لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون Empty كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون {الأحد 29 مايو - 22:48}


فَصْل ( فِيمَا يَقُولُ مَنْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ ) .
مَنْ
غَلَطَ فَتَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ : " أُنْسِيتُ ذَلِكَ "
أَوْ أَسْقَطَهُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ .
وَفِيهِمَا
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا : { بِئْسَمَا
لِأَحَدِكُمْ } وَلِلْبُخَارِيِّ { لِأَحَدِهِمْ يَقُول : نَسِيتُ آيَةَ
كَيْتَ وَكَيْتَ ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَهُوَ
أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ } .
وَلِمُسْلِمٍ
{ لَا يَقُولُ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ ، بَلْ هُوَ
نُسِّيَ } نُسِّيَ : بِتَشْدِيدِ السِّينِ ، وَقِيلَ : وَتَخْفِيفِهَا .
قَالَ
فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : إنَّمَا نَهَى عَنْ نَسِيتُهَا ، وَهُوَ كَرَاهَةُ
تَنْزِيهٍ ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ التَّسَاهُلَ فِيهَا وَالتَّغَافُلَ
عَنْهَا ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا } .
وَقَالَ
الْقَاضِي عِيَاضٌ : أَوْلَى مَا يَتَأَوَّلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ أَنَّ
مَعْنَاهُ ذَمُّ الْحَالِ لَا ذَمُّ الْقَوْلِ ، أَيْ بِئْسَ الْحَالَةُ
حَالَةَ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ فَغَفَلَ عَنْهُ حَتَّى نَسِيَهُ .
وَلِمُسْلِمٍ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرْفُوعًا فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ { : فَإِذَا قَامَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ
فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ذَكَرَهُ ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ
نَسِيَهُ } .
فَصْلٌ ( فِي تَطَيُّبِ الْمُصْحَفِ وَكُرْسِيِّهِ وَكِيسِهِ ) .
لَا
يُكْرَهُ تَطَيُّبُ الْمُصْحَفِ وَلَا جَعْلُهُ عَلَى كُرْسِيٍّ أَوْ
كِيسٍ حَرِيرٍ نَصَّ عَلَيْهِ ، بَلْ يُبَاحُ ذَلِكَ وَتَرْكُهُ
بِالْأَرْضِ وَعَلَّلَهُ الْآمِدِيُّ فَقَالَ : إنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْ
يَسِيرِهِ ، وَفِي ذَلِكَ تَعْظِيمٌ لَهُ كَلُبْسِهِ فِي الْحَرْب
وَتُكْرَهُ تَحْلِيَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ
وَابْنُ حَمْدَانَ ، وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ ، وَقِيلَ : يَحْرُمُ
كَبَقِيَّةِ الْكُتُبِ ، وَقِيلَ : يُبَاحُ عَلَاقَتُهُ لِلنِّسَاءِ دُونَ
الرِّجَالِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا جَمِيعَهُ لَمْ تَرِدْ
بِهِ السُّنَّةُ وَلَا نُقِلَ عَنْ السَّلَفِ فِيهِ شَيْءٌ مَعَ مَا فِيهِ
مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ .
فَصْلٌ ( فِي الْعُطَاسِ وَالتَّثَاؤُبِ
وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إذَا حَمِدَ اللَّهَ ) تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ
وَجَوَابُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ .
قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْن
حَمْدَانَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ ، وَقِيلَ : بَلْ
هُمَا سُنَّةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ قِيلَ : بَلْ
وَاجِبَانِ ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَيُسَنُّ أَنْ يُغَطِّيَ
الْعَاطِسُ وَجْهَهُ وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَسْمَعُ
جَلِيسُهُ لِيُشَمِّتَهُ ، وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَحْمَدَ فِي
رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَأَحْمَدَ بْنِ أَصْرَمَ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ :
وَيَبْعُدُ مِنْ النَّاسِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
الْبَغْدَادِيُّ غَرِيبٌ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ : وَلَا
يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا انْتَهَى كَلَامُهُ وَيَحْمَدُ
اللَّهَ جَهْرًا .
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْحَدِيثِ
السَّابِعِ مِنْ إفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ
الرَّازِيّ : مِنْ الْأَطِبَّاءِ : الْعُطَاسُ لَا يَكُونُ أَوَّلَ مَرَضٍ
أَبَدًا إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ زُكْمَةٌ قَالَ ابْن هُبَيْرَةَ :
فَإِذَا عَطَسَ الْإِنْسَانُ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى
صِحَّةِ بَدَنِهِ وَجَوْدَةِ هَضْمِهِ وَاسْتِقَامَةِ قُوَّتِهِ
فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ ، وَلِذَلِكَ أَمَرَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ .
وَكَذَلِكَ
الطَّنِينُ فِي الْأُذُنِ فَإِنَّهُ مِنْ حَاسَّةِ السَّمْعِ فَإِذَا
طَنَّتْ أُذُنُ الْإِنْسَانِ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى مُثْنِيًا عَلَيْهِ
بِمَا أَرَاهُ مِنْ دَلِيلِ حُسْنِ صَنْعَتِهِ فِيهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ
هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَبْدَانِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّ هَذَا
الطَّنِينَ لَا يَعْرِضُ لِمَنْ قَدْ فَسَدَ سَمْعُهُ كَذَلِكَ لَا
يَعْرِضُ لِلشُّيُوخِ إلَّا نَادِرًا انْتَهَى كَلَامُهُ .
قَالَ
الْأَطِبَّاءُ : الدَّوِيُّ وَالطَّنِينُ فِي الْأُذُنِ قَدْ يَكُونُ مِنْ
حَاسَّةِ السَّمْعِ وَلَا خَطَرَ فِيهِ ، وَيَكُونُ مِنْ أَرْيَاحٍ
غَلِيظَةٍ مُحْتَبِسَةٍ فِي الدِّمَاغِ أَوْ كَيْمُوسَاتٍ غَلِيظَةٍ فِيهِ
، وَعِلَاجُهُ إسْهَالُ الْبَطْنِ بِالْإِيرَاحَاتِ الْكِبَارِ وَكَبِّ
الْأُذُنِ عَلَى بُخَارِ الرَّيَاحِينِ اللَّطِيفَةِ وَهَجْرِ
الْأَطْعِمَةِ الْغَلِيظَةِ الَّتِي تَمْلَأُ الرَّأْسَ مِثْلَ الْفُومِ
وَالْكُرَّاتِ وَالْجَوْزِ ، وَيُقَطِّرُ فِي الْأُذُنِ دُهْنَ اللَّوْزِ
الْمُرِّ وَيَكُونُ الْغِذَاءُ اسفيدناجات أَوْ مَاءَ الْحِمَّصِ انْتَهَى
كَلَامُهُمْ .
وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ : { وَإِذَا طَنَّتْ
أُذُنُهُ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلْيَقُلْ ذَكَرَ اللَّهُ مَنْ ذَكَرَنِي بِخَيْرٍ } ؛ لِأَنَّهُ
مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى
كَلَامُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْمَلُ هَذَا ، وَهَذَا
الْخَبَرُ مَوْضُوعٌ أَوْ ضَعِيفٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ هَذَا
وَلَا الَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ شَرْعًا ،
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ
وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ } ؛ لِأَنَّ الْعُطَاسَ يَدُلّ عَلَى خِفَّةِ
بَدَنٍ وَنَشَاطٍ وَالتَّثَاؤُبَ غَالِبًا لِثِقَلِ الْبَدَنِ
وَامْتِلَائِهِ وَاسْتِرْخَائِهِ فَيَمِيلُ إلَى الْكَسَلِ فَأَضَافَهُ
إلَى الشَّيْطَانِ ؛ لِأَنَّهُ يُرْضِيهِ أَوْ مِنْ تَسَبُّبِهِ
لِدُعَائِهِ إلَى الشَّهَوَاتِ وَيَقُولُ مَنْ سَمِعَ الْعَاطِسَ لَهُ
يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ وَيَقُول هُوَ :
يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ ، وَفِي
الرِّعَايَةِ وَزَادُوا { وَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ }
أَوْ يَقُول : يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ ، وَقِيلَ : بَلْ يَقُولُ
: مِثْلَ مَا قِيلَ : لَهُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا عَطَسَ فَقِيلَ :
لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ : يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ ،
وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ رَوَاهُ مَالِكٌ .
قَالَ أَحْمَدُ
فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ : التَّشْمِيتُ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ
وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ، وَهَذَا مَعْنَى مَا نَقَلَ غَيْرُهُ وَقَالَ فِي
رِوَايَةِ حَرْبٍ : هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ .
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ يَرُدُّ عَلَيْهِ
الْعَاطِسُ وَإِنْ كَانَ الْمُشَمِّتُ كَافِرًا فَيَقُولُ : آمِينَ
يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَإِنْ قَالَ الْمُشَمِّتُ
الْمُسْلِمُ : يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ فَحَسَنٌ ، وَالْأَوَّلُ
أَفْضَلُ ، وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ إلَّا قَوْلَهُ : وَإِنْ كَانَ
الْمُشَمِّتُ كَافِرًا .
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفْظَانِ ( أَحَدُهُمَا ) : يَهْدِيكُمْ اللَّهُ .
( وَالثَّانِي ) : يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ .
كَذَا
قَالَ : وَصَوَابُهُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ
الدِّينِ قَالَ الْقَاضِي : وَيَخْتَارُ أَصْحَابُنَا يَهْدِيكُمْ اللَّهُ
؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ يُدِيمُ اللَّهُ هُدَاكُمْ ، وَاخْتَارَ بَعْضُ
الْعُلَمَاءِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَقَالَ مَالِكٌ
وَالشَّافِعِيُّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ
وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ
تَشْمِيتُ الْكَافِرِ فَإِنْ شَمَّتَهُ أَجَابَهُ بِآمِينَ يَهْدِيكُمْ
اللَّهُ فَإِنَّهَا دَعْوَةٌ تَصْلُحُ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ، وَقَدْ
قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ { كَانَتْ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ
عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ
يَقُولَ لَهُمْ : رَحِمَكُمْ اللَّهُ ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ
يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ } رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ
عَنْ وَكِيعٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ
دَيْلَمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَحَكِيمٍ
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ : شَيْخٌ صَدُوقٌ
وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحٌ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ .
قَالَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا
يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ فِي كِتَابِ
الْأَدَبِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادَةَ قَالَ : قُلْتُ : يَا أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ لَوْ عَطَسَ يَهُودِيٌّ قُلْتُ لَهُ : يَهْدِيكُمْ اللَّهُ
وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ قُلْتُ : أَيُّ شَيْءٍ يُقَالُ لِلْيَهُودِيِّ ؟
كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ قَالَ الْقَاضِي : ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ
أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِبَّ تَشْمِيتَهُ ؛ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ تَحِيَّةٌ
لَهُ فَهُوَ كَالسَّلَامِ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالسَّلَامِ
كَذَلِكَ التَّشْمِيتُ .
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ
بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
قَالَ : { إنَّ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّ خِصَالٍ إنْ تَرَكَ
مِنْهُنَّ شَيْئًا تَرَكَ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ ، إذَا دَعَاهُ أَنْ
يُجِيبَهُ وَإِذَا مَرِضَ أَنْ يَعُودَهُ ، وَإِذَا مَاتَ أَنْ يَحْضُرَهُ
، وَإِذَا لَقِيَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَهُ أَنْ
يَنْصَحَهُ ، وَإِذَا عَطَسَ أَنْ يُشَمِّتَهُ أَوْ يُسَمِّتَهُ }
فَلَمَّا خَصَّ الْمُسْلِمَ بِذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ
بِخِلَافِهِ ، وَهُوَ فِي السُّنَنِ إلَّا قَوْلَهُ " حَقًّا وَاجِبًا
عَلَيْهِ " ،
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون {الأحد 29 مايو - 22:48}


وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ { حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ } وَذَكَرَهُ
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : التَّخْصِيصُ بِالْوُجُوبِ أَوْ
الِاسْتِحْبَابِ إنَّمَا يَنْفِي ذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ كَمَا
ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي النَّصِيحَةِ ، وَإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ لَا
تَنْفِي جَوَازَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْبَابٍ
وَلَا كَرَاهَةٍ كَإِجَابَةِ دَعَوْتِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُكْرَهُ ، وَكَلَامُ ابْنِ
عَقِيلٍ إنَّمَا نَفَى الِاسْتِحْبَابَ ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ
تَعَاطُسِ الْيَهُودِ عِنْدَ النَّبِيِّ وَكَانَ يُجِيبُهُمْ
بِالْهِدَايَةِ ، وَإِذَا كَانَ فِي التَّهْنِئَةِ وَالتَّعْزِيَةِ
وَالْعِيَادَةِ رَاوِيَتَانِ فَالتَّشْمِيتُ كَذَلِكَ انْتَهَى كَلَامهُ .
فَظَهَرَ فِي تَشْمِيتِ الْكَافِرِ أَقْوَالٌ : الْجَوَازُ ، وَالْكَرَاهَةُ ، وَالتَّحْرِيمُ .
وَالتَّشْمِيتُ
بِالشِّينِ وَالسِّينِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا
وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ
وَالْمُعْجَمَةُ أَفْصَحُ قَالَ ثَعْلَبُ : مَعْنَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ
أَبْعَدَكَ اللَّهُ عَنْ الشَّمَاتَةِ .
وَبِالْمُهْمَلَةِ هُوَ
السَّمْتُ وَهُوَ الْقَصْدُ وَالْهُدَى قَالَ اللَّيْثُ : التَّشْمِيتُ
ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْهُ قَوْلُكَ لِلْعَاطِسِ
يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ : تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ
مَعْنَاهُ هَدَاكَ اللَّهُ إلَى السَّمْتِ وَذَلِكَ لِمَا فِي الْعَاطِسِ
مِنْ الِانْزِعَاجِ وَالْقَلَقِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الشِّينُ
الْمُعْجَمَةُ عَلَى اللُّغَتَيْنِ .
وَقَالَ ثَعْلَبٌ أَيْضًا :
يُقَالُ سَمَّتْ الْعَاطِسَ وَشَمَّتَهُ إذَا دَعَوْتَ لَهُ بِالْهُدَى
وَقَصْدِ السَّمْتِ وَالْمُسْتَقِيمِ قَالَ : وَالْأَصْلُ فِيهِ السِّينُ
الْمُهْمَلَةُ فَقُلِبَتْ شِينًا مُعْجَمَةً وَقَالَ ابْنُ
الْأَنْبَارِيِّ يُقَالُ : شَمَّتَهُ وَسَمَتَ عَلَيْهِ إذَا دَعَوْتُ
لَهُ بِخَيْرٍ ، وَكُلُّ دَاعٍ بِالْخَيْرِ فَهُوَ مُشَمِّتٌ وَمُسَمِّتٌ .
وَقَالَ
ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ : التَّشْمِيتُ بِالشِّينِ وَالسِّينِ
الدُّعَاءُ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالْمُعْجَمَةُ أَعْلَاهَا يُقَال
: شَمَّتَ فُلَانًا وَشَمَّتَ عَلَيْهِ تَشْمِيتًا فَهُوَ مُشَمِّتٌ
وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الشَّوَامِتِ ، وَهِيَ الْقَوَائِمُ كَأَنَّهُ دَعَا
لِلْعَاطِسِ بِالثَّبَاتِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقِيلَ :
مَعْنَاهُ أَبْعَدَكَ اللَّهُ عَنْ الشَّمَاتَةِ وَجَنَّبَكَ مَا
يُشَمَّتُ بِهِ عَلَيْكَ .
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ : قَالَ ثَعْلَبٌ :
الِاخْتِيَارُ بِالسِّينِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ السَّمْتِ وَهُوَ
الْقَصْدُ وَالْحُجَّةُ .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الشِّينُ أَعْلَى فِي
كَلَامِهِمْ وَأَكْثَرُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : : كُلُّ دَاعٍ لِأَحَدٍ
بِخَيْرٍ فَهُوَ مُشَمِّتٌ وَمُسَمِّتٌ وَالشَّوَامِتُ قَوَائِمُ
الدَّابَّةِ وَهُوَ اسْمٌ لَهَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو يُقَالُ : لَا تَرَكَ
اللَّهُ لَهُ شَامِتَةً أَيْ : قَائِمَةً .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ
مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّ فِيهِ كَلَامًا ، وَلَعَلَّهُ حَسَّنَ
الْحَدِيثَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا { إذَا عَطَسَ
أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلْيَرُدَّ عَلَيْهِ مَنْ
حَوْلَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، وَلْيَرُدَّ عَلَيْهِمْ يَهْدِيكُمْ
اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ } وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ مِنْ
حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعِنْدَهُ { فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ } .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ .
وَرَوَاهُ
النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ
وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا { إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ حَمِدَ
اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَلَا تُشَمِّتُوهُ
} .
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَكَرَاهَةُ تَشْمِيتِ مَنْ لَمْ
يَحْمَدْ اللَّهَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا عِنْدَ
مَالِكٍ وَقَالَ إنْ شَمَّتَهُ غَيْرُهُ فَلْيُشَمِّتْهُ وَيَتَوَجَّهُ
احْتِمَالُ تَشْمِيتِ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَإِنْ لَمْ
يَسْمَعْهُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ لَكِنْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ { فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ
عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ } .
قَالَ
فِي الْغُنْيَةِ وَرُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ الْعَبْدَ إذَا قَالَ : الْحَمْدُ
لِلَّهِ قَالَ الْمَلَكُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ :
رَبِّ الْعَالَمِينَ بَعْدَ الْحَمْدُ قَالَ الْمَلَكُ : يَرْحَمُكَ
اللَّهُ رَبُّكَ } فَيَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ
ذِكْرَهُ عَلَى الْآدَمِيِّ ، وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ
وَالْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ فِي الْمُخْتَارِ مِنْ طَرِيقِهِ مِنْ
حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَنِيّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إذَا عَطَسَ
أَحَدُكُمْ
فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ : رَبِّ
الْعَالَمِينَ ، فَإِذَا قَالَ : رَبِّ الْعَالَمِينَ ، قَالَتْ
الْمَلَائِكَةُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ .
} وَرَوَى سَعِيدُ حَدَّثَنَا
أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ : إذَا عَطَسَ
الرَّجُلُ وَهُوَ وَحْدَهُ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ وَلْيَقُلْ يَرْحَمْنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ فَإِنَّهُ
يُشَمِّتُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَسَبَقَ كَلَامُهُ فِي
الرِّعَايَةِ فِي السَّلَامِ .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ : { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ وَخَفَضَ
أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ } شَكَّ الرَّاوِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ .
وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَعَنْ سَالِمِ بْنِ
عُبَيْدٍ مَرْفُوعًا { إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَلْيَقُلْ يَغْفِرْ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ
} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ
حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَفِيهِ { أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَ سَالِمِ
بْنِ عُبَيْدٍ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالَ : سَالِمٌ
وَعَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ : لَعَلَّكَ وَجَدْتَ
مِمَّا قُلْتُ : لَكَ قَالَ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَذْكُرْ أُمِّي
بِخَيْرٍ وَلَا بِشَرٍّ قَالَ : إنَّمَا قُلْتُ : لَكَ كَمَا قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّا بَيْنَا نَحْنُ
عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا عَطَسَ
رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ
ثُمَّ قَالَ : إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ الْحَدِيث } وَرَوَاهُ أَحْمَدُ
وَفِي لَفْظٍ { فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، أَوْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ
حَضْرَمِيِّ مَوْلَى الْجَارُودِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ : { عَطَسَ رَجُلٌ
إلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ : الْحَمْدُ
لِلَّهِ وَالسَّلَامُ
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ابْنُ
عُمَرَ : وَأَنَا أَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَكَذَا عَلَّمَنَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقُولَ إذَا
عَطَسْنَا إنَّمَا عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى
كُلِّ حَالٍ } إسْنَادٌ جَيِّدٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ : غَرِيبٌ لَا
نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ زِيَادَةَ .
فَصْل قِيلَ :
لِلْقَاضِي فِي الْخِلَافِ إنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ سَمِعَ
اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَطْ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ يَقْتَضِي الْجَوَابَ
فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ سُنَّتِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجَوَابِ
وَبَيْنَ مَا يَقْتَضِيه كَالسَّلَامِ وَرَدِّهِ وَحَمْدِ الْعَاطِسِ
وَتَشْمِيتِهِ ، فَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِقَوْلِ
الْإِمَامِ : وَلَا الضَّالِّينَ آمِينَ فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ بَيْنَهُمَا
عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ : إنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْجَوَابَ ؛ لِأَنَّهُ
لَيْسَ يَأْمُرُ بِالْحَمْدِ ، وَإِنَّمَا هُوَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ
مَعْنَاهُ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ .
هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ
الْمُنْذِرِ وَأَمَّا رَدُّ السَّلَامِ فَإِنَّ السَّلَامَ يَقْتَضِي
الْجَوَابَ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ التَّشْمِيتُ فَلِهَذَا لَمْ يُسَنَّ
الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي
الْجَوَابَ مِنْ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْ الْمُنْفَرِدِ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يُوجَدُ مِنْهُ الْجَوَابُ .
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ : وَإِنْ عَطَسَ كَافِرٌ وَحَمِدَ اللَّهَ قَالَ لَهُ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ عَافَاكَ اللَّهُ .
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون {الأحد 29 مايو - 22:49}


(
فَصْلٌ ) : قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ لَا يُشَمِّتُ الرَّجُلُ الشَّابَّةَ ،
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لِلرَّجُلِ أَنْ يُشَمِّتَ امْرَأَةً
أَجْنَبِيَّةً وَقِيلَ : عَجُوزًا وَشَابَّةً بَرْزَةً وَلَا تُشَمِّتُهُ
هِيَ وَقِيلَ : لَا يُشَمِّتُهَا .
وَقَالَ السَّامِرِيُّ يُكْرَهُ أَنْ يُشَمِّتَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إذَا عَطَسَتْ وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْعَجُوزِ .
وَقَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ : : وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ الْعُبَّادِ فَعَطَسَتْ امْرَأَةُ
أَحْمَدَ فَقَالَ لَهَا الْعَابِدُ : يَرْحَمُكِ اللَّهُ فَقَالَ أَحْمَد
رَحِمَهُ اللَّهُ : عَابِدٌ جَاهِلٌ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَقَالَ
حَرْبٌ قُلْتُ : لِأَحْمَدَ الرَّجُلُ يُشَمِّتُ الْمَرْأَةَ إذَا
عَطَسَتْ ؟ فَقَالَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْطِقَهَا وَيَسْمَعَ
كَلَامَهَا فَلَا ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِتْنَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ
ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُشَمِّتَهُنَّ .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ
الدِّينِ فِيهِ عُمُومٌ فِي الشَّابَّةِ وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : إنَّهُ
سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُشَمِّتُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إذَا
عَطَسَتْ قَالَ : نَعَمْ قَدْ شَمَّتَ أَبُو مُوسَى امْرَأَتَهُ قُلْتُ :
فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً تَمُرُّ أَوْ جَالِسَةً فَعَطَسَتْ أُشَمِّتُهَا
قَالَ : نَعَمْ .
وَقَالَ الْقَاضِي : وَيُشَمِّتُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الْبَرْزَةَ وَيُكْرَهُ لِلشَّابَّةِ .
وَقَالَ
ابْنُ عَقِيلٍ يُشَمِّتُ الْمَرْأَةَ الْبَزْرَةَ وَتُشَمِّتُهُ وَلَا
يُشَمِّتُ الشَّابَّةَ وَلَا تُشَمِّتُهُ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ
الْقَادِرِ : وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ تَشْمِيتُ الْمَرْأَةِ الْبَرْزَةِ
وَالْعَجُوزِ وَيُكْرَهُ لِلشَّابَّةِ الْخَفِرَةِ فَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ
أَنَّهُ هَلْ يُشَمِّتُ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْمَعَ
كَلَامَهَا أَمْ لَا وَيُشَمِّتُهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَأَكْثَرُ
الْأَصْحَابِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَغَيْرِهَا وَسَبَقَتْ
نُصُوصُهُ فِي التَّسْلِيمِ عَلَيْهَا مِثْلُ هَذَا ، وَلَا فَرْقَ
وَسَبَقَ أَنَّ صَاحِبَ النَّظْمِ سَوَّى بَيْنَ التَّسْلِيمِ
وَالتَّشْمِيتِ ، وَقِيلَ : يُشَمِّتُ عَجُوزًا أَوْ شَابَّةً بَرْزَةً
وَمَنْ قُلْنَا :
يُشَمِّتُهَا فَإِنَّهَا تُشَمِّتُهُ وَعَلَى مَا فِي الرِّعَايَةِ لَا .
فَصْل
( فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ كُلَّمَا عَطَسَ إلَى ثَلَاث فَإِنْ عَطَسَ
رَابِعَةً لَمْ يُشَمِّتْهُ ) ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ وَقَدَّمَهُ فِي
الرِّعَايَةِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهُوَ
الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَذَكَرَ رِوَايَةَ صَالِحٍ وَمُهَنَّا
وَقِيلَ : أَوْ ثَالِثَةً .
وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ ،
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ
كَلَامُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ ، وَقِيلَ : أَوْ مَرَّتَيْنِ ،
وَيُقَالُ : لَهُ عَافَاكَ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ رِيحٌ قَالَ صَالِحُ بْنُ
أَحْمَدَ لِأَبِيهِ : تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فِي مَجْلِسهِ ثَلَاثَةً قَالَ
: أَكْثَرُ مَا فِيهِ ثَلَاثٌ ، وَهَذَا مَعَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِفِعْلِ التَّشْمِيتِ لَا بِعَدَدِ
الْعَطَسَاتِ ، فَلَوْ عَطَسَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ مُتَوَالِيَاتٍ
شَمَّتَهُ بَعْدَهَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ تَشْمِيتٌ قَوْلًا وَاحِدًا ،
وَالْأَدِلَّةُ تُوَافِقُ هَذَا ، وَهُوَ وَاضِحٌ قَالَ مُهَنَّا :
لِأَحْمَدَ أَيُّ شَيْءٍ مَذْهَبُكَ فِي الْعَاطِسِ يُشَمَّتُ إلَى
ثَلَاثٍ مِرَارًا ؟ فَقَالَ إلَى قَوْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ :
مَنْ ذَكَرَهُ قَالَ : هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ
الشَّعْبِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : الْعَاطِسُ بِمَنْزِلَةِ
الْخَاطِبِ يُشَمَّتُ إلَى ثَلَاثٍ مِرَارًا فَمَا زَادَ فَهُوَ دَاءٌ فِي
الرَّأْسِ ، وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ عَنْهُ يُشَمَّتُ إلَى ثَلَاثٍ .
وَقَدْ
رَوَى ابْنُ مَاجَهْ ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ
الْأَكْوَعِ مَرْفُوعًا { يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثَةً فَمَا زَادَ
فَهُوَ مَزْكُومٌ } وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا ،
وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ { سَمِعَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَطَسَ عِنْدَهُ رَجُلٌ
فَقَالَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ مَزْكُومٌ }
وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ قَالَ لَهُ : فِي الثَّالِثَةِ " أَنْتَ
مَزْكُومٌ " قَالَ :
وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا مَالِكُ بْنُ
إسْمَاعِيلَ ثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حُمَيْدَةَ أَوْ عُبَيْدَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ
بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا
فَإِنْ شِئْتَ فَشَمِّتْهُ وَإِنْ شِئْتَ فَكُفَّ } مُرْسَلٌ وَعُبَيْدَةُ
تَفَرَّدَ عَنْهَا ابْنُهَا قَالَ بَعْضهمْ : وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَقَالَ : حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ قَالَ فِي
الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَيُقَالُ : لِلصَّبِيِّ قَبْلَ الثَّلَاثِ
مَرَّاتٍ : بُورِكَ فِيكَ ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ
وَزَادَ وَجَبَرَكَ اللَّهُ .
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ
عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ يَعْطِسُ قَالَ
: يُقَالُ : لَهُ بُورِكَ فِيكَ وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : إنْ عَطَسَ
صَبِيٌّ يَعْنِي عَلِمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قِيلَ : يَرْحَمُكَ
اللَّهُ أَوْ بُورِكَ فِيكَ وَنَحْوُهُ وَيَعْلَمُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ
طِفْلًا حَمِدَ اللَّهَ وَلِيُّهُ أَوْ مَنْ حَضَرَهُ وَقِيلَ لَهُ :
نَحْوُ ذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُهُ أَمَّا كَوْنُهُ يَعْلَمُ الْحَمْدَ
فَوَاضِحٌ ، وَأَمَّا تَعْلِيمُهُ الرَّدَّ فَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا
سَبَقَ فِي رَدِّ السَّلَامِ لَكِنْ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ
غَيْرِهِ أَنَّهُ يُدْعَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ ، لَكِنْ
قَدْ يُقَالُ : الدُّعَاءُ لَهُ تَشْمِيتٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِهِ :
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَالْبَالِغِ ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ فِي
كَلَامِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُمَيِّزِ
وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا قَوْلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ غَيْرِ
الْعَاطِسِ لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَى غَيْرِهِ وَمَنْ لَا
عَقْلَ لَهُ وَلَا تَمْيِيزَ لَا يُخَاطَبُ ، فَفِعْلُ الْغَيْرِ عَنْهُ
فَرْعُ ثُبُوتِ الْخِطَابِ وَلَمْ يَثْبُتْ فَلَا فِعْلَ عَلَى أَنَّ
الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ الْمَحْضَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَا تُفْعَلُ
عَنْ الْحَيِّ بِاتِّفَاقِنَا .
وَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ
تَخْرِيجٍ يَقُولُهُ : الْوَلِيُّ فَقَطْ وَيَتَوَجَّهُ فِي التَّسْمِيَةِ
لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ .
وَظَاهِرُ مَا
ذَكَرُوهُ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِعُطَاسِ الْمَجْنُونِ كَمَا لَا حُكْمَ
لِكَلَامِهِ مُطْلَقًا لَكِنْ يُشْرَعُ الدُّعَاءُ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ ،
وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْقِيَاسَ فِي الطِّفْلِ كَذَلِكَ خُولِفَ
لِلْأَثَرِ ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمَجْنُونِ احْتِمَالٌ كَالطِّفْلِ ؛
وَلِأَنَّ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا تَمْيِيزَ كَانَ مَوْجُودًا عَلَى
عَهْدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَهْدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ فَلَوْ شُرِعَتْ عَنْهُ التَّسْمِيَةُ لِذَلِكَ لَشَاعَ
وَلَنَقَلَهُ الْخَلْفُ عَنْ السَّلَفِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ
وَالْحَاجَةِ فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى سُقُوطِ
وَعَدَمِ
اعْتِبَارِهِ ، بَلْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمَنْقُولِ مِنْ تَحْنِيكِ
الْأَطْفَالِ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَذْكُرْهَا
، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَصْلٌ رُوِيَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ وَاللَّوْصِ
وَالْعِلَّوْصِ } وَهَذِهِ أَوْجَاعٌ اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينهَا ذَكَرَهُ
ابْنُ الْأَثِير وَغَيْره ، وَكَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابنَا
الْمُتَأَخِّرِينَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يَذْكَرُ هَذَا الْخَبَرَ
وَيُعَلِّمُهُ النَّاسَ ، وَلَعَلَّ الْخَبَرَ فِي تَشْمِيتِ مَنْ حَمِدَ
اللَّهَ دُونَ مَنْ لَمْ يَحْمَدْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا
يُسْتَحَبُّ وَإِلَّا لَفَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَنَدَبَ إلَيْهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْأَخْضَر فِيمَنْ
رَوَى عَنْ أَحْمَد قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : إنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْد
أَبِي عَبْد اللَّه فَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَانْتَظَرَهُ أَنْ يَحْمَدْ
اللَّهَ فَيُشَمِّتهُ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ لَهُ أَبُو
عَبْد اللَّه : كَيْف تَقُولُ إذَا عَطَسْتَ ؟ قَالَ : أَقُولُ الْحَمْدُ
لِلَّهِ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، وَهَذَا يُؤَيِّد مَا سَبَقَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ .
فَصْلٌ ( فِيمَا يَنْبَغِي لِلْمُجَشِّي ) .
وَلَا يُجِيب الْمُجَشِّي بِشَيْءٍ ، فَإِنْ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ .
قِيلَ
لَهُ : هَنِيئًا مَرِيئًا ، أَوْ هَنَّأَكَ اللَّهُ وَأَمْرَاك ذَكَرَهُ
فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيم ، وَكَذَا ابْنُ عَقِيلٍ .
وَقَالَ : لَا نَعْرِفُ فِيهِ سُنَّةً ، بَلْ هُوَ عَادَة مَوْضُوعَة ، وَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي آدَابِ الْآكِل .
قَالَ
الْأَطِبَّاءُ : يَنْفَعُ فِيهِ السَّذَابُ أَوْ الْكَرَاوْيَا أَوْ
الْأَنِيسُونَ أَوْ الْكُسْفُرَةُ أَوْ الصَّعْتَرُ أَوْ النَّعْنَاعُ
أَوْ الْكُنْدُرُ مَضْغًا وَشُرْبًا .
رَوَى أَبُو هُرَيْرَة { أَنَّ
رَجُلًا تَجَشَّأَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ : كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا
أَكْثَرُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
} رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَقَالَ : حَسَنٌ غَرِيب .
قَالَ
أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِب : إذَا تَجَشَّى وَهُوَ فِي
الصَّلَاةِ فَلْيَرْفَعْ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ حَتَّى تَذْهَبَ
الرِّيحُ ، وَإِذَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ آذَى مَنْ حَوْلَهُ مِنْ
رِيحِهِ ، قَالَ : وَهَذَا مِنْ الْأَدَبِ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ
مُهَنَّا : إذَا تَجَشَّى الرَّجُلُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ وَجْهَهُ
إلَى فَوْقِهِ لِكَيْ لَا يَخْرُجَ مِنْ فِيهِ رَائِحَةٌ يُؤْذِي بِهَا
النَّاسَ .
فَصْلٌ ( فِي التَّثَاؤُب وَمَا يَنْبَغِي فِيهِ ) .
مَنْ
تَثَاءَبَ كَظَمَ مَا اسْتَطَاعَ لِلْخَبَرِ ، وَأَمْسَكَ يَدَهُ عَلَى
فَمِهِ أَوْ غَطَّاهُ بِكُمِّهِ أَوْ غَيْرِهِ إنْ غَلَبَ عَلَيْهِ
التَّثَاؤُبُ ؛ لِقَوْلِهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ
فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ
الشَّيْطَانُ } وَفِيهِ { : إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ
التَّثَاؤُبَ ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ : هَاهْ هَاهْ
فَإِنَّ ذَلِكُمْ مِنْ الشَّيْطَانِ يَضْحَكُ مِنْهُ } .
رَوَى ذَلِكَ
أَحْمَدُ وَمُسْلِمُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَلِلْبُخَارِيِّ وَعِنْده { : إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ
} وَرَوَى أَيْضًا وَحَسَّنَهُ { : الْعُطَاسُ مِنْ اللَّهِ
وَالتَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ } رَوَاهُمَا النَّسَائِيُّ فِي
الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ فِي النِّهَايَة : إنَّمَا أَحَبَّ
الْعُطَاسَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ خِفَّةِ الْبَدَنِ
وَانْفِتَاحِ الْمَسَامِّ وَتَيْسِيرِ الْحَرَكَاتِ ، وَالتَّثَاؤُبُ
بِخِلَافِهِ ، وَسَبَب هَذِهِ الْأَوْصَافِ الْإِقْلَالُ مِنْ الطَّعَامِ
وَالشَّرَابِ .
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيد { : إذَا
تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فَمِهِ فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ } وَلَهُ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
{ : وَلَا يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ هَاهْ وَلَا مَا لَهُ هِجَاءٌ وَلَا
يُزِيلُ يَدَهُ عَنْ فَمِهِ حَتَّى يَفْرُغَ تَثَاؤُبُهُ } وَيُكْرَه
إظْهَارُهُ بَيْنَ النَّاسِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى كَفِّهِ وَإِنْ
احْتَاجَهُ تَأَخَّرَ عَنْ النَّاسِ وَفَعَلَهُ وَعِنْده يُكْرَه
التَّثَاؤُبُ مُطْلَقًا .
فَصْلٌ ( فِي حُكْمِ التَّدَاوِي مَعَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ ) .
يُبَاحُ
التَّدَاوِي وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي رِوَايَةِ
الْمَرُّوذِيِّ : الْعِلَاجُ رُخْصَةٌ وَتَرْكُهُ دَرَجَة أَعْلَى مِنْهُ
، وَسَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْن إبْرَاهِيم بْن هَانِئٍ فِي الرَّجُلِ
يَمْرَضُ يَتْرُكُ الْأَدْوِيَةَ أَوْ يَشْرَبُهَا قَالَ : إذَا تَوَكَّلَ
فَتَرَكَهَا أَحَبُّ إلَيَّ .
وَذَكَرَ أَبُو طَالِب فِي كِتَابِ
التَّوَكُّلِ عَنْ أَحْمَد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : أَحَبُّ
لِمَنْ عَقَدَ التَّوَكُّلَ وَسَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ تَرْكُ التَّدَاوِي
مِنْ شُرْبِ الدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدْ كَانَتْ تَكُونُ بِهِ عِلَلٌ
فَلَا يُخْبِرُ الطَّبِيبَ بِهَا إذَا سَأَلَهُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ
تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَحَكَاهُ
عَمَّنْ حَكَاهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ { : يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ
أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا
يَتَطَيَّرُونَ ، وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهِ : " هُمْ الَّذِينَ
لَا يَرْقُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ " وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ
رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ اكْتَوَى أَوْ اسْتَرْقَى
فَقَدْ بَرِئَ مِنْ التَّوَكُّلِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ
وَإِسْنَادَهُ ثِقَاتٌ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَرَوَى سَعِيد
ثنا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ
الْغَفَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : لَمْ يَتَوَكَّلْ
مَنْ أَرْقَى وَاسْتَرْقَى } إسْنَادٌ جَيِّدٌ .
وَقَالَ سَعِيدٌ :
ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ " عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ
عُمَيْرٍ يَقُولُ : سَبَقَكُمْ الْأَوَّلُونَ بِالتَّوَكُّلِ ، كَانُوا
لَا يَرْقُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ فَهُمْ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " عُبَيْدٌ أَدْرَكَ عُمَرَ
وَأُبَيًّا .
وَقِيلَ :
بَلْ فِعْله أَفْضَل وَبِهِ قَالَ بَعْضُ
الشَّافِعِيَّةِ ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيَّة وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَعَامَّةِ الْخَلَف ، وَقَطَعَ
بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ ، وَاخْتَارَهُ الْوَزِيرُ بْنُ
هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاح قَالَ : وَمَذْهَب أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ
مُؤَكَّد حَتَّى يُدَانِي بِهِ الْوُجُوب ، قَالَ : وَمَذْهَبُ مَالِكٍ
أَنَّهُ يَسْتَوِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ ، فَإِنَّهُ قَالَ : لَا بَأْسَ
بِالتَّدَاوِي وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِهِ .
وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ
أَنَّ عِلْمَ الْحِسَابِ وَالطِّبِّ وَالْفِلَاحَة فَرْضٌ عَلَى
الْكِفَايَةِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ : " لَا يَكْتَوُونَ وَلَا
يَسْتَرْقُونَ " ، قَالَ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسْتَرْقَى
الرَّجُلُ بِالْكَلِمَاتِ الْخَبِيثَةِ فَيُوهِمهُ الرَّاقِي فِي ذَلِكَ ،
وَفِي الْكَيِّ أَنَّهُمَا يَمْنَعَانِهِ مِنْ الْمَرَضِ أَبَدًا ،
فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : وَالْحِجَامَةُ سُنَّةٌ وَهُوَ أَقْوَى دَلِيلٍ عَلَى
فِعْل التَّدَاوِي ، احْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يُبَاح لِلرَّجُلِ
أَنْ لَا يُدَاوِي مَغَابِنَهُ مِنْ إبِطَيْهِ لِيَقْطَع ضَرَرَ
بُخَارِهِمَا عَنْ النَّاسِ وَعَنْهُ فِي نَفْسِهِ كَذَا قَالَ ، وَلَا
أَحْسَب هَذَا مَحِلَّ وِفَاقٍ وَلَوْ كَانَ فَهُوَ لَا يَرَى وُجُوبَ
التَّدَاوِي ، قَالَ : وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ تَارِكٌ جُرْحَهُ يَسِيلُ
دَمُهُ فَلَمْ يَعْصِبهُ حَتَّى سَالَ مِنْهُ الدَّمُ فَمَاتَ كَانَ
عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى قَاتِلًا لِنَفْسِهِ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي
هَذَا .
وَقَالَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ : وَهُوَ نَحْو حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّم رَوَاهُ مُسْلِمٌ يَعْنِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَبْلُغ بِهِمْ الذَّهَابُ فِي التَّدَاوِي إلَى
أَنْ يَكْتَوُوا وَهُوَ آخِرُ الْأَدْوِيَة وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ " وَلَا
يَسْتَرْقُونَ " رُقَى الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَمَّا الِاسْتِشْفَاءُ
بِآيَاتِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا .
وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ { : إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ
أَنْفُسَهَا } قَالَ : فَمَنْ تَدَاوَى بِنِيَّةِ أَنْ
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون {الأحد 29 مايو - 22:50}


يَتَّبِعَ
فِي التَّدَاوِي السُّنَّةَ وَيُدَبِّرَ بَدَنَهُ الْمُودَعَ عِنْدَ
اللَّهِ بِأَصْوَبِ التَّدْبِيرِ ، فَهَذَا إيمَانٌ وَتَوْفِيقٌ إنْ
خَطَرَ بِقَلْبِهِ أَوْ وَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَانُ إذَا لَمْ يَتَدَاوَى
رُبَّمَا يَهْلَكُ وَيُوهِمُهُ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ يَمُوتُ بِغَيْرِ
أَجَلِهِ فَيَتَدَاوَى بِهَذَا الْعَزْمِ فَيَكُونَ كَافِرًا ، كَذَا
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْد جَمَاهِيرِ
الْأَئِمَّةِ إنَّمَا أَوْجَبَهُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْ أَصْحَابِ
الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ انْتَهَى كَلَامه .
وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ
فِي كِتَابِهِ فَاتِحَة الْعِلْم : أَنَّ عِلْمَ الطِّبِّ فَرْضُ
كِفَايَةٍ وَإِنَّهُ لَا يَجُوز تَرْكُ الْمُدَاوَاةِ ، وَقَدْ قَالَ
حَرْمَلَةُ : سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : شَيْئَانِ أَغْفَلَهُمَا
النَّاسُ : الْعَرَبِيَّةُ وَالطِّبُّ .
وَقَالَ الرَّبِيعُ : سَمِعْت
الشَّافِعِيَّ يَقُول : الْعِلْمُ عِلْمَانِ : عِلْمُ الْأَدْيَانِ ،
وَعِلْمُ الْأَبَدَانِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ أَوْ
يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُدَافِعَ عَنْ نَفْسِهِ إذَا أُرِيدَتْ ،
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هُنَاكَ يَتَحَقَّقُ إحْيَاءُ نَفْسِهِ بِذَلِكَ
بِخِلَافِ هَذَا .
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : هُوَ وَاجِبٌ ، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ إنْ ظَنَّ نَفْعَهُ .
قَالَ
الْقَاضِي : رَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الطِّبِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : { إنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثُرَتْ أَسَقَامُهُ
فَكَانَ يَقْدُمُ عَلَيْهِ أَطِبَّاءُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَيَصِفُونَ
لَهُ فَنُعَالِجُهُ } .
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ : أَنَّ
عُرْوَةَ كَانَ يَقُولُ لِعَائِشَةَ : " يَا أُمَّتَاهُ لَا أَعْجَبُ مِنْ
فِقْهِكَ ، أَقُولُ : زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ وَلَا أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ
بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ ، أَقُولُ : ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ ،
وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ أَوْ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ ، وَلَكِنْ
أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ كَيْفَ هُوَ وَمِنْ أَيْنَ هُوَ قَالَ
:
فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، وَقَالَتْ : أَيْ عُرَيَّةُ { إنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ
آخِرِ عُمْرِهِ ، وَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ
كُلِّ وَجْهٍ فَكَانَتْ تُنْعَتُ لَهُ الْأَنْعَاتُ وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا
؛ فَمِنْ ثَمَّ عَلِمْتُ } .
وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ وَسَعِيدٌ
وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَن جَيِّد عَنْ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ
اكْتَوَى مِنْ اللَّقْوَةِ ، وَاسْتَرْقَى مِنْ الْحَيَّةِ .
وَاللَّقْوَةُ : مَرَضٌ يَعْرِض لِلْوَجْهِ فَيَمِيلهُ إلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُد ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ
الْوَاسِطِي ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونِ أَنْبَأَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ
عَيَّاشٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ
الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ { : إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ ، وَجَعَلَ
لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً ؛ فَتَدَاوَوْا ، وَلَا تَتَدَاوَوْا بِحَرَامٍ }
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ، وَهَذَا إسْنَادٌ
حَسَن وَثَعْلَبَةُ شَامِيٌّ وَابْنُ عَيَّاشٍ إذَا رَوَى عَنْ
الشَّامِيِّينَ كَانَ حُجَّةً عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ .
وَلِأَحْمَدَ
مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ { : إنَّ اللَّهَ حَيْثُ خَلَقَ الدَّوَاءَ
فَتَدَاوَوْا } قِيلَ : مَعْنَى أَنْزَلَ اللَّهُ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ
وَخَلَقَهُمَا لِهَذَا الْخَبَر .
وَقِيلَ : إعْلَامُ النَّاسِ بِهِ ،
وَهَذَا ضَعِيفٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ
شَرِيكٍ { : عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ } وَقِيلَ :
أَنْزَلَهَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِمُبَاشَرَةِ الْخَلْقِ
، وَقِيلَ : أَنْزَلَ الْمَطَرَ لِيُوَلِّدَهُمَا عَنْهُ أَوْ مِنْ
الْجِبَالِ ، وَدَخَلَ غَيْرهمَا تَبَعًا ، وَهَذَا مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ
كَمَا هُوَ شَائِعٌ أَنَّهُ سُبْحَانه إذَا ابْتَلَى أَعَانَ فَابْتَلَى
بِالدَّاءِ وَأَعَانَ بِالدَّوَاءِ ، وَابْتَلَى بِالذَّنْبِ وَأَعَانَ
بِالتَّوْبَةِ
، وَابْتَلَى بِالْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ
الشَّيَاطِين ، وَأَعَانَ بِالْأَرْوَاحِ الطَّيِّبَةِ الْمَلَائِكَة ،
وَابْتَلَى بِالْمُحَرَّمَاتِ وَأَعَانَ بِإِبَاحَةِ نَظِيرهَا .
وَعَنْ
أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ : { قَالَتْ الْأَعْرَابُ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَلَا نَتَدَاوَى ؟ قَالَ : نَعَمْ عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا ؛
فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً إلَّا دَاءً
وَاحِدًا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : الْهَرَمُ }
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ .
وَعَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ { : دَخَلَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَرِيضٍ لِيَعُودَهُ
فَقَالَ : أَرْسِلُوا إلَى الطَّبِيبِ فَقَالَ قَائِلٌ : وَأَنْتَ تَقُولُ
ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ إنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ
دَاءً إلَّا جَعَلَ لَهُ دَوَاءً } .
مُرْسَلٌ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ .
وَعَنْ
جَابِرٍ قَالَ { : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ الرُّقَى ، فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالُوا :
يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا
عَنْ الْعَقْرَبِ فَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ
فَقَالَ : مَا أَرَى بِهَا بَأْسًا مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ
يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ } ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ { لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ }
رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ ، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ { : كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ
أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ
الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ
نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ يَدِي } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ .
{ : فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرنِي
أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ } ، وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ { : كَانَ
إذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ ،
فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ عَنْهُ
بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا .
} وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : {
أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
أَسْتَرْقِيَ مِنْ الْعَيْنِ } وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ { : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَارِيَةٍ فِي
بَيْتِهَا رَأَى فِي وَجْهِهَا سَفْعَةً يَعْنِي صُفْرَةً فَقَالَ :
إنَّهَا نَظْرَةٌ اسْتَرْقُوا لَهَا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا .
قَوْله
: " إنَّهَا نَظْرَةٌ " أَيْ : عَيْنٌ ، وَقِيلَ : عَيْنٌ مِنْ نَظَرِ
الْجِنِّ ، وَعَنْ عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ
وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِينِي فَقَالَ ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ .
رَوَاهُ مَالِكٌ .
وَرَوَى
غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
أَبِي الْعَاصِ قَالَ { : أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ يُهْلِكُنِي ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْسَحْ بِيَمِينِكَ
سَبْعَ
مَرَّاتٍ وَقُلْ : أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ
مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ قَالَ : فَفَعَلْتُ هَذَا فَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا
كَانَ فِي ، فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهِ أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ ،
وَلِمُسْلِمٍ : ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ
: بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَقُلْ : سَبْعَ مَرَّاتٍ }
وَذَكَرَهُ وَفِي آخِرِهِ : " وَأُحَاذِرُ " وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ
مَرْفُوعًا { : إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ أَلَمًا فَلْيَضَعْ يَدَهُ حَيْثُ
يَجِدُ الْأَلَمَ ثُمَّ لِيَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ : أَعُوذُ بِعِزَّةِ
اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ } رَوَاهُ
أَحْمَدُ .
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ : قَالَ لِي ثَابِتٌ
الْبُنَانِيُّ : { يَا مُحَمَّدُ إذَا اشْتَكَيْتَ فَضَعْ يَدَكَ حَيْثُ
تَشْتَكِي ثُمَّ قُلْ : أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ
شَرِّ مَا أَجِد مِنْ وَجَعِي هَذَا ، ثُمَّ ارْفَعْ يَدَكَ ثُمَّ أَعِدْ
ذَلِكَ وِتْرًا فَإِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ } رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : حَسَنٌ غَرِيبٌ .
وَرَوَى أَبُو
مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الطِّبِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُرْوَةَ
وَفِي نُسْخَة عَمْرِو بْنِ سَوْدَةَ قَالَ : جَلَسَ الْمَأْمُونُ
لِلنَّاسِ مَجْلِسًا عَامًّا ، فَكَانَ فِيمَنْ حَضَرَهُ منجه وهنجه
طَبِيبَا الرُّومِ وَالْهِنْدِ إلَى أَنْ قَالَ : فَأَقْبَلَ الْمَأْمُونُ
عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ فَقَالَ : مَا تَرَى ؟ فَقَالَ : ذَكَرَ
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا { : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ
عَلَيْهَا وَهِيَ تَشْتَكِي فَقَالَ لَهَا : يَا عَائِشَةُ الْحِمْيَةُ
دَوَاءٌ ، وَالْمَعِدَةُ بَيْتُ الْأَدْوَاءِ : وَعَوِّدُوا بَدَنًا مَا
اعْتَادَ } فَأَقْبَلَ الْمَأْمُونُ عَلَى منجه وهنجه فَقَالَ : مَا
تَقُولَانِ ؟ فَقَالَ : هَذَا كَلَامٌ جَامِعٌ وَهُوَ أَصْلُ الطِّبِّ .
وَبِإِسْنَادِهِ
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : الْمَعِدَةُ بَيْتُ الدَّاءِ
وَالْحِمْيَةُ رَأْسُ الطِّبِّ ، وَالْعَادَة طَبْع ثَانٍ فَعَوِّدُوا
بَدَنًا مَا اعْتَادَ .
قَالَ شِهَابُ بْنُ عُطَارِدِ بْنِ شِهَابٍ
فَحَدَّثْتُ بِهِ بَعْضَ عُلَمَاءِ مُطَبِّبِي هَذَا الزَّمَانِ فَقَالَ :
مَا تَرَكَ لَنَا مَا نَتَكَلَّم عَلَيْهِ أَبْلَغ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى
وَلَا أَوْجَزَ .
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : جَمَعَ
هَارُونُ الرَّشِيدُ أَرْبَعَةً مِنْ الْأَطِبَّاء : عِرَاقِيٍّ
وَرُومِيٍّ وَهِنْدِيٍّ وَسَوَادِيٍّ ، فَقَالَ : لِيَصِفْ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْكُمْ الدَّوَاءَ الَّذِي لَا دَاءَ فِيهِ ، فَقَالَ الرُّومِيُّ :
هُوَ حَبُّ الرَّشَادِ الْأَبْيَضِ .
وَقَالَ الْهِنْدِيُّ : الْمَاءُ الْحَارُّ .
وَقَالَ
الْعِرَاقِيُّ : الْهَيْلَجُ الْأَسْوَد ، وَكَانَ السَّوَادِيُّ
أَبْصَرَهُمْ فَقَالَ لَهُ تَكَلَّمَ ، فَقَالَ : حَبُّ الرَّشَادِ
يُوَلِّد الرُّطُوبَة ، وَالْمَاءُ الْحَارُّ يُرْخِي الْمَعِدَةَ ،
وَالْهَيْلَجُ الْأَسْوَد يُرِقُّ الْمَعِدَة .
فَقَالُوا لَهُ :
فَأَنْتَ مَا تَقُول ؟ قَالَ : أَقُولُ الدَّوَاءُ الَّذِي لَا دَاءَ
فِيهِ أَنْ تَقْعُدَ عَلَى الطَّعَامِ وَأَنْتَ تَشْتَهِيه وَتَقُومَ
عَنْهُ وَأَنْتَ تَشْتَهِيه .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ : وَنُقِلَ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ لَهُ طَبِيبٌ نَصْرَانِيٌّ
حَاذِقٌ
، فَقَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : لَيْسَ فِي كِتَابكُمْ مِنْ
عِلْمِ الطِّبِّ شَيْءٌ ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنُ وَهُوَ ابْنُ
وَاقِدٍ : قَدْ جَمَعَ اللَّهُ الطِّبَّ فِي نِصْفِ آيَةٍ مِنْ كِتَابنَا
فَقَالَ : مَا هِيَ ؟ قَالَ قَوْله تَعَالَى : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
وَلَا تُسْرِفُوا } .
فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ : لَا يُؤْثَرُ عَنْ
نَبِيِّكُمْ شَيْءٌ مِنْ الطِّبِّ ، فَقَالَ : قَدْ جَمَعَ رَسُولُنَا فِي
أَلْفَاظٍ يَسِيرَةٍ ، قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ { : الْمَعِدَةُ بَيْتُ
الدَّاءِ ، وَالْحِمْيَةُ رَأْسُ الدَّوَاءِ ، وَعَوِّدُوا كُلَّ بَدَنٍ
مَا اعْتَادَ } فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ : مَا تَرَكَ كِتَابكُمْ وَلَا
نَبِيُّكُمْ لِجَالِينُوسَ طِبًّا .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ :
هَكَذَا نُقِلَتْ هَذِهِ الْحِكَايَة إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ
الْمَذْكُورَ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَا يَثْبُت .
وَقَالَ غَيْرُهُ : هَذَا مِنْ كَلَامِ الْحَارِثِ بْنِ
كِلْدَةَ الثَّقَفِيِّ طَبِيب الْعَرَبِ وَكَانَ فِيهِمْ كَالطَّبِيبِ
أَبُقْرَاط فِي قَوْمِهِ .
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء الواحد والعشرون {الأحد 29 مايو - 22:51}


فَصْلٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَطَاءٍ
{ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ
الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى .
قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ
السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَتْ : إنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي ،
فَقَالَ : إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ
دَعَوْتُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَافِيَكِ .
فَقَالَتْ أَصْبِرُ ، قَالَتْ : فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا .
}
أَمَّا الصَّرَعُ عَنْ أَخْلَاطٍ رَدِيئَةٍ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ
عِلَّةٌ تَمْنَعُ الْأَعْضَاءَ النَّفْسِيَّة عَنْ الْأَفْعَالِ
وَالْحَرَكَةِ وَالِانْتِصَابِ مَنْعًا غَيْرَ تَامٍّ ، وَلَهُ أَسْبَابٌ
مُخْتَلِفَة ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاء وَذَكَرُوا عِلَاجَهُ .
وَأَمَّا الصَّرَعُ مِنْ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ فَهُوَ قَوْلنَا وَقَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْمُعْتَزِلَة .
وَأَمَّا
الْأَطِبَّاء فَاعْتَرَفَ بِهِ بَعْضُهُمْ ، وَقِيلَ أَئِمَّتهمْ بِأَنَّ
عِلَاجَهُ بِمُقَابَلَةِ الْأَرْوَاحِ الْخَيِّرَة الشَّرِيفَة
الْعُلْوِيَّة لِتِلْكَ الْأَرْوَاحِ الشِّرِّيرَةِ الْخَبِيثَة
فَتُعَارِض أَفْعَالَهَا وَتُبْطِلُهَا .
قَالَ أَبُقْرَاطُ بَعْد أَنْ
ذَكَرَ عِلَاجَ الصَّرَعِ الْأَوَّلِ قَالَ : وَأَمَّا الصَّرَعُ الَّذِي
يَكُونُ مِنْ الْأَرْوَاحِ فَلَا يَنْفَعُ فِيهِ هَذَا الْعِلَاج .
وَأَنْكَرَ
هَذَا الصَّرَعَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ ، وَقُدَمَاءُ الْأَطِبَّاءِ
كَانُوا يُسَمُّونَ هَذَا الصَّرَعَ الْمَرَضَ الْإِلَهِيَّ لِكَوْنِ
هَذِهِ الْعِلَّة تَحْدُث فِي الرَّأْسِ فَتَضُرُّ بِالْجُزْءِ
الْإِلَهِيِّ الَّذِي مَسْكَنه الدِّمَاغ .
وَعِلَاجُ هَذَا الصَّرَعِ
إمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَصْرُوعِ بِصِدْقِ تَوَجُّهِهِ وَقْتَ إفَاقَتِهِ
إلَى خَالِقِ هَذِهِ الْأَرْوَاحِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ،
وَالتَّعَوُّذُ الصَّحِيحُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَإِمَّا مِنْ جِهَة
مَنْ يُعَالِجهُ بِذَلِكَ .
وَمَعْلُوم أَنَّ الْأَرْوَاحَ تَخْتَلِف
فِي ذَاتهَا وَصِفَاتهَا ، وَبِحَسَبِ ذَلِكَ قَدْ يَخْرُج بِأَيْسَرِ
شَيْءٍ أَوْ بِوَعْظٍ أَوْ بِتَخْوِيفٍ ، وَقَدْ لَا يَخْرُج إلَّا
بِالضَّرْبِ عَلَى اخْتِلَافِهِ أَيْضًا فَيُفِيقَ الْمَصْرُوع وَلَا أَلَمَ بِهِ .
وَكَانَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يُعَالِجُ هَذَا الصَّرَعَ بِذَلِكَ كُلِّهِ
وَتَارَةً بِقِرَاءَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَيَأْمُر الْمَصْرُوعَ
بِكَثْرَةِ قِرَاءَتِهَا وَكَذَا مَنْ يُعَالِجهُ بِهَا وَبِقِرَاءَةِ
الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، وَفِي الْغَالِب أَنَّ الْأَرْوَاحَ الْخَبِيثَةَ
لَا تَتَسَلَّطُ إلَّا عَلَى فَاعِلٍ غَيْرِ مُتَيَقِّظٍ وَلَا مُعَامِلٍ
لِرَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
وَصَرَعُ الْمَرْأَةِ فِي الْحَدِيثِ
وَاَللَّهُ أَعْلَم مِنْ الصَّرَعِ الْأَوَّلِ ، وَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى
أَنَّ تَرْكَ التَّدَاوِي أَفْضَلُ وَفِيهِ أَنَّ التَّوَجُّه إلَى
اللَّهِ سُبْحَانه يَجْلُب مِنْ النَّفْعِ وَيَدْفَع مِنْ الضُّرِّ مَا
لَا يَفْعَلهُ عِلَاج الْأَطِبَّاءِ ، وَإِنَّ تَأْثِيرَهُ وَتَأَثُّر
الطَّبِيعَةِ عَنْهُ أَعْظَمُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْبَدَنِيَّةِ
وَتَأَثُّر الطَّبِيعَةِ عَنْهَا .
وَعُقَلَاءُ الْأَطِبَّاءِ
مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ فِعْلَ الْقُوَى النَّفْسِيَّة وَانْفِعَالَاتهَا
فِي شَقَاءِ الْأَمْرَاضِ عَجَائِب ، وَأَمَّا الصَّرَعُ بِمَلَاهِي
الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعهَا وَعَدَم
التَّفَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ وَغَلَبَة الْغَفْلَةِ وَالْهَوَى حَتَّى
إنَّ بَعْضَ الْقُلُوبِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَوْ فِي الصَّحِيحَيْنِ { : لَا يَعْرِفُ
مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إلَّا مَا آثَرَ مِنْ هَوَاهُ }
نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَهَذَا الصَّرَعُ مِمَّا عَمَّ
أَمْرُهُ وَغَلَبَ عَلَى النَّاسِ إلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ ، وَالنَّاسُ
فِيهِ مُتَفَاوِتُونَ جِدًّا عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوف ، وَيَأْتِي آخِر
فُصُولِ الطِّبِّ دَوَاءُ الْعِشْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ .
فَصْلٌ
قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَ الْفَصْلِ قَبْلَهُ ذِكْرُ
الْحِمْيَةِ ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ : لَا بَأْسَ
بِالْحِمْيَةِ .
وَكَانَ هَذَا مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ التَّدَاوِي .
وَالْأَوْلَى
عِنْدَهُ تَرْكُهُ فَعَلَى هَذَا حُكْمُ مَسْأَلَةِ الْحِمْيَةِ حُكْمُ
مَسْأَلَةِ التَّدَاوِي عَلَى مَا سَبَقَ ، وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَجِبَ
إذَا ظَنَّ الضَّرَرَ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ .
وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ
وَغَيْرُهُ لَا يُخَالِفُ هَذَا ، وَأَمَّا إنْ احْتَمَلَ الضَّرَرَ أَوْ
ظَنَّ عَدَمَهُ فَهَذَا مُرَادُ الْإِمَامِ .
يَتَوَجَّهُ
اسْتِحْبَابُهَا إذًا احْتِيَاطًا وَتَحَرُّزًا وَإِنْ لَمْ يُسْتَحَبَّ
التَّدَاوِي ؛ وَلِهَذَا يَحْرُمُ تَنَاوُلُ مَا يَظُنُّ ضَرَرَهُ ، وَلَا
يَجِبُ التَّدَاوِي إذَا ظَنَّ نَفْعَهُ قَالَ تَعَالَى : { وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ
الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا } .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ
مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أُمِّ الْمُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ
الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ : { دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ ، وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ مِنْ
مَرَضٍ ، وَلَنَا دَوَالِي مُعَلَّقَةٌ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا ، وَقَامَ عَلِيٌّ يَأْكُلُ
مِنْهَا فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
لِعَلِيٍّ : إنَّكَ نَاقِهٌ حَتَّى كَفَّ ، قَالَتْ : وَصَنَعْتُ شَعِيرًا
وَسِلْقًا فَجِئْتُ بِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَعَلِيٍّ : مِنْ هَذَا أَصِبْ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لَكَ وَفِي
لَفْظٍ فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَكَ } .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَالدَّوَالِي : أَقْنَاءٌ مِنْ الرُّطَبِ تُعَلَّقُ فِي الْبَيْتِ لِلْأَكْلِ .
وَالنَّاقِهُ طَبِيعَتُهُ مَشْغُولَةٌ بِدَفْعِ آثَارِ الْعِلَّةِ .
فَالْفَاكِهَةُ
تَضُرُّهُ لِسُرْعَةِ اسْتِحَالَتِهَا وَضَعْفِ طَبِيعَتِهِ عَنْ
دَفْعِهَا لَا سِيَّمَا وَفِي الرُّطَبِ ثِقَلٌ ، وَأَمَّا السِّلْقُ
وَالشَّعِيرُ فَنَافِعٌ لَهُ ، وَيُوَافِقُ لِمَنْ فِي مَعِدَتِهِ ضَعْفٌ
، وَفِي مَاءِ الشَّعِيرِ تَبْرِيدٌ وَتَغْذِيَةٌ وَتَلْطِيفٌ وَتَلْيِينٌ
وَتَقْوِيَةُ الطَّبِيعَةِ لَا سِيَّمَا مَعَ السِّلْقِ ، وَيَأْتِي
الْكَلَامُ فِيهَا فِي الْمُفْرَدَاتِ .
وَعَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : { قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ خُبْزٌ وَتَمْرٌ فَقَالَ : اُدْنُ
فَكُلْ .
فَأَخَذْتُ تَمْرًا فَأَكَلْتُ فَقَالَ : أَتَأْكُلُ تَمْرًا
وَبِك رَمَدٌ ؟ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَمْضُغُ مِنْ النَّاحِيَةِ
الْأُخْرَى فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ .
} حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ .
وَفِي
الْأَثَرِ الْمَشْهُورِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَقِيلَ إنَّهُ مَحْفُوظٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : إنَّ اللَّهَ إذَا أَحَبَّ عَبْدًا حَمَاهُ
الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ عَنْ الطَّعَامِ
وَالشَّرَابِ .
} كَذَا قِيلَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ
مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَإِسْنَادُهُ
حَسَنٌ .
وَقَالَ : حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَلَفْظُهُ { كَمَا يَظَلُّ
أَحَدُكُمْ يَحْمِي نَفْسَهُ الْمَاءَ } وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَحْمُودٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ زَيْدُ
بْنُ أَسْلَمَ : إنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَمَى مَرِيضًا لَهُ
حَتَّى إنَّهُ مِنْ شِدَّةِ مَا حَمَاهُ كَانَ يَمُصُّ النَّوَى ،
فَالْحِمْيَةُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدْوِيَةِ وَهِيَ عَمَّا يَجْلِبُ
الْمَرَضَ حِمْيَةُ الْأَصِحَّاءِ ، وَعَمَّا يَزِيدُهُ حِمْيَةُ
الْمَرْضَى ، فَإِنَّ الْمَرِيضَ إذَا احْتَمَى وَقَفَ مَرَضُهُ فَلَمْ
يَتَزَايَدْ وَأَخَذَتْ الْقُوَى فِي دَفْعِهِ .
وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ كِلْدَةَ : الطِّبُّ الْحِمْيَةُ ،
وَالْحِمْيَةُ عِنْدَهُمْ لِلصَّحِيحِ فِي الْمَضَرَّةِ كَالتَّخْلِيطِ لِلْمَرِيضِ وَالنَّاقِهِ .
وَأَنْفَعُ
الْحِمْيَةِ لِلنَّاقِهِ ، فَإِنَّ طَبِيعَتَهُ لَمْ تَرْجِعْ إلَى
قُوَّتِهَا ، فَقُوَّتُهَا الْهَاضِمَةُ ضَعِيفَةٌ ، وَالطَّبِيعَةُ
قَابِلَةٌ ، وَالْأَعْضَاءُ مُسْتَعِدَّةٌ فَتَخْلِيطُهُ يُوجِبُ
انْتِكَاسَةً أَصْعَبَ مِنْ ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ .
وَلَا يَضُرُّ
تَنَاوُلُ يَسِيرٍ لَا تَعْجَزُ الطَّبِيعَةُ عَنْ هَضْمِهِ ، وَيَدُلُّ
عَلَيْهِ حَدِيثُ صُهَيْبٍ الْمَذْكُورُ ، وَقَدْ يَنْتَفِعُ بِهِ
لِشِدَّةِ الشَّهْوَةِ فَتَتَلَقَّاهُ الطَّبِيعَةُ وَالْمَعِدَةُ
بِالْقَبُولِ فَيُصْلِحَانِ مَا يَخَافُ مِنْهُ ، وَلَعَلَّهُ أَنْفَعُ
مِمَّا تَكْرَهُهُ الطَّبِيعَةُ .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ
بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ : مَا تَشْتَهِي ؟
فَقَالَ أَشْتَهِي خُبْزَ بُرٍّ } وَفِي لَفْظٍ { أَشْتَهِي } كَعَطَاءٍ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ كَانَ
عِنْدَهُ خُبْزُ بُرٍّ فَلْيَبْعَثْ إلَى أَخِيهِ ، ثُمَّ قَالَ : إذَا
اشْتَهَى مَرِيضُ أَحَدِكُمْ شَيْئًا فَلْيُطْعِمْهُ } .
وَلَا يَنْبَغِي إكْرَاهُ الْمَرِيضِ عَلَى طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ .
قَالَ
بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ : لِأَنَّ كَرَاهَتَهُ إمَّا لِاشْتِغَالِ
طَبِيعَتِهِ بِمُجَاهَدَةِ الْمَرَضِ أَوْ لِسُقُوطِ شَهْوَتِهِ أَوْ
نُقْصَانِهَا لِضَعْفِ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ أَوْ خُمُودِهَا ،
فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْغِذَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالِ ، وَالْجُوعُ
طَلَبُ الْأَعْضَاءِ لِلْغِذَاءِ ، لِتُخْلِفَ الطَّبِيعَةُ بِهِ
عَلَيْهَا عِوَضَ مَا تَحَلَّلَ مِنْهَا فَتَجْذِبُ الْأَعْضَاءُ
الْبَعِيدَةُ مِنْ الْقَرِيبَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْجَذْبُ إلَى
الْمَعِدَةِ فَيُحِسُّ الْإِنْسَانُ بِالْجُوعِ ، فَيَطْلُبُ الْغِذَاءَ ،
فَإِذَا وَجَدَهُ الْمَرِيضُ اشْتَغَلَتْ الطَّبِيعَةُ بِمَادَّتِهِ
وَإِنْضَاجِهَا ، أَوْ إخْرَاجِهَا عَنْ طَلَبِ الْغِذَاءِ أَوْ
الشَّرَابِ ، فَإِذَا أُكْرِهَ الْمَرِيضُ عَلَى ذَلِكَ تَعَطَّلَتْ بِهِ
الطَّبِيعَةُ عَنْ فِعْلِهَا ، وَاشْتَغَلَتْ بِهَضْمِهِ وَتَدْبِيرِهِ
عَنْ إنْضَاجِ مَادَّةِ الْمَرَضِ
وَدَفْعِهِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ
سَبَبَهُ لِضَرَرِ الْمَرِيضِ لَا سِيَّمَا فِي أَوْقَاتِ الْبُخَارَيْنِ
أَوْ ضَعْفِ الْحَارِّ الْغَرِيزِيِّ أَوْ خُمُودِهِ ، وَلَا يَنْبَغِي
أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي هَذَا الْحَالِ إلَّا مَا يَحْفَظُ عَلَيْهِ
قُوَّتَهُ وَيُقَوِّيهَا بِمَا لَطُفَ قَوَامُهُ وَاعْتَدَلَ مِزَاجُهُ
مِنْ شَرَابٍ وَغِذَاءٍ ، وَهَذَا مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ مُزْعِجٍ
لِلطَّبِيعَةِ ، فَإِنَّ الطَّبِيبَ خَادِمٌ لِلطَّبِيعَةِ وَمُعِينُهَا
لَا مُعِيقُهَا .
وَالدَّمُ الْجَيِّدُ هُوَ الْمُغَذِّي لِلْبَدَنِ ،
وَالْبَلْغَمُ دَمٌ فَجٌّ قَدْ نَضِجَ بَعْضَ النُّضْجِ ، فَإِذَا عَدِمَ
الْغِذَاءَ مَرِيضٌ فِيهِ بَلْغَمٌ كَثِيرٌ عَطَفَتْ الطَّبِيعَةُ
عَلَيْهِ وَطَبَخَتْهُ وَأَنْضَجَتْهُ وَصَيَّرَتْهُ دَمًا وَغَذَّتْ بِهِ
الْأَعْضَاءَ وَاكْتَفَتْ بِهِ ، وَالطَّبِيعَةُ هِيَ الْقُوَّةُ الَّتِي
وَكَّلَهَا اللَّهُ بِتَدْبِيرِ الْبَدَنِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ .
وَقَدْ
رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ يُونُسَ
بْنِ بُكَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ عَنْ عُقْبَةَ
بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ { : لَا تُكْرِهُوا مَرَضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَوْ
الشَّرَابِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ } قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا
الْوَجْهِ .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ : هَذَا الْحَدِيثُ بَاطِلٌ .
وَقَالَ
بَعْضُهُمْ : قَدْ يُحْتَاجُ إلَى إجْبَارِ الْمَرِيضِ عَلَى طَعَامٍ
وَشَرَابٍ فِي أَمْرَاضٍ مَعَهَا اخْتِلَاطُ الْعَقْلِ ، فَيَكُونُ
الْحَدِيثُ مَخْصُوصًا أَوْ مُقَيَّدًا .
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَرِيض يَعِيشُ بِلَا غِذَاءٍ أَيَّامًا ، لَا يَعِيشُ الصَّحِيحُ فِي مِثْلِهَا .
قَالَ
بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ بِنَحْوِهِ ، وَفِي قَوْلِهِ : "
فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ " مَعْنًى لَطِيفٌ يَعْرِفُهُ
مَنْ لَهُ عِنَايَةٌ بِأَحْكَامِ الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ
وَتَأْثِيرِهَا فِي طَبِيعَةِ الْبَدَنِ وَانْفِعَالِ الطَّبِيعَةِ
عَنْهَا كَمَا تَنْفَعِلُ هِيَ كَثِيرًا عَنْ الطَّبِيعَةِ ، فَالنَّفْسُ
إذَا اشْتَغَلَتْ بِمَحْبُوبٍ أَوْ مَكْرُوهٍ
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى