خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
كان سؤالا موجزا ذلك الذي طرحته محدثتكم في ندوة (المقالة وخطاب التغيير في قضايا المرأة) ضمن فعاليات (ملتقى فن المقالة ) الذي أقامته جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في الرياض يوم الثلاثاء 08 محرم 1432 هـ أقول كان السؤال موجزا وواضح , حيث سألت المفكر إبراهيم البليهي سؤالا فلسفيا : عن مدى إمكانية استبدال مطالبات (الإبداع المطلق للعقل) .. بأن نجعل إبداع العقل في (إطاره الفطري) , وذلك بإعماله في (فهم الحقيقة) الواردة في النص المقدس بدلا من (إبداع الحقيقة القاصرة) من سواه , وذلك من منطلق أن وظيفة العقل هي ( فهم الحقائق و ليس صناعتها) ؟!!
وقد انتظرت ردا يوازي ما بدأ به البليهي حديثه من إنه جاء الوقت لأن نحيل ندواتنا إلى (حوار) بدلا من الاكتفاء بـ(سرد المعلومات) .. غير أن ما حدث هو العكس تماما !!
حيث أتاني رده المجلجل الغاضب عبر الشبكة قائلا : (كلمتي ليست درسا في الدين بل درسا في الدنيا !!! .. إن شئت أن تأخذيها و إن شئت أن تتركيها .. أنا أتحدث عن ما يجب أن نفعله لكي نتطور.. لكي نزدهر !!! )
انتهت الندوة و بقي رده - الذي عده البعض تهربا من الإجابة – أقول بقي رده يفتح لي باب لسؤال آخر :
(هل ثمة تلازم بين التدين و التطور .. أم نكتفي بالحديث عن التدين في الدروس الدينية .. و نقصيه حينما نتحدث عن التطور و التقدم ؟!)
حسنا .. ندرك جميعا أن البحث عن إجابة كهذه يحتاج درجة عالية من التجرد .. و قبل أن أبدأ رحلة البحث , أوقفها توني بلير !!!!!
نعم لم يكن ليمحني مزيد فرصة في البحث عن إجابة حيث أن الرد على حديث البليهي جاء في مقال لتوني بلير في الأيام القلائل التي تلت الندوة المذكورة وتحديدا في( 22 محرم) بعنوان (الإيمان في عصر تحكمه العولمة ) في صحيفة الإقتصادية (العدد 6287 ) حيث يقول :
(إنها لمأساة مفجعة أن ينتهي الأمر إلى هذه الحال. ففي هذا العصر من العولمة يستطيع الإيمان الديني أن يعمل كسبب للتقدم في المقام الأول , إن الدين ليس في طريقه إلى الزوال، وينبغي له ألا يزول. فالعالم في أشد الحاجة إلى الإيمان الحقيقي. )
نلحظ في هذا الأنموذج المطروح صورة واضحة لتبادل الأدوار , الذي نشهده في الساحة هذه الأيام , ففي الوقت الذي يتوقع فيه أن مقالة كهذه ستكون بقلم البليهي فإن ذلك لا يحدث !!!
بل إن النتائج التي يعرضها توني بلير في مقالته لإثبات أن تاء التدين و تاء التطور الحضاري ( تاءان متلازمتان ) لا تعارض بينهما و أن انتفاء الأول يعني بالضرورة انتفاء الثاني أو حتى التقليل منه , تجعلك تقف حائرا أمام هذا النوع الجديد من التفكير المحلي.. ليأتي التساؤل الثالث :
(هل تنازلنا عن حضارتنا و الدعوة إلى فصل (التطور) عن (التدين) سيجعل (الدول المتقدمة ) تعترف بهويتنا و حقوقنا ؟!!
إن كانت الإجابة بــ(لا) .. فكيف لمفكر قدير نحترمه كهذا .. أن يغفل عن حقيقة كتلك ؟!!!
أم أن تلك القناعات التي تولدت في أوربا من محاربة الكنيسة للعلم في العصور الوسطى, نتيجة انحراف وطمع رجال الكنيسة في مختلف شؤون الحياة، باعتبارهم علماء في الدين وفلاسفة في القانون الروماني، حيث قامت الثورات تطالب بإقصاء هذا الدين الظالم أهله – النصرانية - , بوصفها مصدرا للتخلف و الظلام و الاستبداد أقول أم أن تلك القناعات بدأت تتحسس طريقها إلينا ..فلم نتردد في حشر (سمو الإسلام) مع (دناءة القساوسة والسلطة الكهنوتية الطاغية) .. في بوتقة واحدة !!
حسنا ..دعونا ننتقل من البحث في (الندوات) و (الصحف) إلى البحث في قائمة (أكثر الكتب مبيعا) .. لعلنا نجد دلائل لحقيقة التلازم العالمية بين التدين و التطور .. بإقبال مختلف الشعوب على قراءة ذلك النوع المساند من الكتب
وقد وقفت في بحثي هذا على كثير من الشواهد سأنقل لك جملة بسيطة من أحدها و إلا فالشواهد كثيرة .. سنقف مع الكاتب البريطاني : (ريتشارد تمبلر) صاحب الكتاب العالمي الأشهر (The Rules of Work – قواعد العمل - ) وكتابه الآخر أيضا
( THE RULES OF LIFE– قواعد الحياة - ) و الجملة المنقولة من الكتاب الأخير .. ولنقرأ سويا هذه القاعدة :
يقول المؤلف في القاعدة السابعة والعشرون في النسخة الإنجليزية ( have a beleif system ) ,
وهي ذاتها القاعدة الثالثة و العشرون في النسخة المترجمة - وليت بعض المترجمون العرب يكفون عن هذا العبث -
و معنى ( have a beleif system ) أي ( اعتنق عقيدة ) ..
هكذا ببساطة (اعتنق عقيدة ).. نعم هو يرى أنه لكي تعيش .. لابد من عقيدة .. و أقرأ مايقول في التفصيل : ( الشخص الذي يملك إيمانا و عقيدة ما في الحياة – يؤمن بها هو على الأقل – يبدوا أيسر حالا و سعادة . إنك طالما تعتنق عقيدة ما فسوف تبلي بلاء أفضل من الشخص الذي لا يعتنق أي عقيدة )
ويقول أيضا : (إن أفضل عقيدة هي التي تنبع عن إيمان راسخ بالله ,أعرف أن هذا أمر شخصي ولكنك يجب أن تفكر في الأمر مليا لكي تعثر على الراحة النفسية والطمأنينة )
ثمة تحير و علامات تعجب متناثرة بين ما يقوله البليهي المسلم – الغارق في الفلسفة - و ما يقوله هؤلاء !!!
هل بقي لدينا مزيد شك بين التلازم العالمي .. بين التدين والتطور.. حسنا إن كان ذلك يشغلك .. فدع عنك مقالي و أبحث بنفسك
أما من يرى يرى أن لا ضير في تطور و حضارة.. بلا دين !!, فهو كما يقول عبد المجيد الزنداني في كتابه ( توحيد الخالق ) : ( ما أشبه الحضارة التي يعيش فيها الناس بدون إيمان ,بدون هدف , بدون صلة بالخالق سبحانه , ما أشبه تلك الحضارة بصانع سفينة ضخمة ,أنيقة جميلة , قد رتبت فيها أماكن الطعام , وأماكن الرقود و أماكن اللعب و التسلية , وأخذ صانعها يدعو الناس إلى ركوبها ويشرح لهم كيف يأكلون و كيف يشربون ,و كيف يرقدون وكيف يلعبون .. حتى إذا سأله أحد الركاب :إلى أين تذهب بنا هذه السفينة ؟ .. أجاب : لا أدري , فقط اركبوا !!!!! )
كتبته هند عامر
hindamer@hotmail.com
تلازم التطور والتدين .. بين
توني بلير و إبراهيم البليهي
هند عامر
وقد انتظرت ردا يوازي ما بدأ به البليهي حديثه من إنه جاء الوقت لأن نحيل ندواتنا إلى (حوار) بدلا من الاكتفاء بـ(سرد المعلومات) .. غير أن ما حدث هو العكس تماما !!
حيث أتاني رده المجلجل الغاضب عبر الشبكة قائلا : (كلمتي ليست درسا في الدين بل درسا في الدنيا !!! .. إن شئت أن تأخذيها و إن شئت أن تتركيها .. أنا أتحدث عن ما يجب أن نفعله لكي نتطور.. لكي نزدهر !!! )
انتهت الندوة و بقي رده - الذي عده البعض تهربا من الإجابة – أقول بقي رده يفتح لي باب لسؤال آخر :
(هل ثمة تلازم بين التدين و التطور .. أم نكتفي بالحديث عن التدين في الدروس الدينية .. و نقصيه حينما نتحدث عن التطور و التقدم ؟!)
حسنا .. ندرك جميعا أن البحث عن إجابة كهذه يحتاج درجة عالية من التجرد .. و قبل أن أبدأ رحلة البحث , أوقفها توني بلير !!!!!
نعم لم يكن ليمحني مزيد فرصة في البحث عن إجابة حيث أن الرد على حديث البليهي جاء في مقال لتوني بلير في الأيام القلائل التي تلت الندوة المذكورة وتحديدا في( 22 محرم) بعنوان (الإيمان في عصر تحكمه العولمة ) في صحيفة الإقتصادية (العدد 6287 ) حيث يقول :
(إنها لمأساة مفجعة أن ينتهي الأمر إلى هذه الحال. ففي هذا العصر من العولمة يستطيع الإيمان الديني أن يعمل كسبب للتقدم في المقام الأول , إن الدين ليس في طريقه إلى الزوال، وينبغي له ألا يزول. فالعالم في أشد الحاجة إلى الإيمان الحقيقي. )
نلحظ في هذا الأنموذج المطروح صورة واضحة لتبادل الأدوار , الذي نشهده في الساحة هذه الأيام , ففي الوقت الذي يتوقع فيه أن مقالة كهذه ستكون بقلم البليهي فإن ذلك لا يحدث !!!
بل إن النتائج التي يعرضها توني بلير في مقالته لإثبات أن تاء التدين و تاء التطور الحضاري ( تاءان متلازمتان ) لا تعارض بينهما و أن انتفاء الأول يعني بالضرورة انتفاء الثاني أو حتى التقليل منه , تجعلك تقف حائرا أمام هذا النوع الجديد من التفكير المحلي.. ليأتي التساؤل الثالث :
(هل تنازلنا عن حضارتنا و الدعوة إلى فصل (التطور) عن (التدين) سيجعل (الدول المتقدمة ) تعترف بهويتنا و حقوقنا ؟!!
إن كانت الإجابة بــ(لا) .. فكيف لمفكر قدير نحترمه كهذا .. أن يغفل عن حقيقة كتلك ؟!!!
أم أن تلك القناعات التي تولدت في أوربا من محاربة الكنيسة للعلم في العصور الوسطى, نتيجة انحراف وطمع رجال الكنيسة في مختلف شؤون الحياة، باعتبارهم علماء في الدين وفلاسفة في القانون الروماني، حيث قامت الثورات تطالب بإقصاء هذا الدين الظالم أهله – النصرانية - , بوصفها مصدرا للتخلف و الظلام و الاستبداد أقول أم أن تلك القناعات بدأت تتحسس طريقها إلينا ..فلم نتردد في حشر (سمو الإسلام) مع (دناءة القساوسة والسلطة الكهنوتية الطاغية) .. في بوتقة واحدة !!
حسنا ..دعونا ننتقل من البحث في (الندوات) و (الصحف) إلى البحث في قائمة (أكثر الكتب مبيعا) .. لعلنا نجد دلائل لحقيقة التلازم العالمية بين التدين و التطور .. بإقبال مختلف الشعوب على قراءة ذلك النوع المساند من الكتب
وقد وقفت في بحثي هذا على كثير من الشواهد سأنقل لك جملة بسيطة من أحدها و إلا فالشواهد كثيرة .. سنقف مع الكاتب البريطاني : (ريتشارد تمبلر) صاحب الكتاب العالمي الأشهر (The Rules of Work – قواعد العمل - ) وكتابه الآخر أيضا
( THE RULES OF LIFE– قواعد الحياة - ) و الجملة المنقولة من الكتاب الأخير .. ولنقرأ سويا هذه القاعدة :
يقول المؤلف في القاعدة السابعة والعشرون في النسخة الإنجليزية ( have a beleif system ) ,
وهي ذاتها القاعدة الثالثة و العشرون في النسخة المترجمة - وليت بعض المترجمون العرب يكفون عن هذا العبث -
و معنى ( have a beleif system ) أي ( اعتنق عقيدة ) ..
هكذا ببساطة (اعتنق عقيدة ).. نعم هو يرى أنه لكي تعيش .. لابد من عقيدة .. و أقرأ مايقول في التفصيل : ( الشخص الذي يملك إيمانا و عقيدة ما في الحياة – يؤمن بها هو على الأقل – يبدوا أيسر حالا و سعادة . إنك طالما تعتنق عقيدة ما فسوف تبلي بلاء أفضل من الشخص الذي لا يعتنق أي عقيدة )
ويقول أيضا : (إن أفضل عقيدة هي التي تنبع عن إيمان راسخ بالله ,أعرف أن هذا أمر شخصي ولكنك يجب أن تفكر في الأمر مليا لكي تعثر على الراحة النفسية والطمأنينة )
ثمة تحير و علامات تعجب متناثرة بين ما يقوله البليهي المسلم – الغارق في الفلسفة - و ما يقوله هؤلاء !!!
هل بقي لدينا مزيد شك بين التلازم العالمي .. بين التدين والتطور.. حسنا إن كان ذلك يشغلك .. فدع عنك مقالي و أبحث بنفسك
أما من يرى يرى أن لا ضير في تطور و حضارة.. بلا دين !!, فهو كما يقول عبد المجيد الزنداني في كتابه ( توحيد الخالق ) : ( ما أشبه الحضارة التي يعيش فيها الناس بدون إيمان ,بدون هدف , بدون صلة بالخالق سبحانه , ما أشبه تلك الحضارة بصانع سفينة ضخمة ,أنيقة جميلة , قد رتبت فيها أماكن الطعام , وأماكن الرقود و أماكن اللعب و التسلية , وأخذ صانعها يدعو الناس إلى ركوبها ويشرح لهم كيف يأكلون و كيف يشربون ,و كيف يرقدون وكيف يلعبون .. حتى إذا سأله أحد الركاب :إلى أين تذهب بنا هذه السفينة ؟ .. أجاب : لا أدري , فقط اركبوا !!!!! )
كتبته هند عامر
hindamer@hotmail.com
تلازم التطور والتدين .. بين
توني بلير و إبراهيم البليهي
هند عامر
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى