مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
د. رياض بن محمد المسيميري
أمريكا تتسول العالم !
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) (آل عمران:102). (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1). (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب:70-71).
أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ r وشرُّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار .
أما بعد أيها المسلمون
فيقول الله تعالى : ((وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ )) ، الآية (سورة الرعد: 31) .
ويقول تعالى أيضاً : ((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ )) (سورة الأعراف: 97) .
وهذه الآيات العظيمات بيّن بوضوح وجلاء ما أعدّه الله تعالى للكفرة المجرمين من الأخذ الشديد ، والعذاب المُبيد إن هم استمرأوا كفرهم وبغيهم ، وظلوا على شركهم وفجورهم !!
وأنّه مهما بدا الكفار أقوياء متمكنين ، ومهما انتفشوا متغطرسين مستكبرين، فإنهم أضعف وأحقر وأذل من أن تقوم لهم قائمة أو تكون لهم طاقة أمام جبروت الله وسلطانه العريض, وبطشه القوي الشديد !
وقديماً استأسد قوم عاد وعتوا عن أمر ربهم وقالوا من أشد منا قوة فأجابهم القوي الجبار :
((فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ))(فصلت :15، 16) .
فإذا بالقوم المعاندين ، المغترين بقوتهم وجبروتهم ، عاجزين عن مقاومة قاصف من الريح جعلهم كأعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ؟!
ولما طغى الفراعنةُ في البلاد فأكثروا فيها الفساد واستباحوا الدم الحرام واستعبدوا الناس وسخروهم لخدمتهم وإشباع غرورهم حلت عليهم لعائن الله ، واستدرجهم القوي القهار إلى لجبة البحر المهيب؛ فماجت عليهم أمواج عاتية ، وبحور ناقمة ، فإذا بهم جثث طافية ، وجيف طافحة فكانت الأجساد للغرق, والأرواح للحرق!!
((مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً )) (سورة نوح :25) .
وهكذا تتابع أيامُ الله القاصمة ، وعقوباتُه الصارمة ، تستأصلُ شأفة الظالمين ، وتستبيحُ بيضة المجرمين !!
وفي عصرنا الحديث أذاق الله تعالى الأمم الكافرة ألوناًٌ من العذاب وسقاهم كؤوساً من أليم العقاب ، علّهم يرجعون ويتذكرون, ويتخلون عن عنادهم وغرورهم ولكنّهم لا يزالون في غيهم سادرين وفي طغيانهم منغمسين وهذا من إملاء الله للظالمين ليزدادوا إثماً؛ حتى إذا حانت ساعة الانتقام الماحقة ، والعذاب الساحقة فلات ساعة مندم!!
وقد حسب الناسُ اللهَ غافلاً عمّا يعمل الظالمون، واغتروا بما وصلت إليه دول الكفر من القوة والجبروت ومادروا إن لله في خلقه شؤوناً ، وتدابير ، وفي قضائه أسراراً وحكماً, وأن لله أياماً يداولها بين الناس !!
وما دروا أنّ الله تعالى قد أحاط بخلقه يميناً وشمالاً ، وأماماً وخلفاً ، وفوقاً وتحتاً، وأنه لو شاء لاستأصلهم وقهرهم وأهلكهم!!
ولا أدل على ما نقول من هذه العقوبات المتتالية, والزلازل المدمرة ، والأعاصير المهلكة، والفيضانات الجارفة, والخسوفات الحارقة ، وهي بعضُ نذر الله للطغاة المعاندين والأقوام المستكبرين ، وللكافرين أمثالها!! .
وفيما يلي إشارات سريعة ، ولفتات عاجلة لبعض ما أصاب الدول المعاصرة من آيات الله القاصمة وعقوباته المدمرة ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
فأما الزلازل فلها شأن عظيم وخبر عجيب ، يزلزل القلوب الحية ويهزها هزاً !!
ففي عام 1976/ ضرب الزلزال المدمر منطقة الصين الشعبية ، فسقط قرابة سبعمائة ألف قتيل في لحظات معدودات !! وبقيت أمة الألف مليون مهيضة الجناح ، مقطعة الأوصال ، لا حول لها ولا طول أمام القوة الباهرة , والإرادة القاهرة !!
وأما الفيضانات الجارفة, والسيول العارمة؛ فقد أغرقت الصين عام 1931م وقُتل قرابة أربعة ملايين إنسان بسبب الغرق والمجاعة,والأمراض المتفشية!!
وهو أسوأ فيضان في العصر الحديث فما أغنى عنها سورها العظيم ولا ساحات بكين !!
كما عمّت الفيضانات ولاية آسام الشرقية في الهند عام 2002م وغمرت منازل 700000 مواطن وأغرقت 800 قرية وقتلت عشرات الألوف !! فما أغنت عن الهنود أبقارهم ولا أوثانهم ولا جحافل جيوشهم الجرارة!!
وقبل أشهر قتل فيضان تسونامي 300،000 إنسان في جنوب شرق آسيا بعد أن حادّت الله كثيراً في مسارحها ومراقصها وخمورها !!
وأما الأعاصير فقد ضرب الإعصار المدمر هذه الأيام الجنوب الأمريكي فأحدث خسائر تقدر بـ 125ملياراً من الدولارات وعشرة آلاف قتيل حتى غدت أمريكا دولة من دول العالم الثالث كما وصفتها صحيفة الديلي ميل اللندنية يوم السبت 3/9/2005 م .
وضرب إعصار مماثل اليابان وكانت سرعته 229كم في الساعة ، وشرد قرابة عشرين ألف إنسان ، واقتلعت الرياح العاتية الأشجار وقلبت الشاحنات ، وجرفت السيارات والمنازل ، وأنهارت مصدات الأمواج أمام قوة الإعصار وأحدث 280 انهيارا أرضيا وألغيت ألف رحلة طيران ، وبلغ ارتفاع الموج تسعة أمتار !!
فارتجف لهذه الأعاصير قلوب القوم الكافرين وعُبّاد الشمس الوثنيين !! وحتى موجات الحرّ لا يقوي طغاة البشر على احتمالها .
ففي صيف 1980م قتل الحرّ والجفاف نحو 10,000 أمريكي والخسائر قرابة 33 ملياراً .
وفي أوروبا عام 2003 أحرق الحرّ الشديد الغابات وأفسد المحاصيل ، وقتل في فرنسا قرابة 14000 إنسان فما أغنى عنها برجها الشهير ، ولا جامعاتها العريقة ، ولا علمانيتها الفجة .
وأما حوادث الطائرات ؟
فقبل أيام أهلك الله تعالى ركاب طائرة كولومبية ، وعلى متنها 160 راكباً فرنسياً ماتوا عن آخرهم . في رحلة سياحية وفساد ، وللكافرين أمثالها !!
وحتى على مدرج المطارات لم تسلم الطائرات من حوادث مفزعة ففي جزر الكناري اصطدت طائرة هولندية بأخرى أمريكية عام 1977م فقتل ركاب الطائرتين فهل أغنت عنهم التقنيات العالية, والتجهيزات الحساسة ؟!
وأما السفن فقد أنشأ الصليبيون سفينة ضخمة مقاومة للغرق تُسمّى (تايتنك) فاصطدمت بجبل من الجليد فغرقت وقتل كلّ ركابها !! عام 1912م فما تقولون ؟!
وأما القطارات ففي عام 1944م اختنق ركاب إحدى قطارات الأنفاق في إيطاليا فماتوا عن آخرهم !! فهل تسمعون ؟!
وفي الهند انحرف قطار عن مساره عام 1981م خشية من دهس بقرة متربعة في مساره فسقط من فوق الجسر وقتل 268من ركابه الهنود !! فما ظنكم برب العالمين ؟!.
وأما المركبات الفضائيات فقد اخترع الأمريكيون مكوكاً فضائياً اسموه ( التحدي ) فأنفجر بعد أقل من دقيقتين من إقلاعه !! فهل تتفكرون ؟!
وهكذا يمكر الله بالظالمين، ويهلك الكافرين ,ويمتحن الله المؤمنين بهذه النكبات, والدواهي العظيمات؛ ليعلم الناس كلهم أنّ القوة لله جميعاً وأنّ الله شديد العذاب، وأنّ كلَّ قوى الأرض مهما بلغت من البأس الشديد والكيد الكبير فهي ضعيفة حقيرة في يد الله القوي القهار والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون !
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم, واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله يُعطي ويمنع, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين,
أمَّا بعدُ:
فقد ضرب الإعصار الإلهي المدمر هذه الأيام ولاية نيو أروليانز ممتداً إلى الولايات المجاورة مخلفاً دماراً هائلاً في الأرواح والمنشات والمباني والمعدات بما يقدر بـ (120) ملياراً من الدولارات كتقديرات أولية مع احتمال تضاعف الأرقام بشكل فلكي حسب مدة بقاء الإعصار الرهيب !!
وفي قطاع النفط بقيت مصافي خليج المكسيك مغلقة تماما ً وتوقفت إمدادات النقط الخام من الخليج مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود في أنحاء الولايات المتحدة بما معدله ثلاثة دولارات للجالون الواحد .... وأعلن الأمريكيون عن لجوؤهم إلى مخزونهم الاستراتيجي من البترول لمواجهة الأزمة !!
وللعلم فإن خليج المكسيك الذي تعرض لفتك الإعصار يغذي الولايات المتحدة بما مقداره 1.5 مليون برميل يومياً أي ربع أحتياجها من النفط !!
وعلى الصعيد الأخلاقي للشعب الأمريكي (المؤدب !) فقد سادت أعمال النهب والسرقة حتى أعلن المسؤولون وعلى رأسهم عمدة مدينة نيو أروليانز أن أعمال النهب التي عمت المدينة منذ أن ضربها الإعصار طالت المستشفيات والفنادق ، وقال شهود عيان إن اللصوص سرقوا آليات عسكرية واستخدموها لتحطيم نوافذ صيدليات ومخازن للبيع السلع المنزلية ، وطالت عمليات النهب ملاجئ لإيواء العجزة وفي نفس الإطار طالبت ولاية لو يزايا تعزيزات لوقف أعمال السرقة والنهب تقدر بخمسة آلاف رجل !!
وفي هذه الأثناء أعلنت الولايات المتحدة قبولها للمساعدات الخارجية القادمة من أنحاء العالم دون إستثناء !!
فلا مانع أن ترسل بنغلاديش حزماً من القش لصنع أكواخ لأكثر من مليون أمريكي مشرد بفعل الإعصار !!
وهو ماتوقعناه سابقا بأن يأتي يوم تكون فيه الآيات الإلهية المدمرة قد حطت رحالها غرباً لنرى عجائب قدرة الله ونرى ضعف أمريكا وأوروبا والعالم أمام جنود الله القاهرة وحينها تمد أمريكا يدها تتسول العالم !!
وملخص القول أجمله في نقاط:
علينا أن نعي وندرك بوضوح أن الله تعالى هو الملك المدبر, القوي القهار الذي لا يعجزه شي في الأرض ولا في السماء , وأن الولايات المتحدة بقضها وقضيضها أعجز وأضعف وأحقر مما نتصوره بكثير وأنها عاجزة عن مقاومة أياً من جند الله ولو كان إعصارا هوائيا !!
لقد وقفت أمريكا بعتادها الحربي, وسلاحها النووي, واقتصادها الربوي ونفوذها السياسي مكتوفة الأيدي مهيضة الجناح أمام الإعصار!!
ووقف العالم كله شامتاً مهما أظهر من نفاق خشية العصا الأمريكي الغليظة وهو ما يدل على حجم الكراهة التي تتمتع بها هذه الدولة المتغطرسة في أنحاء المعمورة . !!
ظهر الرئيس في طائرة خاصة ( يتفقد !!!) المناطق المنكوبة بزعمه لبضع دقائق أما عدسات التصوير ولو قيس نبض قلبه في تلك اللحظات لعرفنا حجم الخوف والقلق والرعب والفزع الذي أنتابه لحظتها وقد عرف حجمه الحقيقي وحجم جيشه أمام قوة الله القاهرة وإرادته الغالبة ؟!!
في ما جرى للولايات المتحدة هذه الأيام تثبيت لقلوب الموحدين والمظلومين من شعوب أمتنا الإسلامية وتطمين لهم بإن الله ناصرهم على عدوهم, ومنتقم لهم ممن ظلمهم فإن الله ليمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته .
وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا, ويقيناً صادقاً, وتوبةً قبلَ الموتِ, وراحةً بعد الموتِ, ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة, ولا فتنةً مضلة,
اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ, واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين, يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه, إمام المتقين, وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي
اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور, وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
أمريكا تتسول العالم !
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) (آل عمران:102). (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1). (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب:70-71).
أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ r وشرُّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار .
أما بعد أيها المسلمون
فيقول الله تعالى : ((وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ )) ، الآية (سورة الرعد: 31) .
ويقول تعالى أيضاً : ((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ )) (سورة الأعراف: 97) .
وهذه الآيات العظيمات بيّن بوضوح وجلاء ما أعدّه الله تعالى للكفرة المجرمين من الأخذ الشديد ، والعذاب المُبيد إن هم استمرأوا كفرهم وبغيهم ، وظلوا على شركهم وفجورهم !!
وأنّه مهما بدا الكفار أقوياء متمكنين ، ومهما انتفشوا متغطرسين مستكبرين، فإنهم أضعف وأحقر وأذل من أن تقوم لهم قائمة أو تكون لهم طاقة أمام جبروت الله وسلطانه العريض, وبطشه القوي الشديد !
وقديماً استأسد قوم عاد وعتوا عن أمر ربهم وقالوا من أشد منا قوة فأجابهم القوي الجبار :
((فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ))(فصلت :15، 16) .
فإذا بالقوم المعاندين ، المغترين بقوتهم وجبروتهم ، عاجزين عن مقاومة قاصف من الريح جعلهم كأعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ؟!
ولما طغى الفراعنةُ في البلاد فأكثروا فيها الفساد واستباحوا الدم الحرام واستعبدوا الناس وسخروهم لخدمتهم وإشباع غرورهم حلت عليهم لعائن الله ، واستدرجهم القوي القهار إلى لجبة البحر المهيب؛ فماجت عليهم أمواج عاتية ، وبحور ناقمة ، فإذا بهم جثث طافية ، وجيف طافحة فكانت الأجساد للغرق, والأرواح للحرق!!
((مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً )) (سورة نوح :25) .
وهكذا تتابع أيامُ الله القاصمة ، وعقوباتُه الصارمة ، تستأصلُ شأفة الظالمين ، وتستبيحُ بيضة المجرمين !!
وفي عصرنا الحديث أذاق الله تعالى الأمم الكافرة ألوناًٌ من العذاب وسقاهم كؤوساً من أليم العقاب ، علّهم يرجعون ويتذكرون, ويتخلون عن عنادهم وغرورهم ولكنّهم لا يزالون في غيهم سادرين وفي طغيانهم منغمسين وهذا من إملاء الله للظالمين ليزدادوا إثماً؛ حتى إذا حانت ساعة الانتقام الماحقة ، والعذاب الساحقة فلات ساعة مندم!!
وقد حسب الناسُ اللهَ غافلاً عمّا يعمل الظالمون، واغتروا بما وصلت إليه دول الكفر من القوة والجبروت ومادروا إن لله في خلقه شؤوناً ، وتدابير ، وفي قضائه أسراراً وحكماً, وأن لله أياماً يداولها بين الناس !!
وما دروا أنّ الله تعالى قد أحاط بخلقه يميناً وشمالاً ، وأماماً وخلفاً ، وفوقاً وتحتاً، وأنه لو شاء لاستأصلهم وقهرهم وأهلكهم!!
ولا أدل على ما نقول من هذه العقوبات المتتالية, والزلازل المدمرة ، والأعاصير المهلكة، والفيضانات الجارفة, والخسوفات الحارقة ، وهي بعضُ نذر الله للطغاة المعاندين والأقوام المستكبرين ، وللكافرين أمثالها!! .
وفيما يلي إشارات سريعة ، ولفتات عاجلة لبعض ما أصاب الدول المعاصرة من آيات الله القاصمة وعقوباته المدمرة ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
فأما الزلازل فلها شأن عظيم وخبر عجيب ، يزلزل القلوب الحية ويهزها هزاً !!
ففي عام 1976/ ضرب الزلزال المدمر منطقة الصين الشعبية ، فسقط قرابة سبعمائة ألف قتيل في لحظات معدودات !! وبقيت أمة الألف مليون مهيضة الجناح ، مقطعة الأوصال ، لا حول لها ولا طول أمام القوة الباهرة , والإرادة القاهرة !!
وأما الفيضانات الجارفة, والسيول العارمة؛ فقد أغرقت الصين عام 1931م وقُتل قرابة أربعة ملايين إنسان بسبب الغرق والمجاعة,والأمراض المتفشية!!
وهو أسوأ فيضان في العصر الحديث فما أغنى عنها سورها العظيم ولا ساحات بكين !!
كما عمّت الفيضانات ولاية آسام الشرقية في الهند عام 2002م وغمرت منازل 700000 مواطن وأغرقت 800 قرية وقتلت عشرات الألوف !! فما أغنت عن الهنود أبقارهم ولا أوثانهم ولا جحافل جيوشهم الجرارة!!
وقبل أشهر قتل فيضان تسونامي 300،000 إنسان في جنوب شرق آسيا بعد أن حادّت الله كثيراً في مسارحها ومراقصها وخمورها !!
وأما الأعاصير فقد ضرب الإعصار المدمر هذه الأيام الجنوب الأمريكي فأحدث خسائر تقدر بـ 125ملياراً من الدولارات وعشرة آلاف قتيل حتى غدت أمريكا دولة من دول العالم الثالث كما وصفتها صحيفة الديلي ميل اللندنية يوم السبت 3/9/2005 م .
وضرب إعصار مماثل اليابان وكانت سرعته 229كم في الساعة ، وشرد قرابة عشرين ألف إنسان ، واقتلعت الرياح العاتية الأشجار وقلبت الشاحنات ، وجرفت السيارات والمنازل ، وأنهارت مصدات الأمواج أمام قوة الإعصار وأحدث 280 انهيارا أرضيا وألغيت ألف رحلة طيران ، وبلغ ارتفاع الموج تسعة أمتار !!
فارتجف لهذه الأعاصير قلوب القوم الكافرين وعُبّاد الشمس الوثنيين !! وحتى موجات الحرّ لا يقوي طغاة البشر على احتمالها .
ففي صيف 1980م قتل الحرّ والجفاف نحو 10,000 أمريكي والخسائر قرابة 33 ملياراً .
وفي أوروبا عام 2003 أحرق الحرّ الشديد الغابات وأفسد المحاصيل ، وقتل في فرنسا قرابة 14000 إنسان فما أغنى عنها برجها الشهير ، ولا جامعاتها العريقة ، ولا علمانيتها الفجة .
وأما حوادث الطائرات ؟
فقبل أيام أهلك الله تعالى ركاب طائرة كولومبية ، وعلى متنها 160 راكباً فرنسياً ماتوا عن آخرهم . في رحلة سياحية وفساد ، وللكافرين أمثالها !!
وحتى على مدرج المطارات لم تسلم الطائرات من حوادث مفزعة ففي جزر الكناري اصطدت طائرة هولندية بأخرى أمريكية عام 1977م فقتل ركاب الطائرتين فهل أغنت عنهم التقنيات العالية, والتجهيزات الحساسة ؟!
وأما السفن فقد أنشأ الصليبيون سفينة ضخمة مقاومة للغرق تُسمّى (تايتنك) فاصطدمت بجبل من الجليد فغرقت وقتل كلّ ركابها !! عام 1912م فما تقولون ؟!
وأما القطارات ففي عام 1944م اختنق ركاب إحدى قطارات الأنفاق في إيطاليا فماتوا عن آخرهم !! فهل تسمعون ؟!
وفي الهند انحرف قطار عن مساره عام 1981م خشية من دهس بقرة متربعة في مساره فسقط من فوق الجسر وقتل 268من ركابه الهنود !! فما ظنكم برب العالمين ؟!.
وأما المركبات الفضائيات فقد اخترع الأمريكيون مكوكاً فضائياً اسموه ( التحدي ) فأنفجر بعد أقل من دقيقتين من إقلاعه !! فهل تتفكرون ؟!
وهكذا يمكر الله بالظالمين، ويهلك الكافرين ,ويمتحن الله المؤمنين بهذه النكبات, والدواهي العظيمات؛ ليعلم الناس كلهم أنّ القوة لله جميعاً وأنّ الله شديد العذاب، وأنّ كلَّ قوى الأرض مهما بلغت من البأس الشديد والكيد الكبير فهي ضعيفة حقيرة في يد الله القوي القهار والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون !
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم, واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله يُعطي ويمنع, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين,
أمَّا بعدُ:
فقد ضرب الإعصار الإلهي المدمر هذه الأيام ولاية نيو أروليانز ممتداً إلى الولايات المجاورة مخلفاً دماراً هائلاً في الأرواح والمنشات والمباني والمعدات بما يقدر بـ (120) ملياراً من الدولارات كتقديرات أولية مع احتمال تضاعف الأرقام بشكل فلكي حسب مدة بقاء الإعصار الرهيب !!
وفي قطاع النفط بقيت مصافي خليج المكسيك مغلقة تماما ً وتوقفت إمدادات النقط الخام من الخليج مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود في أنحاء الولايات المتحدة بما معدله ثلاثة دولارات للجالون الواحد .... وأعلن الأمريكيون عن لجوؤهم إلى مخزونهم الاستراتيجي من البترول لمواجهة الأزمة !!
وللعلم فإن خليج المكسيك الذي تعرض لفتك الإعصار يغذي الولايات المتحدة بما مقداره 1.5 مليون برميل يومياً أي ربع أحتياجها من النفط !!
وعلى الصعيد الأخلاقي للشعب الأمريكي (المؤدب !) فقد سادت أعمال النهب والسرقة حتى أعلن المسؤولون وعلى رأسهم عمدة مدينة نيو أروليانز أن أعمال النهب التي عمت المدينة منذ أن ضربها الإعصار طالت المستشفيات والفنادق ، وقال شهود عيان إن اللصوص سرقوا آليات عسكرية واستخدموها لتحطيم نوافذ صيدليات ومخازن للبيع السلع المنزلية ، وطالت عمليات النهب ملاجئ لإيواء العجزة وفي نفس الإطار طالبت ولاية لو يزايا تعزيزات لوقف أعمال السرقة والنهب تقدر بخمسة آلاف رجل !!
وفي هذه الأثناء أعلنت الولايات المتحدة قبولها للمساعدات الخارجية القادمة من أنحاء العالم دون إستثناء !!
فلا مانع أن ترسل بنغلاديش حزماً من القش لصنع أكواخ لأكثر من مليون أمريكي مشرد بفعل الإعصار !!
وهو ماتوقعناه سابقا بأن يأتي يوم تكون فيه الآيات الإلهية المدمرة قد حطت رحالها غرباً لنرى عجائب قدرة الله ونرى ضعف أمريكا وأوروبا والعالم أمام جنود الله القاهرة وحينها تمد أمريكا يدها تتسول العالم !!
وملخص القول أجمله في نقاط:
علينا أن نعي وندرك بوضوح أن الله تعالى هو الملك المدبر, القوي القهار الذي لا يعجزه شي في الأرض ولا في السماء , وأن الولايات المتحدة بقضها وقضيضها أعجز وأضعف وأحقر مما نتصوره بكثير وأنها عاجزة عن مقاومة أياً من جند الله ولو كان إعصارا هوائيا !!
لقد وقفت أمريكا بعتادها الحربي, وسلاحها النووي, واقتصادها الربوي ونفوذها السياسي مكتوفة الأيدي مهيضة الجناح أمام الإعصار!!
ووقف العالم كله شامتاً مهما أظهر من نفاق خشية العصا الأمريكي الغليظة وهو ما يدل على حجم الكراهة التي تتمتع بها هذه الدولة المتغطرسة في أنحاء المعمورة . !!
ظهر الرئيس في طائرة خاصة ( يتفقد !!!) المناطق المنكوبة بزعمه لبضع دقائق أما عدسات التصوير ولو قيس نبض قلبه في تلك اللحظات لعرفنا حجم الخوف والقلق والرعب والفزع الذي أنتابه لحظتها وقد عرف حجمه الحقيقي وحجم جيشه أمام قوة الله القاهرة وإرادته الغالبة ؟!!
في ما جرى للولايات المتحدة هذه الأيام تثبيت لقلوب الموحدين والمظلومين من شعوب أمتنا الإسلامية وتطمين لهم بإن الله ناصرهم على عدوهم, ومنتقم لهم ممن ظلمهم فإن الله ليمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته .
وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا, ويقيناً صادقاً, وتوبةً قبلَ الموتِ, وراحةً بعد الموتِ, ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة, ولا فتنةً مضلة,
اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ, واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين, يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه, إمام المتقين, وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي
اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور, وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى