خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
نتابع معًا أخواتي الكريمات رحلتنا مع تأملات الأمّ ، أبدأ مستعينة بالله تعالى سائلته التوفيق والسداد :
** نصحتني إحدى كبيرات العائلة- حفظها الله تعالى - أن أطعم ولدي بعض الأغذية الخفيفة بجوار الرضاع ، فسارعت أعمل بالنصيحة ، أخذت ولدي لأطعمه بالملعقة بعض الأغذية اللبنية السائلة نوعًا ؛ نظرًا لصغر سنه ، ومن الطبيعي جدًا أن يسيل بعض الطعام على جانبي فِيـه ، ويبقى الكثير من الأثر على شفتيه الصغيرتين ، فإذا بي -بي أنا- وبكل تلذذ ألعق كل ما سبق ذكره بلساني -بدل أن أزيله بالمحارم الورقية التي في يدي-، والأعجب أني لم أجد في نفسي أدنى تقززٍ ، ولا شائبة من نفور-سبحان الله-، وكأني اعتدت هذا الفعل طيلة عمري.
رغم أنني كنت قبلًا : أتحرى وبشدة ألا أشرب أو آكل سؤرًا لطفل مهما كان قريبًا لي ، أو عزيزًا عليّ، والحق أنني لم انتبه لفعلتي هذه إلا عندما نبهتني إحدى أخواتي -والتي كانت حاضرة - لـمَّا تعجبت من فعلي قائلة : ما هذا الذي تفعلين ؟ قلت لها : وماذا أفعل ؟ - حتى أني لم أنتبه لما أشارتْ إليه من فعلى المعنيّ بسؤالها-، فقالت دهِشةً : أتلعقين باقي طعام الولد ، وما يتفله من فيه ؟!!!
فبُهتُّ لقولها ، و لم أُحرْ جوابًا ؛ لأنني - وبكل بساطة - لم أنتبه لفعلتي حتى نبهتني هي إليها.
** فما برح عقلي يُعمل الفكر ؛ محاولًا الوصول لسبب هذا الفعل العجيب -مني بالذات- ومرت سحابة يومي وأنا شاردة ، حتى أنارت في عقلى فكرة ، إنه الحبّ الذي فطر الله العليم الحكيم الأم عليه تجاه أولادها ، غيَّر في شخصي سمتًا كنت أظنه ثابتًا ، وهنا توارد على خاطري فعل رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه مع الحبيبة عائشة أم المؤمنين
حيث قالت -رضي الله - عنها :
-(( كنت أشرب وأنا حائض . ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم . فيضع فاه على موضع في . فيشرب . وأتعرق العرق وأنا حائض . ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم . فيضع فاه على موضع في .)) صحيح مسلم / رقم : (300)
هذه واحدة ، وأما الثانية فأشد حيث قالت - رضي الله عنها --(( توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي ، وبين سحري ونحري ، وكانت إحدانا تعوذه بدعاء إذا مرض ، فذهبت أعوذه ، فرفع رأسه إلى السماء وقال : ( في الرفيق الأعلى ، في الرفيق الأعلى ) . ومر عبد الرحمن بن أبي بكر ، وفي يده جريدة رطبة ، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فظننت أن له بها حاجة ، فأخذتها ، فمضغت رأسها ، ونفضتها ، فدفعنها إليه ، فاستن بها كأحسن ما كان مستنا ، ثم ناولنيها ، فسقطت يده ، أو : سقطت من يده ، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة . )) صحيح البخاري / رقم: (4451)
**كم فرحت أن لي فيما فعلت سنة ، مع الفارق بلا شك ، والأمر لا يحتاج إلى مزيد تعليق .
***فاقتضت حكمة الله -سبحانه- أن يفطر قلب الأم على المحبة الشديدة لأولادها ؛ حتى يتسنى لها القيام بما هو منوط بها من واجبات الأمومة التي تعْلمها كل أمّ : فتتحمل مواصلة السهر ، ومباشرة الأذى ، وعنت التوجيه ، و...و...و.... إذن هذه المحبة لازمة ولا غنىً لأم سوية عنها فبها أعانها الله ويسرها لما خلقت له ، سبحان الحكيم .
- فقد تواترت النصوص في الشرع تحض الأبناء على بر الآباء ، بينما لم يأت نصًا صريحًا بالعكس
- وقد سمعتُ قولا لبعض أهل العلم نصه : ((إن حب الأبناء للآباء تكلف ، بينما حب الآباء الأبناء فطرة))
هنا يأتي السؤال :- فهل يستوي ما هو فطرة بما هو تكلف ؟! كلنا يلمس الفارق بلا شك.
**وهنا جاءت منحة ربانية من الوهاب ، أزالت إشكالًا كان في عميق نفسي منذ زمن طويل ، حيث جاء في حديث عبد الله بن عمرسمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول : (( انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم ، حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم ، فقال رجل منهم : اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا ، فناء بي في طلب شيء يوما ، فلم أرح عليهما حتى ناما ، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين ، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا ، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر ، فاستيقظا فشربا غبوقهما ، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج .....)) صحيح البخاري / رقم : ( 2272 )
كان الإشكال :- لِمَ ظل واقفًا طوال الليل حاملا الغبوق لوالديه ؟ [ وقد جاء في رواية أخري لهذا الحديث : وأولاده يتطاغون عند قدميه ]استطاع هذا الرجل -بحول من الله وقوة- أن يقدم ويؤثر ما هو تكلف على ما هو فطرة ؛ فاستحق بذا أن تتحرك له الصخرة .
**فمن منا يطيق ذلك وبخاصة مع الصغار ؟ مـــــــــن ؟؟!!
فالله المستعان ، الله المستعان ، الله المستعان.
الله أسأل أن يعيننا على أنفسنا ، وأن يلهمنا رشدنا ، ويوفقنا لما يرضيه عنا ؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
** نصحتني إحدى كبيرات العائلة- حفظها الله تعالى - أن أطعم ولدي بعض الأغذية الخفيفة بجوار الرضاع ، فسارعت أعمل بالنصيحة ، أخذت ولدي لأطعمه بالملعقة بعض الأغذية اللبنية السائلة نوعًا ؛ نظرًا لصغر سنه ، ومن الطبيعي جدًا أن يسيل بعض الطعام على جانبي فِيـه ، ويبقى الكثير من الأثر على شفتيه الصغيرتين ، فإذا بي -بي أنا- وبكل تلذذ ألعق كل ما سبق ذكره بلساني -بدل أن أزيله بالمحارم الورقية التي في يدي-، والأعجب أني لم أجد في نفسي أدنى تقززٍ ، ولا شائبة من نفور-سبحان الله-، وكأني اعتدت هذا الفعل طيلة عمري.
رغم أنني كنت قبلًا : أتحرى وبشدة ألا أشرب أو آكل سؤرًا لطفل مهما كان قريبًا لي ، أو عزيزًا عليّ، والحق أنني لم انتبه لفعلتي هذه إلا عندما نبهتني إحدى أخواتي -والتي كانت حاضرة - لـمَّا تعجبت من فعلي قائلة : ما هذا الذي تفعلين ؟ قلت لها : وماذا أفعل ؟ - حتى أني لم أنتبه لما أشارتْ إليه من فعلى المعنيّ بسؤالها-، فقالت دهِشةً : أتلعقين باقي طعام الولد ، وما يتفله من فيه ؟!!!
فبُهتُّ لقولها ، و لم أُحرْ جوابًا ؛ لأنني - وبكل بساطة - لم أنتبه لفعلتي حتى نبهتني هي إليها.
** فما برح عقلي يُعمل الفكر ؛ محاولًا الوصول لسبب هذا الفعل العجيب -مني بالذات- ومرت سحابة يومي وأنا شاردة ، حتى أنارت في عقلى فكرة ، إنه الحبّ الذي فطر الله العليم الحكيم الأم عليه تجاه أولادها ، غيَّر في شخصي سمتًا كنت أظنه ثابتًا ، وهنا توارد على خاطري فعل رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه مع الحبيبة عائشة أم المؤمنين
حيث قالت -رضي الله - عنها :
-(( كنت أشرب وأنا حائض . ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم . فيضع فاه على موضع في . فيشرب . وأتعرق العرق وأنا حائض . ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم . فيضع فاه على موضع في .)) صحيح مسلم / رقم : (300)
هذه واحدة ، وأما الثانية فأشد حيث قالت - رضي الله عنها --(( توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي ، وبين سحري ونحري ، وكانت إحدانا تعوذه بدعاء إذا مرض ، فذهبت أعوذه ، فرفع رأسه إلى السماء وقال : ( في الرفيق الأعلى ، في الرفيق الأعلى ) . ومر عبد الرحمن بن أبي بكر ، وفي يده جريدة رطبة ، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فظننت أن له بها حاجة ، فأخذتها ، فمضغت رأسها ، ونفضتها ، فدفعنها إليه ، فاستن بها كأحسن ما كان مستنا ، ثم ناولنيها ، فسقطت يده ، أو : سقطت من يده ، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة . )) صحيح البخاري / رقم: (4451)
**كم فرحت أن لي فيما فعلت سنة ، مع الفارق بلا شك ، والأمر لا يحتاج إلى مزيد تعليق .
***فاقتضت حكمة الله -سبحانه- أن يفطر قلب الأم على المحبة الشديدة لأولادها ؛ حتى يتسنى لها القيام بما هو منوط بها من واجبات الأمومة التي تعْلمها كل أمّ : فتتحمل مواصلة السهر ، ومباشرة الأذى ، وعنت التوجيه ، و...و...و.... إذن هذه المحبة لازمة ولا غنىً لأم سوية عنها فبها أعانها الله ويسرها لما خلقت له ، سبحان الحكيم .
- فقد تواترت النصوص في الشرع تحض الأبناء على بر الآباء ، بينما لم يأت نصًا صريحًا بالعكس
- وقد سمعتُ قولا لبعض أهل العلم نصه : ((إن حب الأبناء للآباء تكلف ، بينما حب الآباء الأبناء فطرة))
هنا يأتي السؤال :- فهل يستوي ما هو فطرة بما هو تكلف ؟! كلنا يلمس الفارق بلا شك.
**وهنا جاءت منحة ربانية من الوهاب ، أزالت إشكالًا كان في عميق نفسي منذ زمن طويل ، حيث جاء في حديث عبد الله بن عمرسمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول : (( انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم ، حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم ، فقال رجل منهم : اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا ، فناء بي في طلب شيء يوما ، فلم أرح عليهما حتى ناما ، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين ، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا ، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر ، فاستيقظا فشربا غبوقهما ، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج .....)) صحيح البخاري / رقم : ( 2272 )
كان الإشكال :- لِمَ ظل واقفًا طوال الليل حاملا الغبوق لوالديه ؟ [ وقد جاء في رواية أخري لهذا الحديث : وأولاده يتطاغون عند قدميه ]استطاع هذا الرجل -بحول من الله وقوة- أن يقدم ويؤثر ما هو تكلف على ما هو فطرة ؛ فاستحق بذا أن تتحرك له الصخرة .
**فمن منا يطيق ذلك وبخاصة مع الصغار ؟ مـــــــــن ؟؟!!
فالله المستعان ، الله المستعان ، الله المستعان.
الله أسأل أن يعيننا على أنفسنا ، وأن يلهمنا رشدنا ، ويوفقنا لما يرضيه عنا ؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى