رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / محمد بن علي السعوي
موقف المسلمين من الحرب ضد العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله : (( بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)) ، نحمده سبحانه . (( لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . (( يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) ،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين ، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم ،صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد . فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله تعالى، وجاهدوا في سبيله نصرة لدينه ، وإعلاءً لكلمته ، وإعانة للمسلمين المضطهدين المقهورين .
معشر المسلمين .
إن الناظرَ في مجريات الأحداث .. والمطلعَ على وقائع الأمور .. والمتابعَ لما يدور في الساحة اليوم .. يجد أن الأمر جلل .. وأن الخطب جسيم.. وقد يؤدي إلى واقع أليم .. فالعدو قد كشر عن أنيابه .. وأظهر ما كان يخفيه من أحقاده .. وقد يتساءل المرء في ظل هذه الظروفِ الصعبة .. والمواقفِ الحرجة .. ماذا يفعل ؟ وهل بمقدوره أن يدفع البلاء..
أم أن الأمر لا يعنيه لامن قريب ولا من بعيد .. أو يكونَ دورُه هو التفرج على مسرح الأحداث ليكون جُلَ همه هو الحديث في المجالس ، أو أن يحيل الأمر إلى غيره .. وينسبَ التقصير إلى من حوله .
أيها المسلم ـ اعلم أن كل واحد منا قادرٌ على أن يعمل شيئا .. وأن يقدم للمسلمين المستضعفين عملا .. وسأذكر باختصار ما يستطيع الإنسان عمله لينفع نفسه وإخوانه المسلمين .
من ذلك أيها المسلمون ـ تحقيق الإيمان والابتعاد عما يبطله أو وينقصه ، قال تعالى عن قوم يونس عليه الصلاة والسلام (( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)) (يونس:98) .
لقد وعد الله تعالى عباده المؤمنين بالنجاة من العذاب ..فقال سبحانه : (( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ )) (يونس:103) والله سبحانه قد تكفل بالمدافعة عن المؤمنين فقال عز وجل : (( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)) (الحج: من الآية38) فهل يغلب قوم يدافع الله عنهم ؟ نسأل الله تحقيق الإيمان ، وصدق الأقوال والأعمال.
ومن ذلك التوبة والاستغفار. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة ، فعلينا بالتوبة النصوح ، وأن نكثر من الاستغفار ، فالاستغفار سبب عظيم في تحصيل الخير ، ودفع العذاب والشر ، قال تعالى : (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)) (لأنفال:33) .
وقال سبحانه : ((وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)) (هود:52)
ومن ذلك أيها المسلمون :
الاستعانة بالصبر والصلاة ، قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (البقرة:153) , وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى " رواه أحمد وغيره ، فالصلاة لها أثر عظيم في طمأنينة القلب ، واستجابة الدعاء فيها .
ومن ذلك الصدقة :
فالصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء " وقد ورد في الحديث ( أكثروا الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا ) رواه ابن ماجه وغيره .
وقال ابن أبي الجعد :إن الصدقة لتدفع سبعين باباً من السوء )
ومن ذلك أيها المسلمون الدعاء :
وقد نجأ الله تعالى أقواماً بسبب دعاءهم . فلولا الدعاء لهلك أقوام .. يقول الله تعالى : (( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ )) [الفرقان :77] أي لولا دعاؤكم إياه ، فالله تعالى يستجيب لمن دعاه مخلصاً ولو كان كافرا كما قال تعالى : (( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)) (العنكبوت:65) .
والله تعالى يبتلي عباده حتى يرجعوا إليه ويدعوه سبحانه (( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ)) (لأعراف:94) ويقول الله تعالى : (( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في وقت الكرب بهذا الدعاء : ( لا إله إلا الله الحليم العظيم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم ) رواه البيهقي ..
فألحوا أيها المسلمون على الله بالدعاء ..وخاصة في وقت الأسحار ..فإن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل ويقول ..هل من داع فاستجيب له ..هل من سائل فأعطيه ..هل من مستغفر فأغفر له . والله تعالى يقول: (( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )) فادعوا أيها المسلمون رجاء أن يهلك الله الظالمين .. وينتقم من النصارى واليهودِ الحاقدين .. ويدمر أعداء الدين وينصر أهل الإسلام المستضعفين
ولقد كان السلف الصالح عليهم رحمة الله يدركون أثر الدعاء .. لما صافَّ قتيبة بن مسلم الترك ، وهاله أمرُهم .. سأل عن محمد بن واسع فقيل : هو ذاك في الميمنة جامع على قوسه ..يشير بأصبعه نحو السماء يدعو ..فقال : تلك الأصبع أحب إليّ من مئة ألف سيف شهير وشاب طرير ..فأكثروا من الدعاء ..ولا تستهينوا به ..وصدق القائل :
سهام الليل لا تخطي ولكن لها أمد وللأمد أنقضاء
ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : لقوله تعالى : (( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)) (هود:117) ولم يقل صالحون .. فهم يدعون الناس إلى الهدى .. وينهون عن الفساد والردى .. فحصل من نفعهم سلامة القرى .. من الهلاك والردى .. ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده ) [صحيح الجامع1970.
والقيام بهذه الشعيرة والإتيان بها سبب للسلامة من العقوبات يقول الله تعالى : (( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)) * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ* فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ)) (لأعراف- 166:163) .
ففي هذه الآيات نبأ عظيم لمن أنار الله بصيرته ..فقد أخبر لله عن سنته الماضية ..وهي أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر .. يقول ابن عباس رضي الله عنهما : قسم الله هذه الأمة ـ أي بني إسرائيل ـ إلى ثلاثة أقسام : قسم : عملوا المنكر ، وهو الصيد في السبت ، وقسم : خذلوا الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، والذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، فلما نزل العذاب أهلك القوم الأولين ، ونجى الله القسم الثالث من المسخ إلى القردة والخنازير ، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر )
فالواجب علينا أن نعزز هذا الواجب ، وأن نساند من قام به ، ونؤيده معنويا وحسياً.
ومن ذلك أيها المسلمون اجتناب الظلم .
والظلم : هو التعدي على الناس في دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم بغير حق ..يقول الله تعالى : (( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)) (الكهف:59) .
روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) قال ثم قرأ : (( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )) [هود:102] فلا يتجرأ العبد على ظلم العباد وهذا الظلم له صور عديده فمن تلك الصور :
ـ ظلم العمالة وعدم تسليم الرواتب لهم أو تحميلهم ما لا يستطيعون .
ـ ظلم الناس في الغيبة والنميمة والبهتان .
ـ ظلم الناس في أكل أموالهم من رشوة وغصب وغش ونحوها .
ـ ظلم الناس في قطيعة الرحم
ـ ظلم الأولاد وعدم النصح .
ـ ظلم الأزواج لزوجاتهم .
ومن ذلك أيها المسلمون السير في ركب جماعة المسلمين وإمامهم : فعن حذيفة قال : (( كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني : فقلت يا رسول الله : إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ، قلت وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم وفيه دخن ( أي فيه كدر) قلت وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ، قلت فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها ، قلت يارسول الله صفهم لنا قال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، قلت فما تأمرني أن أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )) رواه البخاري وغيره.
أ- انظروا إلى صفات الحالة الأخيرة التي خشي الصحابي الجليل حذيفة أن يدركها:
- دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها
- أن هؤلاء الدعاة إلى الباطل ليسوا يهوداً أو نصارى ولا أعاجم وأنماهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا )
ب- فما المخرج - الرسول أوصى حذيفة : ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم )
ومن ذلك الاستعداد : وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائماً يهيأ أصحابه للأحداث القادمة .. ويسألهم ماذا سيصنع لو حدث كذا .. وماذا سيفعل لو جرى كذا ؟ يقول صلى الله عليه وسلم : ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) رواه مسلم .. ومن نماذج هدي الرسول لتهيأ أصحابه .. ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان : كما عند ابن ماجه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوما فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه يقول ذلك ثلاث مرات .. قال هذا قبل موته صلى الله عليه وسلم وعثمان تولى الخلافة بعد أكثر من فترة طويلة .. ولم تأتي مناسبة هذا الكلام إلا في آخر خلافته رضي الله عنه .. فالرسول صلى الله عليه وسلم يهيأ عثمان نفسياً للحدث الذي يصيبه..ولذا عندما تولى الخلافة أراد المنافقون خلعه ولكنه رفض بناء على توجيه النبي صلى الله عليه وسلم له .
ـ و روى الحاكم في المستدرك عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ..قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك .. قال .. كيف أنت إذا أصاب الناس جوع .. تأتي مسجدك فلا تستطيع أن ترجع إلى فراشك ..وتأتي فراشك فلا تستطيع أن تنهض إلى مسجدك ؟ قلت : الله ورسوله أعلم .. قال :" عليك بالعفة " ثم قال : يا أبا ذر .. قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك ..قال : كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم ..قلت الله ورسوله أعلم .. قال :" تلحق بمن أنت منه أو قال : عليك بمن أنت منه " قلت : أفلا آخذ سيفي فأضعه على عاتقي .. قال : شاركت إذاً .. قلت ..فما تأمرني يا رسول الله ؟..قال الزم بيتك ..قلت: أرأيت إن دخل على بيتي ؟ قال : " فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فالق رداءك على وجهك يبوء بإثمه وإثمك "
والنصوص في هذا كثيرة في حث النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه للاستعداد والتهيؤ لأحداث المستقبل ، وهذا الذي يجب فعله في الأيام القادمة أن نستعد ..وأن نتهيأ لما سيحدث والله المستعان : والاستعداد على قسمين :
أولاً : الإعداد النفسي من خلال :
ـ تهيئة الأسرة نفسياً من الآن تحسباً لأي طارئ يطرأ في المستقبل ..وتحدثيهم بالغزو والجهاد يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق " رواه أبو داود .
ـ التوكل على الله تعالى .. لأن الله تعالى قال : (( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) أي كافيه وناصره .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاًَ ـ أي جائعة ـ وتروح بطانا ـ أي شباعا ) رواه أحمد .
ـ أن يتيقن العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطئه لم يكن ليصيبه ..وأن يستقين الإنسان بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : ) واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف ( رواه الترمذي وصححه
ـ أن يعلم الإنسان أن نصر الله قريب .. وأن الله ينصر من نصره .. وأن هذا الدين منصور ..وما على الأمة إلا أن تطبق وتعمل بأسباب النصر والتمكين التي ذكرها الله في كتابه .. فإذا عملت وطبقت فإن النصر لا محالة قريب .
ـ أن يبشر الإنسان غيره ويتفائل .. خاصة في وقت الأزمات والملمات .. لأن النفوس بأمس الحاجة إلى التفاؤل الذي يدفعها إلى العمل .. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل .. فعندما أراد الأحزاب قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ عليه الصلاة والسلام بحفر الخندق ..وبينا أصحاب رسول الله يحفرون الخندق إذ واجهتم صخرة شقت عليهم .. وكلت أيديهم منها فكلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .. فأخذ رسول الله المعول من سلمان .. فضرب الصخرة ضربة صدعها .. وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها ـ يعني لابتي المدينة ـ حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم .. فكبر رسول الله تكبير فتح .. وكبر المسلمون .. ثم ضربها رسول الله الثانية فصدعها وبرق منها برقة أضاء منها ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم ..فكبر رسول الله تكبير فتح ..وكبر المسلمون ثم ضربها رسول الله الثالثة فكسرها ..وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم ..فكبر رسول الله تكبير فتح .. وكبر المسلمون .. ثم أخذ بيد سلمان فرقي .. فقال سلمان بأبي أنت وأمي يا رسول الله .. لقد رأيت شيئا ما رأيته قط .. فالتفت رسول الله إلى القوم ..فقال : هل رأيتم ما يقول سلمان ؟ قالوا : نعم يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا .. قد رأيناك تضرب فيخرج برق كالموج .. فرأيناك تكبر فنكبر .. ولا نرى شيئا غير ذلك ..قال : صدقتم .. ضربت ضربتي الأولى .. فبرق الذي رأيتم .. أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها .. ثم ضربت ضربتي الثانية .. فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم .. كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ..ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق منها الذي رأيتم ..أضاءت لي منها قصور صنعاء .. كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها .. فابشروا يبلغهم النصر .. وأبشروا يبلغهم النصر.. وابشروا يبلغهم النصر.. فاستبشر المسلمون .. وقالوا : الحمد لله موعد صادق بار وعدنا النصر بعد الحصر .. فطلعت الأحزاب .. فقال المؤمنون : هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ..فهكذا كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الأزمات
ثانياً : الإعداد البدني : ويتم ذلك من خلال :
1 ـ ممارسة المشي والجري وحمل الأمتعة الثقيلة والتقلل من الطعام والشراب ونحو ذلك ..لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير .." رواه مسلم .
2 ـ أن يتعلم الرماية ..لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا " رواه البخاري .
3 - أن يتعلم الإنسان الإسعافات الأولية .
4 ـ أن يعود الإنسان نفسه على ترك ما ألفه من حياة الترف والكماليات ، لقول عمر رضي الله عنه : اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم .
وأخيرا .. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. فإذا غيرنا ما بأنفسنا .. من المعاصي والذنوب .. وانتقلنا إلى فعل الطاعات ..والمسابقات إلى الخيرات ..غير الله علينا .. ما كان فينا من الشقاء ..إلى الخير والهناء .. إنها دعوة صادقة .. من محب لأحبابه .. ومن صديق لأصدقائه .. ومن قريب لأقربائه .. ومن أخ في الله لإخوانه .. أناشدهم فيها إلى المسارعة إلى التغيير .. والمبادرة إلى تحسين الأوضاع .. قبل أن تسكب العبرات .. وترتفع الآهات .. وتحل الأحزان .. وتكثر الأشجان .. ويفرح الأعداء .. ويحزن الأصدقاء .. فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
موقف المسلمين من الحرب ضد العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله : (( بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)) ، نحمده سبحانه . (( لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . (( يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) ،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين ، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم ،صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد . فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله تعالى، وجاهدوا في سبيله نصرة لدينه ، وإعلاءً لكلمته ، وإعانة للمسلمين المضطهدين المقهورين .
معشر المسلمين .
إن الناظرَ في مجريات الأحداث .. والمطلعَ على وقائع الأمور .. والمتابعَ لما يدور في الساحة اليوم .. يجد أن الأمر جلل .. وأن الخطب جسيم.. وقد يؤدي إلى واقع أليم .. فالعدو قد كشر عن أنيابه .. وأظهر ما كان يخفيه من أحقاده .. وقد يتساءل المرء في ظل هذه الظروفِ الصعبة .. والمواقفِ الحرجة .. ماذا يفعل ؟ وهل بمقدوره أن يدفع البلاء..
أم أن الأمر لا يعنيه لامن قريب ولا من بعيد .. أو يكونَ دورُه هو التفرج على مسرح الأحداث ليكون جُلَ همه هو الحديث في المجالس ، أو أن يحيل الأمر إلى غيره .. وينسبَ التقصير إلى من حوله .
أيها المسلم ـ اعلم أن كل واحد منا قادرٌ على أن يعمل شيئا .. وأن يقدم للمسلمين المستضعفين عملا .. وسأذكر باختصار ما يستطيع الإنسان عمله لينفع نفسه وإخوانه المسلمين .
من ذلك أيها المسلمون ـ تحقيق الإيمان والابتعاد عما يبطله أو وينقصه ، قال تعالى عن قوم يونس عليه الصلاة والسلام (( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)) (يونس:98) .
لقد وعد الله تعالى عباده المؤمنين بالنجاة من العذاب ..فقال سبحانه : (( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ )) (يونس:103) والله سبحانه قد تكفل بالمدافعة عن المؤمنين فقال عز وجل : (( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)) (الحج: من الآية38) فهل يغلب قوم يدافع الله عنهم ؟ نسأل الله تحقيق الإيمان ، وصدق الأقوال والأعمال.
ومن ذلك التوبة والاستغفار. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة ، فعلينا بالتوبة النصوح ، وأن نكثر من الاستغفار ، فالاستغفار سبب عظيم في تحصيل الخير ، ودفع العذاب والشر ، قال تعالى : (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)) (لأنفال:33) .
وقال سبحانه : ((وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)) (هود:52)
ومن ذلك أيها المسلمون :
الاستعانة بالصبر والصلاة ، قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (البقرة:153) , وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى " رواه أحمد وغيره ، فالصلاة لها أثر عظيم في طمأنينة القلب ، واستجابة الدعاء فيها .
ومن ذلك الصدقة :
فالصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء " وقد ورد في الحديث ( أكثروا الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا ) رواه ابن ماجه وغيره .
وقال ابن أبي الجعد :إن الصدقة لتدفع سبعين باباً من السوء )
ومن ذلك أيها المسلمون الدعاء :
وقد نجأ الله تعالى أقواماً بسبب دعاءهم . فلولا الدعاء لهلك أقوام .. يقول الله تعالى : (( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ )) [الفرقان :77] أي لولا دعاؤكم إياه ، فالله تعالى يستجيب لمن دعاه مخلصاً ولو كان كافرا كما قال تعالى : (( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)) (العنكبوت:65) .
والله تعالى يبتلي عباده حتى يرجعوا إليه ويدعوه سبحانه (( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ)) (لأعراف:94) ويقول الله تعالى : (( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في وقت الكرب بهذا الدعاء : ( لا إله إلا الله الحليم العظيم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم ) رواه البيهقي ..
فألحوا أيها المسلمون على الله بالدعاء ..وخاصة في وقت الأسحار ..فإن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل ويقول ..هل من داع فاستجيب له ..هل من سائل فأعطيه ..هل من مستغفر فأغفر له . والله تعالى يقول: (( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )) فادعوا أيها المسلمون رجاء أن يهلك الله الظالمين .. وينتقم من النصارى واليهودِ الحاقدين .. ويدمر أعداء الدين وينصر أهل الإسلام المستضعفين
ولقد كان السلف الصالح عليهم رحمة الله يدركون أثر الدعاء .. لما صافَّ قتيبة بن مسلم الترك ، وهاله أمرُهم .. سأل عن محمد بن واسع فقيل : هو ذاك في الميمنة جامع على قوسه ..يشير بأصبعه نحو السماء يدعو ..فقال : تلك الأصبع أحب إليّ من مئة ألف سيف شهير وشاب طرير ..فأكثروا من الدعاء ..ولا تستهينوا به ..وصدق القائل :
سهام الليل لا تخطي ولكن لها أمد وللأمد أنقضاء
ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : لقوله تعالى : (( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)) (هود:117) ولم يقل صالحون .. فهم يدعون الناس إلى الهدى .. وينهون عن الفساد والردى .. فحصل من نفعهم سلامة القرى .. من الهلاك والردى .. ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده ) [صحيح الجامع1970.
والقيام بهذه الشعيرة والإتيان بها سبب للسلامة من العقوبات يقول الله تعالى : (( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)) * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ* فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ)) (لأعراف- 166:163) .
ففي هذه الآيات نبأ عظيم لمن أنار الله بصيرته ..فقد أخبر لله عن سنته الماضية ..وهي أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر .. يقول ابن عباس رضي الله عنهما : قسم الله هذه الأمة ـ أي بني إسرائيل ـ إلى ثلاثة أقسام : قسم : عملوا المنكر ، وهو الصيد في السبت ، وقسم : خذلوا الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، والذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، فلما نزل العذاب أهلك القوم الأولين ، ونجى الله القسم الثالث من المسخ إلى القردة والخنازير ، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر )
فالواجب علينا أن نعزز هذا الواجب ، وأن نساند من قام به ، ونؤيده معنويا وحسياً.
ومن ذلك أيها المسلمون اجتناب الظلم .
والظلم : هو التعدي على الناس في دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم بغير حق ..يقول الله تعالى : (( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)) (الكهف:59) .
روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) قال ثم قرأ : (( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )) [هود:102] فلا يتجرأ العبد على ظلم العباد وهذا الظلم له صور عديده فمن تلك الصور :
ـ ظلم العمالة وعدم تسليم الرواتب لهم أو تحميلهم ما لا يستطيعون .
ـ ظلم الناس في الغيبة والنميمة والبهتان .
ـ ظلم الناس في أكل أموالهم من رشوة وغصب وغش ونحوها .
ـ ظلم الناس في قطيعة الرحم
ـ ظلم الأولاد وعدم النصح .
ـ ظلم الأزواج لزوجاتهم .
ومن ذلك أيها المسلمون السير في ركب جماعة المسلمين وإمامهم : فعن حذيفة قال : (( كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني : فقلت يا رسول الله : إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ، قلت وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم وفيه دخن ( أي فيه كدر) قلت وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ، قلت فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها ، قلت يارسول الله صفهم لنا قال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، قلت فما تأمرني أن أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )) رواه البخاري وغيره.
أ- انظروا إلى صفات الحالة الأخيرة التي خشي الصحابي الجليل حذيفة أن يدركها:
- دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها
- أن هؤلاء الدعاة إلى الباطل ليسوا يهوداً أو نصارى ولا أعاجم وأنماهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا )
ب- فما المخرج - الرسول أوصى حذيفة : ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم )
ومن ذلك الاستعداد : وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائماً يهيأ أصحابه للأحداث القادمة .. ويسألهم ماذا سيصنع لو حدث كذا .. وماذا سيفعل لو جرى كذا ؟ يقول صلى الله عليه وسلم : ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) رواه مسلم .. ومن نماذج هدي الرسول لتهيأ أصحابه .. ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان : كما عند ابن ماجه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوما فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه يقول ذلك ثلاث مرات .. قال هذا قبل موته صلى الله عليه وسلم وعثمان تولى الخلافة بعد أكثر من فترة طويلة .. ولم تأتي مناسبة هذا الكلام إلا في آخر خلافته رضي الله عنه .. فالرسول صلى الله عليه وسلم يهيأ عثمان نفسياً للحدث الذي يصيبه..ولذا عندما تولى الخلافة أراد المنافقون خلعه ولكنه رفض بناء على توجيه النبي صلى الله عليه وسلم له .
ـ و روى الحاكم في المستدرك عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ..قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك .. قال .. كيف أنت إذا أصاب الناس جوع .. تأتي مسجدك فلا تستطيع أن ترجع إلى فراشك ..وتأتي فراشك فلا تستطيع أن تنهض إلى مسجدك ؟ قلت : الله ورسوله أعلم .. قال :" عليك بالعفة " ثم قال : يا أبا ذر .. قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك ..قال : كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم ..قلت الله ورسوله أعلم .. قال :" تلحق بمن أنت منه أو قال : عليك بمن أنت منه " قلت : أفلا آخذ سيفي فأضعه على عاتقي .. قال : شاركت إذاً .. قلت ..فما تأمرني يا رسول الله ؟..قال الزم بيتك ..قلت: أرأيت إن دخل على بيتي ؟ قال : " فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فالق رداءك على وجهك يبوء بإثمه وإثمك "
والنصوص في هذا كثيرة في حث النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه للاستعداد والتهيؤ لأحداث المستقبل ، وهذا الذي يجب فعله في الأيام القادمة أن نستعد ..وأن نتهيأ لما سيحدث والله المستعان : والاستعداد على قسمين :
أولاً : الإعداد النفسي من خلال :
ـ تهيئة الأسرة نفسياً من الآن تحسباً لأي طارئ يطرأ في المستقبل ..وتحدثيهم بالغزو والجهاد يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق " رواه أبو داود .
ـ التوكل على الله تعالى .. لأن الله تعالى قال : (( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) أي كافيه وناصره .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاًَ ـ أي جائعة ـ وتروح بطانا ـ أي شباعا ) رواه أحمد .
ـ أن يتيقن العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطئه لم يكن ليصيبه ..وأن يستقين الإنسان بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : ) واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف ( رواه الترمذي وصححه
ـ أن يعلم الإنسان أن نصر الله قريب .. وأن الله ينصر من نصره .. وأن هذا الدين منصور ..وما على الأمة إلا أن تطبق وتعمل بأسباب النصر والتمكين التي ذكرها الله في كتابه .. فإذا عملت وطبقت فإن النصر لا محالة قريب .
ـ أن يبشر الإنسان غيره ويتفائل .. خاصة في وقت الأزمات والملمات .. لأن النفوس بأمس الحاجة إلى التفاؤل الذي يدفعها إلى العمل .. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل .. فعندما أراد الأحزاب قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ عليه الصلاة والسلام بحفر الخندق ..وبينا أصحاب رسول الله يحفرون الخندق إذ واجهتم صخرة شقت عليهم .. وكلت أيديهم منها فكلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .. فأخذ رسول الله المعول من سلمان .. فضرب الصخرة ضربة صدعها .. وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها ـ يعني لابتي المدينة ـ حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم .. فكبر رسول الله تكبير فتح .. وكبر المسلمون .. ثم ضربها رسول الله الثانية فصدعها وبرق منها برقة أضاء منها ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم ..فكبر رسول الله تكبير فتح ..وكبر المسلمون ثم ضربها رسول الله الثالثة فكسرها ..وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم ..فكبر رسول الله تكبير فتح .. وكبر المسلمون .. ثم أخذ بيد سلمان فرقي .. فقال سلمان بأبي أنت وأمي يا رسول الله .. لقد رأيت شيئا ما رأيته قط .. فالتفت رسول الله إلى القوم ..فقال : هل رأيتم ما يقول سلمان ؟ قالوا : نعم يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا .. قد رأيناك تضرب فيخرج برق كالموج .. فرأيناك تكبر فنكبر .. ولا نرى شيئا غير ذلك ..قال : صدقتم .. ضربت ضربتي الأولى .. فبرق الذي رأيتم .. أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها .. ثم ضربت ضربتي الثانية .. فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم .. كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ..ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق منها الذي رأيتم ..أضاءت لي منها قصور صنعاء .. كأنها أنياب الكلاب .. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها .. فابشروا يبلغهم النصر .. وأبشروا يبلغهم النصر.. وابشروا يبلغهم النصر.. فاستبشر المسلمون .. وقالوا : الحمد لله موعد صادق بار وعدنا النصر بعد الحصر .. فطلعت الأحزاب .. فقال المؤمنون : هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ..فهكذا كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الأزمات
ثانياً : الإعداد البدني : ويتم ذلك من خلال :
1 ـ ممارسة المشي والجري وحمل الأمتعة الثقيلة والتقلل من الطعام والشراب ونحو ذلك ..لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير .." رواه مسلم .
2 ـ أن يتعلم الرماية ..لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا " رواه البخاري .
3 - أن يتعلم الإنسان الإسعافات الأولية .
4 ـ أن يعود الإنسان نفسه على ترك ما ألفه من حياة الترف والكماليات ، لقول عمر رضي الله عنه : اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم .
وأخيرا .. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. فإذا غيرنا ما بأنفسنا .. من المعاصي والذنوب .. وانتقلنا إلى فعل الطاعات ..والمسابقات إلى الخيرات ..غير الله علينا .. ما كان فينا من الشقاء ..إلى الخير والهناء .. إنها دعوة صادقة .. من محب لأحبابه .. ومن صديق لأصدقائه .. ومن قريب لأقربائه .. ومن أخ في الله لإخوانه .. أناشدهم فيها إلى المسارعة إلى التغيير .. والمبادرة إلى تحسين الأوضاع .. قبل أن تسكب العبرات .. وترتفع الآهات .. وتحل الأحزان .. وتكثر الأشجان .. ويفرح الأعداء .. ويحزن الأصدقاء .. فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى