صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
والاسم هو اسم "الشكور".
الحقيقة أن تعرف أن الله خلق السماوات والأرض وكفى فأنت إذاً ما عرفته، لأن الإيمان بوجود الله يكاد يكون قاسماً مشتركاً بين الناس كلهم جميعاً يعني:
}وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{ [لقمان: 25].
حتى الذين عبدوا الأصنام قالوا: }وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ{ [الزُمر: 3].
إذا أقررت بوجود الله عزّ وجل، فأنت لم ترتفع عن أي مستوى من مستويات الناس العاديين، ولكن معرفة الله تقتضي أن تعرف أسماءه وما من معرفة لها علاقة وشيجة بحياتك الدنيا وبمآلك إلى الآخرة كمعرفة أسمائه الحسنى، فكلما ازددت معرفة به ازددت حباً له، وازددت استقامة على أمره، وازددت عملاً صالحاً تتقرب إليه، وازدادت سعادتك في الآخرة.
إذاً شيء في غاية الأهمية أن تتعرف إلى الله من خلال أسمائه الحسنى، اسم الشكور ثابت بالقرآن الكريم، قال تعالى:
}وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ{ [فاطر: 34].
وفي سورة الإسراء يقول الله سبحانه وتعالى:
}وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً{ [الإسراء: 19].
مشكور: اسم مفعول، من الشاكر؟ هو الله عز وجل.
وفي آية ثالثة في سورة النساء يقول عز وجل:
}وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً{ [النساء: 147].
إذاً شكور وشاكر ومشكور، الفعل المشكور هو فعل العبد، والله سبحانه وتعالى شاكر وشكور، وبعد فما تعني كلمة "شَكَرَ" في اللغة؟
الشكور مبالغة من شكر، ودائماً صيغ المبالغة إذا اقترنت بأسماء الله الحسنى فتعني إما عدد الشُكر أو حجم الشُكر، أما حجم الشُكر؛ فأنت قد تعيش في الدنيا لسنوات معدودات، سنوات قد تزيد على الستين سنة أو السبعين، فإذا أطعته في هذه السنوات المعدودات يَهَبُك حياةً أبدية لا تنقضي، وكلمة (أبد) هذه كلمة قد لا ننتبه إلى معناها، وها أنا ذا أُخاطب الإخوة الرياضين، الذين يدرسون الرياضيات، لو أن "واحداً" في دمشق ووضعنا أصفاراً وبين كل صفرين ميلمتر، وتابعنا الأصفار إلى حمص إلى حماة إلى حلب إلى أنقرة إلى موسكو إلى القطب الشمالي إلى المحيط الهادي إلى القطب الجنوبي إلى إفريقية إلى إلى .... حتى عادت هذه الأصفار حول الأرض إلى أن استقرت على شمال "الواحد"، هذا الرقم كم هو؟ هذا الرقم "واحد" في دمشق والأصفار حول الأرض، لو وُضِعَ هذا الرقم صورة لِكسر عادي، وفي مخرج الكسر إشارة اللانهاية، هذا الرقم يساوي صفراً في الرياضيات، يعني: أي رقم مهما بدا لك كبيراً إذا قيسَ إلى اللانهاية فهو صفر، فأنت إذا عِشت في الدنيا سنوات معدودات، وفي هذه السنوات المعدودات أطعت الله عز وجل، ونهيت نفسك عن الهوى، وضبطت جوارحك، وحررت دخلك، وتعرّفت إلى الله، وجلست في مجالس العلم، وتلوت القرآن وفهمت القرآن، ودعوت إلى الله، وأنفقت من مالك ومن جاهك ومن علمك وجاء الأجل، إذا قِستَ هذه السنوات المعدودة إلى الحياة الأبدية فأنت ما فعلت شيئاً، فمعنى "شكور" أنه يعطيك على الشيء القليل الشيء الكثير.
أيعقل أن تدفع ربع ليرة سورية، لتشتري بها محال شارع الحمراء في دمشق على الطرفين؟ الطوابق والمخازن والمستودعات، والحريقة وطريق الصالحية والبحصة وحمراء بيروت، وشارع بيكاديلي بلندن، وشارع كذا بفرنسا، هل من الممكن شراؤها بربع ليرة؟ أؤكد لكم أن كل عمل الإنسان إذا قيسَ بما أعدَّ الله له من نعيمٍ مُقيم، والله إنه أقلّ من هذه النسبة.
انظر في هذه الشركات الكبرى في العالم، فقد سمعت عن شركة قالوا: عندها فائض هم في حيرة من توظيفه، مليار دولار، فائض ليس له وظيفة يوظف بها، هناك شركات كبرى في العالم ميزانياتها وأرباحها بِقَدَر ميزانيات مجموعة دول، هذه الشركة هل تُشتَرى بليرة؟ ها أنا ذا أقول ودون أن أبالغ: إن ما أعدَه الله للمؤمن من نعيمٍ مُقيم نظير ما يُقدمه من طاعةٍ لله في الدنيا، كالنسبة بين ما قدّم وما سيأخذ، وهي لا تتعدى أن تكون كمن يشتري إحدى أكبر الشركات في العالم بليرة سورية.
هذا معنى "الشكور"، صيغة مبالغة لاسم الفاعل، عندنا "شاكر" وعندنا "شكور" صيغة المبالغة أنه يعطي اللانهاية، يعطي الأبد.
مرةً سمعت أن بعض القضاة في بلد معين ليس لهم رواتب، بل لديهم شيكات مفتوحة، أي مبلغ يريده القاضي يأخذه، لو طلب مبلغاً فلكياً يأخذه فوراً، معنى "الشكور" إذاً، أنه يعطي الشيء الذي لا نهاية له، الذي لا حدود له عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر". [صحيح البخاري]
الحقيقة أن هذا الكلام نقرؤه ونردده كثيراً، ولكن لو وقفنا عند مدلول هذه الكلمة، كل واحد منا له دائرة مشاهدات، فأنت مثلاً إلى أين ذهبت؟ تقول: ذهبت إلى لبنان وإلى الأردن، وذهبت إلى الحج، وذهبت إلى مصر وإلى قبرص، فقط؟ أجل، فقط.
وقد تجد شخصاً يعرف أمريكا، يعرف اليابان، يعرف روسيا يعرف إفريقية، وشخص آخر يعرف جنوب شرقي آسيا أيضاً، وتجد آخر ذهب إلى أستراليا، وغير أولئك من ذهب إلى القمر.
على كلٍ دائرة المشاهدات إذا قيست بدائرة المسموعات لا شيء، سمعت بالمريخ ولكن لم تذهب إليه، وسمعت بالمشتري وسمعت بنجم القطب، وسمعت بآلاسكا، وسمعت بسيبيريا وسمعت بالقطب الشمالي، دائرة المشاهدات إذا قيست بدائرة المسموعات فهي لا شيء، أما دائرة الخواطر قد يخطر ببالك جبل طوله من هنا إلى الشمس، هذا خاطر، ما دام الخاطر ليس له واقع فالقضية سهلة، قد يخطر ببالك إنسان إذا وقف على الأرض اقترب من القمر، طوله ثلاثمئة ألف كيلو متر، هذا خاطر.
فعندما حدثنا النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه في الحديث القدسي قال: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"، هذا معنى "الشكور"، نظير ثلاث وستين سنة عشتها، انقضى خُمُسُهما حتى أصبحت مكلّفاً، يعني هذه السنوات المعدودة كل يوم خمس صلوات كلما رأت عينك امرأةً غضضت البصر عنها، وكلما لاح لك مبلغ من شُبُهة قلت معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، يعني مجموعة صلوات ومجموعة أيام صمتها، ومجموعة مواقف خِفت فيها من الله عز وجل، فاستحققت هذا العطاء الكبير. وربنا عز وجل قال:
}وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً{ [الإنسان: 20].
:ثث:
:124:
}لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ{ [إبراهيم: 7].
:124:
}لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ{ [إبراهيم: 7].
والاسم هو اسم "الشكور".
الحقيقة أن تعرف أن الله خلق السماوات والأرض وكفى فأنت إذاً ما عرفته، لأن الإيمان بوجود الله يكاد يكون قاسماً مشتركاً بين الناس كلهم جميعاً يعني:
}وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{ [لقمان: 25].
حتى الذين عبدوا الأصنام قالوا: }وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ{ [الزُمر: 3].
إذا أقررت بوجود الله عزّ وجل، فأنت لم ترتفع عن أي مستوى من مستويات الناس العاديين، ولكن معرفة الله تقتضي أن تعرف أسماءه وما من معرفة لها علاقة وشيجة بحياتك الدنيا وبمآلك إلى الآخرة كمعرفة أسمائه الحسنى، فكلما ازددت معرفة به ازددت حباً له، وازددت استقامة على أمره، وازددت عملاً صالحاً تتقرب إليه، وازدادت سعادتك في الآخرة.
إذاً شيء في غاية الأهمية أن تتعرف إلى الله من خلال أسمائه الحسنى، اسم الشكور ثابت بالقرآن الكريم، قال تعالى:
}وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ{ [فاطر: 34].
وفي سورة الإسراء يقول الله سبحانه وتعالى:
}وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً{ [الإسراء: 19].
مشكور: اسم مفعول، من الشاكر؟ هو الله عز وجل.
وفي آية ثالثة في سورة النساء يقول عز وجل:
}وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً{ [النساء: 147].
إذاً شكور وشاكر ومشكور، الفعل المشكور هو فعل العبد، والله سبحانه وتعالى شاكر وشكور، وبعد فما تعني كلمة "شَكَرَ" في اللغة؟
الشكور مبالغة من شكر، ودائماً صيغ المبالغة إذا اقترنت بأسماء الله الحسنى فتعني إما عدد الشُكر أو حجم الشُكر، أما حجم الشُكر؛ فأنت قد تعيش في الدنيا لسنوات معدودات، سنوات قد تزيد على الستين سنة أو السبعين، فإذا أطعته في هذه السنوات المعدودات يَهَبُك حياةً أبدية لا تنقضي، وكلمة (أبد) هذه كلمة قد لا ننتبه إلى معناها، وها أنا ذا أُخاطب الإخوة الرياضين، الذين يدرسون الرياضيات، لو أن "واحداً" في دمشق ووضعنا أصفاراً وبين كل صفرين ميلمتر، وتابعنا الأصفار إلى حمص إلى حماة إلى حلب إلى أنقرة إلى موسكو إلى القطب الشمالي إلى المحيط الهادي إلى القطب الجنوبي إلى إفريقية إلى إلى .... حتى عادت هذه الأصفار حول الأرض إلى أن استقرت على شمال "الواحد"، هذا الرقم كم هو؟ هذا الرقم "واحد" في دمشق والأصفار حول الأرض، لو وُضِعَ هذا الرقم صورة لِكسر عادي، وفي مخرج الكسر إشارة اللانهاية، هذا الرقم يساوي صفراً في الرياضيات، يعني: أي رقم مهما بدا لك كبيراً إذا قيسَ إلى اللانهاية فهو صفر، فأنت إذا عِشت في الدنيا سنوات معدودات، وفي هذه السنوات المعدودات أطعت الله عز وجل، ونهيت نفسك عن الهوى، وضبطت جوارحك، وحررت دخلك، وتعرّفت إلى الله، وجلست في مجالس العلم، وتلوت القرآن وفهمت القرآن، ودعوت إلى الله، وأنفقت من مالك ومن جاهك ومن علمك وجاء الأجل، إذا قِستَ هذه السنوات المعدودة إلى الحياة الأبدية فأنت ما فعلت شيئاً، فمعنى "شكور" أنه يعطيك على الشيء القليل الشيء الكثير.
أيعقل أن تدفع ربع ليرة سورية، لتشتري بها محال شارع الحمراء في دمشق على الطرفين؟ الطوابق والمخازن والمستودعات، والحريقة وطريق الصالحية والبحصة وحمراء بيروت، وشارع بيكاديلي بلندن، وشارع كذا بفرنسا، هل من الممكن شراؤها بربع ليرة؟ أؤكد لكم أن كل عمل الإنسان إذا قيسَ بما أعدَّ الله له من نعيمٍ مُقيم، والله إنه أقلّ من هذه النسبة.
انظر في هذه الشركات الكبرى في العالم، فقد سمعت عن شركة قالوا: عندها فائض هم في حيرة من توظيفه، مليار دولار، فائض ليس له وظيفة يوظف بها، هناك شركات كبرى في العالم ميزانياتها وأرباحها بِقَدَر ميزانيات مجموعة دول، هذه الشركة هل تُشتَرى بليرة؟ ها أنا ذا أقول ودون أن أبالغ: إن ما أعدَه الله للمؤمن من نعيمٍ مُقيم نظير ما يُقدمه من طاعةٍ لله في الدنيا، كالنسبة بين ما قدّم وما سيأخذ، وهي لا تتعدى أن تكون كمن يشتري إحدى أكبر الشركات في العالم بليرة سورية.
هذا معنى "الشكور"، صيغة مبالغة لاسم الفاعل، عندنا "شاكر" وعندنا "شكور" صيغة المبالغة أنه يعطي اللانهاية، يعطي الأبد.
مرةً سمعت أن بعض القضاة في بلد معين ليس لهم رواتب، بل لديهم شيكات مفتوحة، أي مبلغ يريده القاضي يأخذه، لو طلب مبلغاً فلكياً يأخذه فوراً، معنى "الشكور" إذاً، أنه يعطي الشيء الذي لا نهاية له، الذي لا حدود له عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر". [صحيح البخاري]
الحقيقة أن هذا الكلام نقرؤه ونردده كثيراً، ولكن لو وقفنا عند مدلول هذه الكلمة، كل واحد منا له دائرة مشاهدات، فأنت مثلاً إلى أين ذهبت؟ تقول: ذهبت إلى لبنان وإلى الأردن، وذهبت إلى الحج، وذهبت إلى مصر وإلى قبرص، فقط؟ أجل، فقط.
وقد تجد شخصاً يعرف أمريكا، يعرف اليابان، يعرف روسيا يعرف إفريقية، وشخص آخر يعرف جنوب شرقي آسيا أيضاً، وتجد آخر ذهب إلى أستراليا، وغير أولئك من ذهب إلى القمر.
على كلٍ دائرة المشاهدات إذا قيست بدائرة المسموعات لا شيء، سمعت بالمريخ ولكن لم تذهب إليه، وسمعت بالمشتري وسمعت بنجم القطب، وسمعت بآلاسكا، وسمعت بسيبيريا وسمعت بالقطب الشمالي، دائرة المشاهدات إذا قيست بدائرة المسموعات فهي لا شيء، أما دائرة الخواطر قد يخطر ببالك جبل طوله من هنا إلى الشمس، هذا خاطر، ما دام الخاطر ليس له واقع فالقضية سهلة، قد يخطر ببالك إنسان إذا وقف على الأرض اقترب من القمر، طوله ثلاثمئة ألف كيلو متر، هذا خاطر.
فعندما حدثنا النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه في الحديث القدسي قال: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"، هذا معنى "الشكور"، نظير ثلاث وستين سنة عشتها، انقضى خُمُسُهما حتى أصبحت مكلّفاً، يعني هذه السنوات المعدودة كل يوم خمس صلوات كلما رأت عينك امرأةً غضضت البصر عنها، وكلما لاح لك مبلغ من شُبُهة قلت معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، يعني مجموعة صلوات ومجموعة أيام صمتها، ومجموعة مواقف خِفت فيها من الله عز وجل، فاستحققت هذا العطاء الكبير. وربنا عز وجل قال:
}وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً{ [الإنسان: 20].
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
هذه (ثم) ضرورية جداً، الحمد لله على هذه النعمة التي أنعم الله بها علي ثم الشكر لفلان الذي جاءتني عن طريقه، لهذا قال عليه الصلاة والسلام:
"مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ".
لو افترضنا أنه جاءك معروف من جماد، رجل ماشٍ في طريق مر بشرفة من أسمنت ومشى تحتها فوقع حجر من آخر البناية عليه، هذه الشرفة تلقت الحجر، لولا هذه الشرفة لهلك، فهل يشكر الشرفة، هذه شرفة جامدة لا تعقل، إذا جاءك خير من جماد أو من حيوان أو من مخلوق غير مكلف فالشُكر لله فقط، أما إذا جاءك خير من مخلوق مكلّف مخيّر، قلت: ما دخله إن الله سخّرَهُ ليّ، فهذا منتهى الوقاحة ومنتهى الجحود، إذا جاءك الخير من إنسان مكلّف يجب أن تشكُرَ الله لأنه خَلَقَهُ، وألهَمَهُ، وسَمَحَ لَهُ، ومَكَّنُه، وخَلَقَ الله النِعمة التي بين يديه وجعلك تنتفع بها، كله لله، لكن ما دام مخيّراً وقدّمَ لك هذه النِعمة باختياره إذاً نزجي له الشُكر ثانياً بعد الله عز وجل.
وبعد، وقفه أخيرة في الموضوع وهي لطيفة؛ موازنة بين نعمة أسداها الله إليك ونعمة أسداها زيد إليك، قالوا: أولاً: إن إنعام الأمير مكدر من وجوه، أحدها: أنك ربما احتجت إلى شيء ولا يعطيك إيّاه لأنه محتاج إليه، مرة كنت في الحج احتجتُ إلى ليتر ماء، فسألت حاجاً قال: والله يلزمني الماء، فمعه حق لأن الماء يلزمه، فأنت قد تطلب من إنسان شيئاً هو بحاجة إليه، وإن كنت بالمطار مثلاً وأردت أن تكتب بطاقة وليس معك قلم، فتقول لواحد: إذا سمحت أريد قلمك، يقول لك: أحتاجُ إليه والله، فأنت إذا طلبت من إنسان حاجة قد يكون هو محتاج إليها فلا يعطيك إياها، أما إذا سألت الله عز وجل، فإنه يلبيك ولا يمنعك، وهذا أول فرق.
الأهم من ذلك أنه يمكن لفلان أن يعطيك، ولكن فلاناً ليسَ حاضراً الآن، فأنت مسافر وهو بالشام وعطاؤه مستحيل لبعد المسافة بينكما أما الله فهو معك دائماً، هذه النقطة الثانية، النقطة الأولى قد يكون الشخص قادراً على العطاء، لكن هذا الشيء يحتاج إليه قبلك، النقطة الثانية: أنك قد لا تستطيع أن تصل إلى هذا المنعم لسبب ما.
النقطة الثالثة؛ أنك إذا قصّرتَ مع إنسان فإنه يقطع عنك فوراً، لكن كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: "ليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله تعالى، إنهم ليدعون له ولدا ويجعلون له أندادا، وهو مع ذلك يرزقهم".
والأمير إذا أعطى يقول لك: اللحم الذي على أكتافك من خيري. صاحب معمل عنده أجير، يمنُّ عليه، وإذا أعارَهُ بزة، فإنه يمن عليه بها أمام الناس، ويفَضَحَهُ أمام الناس، كأن يقول له: حافظ عليها ولا تفسدها.
فأول نقطة أن الأمير قد لا يعطي لأنه بحاجة لهذا الشيء، وقد لا تستطيع أن تصل إليه، وإذا قصّرتَ في خدمته حَرَمَكَ هذا العطاء، وقد يمنُّ عليك.
وفي ختام معالجتنا للموضوع أقول: الشكور الذي إذا نَوَّل أجزل، وإذا أطيع بالقليل قبل وهو الذي يقبل القليل ويعطي الجزيل، وهو الذي يقبل اليسير من الطاعات ويعطي الكثير من الدرجات، وقيل: حقيقة الشُكر الغَيبة عن شهود النعمة بشهود المنعم.
الدول البعيدة العلمانية ماذا ترى بعينيها؟ النعمة فقط، وكل شيء ثمين عندها وله ثمن لكن المؤمن ماذا يرى؟ المُنعِم، وملخّص الدرس كله، أنك إذا استطعت أن تتجاوز النعمة إلى المُنعم فأنت شكور.
يسمع أحدنا النشرة الجوية أن هناك منخفضاً، وأمطاراً، وثلاثون ميلمتر من الأمطار نزل، فهو في النشرة مع النعمة وفي النعمة، أما المؤمن فيقول: يا رب لك الحمد، هو مع المنعم.
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى