عابر سبيل
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الحج عن الغير
قدم أن صحة البدن مما تتحقق بها الاستطاعة ، فهي شرط لوجوب الحج . وعلى هذا فالشيخ الكبير والمرأة العجوز، والمريض، والمشلول ، والمقعد ومقطوع الرجلين ، والأعمى (وإن وجد قائدا عند أبي حنيفة) كل هؤلاء وأمثالهم - كن يعجزون صحيا عن الحج بأنفسهم - لا يجب عليهم الحج ، ولا يلزمهم إحجاج الغير عنهم ، ولا الإيصاء به عند الموت بشرط ألا يكونوا قد وجدت عندهم الاستطاعة قبل المرض ، فإن كانت الاستطاعة وجدت قبل المرض ، فإن الحج فرض عليهم باتفاق العلماء ، وعليهم أن يقوموا بإحجاج غيرهم عنهم لتسقط عنهم الفريضة .
والخلاف إنما هو فيمن قدر على الحج ماليا في وقت يعجز فيه عن تأديته صحيا عجزا دائما إلى الموت حسب غلبة الظن .
فأبو حنيفة في الرأي المختار عنده ، والشافعي وأحمد يرون أن الحج فرض عليه ، وعليه أن يبعث من يحج عنه على حسابه ونفقته ، إن وجد هذا الذي يحج عنه ، رجلا كان أو امرأة .
ودليلهم حديث ابن عباس أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : نعم . وذلك في حجة الوداع أخرجه مالك والشافعي والشيخان
وفي رواية قال لها صلى الله عليه وسلم : نعم فحجي عنه رواه الجماعة
وقال مالك : لا حج عليه ، وهو رأي للأحناف ، ودليلهم : أن الحج واجب على المستطيع ، وهذا غير مستطيع ، وأجابهم الأولون بأنه غير مستطيع بنفسه مستطيع بغيره فيجب عليه .
ومن بعث إنسانا يحج عنه لمرضه المزمن ، ثم شفي من مرضه فإنه لا يجب عليه أن يحج مرة أخرى عند أحمد وإسحاق ، لأن الواجب لا يتكرر وقد سقط عنه بإحجاج غيره ، وقال الشافعي والأحناف وابن المنذر : يلزمه الحج ، لأن حج غيره كان لأن مرضه ميؤوس منه ، وقد تبين ، غير ذلك فيجب عليه الحج .
(هذا) والحج المنذور كحجة الإسلام في إباحة الاستنابة عند العجز والمنع منها مع القدرة لأنها حجة واجبة .
وأما الإنابة في حج التطوع فل تجوز إن كان الذي ينيب غيره لم يؤد حجة الإسلام .
فإن كان قد أدى حجة الإسلام ، وهو عاجز عن الحج بنفسه فإن له أن ينيب من يحج عنه ، وإن كان غير عاجز فإن أبا حنيفة يجيز ذلك والشافعي لا يجيزه .
وإن كان من ينيب غيره ليحج عنه تطوعا به عجز مؤقت كالحبس والمرض المرجو الزوال فإن الإنابة صحيحة ، لأن التطوع مشروع في كل عام شروعا مستقلا بخلاف الفرض فإنه فرض العمر .
(هذا) وكل ما قيل في الحج يقال في العمرة .
حكم الاستئجار على الحج والأذان وتعليم القرآن وغيرها
إن الكلام فيمن يحج عن الغير يستدعي الكلام في الاستئجار على الأمور التي هي في الأصل عبادة تخص فاعلها ، ولكنها مع ذلك يتعدى نفعها إلى الغير ، مثل الحج عن الغير وتعليم القرآن والفقة والأذان إلخ .
وقبل الكلام في ذلك يحسن التنبيه إلى أن الحج عن الغير ليس معناه دائما الاستئجار ، ولو كان النائب أجنبيا ، فقد يحج إنسان عن إنسان ولا يأخذ إلا نفقة الحج فقط ، وقد يحج بأجرة يأخذها من أنابه ويستفيد من وراء ذلك ، كما يستفيد من يؤجر نفسه للأذان ، وتعليم الفقه وغيرهما .
كما يحسن التنبيه إلى أن الأجر الذي يأخذه المؤذن ، والفقيه ، ومعلم القرآن وإمام الصلاة ، وغيرهم من خزانة الدولة وبيت المال هو حلال اتفاقا ولا شيء فيه ، بل الواجب على الدولة مساعدة هؤلاء مساعدة مجزية تقوم بكفايتهم وكفاية من يعولونهم ، ويحرم على الدولة حرمانهم مما يكفيهم إذا كان العمل يستغرق الوقت الذي يمكن . أن يسعى فيه العامل ويعمل ليكسب مالا يكمل به ما يحتاجه لنفسه وأولاده ، أو كان محظورا عليه أن يعمل في جهة وعمل غير الجهة والعمل اللذين يعمل فيهما .
والتفرقة بين عامل وعامل حرام إذا كان العمل واحدا ، والعامل مجبرا على القبول تحت إلحاح الحاجة ؛ لأن ذلك يثير البغضاء ، ويزرع الحقد والحسد ويقلل من الإخلاص في العمل . وهذه التفرقة من الأسباب التي تتذرع بها الشيوعية ضد الرأسماليين ؛ حيث إنهم يتحكمون في الناس تحكما ظالما تحت إلحاح الحاجة والفقر... هكذا يقولون .
والقول بأن العقد شريعة المتعاقدين ليس على إطلاقه ، إنما هو حيث لا يوجد استغلال ، وظلم ، وقهر ، وسحق للمحتاج الذي أحيانا ما يرضى بالدون في سبيل الحصول على إقامة وعمل يسد به جوعته ، ويستر به جسده ، مع أن زميله المماثل له في كل شيء ينال من نفس الجهة ولنفس العمل أضعاف ما يناله... إن أقل ما يتصف به المسلم أن ينصف الناس من نفسه . وأن يدرأ عنهم ضرره وأذاه .
وليس من يسرق الناس اعتداء عليهم بأكثر جرما ممن يستغل ذا والحاجة ، ويذله ، ويقهر نفسه ، ويسحقه حين ، يراه يرسف في أغلال الحاجة والفاقة هو وأولاده...
إن غلمان حاطب بن أبي بلتعة حين سرقوا سيدهم لم يقطع عمر أيديهم ولكنه هدد سيدهم بقطع يده هو إن عاد إلى تجويعهم والتقتير عليهم ؛ لأنه حينئذ يعتبر هو الملجىء لهم إلى السرقة.. فليتنبه المسلمون إلى ذلك فهم أولى الناس بالإنصاف والعدل والرحمة ليكونوا خير أمة بالقدوة لا بالكلمة.. و.. لا غير
ولنعد إلى ما كنا فيه فنقول : إن الاستئجار الذي نتكلم فيه هو ما كان استئجارا من فرد أو جماعة لفرد أو جماعة وليس استئجارا من الدولة لفرد أو جماعة فإذا كان الذي يدفع الأجرة أحد الناس أو جماعة منهم وليس الدولة فإن الفقهاء اختلفوا في ذلك ، فمنهم من أجاز الاستئجار على ذلك ، ومنهم من منعه ، فالمجوزون هم مالك والشافعي وابن المنذر، وهي رواية لأحمد .
دليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله رواه البخاري.
وقد أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجعل (الأجر) على الرقية ، وكانت بالفاتحة ، وهي من كتاب الله تعالى ، وأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقرهم على ما فعلوا ، وقال لهم ليؤكد لهم حل ما فعلوا واضربوا لي معكم سهما وقالوا : إنه يجوز أخذ النفقة على الحج فكذلك يجوز أخذ الأجرة عليه كما تؤخذ على بناء المساجد والقناطر وغيرها .
المانعون هم أبو حنيفة وإسحاق والزهري وعطاء والضحاك وابن شقيق ، وهي رواية عن أحمد... واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص : واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا والحديث في الصحيح ومعناه واضح .
وجاء في حديث أخرجه أحمد برجال الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به .
وقال المانعون أيضا : إن هذه الأمور عبادة يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة فلم يجز أخذ الأجرة عليها كالصلاة والصوم .
والموضوع مثار خلاف قديم وكل فريق له أدلته . غير أن أدلة الجواز أقوى وأصح ، وأدلة المنع أقل صحة ، وتختص بحالات معينة ، والله أعلم . وفائدة الخلاف تظهر في أن المستأجرعليه أن يتم الحج الذي استؤجر عليه مهما تكن الظروف ، وما يأخذه من الأجرة هو نصيبه لا أكثر ولا أقل ، ولذلك يلزم في الإجارة العمل بشروطها من معرفة الأجرة ، ومعرفة العمل إن كان حجا ، أو عمرة ، أو الاثنين ، معا ، إلخ المطلوب معرفته في ذلك ، وإن منع من الحج ، أو ضل الطريق ، أو مرض ، أو ضاعت النفقة فهو ضامن وعليه الحج ، وما لزمه من الفدية عقابا فعليه .
أما إذا لم يكن مستأجرا فإنه يعتبر نائبا تجب له النفقة حتى يعود إلى المكان الذي خرج منه ، إلا أن يتبرع ، ولو مات ، أو ضل الطريق ، أو منع بمرض أو عدو لم يلزمه الضمان لما أنفق ، لأن شأنه شأن من أنابه ، ولذلك لو بقي معه مال ، فإن عليه رده لمن أنابه إلا أن يأذن له فيه ، وله أن ينفق على نفسه أثناء الحج والعودة بدون إسراف ولا تقتير ، وليس له التبرع بشيء لم يأذن به من أنابه... وله التوسع كما يشاء إن دفع إليه مبلغ معين ، كمائتي دينار مثلا وقيل له : حج بهذه ، أو هذه لك لتحج عن فلان بها ، أو قيل له إن الميت أوصى بهذا المبلغ للحج به عنه ؛ لأن هذه إباحة فله أن يتصرف في المبلغ كما يشاء بخلاف ما إذا قيل له : حج عني وعلي نفقة حجك ، فإنه حينئذ نائب مقيد بالنفقة الوسط ، أما المستأجر فعليه القيام بالحج أو العمرة أو غيرهما ، وهو حر التصرف في الأجر .
قدم أن صحة البدن مما تتحقق بها الاستطاعة ، فهي شرط لوجوب الحج . وعلى هذا فالشيخ الكبير والمرأة العجوز، والمريض، والمشلول ، والمقعد ومقطوع الرجلين ، والأعمى (وإن وجد قائدا عند أبي حنيفة) كل هؤلاء وأمثالهم - كن يعجزون صحيا عن الحج بأنفسهم - لا يجب عليهم الحج ، ولا يلزمهم إحجاج الغير عنهم ، ولا الإيصاء به عند الموت بشرط ألا يكونوا قد وجدت عندهم الاستطاعة قبل المرض ، فإن كانت الاستطاعة وجدت قبل المرض ، فإن الحج فرض عليهم باتفاق العلماء ، وعليهم أن يقوموا بإحجاج غيرهم عنهم لتسقط عنهم الفريضة .
والخلاف إنما هو فيمن قدر على الحج ماليا في وقت يعجز فيه عن تأديته صحيا عجزا دائما إلى الموت حسب غلبة الظن .
فأبو حنيفة في الرأي المختار عنده ، والشافعي وأحمد يرون أن الحج فرض عليه ، وعليه أن يبعث من يحج عنه على حسابه ونفقته ، إن وجد هذا الذي يحج عنه ، رجلا كان أو امرأة .
ودليلهم حديث ابن عباس أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : نعم . وذلك في حجة الوداع أخرجه مالك والشافعي والشيخان
وفي رواية قال لها صلى الله عليه وسلم : نعم فحجي عنه رواه الجماعة
وقال مالك : لا حج عليه ، وهو رأي للأحناف ، ودليلهم : أن الحج واجب على المستطيع ، وهذا غير مستطيع ، وأجابهم الأولون بأنه غير مستطيع بنفسه مستطيع بغيره فيجب عليه .
ومن بعث إنسانا يحج عنه لمرضه المزمن ، ثم شفي من مرضه فإنه لا يجب عليه أن يحج مرة أخرى عند أحمد وإسحاق ، لأن الواجب لا يتكرر وقد سقط عنه بإحجاج غيره ، وقال الشافعي والأحناف وابن المنذر : يلزمه الحج ، لأن حج غيره كان لأن مرضه ميؤوس منه ، وقد تبين ، غير ذلك فيجب عليه الحج .
(هذا) والحج المنذور كحجة الإسلام في إباحة الاستنابة عند العجز والمنع منها مع القدرة لأنها حجة واجبة .
وأما الإنابة في حج التطوع فل تجوز إن كان الذي ينيب غيره لم يؤد حجة الإسلام .
فإن كان قد أدى حجة الإسلام ، وهو عاجز عن الحج بنفسه فإن له أن ينيب من يحج عنه ، وإن كان غير عاجز فإن أبا حنيفة يجيز ذلك والشافعي لا يجيزه .
وإن كان من ينيب غيره ليحج عنه تطوعا به عجز مؤقت كالحبس والمرض المرجو الزوال فإن الإنابة صحيحة ، لأن التطوع مشروع في كل عام شروعا مستقلا بخلاف الفرض فإنه فرض العمر .
(هذا) وكل ما قيل في الحج يقال في العمرة .
حكم الاستئجار على الحج والأذان وتعليم القرآن وغيرها
إن الكلام فيمن يحج عن الغير يستدعي الكلام في الاستئجار على الأمور التي هي في الأصل عبادة تخص فاعلها ، ولكنها مع ذلك يتعدى نفعها إلى الغير ، مثل الحج عن الغير وتعليم القرآن والفقة والأذان إلخ .
وقبل الكلام في ذلك يحسن التنبيه إلى أن الحج عن الغير ليس معناه دائما الاستئجار ، ولو كان النائب أجنبيا ، فقد يحج إنسان عن إنسان ولا يأخذ إلا نفقة الحج فقط ، وقد يحج بأجرة يأخذها من أنابه ويستفيد من وراء ذلك ، كما يستفيد من يؤجر نفسه للأذان ، وتعليم الفقه وغيرهما .
كما يحسن التنبيه إلى أن الأجر الذي يأخذه المؤذن ، والفقيه ، ومعلم القرآن وإمام الصلاة ، وغيرهم من خزانة الدولة وبيت المال هو حلال اتفاقا ولا شيء فيه ، بل الواجب على الدولة مساعدة هؤلاء مساعدة مجزية تقوم بكفايتهم وكفاية من يعولونهم ، ويحرم على الدولة حرمانهم مما يكفيهم إذا كان العمل يستغرق الوقت الذي يمكن . أن يسعى فيه العامل ويعمل ليكسب مالا يكمل به ما يحتاجه لنفسه وأولاده ، أو كان محظورا عليه أن يعمل في جهة وعمل غير الجهة والعمل اللذين يعمل فيهما .
والتفرقة بين عامل وعامل حرام إذا كان العمل واحدا ، والعامل مجبرا على القبول تحت إلحاح الحاجة ؛ لأن ذلك يثير البغضاء ، ويزرع الحقد والحسد ويقلل من الإخلاص في العمل . وهذه التفرقة من الأسباب التي تتذرع بها الشيوعية ضد الرأسماليين ؛ حيث إنهم يتحكمون في الناس تحكما ظالما تحت إلحاح الحاجة والفقر... هكذا يقولون .
والقول بأن العقد شريعة المتعاقدين ليس على إطلاقه ، إنما هو حيث لا يوجد استغلال ، وظلم ، وقهر ، وسحق للمحتاج الذي أحيانا ما يرضى بالدون في سبيل الحصول على إقامة وعمل يسد به جوعته ، ويستر به جسده ، مع أن زميله المماثل له في كل شيء ينال من نفس الجهة ولنفس العمل أضعاف ما يناله... إن أقل ما يتصف به المسلم أن ينصف الناس من نفسه . وأن يدرأ عنهم ضرره وأذاه .
وليس من يسرق الناس اعتداء عليهم بأكثر جرما ممن يستغل ذا والحاجة ، ويذله ، ويقهر نفسه ، ويسحقه حين ، يراه يرسف في أغلال الحاجة والفاقة هو وأولاده...
إن غلمان حاطب بن أبي بلتعة حين سرقوا سيدهم لم يقطع عمر أيديهم ولكنه هدد سيدهم بقطع يده هو إن عاد إلى تجويعهم والتقتير عليهم ؛ لأنه حينئذ يعتبر هو الملجىء لهم إلى السرقة.. فليتنبه المسلمون إلى ذلك فهم أولى الناس بالإنصاف والعدل والرحمة ليكونوا خير أمة بالقدوة لا بالكلمة.. و.. لا غير
ولنعد إلى ما كنا فيه فنقول : إن الاستئجار الذي نتكلم فيه هو ما كان استئجارا من فرد أو جماعة لفرد أو جماعة وليس استئجارا من الدولة لفرد أو جماعة فإذا كان الذي يدفع الأجرة أحد الناس أو جماعة منهم وليس الدولة فإن الفقهاء اختلفوا في ذلك ، فمنهم من أجاز الاستئجار على ذلك ، ومنهم من منعه ، فالمجوزون هم مالك والشافعي وابن المنذر، وهي رواية لأحمد .
دليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله رواه البخاري.
وقد أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجعل (الأجر) على الرقية ، وكانت بالفاتحة ، وهي من كتاب الله تعالى ، وأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقرهم على ما فعلوا ، وقال لهم ليؤكد لهم حل ما فعلوا واضربوا لي معكم سهما وقالوا : إنه يجوز أخذ النفقة على الحج فكذلك يجوز أخذ الأجرة عليه كما تؤخذ على بناء المساجد والقناطر وغيرها .
المانعون هم أبو حنيفة وإسحاق والزهري وعطاء والضحاك وابن شقيق ، وهي رواية عن أحمد... واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص : واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا والحديث في الصحيح ومعناه واضح .
وجاء في حديث أخرجه أحمد برجال الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به .
وقال المانعون أيضا : إن هذه الأمور عبادة يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة فلم يجز أخذ الأجرة عليها كالصلاة والصوم .
والموضوع مثار خلاف قديم وكل فريق له أدلته . غير أن أدلة الجواز أقوى وأصح ، وأدلة المنع أقل صحة ، وتختص بحالات معينة ، والله أعلم . وفائدة الخلاف تظهر في أن المستأجرعليه أن يتم الحج الذي استؤجر عليه مهما تكن الظروف ، وما يأخذه من الأجرة هو نصيبه لا أكثر ولا أقل ، ولذلك يلزم في الإجارة العمل بشروطها من معرفة الأجرة ، ومعرفة العمل إن كان حجا ، أو عمرة ، أو الاثنين ، معا ، إلخ المطلوب معرفته في ذلك ، وإن منع من الحج ، أو ضل الطريق ، أو مرض ، أو ضاعت النفقة فهو ضامن وعليه الحج ، وما لزمه من الفدية عقابا فعليه .
أما إذا لم يكن مستأجرا فإنه يعتبر نائبا تجب له النفقة حتى يعود إلى المكان الذي خرج منه ، إلا أن يتبرع ، ولو مات ، أو ضل الطريق ، أو منع بمرض أو عدو لم يلزمه الضمان لما أنفق ، لأن شأنه شأن من أنابه ، ولذلك لو بقي معه مال ، فإن عليه رده لمن أنابه إلا أن يأذن له فيه ، وله أن ينفق على نفسه أثناء الحج والعودة بدون إسراف ولا تقتير ، وليس له التبرع بشيء لم يأذن به من أنابه... وله التوسع كما يشاء إن دفع إليه مبلغ معين ، كمائتي دينار مثلا وقيل له : حج بهذه ، أو هذه لك لتحج عن فلان بها ، أو قيل له إن الميت أوصى بهذا المبلغ للحج به عنه ؛ لأن هذه إباحة فله أن يتصرف في المبلغ كما يشاء بخلاف ما إذا قيل له : حج عني وعلي نفقة حجك ، فإنه حينئذ نائب مقيد بالنفقة الوسط ، أما المستأجر فعليه القيام بالحج أو العمرة أو غيرهما ، وهو حر التصرف في الأجر .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى