكن احذر .. !
قال : ماذا ؟
قلت : احذر أن ينسيك هذا مساكينك وفقراءك الذين تنفق عليهم .. فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يدعو إلى هذا .. إنما هو ترتيب للأولويات كما أمر عليه الصلاة والسلام في حديثه " وابدأ بمن تعول " .
قال : وزوجتي أول من أعول .
قلت : ويؤكد هذا أيضاً حديث آخر رواه البخاري في صحيحه ، فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها .. كانت له صدقة " .
قال متسائلاً : " يحتسبها " ؟
قلت : أي يريد بها وجه الله تعالى بأن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق فينفق بنية أداء ما أُمر به .
قال : ما أعظم كرم الله تعالى .
قلت : أليس للمرء أن يعجب من أولئك الذين يبخلون فيحرمون أنفسهم تلك الأجور العظيمة ؟
قال : بلى والله .
قلت : وغير هذا أيضاً .
قال : أهناك خير آخر لهذا الإنفاق .
قلت : نعم .. وأحسب أنك تعرفه في تصدقك على الفقراء والمساكين .
وهو أنه تعالى يخلف لك في الدنيا ما أنفقته .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال " قال تعالى : أنفقْ أنفِقُ عليك " رواه البخاري
وكذلك الحديث الذي يقسم فيه الرسول عليه الصلاة والسلام على ثلاث ..
أحدهما .. " ما نقص مال عبد من صدقة " .
الشيخ العويد الكاتب الكويتي والداعية المعروف ..
المصدر فتاة المجد -- منتدى ناصح
حين اختلفت الأولويات عند صديقي فهد
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى