عبد الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
تقدمت لخطبة فتاة متدينة جدا وليست جميلة ، وأرغب بزوجة أجمل
، فما الصواب ؟.
تقدمت لخطبة فتاة متدينة جدا وليست جميلة ، وأرغب بزوجة أجمل
، فما الصواب ؟.
الحمد لله
من المقاصد العظيمة التي شرع الزواج لأجلها ، تحقيق العفة ، وإحصان النفس ، وقصر
الطرف عن الحرام ، ولتحقيق ذلك جاءت الشريعة بالحث على النظر إلى المخطوبة قبل
الزواج بها ، ليكون أدعى لتحقيق المودة والألفة والمحبة بينهما ، فتنشأ أسرة سعيدة
، أساسها المحبة والمودة والاحترام ، فلا تطمع نفس أحد الزوجين إلى غير ما أحل الله
له ، ولهذا كان الجمال واحدا من الصفات التي يستحب الحرص عليها والالتفات إليها .
جاء في "شرح منتهى الإرادات" من كتب الحنابلة (2/621) :
" ويسن أيضا تَخَيُّرُ الجميلة ، لأنه أسكن لنفسه ، وأغض لبصره ، وأكمل لمودته ؛
ولذلك شرع النظر قبل النكاح .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ
النِّسَاءِ خَيرٌ ؟ قال : التِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِليهَا ، وَتُطِيعُهُ
إِذَا أَمَر ، وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفسِهَا وَلا فِي مَالِهِ بِمَا يَكرَهُ )
رواه أحمد (2/251) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1838) " انتهى .
وقد استحب بعض أهل العلم إذا أراد الرجل خطبة الفتاة أن يبدأ بالسؤال عن جمالها
أولا ، ثم يسأل عن الدين ، وذلك لما عُلِمَ من رغبة الناس بالجمال في المقام الأول
.
يقول الإمام البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (2/621) :
" ولا يسأل عن دينها حتى يُحمد له جمالها ، قال أحمد : إذا خطب رجل امرأة سأل عن
جمالها أولا ، فإن حُمد سأل عن دينها ، فإن حمد تزوج ، وإن لم يحمد يكون ردها لأجل
الدين ، ولا يسأل أولا عن الدين ، فإن حُمد سأل عن الجمال ، فان لم يحمد ردَّها
للجمال لا للدين " انتهى .
وإنما المذموم أن يسعى المرء في طلب الجمال ، وينسى الخلق والدين - وهما أساس
السعادة والصلاح - ، ولما كان هذا حال أكثر الناس ، جاء الحديث الشريف يحثهم على
الظفر بذات الدين والخلق ، ليوقف اندفاع الناس إلى المظهر ، وغفلتهم عن الحقيقة
والمخبر .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ،
وَلِدِينِهَا ، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ )
رواه البخاري (4802) ومسلم (1466)
قال النووي في "شرح مسلم" (10/52) :
" الصحيح في معنى هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله
الناس في العادة ، فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع ، وآخرها عندهم ذات الدين ،
فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين " انتهى .
وليس القول باستحباب قصد الجمال في المخطوبة يعني اشتراط الجمال الفائق ، فيضع
الشاب في مخيلته صورة فتاة من أجمل نساء الدنيا ، ويقطع العمر بحثا عن تلك الصورة
التي يريد ، والغالب أنه لا يجدها ، وإن وجدها فقد تكون ضعيفة الدين والخلق .
بل المراد من الجمال هو الجمال الذي يعف المرء به نفسه عن الحرام ، ويقصر به
نظره عن غيرها من النساء ، ومقياسه يختلف في كل شخص بحسبه ، والفصل فيه يرجع إلى
رأي المتقدم للخطبة .
فالنصيحة لك - أخي السائل – أن لا تقدم على خطبة فتاة ، إلا إذا كنت تعلم أنها
على المستوى الذي يكفيك من الجمال والقبول ، حتى لا تكون المسالة مجرد حماس في أول
الأمر ، ثم تفتر نفسك ، أو تبدأ في التطلع إلى وضع جديد ، وهنا يبدأ مشوار عسير من
المشكلات في الحياة الزوجية .
ومع كل ذلك ، فليكن مقياس الدين حاكما على كل ما سواه .
وبهذه النظرة المتوازنة ، والتفكير المتزن ، تقوم الحياة الزوجية السعيدة ، إن
شاء الله تعالى .
أسأل الله أن يوفقك ويكتب لك الخير .
وانظر جواب السؤال رقم (8391) و (21510)
والله أعلم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى