عبد الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
السؤال : أنا شاب خاطب ومقبل على الزواج وسمعت أن للزوجة عند
العقد أن تشترط شرطاً في العقد . وسؤالي : ما حدود هذا الشرط ؟ وماذا يحدث إذا حدث
إخلال بهذا الشرط ؟ وهل من الممكن أن تعطي الزوجة نفسها الحق في الطلاق إذا أخليت
بهذا الشرط ؟ وهل من الممكن أن يكون الشرط مثلاً ألا أتزوج عليها ؟ وفي حالة زواجي
تكون هي طالق مني .. أرجو الإفادة بالشرح المفصل لهذا الأمر وجزاكم الله خيراً .
السؤال : أنا شاب خاطب ومقبل على الزواج وسمعت أن للزوجة عند
العقد أن تشترط شرطاً في العقد . وسؤالي : ما حدود هذا الشرط ؟ وماذا يحدث إذا حدث
إخلال بهذا الشرط ؟ وهل من الممكن أن تعطي الزوجة نفسها الحق في الطلاق إذا أخليت
بهذا الشرط ؟ وهل من الممكن أن يكون الشرط مثلاً ألا أتزوج عليها ؟ وفي حالة زواجي
تكون هي طالق مني .. أرجو الإفادة بالشرح المفصل لهذا الأمر وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
الأصل فيما يشترطه الزوجان في عقد النكاح
أنه شرط صحيح يجب الوفاء به ، ولا يجوز الإخلال به ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم
: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ)
رواه البخاري (2721) ومسلم (1418) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الأصل في الشروط في العقود : الصحة ،
حتى يقوم دليل على المنع ، والدليل على هذا عموم الأدلة على الوفاء بالعقد : (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1 ، (وَأَوْفُوا
بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) الإسراء/34 ، وكذلك الحديث الذي روي
عن الرسول صلى الله عليه وسلم : (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلَّا
شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) ، وكذلك
قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ
فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ) رواه البخاري (2155) ومسلم
(1504) .
فالحاصل : أن الأصل في الشروط : الحل
والصحة ، سواء في النكاح ، أو في البيع ، أو في الإجارة ، أو في الرهن ، أو في
الوقف . وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة أنه يجب الوفاء بها ، لعموم
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1"
انتهى .
"الشرح الممتع" (5/241) من الطبعة
المصرية .
وانظر أمثلة ذلك في جواب السؤال رقم :
(20757) ، (10343) .
أما اشتراط المرأة ألا يتزوج عليها :
فالذي ذهب إليه المحققون من أهل العلم جواز هذا الشرط ، فإذا أخل به الزوج كان
للزوجة الحق في فسخ النكاح ، وأخذ حقوقها كاملة .
قال ابن قدامة رحمه الله : إذا اشترط
لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها أو لا يتزوج عليها فهذا يلزمه
الوفاء به ، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح ، روى هذا عن عمر وسعد بن أبي وقاص وعمرو
بن العاص رضي الله عنهم" انتهى باختصار .
"المغني" (9/483) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"إذا اشترطت أن لا يتزوج عليها فإن هذا
يجوز . وقال بعض العلماء : إنه لا يجوز ؛ لأنه حجر على الزوج فيما أباح الله له ،
فهو مخالف للقرآن : (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ
وَرُبَاعَ) النساء/3 ، فيقال في الجواب على ذلك : هي لها غرض في عدم زواجه ، ولم
تعتد على أحد ، والزوج هو الذي أسقط حقه ، فإذا كان له الحق في أن يتزوج أكثر من
واحدة أسقطه ، فما المانع من صحة هذا الشرط ؟!
ولهذا ؛ فالصحيح في هذه المسألة ما ذهب
إليه الإمام أحمد رحمه الله من أن ذلك الشرط صحيح" انتهى .
"الشرح الممتع" (5/243) .
وينبغي أن يُعلم أن الزوج إذا أخل بهذا
الشرط لم تطلق زوجته بمجرد ذلك ، بل يثبت لها الحق في فسخ النكاح ، فإما أن تفسخ
وإما أن تتنازل عن الشرط وترضى بما فعل الزوج ، وتبقى زوجة له .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"من الشروط الصحيحة في النكاح : إذا شرطت
عليه أن لا يتسرى ، أو لا يتزوج عليها ، فإن وفّى ، وإلا فلها الفسخ ؛ لحديث :
(أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) وكذا
لو شرطت أن لا يفرق بينها وبين أولادها أو أبويها ؛ صح هذا الشرط ، فإن خالفه ؛
فلها الفسخ . ولو اشترطت زيادة في مهرها ، أو كونه من نقد معين ؛ صح الشرط ، وكان
لازما ، ويجب عليه الوفاء به ، ولها الفسخ بعدمه ، وخيارها في ذلك على التراخي ،
فتفسخ متى شاءت ؛ ما لم يوجد منها ما يدل على رضاها مع علمها بمخالفته لما شرطته
عليه ؛ فحينئذ يسقط خيارها .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للذي قضى
عليه بلزوم ما شرطته عليه زوجته فقال الرجل إذاً يطلقننا . فقال عمر : مقاطع
الحقوق عند الشروط . ولحديث : (الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطهمْ) قال العلامة ابن
القيم : "يجب الوفاء بهذه الشروط التي هي أحق أن يوفيها ، وهو مقتضى الشرع والعقل
والقياس الصحيح ؛ فإن المرأة لم ترض ببذل بضعها للزوج إلا على هذا الشرط ، ولو لم
يجب الوفاء به ؛ لم يكن العقد عن تراض ، وكان إلزاماً بما لم يلزمها الله به
ورسوله" انتهى .
"الملخص الفقهي" (2/345 ، 346) .
والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى