عبد الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
عندنا في بلادنا يوجد سيدات يكتبن عقود الزواج يعملن عدول
إشهاد ، وبهذه الصفة يكتبن عقود الزواج فأنا أعرف أنه من شروط الشهود والولي أن
يكونوا ذكوراً .
هل يجوز للمرأة أن تكتب عقد الزواج ؟.
عندنا في بلادنا يوجد سيدات يكتبن عقود الزواج يعملن عدول
إشهاد ، وبهذه الصفة يكتبن عقود الزواج فأنا أعرف أنه من شروط الشهود والولي أن
يكونوا ذكوراً .
هل يجوز للمرأة أن تكتب عقد الزواج ؟.
الحمد لله
يطلق على من يكتب عقود الزواج : " المأذون " و " مأذون الأنكحة " و " مملِّك " و
" عاقد النكاح " .
وهو من يُجري عقد النكاح على الترتيب الشرعي من حيث الأركان والشروط والواجبات
ويوثقه في وثيقة تسمى " عقد النكاح " .
ومن أعماله : التأكد من رضى المخطوبة وموافقتها على النّكاح ، باستئمار المرأة
الثّيّب واستئذان البكر ، ومعرفة شروط الطرفين ، والتأكد من عدم وجود موانع للزواج
.
ومن أعماله : التأكد من الولي إن كان موافقاً للشرع أم لا ، والتأكد من هوية
الشهود وتوثيق شهادتهم .
ومن أعماله : توثيق تسمية الصّداق ومعرفة مقداره ، وهل استلمته الزوجة أو ليها
أم لا ، وهل بقي منه شيء مؤجلاً أم كله قد عُجِّل .
وتعدُّ " المأذونية " فرعا من فروع القضاء ، بل هو نائب عن القاضي الشرعي ، ولذا
لزم أن يكون المأذون الشرعي متصفاً في شخصه ببعض الصفات المشترطة في القاضي , ومن
أعظمها أن يكون مسلماً ، ذكراً ، بالغاً ، عاقلاً ، رشيداً .
ويجوز للمرأة أن تمهِّد لعقد الزواج من حيث الصداق ورضا الطرفين ، وأما أن تباشر
عقد الزواج فلا يجوز لها ذلك ، وفي ذلك أثر عن عائشة رضي الله عنها :
عن ابن جريج قال : كانت عائشة إذا أرادت نكاح امرأة من نسائها ، دعت رهطا من
أهلها ، فتشهدت ، حتى إذا لم يبق إلا النكاح قالت : يا فلان ! أنكح فإن النساء لا
يُنْكِحن . " مصنف عبد الرزاق " ( 6 / 201 ) ، وصححه الحافظ ابن حجر في " فتح
الباري " ( 9 / 186 ) .
وعن عائشة قالت : كان الفتى من بني أختها إذا هويَ الفتاة من بني أخيها ، ضربت
بينهما ستراً وتكلمت ، فإذا لم يبق إلا النكاح قالت : يا فلان ! أنكح ، فإن النساء
لا ينكحن .
" مصنف ابن أبي شيبة " ( 3 / 276 ) .
وقد ورد عن عائشة – أيضاً – ما يوهم جواز تولي المرأة عقد الزواج ، وقد استدل به
الحنفية على عدم اشتراط الولي في النكاح :
عَنْ الْقَاسِمِ بنِ محمَّد أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُنْذِرَ بْنَ
الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ غَائِبٌ بِالشَّامِ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ قَالَ : وَمِثْلِي يُصْنَعُ هَذَا بِهِ ؟ وَمِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ
؟ فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ :
فَإِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : مَا
كُنْتُ لأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِهِ ، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاقًا .
رواه مالك ( 1182 ) وإسناده صحيح .
وما فهموه من الأثر خطأ ؛ ومعنى الأثر موافق لما ذكرناه عن عائشة رضي الله عنها
من قبل.
قال الإمام أبو الوليد الباجي – رحمه الله - :
قوله : ( إن عائشة زوَّجت حفصة ... ) يحتمل أمرين :
أحدهما : أنها باشرت عقدة النكاح ، ورواه ابن مُزَّين عن عيسى بن دينار ، قال :
وليس عليه العمل - يريد : عمل أهل المدينة حين كان بها عيسى - ; لأن مالكا وفقهاء
المدينة لا يجوزون نكاحا عقدته امرأة ، ويفسخ قبل البناء وبعده على كل حال .
والوجه الثاني : أنها قدَّرت المهر وأحوال النكاح , وتولَّى العقدَ أحدٌ من
عصَبتها ، ونسب العقد إلى عائشة لما كان تقريره إليها , وقد روي عن عائشة أنها كانت
تقرر أمر النكاح ثم تقول : " اعقدوا ؛ فإن النساء لا يعقدن النكاح " ، وهذا هو
المعروف من أقوال الصحابة أن المرأة لا يصح أن تعقد نكاحا لنفسها ولا لامرأة غيرها
.
" المنتقى شرح الموطأ " ( 3 / 251 ) .
وقال ابن عبد البر – رحمه الله - :
قوله في حديث هذا الباب " أن عائشة زوجت حفصة بنت عبد الرحمن أخيها من المنذر بن
الزبير " ليس على ظاهره ، ولم يرد بقوله " زوجت حفصة " - والله أعلم - إلا الخطبة
والكناية في الصداق والرضا ونحو ذلك دون العقد ، بدليل الحديث المأثور عنها أنها
كانت إذا حكمت أمر الخطبة والصداق والرضا قالت : " أنكحوا واعقدوا ؛ فإن النساء لا
يعقدن " ...
قال : قد احتج الكوفيون بحديث مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة المذكور في
هذا الباب في جواز عقد المرأة للنكاح !
ولا حجة فيه لما ذكرنا من حديث ابن جريج ؛ ولأن عائشة آخر الذين رووا عن النبي
عليه السلام ( لا نكاح إلا بولي ) ، والولي المطلق يقتضي العصبة لا النساء .
" الاستذكار " ( 6 / 32 ) باختصار .
والخلاصة : أنه يجوز للمرأة أن تمهِّد لعقد الزواج ، ولا يجوز لها أن تباشر
التزويج بنفسها ؛ لأن هذا من فعل القاضي ومن ينوب عنه ، ومن شروطهما الذكورة .
وإذا تمَّ العقد الشرعي برضا الطرفين وموافقة الولي ، وتولت المرأة توثيق عقد
النكاح ؛ كأن تكون موظفة في محكمة ، أو دائرة شرعية ، أو ما يشبه ذلك ، من أعمال
المأذونية ، فلا يظهر المنع ؛ لأن العقد قد تمَّ وليس لها إلا توثيق ذلك على الورق
.
أما تكون هي شاهدةً على عقد النكاح ، أو يكون المرجع في تقويم الشهود إليها ، أو
أن تكون هي التي تلي عقد النكاح ، دون الولي ، فلا يجوز .
والله أعلم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى