صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
:ثث:
:123:
الغفار
رحلتنا مع أسماء الله الحسنى طويلة فلا بد من أن نقيل، وفي يستاننا دوحة وارفة نقيل تحتها اسم "الغفور" ولقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في صيغ ثلاث: الصيغة الأولى ورد على صيغة غافر قال تعالى:
}غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ{ [غافر: 3].
وورد أيضا على صيغة ثانية وهي الغفور، قال تعالى:
}وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً{ [الكهف: 58].
وقال تعالى: }وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ{ [البروج: 14].
وقال تعالى:
}نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الحجر: 49].
وقال تعالى:
}قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 53].
إلى آخر الآيات التي ورد فيها هذا الاسم على صيغة غفور.
الصيغة الثالثة وردت غفار على وزن فعال قال تعالى:
}وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى { [طه: 82].
وقال تعالى:
}فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{ [نوح: 10-12].
إذا غافر وغفور وغفار وردت هذه الأسماء كلها في القرآن الكريم، وهذه الأسماء كلها مشتقة من مصدر واحد وهو المغفرة.
قال بعض العلماء: "الإنسان إذا عصى الله عز وجل وصف في القرآن بأنه ظالم وبأنه ظلوم، وبأنه ظلام" قال تعالى:
}ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ{ [فاطر: 32].
وقال تعالى:
}إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً{ [الأحزاب: 72].
وقال تعالى:
}قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 39].
فالمسرف ظلاَّم على صيغة المبالغة.
فإذا كان العبد ظالما فالله غافر، وإذا كان ظلوما فالله غفور، وإذا كان ظلاما فالله سبحانه وتعالى غفار، بأية صفة أتى بها العبد المعصية فهناك اسم لله عز وجل يقابل هذه المعصية.
النقطة الدقيقة في هذا الاسم أن صفات الإنسان متناهية، معنى متناهية: أن الإنسان إذا فعل ذنبا فذنبه له حجم، وقع في معصية، ومعصيته لها حجم أيضا، فمهما تكن المعاصي والذنوب فإنها متناهية تنتهي عند حد، لكن مغفرة الله عز وجل ليست متناهية لا حدود لها، وغير المتناهي يغلب المتناهي، إذا، لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الكفور، لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الجهول، لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الجحود.
إذا كان ذنبك متناهياً ومغفرة الله عز وجل ليست متناهية، فمن الغباء والحمق والجهل والجحود وقلة العلم أن تيأس من رحمة الله، لذلك، فاليائس كافر، اليائس جاهل، اليائس جاحد.
:123:
الغفار
رحلتنا مع أسماء الله الحسنى طويلة فلا بد من أن نقيل، وفي يستاننا دوحة وارفة نقيل تحتها اسم "الغفور" ولقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في صيغ ثلاث: الصيغة الأولى ورد على صيغة غافر قال تعالى:
}غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ{ [غافر: 3].
وورد أيضا على صيغة ثانية وهي الغفور، قال تعالى:
}وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً{ [الكهف: 58].
وقال تعالى: }وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ{ [البروج: 14].
وقال تعالى:
}نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الحجر: 49].
وقال تعالى:
}قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 53].
إلى آخر الآيات التي ورد فيها هذا الاسم على صيغة غفور.
الصيغة الثالثة وردت غفار على وزن فعال قال تعالى:
}وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى { [طه: 82].
وقال تعالى:
}فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{ [نوح: 10-12].
إذا غافر وغفور وغفار وردت هذه الأسماء كلها في القرآن الكريم، وهذه الأسماء كلها مشتقة من مصدر واحد وهو المغفرة.
قال بعض العلماء: "الإنسان إذا عصى الله عز وجل وصف في القرآن بأنه ظالم وبأنه ظلوم، وبأنه ظلام" قال تعالى:
}ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ{ [فاطر: 32].
وقال تعالى:
}إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً{ [الأحزاب: 72].
وقال تعالى:
}قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 39].
فالمسرف ظلاَّم على صيغة المبالغة.
فإذا كان العبد ظالما فالله غافر، وإذا كان ظلوما فالله غفور، وإذا كان ظلاما فالله سبحانه وتعالى غفار، بأية صفة أتى بها العبد المعصية فهناك اسم لله عز وجل يقابل هذه المعصية.
النقطة الدقيقة في هذا الاسم أن صفات الإنسان متناهية، معنى متناهية: أن الإنسان إذا فعل ذنبا فذنبه له حجم، وقع في معصية، ومعصيته لها حجم أيضا، فمهما تكن المعاصي والذنوب فإنها متناهية تنتهي عند حد، لكن مغفرة الله عز وجل ليست متناهية لا حدود لها، وغير المتناهي يغلب المتناهي، إذا، لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الكفور، لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الجهول، لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الجحود.
إذا كان ذنبك متناهياً ومغفرة الله عز وجل ليست متناهية، فمن الغباء والحمق والجهل والجحود وقلة العلم أن تيأس من رحمة الله، لذلك، فاليائس كافر، اليائس جاهل، اليائس جاحد.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
هناك شيء آخر بالنسبة لهذا الاسم أن الآيات التي وردت في هذا الاسم وردت مرة بصيغة الماضي، قال تعالى:
}قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ، فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{ [ص: 24-25].
ووردت أيضا بصيغة الفعل المضارع قال تعالى:
}إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً{ [النساء: 48].
}وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ{ [آل عمران: 135].
ووردت بصيغة الأمر، قال تعالى:
}رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ{ [آل عمران: 193].
ووردت بصيغة المصدر قال تعالى:
}آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ{ [البقرة: 285].
}وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ{ [الرعد: 6].
أي يغفر لك ما مضى، ويغفر لك الآن، ويغفر لك في المستقبل، وهو ذو مغفرة، بأي زمن كنت هو غفار، لأي ذنب فعلت هو غفار، إن كان الإنسان ظالما فالله غافر، وإن كان ظلوما فالله غفور، وإن كان ظلاما فالله عز وجل غفار وإن فعل الذنب في الماضي غفر الله له، وإن فعله الآن يغفر الله له، وما سيفعل من ذنب في المستقبل فإن الله عز وجل يغفر بعد الانكسار والدعاء، بأي شكل وبأي زمن فإن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم.
أسوق هذا الكلام ليعلم الأخ المؤمن أنه لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا اليائس، إلا الجاهل، إلا الجاحد إلا الكافر.
ولكن عزيزي القارئ: إذا توهم أحد أن غافراً اسم فاعل، وأما غفور صيغة مبالغة لاسم الفاعل، وأما غفار صيغة مبالغة المبالغة لاسم الفاعل، (والحقيقة التي أتمنى أن تكون واضحة لدى القراء الكرام هي أن أسماء الله عز وجل لا تتفاوت أبدا) .
إذاً كيف جاء هذا الاسم على هذه الصيغ؟ فالسؤال وجيه.
إذا تناول إنسان الطعام يقال له في اللغة: آكل، إذا جلس إلى الطعام فأكل خمسة أرغفة يقال: له أكول على وزن فعول، يقال له: أكول إذا تناول كمية كبيرة، إذا تناول وجبة خفيفة، ولكن أكل في اليوم خمس مرات يقال له: أكول، إذا صيغة المبالغة ماذا تفيد؟ تفيد النوع وتفيد العدد، الحقيقة الأولى أن أسماء الله عز وجل لا تتفاوت، كلها في مستوى واحد.
الإنسان كان في مستوى وارتقى إلى مستوى أعلى، ثم ارتقى إلى مستوى أعلى، كان ظالماً، ثم فعل ظلماً أشد فأصبح ظلوماً، فعل ظلما أشد وأشد صار ظلاماً، أما هذا المعنى لا يليق بكمال الله عز وجل أبدا، لو أن فلاناً ارتكب سيئة غفرها الله له فهو غافر، فلان الآخر غفر الله له، فلان الثالث غفر الله له، فلان العاشر غفر الله له، والعباد كلهم لو أذنبوا غفر الله لهم، جاءت صيغة غفار لا من حيث النوع، ولكن من حيث العدد، لو قلت: فلان ليس أكولا، إذا نفيت عنه أنه أكول، فهل نفيت عنه أنه يأكل؟ لا، إذا قلت: وما ربك بظلام للعبيد، قد يقول قائل معلوماته محدودة وأفقه ضيق: الله ينفي عن نفسه مبالغة الظلم، ولا ينفي عن نفسه الظلم، فإذا قلت عن إنسان: ليس أكولاً فليس معنى هذا أنه ليس آكلاً، قال العلماء: هذا لا يليق بكمال الله عز وجل لأن صيغة المبالغة بأسماء الله لا تعني الكم، بل تعني العدد، فكل عباده لو أنهم أذنبوا فالله عز وجل غفور، فصيغة فعول تعني المبالغة لا في النوع لكن في العدد، والدليل قوله تعالى:
}مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{ [فصلت: 46]
[/size][/size]
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الظلام في حق الله تعني أنه لا يظلم، فجميع عباده ينعمون بعدالته.
شيء آخر: المغفرة في اشتقاقها اللغوي تعني الستر، المغفر: زرد من الدرع يلبس تحت القلنسوة ولكن ربنا عز وجل كما يتضح للقارئ الكريم ذكر بعض المعاصي، فقال مثلاً عن سيدنا موسى:
}قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [القصص: 16].
وقال مخاطبا سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام:
}لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً{ [الفتح: 2].
فلا يستقيم معنى المغفرة –هنا- بمعنى الستر، لكن يستقيم بمعنى الصفح والعفو، والعفو والصفح يلغيان الشيء بمعنى واحد، فالمعنى الأول للمغفرة: الصفح والعفو، أي: عدم إيقاع العقوبة، أي أن الله عز وجل غفور يمكن أن يعفو عنك فلا يوقع عليك العقاب.
المشكلة الأساسية هو أننا إذا قرأنا القرآن قد نقرأ بعضه وننسى بعضه الآخر، قال تعالى:
}قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 53].
يجب أن لا تقف عند هذا الحد في الآية، بل تتابع ما بعدها قال تعالى:
}وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ{ [الزمر: 54].
أي: غفور لمن أقبل، غفور لمن تاب، غفور لمن رجع، غفور لمن أناب، غفور لمن أصلح، غفور لمن استغفر، أما أن يقيم الإنسان على معصية، وينوي أن يبقى عليها، ويقول: الله غفور رحيم فإن هذا من السذاجة والجهل وعدم الفهم:
}نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ{ [الحجر: 49-50].
أي: إما أن تأتيه طائعا، وإما أن يدفعك إلى أن تأتيه، ربنا عز وجل قال في بعض الآيات: (ثم تاب عليهم ليتوبوا) وفي بعضها }فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه{ [المائدة: 39] ما معنى توبة الرب إذا سبقت توبة العبد؟ وما معنى توبة الرب إذا تأخرت عن توبة العبد؟
قال بعض العلماء: "إذا سبقت توبة الرب توبة العبد أي: إن الله عز وجل ساق له من الشدائد والمحن والمصائب ما دفعه إلى التوبة، فما أكثر التائبين على أثر مصيبة نزلت بهم"، الله عز وجل تاب على العبد قبل أن يتوب، أي: ساق إليه الشدائد والمحن والبلايا بحيث يحمله على التوبة، وإذا قال الله عز وجل:
}ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً، وَبَنِينَ شُهُوداً، وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً{ [المدثر: 12-14].
فحيثما جاءت كلمة ذرني يعني يا محمد إن لم يستجب فلان لك دعه لي، فأنا أسوق له من الشدائد ما أحمله على التوبة، وهذه آيات دقيقة جدا، فالله عز وجل من رحمته أن يسوق لك إنساناً لطيفاً يقدم لك نصيحة هادئة رقيقة بينك وبينه، يدعمها بالآيات والأحاديث والقصص فأنت إما أن تستجيب وإما ألا تستجيب، فإن لم تستجب فالله سبحانه وتعالى عنده من الوسائل والأساليب والأدوية والطرائق والمضايقات والشدائد ما يدفعك إلى بابه دفعا، فأيهما أرقى لك أن تأتيه طائعا أو أن تأتيه بعد العصا، هذا ما فسره النبي عليه الصلاة السلام:
"عجبت لأقوام يساقون إلى الجنة في السلاسل وهم كارهون" [الطبراني عن أبي أمامة وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة وسنده حسن].
عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل، "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن أبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" [رواه البخاري].
فأنت أخوف ما يجب أن تخاف منه، أن تدعى إلى الله عز وجل دعوة هادئة لطيفة فيها ستر بينك وبين أخ كريم ينصحك بغض البصر، بتحرير الدخل، بترك الظلم، بترك العدوان، ثم لا تستجيب له فإنك إن لم تستجب فالله سبحانه وتعالى كفيل أن يسوق للإنسان من الشدائد ما يحمله على التوبة، هذا معنى التوبة إذا سبقت توبة الرب توبة العبد (تاب عليهم ليتوبوا)، أما إذا جاءت توبة الرب بعد توبة العبد فهي قبول التوبة }فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ{ [المائدة: 39] أي: يقَبِلَ توبتهم.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
إن الإنسان إذا قرأ عن المغفرة فإنه يجد الله واسع المغفرة، فقد صح عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: "يَا عِبَادِي! إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ عَارٍ إِلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ... يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي! إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ". [صحيح مسلم].
معنى هذا الحديث القدسي أن الإنسان إذا عاد إلى الله طواعية ضَمِنَ حفظ الله له وتأييده وإكرامه، فإذا أبى ولم يستجب عندئذ سيأتيه العذاب من حيث لا يشعر لذلك ربنا عز وجل يقول:
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ{ [الأنفال: 24].
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ، إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ [التوبة: 38-39].
إن لم تأته طائعا دفعك إلى بابه دفعاً.
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نزل جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أحسن صورة لم ينزل في مثلها قط ضاحكا مستبشرا فقال: السلام عليك يا محمد قال: وعليك السلام يا جبريل قال: إن الله بعثني إليك بهدية كنوز العرش أكرمك الله بهن قال: وما تلك الهدية يا جبريل فقال جبريل: قل يا من أظهر الجميل! وستر القبيح! يا من لا يؤاخذ بالجريرة! ولا يهتك الستر! يا عظيم العفو! يا حسن التجاوز! يا واسع المغفرة! يا باسط اليدين بالرحمة! يا صاحب كل نجوى! ويا منتهى كل شكوى! يا كريم الصفح! يا عظيم المن! يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها! يا ربنا! ويا سيدنا! ويا مولانا! ويا غاية رغبتنا! أسألك يا الله أن لا تشوي خلقي بالنار.
دققوا في هذا الدعاء: يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، أي قبيح هذا؟ خواطرك، تأتيك خواطر لا يعلمها إلا الله خاطر قبيح جدا خاطر معصية، قد يأتي في بالك خاطر لا يرضي الله عز وجل، لكن ألا ترى أن الله سبحانه وتعالى جميل الستر كل خواطرك محجوبة عن الخلق، لك أن تفكر بما تشاء ولك أن يخطر على بالك ما تريد وأنت عند الناس في أعلى مكانة، لذلك قال عبد الله بن محمد القحطاني في نونيته:
والله لو علموا قبيح سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني
ولأعرضوا عني وملوا صحبتي ولبؤت بعد كرامة بهوان
لكن سترت معايبي ومثالبي وحلمت عن سقطي وعن طغياني
فلك المحامد والمدائح كلها بخواطري وجوارحي ولساني
شريكان، لو اطلع الأول على ما يدور في خلد الثاني لفك معه الشركة، لو اطلع الزوج على ما يدور في بال زوجته لطلقها، ولو اطلعت الزوجة على ما في ذهن زوجها لتركته، لو اطلع الأب على مايدور في بال ابنه عند تفكيره بموت أبيه لكرهه، يقول الابن لأبيه أحيانا: أعطني يدك لتقبيلها وفي باله خاطر آخر، لو اطلع الأب على ما يجول في خاطر ابنه لكرهه وطرده. فالله عز وجل يستر جميل الستر هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام حينما دعا ربه قال: يا من أظهر الجميل وستر القبيح.
أي أنت في حصن حصين، فكل خواطرك الداخلية وكل المشاعر وكل الأفكار وكل الطموحات، هذه كلها مستورة، فهذا من معنى المغفرة أي: ستر عن الناس العيوب الفكرية.
وهناك شيء آخر: فالإنسان دون جلد قبيح جداً، ولو رأيت إنساناً على مستوى العضلات فقط لرأيته مخيفا، إنها عضلات متداخل بعضها مع بعض، لو رأيت عضلات الوجه وحدها لوليت من الإنسان فراراً، عشرات العضلات المتداخلة والمستقيمة والمائلة لكن يأتي هذا الجلد فيجعل الوجه جميلاً، فربنا عز وجل ستر العضلات بالجلد، وهناك فتحات بالجسم كلها مستورة وما تراه هو المنظر الأنيق الجميل هذا من معنى: يا من أظهر الجميل وستر القبيح، الوجه الجميل، والسوءة القبيحة.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
والمعنى الثالث: أن المؤمن في الجنة يستر الله عنه ذنوبه، فلو أن المؤمن اطلع على جاهليته لاحترق، وهذا شيء فوق طاقة البشر لأنه مع الكمال المطلق، لو أن مؤمناً تاب إلى الله توبة نصوحاً وغفر الله له، فإذا تذكر ما فعل في الجاهلية قضم أنامله على تفريطه، فمن رحمة الله بالمؤمن أنه يستر عنه عيوبه، وهذا ما فسره بعض العلماء في سر فناء الجسد، إن هذه الصور في الذاكرة فإذا فني الجسد بقيت النفس، النفس طاهرة مقبلة مطهرة معطرة مرتبطة بالكمال الإلهي، أحد المؤمنين له جاهلية وتاب، إذا تذكر جاهليته، وكيف كان وفي أي مستوى كان وفي أي منطق وفي أية مخالفات وفي أية معاصٍ يحترق، يحرقه كماله، هذا في الدنيا.
قالوا: لا بد للمؤمن من ذلة أو قلة أو علة، فما الذلة؟ هذه ذلة الجاهلية التي كانت قبل أن يتوب إلى الله عز وجل، لو أن الإنسان إذا تاب من معصيته وشفيت نفسه منها إذا تذكرها فإنها تحرقه أسفا لتفريطة في الدنيا، فمن رحمة الله بالمؤمنين أنه في الجنة يستر الله عنه ذنوبه كلها، أبدا لا يرى شيئاً. ربنا عز وجل في سورة غافر قال:
}غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ{ [غافر: 3].
قال بعض المفسرين: "غافر الذنب إكراما، وقابل التوب إنعاما، وشديد العقاب بالكافرين، وذي الطول أي: ذي العطاء الكبير للسابقين والمقربين".
في الآية تجد ثلاثة أسماء من أسماء الله الحسنى للمؤمنين واسما واحد للكافرين، فربنا عز وجل غافر الذنب، وقابل التوب، ذي الطول شديد العقاب، فقال: غافر الذنب لمن ظلم نفسه، وقابل التوب للمقتصد، وذي الطول للسابق، فبعض المؤمنين مقصرون مخالفون، بعضهم مستقيمون، بعضهم متفوقون، فربنا عز وجل للمقصرين غافر الذنب وللمقتصدين قابل التوب وللسابقين ذي الطول، وللكافرين شديد العقاب، لماذا كانت صفة واحدة من صفات الله عز وجل للكافرين لأن الكفر ملة واحدة فماذا بعد الحق إلا الضلال، الكفر واحد، أما الإيمان فمراتب.
عندنا بعض التفسيرات اللطيفة لقوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) الله عز وجل لم يقل قل يا عبادي الذين فسقوا، قل يا عبادي الذين زنوا، قل يا عبادي الذين شربوا الخمر، قل يا عبادي الذين قتلوا، بل قال: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) فيها تلطف فيها ستر لحالهم، تذوق الكلمات القرآنية (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم).
الشيء الثاني في الآية كلمة (قل يا عبادي) ففيها لفتة بلاغية جميلة موحية جدا، أي هذا العبد أضافه الله إلى ذاته، تحببا لعباده، تسلية وطمأنة لهم وإكراما منه نسبهم إلى ذاته (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) فزينتهم بنسبتهم إلى ربهم وقبحهم لا يعقل أن يغلب نسبتهم إلى ربهم، لذلك حينما يقول لك الله عز وجل: (قل يا عبادي) يجب أن تفتخر يجب أن تطير إلى السماء حبا به وإقبالا عليه.
والشيء الآخر الذي يلفت النظر في الآية: (قل يا عبادي الذين أسرفوا) لم يقل: في معصية ربهم لا، بل قال: أسرفوا على أنفسهم أي: هذه المعاصي ما ضروا بها أحداً، بل ضروا بها أنفسهم، وذات الله منزهة عن كل أذى.
"يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا" [رواه مسلم].
فـ (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) لا على الله عز وجل، ذات الله منزهة، (لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) دقق في الآية (إنه هو الغفور الرحيم)، أي: هو الغفور إن أذنبت أو لم تذنب، هو الغفور دون أن تذنب ولو أنك أذنبت فهذه هي صفته الثابتة هذه صفته القديمة والسرمدية والأبدية، قال العلماء: وأما قوله تعالى: }نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الحجر: 49].
فقد روي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم وهم يضحكون فقال تضحكون وذكر الجنة والنار بين أظهركم، قال فما رئي أحد منهم ضاحكا حتى مات قال: وفيهم نزلت: (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم).
لن يكون الإنسان في حالة نفسية سوية إلا إذا جمعت بين الخوف والرجاء، فإذا غلب الخوف فهي حالة مرضية وإذا غلب الرجاء فهي حالة مرضية فلاحظ نفسك ووازن بين الحالتين، يوجد في الدم هرمون التجلط وهرمون التميع إذا غلب هرمون التجلط رأيت الدم كالوحل في الأوردة والشرايين فيموت الإنسان فورا، وإذا غلب هرمون التميع سال الدم كله من ثقب صغير، في كلا الحالين فالإنسان ميت ولا بد من التوازن الدقيق بين التجلط وبين التميع، وبعلاقتك مع الله عز وجل يجب أن يكون هناك توازن دقيق جدا بين الرجاء والخوف، فأكثر الناس يقول: لا تدقق فالله غفور رحيم، وهذا رجاء أبله، لو قرأت القرآن لوجدت أن الله سبحانه وتعالى يقول كثيراً: }ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{ [النحل: 119]، إذا راجعت القرآن الكريم ودققت فالآيات التي وردت بموضوع المغفرة آيات كثيرة:
}وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{ [الأعراف: 153].
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى