رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
نَفَعَهَا .
وَيَجْلُو قُشُورَ الرَّأْسِ وَبُثُورَهُ .
وَيُمْسِكُ
الشَّعْرَ الْمُتَسَاقِطَ وَيُسَوِّدُهُ إذَا دُقَّ وَرَقُهُ وَصُبَّ
عَلَيْهِ مَاءٌ يَسِيرٌ وَخُلِطَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ زَيْتِ أَوْ دُهْنِ
الْوَرْدِ وَضُمِّدَ بِهِ وَافَقَ الْقُرُوحَ الرَّطْبَةَ وَالنَّمِلَةَ
وَالْجَمْرَةَ وَالْأَوْرَامَ الْحَارَّةَ وَالْبِئْرَةَ وَالْبَوَاسِيرَ
، وَهُوَ مُدِرٌّ لِلْبَوْلِ نَافِعٌ مِنْ لَدْغِ الْمَثَانَةِ وَعَضِّ
الرتيلا وَلَسْعِ الْعَقْرَبِ ، وَرَقُهُ يَمْنَعُ سَيَلَانَ الْفُضُولِ
إلَى الْمَعِدَةِ ، وَلْيُحْذَرْ التَّحَلُّلُ بِعُرْفِهِ فَإِنَّهُ
يَضُرُّ لَحْمَ الْفَمِ وَيُهَيِّجُ الدَّمَ ، وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ عَنْ
{ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ يُحَرِّكُ
عِرْقَ الْجُذَامِ } ، وَمِنْ الْخَوَاصِّ أَنَّهُ إذَا اُتُّخِذَتْ
حَلْقَةٌ مِثْلُ الْخَاتَمِ مِنْ قَضِيبِ الْآسِ الطَّرِيِّ وَأُدْخِلَ
فِيهَا خِنْصَرُ الرَّجُلِ الَّذِي فِي أَرْنَبَتِهِ وَرَمٌ سَكَّنَهُ ،
وَمِنْ الْمُجَرَّبِ أَنْ يُؤْخَذَ عُودٌ مِنْ آسٍ وَيُحْرَقَ طَرَفُهُ
وَيُوضَعَ عَلَى طَرَفِ الدُّمَّلِ أَوَّلَ مَا يَظْهَرُ فَإِنَّهُ لَا
يَتَزَيَّدُ .
وَأَمَّا الْآسُ الْمُعْتَصَرُ وَالْمُسْتَقْطَرُ
فَقَطَعَ الْعَرَقَ ، وَإِذَا جُفِّفَ وَرَقُهُ وَبُخِّرَتْ بِهِ
الْبَوَاسِيرُ الْبَارِزَةُ أَضْمَرَهَا وَشُفِيَ مِنْهَا ، وَإِنْ خُلِطَ
مَعَهُ سندروس كَانَ أَقْوَى ، وَإِذَا طُبِخَ حَبُّهُ فِي زَيْتِ
إنْفَاقٍ وَيُدَّهَنُ بِهِ قَطَعَ الْعَرَقَ الْكَثِيرَ وَأَصْلَحَ
نَسِيمَ الْعَرَقِ .
وَالْآسُ يُقَوِّي الْعَيْنَ وَيَقْطَعُ دَمْعَتَهَا وَيَمْنَعُ مَا يَنْحَدِرُ إلَيْهَا إذَا طُلِيَ عَلَى الْجَبْهَةِ .
(
وَأَمَّا الرَّيْحَانُ غَيْرُ الْآسِ فَيُطْلَقُ عَلَى الْحَبَقِ ) قَالَ
بَعْضُهُمْ : أَهْلُ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ يَخُصُّونَهُ بِهِ .
قَالَ
ابْنُ جَزْلَةَ : قِيلَ هُوَ وَرَقُ الْخِلَافِ وَهُوَ جَبَلِيٌّ
وَبُسْتَانِيٌّ وَنَهْرِيٌّ ، وَهُوَ نَبَاتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ جَيِّدُ
الطَّعْمِ مُرَبَّعُ السَّاقِ ، وَرَقُهُ نَحْوُ وَرَقِ الْخِلَافِ :
وَالْجَبَلِيُّ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّالِثَةِ ، وَالْبُسْتَانِيُّ
حَارٌّ فِي الثَّانِيَةِ يَابِسٌ فِي الْأُولَى ، وَالنَّهَرِيُّ أَقْوَى
أَنْوَاعِهِ وَهُوَ يَذْهَبُ
بِنَفْخِ الْعَدَسِ وَالْبَاقِلَّا
إذَا خُلِطَ بِهِ وَيَقْطَعُ الْبَلْغَمَ ، وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ
وَيَنْفَعُ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ إذَا أُكِلَ مَعَ التِّينِ حَبُّهُ .
وَقَالَ
ابْنُ جَزْلَةَ : رَيْحَانُ هُوَ الشاهسفرم أَجْوَدُهُ الصُّغْرَى حَارٌّ
فِي الْأُولَى يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ ، وَقِيلَ مُعْتَدِلٌ وَقِيلَ
بَارِدٌ ، وَهُوَ يُحَلِّلُ الْفَضَلَاتِ مِنْ الدِّمَاغِ وَيَمْلَأُ
الدِّمَاغَ الْبَارِدَ بُخَارًا وَإِصْلَاحُهُ بِالنَّيْلُوفَرِ .
وَقَالَ
بَعْضُهُمْ : الرَّيْحَانُ الْفَارِسِيُّ الَّذِي يُسَمَّى الْحَبَقُ
قِيلَ حَارٌّ يَنْفَعُ شَمُّهُ مِنْ الصُّدَاعِ الْحَارِّ إذَا رُشَّ
عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيُبَرَّدُ وَيُرَطَّبُ بِالْغَرَضِ ، وَقِيلَ بَارِدٌ
وَقِيلَ رَطْبٌ وَقِيلَ يَابِسٌ يَجْلِبُ النَّوْمَ وَبَذْرُهُ حَابِسٌ
لِلْإِسْهَالِ الصَّفْرَاوِيِّ مُقَوٍّ لِلْقَلْبِ نَافِعٌ لِلْأَمْرَاضِ
السَّوْدَاوِيَّةِ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ : الرَّيْحَانُ كُلُّ نَبْتٍ مَشْمُومٍ طَيِّبِ الرَّائِحَةِ .
وَالْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ يَطُولُ .
(
سُكٌّ ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ نَابِضٌ مُقَوٍّ لِلْأَحْشَاءِ
وَفِي الطِّيبِ مِنْهُ تَحْلِيلٌ وَتَفْتِيحٌ ، وَهُوَ جَيِّدٌ
لِأَوْجَاعِ الْمَفَاصِلِ ، وَقِيلَ : يَزِيدُ فِي الْبَاءَةِ وَهُوَ
يَعْقِلُ الطَّبْعَ إذَا ضُمِّدَ بِهِ الْبَطْنُ وَيَمْنَعُ النَّزِيفَ
وَيَنْفَعُ مِنْ أَوْجَاعِ الْقَلْبِ ، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ
نِصْفُ دِرْهَمٍ ، وَشَمُّهُ يُصَدِّعُ الرَّأْسَ الْحَارَّ ،
وَيُصْلِحُهُ الْكَافُورُ .
( سُنْبُلُ الطِّيبِ ) حَارٌّ فِي
الْأُولَى يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ ، وَقِيلَ : فِي أَوَّلِ الثَّالِثَةِ
مُفَتِّحٌ مُحَلِّلٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ غَسُولٌ لِلْيَدِ طَيِّبٌ
وَذَرِيرَتُهُ تَمْنَعُ الْعَرَقَ وَهُوَ يُحَلِّلُ الْأَوْرَامَ
وَيُقَوِّي الدِّمَاغَ وَيُثَبِّتُ أَهْدَابَ الْعَيْنَيْنِ ، إذَا وَمَعَ
فِي الْأَكْحَالِ وَيَنْفَعُ الْخَفَقَانَ وَيُنَقِّي الصَّدْرَ
وَالرِّئَةَ وَيَفْتَحُ سَدَدَ الْكَبِدِ وَالْمَعِدَةِ وَيُقَوِّيهِمَا ،
وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيَمْنَعُ مِنْ الْيَرْقَانِ وَوَجَعِ
الطِّحَالِ ، وَيُمْسِكُ الطَّبْعَ ، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ
دِرْهَمٌ .
( الْعَنْبَرُ ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ
يَنْفَعُ
الْمَشَايِخَ ، مُلَطِّفٌ نُسْخَتُهُ تُقَوِّي الدِّمَاغَ وَالْحَوَاسَّ
وَالْقَلْبَ تَقْوِيَةً عَجِيبَةً وَيَزِيدُ فِي الرُّوحِ .
قَالَ
بَعْضُهُمْ : هُوَ مُقَوٍّ لِجَوْهَرِ كُلِّ رُوحٍ فِي الْأَعْضَاءِ ،
وَإِذَا تَبَخَّرَ بِهِ نَفَعَ مِنْ الزُّكَامِ وَالصُّدَاعِ
وَالشَّقِيقَةِ الْبَارِدَةِ .
وَأَجْوَدُ أَلْوَانِهِ الْأَشْهَبُ ثُمَّ الْأَزْرَقُ ثُمَّ الْأَصْفَرُ .
وَاخْتَلَفَ
النَّاسُ فِي عُنْصُرِهِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْهِ فِي إزَالَةِ
النَّجَاسَةِ وَيَضُرُّ مَنْ يَعْتَادُهُ الْمَاشِرُ وَيُصْلِحُهُ
الْكَافُورُ وَالْخِيَارُ .
( غَالِيَةٌ ) تُلَيِّنُ الْأَوْرَامَ
الصُّلْبَةَ وَمَعَ دُهْنِ الْبَانِ تُقَطَّرُ فِي الْأُذُنِ الْوَجِعَةِ
وَشَمُّهَا يَنْفَعُ الْمَصْرُوعَ وَيُنْعِشُهُ وَلِلْمَسْكُوتِ ،
وَتُسَكِّنُ الصُّدَاعَ الْبَارِدَ وَشَمُّهَا يُفْرِحُ الْقَلْبَ
وَيَنْفَعُ مِنْ أَوْجَاعِ الرَّحِمِ الْبَارِدَةِ حُمُوًّا وَمِنْ
أَوْرَامِهَا الصُّلْبَةِ وَالْبَلْغَمِيَّةِ وَتُدِرُّ الْحَيْضَ
وَتَنْفَعُ مِنْ اخْتِنَاقِ الرَّحِمِ وَيُنَقِّيهَا وَيُهَيِّئُهَا
لِلْحَبَلِ وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَسُكٍّ وَمِثْلِ نِصْفِ
الْمِسْكِ عَنْبَرٌ وَيُخْلَطُ الْجَمِيعُ بِدُهْنِ بَانٍ أَوْ دُهْنِ
النَّيْنُوفَرِ وَالْعُودُ قَرِيبٌ مِنْهُ وَمِزَاجُهُ أَقْرَبُ إلَى
الْعَدْلِ وَيَضُرُّ شَمُّهُ بِأَمْرَاضِ الدِّمَاغِ الْحَارِّ وَمَضْغُهُ
يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيُفْرِحُ الْقَلْبَ ، وَأَجْوَدُهُ الْهِنْدِيُّ
ثُمَّ الصِّينِيُّ ثُمَّ الْقَمَارِيّ بِفَتْحِ الْقَافِ ثُمَّ
الْمَذَرِيُّ وَأَجْوَدُهُ الْأَسْوَدُ وَالْأَزْرَقُ الصُّلْبُ ،
وَأَقَلُّهُ جَوْدَةً مَا خَفَّ وَطَفَا عَلَى الْمَاءِ وَفِي خَلْطِ
الْكَافُورِ بِهِ إصْلَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ وَفِي التَّبَخُّرِ
وَهُوَ التَّجَمُّرُ مُرَاعَاةُ جَوْهَرِ الْهَوَاءِ وَإِصْلَاحُهُ .
فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ صَلَاحَ الْبَدَنِ ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْعُودِ قَرِيبًا فِي فَصْلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ .
(
الْفَاغِيَةُ ) وَالْفَغْوُ نَوْرُ الْحِنَّاءِ وَأَفْغَى النَّبَاتُ أَيْ
خَرَجَتْ فَاغِيَتُهُ ، رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ { كَانَ أَحَبُّ الرَّيَاحِينِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَاغِيَةَ } ، وَرُوِيَ فِيهِ
أَيْضًا عَنْ بُرَيْدَةَ يَرْفَعُهُ { سَيِّدُ الرَّيَاحِينِ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْفَاغِيَةُ } وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ
قَرِيبًا فِي فَصْلٍ عَنْ سَلْمَانَ .
( زَبَّادُ ) حَارٌّ فِي
الثَّالِثَةِ مُعْتَدِلٌ فِي الرُّطُوبَةِ مُحَلِّلٌ يَنْفَعُ لِلصُّدَاعِ
الْبَارِدِ وَيُسَكِّنُ وَجَعَ الْأُذُنِ وَيَنْفَعُ مِنْ الْبَوْلِ
الْعَارِضِ فِي الْفِرَاشِ مَحْلُولًا بِدُهْنِ بَنَفْسَجٍ أَوْ يُعْمَلُ
عَلَى وَرِقِهِ مَقْشُورَةُ فَتِيلَةٍ وَتُحْمَلُ فِي الْقَضِيبِ ،
وَإِذَا أُمْسِكَ فِي الْفَمِ جَفَّفَ الْمَنِيَّ وَقِيلَ يُلَذِّذُ
الْجِمَاعَ طِلَاءً ، وَفِي عُنْصُرِهِ خِلَافٌ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ
.
( زَعْفَرَانٌ ) حَارٌّ فِي الثَّانِيَةِ يَابِسٌ فِي الْأُولَى
فِيهِ قَبْضٌ وَهُوَ مُحَلِّلٌ مُنْضِجٌ يُصْلِحُ الْعُفُونَةَ
وَالْبَلْغَمَ وَيُقَوِّي الْأَحْشَاءَ وَيُحَسِّنُ اللَّوْنَ وَيَجْلُو
الْبَصَرَ وَالْغِشَاوَةَ وَيُكْتَحَلُ بِهِ لِلزُّرْقَةِ الْمُكْتَسَبَةِ
فِي الْأَمْرَاضِ وَيُقَوِّي الْقَلْبَ وَيُفْرِحُهُ وَيُنَوِّمُ صَاحِبَ
الشَّقِيقَةِ وَيُهَيِّجُ الْبَاهَ ، يُدِرُّ الْبَوْلَ ، وَيُسَهِّلُ
الْوِلَادَةَ إذَا شُرِبَ بِمُحِّ الْبَيْضِ ، وَيُنْفِذُ الْأَدْوِيَةَ
الَّتِي يُخْلَطُ بِهَا إلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ ، وَأَكْثَرُ مَا
يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ إلَى دِرْهَمٍ ، وَهُوَ مُصَدِّعٌ مُضِرٌّ
بِالرَّأْسِ مُنَوِّمٌ مُظْلِمٌ لِلْحَوَاسِّ ، وَيُسْقِطُ الشَّهْوَةَ
وَيُغْثِي وَيَضُرُّ بِالرِّئَةِ وَيُصْلِحُهُ الْأَيْنِيسُونَ وَيُقَالُ
ثَلَاثَةُ مَثَاقِيلَ مِنْهُ تَقْتُلُ بِالتَّفْرِيحِ .
{ وَنَهَى
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُزَعْفَرِ
لِلرَّجُلِ } قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَهُوَ
قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ .
وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ لَا ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ .
وَرَوَى
أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ {
مِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ }
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ { مِسْكٌ
أَذْفَرُ } الْمِلَاطُ الطِّينُ الَّذِي يُجْعَلُ بَيْنَ شَافَّتِي
الْبِنَاءِ يُمَلَّطُ بِهِ
الْحَائِطُ وَالذَّفَرُ بِالتَّحْرِيكِ
كُلُّ رِيحٍ ذَكِيَّةٍ مِنْ طِيبٍ أَوْ دُهْنٍ يُقَالُ مِسْكٌ أَذْفَرُ
بَيِّنُ الذَّفَرِ وَقَدْ ذَفِرَ بِالْكَسْرِ يَذْفَرُ ، وَرَوْضَةٌ
ذَفِرٌ ، وَالذَّفَرُ الصُّنَانُ وَهَذَا رَجُلٌ ذَفِرٌ أَيْ لَهُ صُنَانٌ
وَخُبْثُ رِيحٍ .
( الْقُرُنْفُلُ ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ
يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيَحِدُّ الْبَصَرَ وَيُقَوِّي الْكَبِدَ
وَرَائِحَتُهُ تُقَوِّي الدِّمَاغَ الْبَارِدَ وَهُوَ مُفْرِحٌ .
قَالَ
بَعْضُهُمْ هُوَ مُقَوٍّ لِلْمَعِدَةِ وَالدِّمَاغِ وَالْقَلْبِ
وَيَنْفَعُ مِنْ الْقَيْءِ وَالْغَثَيَانِ وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ
إلَى دِرْهَمٍ .
( كَافُورٌ ) بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الثَّالِثَةِ
يَمْنَعُ الْأَوْرَامَ الْحَادَّةَ وَالرُّعَافَ مَعَ عَصِيرِ الْبَنْجِ
أَوْ مَاءِ الْبَاذَرُوجِ وَيَنْفَعُ الصُّدَاعَ الْحَارَّ وَيُقَوِّي
حَوَاسَّ الْمَحْرُورِينَ وَيَنْفَعُ فِي أَدْوِيَةِ الرَّمَدِ
الْحَارَّةِ ، وَدَانَقٌ مِنْهُ يَنْفَعُ مِنْ الْوَرَمِ الْحَارِّ
وَدِرْهَمٌ مِنْهُ يُخَلِّصُ مِنْ مَضَرَّةِ الْعَقْرَبِ الْحَرَّارَةِ
مَعَ مَاءِ التُّفَّاحِ الْحَامِضِ ، وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يُسْرِعُ
الشَّيْبَ وَيَقْطَعُ الْبَاءَةَ ، وَيُوَلِّدُ حَصَاةَ الْكُلَى
وَالْمَثَانَةِ ، وَشَمُّهُ يُسَهِّرُ فِي الْحُمَّيَاتِ : وَيُصْلِحُهُ
الْبَنَفْسَجُ وَالنَّيْلُوفَرُ ، وَيُجْعَلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ
لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ وَيُصَلِّبُ وَيُبَرِّدُ فَلَا يُسْرِعُ الْفَسَادُ .
(
النَّيْلُوفَرُ ) بَارِدٌ رَطْبٌ فِي الثَّانِيَةِ بَرْدُهُ أَكْثَرُ مِنْ
الْبَنَفْسَجِ ، وَقِيلَ بَارِدٌ فِي الثَّالِثَةِ أَصْلُهُ يَنْفَعُ إذَا
جُعِلَ عَلَى الْبَهَقِ بِالْمَاءِ ، وَمِنْ الْأَوْرَامِ الْحَادَّةِ
ضِمَادًا وَبَزْرُهُ يَمْنَعُ النَّزْفَ ، وَإِذَا غُلِيَ وَصُبَّ عَلَى
رَأْسِ مَنْ نَالَهُ حَرَارَةٌ نَفَعَهُ .
قَالَ ابْنُ سِينَا فِي
كِتَابِ الْأَدْوِيَةِ الْقَلْبِيَّةِ النَّيْلُوفَرُ يَقْرُبُ فِي
أَحْكَامِهِ مِنْ الْكَافُورِ إلَّا أَنَّهُ أَرْطَبُ مِنْهُ
وَرُطُوبَتُهُ لِكَثْرَتِهَا تُحْدِثُ لِجَوْهَرِ الرُّوحِ الَّذِي فِي
الدِّمَاغِ كَلَالًا وَفُتُورًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى
تَرْطِيبٍ وَتَبْرِيدٍ لِيَعْتَدِلَ وَيُعْدَلُ بَرْدُهُ بِالدَّارِ
صِينِيٍّ .
وَقَالَ غَيْرُهُ يَقْرَبُ مِنْ الْكَافُورِ الصَّنْدَلُ
وَهُوَ بَارِدٌ فِي آخِرِ الثَّانِيَةِ ، وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ
يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ يَنْفَعُ مِنْ الصُّدَاعِ وَالْخَفَقَانِ
الْعَارِضِ فِي الْحُمَّيَاتِ الْحَادَّةِ وَلِلْكَبِدِ الْحَارَّةِ
وَلِلْفَمِ الْحَارِّ وَالْمُحَرَّكُ مِنْهُ يُفِيدُ الْحَكَّ يَسِيرَ
حَرَارَةٍ كَمَا يَسْتَفِيدُ الدَّقِيقُ مِنْ الْعَجْنِ وَإِنْ خُلِطَ
مَعَ الْأَدْوِيَةِ الْمَشْرُوبَةِ لِتَقْوِيَةِ الْمَعِدَةِ وَالْكَبِدِ
وَتَبْرِيدِهِمَا نَفَعَ وَيَضُرُّ بِالصَّوْتِ وَيُصْلِحُهُ الْجُلَّابُ
وَأَجْوَدُهُ الْمُقَاصِرِيُّ وَقِيلَ الْأَبْيَضُ مِنْهُ أَقْوَى مِنْ
الْأَحْمَرِ ، وَقِيلَ أَضْعَفُ وَالْأَحْمَرُ بَارِدٌ يَابِسٌ فِي
الثَّانِيَةِ وَقِيلَ بَارِدٌ فِي الثَّالِثَةِ يَمْنَعُ مِنْ انْصِبَابِ
الْمَوَادِّ وَيُحَلِّلُ الْأَوْرَامَ الْحَادَّةَ وَيُطْلَى عَلَى
الْحُمْرَةِ وَيَنْفَعُ الصُّدَاعَ .
( لُبَانٌ ) الَّذِي يُقَالُ لَهُ
حَصَى لُبَانٍ وَهُوَ الْكُنْدُرُ حَارٌّ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ
يَابِسٌ فِي الْأُولَى وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا يَنْفَعُ مِنْ
قَذْفِ الدَّمِ وَنَزْفِهِ وَيَحْبِسُ الْقَيْءَ وَمِنْ وَجَعِ
الْمَعِدَةِ وَاسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ وَيَهْضِمُ الطَّعَامَ وَيَطْرُدُ
الرِّيَاحَ وَيَجْلُو قُرُوحَ الْعَيْنِ وَيُنْبِتُ اللَّحْمَ فِي سَائِرِ
الْقُرُوحِ وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ الضَّعِيفَةَ وَيُسَخِّنُهَا
وَيُجَفِّفُ الْبَلْغَمَ وَيُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الصَّدْرِ وَيَجْلُو
ظُلْمَةَ الْبَصَرِ وَيَمْنَعُ الْقُرُوحَ الْخَبِيثَةَ مِنْ
الِانْتِشَارِ وَفِيهِ قَبْضٌ يَسِيرٌ وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِلْكِ وَإِذَا
مُضِغَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الصَّعْتَرِ الْفَارِسِيِّ جَلَبَ الْبَلْغَمَ
وَنَفَعَ مِنْ اعْتِقَالِ اللِّسَانِ وَيَزِيدُ فِي الذِّهْنِ وَيُذْكِيهِ
وَإِنْ بُخِّرَ بِهِمَا نَفَعَ مِنْ الْوَبَاءِ وَطَيَّبَ رَائِحَةَ
الْهَوَاءِ .
وَيُرْوَى فِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ أَوْ مَوْضُوعٍ عَنْ {
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَخِّرُوا
بُيُوتَكُمْ بِاللُّبَانِ } وَهُوَ يُجَوِّدُ الْحِفْظَ وَقَدْ رُوِيَ
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إلَيْهِ
النِّسْيَانَ عَلَيْك بِاللُّبَانِ فَإِنَّهُ يُشَجِّعُ
الْقَلْبَ
وَيَذْهَبُ بِالنِّسْيَانِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا أَنَّ شُرْبَهُ مَعَ السُّكَّرِ عَلَى الرِّيقِ جَيِّدٌ
لِلْبَوْلِ وَالنِّسْيَانِ ، وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ
شَكَا إلَيْهِ رَجُلٌ النِّسْيَانَ فَقَالَ : عَلَيْكَ بِالْكُنْدُرِ
انْقَعْهُ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ اشْرَبْهُ عَلَى الرِّيقِ فَإِنَّهُ
جَيِّدٌ لِلنِّسْيَانِ وَهَذَا إذَا كَانَ النِّسْيَانُ حَدَثَ مِنْ
الْبَلْغَمِ الرَّطْبِ الَّذِي يَرْبِطُ مُقَدَّمَ الدِّمَاغِ
وَيَمْنَعُهُ مِنْ قَبُولِ مَا يُودِعهُ فِيهِ فَيَبْقَى كَالشَّمْعِ
الذَّائِبِ وَلَا يَقْبَلُ الطَّابَعَ وَيَنْفَعُ فِيهِ شَمُّ الْمِسْكِ
وَالْمَرْزَنْجُوشِ وَجَمِيعِ الطِّيبِ الْحَارِّ وَالتَّغَذِّي فِيهِ
بِمَاءِ الْحَمْضِ مَعَ الْخَرْدَلِ وَالْحَسَاءِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ
اللَّوْزِ مَعَ الْعَسَلِ وَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ الِانْكِبَابُ عَلَى
الْمِيَاهِ اللَّطِيفَةِ الْمُحَلِّلَةِ كَمَاءِ الْبَابُونَجِ
وَالْمَرْزَنْجُوشِ ، وَلِلْكُنْدُرِ خَاصِّيَّةٌ فِي تَجْفِيفِ
الدِّمَاغِ وَقُوَّتِهِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْحِفْظِ وَكَذَا
الزَّنْجَبِيلُ الْمُرَبَّى وَيَزِيدُ فِي الْحِفْظِ وَجَوْهَرِ
الدِّمَاغِ وَقُوَّتِهِ بِخَاصِّيَّةٍ فِيهِ .
( النَّارْجِيلُ )
وَهُوَ جَوْزُ الْهِنْدِ وَمَرَقَةُ الدَّجَاجِ وَلَحْمُهَا وَاَلَّذِي
يَضُرُّ الذِّهْنَ الْكُسْفُرَةُ الرَّطْبَةُ وَالتُّفَّاحُ الْحَامِضُ
وَلَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ الْحَامِضُ وَإِدْمَانُ السُّكَّرِ وَكَثْرَةُ
الْهَمِّ وَالْفِكْرِ وَالْغَمِّ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَالنَّظَرُ فِي
الْمَاءِ الْوَاقِفِ وَالْبَوْلُ فِيهِ وَالنَّظَرُ إلَى الْمَصْلُوبِ ،
وَقِرَاءَةُ أَلْوَاحِ الْقُبُورِ ، وَالْمَشْيُ بَيْنَ جَمَلَيْنِ
مَقْطُورَيْنِ ، وَإِلْقَاءُ الْقَمْلِ بِالْحَيَاةِ وَحِجَامَةُ
النُّقَرَةِ ، وَأَكْلُ سُؤْرِ الْفَأْرِ وَيَكُونُ النِّسْيَانُ مِنْ
السَّوْدَاءِ الَّتِي تُيَبِّسُ الدِّمَاغَ وَتُجَفِّفُهُ فَلَا يَقْبَلُ
مَا يُودَعُ فِيهِ مِثْلُ الشَّمْعِ الشَّدِيدِ الْيُبْسِ وَالتَّغَذِّي
بِلُحُومِ الدَّجَاجِ وَالْجِدَاءِ وَالْخِرْفَانِ وَمَرَقِهِمَا نَافِعٌ
فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ : النِّسْيَانُ عَنْ يُبْسٍ يَتْبَعُهُ سَهَرٌ ،
وَحِفْظٌ لِلْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ دُونَ الْحَالِيَّةِ ،
وَالنِّسْيَانُ عَنْ رُطُوبَةٍ بِالْعَكْسِ .
(
مَرْزَنْجُوشُ ) وَيُسَمَّى الْمَرْدَقُوشَ ، يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ
وَقِيلَ فِي الرَّابِعَةِ وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ مُلَطِّفٌ يَنْفَعُ
مِنْ الصُّدَاعِ عَنْ بَرْدٍ وَبَلْغَمٍ وَسَوْدَاءَ وَزُكَامٍ وَرِيَاحٍ
غَلِيظَةٍ ، وَيَفْتَحُ السَّدَدَ الْحَادِثَةَ فِي الرَّأْسِ
وَالْمَنْخَرَيْنِ وَيُحَلِّلُ أَكْثَرَ الْأَوْرَامَ وَالْأَوْجَاعَ
الْبَارِدَةَ الرَّطْبَةَ ، وَإِذَا اُحْتُمِلَ آدَر الطَّمْثَ وَأَعَانَ
عَلَى الْحَبَلِ ، وَإِذَا طُلِيَ مَاؤُهُ عَلَى الْعُضْوِ بَعْدَ
الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجْمِ مَنَعَ الْآثَارَ الْحَادِثَةَ عَنْ الشَّرْطِ
بَعْدَ الْحَجْمِ وَيُطْلَى يَابِسُهُ عَلَى الدَّمِ وَاخْضِرَارُهُ
وَخُصُوصًا تَحْتَ الْعَيْنِ فَيُحَلِّلُهُ وَطَبِيخُهُ يَنْفَعُ مِنْ
الِاسْتِسْقَاءِ وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ مِنْهُ يَنْفَعُ مِنْ الشَّرَى
الْبَلْغَمِيِّ وَهُوَ يَنْفَعُ مِنْ عُسْرِ الْبَوْلِ وَالْحَيْضِ ،
وَيُضَمَّدُ بِهِ لَسْعُ الْعَقْرَبِ مَعَ الْخَلِّ ، وَدُهْنُهُ نَافِعٌ
لِوَجَعِ الظَّهْرِ وَالرُّكْبَتَيْنِ ، وَيَذْهَبُ بِالْإِعْيَاءِ وَمَنْ
أَدَمْنَهُ شَهْرًا يَنْزِلُ فِي عَيْنَيْهِ الْمَاءُ وَإِذَا اسْتَعَطَ
بِمَائِهِ مَعَ دُهْنِ اللَّوْزِ الْمُرِّ فَتَحَ سَدَدَ الْمَنْخَرَيْنِ
وَنَفَعَ مِنْ الرِّيحِ الْعَارِضَةِ فِيهِمَا وَفِي الرَّأْسِ ، وَذَكَرَ
حُنَيْنٌ أَنَّهُ يَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ وَأَنَّهُ يُصْلِحُهُ بَزْرُ
الْبَقْلَةِ الْحَمْقَاءِ .
( الْمِسْكُ ) قَالَ تَعَالَى : {
يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ } وَهُوَ حَارٌّ
يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ ، وَيَسُرُّ النَّفْسَ
وَيُقَوِّي الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ جَمِيعًا شُرْبًا وَشَمًّا
وَالظَّاهِرَةَ إذَا وُضِعَ عَلَيْهَا نَافِعٌ لِلْمَشَايِخِ
وَالْمَبْرُودِينَ لَا سِيَّمَا زَمَنَ الشِّتَاءِ جَيِّدٌ لِلْغَشْيِ
وَالْخَفَقَانِ وَضَعْفِ الْقُوَّةِ بِإِنْعَاشَةِ لِلْحَرَارَةِ
الْغَرِيزِيَّةِ وَيَجْلُو بَيَاضَ الْعَيْنِ وَيُنَشِّفُ رُطُوبَتَهَا
وَيُنَفِّسُ الرِّيَاحَ مِنْهَا وَمِنْ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَيُبْطِلُ
عَمَلَ السُّمُومِ ، وَيَنْفَعُ مِنْ نَهْشِ الْأَفَاعِي وَيُوَصِّلُ
الْأَدْوِيَةَ إلَى دَاخِلِ طَبَقَاتِ الْعَيْنِ وَيُقَوِّي
الْقَلْبَ وَيُفْرِحُ وَيُذْكِي وَشَمُّهُ يَضُرُّ بِالدِّمَاغِ الْحَارِّ وَيُورِثُ الصُّفَارَ وَيُصْلِحُهُ الْكَافُورُ .
وَذَكَرَ
ابْنُ جَزْلَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ مِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ يُبَخِّرُ
الْفَمَ إذَا وَقَعَ فِي الطَّبِيخِ وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ كَمَا
سَبَقَ عَنْ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلِهَذَا كَانَ هُوَ الْمَذْكُورَ فِي أَخْبَارِ صِفَةِ الْجَنَّةِ فَفِي
حَدِيثِ أَنَسٍ { تُرَابُهَا الْمِسْكُ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ { وَطِينُ
نَهْرِ الْكَوْثَرِ الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَفِي
خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ { وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ
وَمَا فِيهِمْ دَنِيٌّ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ وَالْكَافُورِ } رَوَاهُ
ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ ، وَمَنْ قَدَّمَ مِنْ
الْأَطِبَّاءِ الْعَنْبَرَ عَلَى الْمِسْكِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَكَوْنُ
الْعَنْبَرِ لَا يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ فَهُوَ كَالذَّهَبِ
فَهَذِهِ خَاصِّيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِلْعَنْبَرِ لَا تُقَاوِمُ مَا فِي
الْمِسْكِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَيْعَةٌ ) فِيهَا قَبْضٌ
وَتَجْفِيفٌ حَارَّةٌ يَابِسَةٌ وَقِيلَ رَطْبَةٌ تُسَخَّنُ وَتُلَيَّنُ
وَتُنْضَحُ ، وَقِيلَ تُنَقِّي الدِّمَاغَ وَتَنْفَعُ الْجُذَامَ ،
وَتُمْسِكُ الطَّبْعَ ، يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَى مِثْقَالٍ ، وَتَنْفَعُ
مِنْ السُّعَالِ ، وَالزُّكَامِ ، وَالنَّزَلَاتِ ، وَالْبُحُوحَةِ مِنْ
رُطُوبَةٍ وَتَحْدُرُ الْحَيْضَ شُرْبًا وَحَمْلًا وَهِيَ مُصَّدِّعَةٌ ،
وَقِيلَ تَضُرُّ بِالرِّئَةِ وَيُصْلِحُهَا الْمُصْطَكَا .
( نَدٌّ )
يُسَخَّنُ وَإِذَا بُخِّرَ بِهِ وَالْبَخُورُ بِهِ يُقَوِّي الْقَلْبَ
وَيَنْفَعُ مِنْ السُّمُومِ وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ عُودٍ هِنْدِيٍّ
وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ يُعْجَنُ بِهِمَا وَقَدْ يُعْمَلُ مِنْ عَنْبَرٍ
وَمِسْكٍ وَقَدْ يُضَمُّ إلَى ذَلِكَ الْكَافُورُ .
( نَرْجِسُ )
يُرْوَى فِيهِ وَفِي الْمَرْزَنْجُوشِ وَالْبَنَفْسَجِ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يَصِحُّ وَبَعْضُهُ فِي
الْمُسْتَوْعِبِ وَهُوَ فِي مَوْضُوعَاتِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ
وَالنِّرْجِسُ مُعْتَدِلٌ فِي الْحَرِّ وَالْيُبْسِ يُلَطِّفُ وَقِيلَ
حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ فِي
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
لثَّالِثَةِ فِيهِ
تَحْلِيلٌ قَوِيٌّ وَيَنْفَعُ الزُّكَامَ الْبَارِدَ وَيَفْتَحُ سُدَدَ
الدِّمَاغِ وَالْمَنْخَرَيْنِ وَيَنْفَعُ مِنْ الصُّدَاعِ عَنْ رُطُوبَةٍ
أَوْ سَوْدَاءَ وَيُصَدِّعُ الرُّءُوسَ الْحَارَّةَ ، وَيُصْلِحُهُ
الْبَنَفْسَجُ أَوْ الْكَافُورُ .
وَأَصْلُهُ وَهُوَ بَصَلٌ يُدْمِلُ
الْقُرُوحَ الْغَائِرَةَ إلَى الْعَصَبِ وَلَهُ قُوَّةٌ جَالِيَةٌ
جَاذِبَةٌ تَجْذِبُ مِنْ الْقَمَرِ وَيَجْلُو وَيُخْرِجُ الشَّوْكَ
وَيَجْلُو الْكَلَفَ وَيَنْفَعُ مِنْ دَاءِ الثَّعْلَبِ وَيُهَيِّجُ
الدينلات ، وَأَكْلُهُ يُهَيِّجُ الْقَيْءَ وَيَجْذِبُ الرُّطُوبَةَ مِنْ
قَعْرِ الْبَدَنِ وَالْمُحْدَقُ مِنْهُ إذَا شُقَّ بَصَلُهُ صَلِيبًا
وَغُرِسَ صَارَ مُضَاعَفًا وَمَنْ أَدَمْنَ شَمَّهُ فِي الشِّتَاءِ أَمِنَ
الْبِرْسَامَ فِي الصَّيْفِ ، وَفِيهِ مِنْ الْعِطْرِيَّةِ مَا يُقَوِّي
الْقَلْبَ وَالدِّمَاغَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ شَمُّهُ يَذْهَبُ
بِصَرْعِ الصِّبْيَانِ .
( وَرْدٌ ) مُرَكَّبٌ مِنْ جَوْهَرَيْنِ
مَائِيٍّ وَأَرْضِيٍّ فِيهِ حَرَافَةٌ وَقَبْضٌ وَمَرَارَةٌ وَمَرَارَتُهُ
تَقِلُّ إذَا يَبِسَ ، بَارِدٌ فِي الْأُولَى يَابِسٌ فِي أَوَّلِ
الثَّانِيَةِ وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ مُتَوَسِّطٌ فِي الْغِلَظِ
وَاللَّطَافَةِ ، تَجْفِيفُهُ أَقْوَى مِنْ قَبْضِهِ ، يُقَوِّي
الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ وَاللِّثَةَ وَالْأَسْنَانَ وَيُصْلِحُ نَتَنَ
الْعَرَقِ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْحَمَّامِ وَيَقْطَعُ الثَّآلِيلَ .
وَإِذَا
اُسْتُعْمِلَ مَسْحُوقًا يَنْفَعُ مِنْ الْقُرُوحِ وَالسُّجُوحِ فِي
الْمُعَلَّى وَيُنْبِتُ اللَّحْمَ فِي الْقَرْحَةِ الْعَمِيقَةِ ،
مُسَكِّنٌ لِلصُّدَاعِ الْحَارِّ ، مُهَيِّجٌ لِلزُّكَامِ وَالْعِطَاشِ
وَأَقْمَاعُهُ تَنْفَعُ مِنْ نَفْثِ الدَّمِ وَهُوَ نَافِعٌ لِلْكَبِدِ
وَالْمَعِدَةِ .
وَيُسَكِّنُ أَوْجَاعَ السَّفْلِ طِلَاءً بِرِيشَةٍ وَيُحْتَقُّ بِطِّيخُهُ لِقُرُوحِ الْأَمْعَاءِ ، وَالطَّرِيُّ مِنْهُ يُسْهِلُ .
عَشَرَةَ
دَرَاهِمَ مِنْهُ عَشَرَةُ مَجَالِسَ ، وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْهُ
تَنْفَعُ مِنْ حَرَارَةِ حُمَّى الرَّبِيعِ ، وَيَابِسُهُ لَا يُسَهِّلُ ،
وَإِذَا طُبِخَ مَعَ الْعَدَسِ وَضُمِّدَتْ بِهِ الْمَعِدَةُ نَفَعَ
قُرُوحَهَا وَإِذَا أُمْسِكَ فِي الْفَمِ نَفَعَ مِنْ النَّتْنِ
تَحْلِيلٌ قَوِيٌّ وَيَنْفَعُ الزُّكَامَ الْبَارِدَ وَيَفْتَحُ سُدَدَ
الدِّمَاغِ وَالْمَنْخَرَيْنِ وَيَنْفَعُ مِنْ الصُّدَاعِ عَنْ رُطُوبَةٍ
أَوْ سَوْدَاءَ وَيُصَدِّعُ الرُّءُوسَ الْحَارَّةَ ، وَيُصْلِحُهُ
الْبَنَفْسَجُ أَوْ الْكَافُورُ .
وَأَصْلُهُ وَهُوَ بَصَلٌ يُدْمِلُ
الْقُرُوحَ الْغَائِرَةَ إلَى الْعَصَبِ وَلَهُ قُوَّةٌ جَالِيَةٌ
جَاذِبَةٌ تَجْذِبُ مِنْ الْقَمَرِ وَيَجْلُو وَيُخْرِجُ الشَّوْكَ
وَيَجْلُو الْكَلَفَ وَيَنْفَعُ مِنْ دَاءِ الثَّعْلَبِ وَيُهَيِّجُ
الدينلات ، وَأَكْلُهُ يُهَيِّجُ الْقَيْءَ وَيَجْذِبُ الرُّطُوبَةَ مِنْ
قَعْرِ الْبَدَنِ وَالْمُحْدَقُ مِنْهُ إذَا شُقَّ بَصَلُهُ صَلِيبًا
وَغُرِسَ صَارَ مُضَاعَفًا وَمَنْ أَدَمْنَ شَمَّهُ فِي الشِّتَاءِ أَمِنَ
الْبِرْسَامَ فِي الصَّيْفِ ، وَفِيهِ مِنْ الْعِطْرِيَّةِ مَا يُقَوِّي
الْقَلْبَ وَالدِّمَاغَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ شَمُّهُ يَذْهَبُ
بِصَرْعِ الصِّبْيَانِ .
( وَرْدٌ ) مُرَكَّبٌ مِنْ جَوْهَرَيْنِ
مَائِيٍّ وَأَرْضِيٍّ فِيهِ حَرَافَةٌ وَقَبْضٌ وَمَرَارَةٌ وَمَرَارَتُهُ
تَقِلُّ إذَا يَبِسَ ، بَارِدٌ فِي الْأُولَى يَابِسٌ فِي أَوَّلِ
الثَّانِيَةِ وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ مُتَوَسِّطٌ فِي الْغِلَظِ
وَاللَّطَافَةِ ، تَجْفِيفُهُ أَقْوَى مِنْ قَبْضِهِ ، يُقَوِّي
الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ وَاللِّثَةَ وَالْأَسْنَانَ وَيُصْلِحُ نَتَنَ
الْعَرَقِ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْحَمَّامِ وَيَقْطَعُ الثَّآلِيلَ .
وَإِذَا
اُسْتُعْمِلَ مَسْحُوقًا يَنْفَعُ مِنْ الْقُرُوحِ وَالسُّجُوحِ فِي
الْمُعَلَّى وَيُنْبِتُ اللَّحْمَ فِي الْقَرْحَةِ الْعَمِيقَةِ ،
مُسَكِّنٌ لِلصُّدَاعِ الْحَارِّ ، مُهَيِّجٌ لِلزُّكَامِ وَالْعِطَاشِ
وَأَقْمَاعُهُ تَنْفَعُ مِنْ نَفْثِ الدَّمِ وَهُوَ نَافِعٌ لِلْكَبِدِ
وَالْمَعِدَةِ .
وَيُسَكِّنُ أَوْجَاعَ السَّفْلِ طِلَاءً بِرِيشَةٍ وَيُحْتَقُّ بِطِّيخُهُ لِقُرُوحِ الْأَمْعَاءِ ، وَالطَّرِيُّ مِنْهُ يُسْهِلُ .
عَشَرَةَ
دَرَاهِمَ مِنْهُ عَشَرَةُ مَجَالِسَ ، وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْهُ
تَنْفَعُ مِنْ حَرَارَةِ حُمَّى الرَّبِيعِ ، وَيَابِسُهُ لَا يُسَهِّلُ ،
وَإِذَا طُبِخَ مَعَ الْعَدَسِ وَضُمِّدَتْ بِهِ الْمَعِدَةُ نَفَعَ
قُرُوحَهَا وَإِذَا أُمْسِكَ فِي الْفَمِ نَفَعَ مِنْ النَّتْنِ
وَالْقِلَاعِ لَا سِيَّمَا إذَا خُلِطَ مَعَهُ الْعَدَسُ .
وَالْكَافُورُ
، وَشَمُّ الطَّرِيِّ يُقَوِّي الدِّمَاغَ وَالْقَلْبَ وَهُوَ يَقْطَعُ
شَهْوَةَ الْبَاهِ إذَا اُضْطُجِعَ عَلَى الْمَفْرُوشِ مِنْهُ أَوْ أُكِلَ
لِتَبْرِيدِهِ وَتَجْفِيفِهِ ، وَمَاءُ الْوَرْدِ بَارِدٌ وَقِيلَ حَارٌّ
يَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُسَكِّنُ وَجَعَ الْعَيْنِ مِنْ حَرَارَةٍ وَإِذَا
تَجَرَّعَ مِنْهُ نَفَعَ مِنْ الْغَشْيِ وَنَفْثِ الدَّمِ وَقَوِيٌّ
لِلْقُوَّةِ وَآلَاتِهَا ، وَالْمَعِدَةِ خَشِنُ الصَّدْرِ وَيُصْلِحُهُ
نَبَاتُ الْجُلَّابِ مِنْ الْوَرْدِ نَوْعٌ حَارٌّ مُحْرِقٌ .
( وَرْدٌ
صِينِيٌّ ) وَهُوَ وَرْدُ النِّسْرِينِ هُوَ كَالْيَاسَمِينِ فِي
أَفْعَالِهِ وَأَضْعَفَ مِنْهُ وَدَهْنُهُ كَدُهْنِ النِّرْجِسِ وَهُوَ
حَارٌّ يَابِسٌ فِي الْأُولَى وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ مُنَقٍّ مُلَطِّفٌ
يَنْفَعُ مِنْ بَرْدِ الْعَصَبِ وَيَقْتُلُ الدِّيدَانَ فِي الْأُذُنِ
وَيَنْفَعُ مِنْ طَنِينِهَا وَدَوِيِّهَا وَيَفْتَحُ سَدَدَ
الْمِنْخَرَيْنِ وَيُسَكِّنُ الْقَيْءَ وَالْفَوَاقَ .
( وَرْدُ
الْخِلَافِ ) وَوَرْدُ التُّفَّاحِ وَوَرْدُ الْكُمَّثْرَى وَوَرْدُ
السَّفَرْجَلِ بَارِدٌ يُقَوِّي الْقَلْبَ وَالدِّمَاغَ ( وَرْدُ
الْجُورِيِّ ) أَجْوَدُهُ الْأَصْفَرُ حَارٌّ فِي الْأُولَى مُعْتَدِلٌ
فِي الْيُبْسِ مُلَطِّفٌ مُحَلِّلٌ شَمُّهُ يَنْفَعُ الدِّمَاغَ
الْبَارِدَ .
الرَّطْبُ يُحَلِّلُ الرِّيَاحَ الْغَلِيظَةَ وَمَاؤُهُ
الْمَطْبُوخُ إذَا شُرِبَ أَدَرَّ الْحَيْضَ وَأَسْقَطَ الْمَشِيمَةَ
وَيُحَلِّلُ أَوْرَامَ الرَّحِمِ إذَا طُلِيَ عَلَى الْعَانَةِ .
(
لَاذَنُ ) هُوَ رُطُوبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِشَعْرِ الْمِعْزَى وَلِحَاهَا
إذَا رَعَتْ نَبَاتًا مَعْرُوفًا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلٌّ وَتَرْتَكِمُ
عَلَيْهِ نَدَاوَةٌ فَإِذَا عَلِقَ بِشَعْرِ الْمِعْزَى أُخِذَ عَنْهَا
وَكَانَ اللَّاذَنُ .
وَالرَّدِيءُ مِنْهُ مَا يَعْلَقُ بِأَظْلَافِهَا
وَأَجْوَدُهُ الدَّسَمُ الرَّزِينُ الطَّيِّبُ الرِّيحِ الَّذِي لَوْنُهُ
إلَى الصُّفْرَةِ وَهُوَ حَارٌّ فِي آخِرِ الْأُولَى وَقِيلَ فِي آخِرِ
الثَّانِيَةِ رَطْبٌ وَقِيلَ يَابِسٌ وَهُوَ لَطِيفٌ جِدًّا وَفِيهِ
يَسِيرُ قَبْضٍ ، مُنْضِجٌ لِلرُّطُوبَاتِ الْغَلِيظَةِ اللَّزِجَةِ ،
وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ الْمُنْتَثِرَ
وَيُكَثِّفُهُ وَيَحْفَظُهُ
مَعَ دَهْنِ الْآسِ وَيُخْرِجُ الْجَنِينَ الْمَيِّتَ وَالْمَشِيمَةَ
تَدْخِينًا فِي قَمْعٍ ، وَإِنْ شُرِبَ بِشَرَابٍ عَقَلَ الْبَطْنَ
وَأَدَرَّ الْبَوْلَ وَهُوَ يُنَقِّي الْبَلْغَمَ وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ
مِنْهُ إلَى نِصْفِ دِرْهَمٍ وَيُلَيِّنُ صَلَابَةَ الْمَعِدَةِ
وَالْكَبِدِ وَيُقَوِّيهِمَا إذَا كَانَ قَدْ نَالَهُمَا ضَعْفٌ مِنْ
بَرْدٍ .
( يَاسَمِينٌ ) وَيُقَالُ لَهُ يَاسَمُونُ وَهُوَ أَبْيَضُ
وَأَصْفَرُ وَأُرْجُوَانِيٌّ ، وَالْأَبْيَضُ أَسْمَنُهُ وَبَعْدَهُ
الْأَصْفَرُ وَهُوَ يَابِسٌ حَارٌّ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ وَقِيلَ
فِي الثَّانِيَةِ وَيُلَطِّفُ الرُّطُوبَاتِ وَيُذْهِبُ الْكَلَفَ
وَيُحَلِّلُ الصُّدَاعَ الْبَلْغَمِيِّ إذَا شُمَّ وَيَنْفَعُ أَصْحَابَ
اللَّقْوَةِ وَالْفَالِجِ وَيَفْتَحُ السَّدَدَ وَيَنْفَعُ مِنْ عِرْقِ
النَّسَا وَكَثِيرُهُ يَنْفَعُ الطِّحَالَ وَيُوَرِّثُ الصَّفَّارَ
وَرَائِحَتُهُ مُصَدِّعَةٌ وَيُصْلِحُهُ الْكَافُورُ .
فَصْلٌ ( فِي عِرْقِ النَّسَاءِ وَمَا وَرَدَ فِي دَوَائِهِ ) .
عَنْ
أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { دَوَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ
شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ ثُمَّ تُجَزَّأُ فِي ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ
ثُمَّ تُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ } رَوَاهُ ابْنُ
مَاجَهْ وَلِأَحْمَدَ { أَلْيَةُ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ لَيْسَ
بِالْعَظِيمِ وَلَا الصَّغِيرِ } .
( عِرْقُ النَّسَا ) وَجَعٌ
يَبْتَدِئُ مِنْ مَفْصِلِ الْوَرِكِ وَيَنْزِلُ مِنْ خَلْفٍ عَلَى
الْفَخِذِ وَرُبَّمَا امْتَدَّ عَلَى الْكَعْبِ وَكُلَّمَا طَالَتْ
مُدَّتُهُ زَادَ نُزُولُهُ وَتَهْزِلُ مَعَهُ الرِّجْلُ وَالْفَخِذُ وَفِي
هَذَا الْخَبَرِ تَسْمِيَةُ هَذَا الْمَرَضِ بِعِرْقِ النَّسَاءِ أَعَمُّ
مِنْ النَّسَاءِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ كَكُلِّ
الدِّرْهَمِ أَوْ بَعْضِهَا ، وَإِنَّ النَّسَا هُوَ الْمَرَضُ الْحَالُّ
بِالْعِرْقِ فَهُوَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى مَحَلِّهِ وَمَنَعَ
بَعْضُهُمْ مِنْ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ وَقَالَ : النَّسَا هُوَ الْعِرْقُ
نَفْسُهُ فَيَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَهُوَ
مُمْتَنِعٌ ، وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ أَلَمَهُ يُنْسِي مَا
سِوَاهُ .
وَهَذَا الْخَبَرُ خِطَابٌ لِأَهْلِ الْحِجَازِ وَمَا
قَارَبَهُمْ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَرَضَ يَحْدُثُ مِنْ يُبْسٍ أَوْ
مَادَّةٍ غَلِيظَةٍ أَوْ لَزِجَةٍ فَعِلَاجُهَا بِالْإِسْهَالِ
وَالْأَلْيَةُ فِيهَا الْخَاصَّتَانِ الْإِنْضَاجُ وَالْإِخْرَاجُ
وَتَعْيِينُ الشَّاةِ بِالْأَعْرَابِيَّةِ لِقِلَّةِ فُضُولِهَا
وَرَعْيِهَا نَبَاتَ الْبَرِّ الْحَارِّ كَالشِّيحِ ، وَالْغَالِبُ عَلَى
النَّاسِ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ الْمُفْرَدَةِ ، وَغَالِبُ
أَطِبَّاءِ الْهِنْدِ وَالرُّومِ وَالْيُونَانِ يَعْتَنُونَ
بِالْمُرَكَّبَةِ وَالتَّحْقِيقُ اخْتِلَافُ الدَّوَاءِ بِاخْتِلَافِ
الْغِذَاءِ فَالْعَرَبُ وَالْبَوَادِي غِذَاؤُهُمْ بَسِيطٌ فَمَرَضُهُمْ
بَسِيطٌ ، فَدَوَاؤُهُمْ بَسِيطٌ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ .
فَصْلٌ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ { أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا بِمَاذَا
كُنْتِ تَسْتَمْشِينَ ؟ قَالَتْ بِالشُّبْرُمِ قَالَ حَارٌّ حَارٌّ ثُمَّ
قَالَتْ اسْتَمْشَيْت بِالسَّنَا فَقَالَ لَوْ كَانَ شَيْءٌ يَشْفِي مِنْ
الْمَوْتِ لَكَانَ السَّنَا } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ .
وَلِابْنِ
مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرَامٍ { عَلَيْكُمْ
بِالسَّنَا وَالسَّنُّوتِ فَإِنَّ فِيهِمَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ
إلَّا السَّامَ قِيلَ وَمَا السَّامُ ؟ قَالَ الْمَوْتُ } بَعْضُ
الْأَعْرَابِ يَقُولُونَ فِي السَّنُّوتِ تَسْمِينٌ أَيْ تَلْيِينُ
الطَّبْعِ ، وَيُسَمِّي الدَّوَاءَ الْمُسْهِلَ مَشْيًا عَلَى وَزْنِ
فَعِيلٍ ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَسْهُولَ يُكْثِرُ الْمَشْيَ لِلْحَاجَةِ .
(
وَالشُّبْرُمُ ) قِشْرُ عِرْقِ شَجَرَةٍ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الرَّابِعَةِ
لَمْ يَرَ الْأَطِبَّاءُ اسْتِعْمَالَهُ لِفَرْطِ إسْهَالِهِ وَهُوَ
يُسْهِلُ الدَّوَاءَ وَالْكَيْمُوسَ الْغَلِيظَ وَالْمَاءَ الْأَصْفَرَ
وَالْبَلْغَمَ ، مُكْرِبٌ مُغِثُّ ، وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يَقْتُلُ .
وَيَنْبَغِي
إذَا اُسْتُعْمِلَ أَنْ يُنْقَعَ فِي اللَّبَنِ الْحَلِيبِ يَوْمًا
وَلَيْلَةً وَيُغَيَّرُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ
أَوْ ثَلَاثًا وَيُخْرَجُ وَيُجَفَّفُ فِي الظِّلِّ وَيُخْلَطُ مَعَهُ
الْوَرْدُ وَالْكَثِيرَا أَوْ يُشْرَبُ بِمَاءِ الْعَسَلِ أَوْ عَصِيرِ
الْعِنَبِ .
وَالشَّرْبَةُ مِنْهُ مِنْ دَانَقَيْنِ إلَى أَرْبَعَةٍ
بِحَسَبِ الْقُوَّةِ ، وَقِيلَ إنَّ الشُّبْرُمَ لَا خَيْرَ فِيهِ قَتَلَ
بِهَا أَطِبَّاءُ الطُّرُقَاتِ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ ، وَقَوْلُهُ {
حَارٌّ حَارٌّ } وَيُرْوَى { حَارٌّ بَارٌّ } .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ
أَكْثَرُ كَلَامِهِمْ بِالْبَاءِ قِيلَ الْحَارُّ الشَّدِيدُ الْإِسْهَالِ
، وَقِيلَ هُوَ مِنْ الِاتِّبَاعِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ تَأْكِيدُ
الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ فِي الْحَارِّ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الَّذِي
يَحَرُّ مَا تُصِيبُهُ لِشِدَّةِ حَرَارَتِهِ ، وَأَمَّا بَارٌّ فَلُغَةٌ
فِي حَارٍّ كَصِهْرِيجٍ وَصِهْرِي وَالصَّهَارِي وَالصَّهَارِيجُ أَوْ
اتِّبَاعٌ .
وَأَمَّا السَّنَا فَبِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ نَبْتٌ حِجَازِيٌّ أَفْضَلُهُ الْمَكِّيُّ
مَأْمُونٌ
حَارٌّ يَابِسٌ فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى يُسَهِّلُ الصَّفْرَاءَ
وَالسَّوْدَاءَ وَيُقَوِّي جُرْمَ الْقَلْبِ ، وَخَاصِّيَّتُهُ النَّفْعُ
مِنْ الْوَسْوَاسِ السَّوْدَاوِيِّ وَمِنْ الشِّقَاقِ الْعَارِضِ فِي
الْبَدَنِ وَيَفْتَحُ الْعَضَلَ وَانْتِشَارَ الشَّعْرِ ، وَمِنْ
الْقَمْلِ وَالصُّدَاعِ الْعَتِيقِ وَالْجَرَبِ وَالْبُثُورِ وَالْحَكَّةِ
وَالصَّرَعِ ، وَشُرْبُ مَائِهِ مَطْبُوخًا أَصْلَحُ مِنْ شُرْبِهِ
مَدْقُوقًا وَقَدْرُ الشَّرْبَةِ مِنْهُ إلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَمِنْ
مِائَةٍ إلَى خَمْسَةٍ ، وَإِنْ طُبِخَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ زَهْرِ
الْبَنَفْسَجِ وَالزَّبِيبِ الْأَحْمَرِ الْمَنْزُوعِ الْعَجَمِ كَانَ
أَصْلَحَ ، وَقِيلَ الشَّرْبَةُ مِنْهُ مِنْ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ إلَى
سَبْعَةٍ .
وَأَمَّا السَّنُّوتُ فَقِيلَ الْعَسَلُ وَقِيلَ رُبُّ
عُكَّةِ سَمْنٍ ، وَقِيلَ الْكَمُّونَ ، وَقِيلَ حَبٌّ يُشْبِهُهُ وَقِيلَ
الرازيانج وَقِيلَ الشَّبِتُّ وَقِيلَ التَّمْرُ وَقِيلَ الْعَسَلُ
الَّذِي يَكُونُ فِي زِقَاقِ السَّمْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا أَقْرَبُ
، فَيُخْلَطُ السَّنَا مَدْقُوقًا بِعَسَلٍ مُخَالِطٍ لِسَمْنٍ ثُمَّ
يُلْعَقُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ إصْلَاحِ السَّنَا وَإِعَانَتِهِ عَلَى
الْإِسْهَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَصْلٌ ( فِي خَوَاصِّ
الْقُسْطِ الْبَحْرِيِّ الْهِنْدِيِّ وَالزَّيْتِ وَالزَّيْتُونِ ) عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ { تَدَاوَوْا مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ بِالْقُسْطِ الْبَحْرِيِّ
وَالزَّيْتِ } وَعَنْهُ أَيْضًا { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْعَتُ الزَّيْتَ وَالْوَرْسَ مِنْ ذَاتِ
الْجَنْبِ } قَالَ قَتَادَةُ يَلِدُ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي يَشْتَكِيهِ .
رَوَاهُمَا
التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ { وَذَاتُ الْجَنْبِ يَعْنِي
السُّلَّ } وَلِأَحْمَدَ { بِالْعُودِ الْهِنْدِيِّ وَالزَّيْتِ }
وَلِابْنِ مَاجَهْ { وَرْسًا قُسْطًا وَزَيْتًا } .
وَذَاتُ الْجَنْبِ
الْحَقِيقِيِّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ وَرَمٌ حَارٌّ يَعْرِضُ فِي
الْغِشَاءِ الْمُسْتَبْطِنِ لِلْأَضْلَاعِ وَغَيْرُ الْحَقِيقِيِّ وَجَعٌ
يُشْبِهُهُ يَعْرِضُ فِي نَوَاحِي الْجَنْبِ عَنْ رِيَاحٍ غَلِيظَةٍ
مُؤْذِيَةٍ تُحْتَقَنُ بَيْنَ الصِّفَاقَاتِ وَالْوَجَعُ فِي هَذَا
مَمْدُودٌ وَفِي الْحَقِيقِيِّ نَاخِسٌ .
قَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ
قَدْ يَعْرِضُ فِي الْجَنْبِ وَالصِّفَاقَاتِ وَالْعَضَلِ الَّذِي فِي
الصُّدُورِ وَالْأَضْلَاعِ وَنَوَاحِيهَا أَوْرَامٌ مُوجِعَة تُسَمَّى
شُوصًا وَبِرْسَامًا وَذَاتَ الْجَنْبِ وَقَدْ تَكُونُ أَوْجَاعٌ فِي
هَذِهِ الْأَعْضَاءِ لَيْسَتْ مِنْ وَرَمٍ وَلَكِنْ مِنْ رِيَاحٍ
غَلِيظَةٍ فَيَظُنُّ أَنَّهَا مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَلَا يَكُونُ .
قَالَ
: وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ وَجَعٍ فِي الْجَنْبِ قَدْ يُسَمَّى ذَاتَ
الْجَنْبِ اشْتِقَاقًا مِنْ مَكَانِ الْأَلَمِ لِأَنَّ مَعْنَى ذَاتِ
الْجَنْبِ صَاحِبَةُ الْجَنْبِ وَالْغَرَضُ هَهُنَا وَجَعُ الْجَنْبِ
فَإِذَا عَرَضَ فِي الْجَنْبِ أَلَمٌ عَنْ أَيْ سَبَبٍ كَانَ نُسِبَ
إلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ كَلَامُ أَبُقْرَاطَ فِي قَوْلِهِ إنَّ
أَصْحَابَ ذَاتِ الْجَنْبِ يَنْتَفِعُونَ بِالْحَمَّامِ قِيلَ الْمُرَادُ
بِهِ كُلُّ مَنْ بِهِ وَجَعُ جَنْبٍ أَوْ وَجَعُ رِثَّةٍ مِنْ سُوءِ
مِزَاجٍ أَوْ مِنْ أَخْلَاطٍ غَلِيظَةٍ أَوْ لَذَّاعَةٍ مِنْ غَيْرِ
وَرَمٍ وَلَا حُمَّى .
قَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى ذَاتِ الْجَنْبِ فِي لُغَةِ الْيُونَانِ وَرَمُ الْجَنْبِ الْحَادِّ أَوْ وَرَمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
الْأَعْضَاءِ
الْبَاطِنَةِ وَيَلْزَمُ ذَاتَ الْجَنْبِ الْحَقِيقِيِّ وَالسُّعَالُ
وَالْوَجَعُ النَّاخِسُ وَضِيقُ النَّفَسِ وَالنَّبْضِ الْمُتَسَاوِي
وَالْعِلَاجُ الْمَوْجُودُ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادُ الْحَدِيثِ بَلْ
الْكَائِنُ عَنْ الرِّيحِ الْغَلِيظَةِ فَإِنَّ الْقُسْطَ الْبَحْرِيَّ .
قَالَ
بَعْضُهُمْ : وَهُوَ الْعُودُ الْهِنْدِيُّ إذَا دُقَّ نَاعِمًا وَخُلِطَ
بِهِ الزَّيْتُ الْمُسَخَّنُ وَدُلِكَ بِهِ مَكَانُ الرِّيحِ الْمَذْكُورِ
أَوْ لُعِقَ كَانَ دَوَاءً مُوَافِقًا لِذَلِكَ نَافِعًا مُحَلِّلًا
مُقَوِّيًا لِلْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ وَيَطْرُدُ الرِّيحَ وَيَفْتَحُ
السَّدَدَ نَافِعٌ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ وَيُذْهِبُ فَضْلَ الرُّطُوبَةِ ،
وَالْعُودُ الْمَذْكُورُ جَيِّدٌ لِلدِّمَاغِ .
قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ
يَنْفَعَ الْقُسْطُ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ الْحَقِيقِيِّ إذَا كَانَ
حُدُوثُهَا عَنْ مَادَّةٍ بَلْغَمِيَّةٍ لَا سِيَّمَا وَقْتَ انْحِطَاطِ
الْعِلَّةِ ، وَقَدْ عُرِفَ بِذَلِكَ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ : إنَّ
الْأَطِبَّاءَ تُنْكِرُ مُدَاوَاةَ ذَاتِ الْجَنْبِ بِالْقُسْطِ
لِحَرَارَتِهِ الشَّدِيدَةِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : اتَّفَقَ
الْأَطِبَّاءُ أَنَّهُ يُدِرُّ الطَّمْثَ وَالْبَوْلَ وَيَنْفَعُ مِنْ
السَّمُومِ وَيُحَرِّكُ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَيَقْتُلُ الدُّودَ وَحَبَّ
الْقَرْعِ فِي الْأَمْعَاءِ إذَا شُرِبَ بِعَسَلٍ وَيُذْهِبُ الْكَلَفَ
إذَا طُلِيَ عَلَيْهِ وَيَنْفَعُ مِنْ بَرْدِ الْمَعِدَةِ وَالْكَبِدِ
وَالْبَرْدِ وَمِنْ حُمَّى الدَّوْرِ وَالرُّبْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ
صِنْفَانِ ، وَقِيلَ أَكْثَرُ ، بَحْرِيٌّ وَهُوَ الْأَبْيَضُ ،
وَهِنْدِيٌّ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْبَحْرِيُّ أَفْضَلُ مِنْهُ
وَأَقَلُّ حَرَارَةً ، وَقِيلَ هُمَا حَارَّانِ يَابِسَانِ فِي
الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ .
وَالْهِنْدِيُّ أَشَدُّ حَرًّا وَقِيلَ
الْقُسْطُ حَارٌّ فِي الثَّانِيَةِ ، وَقَدْ ذَكَرَ جَالِينُوسُ أَنَّهُ
يَنْفَعُ مِنْ يَنْفَعُ مِنْ الْكُزَازِ بِضَمِّ الْكَافِ وَبِالزَّايِ
دَاءٌ يَأْخُذُ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ وَإِنَّهُ يَنْفَعُ مِنْ وَجَعِ
الْجَبِينِ .
وَأَمَّا الزَّيْتُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { يُوقَدُ
مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ
يَكَادُ زَيْتُهَا
يُضِيءُ } .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ ثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا
مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
مَرْفُوعًا { ائْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ
شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ } إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ وَسَأَلَ أَبُو طَالِبٍ
لِأَحْمَدَ عَنْهُ وَلَفْظُهُ { كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ
فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ } وَفِيهِ عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عُمَرَ فَقَالَ خَطَأٌ لَيْسَ فِيهِ عُمَرُ إنَّمَا لَقَّنُوهُ عَنْ
عُمَرَ فَقَالَ عَنْ عُمَرَ إنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ يَعْنِي كَذَلِكَ وَكَذَا قَالَ ابْنُ مَعِينٍ ، وَرَوَاهُ
عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِذِكْرِ
عُمَرَ فِيهِ .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ .
قَالَ
الْأَطِبَّاءُ الزَّيْتُ حَارٌّ بِاعْتِدَالٍ إلَى رُطُوبَةٍ وَقِيلَ
حَارٌّ رَطْبٌ وَقِيلَ يَابِسٌ وَالْمُعْتَصَرُ مِنْ الزَّيْتُونِ
النَّضِيجِ أَعْدَلُ وَأَجْوَدُ مِنْ الْفَجِّ مِنْهُ فِيهِ بَرْدٌ
وَيُبْسٌ وَمِنْ الزَّيْتُونِ الْأَحْمَرِ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ
الزَّيْتَيْنِ وَمِنْ الْأَسْوَدِ يُسَخَّنُ وَيُرَطِّبُ بِاعْتِدَالٍ
وَيَنْفَعُ مِنْ السَّمُومِ وَيَنْفَعُ الْبَطْنَ وَيُخْرِجُ الدُّودَ ،
وَالْعَتِيقُ مِنْهُ أَشَدُّ إسْخَانًا وَتَحْلِيلًا يُطْلَى بِهِ
النِّقْرِسُ .
وَالْمَغْسُولُ مِنْ الزَّيْتِ يُوَافِقُ أَوْجَاعَ
الْأَعْصَابِ وَالنَّسَاءِ ، وَغَسْلُهُ أَنْ يُضْرَبَ مَعَ الْمَاءِ
الْعَذْبِ الْمُفْتِرِ مَرَّاتٍ وَيُطْفِي زَيْتَ الْإِنْفَاقِ أَنْ
يُعْتَصَرَ مِنْ الزَّيْتُونِ الْأَخْضَرِ قَالَ بَعْضُهُمْ : بِالْمَاءِ
خَيْرُ أَنْوَاعِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ أَقَلُّ حَرَارَةً وَأَلْطَفُ
وَأَبْلَغُ فِي النَّفْعِ .
وَذَكَرَ ابْنُ جَزْلَةَ أَنَّ هَذَا بَارِدٌ يَابِسٌ وَجَمِيعُ الزَّيْتِ مُلَيِّنٌ لِلْبَشَرَةِ وَيُبْطِئُ بِالشَّيْبِ .
وَأَمَّا
الزَّيْتُونُ الْمَالِحُ يَمْنَعُ مِنْ نُقَطِ حَرْقِ النَّارِ وَيَشُدُّ
اللِّثَةَ وَوَرَقُهُ يَنْفَعُ مِنْ الْحُمْرَةِ وَالنَّمْلَةِ
وَالْقُرُوحِ وَالْبُشْرِيِّ وَيَمْنَعُ الْعَرَقَ وَيَنْفَعُ مِنْ
الدَّاحِسِ وَمَنَافِعُهُ
كَثِيرَةٌ .
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
وَأَمَّا الْوَرْسُ فَعَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ { كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا
وَكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالْوَرْسِ مِنْ الْكَلَفِ } رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ
مُخْتَلَفٌ فِي حُسْنِهِ وَضَعْفِهِ .
( الْوَرْسُ ) يُجْلَبُ مِنْ
الْيَمَنِ قِيلَ يُنْتَحَتُ مِنْ أَشْجَارِهِ وَقِيلَ يُزْرَعُ بِهَا
وَلَا يَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ بَرِيءٌ وَيُزْرَعُ سَنَةً فَيَبْقَى عَشْرَ
سِنِينَ يَنْبُتُ وَيُثْمِرُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ فِي الْحَرَارَةِ
وَالْيُبُوسَةِ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ : فِي
أَوَّلِهَا .
وَأَجْوَدُهُ الْأَحْمَرُ اللَّيِّنُ فِي الْيَدِ
الْقَلِيلُ النُّخَالَةِ ، قَابِضٌ لَطِيفٌ يَمْنَعُ مِنْ الْكَلَفِ
وَالنَّمَشِ وَالْحَكَّةِ وَالْبُثُورِ فِي سَطْحِ الْبَدَنِ وَالْبَهَقِ
وَالسَّفْعَةِ طِلَاءٌ ، وَإِذَا شُرِبَ مَنَعَ الْوَضَحَ وَفَتَّتَ
الْحَصَاةَ وَنَفَعَ مِنْ أَوْجَاعِ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ الْبَارِدَةِ
وَقَدْرُ مَا يُشْرَبُ مِنْهُ دِرْهَم وَقِيلَ يَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ
وَيُصْلِحُهُ الْعَسَلُ قَالَ بَعْضُهُمْ : مَنَافِعُهُ تَقْرُبُ مِنْ
مَنَافِعِ الْقُسْطِ الْبَحْرِيِّ .
أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ { كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا
وَكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالْوَرْسِ مِنْ الْكَلَفِ } رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ
مُخْتَلَفٌ فِي حُسْنِهِ وَضَعْفِهِ .
( الْوَرْسُ ) يُجْلَبُ مِنْ
الْيَمَنِ قِيلَ يُنْتَحَتُ مِنْ أَشْجَارِهِ وَقِيلَ يُزْرَعُ بِهَا
وَلَا يَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ بَرِيءٌ وَيُزْرَعُ سَنَةً فَيَبْقَى عَشْرَ
سِنِينَ يَنْبُتُ وَيُثْمِرُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ فِي الْحَرَارَةِ
وَالْيُبُوسَةِ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ : فِي
أَوَّلِهَا .
وَأَجْوَدُهُ الْأَحْمَرُ اللَّيِّنُ فِي الْيَدِ
الْقَلِيلُ النُّخَالَةِ ، قَابِضٌ لَطِيفٌ يَمْنَعُ مِنْ الْكَلَفِ
وَالنَّمَشِ وَالْحَكَّةِ وَالْبُثُورِ فِي سَطْحِ الْبَدَنِ وَالْبَهَقِ
وَالسَّفْعَةِ طِلَاءٌ ، وَإِذَا شُرِبَ مَنَعَ الْوَضَحَ وَفَتَّتَ
الْحَصَاةَ وَنَفَعَ مِنْ أَوْجَاعِ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ الْبَارِدَةِ
وَقَدْرُ مَا يُشْرَبُ مِنْهُ دِرْهَم وَقِيلَ يَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ
وَيُصْلِحُهُ الْعَسَلُ قَالَ بَعْضُهُمْ : مَنَافِعُهُ تَقْرُبُ مِنْ
مَنَافِعِ الْقُسْطِ الْبَحْرِيِّ .
فَصْلٌ ( فِي الصُّدَاعِ
وَأَسْبَابِهِ وَفَائِدَةِ الْحِجَامَةِ وَالْحِنَّاءِ فِيهِ ) عَنْ
سَلْمَى خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ {
مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ يَشْكُو إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إلَّا قَالَ لَهُ احْتَجِمْ
وَلَا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ إلَّا قَالَ اخْضِبْهُمَا بِالْحِنَّاءِ }
حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد ، وَلِأَحْمَدَ أَيْضًا
وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ بِالْإِسْنَادِ الْحَسَنِ قَالَ { كُنْت
أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانَتْ
تُصِيبُهُ قَرْحَةٌ وَلَا نَكْبَةٌ إلَّا أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ عَلَيْهَا
الْحِنَّاءَ } وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ
إذَا صُدِعَ غَلَّفَ رَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَيَقُولُ إنَّهُ نَافِعٌ
بِإِذْنِ اللَّهِ مِنْ الصُّدَاعِ } .
( الصُّدَاعُ ) وَجَعٌ فِي
الرَّأْسِ فَمَا كَانَ لَازِمًا فِي أَحَدِ شِقَّيْهِ سُمِّيَ شَقِيقَةٌ
وَإِنْ كَانَ شَامِلًا لِجَمِيعِهِ لَازِمًا سُمِّيَ بَيْضَةً وَخُوذَةً
تَشْبِيهًا بِبَيْضَةِ السِّلَاحِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى الرَّأْسِ
كُلِّهِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ وَفِي مُقَدَّمِهِ ،
وَحَقِيقَةُ سُخُونَةِ الرَّأْسِ وَاحْتِمَاؤُهُ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ
الْبُخَارِ يَطْلُبُ النُّفُوذَ مِنْ الرَّأْسِ فَلَا يَجِدُ مَنْفَذًا
فَيُصَدِّعُهُ كَمَا يَتَصَدَّعُ الْوِعَاءُ إذَا حُمِّي مَا فِيهِ
وَطَلَبَ النُّفُوذَ ، وَكُلُّ رَطْبٍ إذَا حُمِّي طَلَبَ مَكَانًا
أَوْسَعَ مِنْ مَكَانِهِ لِلَّذِي كَانَ .
وَلِلصُّدَاعِ أَسْبَابٌ
أَحَدُهَا مِنْ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعَةِ وَمِنْ قُرُوحٍ فِي
الْمَعِدَةِ وَمِنْ رِيحٍ غَلِيظَةٍ فِيهَا وَعَنْ وَرَمٍ فِي عُرُوقِهَا
وَعَنْ امْتِلَائِهَا وَبَعْدَ الْجِمَاعِ وَبَعْدَ الْقَيْءِ وَعَنْ
الْجَرِّ وَعَنْ الْبَرْدِ وَعَنْ السَّهَرِ وَعَنْ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ
عَلَيْهِ وَعَنْ كَثْرَةِ الْكَلَامِ وَعَنْ كَثْرَةِ الْحَرَكَةِ وَعَنْ
عَرَضٍ نَفْسَانِيٍّ كَالْهَمِّ وَالْغَمِّ وَعَنْ شِدَّةِ الْجُوعِ
وَعَنْ وَرَمٍ فِي صِفَاتِ الدِّمَاغِ ( السَّبَبُ الْعِشْرُونَ )
الْحُمَّى لِاشْتِعَالِ حَرَارَتِهَا فِيهِ فَيَتَأَلَّمُ .
وَسَبَبُ
صُدَاعِ الشَّقِيقَةِ مَادَّةٌ فِي شَرَايِينِ الرَّأْسِ وَحْدَهَا
حَاصِلَةٌ فِيهَا أَوْ مُرْتَقِيَةٌ إلَيْهَا فَيَقْبَلُهَا الْجَانِبُ
الْأَضْعَفُ مِنْ جَانِبَيْهِ ، وَتِلْكَ الْمَادَّةُ إمَّا بُخَارِيَّةٌ
وَإِمَّا أَخْلَاطٌ حَارَّةٌ أَوْ بَارِدَةٌ وَعَلَامَتُهَا الْخَاصَّةُ
بِهَا ضَرْبَانِ لِلشَّرَايِينِ وَخَاصَّةً فِي الدَّمَوِيِّ ، وَإِذَا
ضُبِطَتْ بِالْعَصَائِبِ وَمُنِعَتْ مِنْ الضَّرْبَانِ سَكَنَ الْوَجَعُ ،
وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ
عَصَّبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ فِي مَرَضِهِ } فَعَصْبُهُ يَنْفَعُ مِنْ
أَوْجَاعِهِ .
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ عِلَاجَهُ يَخْتَلِفُ
بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهِ فَالْحِنَّاءُ عِلَاجُ بَعْضِ أَسْبَابِهِ
فَيَنْفَعُ نَفْعًا ظَاهِرًا مِنْ حَرَارَةٍ مُلْهِبَةٍ لَا مِنْ مَادَّةٍ
يَجِبُ اسْتِفْرَاغُهَا وَإِنْ ضُمِّدَتْ بِهِ الْجَبْهَةُ مَعَ خَلٍّ
سَكَنَ الصُّدَاعُ ، وَفِيهِ قُوَّةٌ مُوَافِقَةٌ لِلْعَصْبِ إذَا ضُمِّدَ
بِهِ سَكَّنَ أَوْجَاعَهُ وَهَذَا يَعُمُّ الْأَعْضَاءَ ، وَفِيهِ قَبْضٌ
تَشْتَدُّ بِهِ الْأَعْضَاءُ ، وَإِذَا ضُمِّدَ بِهِ مَوْضِعُ الْوَرَمِ
الْحَارِّ الْمُلْتَهِبُ سَكَّنَهُ ، وَالْحِنَّاءُ بَارِدٌ فِي الْأُولَى
يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ مُعْتَدِلُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ
وَقُوَّةُ شَجَرِهِ مُرَكَّبَةٍ مِنْ قُوَّةٍ مُحَالَةٍ اكْتَسَبَتْهَا
مِنْ جَوْهَرٍ فِيهَا مَائِيٍّ حَارٍّ بِاعْتِدَالٍ ، وَمِنْ قُوَّةٍ
قَابِضَةٍ اكْتَسَبَهَا مِنْ جَوْهَرٍ فِيهَا أَرْضِيٍّ بَارِدٍ وَهُوَ
مُحَلِّلٌ نَافِعٌ مِنْ حَرْقِ النَّارِ ، وَيَنْفَعُ مَضْغُهُ مِنْ
قُرُوحِ الْفَمِ وَالسُّلَاقِ الْعَارِضِ فِيهِ ، وَإِذَا خُلِطَ نُورُهُ
مَعَ الشَّمْعِ الْمُصَفَّى ، وَدَهْنِ الْوَرْدِ نَفَعَ مِنْ أَوْجَاعِ
الْجَنْبِ وَيَفْعَلُ فِي الْجُرْحِ فِعْلَ دَمِ الْأَخَوَيْنِ .
وَمِنْ
خَوَاصِّهِ إذَا لُطِخَ بِهِ أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ أَوَّلَ خُرُوجِ
الْجُدَرِيِّ أُمِنَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ مِنْهُ صَحِيحٌ مُجَرَّبٌ ،
وَإِذَا جُعِلَ نُورُهُ بَيْنَ طَيِّ ثِيَابِ الصُّوفِ طَيَّبَهَا
وَمَنَعَ السُّوسَ عَنْهَا ، وَدَهْنُهُ يُحَلِّلُ الْإِعْيَاءَ
وَيُلَيِّنُ الْعَصَبَ ، وَإِذَا نُقِعَ وَرَقُهُ فِي مَاءٍ عَذْبٍ
يَغْمُرُهُ
ثُمَّ عَصَرَهُ وَشَرِبَ مِنْ صَفْوِهِ أَرْبَعِينَ
دِرْهَمًا كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ يَوْمًا مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَكَرَ
وَتَغَدَّى عَلَيْهِ بِلَحْمِ الضَّأْنِ الصَّغِيرِ نَفَعَ مِنْ
ابْتِدَاءِ الْجُذَامِ بِخَاصِّيَّةٍ فِيهِ عَجِيبَةٍ وَيَنْفَعُ
الْأَظْفَارَ مَعْجُونًا وَيُحَسِّنُهَا وَيُعْجَنُ بِسَمْنٍ وَيُضَمَّدُ
بِهِ بَقَايَا وَرَمٍ حَارٍّ الَّذِي يَرْشَحُ مَاءً أَصْفَرَ وَيَنْفَعُ
مِنْ الْجَرَبِ الْمُتَقَرِّحِ مَنْفَعَةً بَلِيغَةً وَهُوَ يُنْبِتُ
الشَّعْرَ وَيُقَوِّيهِ وَيُحَسِّنُهُ وَيُقَوِّي الرَّأْسَ وَيَنْفَعُ
مِنْ النُّفَّاخَاتِ وَالْبُثُورِ الْعَارِضَةِ فِي الْبَدَنِ ، وَشَرْبُ
نِصْفَ مِثْقَالٍ مِنْهُ يَنْفَعُ مِنْ الْقُولَنْجِ وَمِنْ خَوَاصِّهِ
إذَا خَضَبَ بِهِ الرَّجُلُ أَصْبَحَ الْبَوْلُ أَحْمَرَ كَبَوْلِ
الْمَحْمُومِ .
فَصْلٌ ( فِي الْعُذْرَةِ - أَمْرَاضِ الْحَلْقِ - وَمَا وَرَدَ فِي عِلَاجِهَا ) .
عَنْ
أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ { أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لَهَا قَدْ أَعْلَقَتْ
عَلَيْهِ مِنْ الْعُذْرَةِ قَالَ يُونُسُ أَعْلَقَتْ غَمَزَتْ فَهِيَ
تَخَافُ أَنْ يَكُونَ بِهِ عُذْرَةٌ فَقَالَ عَلَامَ تَدْغَرْنَ
أَوْلَادَكُنَّ بِهَذَا الْعِلَاقِ ؟ } وَفِي لَفْظٍ { الْأَعْلَاقِ
عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ يَعْنِي بِهِ الْكُسْتَ
فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ يُسْعَطُ مِنْ
الْعُذْرَةِ وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَلِلْبُخَارِيِّ
أَيْضًا { اتَّقُوا اللَّهَ عَلَامَ تَدْغَرُونَ أَوْلَادَكُمْ ؟ }
وَوَصَفَ سُفْيَانُ الْغُلَامَ يُحَنَّكُ بِالْأُصْبُعِ فَأَدْخَلَ
سُفْيَانُ فِي حَنَكِهِ إنَّمَا يَعْنِي رَفْعَ حَنَكِهِ بِإِصْبَعِهِ
وَقَالَ فِي الْعُودِ الْهِنْدِيِّ يُرِيدُ الْقُسْطَ ، وَلِمُسْلِمٍ (
عَلَامَهْ ؟ ) أَثْبَتَ هَاءَ السَّكْتِ هُنَا فِي الدَّرْجِ وَالْوَصْلِ .
وَلِأَحْمَدَ
عَنْ جَابِرٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَعِنْدَهَا صَبِيٌّ تَنْبَعِثُ مَنْخِرَاهُ
دَمًا فَقَالَ مَا لِهَذَا ؟ قَالُوا بِهِ الْعُذْرَةُ قَالَ عَلَامَ
تُعَذِّبْنَ أَوْلَادَكُنَّ ؟ إنَّمَا يَكْفِي إحْدَاكُنَّ أَنْ تَأْخُذَ
قُسْطًا هِنْدِيًّا فَتَحُكَّهُ بِمَاءٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تُوجِرَهُ
إيَّاهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَبَرَّأَ ، } قَوْلُهَا أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ
كَذَا فِي مُسْلِمٍ وَكَذَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ
وَغَيْرِهِ ، وَفِيهِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
أَعْلَقَتْ عَنْهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ وَقِيلَ هُمَا
لُغَتَانِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْأَعْلَاقُ الدَّغْرَةُ يُقَالُ
أَعْلَقَتْ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا مِنْ الْعُذْرَةِ إذَا رَفَعَتْهَا
بِيَدِهَا ، وَالْعَلَاقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْإِعْلَاقُ أَشْهَرُ
لُغَةً وَقِيلَ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَهُوَ مَصْدَرُ أَعْلَقَتْ عَنْهُ
أَيْ أَزَالَتْ عَنْهُ الْعَلُوقَ مُعَالَجَةُ الْعُذْرَةِ وَيَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ الْعَلَاقُ وَهُوَ الِاسْمُ مِنْهُ ، وَفِي كَلَامِ
بَعْضِهِمْ أَنَّهُ شَيْءٌ كَانُوا يُعَلِّقُونَهُ عَلَى الصَّبِيَّانِ كَذَا قَالَ .
وَالْعُذْرَةُ
بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ وَجَعٌ فِي
الْحَلْقِ يَهِيجُ مِنْ الدَّمِ يُقَالُ فِي عِلَاجِهَا عَذَرْتُهُ فَهُوَ
مَعْذُورٌ وَقِيلَ هِيَ قَرْحَةٌ تَخْرُجُ فِي الْخَرْمِ الَّذِي بَيْنَ
الْأَنْفِ وَالْحَلْقِ تَعْرِضُ لِلصِّبْيَانِ غَالِبًا عِنْدَ طُلُوعِ
الْعُذْرَةِ وَهِيَ الْعَذَارَى خَمْسَةُ كَوَاكِبَ قِيلَ فِي وَسَطِ
الْمَجَرَّةِ .
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي آخِرِهَا وَتُعَالِجُ
الْمَرْأَةُ الْعُذْرَةَ عَادَةً بِفَتْلِ خِرْقَةٍ تُدْخِلُهَا فِي
أَنْفِ الصَّبِيِّ وَتَطْعَنُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَيَنْفَجِرُ مِنْهُ
دَمٌ أَسْوَدُ وَرُبَّمَا أَقْرَحَتْهُ وَذَلِكَ الطَّعْنُ يُسَمَّى
دَغْرًا وَعَذْرًا فَمَعْنَى { تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ } أَنَّهَا
تَغْمِزُ حَلْقَ الْوَلَدِ بِأُصْبُعِهَا فَتَرْفَعُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ
وَتَكْبِسُهُ .
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الدَّغْرُ أَنْ تَرْفَعَ لَهَاةَ
الْمَعْذُورِ وَقَالَ الْعُذْرَةُ وَجَعُ الْحَلْقِ مِنْ الدَّمِ وَذَلِكَ
الْمَوْضِعُ أَيْضًا عُذْرَةٌ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ اللَّهَاةِ وَعَذَرَهُ
اللَّهُ مِنْ الْعُذْرَةِ فَعُذِرَ وَعُذِرَ فَهُوَ مَعْذُورٍ ، أَيْ
هَاجَ بِهِ وَجَعُ الْحَلْقِ مِنْ الدَّمِ قَالَ الْأَخْطَلُ : غَمَزَ
ابْنُ مُرَّةَ يَا فَرَزْدَقُ كَيْنَهَا غَمْزَ الطَّبِيبِ نَقَائِعَ
الْمَعْذُورِ أَمَّا نَقْعُ السُّعُوطِ مِنْهَا بِالْقُسْطِ الْمُحْدَلِ
فَلِأَنَّ الْعُذْرَةَ مَادَّتُهَا دَمٌ يَغْلِبُ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ
تَوَلُّدِهِ فِي أَبْدَانِ الصِّبْيَانِ وَفِي الْقُسْطِ تَجْفِيفٌ
يَشُدُّ اللَّهَاةَ وَيَرْفَعُهَا إلَى مَكَانِهَا وَقَدْ يَكُونُ
نَفْعُهُ فِي هَذَا الْبَدَاءِ بِالْخَاصِّيَّةِ ، وَقَدْ يَنْفَعُ فِي
الْأَدْوَاءِ الْحَارَّةِ وَالْأَدْوِيَةِ الْحَارَّةِ بِالذَّاتِ تَارَةً
وَبِالْعَرْضِ أُخْرَى ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْقَانُونِ فِي مُعَالَجَةِ
سُقُوطِ اللَّهَاةِ الْقُسْطُ مَعَ الشَّبِّ الْيَمَانِي وَبَزْرِ
الْمَرْوِ .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَطَ } وَسَبَقَ فِي
الْفَصْلِ قَبْلَ الْفَصْلِ قَبْلَهُ مَنَافِعُ الْقُسْطِ ، وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ
مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ { إنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ
وَالْقُسْطُ } أَوْ قَالَ { مِنْ أَفْضَلِ دَوَائِكُمْ } وَفِي لَفْظِ فِي
الصَّحِيحَيْنِ { إنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ
وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ وَلَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ } .
فَصْلٌ ( فِي ذَرِّ الرَّمَادِ عَلَى الْجُرْحِ وَفَوَائِدِ نَبَاتِ الْبَرْدِيِّ ) .
فِي
الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ { أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ جُرِحَ وَجْهُهُ
وَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّتُهُ وَهُشِّمَتْ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ
وَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَغْسِلُ الدَّمَ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَسْكُبُ
عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ الدَّمَ لَا يَزِيدُ
إلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا حَتَّى
إذَا صَارَتْ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ عَلَى الْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ
الدَّمُ } .
( الْبَرْدِيُّ ) بِالْفَتْحِ نَبْتٌ مَعْرُوفٍ بَارِدٌ
يَابِسٌ قَوِيُّ التَّجْفِيفِ لِأَنَّ الْقَوِيَّ التَّجْفِيفِ إذَا كَانَ
فِيهِ لَذْعٌ هَيَّجَ الدَّمَ فَهُوَ يَمْنَعُ النَّزْفَ وَيَقْطَعُ
الرُّعَافَ وَيُذَرُّ عَلَى الْجُرْحِ الطَّرِيِّ فَيُدْمِلُهُ ،
وَالْقِرْطَاسُ الْمِصْرِيُّ كَانَ قَدِيمًا يُعْمَلُ مِنْهُ وَيَنْفَعُ
رَمَادُهُ مِنْ أَكَلَةِ الْقَمْلِ وَيَمْنَعُ الْقُرُوحَ الْخَبِيثَةَ
أَنْ تَسْعَى .
فَصْلٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ
عُجْرَةَ قَالَ { كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي فَحُمِلْتُ إلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى
وَجْهِي فَقَالَ مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى }
وَلِمُسْلِمٍ { فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ
} .
( الْقَمْلِ ) يَتَوَلَّدُ .
مِنْ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْ
الْبَدَنِ وَهُوَ الْوَسَخُ فِي سَطْحِ الْجَسَدِ مِنْ خَلْطٍ رَدِيءٍ
عَفِنٍ تَدْفَعُهُ الطَّبِيعَةُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ فَتُعَفِّنُ
الرُّطُوبَةَ الدَّمَوِيَّةَ فِي الْبَشَرَةِ بَعْدِ خُرُوجِهَا مِنْ
الْمَسَامِّ فَيَكُونُ مِنْهُ الْقَمْلُ .
وَالْقَمْلُ فِي
الصِّبْيَانِ أَكْثَرُ لِكَثْرَةِ رُطُوبَتِهِمْ وَتَعَاطِيهمْ السَّبَبَ
الَّذِي يُوَلِّدُهُ ، وَلِذَلِكَ { حَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُءُوسَ بَنِي جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ }
وَحَلْقُهُ مِنْ أَكْبَرِ عِلَاجِهِ لِتَتَفَتَّحَ مَسَامُّ الْأَبْخِرَةِ
فَتَتَصَاعَدُ فَتَقِلُّ مَادَّةُ الْخَلْطِ وَيَنْبَغِي طَلْيُ الرَّأْسِ
بَعْدِ حَلْقِهِ بِدَوَاءٍ يَقْتُلُ الْقَمْلَ وَيَمْنَعُ تَوَلُّدَهُ ،
وَأَكْلُ التِّينِ الْيَابِسِ يُوَلِّدُ دَمًا لَيْسَ بِالْجَيِّدِ
فَلِذَلِكَ يَقْمَلُ .
قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ : سَبَبُ تَوَلُّدِ
الْقَمْلِ رُطُوبَةٌ فَاسِدَةٌ تَغْلُظُ عَنْ مِقْدَارِ الْعَرَقِ
قَلِيلًا فَلَا تَنْفُذُ فِي الْمَسَامِّ فَيَتَوَلَّدُ فِي عُمْقِ
الْجِلْدِ لَا فِي سَطْحِهِ .
فَيُطْلَى الرَّأْسُ أَوْ الْمَكَانُ
الَّذِي يَتَوَلَّدُ فِيهِ الْقَمْلُ بِصَبِرٍ وَبِوَرَقٍ وَمُرٍّ فِي
الْحَمَّامِ وَيُتْرَكُ سَاعَةً ثُمَّ يُغْسَلُ أَوْ يُطْلَى
بِالزِّئْبَقِ الْمَقْتُولِ بِدُهْنِ الْوَرْدِ وَيُكْثِرُ
الِاسْتِحْمَامَ وَلُبْسَ الْكَتَّانِ فَإِنَّهُ أَقَلُّ الثِّيَابِ
إقْمَالًا أَوْ يَتْرُكُ الْأَغْذِيَةَ الْغَلِيظَةَ الْحَارَّةَ قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا صَاحِبُ الْقَمْلِ تَعْرِضُ لَهُ صُفْرَةٌ فِي
وَجْهِهِ وَقِلَّةُ شَهْوَةِ الطَّعَامِ وَيَنْحُفُ بَدَنُهُ وَتَضْعَفُ
قُوَّتُهُ .
فَصْلٌ : يَتَعَلَّقُ بِمَا قَبْلَهُ فِي النَّخْلِ
وَثَمَرِهِ وَفَوَائِدِهِ وَتَشْبِيهُهُ الْمُؤْمِنَ بِهِ
وَبِالْأُتْرُجِّ ( فِي النَّخْلِ وَثَمَرِهِ وَفَوَائِدِهِ وَتَشْبِيهِهِ
الْمُؤْمِنَ بِهِ وَبِالْأُتْرُجِّ ) .
عَنْ أَبِي مُوسَى
الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ
الْقُرْآنَ مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ
وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ
التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ
الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ
وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ
الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ
وَلَا رِيحَ لَهَا } .
وَفِي رِوَايَةٍ { الْفَاجِرُ بَدَلُ
الْمُنَافِقِ } وَرَوَى ذَلِكَ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَلَهُ فِي
لَفْظِ { الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ
كَالْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ ، وَالْمُؤْمِنُ
الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا
طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا } .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
{ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لَا يَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ
وَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ
كَمَثَلِ شَجَرَةِ الْأَرْزِ لَا تَهْتَزُّ حَتَّى تُسْتَحْصَدَ } رَوَاهُ
مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَلَفْظُهُ { مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَخَامَةِ
الزَّرْعِ تَفِي وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الرِّيحُ تُكْفِئُهَا
فَإِذَا سَكَنَتْ اعْتَدَلَتْ ، وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنِ يُكْفَأُ
بِالْبَلَاءِ ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ صَمَّاءَ
مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إذَا شَاءَ } .
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ،
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ
وَرَقُهَا وَإِنَّهَا
مِثْلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ ؟
فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَوَقَعَ
فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا
حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ هِيَ النَّخْلَةُ
قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ قَالَ لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِيَ
النَّخْلَةُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا } ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا
، وَفِيهِمَا أَيْضًا { مَثَلُ الْمُؤْمِنِ فَجَعَلْتُ أُرِيدُ أَنْ
أَقُولَهَا فَإِذَا أَسْنَانُ الْقَوْمِ فَأَهَابُ أَنْ أَتَكَلَّمَ }
وَلِلْبُخَارِيِّ { : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا وَفِيهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ مِنْ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ
كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ } وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ ( بَابُ مَا
لَا يُسْتَحَى مِنْهُ مِنْ الْحَقِّ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ) .
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ { وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ
فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ } فَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ بَابَ (
إكْرَامِ الْكَبِيرِ وَبَابَ طَرْحِ الْإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى
أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ ) .
وَعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَءُوهُ
وَارْقُدُوا فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَامَ بِهِ
كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ كُلَّ مَكَان ،
وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ وَرَقَدَ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمِثْلِ جِرَابٍ
أُوكِئَ عَلَى مِسْكٍ } رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ .
( الْخَامَةُ ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ
وَمِيمٍ خَفِيفَةٍ الطَّاقَةُ الْغَضَّةُ اللَّيِّنَةُ مِنْ الزَّرْعِ
وَأَلِفُهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ وَتَسْتَحْصِدُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ
وَكَسْرِ الصَّادِ أَيْ لَا تَتَغَيَّرُ حَتَّى تَنْقَلِعَ مَرَّةً
وَاحِدَةً كَالزَّرْعِ الَّذِي انْتَهَى يُبْسُهُ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ
بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الصَّادِ ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
وَجْهِ تَشْبِيهِ النَّخْلَةِ بِالْمُسْلِمِ
فَقِيلَ لِأَنَّهَا لَا
تَحْمِلُ حَتَّى تُلَقَّحَ ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا إذَا قُطِعَ رَأْسُهَا
مَاتَتْ وَقِيلَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِكَثْرَةِ خَيْرِهَا ، وَطِيبِ
ثَمَرِهَا ، وَدَوَامِ ظِلِّهَا وَوُجُودِهِ دَائِمًا ، وَأَكْلِهِ عَلَى
صِفَاتٍ وَأَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ وَيُتَّخَذُ مِنْهُ مَنَافِعُ
مُخْتَلِفَةٌ وَيُتَّخَذُ مِنْهُ مَنَافِعُ مِنْ حَشِيشِهَا ، وَوَرَقِهَا
وَأَغْصَانِهَا خَشَبًا وَجُذُوعًا وَحَطَبًا وَعِصِيًّا ، وَمَخَاصِرَ
وَحُصُرًا وَقِفَّانًا وَلِيفًا وَحِبَالًا وَغَيْرَ ذَلِكَ ، وَنَوَاهَا
عَلَفٌ لِلْإِبِلِ ، فَهِيَ كُلُّهَا مَنَافِعُ وَخَيْرٌ وَجَمَالٌ
كَالْمُؤْمِنِ خَيْرٌ كُلُّهُ لِإِيمَانِهِ وَكَثْرَةِ طَاعَاتِهِ .
وَالْجُمَّارُ
بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَا يُؤْكَلُ مِنْ قَلْبِ
النَّخْلِ يَكُونُ لَيِّنًا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْجُمَّارُ شَحْمُ
النَّخْلِ وَجَمَّرْتُ النَّخْلَةَ قَطَعْتُ جُمَّارَهَا قَالَ
الْأَطِبَّاءُ هُوَ بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الْأُولَى ، وَقِيلَ فِي
الثَّانِيَةِ : قَابِضٌ يَنْفَعُ مِنْ خُشُونَةِ الْحَلْقِ وَالْإِسْهَالِ
وَالنَّزْفِ وَغَلَبَةِ الْمُرَّةِ الصَّفْرَاءِ وَثَائِرَةِ الدَّمِ
وَلَحْمِ الْقُرُوحِ وَيَنْفَعُ مِنْ لَسْعِ الزُّنْبُورِ ضِمَادًا
وَيُقَوِّي الْأَحْشَاءَ وَلَيْسَ بِرَدِيءِ الْكَيْمُوسِ ، وَيَغْذُو
غِذَاءً يَسِيرًا وَيُبْطِئُ فِي الْمَعِدَةِ وَيُؤْلِمُهَا وَيُصْلِحُهُ
التَّمْرُ وَالشُّهْدُ قَالَ بَعْضُهُمْ : وَيَضُرُّ بِالصَّدْرِ
وَالْحَلْقِ وَأَجْوَدُهُ الْحُلْوُ الرَّطْبُ وَسَبَقَ الْكَلَامُ
قَرِيبًا فِي التَّمْرِ وَالرَّيْحَانِ وَالْمِسْكِ .
وَأَمَّا
الْأُتْرُجُّ فَبِهَمْزَةٍ وَرَاءٍ مَضْمُومَتَيْنِ وَتَاءٍ سَاكِنَةٍ
وَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ الْوَاحِدَةِ أُتْرُجَّةٌ وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ
عَبْدَةَ : يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْحُ الْعَبِيرِ بِهَا كَأَنَّ
تَطَيُّبَهَا فِي الْأَنْفِ مَشْمُومُ وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ تُرُنْجَةٌ
وَتُرُنْجٌ ، لَهُ قُوًى مُخْتَلِفَةٌ أَجْوَدُهُ الْكِبَارُ السُّوسِيُّ
قِشْرُهُ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ وَلَحْمُهُ حَارٌّ
رَطْبٌ فِي الْأُولَى ، وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ ، وَقِيلَ بَارِدٌ
وَبَذْرُهُ حَارٌّ فِيهِ يَسِيرُ رُطُوبَةٍ ، وَقِيلَ بَارِدٌ فِي
الثَّانِيَةِ
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
وَهُوَ يَابِسٌ وَحَمْضُهُ بَارِدٌ يَابِسٌ فِي
الثَّالِثَةِ رَائِحَتُهُ تُصْلِحُ فَسَادَ الْهَوَاءِ وَالْوَبَاءِ
وَتَضُرُّ بِالدِّمَاغِ الْحَارِّ وَيُصْلِحُهُ الْبَنَفْسَجُ وَقِشْرُهُ
مِنْ الْمُفْرِحَاتِ التِّرْيَاقِيَّةِ وَيُجْعَلُ فِي الثِّيَابِ
يَمْنَعُ السُّوسَ وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ إذَا جُعِلَ فِي الْفَمِ ،
وَيُحَلِّلُ الرِّيَاحَ ، وَإِذَا جُعِلَ فِي الطَّعَامِ كَالْأَبَازِيرِ
أَعَانَ عَلَى الْهَضْمِ .
قَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ : وَعُصَارَةُ
قِشْرِهِ تَنْفَعُ مِنْ نَهْشِ الْأَفَاعِي شُرْبًا ، وَقِشْرُهُ ضِمَادًا
وَحُرَاقَةُ قِشْرِهِ طِلَاءٌ جَيِّدٌ لِلْبَرَصِ انْتَهَى كَلَامُهُ .
قَالَ
ابْنُ جَزْلَةَ : وَلَحْمُهُ رَدِيءٌ لِلْمَعِدَةِ بَطِيءُ الْهَضْمِ
يُوَرِّثُ الْقُولَنْجَ وَالضَّرَبَانَ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مُلَطِّفٌ
لِحَرَارَةِ الْمَعِدَةِ نَافِعٌ لِأَصْحَابِ الْمُرَّةِ الصَّفْرَاءِ
قَامِعٌ لِلْبُخَارَاتِ الْحَادَّةِ قَالَ الْغَافِقِيُّ أَكْلُ لَحْمِهِ
يَنْفَعُ الْبَوَاسِيرَ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَأَمَّا حُمَاضُهُ
فَيَجْلُو الْكَلَفَ وَاللَّوْنَ وَيُذْهِبُ الْقُوبَا طِلَاءً ،
وَلِهَذَا يُقْلِعُ صَبْغَ الْحِبْرِ طِلَاءً وَيَقْمَعُ الصَّفْرَاءَ
وَيُشَهِّي الطَّعَامَ وَيَنْفَعُ الْخَفَقَانَ مِنْ حَرَارَةٍ
وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ مَشْرُوبًا ، عَاقِلٌ لِلطَّبِيعَةِ نَافِعٌ مِنْ
الْإِسْهَالِ الصَّفْرَاوِيِّ قَاطِعٌ لِلْقَيْءِ الصَّفْرَاوِيِّ
وَيُوَافِقُ الْمَحْمُومِينَ ، وَيَضُرُّ بِالصَّدْرِ وَالْعَصَبِ
وَيُصْلِحُهُ شَرَابُ الْخَشْخَاشِ وَيَنْفَعُ مِنْ الْيَرَقَانِ شُرْبًا
وَاكْتِحَالًا وَيُسَكِّنُ غُلْمَةَ النِّسَاءِ وَالْعَطَشِ قَالَ
بَعْضُهُمْ : الْبَلْغَمِيُّ لِأَنَّهُ يُلَطِّفُ وَيَقْطَعُ وَيُبَرِّدُ
وَيُطْفِئُ حَرَارَةَ الْكَبِدِ وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَيُقَوِّي
الْقَلْبَ الْحَارَّ الْمِزَاجِ وَفِيهِ تِرْيَاقِيَّةٌ .
وَأَمَّا
بَزْرُهُ فَلَهُ قُوَّةٌ مُحَلِّلَةٌ مُجَفِّفَةٌ مُلَيِّنٌ مُطَيِّبٌ
لِلنَّكْهَةِ وَخَاصَّةً لِلنَّفْعِ مِنْ السَّمُومِ الْقَاتِلَةِ
وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِلَسْعِ الْعَقَارِبِ إذَا شُرِبَ مِنْهُ وَزْنُ
مِثَالَيْنِ بِمَاءٍ فَاتِرٍ أَوْ طِلَاءٍ مَطْبُوخٍ ، وَكَذَا إنْ دُقَّ
وَوُضِعَ عَلَى مَوْضِعِ اللَّسْعَةِ .
قَالَ الْأَطِبَّاءُ
إذَا
بُخِّرَتْ شَجَرَتُهُ بِالْكِبْرِيتِ تَنَاثَرَ ، قَالُوا وَإِذَا يَبُسَ
وَأُحْرِقَ وَسُحِقَ نَاعِمًا وَجُعِلَ فِي خِرْقَةِ كَتَّانٍ وَدُفِعَتْ
إلَى امْرَأَةٍ تَشَمُّهَا فَإِنْ أَخَذَهَا الْعُطَاسُ فَهِيَ ثَيِّبٌ
وَإِلَّا فَبِكْرٌ .
وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَكَاسِرَةِ غَضِبَ
عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْأَطِبَّاءِ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِمْ وَخَيَّرَهُمْ
أُدْمًا لَا مَزِيدَ لَهُمْ عَلَيْهِ ، فَاخْتَارُوا الْأُتْرُجَّ فَقِيلَ
لَهُمْ لِمَ اخْتَرْتُمُوهُ عَلَى غَيْرِهِ ؟ قَالُوا ؛ لِأَنَّهُ فِي
الْعَاجِلِ رَيْحَانٌ وَنَظَرُهُ مُفَرِّحٌ وَقِشْرُهُ طَيِّبُ
الرَّائِحَةِ وَلَحْمُهُ فَاكِهَةٌ وَحَمْضُهُ أُدْمٌ وَحَبُّهُ تِرْيَاقٌ
وَفِيهِ دَهْنٌ وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُحِبُّ النَّظَرَ إلَيْهِ لِمَا
فِي مَنْظَرِهِ مِنْ التَّفْرِيحِ قَالَ ابْنُ جَزْلَةَ وَرَقُ
الْأُتْرُجِّ حَارٌّ يَابِسٌ فِيهِ تَحْلِيلِ وَتَجْفِيفٌ وَعُصَارَتُهُ
إذَا شُرِبَتْ نَفَعَتْ مِنْ رُطُوبَةِ الْمَعِدَةِ وَبَرْدِهَا وَإِذَا
مُضِغَ طَيَّبَ النَّكْهَةَ وَقَطَعَ رَائِحَةَ الثُّومِ وَالْبَصَلِ
فَلِهَذِهِ الْمَنَافِعِ الْعَظِيمَةِ الْكَثِيرَةِ حَصَلَ تَشْبِيهُ
الْمُؤْمِنِ بِذَلِكَ .
( وَأَمَّا الْحَنْظَلُ ) وَهُوَ الْعَلْقَمُ
وَهُوَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
إنَّ طَعْمَهُ مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهُ } وَهَذَا حَقٌّ مَعْلُومٌ وَلَا
يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ
الْأَطِبَّاءُ فِيهِ مَنَافِعَ وَمَضَارَّ وَإِنَّهُ رُبَّمَا قَتَلَ
قَالُوا مِنْهُ ذَكَرٌ وَمِنْهُ أُنْثَى فَالذَّكَرُ لِيفِيٌّ
وَالْأُنْثَى رَخْوٌ أَبْيَضُ سَلِسٌ وَالْأَسْوَدُ مِنْهُ رَدِيءٌ ،
وَإِذَا لَمْ تَنْسَلِخْ خُضْرَتُهُ عَنْهُ فَهُوَ رَدِيءُ ، وَإِذَا لَمْ
يَكُنْ عَلَى شَجَرَتِهِ إلَّا حَنْظَلَةٌ وَاحِدَةٌ فَهِيَ رَدِيئَةٌ
قَتَّالَةٌ وَأَجْوَدُهُ الْأَصْفَرُ الْهِنْدِيُّ الْمُدْرَكُ فِي
أَيَّامِ الرَّبِيعِ وَهُوَ حَارٌّ فِي الثَّالِثَةِ وَقِيلَ فِي
الثَّانِيَةِ وَقِيلَ بَارِدٌ رَطْبٌ وَهُوَ مُحَلِّلٌ مُقَطِّعٌ جَاذِبٌ
إذَا دُلِكَ بِهِ الْجُذَامُ وَدَاءُ الْفِيلِ ، نَافِعٌ مِنْ أَوْجَاعِ
الْعَصَبِ وَالْمَفَاصِلِ وَالنَّسَاءِ وَالنِّقْرِسِ الْبَارِدِ
وَيُنَقِّي الدِّمَاغَ وَيَنْفَعُ مِنْ
بُدُوِّ الْمَاءِ فِي
الْعَيْنِ وَأَصْلُهُ نَافِعٌ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ ، وَهُوَ يُسَهِّلُ
الْبَلْغَمَ مِنْ الْمَفَاصِلِ وَالْعَصَبِ وَيُسَهِّلُ الْمِرَارَ
الْأَسْوَدَ وَيَنْفَعُ مِنْ الْقُولَنْجِ الرَّيْحِيِّ ، وَالشَّرْبَةُ
مِنْهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ مَعَ عَسَلٍ وَدَانَقٍ وَنِصْفٌ مَعَ
الْأَدْوِيَةِ وَأَصْلُهُ يَنْفَعُ مِنْ لَدْغِ الْأَفَاعِي وَهُوَ مِنْ
أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ لِلَدْغِ الْعَقْرَبِ طِلَاءً وَشُرْبًا
وَيَتَبَخَّرُ مِنْهُ لِلْبَوَاسِيرِ وَشُرْبُهُ رُبَّمَا أَسْهَلَ
الدَّمَ وَهُوَ يَضُرُّ بِالْمَعِدَةِ وَتُصْلِحُهُ الْكَثِيرَةُ وَإِذَا
اُحْتُمِلَ قَتَلَ الْجَنِينَ .
وَالْمُجْتَنَى أَخْضَرُ يُسَهِّلُ
بِإِفْرَاطٍ وَيُقَيِّئُ بِإِفْرَاطٍ وَكَرْبٍ حَتَّى إنَّهُ رُبَّمَا
قَتَلَ ، وَالْمُفْرَدُ الثَّابِتُ فِي أَصْلِهِ وَحْدَهُ رُبَّمَا قَتَلَ
مِنْهُ وَزْنُ دَانَقَيْنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ مِثْلَ هَذَا
عَلَى كَلَامِ الْأَطِبَّاءِ عَلَى خَطَرٍ إلَّا مَنْ اجْتَهَدَ فِيهِ
فَاجْتَنَاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَاعْتَبَرَ مَا ذَكَرُوهُ
مِنْ صِفَاتِهِ وَاحْتَاطَ مَعَ تَعْجِيلِ أَلَمٍ بِأَكْلِهِ ،
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْسَانَ فِيهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ الْقَتْلِ
وَالْأَذَى وَعَلَى يَقِينٍ مِنْ الْأَلَمِ ، وَنَفْعُهُ مُحْتَمَلٌ
وَغَايَتُهُ الظَّنُّ وَأَيْنَ هَذَا مِنْ الْأُتْرُجِّ ؟ ( وَأَمَّا
الْأَرْزُ ) فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَرَاءٍ
سَاكِنَةٍ ثُمَّ زَايٍ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ يُقَالُ لَهُ الْأَرْزَنُ ،
يُشْبِهُ شَجَرَ الصَّنَوْبَرِ بِفَتْحِ الصَّادِ يَكُونُ بِالشَّامِ
وَبِلَادِ الْأَرْمَنِ وَقِيلَ هُوَ الصَّنَوْبَرُ ، وَذَكَرَ
الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَالْأَرَزَةُ بِالتَّحْرِيكِ شَجَرُ
الْأَرْزَنِ قَالَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْأَرْزَةُ بِالتَّسْكِينِ
شَجَرُ الصَّنَوْبَرِ .
وَقَالَ الْأَطِبَّاءُ هُوَ ذَكَرُ شَجَرِ
الصَّنَوْبَرِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُثْمِرُ وَكَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقْصُودُهُ بِذَلِكَ حَقٌّ وَصِدْقٌ
وَاضِحٌ مَعْلُومٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ
لَا نَفْعَ فِيهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ مَنَافِعَ ،
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
بِذَلِكَ وَصِحَّتِهِ .
فَصْلٌ ( فِي اللُّحُومِ وَأَنْوَاعِهَا وَأَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ وَمُعَالَجَتِهَا ) .
يَتَعَلَّقُ
بِمَا قَبْلَهُ قَالَ تَعَالَى { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ }
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا { أَنَّ النَّبِيَّ أَكَلَ اللَّحْمَ
وَأَكَلَ لَحْمَ دَجَاجٍ } وَسَبَقَ فِيهِ كَلَامٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ
وَسَيَأْتِي فِي آدَابِ الْأَكْلِ إنْكَارُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ مُطْلَقًا وَعَنْ
بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا { سَيِّدُ أُدْمِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
اللَّحْمُ } حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي غَرِيبِهِ
وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ مُحْتَجًّا بِهِ .
وَقَالَ
الْعُقَيْلِيُّ لَا يَصِحُّ وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا {
سَيِّدُ طَعَامِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَأَهْلِ الْجَنَّةِ اللَّحْمُ }
وَعَنْهُ أَيْضًا { مَا دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إلَى لَحْمِ قَطُّ إلَّا أَجَابَ وَلَا أُهْدِيَ إلَيْهِ لَحْمٌ
قَطُّ إلَّا قَبِلَهُ } رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ
سُلَيْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْجَزَرِيِّ وَهُوَ وَاهٍ عِنْدَهُمْ قَالَ
أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ .
وَفِي مُسْلِمٍ
أَوْ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ
الطَّعَامِ } أَيْ ثَرِيدُ كُلِّ طَعَامٍ أَفْضَلُ مِنْ مَرَقِهِ
فَثَرِيدُ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْ مَرَقِهِ .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ { كَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّرِيدُ مِنْ
الْخُبْزِ وَالثَّرِيدُ مِنْ الْحَيْسِ } وَقَالَ الشَّاعِرُ : إذَا مَا
الْخُبْزُ تَأْدُمُهُ بِلَحْمٍ فَذَاكَ أَمَانَةَ اللَّهِ الثَّرِيدُ
فَاللَّحْمُ سَيِّدُ الْإِدَامِ وَالْخُبْزُ أَفْضَلُ الْقُوتِ ،
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ
اللَّحْمَ أَفْضَلُ ؛ لِأَنَّهُ طَعَامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؛ وَلِأَنَّهُ
أَشْبَهُ بِجَوْهَرِ الْبَدَنِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ }
الْأَشْهَرُ أَنَّ الْمَنَّ مَاءٌ يَقَعُ
عَلَى الشَّجَرِ أَوْ
الْعَسَلُ أَوْ شَرَابٌ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ أَنَّهُ خُبْزٌ
وَالْأَشْهَرُ أَنَّ السَّلْوَى طَائِرٌ وَقِيلَ الْعَسَلُ ،
وَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْفُومَ الْحِنْطَةُ أَوْ الْحُبُوبُ لَا الثُّومُ
فَظَهَرَ أَنَّ عَلَى الْأَشْهَرِ أَنَّ اللَّحْمَ خَيْرٌ مِنْ
الْحِنْطَةِ وَالْحَبِّ ، وَالْحَاجَةُ إلَى الْخُبْزِ أَكْثَرُ
وَيَأْتِيَ فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْخُبْزِ بَعْدِ هَذَا الْفَصْلِ .
وَيُرْوَى
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : كُلُوا اللَّحْمَ
فَإِنَّهُ يُصَفِّي اللَّوْنَ وَيَخْمُصُ الْبَطْنَ وَيُحَسِّنُ الْخُلُقَ
، وَعَنْهُ أَيْضًا مَنْ تَرَكَهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً سَاءَ خُلُقُهُ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ : أَكْلُ اللَّحْمِ يَزِيدُ فِي الْبَصَرِ
وَقَالَ الزُّهْرِيِّ أَكْلُ اللَّحْمِ يَزِيدُ سَبْعِينَ قُوَّةً ،
وَأَمَّا إدْمَانُ اللَّحْمِ فَلَيْسَ هُوَ بِطَرِيقٍ لِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا لِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ حَالِهِمْ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ
أَكْرَهُ إدْمَانَ اللَّحْمِ .
وَقَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عُمَرُ إذَا
كَانَ رَمَضَانُ لَمْ يَفُتْهُ اللَّحْمُ وَإِذَا سَافَرَ لَمْ يَفُتْهُ
اللَّحْمُ يَعْنِي لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَاءِ الْقُوَّةِ وَالصِّحَّةِ
وَلِلتَّقَوِّي عَلَى الْعِبَادَةِ وَفِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضَ
أَهْلَ الْبَيْتِ اللَّحْمِيِّينَ قِيلَ هُمْ الَّذِينَ يُكْثِرُونَ
أَكْلَ لَحْمِ النَّاسِ بِالْغِيبَةِ } .
رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ
الثَّوْرِيِّ وَقِيلَ هُمْ الَّذِينَ يُكْثِرُونَ أَكْلَ اللَّحْمِ
وَيُدْمِنُونَهُ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ أَشْبَهُ
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فَإِنَّ لَهُ
ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ
عَنْهُ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَغَيْرُهُ يَعْنِي إذَا أَكْثَرَ
مِنْهُ .
وَمِنْهُ كَلْبٌ ضَارِي وَمِثْلُ هَذَا مَعْلُومٌ
بِالتَّجْرِبَةِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ
النَّفَقَاتِ صَرِيحًا أَنَّهُ
يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ اللَّحْمُ كُلَّ
يَوْمٍ وَلَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً تَحْتَ مُوسِرٍ وَذَلِكَ مُحَرَّرٌ فِي
النَّفَقَاتِ ، وَذَكَرَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ
كَمْ يَأْكُلُ الرَّجُلُ اللَّحْمَ قَالَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا ،
وَلَعَلَّ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ أَثَرًا فَإِنَّهُ قَالَ إنْ اسْتَطَعْتَ
أَنْ لَا تَحُكَّ رَأْسَكَ إلَّا بِأَثَرٍ فَافْعَلْ ، وَلَعَلَّ
مُرَادَهُ أَكْثَرُ مَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ ، وَمُرَادُهُ مَا لَمْ
يَحْتَجْ إلَيْهِ ، وَقَدْ قَالَ أَبُقْرَاطُ لَا تَجْعَلُوا
أَجْوَافَكُمْ مَقْبَرَةً لِلْحَيَوَانِ يَعْنِي إدْمَانَ اللَّحْمِ .
وَقَالَ
الْأَطِبَّاءُ اللُّحُومُ لَا تَصْلُحُ لِلْمُبْتَلَى ، وَإِدْمَانُ
اللَّحْمِ يُوَرِّثُ الِامْتِلَاءَ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَصْدِ ،
وَاللَّحْمُ الْأَحْمَرُ أَغْذَى مِنْ السَّمِينِ وَأَقَلُّ فُضُولًا
وَالْأَجْوَدُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ السَّمِينِ وَالْهَزِيلِ قَالَ
بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ اللَّحْمُ يُنْبِتُ اللَّحْمَ ، وَالشَّحْمُ لَا
يُنْبِتُ اللَّحْمَ وَلَا الشَّحْمَ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَأَبْعَدُ
اللَّحْمِ مِنْ أَنْ يُعَفَّنَ أَقَلُّهُ شَحْمًا وَأَيْبَسُهُ جَوْهَرًا
، أَوْ اللَّحْمُ مُقَوٍّ لِلْبَدَنِ وَأَقْرَبُ اسْتِحَالَةً إلَى
الدَّمِ .
( لَحْمُ الْجَدْيِ ) مُعْتَدِلٌ يُبْرِئُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ
لَا سِيَّمَا الرَّضِيعِ وَهُوَ أَسْرَعُ هَضْمًا لِقُوَّةِ اللَّبَنُ
فِيهِ : مُلَيِّنٌ لِلطَّبْعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُوَافِقُ أَكْثَرَ
النَّاسِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ ، وَلَحْمُ الْحُمْلَانِ أَغْلَظُ
مِنْهُ وَأَسْخَنُ وَأَكْثَرُ فُضُولًا ، وَهُوَ تَالٍ لِلَحْمِ الْجَدْيِ
فِي الْجَوْدَةِ وَقَالَ ابْنُ جَزْلَةَ تَضُرُّ بِالْقُولَنْجِ إذَا
كَانَتْ مَشْوِيَّةً وَيُصْلِحُهُ حُلْوُ السُّكَّرِ .
( لَحْمُ
الْمَاعِزِ ) يَابِسٌ قَلِيلُ الْحَرَارَةِ وَخَلْطَةُ الْمُتَوَلَّدُ
مِنْهُ لَيْسَ بِفَاضِلٍ وَلَا جَيِّدِ الْهَضْمِ وَلَا مَحْمُودِ
الْغِذَاءِ وَلَحْمُ التَّيْسِ رَدِيءٌ مُطْلَقًا .
وَقَالَ الْجَاحِظُ
قَالَ لِي فَاضِلُ مِنْ الْأَطِبَّاءِ يَا أَبَا عُثْمَانَ إيَّاكَ
وَلَحْمَ الْمَعْزِ فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ الْغَمَّ وَيُحَرِّكُ
السَّوْدَاءَ وَيُوَرِّثُ النِّسْيَانَ وَيُفْسِدُ الدَّمَ ، وَهُوَ
وَاَللَّهِ يَخْبِلُ
الْأَوْلَادَ .
وَقَالَ بَعْضُ
الْأَطِبَّاءِ : الْمَذْمُومُ مِنْهُ الْمُسِنُّ لَا سِيَّمَا
لِلْمُسِنِّينَ وَلَا رَدَاءَةَ فِيهِ لِمَنْ اعْتَادَهُ ، وَجَالِينُوسُ
جَعَلَ الْحَوْلِيُّ مِنْهُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الْمُعْتَدِلَةِ
الْمُعَدِّلَةِ الْكَيْمُوسَ الْمَحْمُودَ ، وَإِنَاثُهُ أَفْضَلُ مِنْ
ذُكُورِهِ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ مَا يَضُرُّ مِنْ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ
بِاخْتِلَافِ النَّاسِ ، فَيَضُرُّ مَعَ ضَعْفِ الْمِزَاجِ وَالْمَعِدَةِ
وَعَدَمِ اعْتِيَادِهِ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَحْمُ
( الضَّأْنِ ) حَارٌّ فِي الثَّانِيَةِ رَطْبٌ فِي الْأُولَى يُوَلِّدُ
دَمًا قَوِيًّا مَحْمُودًا لِمَنْ جَادَ هَضْمُهُ ، يَصْلُحُ لِمَنْ
مِزَاجُهُ بَارِدٌ وَمُعْتَدِلٌ نَافِعٌ لِأَصْحَابِ الْمُرَّةِ
السَّوْدَاءِ يُقَوِّي الذِّهْنَ وَالْحِفْظَ ، وَحَرَاقَةُ لَحْمِهِ
تُطْلَى عَلَى الْبَهَقِ وَالْقَوَابِي وَرَمَادُ لَحْمِ الْبِيضِ
يَنْفَعُ بَيَاضَ الْعَيْنِ وَلَحْمُهُ الْمُحْتَرَقُ لِلَسْعِ
الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَيُوَلِّدُ أَكْلُهُ بَلْغَمًا فَيَتْبَعُ
بِمَا يُحَلِّلُهُ وَيَنْفُذُهُ كَحُلْوِ السُّكَّرِ ، وَيَضُرُّ لِمَنْ
اعْتَادَهُ الْغَثَيَانُ فَيَعْمَلُهُ بِأَمْرَاقٍ قَابِضَةٍ .
وَلَحْمُ
النِّعَاجِ وَالْهَرِمِ وَالْعَجِيفُ رَدِيءٌ وَالْأَسْوَدُ مِنْ لَحْمِ
الذَّكَرِ أَجْوَدُ وَأَخَفُّ وَأَلَذُّ وَأَنْفَعُ ، وَالْخَصِيّ
أَنْفَعُ وَأَجْوَدُ ، وَأَفْضَلُ اللَّحْمِ الْمُتَّصِلُ بِالْعَظْمِ
وَالْأَيْمَنُ أَخَفُّ وَأَجْوَدُ مِنْ الْأَيْسَرِ ، وَمَقَادِمُ
الْحَيَوَانِ أَخَفُّ وَأَسْخَنُ وَكُلُّ مَا عَلَا مِنْهُ سِوَى
الرَّأْسِ كَانَ أَخَفَّ وَأَجْوَدَ مِمَّا سَفُلَ وَأَعْطَى
الْفَرَزْدَقُ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ لَحْمًا وَقَالَ لَهُ خُذْ
الْمَقْدَمَ ، وَإِيَّاكَ وَالرَّأْسَ وَالْبَطْنَ فَإِنَّ الدَّاءَ
فِيهِمَا .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ أَبِي
شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لَهَا { اتَّخِذِي غَنَمًا فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً } إسْنَادٌ جَيِّدٌ
وَلِابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ
الْبَارِقِيِّ { الْإِبِلُ عِزٌّ
لِأَهْلِهَا وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ
، وَالْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
} وَرَوَاهُ الْيَرَقَانِيُّ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِابْنِ
مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { الشَّاةُ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ }
.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ { أَحْسِنُوا إلَى الْمَعْزِ وَأَمِيطُوا عَنْهَا الْأَذَى
فَإِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ } .
وَفِي الْمُوَطَّأِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ أَحْسِنْ إلَى غَنَمِكَ
وَامْسَحْ الرُّعَامَ عَنْهَا وَأَطِبْ مُرَاحَهَا وَصَلِّ فِي
نَاحِيَتِهَا فَإِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ ، وَاَلَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لَيُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ
الثُّلَّةُ مِنْ الْغَنَمِ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِهَا مِنْ دَارِ مَرْوَانَ
: الرُّعَامُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمُخَاطُ .
(
لَحْمُ الْبَقَرِ ) بَارِدٌ يَابِسٌ أَكْثَرُ مِنْ لَحْمِ الْمَعْزِ ،
وَقِيلَ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الرَّابِعَةِ كَثِيرُ الْغِذَاءِ وَأَفْضَلُ
مَا أُكِلَ مِنْهُ فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ غَلِيظٌ عَسِرُ الْهَضْمِ
بَطِيءُ الِانْحِدَارِ يُوَلِّدُ دَمًا غَلِيظًا مُنْتِنًا سَوْدَاوِيًّا
، لَا يَصْلُحُ لِأَهْلِ الْكَدِّ وَالتَّعَبِ الشَّدِيدِ ، وَيُوَرِّثُ
إدْمَانُهُ الْأَمْرَاضَ السَّوْدَاوِيَّةَ كَالْجَرَبِ .
وَالْبَهَقِ
وَالْجُذَامِ وَالْقُوبَا وَدَاءِ الْفِيلِ وَالسَّرَطَانِ وَالْوَسْوَاسِ
وَحُمَّى الرِّبْعِ وَكَثِيرًا مِنْ الْأَوْرَامِ .
قَالَ بَعْضُهُمْ :
وَهَذَا لِمَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَدْفَعْ ضَرَرَهُ
بِالثُّومِ وَالدَّارَصِينِيِّ وَالْفُلْفُلِ وَالزَّنْجَبِيلِ وَنَحْوِهِ
وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ جَزْلَةَ الْعَادَةَ وَإِنَّمَا قَالَ يُقَلِّلُ
ضَرَرَهُ وَيُصْلِحُهُ بَعْضَ الْإِصْلَاحِ الدَّارَصِينِيِّ
وَالزَّنْجَبِيلُ وَالْفُلْفُلُ ، وَلَحْمُ الْأُنْثَى أَقَلُّ يُبْسًا
وَلَحْمُ الذَّكَرِ أَقَلُّ بَرْدًا وَلَحْمُ الْعِجْلِ لَا سِيَّمَا
السَّمِينِ قَالَ بَعْضُهُمْ : الْقَرِيبُ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ
حَارٌّ رَطْبٌ مُعْتَدِلُ الْغِذَاءِ طَيِّبٌ لَذِيذٌ مَحْمُودٌ قَالَ
ابْنُ جَزْلَةَ خَيْرٌ مِنْ الْكِبَاشِ قَالَ وَيَضُرُّ
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بِالْمَطْحُولِينَ ، وَيُصْلِحُهُ الرِّيَاضَةُ وَالِاسْتِحْمَامُ .
(
لَحْمُ الْجَزُورِ ) شَدِيدُ الْحَرَارَةِ وَالْإِسْخَانِ يَصْلُحُ
لِأَصْحَابِ الْكَدِّ الشَّدِيدِ وَالرِّيَاضَةِ الْقَوِيَّةِ غَلِيظُ
الْغِذَاءِ يُوَلِّدُ السَّوْدَاءَ وَيُصْلِحُهُ الزَّنْجَبِيلُ
الْمُرَبَّى .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَنْ اعْتَادَهُ لَا يَضُرُّهُ بَلْ هُوَ كَلَحْمِ الضَّأْنِ لِمَنْ اعْتَادَهُ وَمِثْلُهُ لَحْمُ الْخَيْلِ .
(
لَحْمُ الْغَزَالِ ) أَصْلَحُ الصَّيْدِ وَأَحْمَدُهُ عَلَى أَنَّهَا
بِأَسْرِهَا رَدِيئَةٌ تُوَلِّدُ دَمًا غَلِيظًا سَوْدَاوِيًّا ،
وَالْغَزَالُ أَقَلُّهَا غِذَاءً وَأَجْوَدُهُ الْخَشَفُ وَهُوَ حَارٌّ
يَابِسٌ وَقِيلَ مُعْتَدِلٌ يَنْفَعُ مِنْ الْقُولَنْجِ وَالْفَالِجِ
وَيَصْلُحُ لِلْبَدَنِ الْكَثِيرِ الْفُضُولِ وَهُوَ يُجَفَّفُ
وَيُسَخَّنُ وَتُصْلِحُهُ الْأَدْهَانُ وَالْحَوَامِضُ .
( لَحْمُ
الْأَرْنَبِ ) بَعْدَ الْغَزَالِ فِي الْجَوْدَةِ وَأَجْوَدُهُ مَا
تَصِيدُ الْكِلَابُ حَارٌّ يَابِسٌ يَجْلِسُ فِي مَرَقِهِ صَاحِبُ
النِّقْرِسِ وَوَجَعِ الْمَفَاصِلِ وَيُقَارِبُ مَنْفَعَتُهُ مَرَقَ
الثَّعْلَبِ ، وَلَحْمُهُ الْمَشْوِيُّ جَيِّدٌ لِقُرُوحِ الْأَمْعَاءِ
وَهُوَ يَعْقِلُ الطَّبْعَ وَيُدِرُّ الْبَوْلَ وَيُفَتِّتُ الْحَصَاةَ
وَهُوَ غَلِيظٌ يُحْدِثُ حُمَّى رِبْعٍ وَأَكْلُ رُءُوسِهَا يَنْفَعُ مِنْ
الرَّعْشَةِ .
لَحْمُ الْكِبَاشِ الْجَبَلِيَّةِ وَالْحُمُرِ
الْوَحْشِيَّةِ ) حَارَّةٌ يَابِسَةٌ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ
رَدِيءُ الْغِذَاءِ عَسِرُ الِانْهِضَامِ وَحِمَارُ الْوَحْشِ كَثِيرُ
الْغِذَاءِ يُوَلِّدُ دَمًا غَلِيظًا سَوْدَاوِيًّا وَشَحْمُهُ نَافِعٌ
مَعَ دُهْنِ الْقُسْطِ لِوَجَعِ الظَّهْرِ ، وَالرِّيحِ الْغَلِيظَةِ
الْمُرْخِيَةِ لِلْكُلَى .
وَشَحْمُهُ جَيِّدٌ لِلْكَلَفِ طِلَاءً .
(
لَحْمُ الضَّبِّ ) حَارٌّ يَابِسٌ يُقَوِّي شَهْوَةَ الْجِمَاعِ
وَبَعْرُهُ يُطْلَى بِهِ الْكَلَفُ وَالنَّمَشُ وَيَقْلَعُ بَيَاضَ
الْعَيْنِ ، وَإِذَا دُقَّ لَحْمُهُ وَوُضِعَ عَلَى مَوْضِعِ الشَّوْكَةِ
اجْتَذَبَهَا ( لَحْمُ الْأَجِنَّةِ ) غَيْرُ مَحْمُودٍ لِاخْتِنَاقِ
الدَّمِ وَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ .
الرُّءُوسُ غَلِيظَةٌ كَثِيرَةُ الْإِغْذَاءِ تُؤْكَلُ فِي زَمَانِ الْبَرْدِ مُسَخَّنَةً كَثِيرًا مَا
تَهِيجُ مِنْهَا الْحُمَّى وَالْقُولَنْجُ لَكِنَّهَا تُقَوِّي غَايَةَ الْقُوَّةِ وَتَزِيدُ فِي الْمَنِيِّ .
( الْأَكَارِعُ ) تُوَلِّدُ دَمًا أَبْرَدَ وَأَلْزَجَ وَأَخَفَّ مِمَّا يُوَلِّدُ اللَّحْمُ .
(
الْأَلْيَةُ ) رَدِيئَةُ الْغِذَاءِ بَطِيئَةُ الْهَضْمِ وَيُصْلِحُهَا
الْأَبَازِيرُ الْحَارَّةُ وَهِيَ حَارَّةٌ رَدِيئَةٌ لِلْمَعِدَةِ
مُتْخِمَةٌ تُوَلِّدُ الصَّفْرَاءَ .
( وَالشَّحْمُ ) حَارٌّ رَطْبٌ
أَقَلُّ رُطُوبَةً مِنْ السَّمْنِ وَلِهَذَا لَوْ أُذِيبَا كَانَ
الشَّحْمُ أَسْرَعَ جُمُودًا يَنْفَعُ مِنْ خُشُونَةِ الْحَلْقِ وَيُرْخِي
وَيُعَفِّنُ وَيُدْفَعُ ضَرَرُهُ بِاللَّيْمُونِ الْمَمْلُوحِ
وَالزَّنْجَبِيلِ ، وَشَحْمُ الْمِعْزَى أَقْبَضُ الشُّحُومِ ، وَشَحْمُ
التَّيْسِ أَشَدُّ تَحْلِيلًا وَيَنْفَعُ مِنْ قُرُوحِ الْأَمْعَاءِ ،
وَشَحْمُ الْعَنْزِ أَقْوَى فِي ذَلِكَ وَيُحْتَقَنُ بِهِ لِلزَّحِيرِ .
(
اللَّحْمُ الْمَشْوِيُّ ) كَثِيرُ الْإِغْذَاءِ يُقَوِّي الْبَدَنَ
وَيُغَذِّيهِ بِسُرْعَةٍ وَيَصْلُحُ لِمَنْ اسْتَفْرَغَ بَدَنُهُ غَيْرَ
أَنَّهُ عَسِرُ الْهَضْمِ لَا يَكَادُ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ الْهَضْمُ
عَنْ آخِرِهِ وَلَا يَنْبَغِي عَلَى طَعَامٍ وَلَا يُخْلَطُ مَعَهُ
غَيْرُهُ وَلَا يُشْرَبُ عَلَيْهِ سَاعَةَ الْأَكْلِ ، إلَّا قَلِيلًا لَا
بُدَّ مِنْهُ وَالْمَطْبُوخُ أَرْطَبُ وَأَخَفُّ وَأَنْفَعُ .
وَأَرْدَؤُهُ
الْمَشْوِيُّ فِي الشَّمْسِ وَالْمَشْوِيُّ عَلَى الْجَمْرِ وَالرَّضَفِ
وَهُوَ الْحَنِيذُ خَيْرٌ مِنْ الْمَشْوِيِّ بِاللَّهَبِ .
وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : { أَكَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمًا فِي الْمَسْجِدِ قَدْ شُوِيَ
فَمَسَحْنَا أَيْدِيَنَا بِالْحَصْبَاءِ ثُمَّ قُمْنَا نُصَلِّي وَلَمْ
نَتَوَضَّأْ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ
قَالَ بَعْضُهُمْ : الشِّوَاءُ غَلِيظٌ كَثِيرُ الْإِغْذَاءِ لَا
يَسْتَمْرِئُهُ إلَّا الْمَعِدَةُ الْحَارَّةُ الْقَوِيَّةُ يُمْسِكُ
الْبَطْنَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْكَلَ مَعَهُ مَا يُلَطِّفُهُ وَكَثِيرًا
مَا يَتَوَلَّدُ عَنْهُ الْقُولَنْجُ وَخُصُوصًا إذَا أُكِلَ مَعَهُ
بَقْلٌ كَثِيرٌ وَشُرِبَ عَلَيْهِ الْمَاءُ .
( الْمُطَجَّنَةُ ) أَغْذَاؤُهَا رَدِيءٌ قَلِيلٌ يَصْلُحُ
لِمَنْ يَتَجَشَّى جُشَاءً حَامِضًا .
(
الْقَلَايَا ) حَارَّةٌ مُعْتَدِلَةُ الْيُبْسِ فَإِنْ كَانَتْ
مَقْلُوَّةً بِالسَّمْنِ فَهِيَ بَطِيئَةٌ تُجَوِّدُ الْحِفْظَ وَتَقْطَعُ
الْبَلَاغِمَ وَهِيَ تَضُرُّ بِفَمِ الْمَعِدَةِ لِبُطْءِ هَضْمِهَا
وَتُصْلِحُهَا الْمُحْمِضَاتُ وَكُلُّ ضَرْبٍ مِنْ الْمُطَجَّنَاتِ
وَالْقَلَايَا قَلِيلَةُ الْإِغْذَاءِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْأَلْوَانِ
الَّتِي لَهَا ثُرُدٌ وَأَمْرَاقٌ تَصْلُحُ لِمَنْ يَشْكُو رُطُوبَةً
وَيَجِبُ تَخْفِيفُ بَدَنِهِ وَتَلْطِيفُهُ .
( قَدِيدٌ ) أَكَلَهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَنْفَعُ مِنْ
الْمَكْسُودِ يُقَوِّي الْأَبْدَانَ قَلِيلُ الْغِذَاءِ وَلِهَذَا
يَنْبَغِي أَنْ يُطْبَخَ بِالدُّهْنِ وَاللَّبَنِ وَيَنْفَعُ
الْمُسْتَسْقِي الْمُتَرَهِّلُ سِيَّمَا الْمَنْقُوعُ فِي الْخَلِّ
لِقِلَّةِ تَعْطِيشِهِ وَكَذَا يُطْبَخُ الْمَكْسُودُ بِالدُّهْنِ
وَاللَّبَنِ وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ يَضُرُّ بِالْقُولَنْجِ .
وَعَنْ
أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ { : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ
هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ
تَأْكُلُ الْقَدِيدَ } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ .
وَرُوِيَ
أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ { لَقَدْ كُنَّا نَرْفَعُ الْكُرَاعَ
فَيَأْكُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ
خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْأَضَاحِيِّ } .
( قُلُوبٌ ) حَارَّةٌ
صَالِحَةٌ لِأَصْحَابِ الْكَدِّ وَتَضُرُّ بِآلَاتِ الْهَضْمِ لِعُسْرِ
انْهِضَامِهَا وَلِهَذَا تُعْمَلُ بِخَلٍّ ، وَفُلْفُلٍ ، وَكَمُّونٍ ،
وَصَعْتَرٍ ، وَيُسْتَعْمَلُ بَعْدَهَا الزَّنْجَبِيلُ الْمُرَبَّى .
(
كَبِدٌ ) حَارَّةٌ رَطْبَةُ الدَّمِ الْمُتَوَلَّدُ مِنْهَا مَحْمُودٌ
يَنْبَغِي أَنْ تُعْمَلَ بِمَا يُلَطِّفُهَا كَالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ قَالَ
ابْنُ جَزْلَةَ : وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ كُبُودُ الْمَوَاشِي فَإِنْ
أُكِلَ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيُتْبَعْ بِبَعْضِ الجوارشنات ، وَإِذَا
انْهَضَمَ الْقَلْبُ وَالْكَبِدُ غَذَّى كَثِيرًا .
( كُلًى ) مُعْتَدِلَةُ الْحَرِّ وَالْيُبْسُ وَقِيلَ بَارِدَةٌ رَطْبَةٌ تَحْبِسُ الطَّبْعَ
خَلْطُهَا
رَدِيءٌ عَسِرُ الْهَضْمِ فَلِهَذَا تُنْضَجُ بِالْخَلِّ وَنَحْوِهِ
وَقَالَ ابْنُ بَخْتَيَشُوعَ إدَامَةُ أَكْلِ كُلَى الْغَنَمِ يُعَفِّنَ
الْمَثَانَةَ .
( رِئَةٌ ) حَارَّةٌ رَطْبَةٌ سَهْلَةُ الْهَضْمِ
تَحْبِسُ الطَّبْعَ يُعَلَّلُ بِهَا النَّاقِهُونَ لِلَطَافَتِهَا
وَسُرْعَةِ انْحِدَارِهَا ، قَلِيلَةُ الْغِذَاءِ ، تَضُرُّ بِأَصْحَابِ
الْكَدِّ ، وَقِيلَ هِيَ يَابِسَةٌ عَسِرَةُ الْهَضْمِ .
( كُرُوشٌ ) بَارِدَةٌ عَسِرَةُ الْهَضْمِ رَدِيئَةُ الْكَيْمُوسِ يَنْبَغِي أَنْ تُعَدَّلَ بِفُلْفُلٍ وَنَحْوِهِ .
(
وَأَمَّا لَحْمُ الطَّيْرِ ) فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَطْيَبُ اللَّحْمِ لَحْمُ الطَّيْرِ
} وَيُوَافِقُ ذَلِكَ تَخْصِيصُهُ تَعَالَى لَحْمَ الطَّيْرِ بِقَوْلِهِ :
{ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ } .
( لَحْمُ دَجَاجٍ ) حَارٌّ
رَطْبٌ فِي الْأُولَى ، وَقِيلَ مُعْتَدِلُ الْحَرِّ يَزِيدُ فِي
الدِّمَاغِ وَالْعَقْلِ وَالْمَنِيِّ يُصَفِّي الصَّوْتَ ، وَيُحَسِّنُ
الصَّوْتَ ، وَيُحَسِّنُ اللَّوْنَ .
وَهِيَ مِنْ أَغْذِيَةِ
النَّاقِهِينَ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُدَاوَى بِهَا صَاحِبُ الرِّيَاضَةِ
وَالْكَدِّ ، وَيُقَالُ أَكْلُهُ دَائِمًا يُوَرِّثُ النَّقْرَسَ وَلَا
يَصِحُّ هَذَا ، وَلَحْمُ الدُّيُوكِ أَسْخَنُ مِزَاجًا وَأَقَلُّ
رُطُوبَةٍ ، وَالْعَتِيقُ مِنْهُ دَوَاءٌ يَنْفَعُ الْقُولَنْجَ
وَالرَّبْوَ وَالرِّيَاحَ الْغَلِيظَةَ إذَا طُبِخَ بِمَاءِ الْقُرْطُمِ
وَالشِّبِتِّ ، وَخَصِيُّهَا مَحْمُودُ الْغِذَاءِ سَرِيعُ الْهَضْمِ ،
وَالْفَرَارِيجُ سَرِيعَةُ الْهَضْمِ مُلَيِّنَةٌ لِلطَّبْعِ دَمُهَا
لَطِيفٌ جَيِّدٌ .
( لَحْمُ الدُّرَّاجِ ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي
الثَّانِيَةِ خَفِيفٌ لَطِيفٌ سَرِيعُ الْهَضْمِ ، دَمُهُ مُعْتَدِلٌ
وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يَحِدُّ الْبَصَرَ ، وَهُوَ أَعْدَلُ وَأَفْضَلُ
وَأَلْطَفُ مِنْ لَحْمِ الْحَجَلِ وَيَزِيدُ فِي الْمَنِيِّ وَيُمْسِكُ
الطَّبْعَ ، وَيَصْلُحُ لِلنَّاقِهَيْنِ .
( لَحْمُ الْحَجَلِ ) وَهُوَ
الْقَبَجُ مِنْ أَلْطَفِ اللُّحُومِ حَارٌّ رَطْبٌ يَعْقِلُ الطَّبْعَ
وَيُسْمِنُ وَيَزِيدُ فِي الْبَاهِ وَيُغَذِّي كَثِيرًا إذَا
اُسْتُمْرِئَتْ ؛ لِأَنَّهَا بَطِيئَةُ الْهَضْمِ .
( لَحْمُ الْإِوَزِّ ) كِبَارُ
الطَّيْرِ
جَمِيعًا غَلِيظَةُ اللَّحْمِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْلَى قَبْلَ شَيِّهِ
بِزَيْتٍ لِيُذْهِبَ سَهُوكَتَهُ ، حَارٌّ رَطْبٌ أَوْ رَطْبُ الطَّيْرِ
الْحَضَرِيِّ يُخْصِبُ التَّحْفَاءَ وَلَكِنَّهُ يَمْلَأُ الْبَدَنَ
فُضُولًا غَلِيظَةً ، وَيُطْبَخُ بِأَبَازِيرَ حَارَّةٍ .
( بَطٌّ )
أَجْنِحَتُهُ أَخَفُّ كَثِيرُ الرُّطُوبَةِ وَالْحَرَارَةِ ، وَلَعَلَّهُ
أَرْطَبُ الطَّيْرِ الْحَامِي وَشَحْمُهُ أَفْضَلُ شُحُومِ الطَّيْرِ ،
يُسَكِّنُ الْأَوْجَاعَ وَاللَّذَغَ فِي عُمْقِ الْبَدَنِ ، وَلَحْمُهُ
يُصَفِّي اللَّوْنَ وَالصَّوْتَ يَزِيدُ فِي الْبَاهِ إذَا انْهَضَمَ
غَذَّى كَثِيرًا ، بَطِيءُ الْهَضْمِ ، ثَقِيلٌ كَثِيرُ الْفُضُولِ
سَرِيعٌ إلَى حُدُوثِ الْحُمَّيَاتِ ، وَيُطْبَخُ بِأَبَازِيرَ حَارَّةٍ ،
وَيُطْلَى بِزَيْتٍ قَبْلَ شَيِّهِ .
( حُبَارَى ) رَطْبَةٌ بَيْنَ
الدَّجَاجِ وَالْبَطِّ فِي الْغِلَظِ : يُسَكِّنُ الرِّيَاحَ يَضُرُّ
بِالْمَفَاصِلِ وَالْقُولَنْجِ ، عَسِرَةُ الْهَضْمِ يُعْمَلُ
بِدَارَصِينِيِّ وَخَلٍّ وَزَيْتٍ ، وَيُؤْكَلُ بَعْدَهَا عَسَلٌ أَوْ
زَنْجَبِيلٌ مُرَبَّى .
( لَحْمُ الْكُرْكِيِّ ) يَابِسٌ وَالْأَصَحُّ
حَارٌّ ، يَصْلُحُ لِأَصْحَابِ الْكَدِّ سَيِّئُ الِاسْتِمْرَاءِ ،
وَلِهَذَا يُعْمَلُ بِأَبَازِيرَ حَارَّةٍ وَبَعْدَهَا عَسَلٌ .
(
طَاوُسِ ) أَجْوَدُهَا الْحَدِيثَةُ السِّنِّ حَارَّةٌ تَصْلُحُ
لِلْمَعِدَةِ الْجَيِّدَةِ الْهَضْمِ رَدِيئَةِ الْمِزَاجِ أَعْسَرُ
الطَّيْرِ هَضْمًا ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ بَعْدِ ذَبْحِهَا
يَوْمَيْنِ وَتُشَدُّ فِي أَرْجُلِهَا الْحِجَارَةُ وَتُعَلَّقُ ثُمَّ
تُطْبَخُ بِالْخَلِّ قَالَ بَعْضُهُمْ : الطَّاوُسُ إذَا نَظَرَ إلَى
طَعَامٍ مَسْمُومٍ أَوْ شَمَّ رَوَائِحَ السُّمِّ نَشَرَ جَنَاحَهُ
وَصَاحَ وَرَقَصَ ، وَهَذِهِ حِكْمَةُ اتِّخَاذِ الْمُلُوكِ لَهُ فِي
مَجَالِسِهِمْ لَا كَمَا يَظُنُّ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ
لِحُسْنِ رِيشِهِ ، وَكَذَلِكَ الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ بِالْبَبَّغَاءِ .
(
لَحْمُ الْعُصْفُورِ ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ عَاقِلٌ
لِلطَّبِيعَةِ وَيَزِيدُ فِي الْبَاهِ وَخَاصَّةً أَدْمِغَةُ
الْعَصَافِيرِ ، وَتَضُرُّ بِالرُّطُوبَاتِ الْأَصْلِيَّةِ وَتُوَلِّدُ
خَلْطًا صَفْرَاوِيًّا وَيَنْبَغِي أَنْ
يُعْمَلَ بِدُهْنِ اللَّوْزِ ، وَمَرَقُهُ يُلَيِّنُ الطَّبْعَ وَالْمَفَاصِلَ .
لَحْمُ
الْقَنَابِرِ ) نَحْوَ ذَلِكَ لَكِنْ غِذَاؤُهَا مَحْمُودٌ وَمَرَقُهَا
يَنْفَعُ مِنْ الْقُولَنْجِ ( لَحْمُ الْحَمَامِ ) حَارٌّ قَالَ
بَعْضُهُمْ : رَطْبٌ وَنَاهِضُهُ أَجْوَدُ مِنْ فِرَاخِهِ وَفِي فِرَاخِهِ
حَرَارَةٌ وَرُطُوبَةٌ فَضْلِيَّةٌ تَضُرُّ بِالدِّمَاغِ وَالْعَيْنِ ،
جَيِّدٌ لِلْبَاهِ وَالْكُلَى يَزِيدُ فِي الدَّمِ .
( لَحْمُ الْقَطَا
) شَدِيدُ الْيُبْسِ قَلِيلُ الْحَرَارَةِ عَسِرُ الْهَضْمِ ، يُوَلِّدُ
السَّوْدَاءَ رَدِيءُ الْغِذَاءِ يَقِلُّ ضَرَرُهُ بِالدُّهْنِ لَكِنَّهُ
يَنْفَعُ الِاسْتِسْقَاءَ .
( لَحْمُ السُّمَانَى ) حَارٌّ يَابِسٌ
يَنْفَعُ الْمَفَاصِلَ مِنْ بَرْدٍ وَيَضُرُّ بِالْكَبِدِ الْحَارَّةِ
وَدَفْعُ مَضَرَّتِهِ بِالْخَلِّ وَالْكُسْفُرَةِ وَمَا كَانَ مِنْ
الطَّيْرِ فِي الْأَمَاكِنِ الْعَفِنَةِ وَالْآجَامِ فَالْأَوْلَى
اجْتِنَابُ لَحْمِهِ ، وَلَحْمُ الطَّيْرِ أَسْرَعُ هَضْمًا مِنْ
الْمَوَاشِي وَأَسْرَعُهُ مَا قَلَّ غِذَاؤُهُ وَهُوَ الرِّقَابُ
وَأَدْمِغَتُهُ أَحْمَدُ مِنْ أَدْمِغَةِ الْمَوَاشِي .
( جَرَادٌ )
حَارٌّ يَابِسٌ قَلِيلُ الْغِذَاءِ يُهْزِلُ ، وَإِذَا تُبُخِّرَ بِهِ
نَفَعَ مِنْ نُقْطَةِ الْبَوْلِ وَعُسْرِهِ وَخَاصَّةً النِّسَاءَ ،
وَتُبَخَّرُ بِهِ الْبَوَاسِيرُ ، وَيُشْوَى وَيُؤْكَلُ لِلَسْعِ
الْعَقْرَبِ ، وَيَضُرُّ أَصْحَابَ الصَّرَعِ ، وَخَلْطُهُ رَدِيءٌ ،
وَالْمَرَقُ نَافِعٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ { كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الثِّقَلُ
يَعْنِي ثِقَلَ الْمَرَقِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرَوَى أَيْضًا
التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا { إذْ
عَمِلْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَاغْرِفْ لِجِيرَانِكَ } وَعَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا { إذَا اشْتَرَى أَحَدُكُمْ
لَحْمًا فَلْيُكْثِرْ مَرَقَتَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدُ لَحْمًا أَصَابَ
مَرَقًا وَهُوَ أَحَدُ اللَّحْمَيْنِ } إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ .
فَصْلٌ ( فِي الْخُبْزِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ ؛ وَأَنْوَاعِهِ وَخَوَاصِّهَا ) .
وَسَيَأْتِي
إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُ الْأَلْبَانِ فِي فُصُولِ آدَابِ
الْأَكْلِ وَذِكْرُ مُفْرَدَاتٍ وَرَدَ فِيهَا شَيْءٌ وَمِنْهَا الْجُبْنُ
وَالسَّمْنُ وَالزُّبْدُ .
وَأَمَّا ذِكْرُ الْخُبْزِ فَسَبَقَ فِيهِ
شَيْءٌ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ
نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ } عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ { كَانَ أَحَبَّ
الطَّعَامِ إلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الثَّرِيدُ مِنْ الْخُبْزِ وَالثَّرِيدُ مِنْ الْحَيْسِ } رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد .
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { وَدِدْتُ
أَنَّ عِنْدِي خُبْزَةً بَيْضَاءَ مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ مَقْلِيَّةٍ
بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَاتَّخَذَهُ ، فَجَاءَ
بِهِ فَقَالَ فِي أَيْ شَيْءٍ كَانَ هَذَا السَّمْنُ ؟ فَقَالَ فِي عُكِّ
ضَبٍّ قَالَ ارْفَعْهُ ، } وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ عَائِشَةَ
مَرْفُوعًا { أَكْرِمُوا الْخُبْزَ وَمِنْ كَرَامَتِهِ أَنْ لَا
تَنْتَظِرَ بِهِ الْأُدْمَ } وَلَا يَصِحُّ هَذَا وَأَظُنُّ وَلَا الَّذِي
قَبْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ ذِكْرُ الْخُبْزِ فِي أَحَادِيثَ .
وَأَحْمَدُ
أَنْوَاعِ الْخُبْزِ أَجْوَدُهُ اخْتِمَارًا وَعَجْنًا ثُمَّ خُبْزُ
التَّنُّورِ أَجْوَدُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ خُبْزُ الْفُرْنِ ثُمَّ خُبْزُ
الْمَلَّة لِاحْتِرَاقِ ظَاهِرِهِ وَقِلَّةِ نُضْجِ بَاطِنِهِ وَيُسِيءُ
الْهَضْمَ .
وَأَجْوَدُهُ الْخُبْزُ الَّذِي مِنْ الْحِنْطَةِ
الْحَدِيثَةِ يُسْمِنُ بِسُرْعَةٍ ، وَأَكْثَرُ أَنْوَاعِهِ تَغْذِيَةً
خُبْزُ السَّمِيدِ الْمُتَّخَذِ مِنْ لِبَابِ الْحِنْطَةِ وَأَبْطَؤُهُ
هَضْمًا لِقِلَّةِ نُخَالَتِهِ وَلِذَلِكَ يُوَلِّدُ سَدَادًا
وَالْقَرِيبُ الْعَهْدِ بِالطَّحْنِ يَحْبِسُ الْبَطْنَ وَالْبَعِيدُ
بِالْعَكْسِ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : وَأَحْمَدُ أَوْقَاتِ أَكْلِهِ فِي
آخِرِ الْيَوْمِ الَّذِي خُبِزَ فِيهِ وَاللَّيِّنُ مِنْهُ أَكْثَرُ
تَلْيِينًا وَغِذَاءً وَتَرْطِيبًا وَأَسْرَعُ انْحِدَارًا وَالْيَابِسُ
بِخِلَافِهِ ، وَالْخُبْزُ
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى