لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

أفحكمَ الجاهلية يبغون  Empty أفحكمَ الجاهلية يبغون {الجمعة 25 نوفمبر - 20:11}

الشيخ / عبدالله بن عبدالعزيز المبرد
أفحكمَ الجاهلية يبغون


إنَّ الحمد لله, نحمده ونستعينه, ونستغفره ونتوبُ إليه, ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهدي اللهُ فلا مُضلَّ له, ومن يُضلل فلا هادي له, وأشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهدُ أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم وسلم تسليماً كثيراً .

عباد الله : اتقوا الله, فهي وصيةُ الله إليكم, وهي خيرُ لباسٍ في الدنيا, وخيرُ زادٍ إلى الآخرة. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) (الحشر:18) .

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * ُيصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب: من الآية71,70)

أيَّها المؤمنون: لقد أشرقت شمسُ هذا الدين على أمةِ العربِ, وكانت أمةً خاملةً, لم تكُن شيئاً في الوجودِ الإنساني، ولم يكُن لها وزنٌ في موازينِ الحضارةِ البشرية, ولا ذكرٌ في التاريخ العالمي, فلمَّا أذنَ اللهُ لها بالحياةِ, أرسلَ فيها الرسولُ العظيم, وأنزلَ فيها الكتابُ الكريم, فكانت هُنالِك نشأتَها, وكان ذلك إخراجُها فقد كان الإسلامُ للبشرية هجاء, وللعربِ على وجه الخصوص حياةٌ بعد موت, وحضارةٌ بعد تخلفٍ, وهدايةً بعد ضلالٍ وحيرة, لقد جاءَ هذا الدينُ بمنهجٍ قائمٍ على العلمِ المطلق بحقيقةِ الإنسان وحاجاته, وطبيعةَ الكون ونظامه, فشرعَ اللهُ للإنسانِ ما يُحققُ لهُ السلامَ والعدل, والحريةَ والطمأنينة, والعيشَ الكريم, وإنَّما علت أمةُ الإسلام, وسما مجدُها لما اتخذت من شريعة الإسلام منهجاً وحاكماً على أفعالها واختياراتها وتصوراتها, ولقد حذَّرَ القرآنُ العظيم من الالتفاتِ إلى سواها, أو الأخذ من غيرها, بل لقد بين القرآنُ أن هناك أقوامٌ يزعمون الإيمان, ويدَّعون التوحيد, ويتَّسمون بالإسلام, ثمَّ يلتفتون يمنةً ويسرةً للأخذِ من نُظم الجاهليةِ القديمةِ والحديثةِ, يقولُ اللهُ عز وجل: (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً)) (النساء:60) .

أجل إنَّ القرآن يُعلنُها صريحةً واضحة, أنَّ أمرَ المنافقين الذين يُقلبُون وجُوهَهُم في أنظمةِ البشر, أو سائرَ أحكام الطواغيت, وجعلوا منها نظماً للحياةِ, أو يستجلبوا منهجاً يسيرون عليه, ويحتكمون إليه, إنَّما هم مارقُون من الدين وإن ادعوه, خارجُون من الإسلام, وعاشوا على أرضهِ يقولُ عز وجل عنهم: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)) (النساء:61) .

فتراهم يُثيرون القضايا الكبار, مثلَ العلاقةِ مع الكُفَار, أو نُظم الاقتصاد, أو أوضاع المرأةِ وما يتعلقُ بها من أحكام, وكلُّ تلك القضايا أمورٍ حسمها القرآن, وبيَّنها الشرعُ, ومع ذلك فهُم يُجادلون فيها, ويحتجون بالاتجاه العالمي, والثقافةِ السائدة, وهم يعلمون أنَّ ذلك الاتجاهَ إنَّما صنعتهُ ثقافةُ الكفرِ, بل هو النموذج التي صممتهُ عقولَ الذين لا يؤمنون بالله ولا رسوله, فإذا قيلَ لهم هذا حكم الله, ((رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)) (النساء : 61) .

يقولُ ابن كثير: أي يُعرضون عنك إعراضاً, كالمستكبرين عن ذلك, كما قال الله تعالى عن المشركين: (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ )) (لقمان:21) .

وهؤلاءِ بحلافِ المؤمنين الذين قال الله فيهم: ((إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (النور:51) .

أيَّها المصلون: إنَّها قضية مهمة وذلك عندما تختلف الأمةُ, أو يختلف مثقفوها وكتبتها ومفكروها, ويكونَ خلافُهم حول مسألةٍ من مسائل الدين, ومن المعلوماتِ منه بالضرورة, كالولاءِ والبراء, أو الجهادِ أو السفورُ والحجاب, والرضى بالربا أو رفضه, إنَّ خلافاتٍ كهذهِ دليلُ شرخٍ عميق في منهج التفكيرِ والاستدلال, بل هي دليلُ خللٍ واضحٍ في الإيمان, فإنَّ الإسلام: هو الاستسلامُ والإذعانُ لحُكم الله وأمره, ولقد عقدَ الشيخُ المجيد- محمد بن عبد الوهاب- باباً في كتاب التوحيد, أسماه قول الله تعالى : ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً)) (النساء :60) .

وجعلَ ذلك باباً غليظاً من أبوابِ الشرك بالله, لأنَّه استعاضةً عن أحكامِ الله بأحكامِ غيره, ثمَّ هم إذا عدلوا عن أحكامِ الإسلام وتصوراتهِ وآدابهِ وثقافته, فإلى أيِّ شيءٍ يتحولون، ماذا سيجدونَ إذا زهدوا في نظامٍ جاءَ من عند الله على أكملِ صورهِ وأحسن وجهِ؟ ماذا يريدون؟ ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة:50) .

قال ابن كثيرٍ: يُنكرُ اللهُ تعالى على من خرجَ عن حكمِ الله تعالى, المشتمل على كلِ خيرٍ, الناهي عن كل شرٍ، وعدلَ إلى ما سواهُ من الآراءِ والأهواءِ, والاصطلاحاتِ التي وضعها الرجالُ بلا مستندٍ من شريعة, نعم قد تسوقُ الجاهلية لنظمها وثقافتها وماديتها, قد تملأُ العالم بالشعاراتِ التي لا حقيقةَ لها, كالحريةِ, والديمقراطيةِ, والتسامح, والانفتاح, والتبادلِ الحضاري, والتفاكر الأممي, والعدالةَ المطلقة, والاقتصادَ الحُر إلى غير ذلك, ولكنَّهم كاذبون, يفضحُهم القرآن, وتُخزيهم شواهدَ الواقع, معتقلاتِ كوبا, وسجونِ العراق, وجرائمُهم في اليابان وفيتنام, ونهبهُم لثروات المستضعفين, كلُّ ذلك يشهدُ شهادةَ الحقِّ, أنَّهم أغشمَ أمةٍ عرفها التاريخ, وأظلمَ نظامٍ قام على الأرض, وأكذبَ لسانٍ زعم القيمَ والمباديء, بل إنَّ مجتمعاتهم هناك تعُجُّ بمظاهر ظُلمِ النساءِ والأطفال, والغرباءِ والسود، ذلكم هو حُكمُ الجاهلية الذي يبغيه المنافقون, دنيئون بصورهم نحوه ((وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة :50) .

قال بعضُ شُرا ح كتابَ التوحيد: (( وفي الآية التحذيرُ من حُكم الجاهلية, واختيارهُ على حكمِ اللهِ ورسوله, فمن فعلَ ذلك فقد أعرض عن الأحسن, وهو الحقُّ إلى ضدهِ من الباطل, (( فمن مالت نفسُه إلى ما يُخالفُ تصورات الإسلام وأحكامه وأقضيته, فذلكُم هو الخللُ في الإيمانِ والمعتقد، عن عبدُ الله بن عمر- رضي الله عنهما- : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواهُ تبعاً لما جئتُ به)) .

قال العلماءُ: والهوى: أي ما تهواهُ وتُحبهُ نفسه, وتميلُ إليه, فإثارةُ النقاش حولَ مسلماتِ الدين, وثوابتِ المعتقد, وبثها في الصُحف وعلى القنوات, بلا خطامٍ ولا زمام, وخوضَ الناسِ فيها بلا علمٍ ولا دليل, كلُّ ذلك ليس من باب النقاشِ الحُر كما يقول, ولا تعدد الرأي الذي به يُنادون, القضيةُ أكبر من ذلك وأخطر, فالأمرُ متعلقٌ بأصلِ الدين وقاعدةِ الإسلام, التي هي الرضى بأحكامِ الله, والإذعانِ لها, فالنقاشُ فيها شِقاقٌ لله ورسوله, والحوارُ حولها محادٍ لهما, قال تعالى : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)) (النساء:115) .

ونحنُ أيَّها المؤمنَ قد تبين لنا الهُدى في كتاب ربنا, وسنةِ نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم, وتاريخِ أمتنا المجيد, وواقعِ حياتنا المُؤلم, وممارساتِ عدونا البغيض, فعلامَ الشِقاقُ, وإلامَ الخلاف.



الخطبة الثانية

الحمد لله يُعطي ويمنع, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين:

أيَّها المؤمنون : إنَّ الفرق بين النقاشاتِ التي كانت تدورُ بين علماءِ الأمة وأسلافها الصالحين, وبين جدلِ فئاتِ المجتمع وكتبته, ومتحاوروه اليوم, هو أنَّ علماءَ الأمةِ كلُهم ينطلقون من نص الوحي ويعودونَ إليه, ويكونُ الخلافُ بينهم في فهمه, أمَّا الآنَ فيختلفون أيرجعون إلى النص أم إلى غيره من معطياتِ العالمِ الحر كما يقولون, يقولُ عزَّ وجل (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)) (النساء :59) .

لنا أن نختلف, ويُمكن أن تتباين أفها مُنا ووجهاتُ تفكيرنا, وأطروحاتنا الثقافية, ولكن المرجعيةَ النهائية التي نرجعُ إليها, وتصدرُ عنها آراءَنا, والميزانَ الذي نزنُ به مقدارَ الصوابِ والخطأ فيما ذهبنا إليه, هو كتابُ الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, ليبقى كتاب الله منهجنا, على ما يطرأُ على الحياة من مشكلاتٍ ومستجدات أبد الدهر, ولا تكونُ الأمةُ مؤمنةً بربها ولا مسلمةٌ له, إلاَّ إذا احتكمت إلى كتاب اللهِ وسنة رسوله, في كل خلافاتها ونزاعاتها, وليس للمتحاورين إيمانٌ ولا إسلام, إلاَّ إذا اتخذوا منهما حكماً, منطقهم ورأيهم يقول عز وجل: (( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) (النساء:65) .

ومرةً بعد مرة تجدُنا أمامَ شرط الإيمان وحد الإسلام, يقررُهُ الله بنفسه, ويقسم عليه بذاته, لا إيمانَ إلا بإذعان, ولا إسلامَ إلا باستسلام, ولا يكفي أن يتحاكمَ المتحاورون والمتناقشون إلى الإسلام, بل لابدَ أن يصحب ذلك رضى نفسي، وقبولٌ قلبي, واعتزازٌ وفخرٌ بمنهجِ الإسلام وثقافتهِ وأحكامه, ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) (الأحزاب : 36) .

واعلموا أنَّه لما كان الاحتكامُ إلى الله ورسوله, والتسليمَ لهما, والرضى بهما, هو شرطُ الإيمانِ وعلامةُ الإسلام, فإنَّ أيِّ نفساً تأبى ذلك, وتُعرضُ عنه, وتجادلُ فيه, فإنَّما هي نفسُ منافقٍ مغموس في النفاق, متوعدٌ بأشدِّ العذاب, يقول عز وجل : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)) (النساء : 115) .

فالذين يخرجُون على المسلمين بقضايا تُخالفُ سبيلهم الذي جاء به الإسلام, إنَّما يشهدون على أنفسهم بالكفرِ الصريح والردةِ الغليظة, وإنَّما يحدثُ نتيجةً لكُرهِ ما أنزلَ اللهُ من أحكامٍ, فتجدُهم يكرهون حدودَ الإسلام, ويضيقون بها ذرعا, فيسوقهم ذلك إلى إثارةِ الشُبهات, وبعثِ النقاشات, ولذلك كان كُرهُ ما جاء به اللهُ باباً من أبوابِ الكُفر, كما ذكرَ ذلك الشيخُ ابن عبد الوهاب .

أيَّها المؤمنون : إنَّ المنحى الذي يتجُهُ كثيرٌ من الطرح الثقافي, المتجرئُ على أحكام الدين منحاً خطير, له وثيقُ العلاقةِ بحقيقةِ الإيمان, فإنَّ الله عز وجل قد نزَّل علينا أنَّه لا إله إلا هو, ومعنى ذلك أنَّ شرائعه التي سنَّها للناس بمقتضى أو لوصيتهِ لهم وعبوديتهم له, وعاهدهم على القيامِ بها, هي التي يَجبُ أن تحكُم حياتهم ويرضوا بها ويفخروا بتمثلها, لا هوادةَ في هذا الأمرِ, ولا ترخُصَّ في شيءٍ منه, ولا انحرافَ عن جانبٍ وصغير، إنَّه لا عبرةَ بما تواضع عليه جيل، أولما اصطلح عليه قبيل، أو لما توا ثق عليه نظام عالمي جديد أو قديم, لا وزنَ لشيءٍ من ذلك ما لم يأذن به الله, ولم يُقرهُ كتابهُ ولا سنةَ رسوله صلى الله عليه وسلم, والمسألةُ في هذا ليست مسألةَ انفتاحٍ أو انغلاق, تحررٍ أو انحباس, إنَّها مسألةُ إيمانٍ وكفر, إسلامٌ أو جاهلية, شرعٌ أو هوى، فلا وسطَ في هذا الأمرِ ولا صُلح ولا هُدنة, فالمؤمنون هم الذين يدعُون إلى شرعِ الله وكتابه, والتزامَ أخلاقه وآدابه, والكافرون الظالمون الفاسقون والمنافقون, هم الذين يدعون إلى غيره, وينادون بما سواه, ويدفعون الأمةَ في اتجاهٍ يُعاكسه .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى