رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / منصور بن محمد الصقعوب
النصرانية في وجه الإسلام
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله الا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فاتقوا الله أيها المؤمنون((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) ، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
حدث أحد الدعاة قائلاً : كنت في رحلة دعوية إلى أحد دول أفريقيا؛ في أحد المواضع حيث يوجد عدد كبير من اللاجئين النازحين, كان الطريق وعراً موحشاً أصابنا فيه شدة وتعب ، قطعنا فيه المفازة بعد المفازة ، ولا نرى أمامنا إلا أمواجاً من السراب ، تزيد من هَمِّ الإنسان وتطلعه إلى النهاية , لا نصل إلى قرية إلا نجد من يحذرنا من قُطَّاع الطرق ولصوص الصحراء . تسع ساعات مرت وكأنها لا تريد أن تنتهي ، ثم يسَّر الله لنا الوصول, فوجدت المكان قد أعدَّ لنا, لم يكن إلا خيمة وضع فيها فراشٌ باليٍ للنوم , ألقيت بنفسي على الفراش من شدة التعب ، ثم رحت أتأمل رحلتي هذه, لقد شعرت بشيء من الاعتزاز والفخر ، بل أحسست بالعجب والاستعلاء ! فمن ذا الذي سبقني إلى هذا المكان ؟ ! ومن ذا الذي يصنع ما صنعت ؟ ! ومن ذا الذي يستطيع أن يتحمل هذه المتاعب لأجل الدعوة في هذا الأدغال؟ !
خرجنا في الصباح الباكر نتجول في أنحاء المنطقة ، حتى وصلنا إلى منازل اللاجئين فإذا بئر يروّي منه الناس ويستقون ، فرأيت مجموعة من النساء يحملن على رؤوسهن قدور الماء ، ولفت انتباهي امرأةً بيضاء من بين هؤلاء النسوة ، وفوجئت حين سألت عنها فقالوا بأنها منصِّرة : شابة في الثلاثينيات من عمرها من أقاصي شمال أوروبا ! قال لي مرافقي : منذ مدة وهي مع نسائنا ، تلبس لباسنا ، وتأكل طعامنا ، وترافقنا في أعمالنا ، جاءت إلينا وهي تعرف لغتنا القبلية وبعض عاداتنا , في بعض نهارها تداوي المرضى من النساء والأطفال ، ومعها صاحبتها تعلمهن الخياطة وبعض الأعمال اليدوية ، وفي أول الليل تجتمع بعض الفتيات يتجاذبن معها أطراف الحديث ، وتعلمهن قواعد القراءة والكتابة . أحبها الناس كباراً وصغاراً لتواضعها وخدماتها التي لا تنقطع ؛ فكم من يتيم مسحت على رأسه ! وكم من مريض خففت من ألمه ! يا ترى ما لذي أتى بها إلى هنا؟
ما الذي دعاها إلى هذه القفار النائية وهي على ضلالها ؟ ! وما الذي دفعها لتترك حضارة أوروبا ومروجها الخضراء ؟ ! وما الذي قوَّى عزمها على البقاء مع هؤلاء العجزة المحاويج وهي في قمة شبابها ؟ إنه الدعوة إلى التنصير والنصرانية
وحديثنا اليوم أيها الكرام هو عن ملةٍ ناصبت الإسلام العداء منذ وهلته الأولى, ولم تنطفئ شرارة النزاع والصراع إلى اليوم, إنها النصرانية تلكم الملة التي لم يفتأ أقطابها على مرّ العصور من الدعوة إليها والذب عن حياضها, فمنذ عهد هرقل وغزوة مؤتة والصراع بين الإسلام والنصرانية قائم, بل وسيدوم حتى ينزل عيسى عليه السلام فيكسر الصليب, ومنذ العهد الأول والجهود للتنصير ماضية في سبيل نشره, والوقوف في وجه المد الإسلامي, عن طريق السلاح تارة والفكر تارة, ولم تكن الحروب الصليبية آنذاك وكذا حروب العصر في البوسنة وكوسوفا وحتى العراق اليوم إلا فصلاً من فصول الحرب على الإسلام.
وحينما وجد الأوائل من النصارى أن طريق القوة لا يؤتي أكله مع أناس شرعتهم الجهاد, فإنهم بعد ذلك سلكوا الطرق الأخرى لنشر باطلهم والدعوة لملتهم, ويستدعون القوة إذا أحسوا بخطر الإسلام.
ولم تعهد الكنائس النصرانية إمكانياتٍ أقوى مما رُصدت لها اليوم, فقد تضافرت دول النصارى على دعم الصليب بالمال والإمكانات في سبيل تحقيق الحلم الذي أطلقه أسقفهم الأكبر وأبوهم السابق في الضلالة, البابا السابق, وهو تنصير العالم, حتى بلغ عدد مؤسسات التنصير في العالم حوالي ربع مليون مؤسسة تنصيرية, وهناك 500 قناة فضائية تنصيرية عدا الإذاعات الصوتية, وأما المراكز والمعاهد والمحطات التي تتولى تدريب وتأهيل المنصرين على مستوى العالم الإسلامي فقد فاقت ألف معهد, حتى دخل المنصرون كل صقع . ولئن تنوعت أساليب القوم في نشر باطلهم إلا أن من أخطر ما سلكوه في سبيل ذلك وسائل؛ منها:
الخدمات الإنسانية, فهم يتولون مساعدة المحتاجين بالدواء والغذاء ويمدون لهم الإنجيل باليد الأخرى, ولك أن تعلم أن حرب العراق قد استغلت لذلك, حتى ذكرت التقارير: أن أكثر من مائة منظمة تنصيرية دخلت العراق , وقال أحد مسؤلي المنظمات التنصيرية:
لم تحظَ الحركة التبشيرية الإنجيلية بفرصة جيدة منذ أكثر من عقد من الزمان مثل العراق، وإنه في مقدورنا أن نقول: إن هذه الحرب نعمة للمبشرين\"!, ولكن ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين, وعُرف عند الناس من يسمون بصانعي الخيام, وهم الأشخاص النصارى الذين يعملون في الدول الإسلامية ، ويقومون بمهام تنصيرية إلى جانب عملهم الرسمي, ويكمن الخطر في هؤلاء: في الغفلة عن أدوارهم المشبوهة التي يقومون بها بين المسلمين تحت مظلة رسمية لا تتوافر للمنصرين المباشرين ولذا يقول أحد أقطابهم عن أحد التجارب لهم (عندما سمح لأصحاب الخيام هؤلاء بدخول الباكستان كان يشار إليهم على أنهم أطباء وممرضين وعمال نصارى ، وليس على أنهم منصرون ، وحيث إن معظم المسؤولين في الدول الإسلامية لا يعرفون الفرق بين النصراني والمنصر ، فإن هؤلاء الذين يحملون المؤهلات تم الترحيب بهم في هذه البلاد) التنصير تعريفه أهدافه وسائله حسرات المنصرين - (1 / 74), وما المؤسسات الإغاثية في درفور إلا واحدة من هذه الخطوات.
والعمل على غرس كنائس في البلدان التي لا توجد بها هذه الكنائس، وسيلة من وسائل التنصير في العصر الحديث, وقد تم لهم ذلك, فقد وجدت الكنائس في كل الدول الإسلامية, وكل ذاهبٍ يجد الكنائس هناك بمختلف توجهاتها, وبقيت هذه البلاد حماها الله مستعصيةً عليهم, حفظ الله على أهلها وعلى جميع المسلمين عقائدهم.
واستغلال الإعلام – بخطورته وجاذبيته- وسيلة سلكها المنصرون, فالقنوات والإذاعات والمواقع الإلكترونية وحتى ألعاب الأطفال غُرس فيها الصليب وتعظيمه وتحبيب النشء إليه, وتقديم معالم النصرانية على أنها المنقذة, وكل ذلك أمر يعرفه كل من له ارتباط بمثل هذه الوسائل, ولم يعد خافياً على الجل مشهد الطفل الذي نقش الصليب على يده متأثراً بما رأى في الإعلام, ولقد أتيت مدرسةً ثانويةً فورد إلي السؤال التالي: يقول السائل ماهي الكاثوليكية لأن أخي يقول إنني سأكون كاثوليكياً مع علمي بأن الإسلام حسن!!, وبغض النظر عن الدوافع والجزم على مثل هذا, إلا أنه يبين أن الأبناء مخترقون, وأن جملةً منهم لا يدركون خطورة مثل هذا ولاسيما عندما تكون العقيدة مجرد معلومات غابت حقيقتها عن القلوب.
وتأتي زيارة القسس والبابوات إلى الدول الإسلامية, وسيلة يوليها أرباب الكنيسة اهتمامهم, لاسيما وهم يجدون من يهتف لهم من الجماهير المسلمة بأنهم رواد السلام, ومن يصطف من العامة للسلام عليهم, ومن وراء هؤلاء؛ الإعلامُ يضلل الناس بأن تلك الزيارات ماهي إلا لتعميق روح الإخاء والحوار بين الأديان وإحياء عمليات السلام, وجاءت زيارة البابا الأخيرة في الأسبوع الماضي , والتي دخل فيها إلى المسجد الأقصى, برفقة الحاخام اليهودي , حين غاب أهل المسجد حقاً وهم المسلمون, في صورة استفزازيةٍ للمسلمين, جاءت الزيارة لتأكيد الأمر والدفاع عن حقوق النصارى, وتجسد روح الصداقة والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين وتفعيل الحوار بين الأديان كما يقولون, وهم أول من ينقضه.
وبعد كل هذه الجهود يحق لنا أن نتسائل: هل آتت هذه الجهود مرادها وأكلها, وإلى أي مدى بلغ المدّ النصرني؟ وهذا ما نشير إليه في الخطبة الثانية, وأقول ما سمعتم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحابته أجمعين, أما بعد:
الإسلام هو دين الفطرة, فكيف تقبل نفس سوية أن تقول بأن الآلهة ثلاثة, أو تقول بأن الله اتخذ ولداً, تعالى الله عما يقول أهل الظلال علواً كبيراً, ولأجل هذا فبرغم ما بذل من جهود في التنصير إلا أن الله ناصرٌ دينه ومعلٍ كلمته, ولو كره الكافرون.
فبرغم شراسة هذه الحملات التنصيرية، إلا أن الإسلام يسير بقوة , وإلا لماذا الهلع من الإسلام, لقد حذر بابا الفاتيكان \"بنديكت السادس عشر\" في خطاب سابق له الأوربيين من انحسار الهوية المسيحية لاوروبا في ظل انخفاض معدل المواليد، وزيادة عدد المهاجرين المسلمين, وقال :\" إن مستقبل أوروبا المسيحية كئيب وينذر بالخطر, وقال زويمر في كلمته التي ألقاها أثناء انعقاد مؤتمر القدس التنصيري ردا على ما أبداه المنصرون من روح اليأس التي كانت مخيمة على المؤتمرين : (إني أقركم على أن الذين أدخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقيين ، لقد كانوا كما قلتم أحد ثلاثة :
إما صغير لم يكن له من أهله من يعرفه ما هو الإسلام , وإما رجل مستخف بالأديان لا يبغي غير الحصول على قوته ، وقد اشتد به الفقر، وعزت عليه لقمة العيش, وإما آخر يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية. التنصير تعريفه أهدافه وسائله حسرات المنصرين - (1 / 114), وذكر باحثان من كبار القسس في دراسة قدماها: أنه اليوم نحو 65 دولة في العالم قد أغلقت أبوابها في وجوه المنصرين ، وهناك معدل 3 دول تنضم إلى هذه القائمة سنويًا , ولقد خطط النصارى لأن تكون أفريقيا نصرانية عام2000م, فإذا بالدراسات تقول بأن الجهود مازالت لم تؤت أكلها, وأن الإسلام بات ينتشر حتى في أوربا حتى أنه يخشى أن تكون فرنسا دولة مسلمة عام 2050م, ولئن كانت الهجمات والإساءات للمسلمين ولنبيهم عليه السلام مؤذيةٌ لنا إلا أنها ربما نفعت أكثر مما ضرت, حتى قال أحد الدعاة المسلمين في الغرب: إن أي إساءة للإسلام والمسلمين تمثل لنا فرصة هائلة للتعريف بالإسلام، وفي دراسة نشرت بالأمس أن النصارى باتوا قلة في الشرق الأوسط, وأن عددهم فيه في انحسار برغم كل ما قدم لهم , ويأبى الله إلا أن يتم نوره لو كره الكافرون, ولكن هذا لا يجعلنا ندع العمل, بل يجعلنا نبادر للدعوة ومقاومة النصرانية وأن نقوم بخدمة الدين وتبليغ الحق للعالمين, قال أحد الدعاة: كنت في رحلة إلى كينيا، وبعد تجوال طويل بين القرى المختلفة ، توقفت بجوار مجموعة من الصبيان تحلقوا لقراءة القرآن الكريم بين يدي شيخهم تحت ظل شجرة ، هرباً من لهيب الشمس المحرق ، رأيتهم يكتبون القرآن الكريم بالفحم على ألواح خشبية بطريقة بدائية ، ويرددون مقطعاً من سورة : (ق) بصوت متخشّع يأسر القلوب, ورأيتُ شيخهم يُمسك نسخة قديمة ممزقة الأوراق من كتاب (الأصول الثلاثة) باللغة السواحلية ، ذكر أنه استعارها من صاحب له ، فسألته عن طلابه وحرصهم على الدرس والحفظ ؟ ! فطأطأ رأسه قليلاً ، ثم تنهد بعمق .. وقال : جاءت إلينا إحدى الإرساليات الكنسية العريقة منذ أكثر من عشرين عاماً ، وها هي ذي الآن تتعاهد أبناءنا بالقصص المصورة الموجهة بلغتهم المحلية ، فتشدّهم بألوانها البراقة وأساليبها الجذابة ، كما توزع الإنجيل والكتب والمجلات التنصيرية ، وتقيم الاحتفالات والبرامج الشبابية المتعددة لاحتواء المسلمين وفتنتهم ..
ثم نظر إليّ نظرة ملؤها الأسى والعتب ، وقال لي بحياء : أين المسلمون ؟ ! ...
حتى أنت تصافح الصبية بحرج حتى لا تتسخ يدك .! ولكن دع النصارى يفعلون ما يريدون فنحن على ثقة من ديننا ، حتى ولو كنا تحت شجرة ولم نجد إلا ألواح الخشب . !!
معاشر الأحبة:
ويبقى دور الأفراد والمجتمعات تجاه القضية كبيراً:
فترسيخ العقيدة في نفوس الأبناء, وتعميق الإيمان وتعاليمه وعقيدته في القلوب مطلب ملح يُتنظر من الآباء والمربين.
وتوعيتهم بأن عدائنا مع النصارى عداءُ دين وملة, وكيف يجتمع المرء ويتوافق مع من يقول إن الله اتخذ ولداً, ومع من قتل إخوانه, وسب نبيه, ونفض الغبار عن عقيدة الولاء والبراء في النفوس, بعدما أثّر فيها استمراء رؤية الكفار وتبجيلهم في الأفلام والإعلام والملاعب الرياضية وغيرها, وأصبح السفر لبلادهم غير مستنكر, فنقص عند الكثير البراءة من الكفار وبغضهم لأجل دينهم, ولله در الإمام أحمد إذ يقول: لا أطيق أن أنظر إلى نصراني, وكيف أطيق أن أنظر إلى من يقول إن الله اتخذ ولداً!!
وأخذ الحيطة والحذر من وسائل الإعلام, التي قد تؤثر في نفوس النشء, كل هذه مطالب منتظرة من المربين.
والدعوة إلى الله بالقول الفعل, ومسابقة النصارى إلى بلاد المسلمين المحتاجة, وكذا الإغاثة لهم بالدواء والغذاء غذاء البدن وأهم منه غذاء الروح.
وللتجار ورجال الأعمال وأصحاب المصانع دور في نشر الإسلام, عن طريق الاستثمار في بلاد المسلمين, واستقدام الطاقات البشرية من المسلمين والاستغناء عن غيرهم, وبالتعامل أحسن, وهل دخل الإسلام شرق آسيا إلا بأخلاق التجار المسلمين؟!
والاستفادة من الوسائل الحديثة والإعلام في القنوات والمواقع الإلكترونية وغيرها لنشر الإسلام, أمر بات في مقدور جل شباب اليوم, ولقد قابلت شاباً يرسل في الأسبوع أكثر من مليون رسالة إلكترونية عن طريق البريد يخاطب بها أمماً من الناس في شتى دول الأرض عن طريق إرسال كتب بلغاتهم, وإذا كان هذا جهد فرد ففي المؤسسات الإسلامية اليوم من الجهود الشيء الكثير .
ونحن على يقين بأن المستقبل للإسلام , وبأن الله ناصرٌ دينه, وبأن هذا الدين سيدخل كل بيت, ولكن الأمر لن يكون بالكسل, ولن يكون من أناسٍ آثروا دنياهم ولم يضحوا براحتهم في سبيل نشر دينهم, وإذا كان الإسلام قادم فماذا قدمنا نحن لذلك, وبماذا خدمنا الدين؟ وكم هم الذين تأتي يوم القيامة وهم في صحيفة حسناتك, حين هداهم الله للدين بسبب دعوتك بمالك أو لسانك أو قلمك؟
اللهم اجعلنا هداة مهتدين واجعلنا من أنصار الدين, واجعلنا من مفاتيح الخير يارب العالمين, اللهم صل وسلم على نبينا محمد.
النصرانية في وجه الإسلام
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله الا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فاتقوا الله أيها المؤمنون((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) ، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
حدث أحد الدعاة قائلاً : كنت في رحلة دعوية إلى أحد دول أفريقيا؛ في أحد المواضع حيث يوجد عدد كبير من اللاجئين النازحين, كان الطريق وعراً موحشاً أصابنا فيه شدة وتعب ، قطعنا فيه المفازة بعد المفازة ، ولا نرى أمامنا إلا أمواجاً من السراب ، تزيد من هَمِّ الإنسان وتطلعه إلى النهاية , لا نصل إلى قرية إلا نجد من يحذرنا من قُطَّاع الطرق ولصوص الصحراء . تسع ساعات مرت وكأنها لا تريد أن تنتهي ، ثم يسَّر الله لنا الوصول, فوجدت المكان قد أعدَّ لنا, لم يكن إلا خيمة وضع فيها فراشٌ باليٍ للنوم , ألقيت بنفسي على الفراش من شدة التعب ، ثم رحت أتأمل رحلتي هذه, لقد شعرت بشيء من الاعتزاز والفخر ، بل أحسست بالعجب والاستعلاء ! فمن ذا الذي سبقني إلى هذا المكان ؟ ! ومن ذا الذي يصنع ما صنعت ؟ ! ومن ذا الذي يستطيع أن يتحمل هذه المتاعب لأجل الدعوة في هذا الأدغال؟ !
خرجنا في الصباح الباكر نتجول في أنحاء المنطقة ، حتى وصلنا إلى منازل اللاجئين فإذا بئر يروّي منه الناس ويستقون ، فرأيت مجموعة من النساء يحملن على رؤوسهن قدور الماء ، ولفت انتباهي امرأةً بيضاء من بين هؤلاء النسوة ، وفوجئت حين سألت عنها فقالوا بأنها منصِّرة : شابة في الثلاثينيات من عمرها من أقاصي شمال أوروبا ! قال لي مرافقي : منذ مدة وهي مع نسائنا ، تلبس لباسنا ، وتأكل طعامنا ، وترافقنا في أعمالنا ، جاءت إلينا وهي تعرف لغتنا القبلية وبعض عاداتنا , في بعض نهارها تداوي المرضى من النساء والأطفال ، ومعها صاحبتها تعلمهن الخياطة وبعض الأعمال اليدوية ، وفي أول الليل تجتمع بعض الفتيات يتجاذبن معها أطراف الحديث ، وتعلمهن قواعد القراءة والكتابة . أحبها الناس كباراً وصغاراً لتواضعها وخدماتها التي لا تنقطع ؛ فكم من يتيم مسحت على رأسه ! وكم من مريض خففت من ألمه ! يا ترى ما لذي أتى بها إلى هنا؟
ما الذي دعاها إلى هذه القفار النائية وهي على ضلالها ؟ ! وما الذي دفعها لتترك حضارة أوروبا ومروجها الخضراء ؟ ! وما الذي قوَّى عزمها على البقاء مع هؤلاء العجزة المحاويج وهي في قمة شبابها ؟ إنه الدعوة إلى التنصير والنصرانية
وحديثنا اليوم أيها الكرام هو عن ملةٍ ناصبت الإسلام العداء منذ وهلته الأولى, ولم تنطفئ شرارة النزاع والصراع إلى اليوم, إنها النصرانية تلكم الملة التي لم يفتأ أقطابها على مرّ العصور من الدعوة إليها والذب عن حياضها, فمنذ عهد هرقل وغزوة مؤتة والصراع بين الإسلام والنصرانية قائم, بل وسيدوم حتى ينزل عيسى عليه السلام فيكسر الصليب, ومنذ العهد الأول والجهود للتنصير ماضية في سبيل نشره, والوقوف في وجه المد الإسلامي, عن طريق السلاح تارة والفكر تارة, ولم تكن الحروب الصليبية آنذاك وكذا حروب العصر في البوسنة وكوسوفا وحتى العراق اليوم إلا فصلاً من فصول الحرب على الإسلام.
وحينما وجد الأوائل من النصارى أن طريق القوة لا يؤتي أكله مع أناس شرعتهم الجهاد, فإنهم بعد ذلك سلكوا الطرق الأخرى لنشر باطلهم والدعوة لملتهم, ويستدعون القوة إذا أحسوا بخطر الإسلام.
ولم تعهد الكنائس النصرانية إمكانياتٍ أقوى مما رُصدت لها اليوم, فقد تضافرت دول النصارى على دعم الصليب بالمال والإمكانات في سبيل تحقيق الحلم الذي أطلقه أسقفهم الأكبر وأبوهم السابق في الضلالة, البابا السابق, وهو تنصير العالم, حتى بلغ عدد مؤسسات التنصير في العالم حوالي ربع مليون مؤسسة تنصيرية, وهناك 500 قناة فضائية تنصيرية عدا الإذاعات الصوتية, وأما المراكز والمعاهد والمحطات التي تتولى تدريب وتأهيل المنصرين على مستوى العالم الإسلامي فقد فاقت ألف معهد, حتى دخل المنصرون كل صقع . ولئن تنوعت أساليب القوم في نشر باطلهم إلا أن من أخطر ما سلكوه في سبيل ذلك وسائل؛ منها:
الخدمات الإنسانية, فهم يتولون مساعدة المحتاجين بالدواء والغذاء ويمدون لهم الإنجيل باليد الأخرى, ولك أن تعلم أن حرب العراق قد استغلت لذلك, حتى ذكرت التقارير: أن أكثر من مائة منظمة تنصيرية دخلت العراق , وقال أحد مسؤلي المنظمات التنصيرية:
لم تحظَ الحركة التبشيرية الإنجيلية بفرصة جيدة منذ أكثر من عقد من الزمان مثل العراق، وإنه في مقدورنا أن نقول: إن هذه الحرب نعمة للمبشرين\"!, ولكن ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين, وعُرف عند الناس من يسمون بصانعي الخيام, وهم الأشخاص النصارى الذين يعملون في الدول الإسلامية ، ويقومون بمهام تنصيرية إلى جانب عملهم الرسمي, ويكمن الخطر في هؤلاء: في الغفلة عن أدوارهم المشبوهة التي يقومون بها بين المسلمين تحت مظلة رسمية لا تتوافر للمنصرين المباشرين ولذا يقول أحد أقطابهم عن أحد التجارب لهم (عندما سمح لأصحاب الخيام هؤلاء بدخول الباكستان كان يشار إليهم على أنهم أطباء وممرضين وعمال نصارى ، وليس على أنهم منصرون ، وحيث إن معظم المسؤولين في الدول الإسلامية لا يعرفون الفرق بين النصراني والمنصر ، فإن هؤلاء الذين يحملون المؤهلات تم الترحيب بهم في هذه البلاد) التنصير تعريفه أهدافه وسائله حسرات المنصرين - (1 / 74), وما المؤسسات الإغاثية في درفور إلا واحدة من هذه الخطوات.
والعمل على غرس كنائس في البلدان التي لا توجد بها هذه الكنائس، وسيلة من وسائل التنصير في العصر الحديث, وقد تم لهم ذلك, فقد وجدت الكنائس في كل الدول الإسلامية, وكل ذاهبٍ يجد الكنائس هناك بمختلف توجهاتها, وبقيت هذه البلاد حماها الله مستعصيةً عليهم, حفظ الله على أهلها وعلى جميع المسلمين عقائدهم.
واستغلال الإعلام – بخطورته وجاذبيته- وسيلة سلكها المنصرون, فالقنوات والإذاعات والمواقع الإلكترونية وحتى ألعاب الأطفال غُرس فيها الصليب وتعظيمه وتحبيب النشء إليه, وتقديم معالم النصرانية على أنها المنقذة, وكل ذلك أمر يعرفه كل من له ارتباط بمثل هذه الوسائل, ولم يعد خافياً على الجل مشهد الطفل الذي نقش الصليب على يده متأثراً بما رأى في الإعلام, ولقد أتيت مدرسةً ثانويةً فورد إلي السؤال التالي: يقول السائل ماهي الكاثوليكية لأن أخي يقول إنني سأكون كاثوليكياً مع علمي بأن الإسلام حسن!!, وبغض النظر عن الدوافع والجزم على مثل هذا, إلا أنه يبين أن الأبناء مخترقون, وأن جملةً منهم لا يدركون خطورة مثل هذا ولاسيما عندما تكون العقيدة مجرد معلومات غابت حقيقتها عن القلوب.
وتأتي زيارة القسس والبابوات إلى الدول الإسلامية, وسيلة يوليها أرباب الكنيسة اهتمامهم, لاسيما وهم يجدون من يهتف لهم من الجماهير المسلمة بأنهم رواد السلام, ومن يصطف من العامة للسلام عليهم, ومن وراء هؤلاء؛ الإعلامُ يضلل الناس بأن تلك الزيارات ماهي إلا لتعميق روح الإخاء والحوار بين الأديان وإحياء عمليات السلام, وجاءت زيارة البابا الأخيرة في الأسبوع الماضي , والتي دخل فيها إلى المسجد الأقصى, برفقة الحاخام اليهودي , حين غاب أهل المسجد حقاً وهم المسلمون, في صورة استفزازيةٍ للمسلمين, جاءت الزيارة لتأكيد الأمر والدفاع عن حقوق النصارى, وتجسد روح الصداقة والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين وتفعيل الحوار بين الأديان كما يقولون, وهم أول من ينقضه.
وبعد كل هذه الجهود يحق لنا أن نتسائل: هل آتت هذه الجهود مرادها وأكلها, وإلى أي مدى بلغ المدّ النصرني؟ وهذا ما نشير إليه في الخطبة الثانية, وأقول ما سمعتم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحابته أجمعين, أما بعد:
الإسلام هو دين الفطرة, فكيف تقبل نفس سوية أن تقول بأن الآلهة ثلاثة, أو تقول بأن الله اتخذ ولداً, تعالى الله عما يقول أهل الظلال علواً كبيراً, ولأجل هذا فبرغم ما بذل من جهود في التنصير إلا أن الله ناصرٌ دينه ومعلٍ كلمته, ولو كره الكافرون.
فبرغم شراسة هذه الحملات التنصيرية، إلا أن الإسلام يسير بقوة , وإلا لماذا الهلع من الإسلام, لقد حذر بابا الفاتيكان \"بنديكت السادس عشر\" في خطاب سابق له الأوربيين من انحسار الهوية المسيحية لاوروبا في ظل انخفاض معدل المواليد، وزيادة عدد المهاجرين المسلمين, وقال :\" إن مستقبل أوروبا المسيحية كئيب وينذر بالخطر, وقال زويمر في كلمته التي ألقاها أثناء انعقاد مؤتمر القدس التنصيري ردا على ما أبداه المنصرون من روح اليأس التي كانت مخيمة على المؤتمرين : (إني أقركم على أن الذين أدخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقيين ، لقد كانوا كما قلتم أحد ثلاثة :
إما صغير لم يكن له من أهله من يعرفه ما هو الإسلام , وإما رجل مستخف بالأديان لا يبغي غير الحصول على قوته ، وقد اشتد به الفقر، وعزت عليه لقمة العيش, وإما آخر يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية. التنصير تعريفه أهدافه وسائله حسرات المنصرين - (1 / 114), وذكر باحثان من كبار القسس في دراسة قدماها: أنه اليوم نحو 65 دولة في العالم قد أغلقت أبوابها في وجوه المنصرين ، وهناك معدل 3 دول تنضم إلى هذه القائمة سنويًا , ولقد خطط النصارى لأن تكون أفريقيا نصرانية عام2000م, فإذا بالدراسات تقول بأن الجهود مازالت لم تؤت أكلها, وأن الإسلام بات ينتشر حتى في أوربا حتى أنه يخشى أن تكون فرنسا دولة مسلمة عام 2050م, ولئن كانت الهجمات والإساءات للمسلمين ولنبيهم عليه السلام مؤذيةٌ لنا إلا أنها ربما نفعت أكثر مما ضرت, حتى قال أحد الدعاة المسلمين في الغرب: إن أي إساءة للإسلام والمسلمين تمثل لنا فرصة هائلة للتعريف بالإسلام، وفي دراسة نشرت بالأمس أن النصارى باتوا قلة في الشرق الأوسط, وأن عددهم فيه في انحسار برغم كل ما قدم لهم , ويأبى الله إلا أن يتم نوره لو كره الكافرون, ولكن هذا لا يجعلنا ندع العمل, بل يجعلنا نبادر للدعوة ومقاومة النصرانية وأن نقوم بخدمة الدين وتبليغ الحق للعالمين, قال أحد الدعاة: كنت في رحلة إلى كينيا، وبعد تجوال طويل بين القرى المختلفة ، توقفت بجوار مجموعة من الصبيان تحلقوا لقراءة القرآن الكريم بين يدي شيخهم تحت ظل شجرة ، هرباً من لهيب الشمس المحرق ، رأيتهم يكتبون القرآن الكريم بالفحم على ألواح خشبية بطريقة بدائية ، ويرددون مقطعاً من سورة : (ق) بصوت متخشّع يأسر القلوب, ورأيتُ شيخهم يُمسك نسخة قديمة ممزقة الأوراق من كتاب (الأصول الثلاثة) باللغة السواحلية ، ذكر أنه استعارها من صاحب له ، فسألته عن طلابه وحرصهم على الدرس والحفظ ؟ ! فطأطأ رأسه قليلاً ، ثم تنهد بعمق .. وقال : جاءت إلينا إحدى الإرساليات الكنسية العريقة منذ أكثر من عشرين عاماً ، وها هي ذي الآن تتعاهد أبناءنا بالقصص المصورة الموجهة بلغتهم المحلية ، فتشدّهم بألوانها البراقة وأساليبها الجذابة ، كما توزع الإنجيل والكتب والمجلات التنصيرية ، وتقيم الاحتفالات والبرامج الشبابية المتعددة لاحتواء المسلمين وفتنتهم ..
ثم نظر إليّ نظرة ملؤها الأسى والعتب ، وقال لي بحياء : أين المسلمون ؟ ! ...
حتى أنت تصافح الصبية بحرج حتى لا تتسخ يدك .! ولكن دع النصارى يفعلون ما يريدون فنحن على ثقة من ديننا ، حتى ولو كنا تحت شجرة ولم نجد إلا ألواح الخشب . !!
معاشر الأحبة:
ويبقى دور الأفراد والمجتمعات تجاه القضية كبيراً:
فترسيخ العقيدة في نفوس الأبناء, وتعميق الإيمان وتعاليمه وعقيدته في القلوب مطلب ملح يُتنظر من الآباء والمربين.
وتوعيتهم بأن عدائنا مع النصارى عداءُ دين وملة, وكيف يجتمع المرء ويتوافق مع من يقول إن الله اتخذ ولداً, ومع من قتل إخوانه, وسب نبيه, ونفض الغبار عن عقيدة الولاء والبراء في النفوس, بعدما أثّر فيها استمراء رؤية الكفار وتبجيلهم في الأفلام والإعلام والملاعب الرياضية وغيرها, وأصبح السفر لبلادهم غير مستنكر, فنقص عند الكثير البراءة من الكفار وبغضهم لأجل دينهم, ولله در الإمام أحمد إذ يقول: لا أطيق أن أنظر إلى نصراني, وكيف أطيق أن أنظر إلى من يقول إن الله اتخذ ولداً!!
وأخذ الحيطة والحذر من وسائل الإعلام, التي قد تؤثر في نفوس النشء, كل هذه مطالب منتظرة من المربين.
والدعوة إلى الله بالقول الفعل, ومسابقة النصارى إلى بلاد المسلمين المحتاجة, وكذا الإغاثة لهم بالدواء والغذاء غذاء البدن وأهم منه غذاء الروح.
وللتجار ورجال الأعمال وأصحاب المصانع دور في نشر الإسلام, عن طريق الاستثمار في بلاد المسلمين, واستقدام الطاقات البشرية من المسلمين والاستغناء عن غيرهم, وبالتعامل أحسن, وهل دخل الإسلام شرق آسيا إلا بأخلاق التجار المسلمين؟!
والاستفادة من الوسائل الحديثة والإعلام في القنوات والمواقع الإلكترونية وغيرها لنشر الإسلام, أمر بات في مقدور جل شباب اليوم, ولقد قابلت شاباً يرسل في الأسبوع أكثر من مليون رسالة إلكترونية عن طريق البريد يخاطب بها أمماً من الناس في شتى دول الأرض عن طريق إرسال كتب بلغاتهم, وإذا كان هذا جهد فرد ففي المؤسسات الإسلامية اليوم من الجهود الشيء الكثير .
ونحن على يقين بأن المستقبل للإسلام , وبأن الله ناصرٌ دينه, وبأن هذا الدين سيدخل كل بيت, ولكن الأمر لن يكون بالكسل, ولن يكون من أناسٍ آثروا دنياهم ولم يضحوا براحتهم في سبيل نشر دينهم, وإذا كان الإسلام قادم فماذا قدمنا نحن لذلك, وبماذا خدمنا الدين؟ وكم هم الذين تأتي يوم القيامة وهم في صحيفة حسناتك, حين هداهم الله للدين بسبب دعوتك بمالك أو لسانك أو قلمك؟
اللهم اجعلنا هداة مهتدين واجعلنا من أنصار الدين, واجعلنا من مفاتيح الخير يارب العالمين, اللهم صل وسلم على نبينا محمد.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى