خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
ثماني سنوات مرّت مذ لمست ذلك الطرد المعطَّر بالألم.. دفنته في خزانتها تحت ركام أمتعتها وأخفته عن أنظارها ولكنه لم يختفِ من واقعٍ تعيشه يُعيدها إلى الذكرى مراراً ومرارا.. تعود اليوم إلى أوراقها التي شهدَت على دفن الأمل وهو بعدُ وليد.. تُخرِج ورقةً إثر أُخرى وتلج إلى أعماق الذكريات القديمة لتُعيد إلى خيالها صوراً ومحطات..
ومن بين الأوراق تفتح ورقة خُطَّ في رأسها “وثيقة طلاق”.. فتغصّ بريقها.. وتُكمل استكشاف محتويات الطرد المُحرَّر.. وتتوقف عند ردٍ لأول رسالة أرسلتها لشيخٍ كبير طرقت بابه ذات محنة لتبث همّها وشكواها من زوجٍ لم يكن يوماً كما تريد.. فكان دائماً ما يربتُ على زوايا روحها ويتمتم بكلماتٍ تدفعها لاستمرار الحياة مع مَن لم تجد في كنفه أي معنى يلصقها به.. ولكنه لم يستطع أن يُبقي ثوب الصبر ساتراً لعورات الغضب والنقمة والصدمات المتتالية فانفرط العقد وهُدِمَت صومعتها بعد عقد من الزواج!..
تقلّب صفحات رسالته المُصفَرّة بين يديها وتقرأ حروفه الحانية.. ثم توازن بين حياتها تلك وما تعيشه اليوم.. وتحاول التقاط أطراف أسبابٍ غمستها في الحزن الذي أرداها “مطلقة”! وتفكر..
في فترة الخطوبة كانت تعتقد أن خطيبها رجلٌ بكل معنى الكلمة.. فوضعته في إطارٍ كما تريده أن يكون.. واعتمدت في قرارها على ما وصلها من أنه شاب ملتزم وخلوق وطيِّب.. ولكنها لم تصهره بالاختبارات.. وعاشت في حلمٍ لم تصحَ منه إلا حين عَفَسَتْها الحياة وحطمتها الأماني..
اكتشفَت أنه يكذب عليها.. ويستحِلّ تعبها من أجل راحته.. وتميّز بجفاف وقحط عاطفي مقيت.. حتى أنها صُدِمَت بمستوى التزامه وهو السبب الأساس الذي اختارته من أجله.. فالدين عنده سجودٌ وركوع.. والمعاملة ينتهجها من شرعٍ آخر.. يناسبه.. أما قاموسه الأخلاقي فهو من صاغ مفرداته.. وقائمة الألم تطول!
كانت هذه أولى الأمور التي أرهقتها ثم تتالت الحكايا والقضايا والصدمات.. حتى أدّت إلى الانفصال الروحي قبل الطلاق بسنين..
وتستعيد اليوم هذه الخواطر.. وتقرأ معانٍ جديدة في رسالة شيخها بعد أن شكَت له سوء معاشرة زوجها لها وقلة التزامه.. وسراباً وجدتهُ بعد أملٍ ارتقبته! يومها لم تدرك أكثر ما كان يقول لأن الحزن أعمى كل منافذ البصيرة وطاقات الفكر عندها..
وتشرع بالقراءة.. إذ يقول شيخها..
” من زعم لكِ أن حياة المسلم – كل مسلم – يُمكِن أن تكون “مثالية”، بل – أو – مطلوب منه أن يكون مثالياً؟ والله تعالى يقول: “فاتّقوا الله ما استطعتم” ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول: “سدِّدوا وقاربوا”؟!
ومن ذا الذي يزعم أن امرأة - مطلَق امرأة – هي مسؤولة عن تقوى زوجها؟ وبالأحرى أن تكلِّف نفسها أن يكون مسلماً مثالياً؟ وأيّ امرأة تستطيع الزعم أن زوجها هو مسلمٌ مثاليّ؟
هذا مع أن الله تعالى خلق الحياة للاختبار، وأتاح لكل إنسان أن يتمتّع بما أعطاه الله تعالى من حرية اختيار، وهذا يتفرّع عنه أن كل إنسان هو معرّض لأن يُصيب وأن يُخطئ، وأن يُطيع وأن يعصي أيضاً! وأنتِ تريدين من زوجكِ أن يكون ملاكاً.. وهيهات!
أين أنتِ مما تقرأين من القرآن وفيه “كل نفس بما كسبت رهينة” وفيه “ولا تزر وازرةٌ وِزر أُخرى” وفيه “يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم” ! فمن ذا الذي يستطيع الزعم أو يملك أن يكون مَن حوله من الناس أتقياء صالحين صادقين؟!
هذا والقِيَم تتبدّل مع اقتراب أجل الساعة ونجد أضداد هذه الأوصاف مكانها!
أختي الكريمة..
احمدي ربّك عز وجل على الإسلام والإيمان..
واعلمي أنكِ تنسجين بذهنك توهّمات تنشدين أن تتقرّبي بها من الله ربك جل وعلا وهي معاصي لما أنها تنطق بعدم الرضا وبطموحات ليست مما تملكين بل لا حق لك فيها!
أعيدي النظر فيما تطرحين.. هل يصح أن نسمّي ما تشكين من زوجك وحاله دون ذكر الحسنات بطراناً وجحودا؟ ألا ينطوي سخطك من كل ما في زوجك تحت قوله “ويكفرن العشير”؟!
نصيحتي لكِ أختي أن تحكّمي العقل وتعطي الحقائق أحقّيتها.. وتتحرّري من هواجسك وتعيشي واقعك بعيداً عن طموحات ليست بمتناول الأيدي..
ارضي واقنعي واصبري.. واجعلي أنسك بالله تعالى الذي يقول “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون”.. وتوقفي عند قوله جل وعلا “أم للإنسان ما تمنّى.. فلله الآخرة والأولى”..
غيِّري موقفك من زوجك وأعيدي ما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز من المودة والرحمة فيما بينكما..
ركّزي على إيجابياته ولا تُضخِّمي سلبياته.. وتأكّدي أن فيه من الخير الكثير .. فقط ابدأي باستكشافه بعين الرضا.. وحاولي تغيير ما تكرهين فيه بالحسنى.. وعليكِ بالأناة والحلم ولا تنتظري أن يتغيّر بلمسة سحرية!
وإن لم يقدِّر الله تعالى له التغيير فعليكِ أن تتعايشي معه على حاله..
صارحيه بأسلوب هادئ عمّا يضايقك واقضيا أوقاتاً أكثر مع بعضكما البعض لتألفيه..
تذكري أنه خير ما يقرّبك إلى الله تعالى، الذي فرض طاعة المرأة لزوجها.. وعاودي إلى مطاوعته فيما يطلب منك من حقوق.. ورضا الله جل وعلا يستحق منّا أن نضحّي إن كنتِ تعتبرين طاعتك له وهو على هذا الحال “تضحية”!
وما يتعلّق بالتزامه فليس لكِ هذا.. فاتركي محاسبته لله جل وعلا ولا تعتدي بمزاحمته في الحساب، وما تنالينه من حسن سلوك وتقرّب إلى الله من زوجك بالرفق لا تحظين به بالمكارهة!
ولكِ في امرأة فرعون أسوة حسنة.. إذ جعلها الله مثلاً “وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله” وزوجك ليس فرعوناً فاحمدي الله ربّك!
واعلمي أن ملاذك الأهم هو ذكر الله تعالى.. فبذكره تطمئن القلوب.. واستعيني بالصبر والصلاة والدعاء.. فهو وحده يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف الضر والسوء.. ومَن يؤمن بالله يهدِ قلبه.. هداكِ الله! “
توقَّفَت عن قراءة كلمات الشيخ وترحّمت عليه.. وتمتمت والدموع تكاد تخنقها.. ليتني أخذتُ بنصيحته!
ليس لكِ من الأمر شيء!
أ.سحر المصري
ومن بين الأوراق تفتح ورقة خُطَّ في رأسها “وثيقة طلاق”.. فتغصّ بريقها.. وتُكمل استكشاف محتويات الطرد المُحرَّر.. وتتوقف عند ردٍ لأول رسالة أرسلتها لشيخٍ كبير طرقت بابه ذات محنة لتبث همّها وشكواها من زوجٍ لم يكن يوماً كما تريد.. فكان دائماً ما يربتُ على زوايا روحها ويتمتم بكلماتٍ تدفعها لاستمرار الحياة مع مَن لم تجد في كنفه أي معنى يلصقها به.. ولكنه لم يستطع أن يُبقي ثوب الصبر ساتراً لعورات الغضب والنقمة والصدمات المتتالية فانفرط العقد وهُدِمَت صومعتها بعد عقد من الزواج!..
تقلّب صفحات رسالته المُصفَرّة بين يديها وتقرأ حروفه الحانية.. ثم توازن بين حياتها تلك وما تعيشه اليوم.. وتحاول التقاط أطراف أسبابٍ غمستها في الحزن الذي أرداها “مطلقة”! وتفكر..
في فترة الخطوبة كانت تعتقد أن خطيبها رجلٌ بكل معنى الكلمة.. فوضعته في إطارٍ كما تريده أن يكون.. واعتمدت في قرارها على ما وصلها من أنه شاب ملتزم وخلوق وطيِّب.. ولكنها لم تصهره بالاختبارات.. وعاشت في حلمٍ لم تصحَ منه إلا حين عَفَسَتْها الحياة وحطمتها الأماني..
اكتشفَت أنه يكذب عليها.. ويستحِلّ تعبها من أجل راحته.. وتميّز بجفاف وقحط عاطفي مقيت.. حتى أنها صُدِمَت بمستوى التزامه وهو السبب الأساس الذي اختارته من أجله.. فالدين عنده سجودٌ وركوع.. والمعاملة ينتهجها من شرعٍ آخر.. يناسبه.. أما قاموسه الأخلاقي فهو من صاغ مفرداته.. وقائمة الألم تطول!
كانت هذه أولى الأمور التي أرهقتها ثم تتالت الحكايا والقضايا والصدمات.. حتى أدّت إلى الانفصال الروحي قبل الطلاق بسنين..
وتستعيد اليوم هذه الخواطر.. وتقرأ معانٍ جديدة في رسالة شيخها بعد أن شكَت له سوء معاشرة زوجها لها وقلة التزامه.. وسراباً وجدتهُ بعد أملٍ ارتقبته! يومها لم تدرك أكثر ما كان يقول لأن الحزن أعمى كل منافذ البصيرة وطاقات الفكر عندها..
وتشرع بالقراءة.. إذ يقول شيخها..
” من زعم لكِ أن حياة المسلم – كل مسلم – يُمكِن أن تكون “مثالية”، بل – أو – مطلوب منه أن يكون مثالياً؟ والله تعالى يقول: “فاتّقوا الله ما استطعتم” ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول: “سدِّدوا وقاربوا”؟!
ومن ذا الذي يزعم أن امرأة - مطلَق امرأة – هي مسؤولة عن تقوى زوجها؟ وبالأحرى أن تكلِّف نفسها أن يكون مسلماً مثالياً؟ وأيّ امرأة تستطيع الزعم أن زوجها هو مسلمٌ مثاليّ؟
هذا مع أن الله تعالى خلق الحياة للاختبار، وأتاح لكل إنسان أن يتمتّع بما أعطاه الله تعالى من حرية اختيار، وهذا يتفرّع عنه أن كل إنسان هو معرّض لأن يُصيب وأن يُخطئ، وأن يُطيع وأن يعصي أيضاً! وأنتِ تريدين من زوجكِ أن يكون ملاكاً.. وهيهات!
أين أنتِ مما تقرأين من القرآن وفيه “كل نفس بما كسبت رهينة” وفيه “ولا تزر وازرةٌ وِزر أُخرى” وفيه “يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم” ! فمن ذا الذي يستطيع الزعم أو يملك أن يكون مَن حوله من الناس أتقياء صالحين صادقين؟!
هذا والقِيَم تتبدّل مع اقتراب أجل الساعة ونجد أضداد هذه الأوصاف مكانها!
أختي الكريمة..
احمدي ربّك عز وجل على الإسلام والإيمان..
واعلمي أنكِ تنسجين بذهنك توهّمات تنشدين أن تتقرّبي بها من الله ربك جل وعلا وهي معاصي لما أنها تنطق بعدم الرضا وبطموحات ليست مما تملكين بل لا حق لك فيها!
أعيدي النظر فيما تطرحين.. هل يصح أن نسمّي ما تشكين من زوجك وحاله دون ذكر الحسنات بطراناً وجحودا؟ ألا ينطوي سخطك من كل ما في زوجك تحت قوله “ويكفرن العشير”؟!
نصيحتي لكِ أختي أن تحكّمي العقل وتعطي الحقائق أحقّيتها.. وتتحرّري من هواجسك وتعيشي واقعك بعيداً عن طموحات ليست بمتناول الأيدي..
ارضي واقنعي واصبري.. واجعلي أنسك بالله تعالى الذي يقول “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون”.. وتوقفي عند قوله جل وعلا “أم للإنسان ما تمنّى.. فلله الآخرة والأولى”..
غيِّري موقفك من زوجك وأعيدي ما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز من المودة والرحمة فيما بينكما..
ركّزي على إيجابياته ولا تُضخِّمي سلبياته.. وتأكّدي أن فيه من الخير الكثير .. فقط ابدأي باستكشافه بعين الرضا.. وحاولي تغيير ما تكرهين فيه بالحسنى.. وعليكِ بالأناة والحلم ولا تنتظري أن يتغيّر بلمسة سحرية!
وإن لم يقدِّر الله تعالى له التغيير فعليكِ أن تتعايشي معه على حاله..
صارحيه بأسلوب هادئ عمّا يضايقك واقضيا أوقاتاً أكثر مع بعضكما البعض لتألفيه..
تذكري أنه خير ما يقرّبك إلى الله تعالى، الذي فرض طاعة المرأة لزوجها.. وعاودي إلى مطاوعته فيما يطلب منك من حقوق.. ورضا الله جل وعلا يستحق منّا أن نضحّي إن كنتِ تعتبرين طاعتك له وهو على هذا الحال “تضحية”!
وما يتعلّق بالتزامه فليس لكِ هذا.. فاتركي محاسبته لله جل وعلا ولا تعتدي بمزاحمته في الحساب، وما تنالينه من حسن سلوك وتقرّب إلى الله من زوجك بالرفق لا تحظين به بالمكارهة!
ولكِ في امرأة فرعون أسوة حسنة.. إذ جعلها الله مثلاً “وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله” وزوجك ليس فرعوناً فاحمدي الله ربّك!
واعلمي أن ملاذك الأهم هو ذكر الله تعالى.. فبذكره تطمئن القلوب.. واستعيني بالصبر والصلاة والدعاء.. فهو وحده يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف الضر والسوء.. ومَن يؤمن بالله يهدِ قلبه.. هداكِ الله! “
توقَّفَت عن قراءة كلمات الشيخ وترحّمت عليه.. وتمتمت والدموع تكاد تخنقها.. ليتني أخذتُ بنصيحته!
ليس لكِ من الأمر شيء!
أ.سحر المصري
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى