لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
مسلم
مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

السياحة تحت المجهر  Empty السياحة تحت المجهر {الثلاثاء 22 نوفمبر - 9:24}

د.محمد بن عبد الله الهبدان
السياحة تحت المجهر

الخطبة الأولى

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان،

أمَّا بعدُ:

أيها الأخوة في الله:
لقد طرأ في هذا العصر المتلاطم بالفتن ما يطرأ في كل عصر، وارتكب فيه أرباب الشهوات ما ارتكبه أسلافهم الأوائل من تغيير للحقائق، وتلبيس للمفاهيم، وعبث بالمبادئ، فغيروا ما يريدون تغييره لإشباع غرائزهم، وسموا الأشياء بغير اسمها، ووصفوها بغير صفتها اللائقة بها، فالخمر عندهم شراب روحي، والربا في نظرهم المعوج فائدة مالية، ودعامة اقتصادية، والسياحة في منطقهم المنكوس متعة وترفيه، هكذا قالوا، وبئس ما قالوا.

أحبتي في الله:
لعلي أن أسلط الضوء على قضية كبرى دار حولها الحديث، وكثر فيها الكلام، ألا وهي قضية السياحة، والتي تعني في المفهوم العالمي المعاصر: (الانفتاح المطلق بلا قواعد مرعية، ولا ضوابط شرعية)!. فلا دين يردع، ولا وازع يمنع، يفعل الإنسان ما يشاء، ويصنع ما يريد، فالهوى إمامه، والشهوة قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه، فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور، وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور.
هذه السياحة في عصر العولمة، ولكننا حينما نعود إلى المعين الصافي، والمنبع الوافي ـ كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلّم ـ فإننا ندرك حقيقة السياحة، ومفهومها في الإسلام، والتي ينبغي أن يدركها الجميع، يقول الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ). [سورة التوبة، الآية: 112].
وللعلماء في بيان معنى السياحة أقوال، وكلها تدل على ارتقاء الإسلام إلى معالي الأمور، وبناء الأمة على مكارم الأخلاق، وجميل الخصال.
فمنهم من فسّر السياحة بالسفر في طلب العلم، فيرتحلون من أجله، ويشدون الرحال في طلبه، من أجل ثني الركب لدى العلماء والتلقي عنهم والاستفادة منهم.
قال عكرمة السائحون: "هم طلبة العلم".
وفسرها بعضهم بالجهاد في سبيل الله تعالى، كما جاء في الحديث عند أبي داود عن أَبِي أُمَامَةَ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي السِّيَاحَةِ؟! قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم: إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى". (1)
وقال عطاء: السائحون: "هم الغزاة المجاهدون في سبيل الله "(2)
فهم يسيحون لأجل رافع راية الدين، وإعلاء كلمة المسلمين، وإزالة الذل والهوان عن عباد الله المستضعفين، إنهم يسيحون لبلوغ ذروة سنام الإسلام، فأين هذه من تلك؟ّ لو كانوا يعقلون.
وفسرها بعضهم بالصيام.
فإن الله تعالى قد وصف النساء اللاتي يتزوجهن رسوله صلى الله عليه وسلّم بذلك فقال: (سَائِحَاتٍ) وذلك في قوله سبحانه: (عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً). [سورة التحريم، الآية: 5].
وأخرج ابن جرير بسنده عن عبيد بن عمير قال: "سئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن السائحين فقال: هم الصائمون" (3)
قال ابن كثير: "وهذا مرسل جيد". وكذا فسر السياحة بالصيام، أبو هريرة وابن مسعود و ابن عباس و عائشة وغيرهم، رضي الله عنهم.
وعن سفيان بن عيينة قال : "إنما سمي الصائم السائح لأنه تارك للذات الدنيا كلها من المطعم والمشرب والمنكح فهو تارك للدنيا بمنزلة السائح".
وفسرها بعضهم بالمداومة على فعل الطاعات.
وقد أخرج ابن أبي حاتم أن عثمان بن مظعون أراد أن ينظر أيستطيع السياحة؟! قال: "كانوا يعدون السياحة قيام الليل وصيام النهار".
وفسرها بعضهم بالهجرة.
أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم في قوله سبحانه: (السَّائِحُونَ). [سورة التوبة، الآية: 112]. قال: "هم المهاجرون؛ ليس في أمة محمد صلى الله عليه وسلم سياحة إلا الهجرة، وكانت سياحتهم الهجرة حين هاجروا إلى المدينة، ليس في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ترهب".
قال ابن القيم، رحمه الله: "وفُسرت السياحة بالصيام، وفُسرت بالسفر في طلب العلم، وفُسرت بالجهاد، وفُسرت بدوام الطاعة".
والتحقيق فيها أنها سياحة القلب في ذكر الله ومحبته، والإنابة إليه، والشوق إلى لقائه، ويترتب عليها كل ما ذكر من الأفعال، ولذلك وصف الله سبحانه نساء النبي اللاتي لو طلق أزواجه بدله بهن بأنهن: (سَائِحَاتٍ). [سورة التحريم، الآية: 5]. وليست سياحتهن جهاداً، ولا سفراً في طلب علم، ولا إدامة صيام، وإنما هي سياحة قلوبهن في محبة الله تعالى وخشيته والإنابة إليه وذكره.
وتأمل كيف جعل الله سبحانه التوبة والعبادة قرينتين؛ هذه ترك ما يكره، وهذه فعل ما يحب، والحمد والسياحة قرينتين، هذا الثناء عليه بأوصاف كماله، وسياحة اللسان في أفضل ذكره، وهذه سياحة القلب في حبه وذكره وإجلاله، كما جعل سبحانه العبادة والسياحة قرينتين في صفة الأزواج، فهذه عبادة البدن وهذه عبادة القلب" (4).
وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرّد في شواهق الجبال والكهوف والبراري، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن".
فلا إله إلا الله!.
يُنهى رجال أن يتفردوا في شواهق الجبال من أجل عبادة الكبير المتعال! فهل يعقل أن يؤذن بالسياحة بمفهومها العالمي المعاصر؟!.
ماذا نقول لمن يريد السياحة التي يصحبها إسفاف في العقول، وتحطيم للقيم، وهتك للأعراض، وسفك للدماء، ونشر للرذيلة، وانتشار لشبكات المخدرات والمسكرات، وضياع للأمن؟!.
وكيف نقول للمعجبين بسياحة العصر، المنادين لها عبر وسائل الإعلام المختلفة؟!.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "السياحة في البلاد لغير مقصود مشروع كما يعانيه بعض النساك أمر منهي عنه"، قال الإمام أحمد: " ليست السياحة من الإسلام في شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين" (5).

أيها الأخوة:
إذا كنا قد نُهينا عن السياحة التي هي بمفهوم الرهبنة والانقطاع للعبادة، وذلك من أجل مخالفة للنصارى فيما هم عليه من الرهبانية المبتدعة، فكيف نقلدهم ونحاكيهم في المناداة بالسياحة العصرية الشهوانية؟!.
سبحان الله!.
(فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ). [سورة الحج، الآية: 46].
لقد صدق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلّم: " لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ! قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟! قَالَ: فَمَنْ" (6).
فأي انهزامية بلغناها؟!. وأي مدى من التبعية وصلناها؟! حتى أصبحنا نأخذ الأمور على عواهنها، دون مراجعة وتمحيص.
دعونا - يرحمكم الله - ننظر إلى الوراء قليلاً لنقف على العزة التي افتقدناها، والكرامة التي ضيعناها:
أقبل ربعي بن عامر يسير على فرسه إلى رستم ملك الفرس، فلما انتهى إليه وإلى أدنى البسط، قيل له: انزل فحمل فرسه على البساط، فلما استوت عليه، نزل عنها وربطها بوسادتين فشقهما، ثم أدخل الحبل فيهما، فلم يستطيعوا أن ينهوه، وإنما أروه التهاون وعرف ما أرادوا، فأراد استحراجهم، فقالوا: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم، أنتم دعوتموني، فإن أبيتم أن آتيكم كما أريد رجعت. فأقبل يتوكأ على رمحه، فما ترك لهم نُمرقة ولا بساطاً إلا أفسده وتركه مخرقا، فلما دنا من رستم تعلق به الحرس، وجلس على الأرض، وركز رمحه بالبسط.
فقالوا: ما حملك على هذا؟! قال: إنا لا نستحب القعود على زينتكم هذه. فكلمه فقال: ما جاء بكم؟! قال: الله ابتعثنا، والله جاء بنا، لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبى قاتلناه أبدا، حتى نفضي إلى موعود الله.
قال: وما موعود الله؟! قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي".
واسمع يا رعاك إلى بعض الشروط العمرية التي فرضها عمر رضي الله عنه على أهل الجزية لتعلم مدى عزة أهل الإسلام:
يقول عبد الرحمن بن غنم: "كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام، وشرط عليهم فيه ألا يحدثوا في مدينتهم كنيسة، ولا فيما حولها ديراً ولا قلاية، ولا صومعة راهب، ولا يجددوا ما خرب، ولا يؤوا فيها ولا في منازلهم جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يضربوا بنواقيسهم إلا ضرباً خفيا في جوفها، ولا يظهروا عليها صليباً، ولا يرفعوا أصواتهم في الصلاة، ولا القراءة في كنائسهم فيما يحضره المسلمون، ولا يخرجوا صليباً ولا كتاباً في سوق المسلمين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يبيعوا الخمور، ولا يظهروا شركاً، ولا يرغّبوا في دينهم، ولا يدعو إليه أحداً، وأن يلزموا زيّاً حيثما كانوا، ولا يتشبهوا بالمسلمين في لبسهم، ولا في مراكبهم، ولا يتكلموا بكلامهم، ولا يكتنوا بكناهم، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم، ولا يفرقوا نواصيهم، ويشدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يركبوا السروج، ولا يتخذوا شيئاً من السلاح، ولا يحملوه، ولا يتقلّدوا السيوف، وأن يوقروا المسلمين في مجالسهم ويرشدوهم الطريق، ويقوموا لهم عن المجالس إن أرادوا الجلوس، ولا يعلموا أولادهم القرآن، ولا يشارك أحدهم مسلماً في تجارة إلا أن يكون إلى المسلم أمر التجارة، فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق" (7).
سبحان الله!.
ما هذا البون الشاسع بين تلك القمة الشماء، وبين هذا الغثاء الذي يعيش اليوم على الأرض متميعاً متسكّعاً وراء الكفار والملاحدة، ومع هذا يحسب نفسه مسلماً؟!.
أين تلك العزة والقوة والسلطان الرباني الذي أخذ به ذلك الجيل؟!.
أين هذا من الضعف والاستخذاء والتبعية العمياء التي يعيشها المسلمون اليوم؟!.
ترى: هل المنتسبون اليوم للإسلام في درجة الذميين الذين طبقت عليهم هذه الشروط؟!.
هل المسلمون اليوم ذميون للكفار؟!
إن الذي يظهر أنه حتى هذا الافتراض الأخير فإن المسلمين اليوم أقل قدرا من ذميي الأمس، ذميو الأمس: في صغار وفي ذلة وفي زي معين ومكان معين.
أما بعض مسلمي اليوم ففي صغار و ذلة واستكانة عن إسلامهم وتبعية للشرق والغرب، وإعجاب وانبهار بما عليه أعداء الإسلام، وسخرية واستهزاء بما كان عليه سلف هذه الأمة!.
ومن هنا فهم أحط قدراً عند الله - ما داموا بهذه الصفات - وأحقر من أن يهابوا، وأصغر من أن تُسمع لهم كلمة في المجتمع الدولي المعاصر.
فعلى المسلم الصادق، المسلم الواعي، المسلم المدرك لحقيقة إسلامه أن يعرف أين يضع قدمه، ومَنْ يقلد ويتبع، وأن يعلم أن التشبه بأعداء الله ومحاكاتهم في حركاتهم وسكناتهم لا تلتقي مع صدق إيمانه، وإنما يفعل ذلك من يزعم الإسلام زعما وبئس ذلك الزعم الكاذب" (8).
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أنّ محمَّداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً،

أمَّا بعدُ:

أيها الأخوة في الله:
إننا لابد أن ندرك جيدا، قبل هذا كله أن وجود الكافر في جزيرة العرب أمر مرفوض شرعاً: "فَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ لَا يُمَكَّنُ غَيْرُ الْمُسْلِمِ مِنْ الِاسْتِيطَانِ فِيهَا, وَهَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ" (9).
واختلفوا في تحديد الجزيرة وأقرب الأقوال الموافق لنصوص الحديث أنها من البحر الأحمر غربا إلى الخليج شرقا، ومن أرض العراق شمالا إلى حضرموت جنوبا (10).
وَاسْتَدَلُّوا على التحريم بقوله صلى الله عليه وسلّم: "أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ". وقوله صلى الله عليه وسلّم: "لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ إلَّا مُسْلِمًا". وقوله صلى الله عليه وسلّم: "آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ".
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "لَا يَجْتَمِعُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ".
ومع هذه النصوص وغيرها كثير إلا أن الناس تساهلوا في هذا الموضوع من قبل، فانظر إلى العمالة الكافرة المنتشرة في البلاد!.
فهل تخلو بيوتات المسلمين من وجودهم؟!.
وهل تخلو محلاتنا التجارية ومؤسساتنا وشركاتنا ونحوها منهم؟!.
ولو كانت مواقفنا مربوطة بالإسلام، ومبادئُنا متعلقة بشرائع الإيمان لما وطئت قدم كافر أرض الجزيرة المباركة، ولكن نحن الذين جنينا على أنفسنا بادئ ذي بدء بسكوتنا عن الأمر من قبل، حتى بلغ ما بلغ من جلبهم للسياحة والسياحة أدهى وأمر.

أيها الأخوة:
إنّ وجود هؤلاء الكفار في ديار أهل الإسلام له آثاره الخطيرة، وأضراره الجسيمة، ومن تأمل واقع السياحة الخارجية في بلدان مجاورة علم عظيم الأثر الذي أحدثه هؤلاء في تلك الديار من فساد أخلاقي، و انتشار لحانات الخمور والبغاء، ثم ما يترتب على انتشار البغاء من كثرة الأمراض الفتاكة كالإيدز ونحوه، ونشر للمخدرات والخمور، والتعري الفاضح، والتفسخ الماجن، وكل هذا يهون - وما هو بهين ورب الكعبة - عند إفسادهم لعقائد الناس وأديانهم! فهم يبذلون المليارات لإخراج الناس من دينهم! ويصرفون أوقاتهم من أجل ذلك‍‍‍‍‍‍‍!.
ولنتذكّر أنّ من الكائدين لنا، المعادين لنا في الدين من يعلم أن انفتاح المجتمعات المسلمة على المجتمعات الخارجية من أهم أسباب ذوبانها وإضعاف دوافع التدين لدى أبنائها.
إذن فمن الخطأ أن نظن أنّ أولئك بمعزل عن هذا التوجه السياحي لدينا، فإن لم يكن لهم به علاقة بمباشرة أو تسبب، فلا أقل من أنهم سيستغلونه ويكرسونه لتحقيق ما يصبون إلى تحقيقه، وهو ما أخبرنا الله به في قوله عز وجل: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ). [سورة البقرة، الآية: 109].
وقوله تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ). [سورة البقرة، الآية: 120].
ألا إنها دعوة للحذر من الدعوة إلى الفتنة التي تهون عندها كثير من الفتن.
ألا إنها دعوة للمناصحة والكتابة لمن لهم الأمر والشأن إعذاراً وإنذاراً، فالدين النصيحة.
ألا إنها دعوة لتكثيف الجهود، وبذل الوسع والطاقة في الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنها صمام الأمان للأمة.
ألا إنها دعوة لتحذير الأمة من هذا الداء العضال والسم القتال، وبيان مفاسده وأخطاره: (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ). [سورة الأنفال، الآية: 42].
اللهم صلي على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين، ومن سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

ـــــــــــــــــــــ

المراجع

(1) رواه أبو داود (2486 )
(2) تفسير البغوي عند آية التوبة 112.
(3) تفسير ابن جرير 11/ 28-29، عند تفسير الآية 112 من سورة التوبة.
(4) حادي الأرواح 1/ 59.
(5) مجموع الفتاوى 10/ 643. وانظر: الاقتضاء 1/ 287.
(6) رواه البخاري (7320 ).
(7) أحكام أهل الذمة 2/ 661. (بتصرف).
(8) انظر: الولاء والبراء في الإسلام - الشيخ محمد بن سعيد القحطاني ص 338 (بتصرّف).
(9) الموسوعة الفقهية الكويتية 20/ دار السلام.
(10) الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية 2/ 700- محماس الجلعود.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى