لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب اقتضاء الصراط الستقيم الجزء السادس - صفحة 2 Empty كتاب اقتضاء الصراط الستقيم الجزء السادس {الأحد 12 يونيو - 22:40}

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :


مالكم من دونه من ولي ولا شفيع وقوله سبحانه والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى وقوله تعالى أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا وسورة الزمر أصل عظيم في هذا
ومن هذا قوله سبحانه ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين يدعو من دون الله مالا يضره ومالا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير وكذلك قوله تعالى مثل الذين اتخذوا من دون
الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو
كانوا يعلمون والقرآن عامته إنما هو في تقرير هذا الأصل العظيم الذي هو أصل
الأصول
وهذا الذي ذكرناه كله من تحريم هذا الدعاء مع كونه قد يؤثر إذا قدر أن هذا الدعاء كان سببا أو جزءا من السبب في حصول طلبته
والناس قد اختلفوا في الدعاء المستعقب لقضاء الحاجات
فزعم قوم من المبطلين
متفلسفة ومتصوفة أنه لا فائدة فيه أصلا فإن المشيئة الالهية والأسباب
العلوية إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب وحينئذ فلا حاجة إلى الدعاء أو
لا تكون اقتضته وحينئذ فلا ينفع الدعاء
وقال قوم ممن تكلم في العلم بل الدعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول لا ارتباط السبب بالمسبب بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق
والصواب ما عليه الجمهور من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب أو غيره كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة وسواء سمي سببا أو شرطا أو جزءا من السبب فالمقصود هنا واحد فإذا أراد الله بعبد خيرا ألهمه دعاءه والاستعانة


به وجعل استعانته ودعاءه سببا للخير الذي قضاه له كما قال عمر بن الخطاب
رضي الله عنه إني لا أحمل هم الإجابة وإنما أحمل هم الدعاء فإذا ألهمت
الدعاء فإن الإجابة معه كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدا أو يرويه
الهمه أن يأكل أو يشرب وإذا أراد أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه
وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة والمشيئة الإلهية
اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها كما اقتضت وجود دخول الجنة
بالعمل الصالح ووجود الولد بالوطء والعلم بالتعلم فمبدأ الأمور من الله
وتمامها على الله لا أن العبد نفسه هو المؤثر في الرب أو في ملكوت الرب بل
الرب سبحانه هو المؤثر في ملكوته وهو جاعل دعاء عبده سببا لما يريده
سبحانه من القضاء كما قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلم يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقي نسترقي بها وتقى نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا قال هي من قدر الله وعنه صلى الله عليه و سلم أنه قال إن الدعاء والبلاء ليلتقيان فيعتلجان بين السماء والأرض
فهذا في الدعاء الذي يكون سببا في حصول المطلوب
وأعلى من هذا ما جاء به الكتاب والسنة من رضا الله وفرحه وضحكه بسبب أعمال عباده الصالحة كما جاءت به النصوص وكذلك غضبه ومقته
وقد بسطنا الكلام في هذا الباب وما للناس فيه من المقالات والاضطراب في غير هذا الموضع
فما فرض من الأدعية المنهي عنها سببا فقد تقدم الكلام عليه
فأما غالب هذه الأدعية التي ليست مشروعة فلا تكون هي السبب في حصول المطلوب ولا جزءا منه ولا يعلم ذلك بل
لا يتوهم إلا وهما كاذبا كالنذر سواء فإن في الصحيح عن ابن عمر عن النبي
صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج
به من البخيل وعن

أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئا لم يكن الله قدره له ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل مالم يكن البخيل يريد أن يخرجه
فقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن النذر لا يأتي بخير وأنه ليس من الأسباب الجالبة لخير أو الدافعة لشر أصلا وإنما يوافق القدر موافقة كما توافقه سائر الأسباب فيخرج من البخيل حينئذ مالم يكن يخرجه قبل ذلك ومع هذا فأنت ترى الذين يحكون أنهم وقعوا في شدائد فنذروا نذرا لكشف شدائدهم أكثر أو قريبا من الذين يزعمون أنهم دعوا عند القبور أو غيرها فقضيت حوائجهم بل من كثرة اغترار الضالين المضلين بذلك صارت النذور المحرمة في الشرع مآكل لكثير من السدنة والمجاورين العاكفين على القبور أو غيرها يأخذون من الأموال
شيئا كثيرا وأولئك الناذرون يقول أحدهم مرضت فنذرت ويقول الآخر خرج علي
المحاربون فنذرت ويقول الآخر ركبت البحر فنذرت ويقول الآخر حبست فنذرت
ويقول الآخر أصابتني فاقة فنذرت
وقد قام بنفوسهم
أن هذه النذور هي السبب في حصول مطلوبهم ودفع مرهوبهم وقد أخبر الصادق
المصدوق أن نذر طاعة الله فضلا عن معصيته ليس سببا لحصول الخير وإنما الخير
الذي يحصل للناذر يوافقه موافقة كما يوافق سائر الأسباب فما هذه الأدعية
غير المشروعة في حصول المطلوب بأكثر من هذه النذور في حصول المطلوب بل تجد كثيرا من الناس
يقول إن المكان الفلاني أو المشهد الفلاني أو القبر الفلاني يقبل النذر
بمعنى أنهم نذروا له نذرا إن قضيت حاجتهم وقضيت كما يقول القائلون الدعاء
عند المشهد الفلاني أو القبر الفلاني مستجاب بمعنى أنهم دعوا هناك مرة
فرأوا اثر الإجابة بل إذا كان المبطلون يضيفون قضاء حوائجهم إلى خصوص

نذر المعصية مع أن جنس النذر لا أثر له في ذلك لم يبعد منهم
إذا أضافوا حصول غرضهم إلى خصوص الدعاء بمكان لا خصوص له في الشرع لأن لأن
جنس الدعاء هذا مؤثر فالإضافة إليه ممكنة بخلاف جنس النذر فإنه لا يؤثر
والغرض بأن يعرف أن الشيطان إذا زين لهم نسبة الأثر إلى مالا يؤثر نوعا ولا وصفا فنسبته إلى وصف قد ثبت تأثير نوعه أولى أن يزينه لهم ثم كما لم يكن ذلك الاعتقاد منهم صحيحا فكذلك هذ إذا كلاهما مخالف للشرع
ومما يوضح ذلك أن اعتقاد المعتقد أن هذا الدعاء أو هذا النذر هو السبب أو بعض السبب في حصول المطلوب لا بد له من دلالة ولا دليل على ذلك في
الغالب إلا الاقتران أحيانا أعني وجودهما جميعا وإن تراخى أحدهما عن الآخر
مكانا أو زمانا مع الانتقاض أضعاف أضعاف الاقتران ومجرد اقتران الشيء
بالشيء بعض الأوقات مع انتقاضه ليس دليلا على العلة باتفاق العقلاء إذا كان
هنالك سبب آخر صالح إذ تخلف الأثر عنه يدل على عدم العلية
فإن قيل إن التخلف لفوات شرط أو لوجود مانع
قيل بل الاقتران لوجود سبب آخر وهذا هو الراجح فإنا نرى الله في كل وقت يقضي الحاجات ويفرج الكربات بأنواع من الأسباب
لا يحصيها إلا هو وما رأيناه يحدث المطلوب مع وجود هذا الدعاء المبتدع إلا
نادرا فإذا رأيناه قد أحدث كان شيئا وكان الدعاء المبتدع قد وجد إحالة
حدوث الحادث على ما علم من الأسباب التي لا يحصيها إلا الله أولى من إحالته على ما لم يثبت كونه سببا
ثم الاقتران إن كان دليلا على العلة فالانتقاض دليل على عدمها
وهنا افترق الناس على ثلاث فرق مغضوب عليهم وضالون والذين أنعم الله عليهم
فالمغضوب عليهم يطعنون في عامة الأسباب المشروعة وغير المشروعة

ويقولون الدعاء المشروع قد يؤثر وقد لا يؤثر ويتصل بذلك الكلام في دلالة الآيات على تصديق الأنبياء عليهم السلام
والضالون يتوهمون في كل ما يتخيل سببا وإن كان يدخل في دين اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم والمتكايسون من المتفلسفة يحيلون ذلك على أمور فلكية وقوى نفسانية وأسباب طبيعية يدورون حولها لا يعدلون عنها
فأما المهتدون فهم لا ينكرون ما خلقه الله من القوى والطبائع في جميع الأجسام والأرواح إذ الجميع خلق الله لكنهم يؤمنون بما وراء ذلك من قدرة الله التي هو بها على كل شيء قدير ومن أنه كل يوم هو في شأن ومن أن إجابته لعبده المؤمن خارجة عن قوة نفس العبد وتصرف جسمه وروحه وبأن الله يخرق العادات لأنبيائه لإظهار صدقهم ولإكرامهم بذلك ونحو ذلك من حكمه وكذلك يخرقها لأوليائه تارة لتأييد دينه بذلك وتارة تعجيلا لبعض ثوابهم في الدنيا وتارة إنعاما عليهم بجلب نعمة أو دفع نقمة أو لغير ذلك ويؤمنون بأن الله يرد ما أمرهم به من الأعمال
الصالحة والدعوات المشروعة إلى ما جعله في قوى الأجسام والأنفس ولا
يلتفتون إلى الأوهام التي دلت الأدلة العقلية أو الشرعية على فسادها ولا
يعلمون بما حرمته الشريعة وإن ظن أن له تأثيرا

وبالجملة فالعلم بأن هذا كان هو السبب أو بعض السبب أو شرط السبب في هذا
الأمر الحادث قد يعلم كثيرا أو قد يظن كثيرا وقد يتوهم كثيرا وهما ليس له
مستند صحيح إلا ضعف العقل
ويكفيك أن كل ما يظن أنه سبب لحصول المطالب مما حرمته الشريعة من دعاء أو غيره لا بد فيه من أحد أمرين
إما أن لا يكون سببا صحيحا كدعاء مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا وإما أن يكون ضرره أكثر من نفعه
فأما ما كان سببا صحيحا منفعته أكثر من مضرته فلا ينهى عنه الشرع

بحال وكل مالم يشرع من العبادات مع قيام المقتضي لفعله من غير مانع فإنه من باب النهي عنه كما تقدم
وأما العلم بغلبة السبب فله طرق في الأمور الشرعية كما له طرق في الأمور الطبيعية
منها
الاضطرار فإن الناس لما عطشوا وجاعوا على عهد رسول الله صلى الله عليه و
سلم فأخذ غير مرة ماء قليلا فوضع يده الكريمة فيه حتى فار الماء من بين
أصابعه ووضع يده الكريمة في الطعام وبرك فيه حتى كثر كثرة خارجة عن العادة
فإن العلم بهذا الاقتران المعين يوجب العلم بأن كثرة الماء والطعام كانت
بسببه ص - علما ضروريا كما يعلم أن الرجل ذا ضرب بالسيف ضربة شديدة صرعته
فمات أن الموت كان منها بل أوكد فإن العلم بأن كثرة الماء الطعام ليس له سبب معتاد في مثل ذلك أصلا مع أن العلم بهذه المقارنة يوجب علما ضروريا بذلك وكذلك لما دعا النبي صلى الله عليه و سلم لأنس بن مالك أن يكثر الله ماله وولده فكان نخله يحمل في السنة مرتين على خلاف عادة بلده ورأى من ولده وولد ولده أكثر من مائة فإن مثل هذا الحادث يعلم أنه كان بسبب ذلك الدعاء
ومن رأى طفلا يبكي بكاء شديدا فألقمته أمه الثدي فسكن علم يقينا أن سكونه كان لأجل ارتضاعه اللبن
والاحتمالات وإن تطرقت إلى النوع فإنها قد لا تتطرق إلى الشخص المعين وكذلك الأدعية فإن المؤمن يدعو بدعاء فيرى المدعو بعينه مع عدم الأسباب المقتضية له أو يفعل فعلا كذلك فيجده كذلك كالعلاء
بن الحضرمي رضي الله عنه لما قال يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم اسقنا
فمطروا في يوم شديد الحر مطرا لم يجاوز عسكرهم وقال احملنا فمشوا على النهر
الكبير مشيا لم يبل أسافل أقدام دوابهم وأيوب السختياني لما ركض الجبل
لصاحبه ركضة فنبعت له عين

ماء فشرب ثم غارت فدعا الله وحده لا شريك له دل الوحي المنزل والعقول الصحيحة على فائدته ومنفعته ثم التجارب التي لا يحصي عددها إلا الله
فتجد أكثر المؤمنين قد دعوا الله وسألوه أشياء أسبابها منتفية
في حقهم فأحدث لهم تلك المطالب على الوجه الذي طلبوه على وجه يوجب العلم
تارة والظن الغالب أخرى أن الدعاء كان هو السبب في هذا وتجد هذا ثابتا عند
ذوي العقول والبصائر الذين يعرفون جنس الأدلة وشروطها واطرادها

وأما اعتقاد تأثير الأدعية المحرمة فعامته إنما نجد اعتقاده عند أهل الجهل
الذين لا يميزون بين الدليل وغيره ولا يفهمون ما يشترط للدليل من الاطراد وإنما يقع في أهل الظلمات من الكفار والمنافقين أو ذوي الكبائر الذين أظلمت قلوبهم بالمعاصي حتى لا يميزون بين الحق والباطل
وأما ما ذكر في المناسك
أنه بعد تحية النبي صلى الله عليه و سلم وصاحبيه والصلاة والسلام يدعو فقد
ذكر الإمام أحمد وغيره أنه يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره لئلا
يستدبره وذلك بعد
تحيته عليه الصلاة و السلام ثم يدعو لنفسه وذكر انه إذا حياه وصلى عليه
يستقبله بوجهه بأبي هو وأمي صلى الله عليه و سلم فإذا أراد الدعاء جعل
الحجرة عن يساره واستقبل القبلة ودعا وهذا مراعاة منهم لذلك فإن الدعاء عند القبر لا يكره مطلقا بل يؤمر به للميت كما جاءت به السنة فيما تقدم ضمنا وتبعا وإنما المكروه أن يتحرى المجيء إلى القبر للدعاء عنده
وكذلك ذكر أصحاب مالك قالوا يدنو من القبر فيسلم على النبي صلى الله عليه و سلم ثم يدعو مستقبل القبلة يوليه ظهره وقيل لا يوليه ظهره وإنما اختلفوا لما فيه من استدباره فأما إذا جعل الحجرة عن يساره فقد زال المحذور بلا خلاف وصار في الروضة أو أمامها
ولعل هذا الذي ذكره الأئمة أخذوه من كراهة الصلاة إلى القبر فإن ذلك

رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب اقتضاء الصراط الستقيم الجزء السادس - صفحة 2 Empty رد: كتاب اقتضاء الصراط الستقيم الجزء السادس {الأحد 12 يونيو - 22:45}


تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون

ولكن هؤلاء الذين يستجاب لهم لإقرارهم بربوبيته وأنه يجيب دعاء المضطر إذا
دعاه إذا لم يكونوا مخلصين له الدين في عبادته ولا مطيعين له ولرسوله كان
ما يعطيهم بدعائهم متاعا في الحياة الدنيا ومالهم في الآخرة من خلاق
وقال تعالى من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن يريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا وقد دعا الخليل عليه الصلاة و السلام بالرزق لأهل الإيمان فقال وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر فقال الله تعالى ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير
فليس كل من متعه الله برزق ونصر إما إجابة لدعائه وإما بدون ذلك يكون ممن يحبه الله ويواليه بل هو سبحانه يرزق المؤمن والكافر والبر والفاجر وقد يجيب دعاءهم ويعطيهم سؤلهم في الدنيا ومالهم في الآخرة من خلاق
وقد ذكروا أن بعض الكفار من النصارى حاصروا مدينة للمسلمين فنفد ماؤهم العذب فطلبوا من المسلمين
أن يزودوهم بماء عذب ليرجعوا عنهم فاشتور ولاة أمر المسلمين وقالوا بل
ندعهم حتى يضعفهم العطش فنأخذهم فقام أولئك فاستسقوا ودعوا الله فسقاهم
فاضطرب بعض العامة فقال الملك لبعض العارفين أدرك الناس فأمر بنصب منبر له وقال اللهم إنا نعلم أن هؤلاء من الذين تكفلت بأرزاقهم كما قلت في كتابك وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها وقد دعوك مضطرين وأنت تجيب المضطر إذا دعاك

فأسقيتهم لما تكفلت به من أرزاقهم ولما دعوك مضطرين لا لأنك تحبهم ولا لأنك تحب دينهم والآن فنريد أن ترينا آية يثبت بها الايمان في قلوب عبادك المؤمنين فأرسل الله عليهم ريحا فأهلكتهم أو نحو هذا
ومن هذا الباب من قد يدعو دعاء معتديا فيه إما بطلب مالا يصلح أو بالدعاء الذي فيه معصية الله من شرك أو غيره فإذا حصل بعض غرضه ظن أن ذلك دليل على أن عمله صالح بمنزلة من أملى له وأمده بالمال والبنين فظن أن ذلك مسارعة له في الخيرات قال تعالى أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون
وقال تعالى فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون

وقال تعالى ولا يحسبن الذين كفروا أن ما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي
لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين والإملاء إطالة العمر وما في ضمنه من رزق ونصر
وقال تعالى فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين
وهذا باب واسع مبسوط في غير هذا الموضع
وقال تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين

والمقصود هنا أن دعاء الله قد يكون دعاء عبادة لله فيثاب العبد عليه في
الآخرة مع ما يحصل له في الدنيا وقد يكون دعاء مسألة تقضي به حاجته ثم قد
يثاب عليه إذا كان مما يحبه الله وقد لا يحصل له إلا تلك الحاجة وقد يكون
سببا لضرر دينه فيعاقب على ما ضيعه من حقوق الله سبحانه وعلى ما تعداه من حدوده
فالوسيلة التي أمر الله بابتغائها إليه تعم الوسيلة في عبادته وفي مسألته

فالتوسل إليه بالأعمال الصالحة التي أمر بها وبدعاء أحياء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم ليس هو من باب الإقسام عليه بمخلوقاته
ومن هذا الباب استشفاع الناس بالنبي صلى الله عليه و سلم يوم القيامة فإنهم يطلبون منه أن يشفع لهم إلى الله كما كانوا في الدنيا يطلبون منه أن يدعو لهم في الاستسقاء وغيره
وقول عمر رضي الله عنه إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا
وإنا نتوسل إليك بعم نبينا معناه نتوسل إليك بدعائه وشفاعته وسؤاله ونحن
نتوسل إليك بدعاء عمه وسؤاله وشفاعته
ليس المراد به إنا نقسم
عليك به أو ما يجري هذا المجرى مما يفعله المبتدعون بعد موته وفي مغيبه كما
يقول بعض الناس أسألك بجاه فلان عندك ويقولون إنا نتوسل إلى الله بأنبيائه
وأوليائه ويروون حديثا موضوعا إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند
الله عريض فإنه لو كان هذا هو التوسل الذي كان الصحابة يفعلونه كما ذكر عمر
رضي الله عنه لفعلوا ذلك به بعد موته ولم يعدلوا عنه إلى العباس مع علمهم أن السؤال به والإقسام به أعظم من العباس
فعلم أن ذلك التوسل الذي ذكروه هو مما يفعله الأحياء دون الأموات وهو التوسل بدعائهم وشفاعتهم فإن الحي يطلب منه ذلك والميت لا يطلب منه شيء لا دعاء ولا غيره
وكذلك حديث الأعمى فإنه طلب من النبي
صلى الله عليه و سلم أن يدعو له ليرد الله عليه بصره فعلمه النبي صلى الله
عليه و سلم دعاء أمره فيه أن يسأل الله قبول شفاعة نبيه فيه
فهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه و سلم شفع فيه وأمره أن يسأل الله
قبول شفاعته وأن قوله أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة أي بدعائه
وشفاعته كما قال عمر كنا نتوسل إليك بنبينا فلفظ التوجه والتوسل

في الحديثين بمعنى واحد ثم قال يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في فطلب من الله أن يشفع فيه نبيه وقوله يا محمد يا نبي الله هذا وأمثاله نداء يطلب به استحضار المنادى في القلب فيخاطب لشهوده بالقلب كما يقول المصلي السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته والإنسان يفعل مثل هذا كثيرا يخاطب من يتصوره في نفسه إن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب
فلفظ التوسل بالشخص والتوجه به والسؤال به فيه إجمال وإشتراك غلط بسببه من لم
يفهم مقصود الصحابة يراد به التسبب به لكونه داعيا وشافعا مثلا أو لكون
الداعي مجيبا له مطيعا لأمره مقتديا به فيكون التسبب إما بمحبة السائل له
واتباعه له وإما بدعاء الوسيلة وشفاعته ويراد به الإقسام به والتوسل بذاته
فلا يكون التوسل بشيء منه ولا بشيء من السائل بل بذاته أو لمجرد الإقسام به على الله
فهذا الثاني هو الذي كرهوه ونهوا عنه وكذلك لفظ السؤال بشيء قد يراد به المعنى الأول وهو التسبب به لكونه سببا في حصول المطلوب وقد يراد به الإقسام
ومن الأول حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار وهو حديث مشهور في الصحيحين وغيرهما فإن الصخرة انطبقت عليهم فقالوا ليدعوا كل رجل منكم بأفضل عمله فقال أحدهم اللهم إنه كانت لي ابنة عم فأحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء وأنها طلبت مني مائة دينار فلما أتيتها بها قالت يا عبد الله اتق الله ولا تفض الخاتم الا بحقه فتركت الذهب وانصرفت فإن كنت إنما فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فأفرجت فانفرجت لهم فرجة رأوا منها السماء وقال الآخر اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق


قبلهما أهلا ولا مالا فناء بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما
فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا
فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا
غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت عنهم غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها وقال الثالث اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجرته حتى كثرت منها الأموال فجاءني بعد حين فقال يا عبد الله أد إلي أجري فقلت له كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال يا عبد الله لا تستهزئ بي فقلت أنا لا استهزئ بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون

فهؤلاء دعوا الله سبحانه بصالح الأعمال لأن الأعمال الصالحة هي أعظم ما
يتوسل به العبد إلى الله تعالى ويتوجه به إليه ويسأله به لأنه وعد أن
يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله وقال ربكم ادعوني أستجب لكم وهؤلاء دعوه بعبادته وفعل ما أمر به من العمل الصالح وسؤاله والتضرع إليه
ومن هذا ما يذكر عن الفضيل بن عياض أنه أصابه عسر البول فقال بحبي إياك إلا ما فرجت عني ففرج عنه
وكذلك دعاء المرأة المهاجرة التي أحيا الله أبنها لما قالت اللهم إني آمنت بك وبرسولك وهاجرت في سبيلك وسألت الله أن يحيي ولدها وأمثال ذلك

وهذا كما قال المؤمنون ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا
ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما
وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد
فسؤال الله والتوسل إليه بامتثال أمره واجتناب نهيه وفعل ما يحب من العبودية والطاعة هو من جنس فعل ذلك رجاء لرحمة الله وخوفا من عذابه وسؤال الله بأسمائه وصفاته كقوله أسألك بأن لك الحمد أنت الله المنان بديع السموات والأرض وبأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ونحو ذلك يكون من باب التسبب فإن كون المحمود المنان يقتضي منته على عباده وإحسانه الذي يحمد عليه
وكونه الأحد الصمد يقتضي توحده في صمديته فيكون هو السيد المقصود الذي
يصمد الناس إليه في كل حوائجهم المستغنى عما سواه وكل ما سواه مفتقرون إليه
لا غنى بهم عنه وهذا سبب لقضاء المطلوبات
وقد يتضمن ذلك معنى الإقسام عليه بأسمائه وصفاته
وأما قوله في حديث أبي سعيد أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا فهذا الحديث رواه عطية العوفي وفيه ضعف
لكن بتقدير ثبوته فهو من هذا الباب فإن حق السائلين عليه سبحانه أنه يجيبهم وحق المطيعين له أن يثيبهم فالسؤال له والطاعة سبب لحصول إجابته وإثابته فهو من التوسل به والتوجه به ولو قدر أنه قسم لكان قسما بما هو من صفاته فإن إجابته وإثابته من أفعاله وأقواله
فصار هذا كقوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك والاستعاذة لا تصح بمخلوق كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة وذلك مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق

ولأنه قد ثبت في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق قالوا والاستعاذة لا تكون بمخلوق
فأورد بعض الناس لفظ المعافاة فقال جمهور أهل السنة المعافاة من الأفعال وجمهور المسلمين من أهل
السنة وغيرهم يقولون أن أفعال الله قائمة به وأن الخالق ليس هو المخلوق
وهذا قول جمهور أصحاب الشافعي وأحمد ومالك وهو قول أصحاب أبي حنيفة وقول
عامة أصحاب أهل الحديث والصوفية وطوائف من أهل الكلام والفلسفة
وبهذا يحصل الجواب عما أوردته المعتزلة ونحوهم من الجهمية نقضا
فإن أهل الإثبات من أهل الحديث وعامة المتكلمة الصفاتية من الكلابية والأشعرية والكرامية وغيرهم استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق بأن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل لا على غيره واتصف به ذلك المحل لا غيره فإذا خلق الله لمحل علما أو قدرة أو حركة أو نحو ذلك كان
هو العالم به القادر به المتحرك به ولم يجز أن يقال أن الرب المتحرك بتلك
الحركة ولا هو العالم القادر بالعلم والقدرة المخلوقين بل بما قام به من العلم والقدرة
قالوا فلو كان قد خلق كلاما في غيره كالشجرة التي نادى بها موسى لكانت الشجرة هي المتصفة بذلك الكلام فتكون الشجرة هي القائلة لموسى إنني أنا الله ولكان ما يخلقه الله من إنطاق الجلود والأيدي وتسبيح الحصى وتأويب الجبال وغير ذلك كلاما له كالقرآن والتوراة والإنجيل بل كان كل كلام في الوجود كلامه لأنه خالق كل شيء وهذا قد التزمه مثل صاحب الفصوص وأمثاله من هؤلاء الجهمية الحلولية الاتحادية
فأوردت المعتزلة صفات الأفعال كالعدل والإحسان فإنه يقال إنه عادل محسن بعدل خلقه في غيره وإحسان خلقه في غيره فأشكل ذلك على من

يقول ليس لله فعل قائم به بل فعله هو المفعول المنفصل عنه وليس خلقه إلا مخلوقه
وأما من طرد القاعدة وقال أيضا إن الأفعال قائمة به ولكن المفعولات المخلوقة هي المنفصلة عنه وفرق بين الخلق والمخلوق فأطرد دليله واستقام
والمقصود هنا أن استعاذة النبي صلى الله عليه و سلم بعفوه ومعافاته من عقوبته مع أنه لايستعاذ بمخلوق فهي كسؤال الله بإجابته وإثابته وإن كان لا يسأل بمخلوق
ومن قال من العلماء
لا يسأل إلا به لا ينافي السؤال بصفاته كما أن الحلف لا يشرع إلا بالله
كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وفي لفظ الترمذي من حلف بغير الله فقد أشرك قال الترمذي حديث حسن
ومع هذا فالحلف بعزة الله ولعمر الله ونحو ذلك مما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم والحلف به لم يدخل في الحلف بغير الله لأن لفظ الغير قد يراد به المباين المنفصل
ولهذا لم يطلق السلف وسائر الأئمة على القرآن وسائر صفات الله أنها غيره
ولم يطلقوا عليها أنها ليست غيره لأن لفظا الغير فيه إجمال قد يراد به
المباين المنفصل
فلا يكون صفة الموصوف أو بعضه داخلا في لفظ الغير وقد يراد به ما يمكن
تصوره دون تصور ما هو غير له فيكون غيرا بهذا الاصطلاح ولهذا تنازع أهل
النظر في مسمى الغير والنزاع في ذلك لفظي ولكن بسبب ذلك حصل في مسائل الصفات من الشبهات مالا ينجلي إلا بمعرفة ما وقع في الألفاظ من الاشتراك والإبهامات كما قد بسط في غير هذا الموضع


ولهذا يفرق بين قول القائل الصفات غير الذات وبين قوله صفات الله غير الله
فإن الثاني باطل لأن مسمى اسم الله يدخل فيه صفاته بخلاف مسمى الذات فإنه
لا يدخل فيه الصفات ولهذا لا يقال صفات الله زائدة عليه سبحانه وإن قيل
الصفات زائدة على الذات لأن المراد هي زائدة على ما أثبته المثبتون من الذات المجردة والله تعالى هو الذات الموصوفة بصفاته اللازمة فليس اسم الله متناولا لذات مجردة عن الصفات أصلا ولا يمكن وجود ذلك ولهذا قال أحمد رحمه الله في مناظرته
للجهمية لا نقول الله وعلمه والله وقدرته والله ونوره ولكن نقول الله
بعلمه وقدرته ونوره هو إله واحد وقد بسط في غير هذا الموضع
وأما قول الناس أسألك بالله وبالرحم وقراءة من قرأ تساءلون به والأرحام فهو من باب التسبب بها فإن الرحم توجب الصلة وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته فسؤال السائل بالرحم لغيره متوسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما ليس هو من باب الإقسام ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب بل هو توسل بما يقتضي المطلوب كالتوسل بدعاء الأنبياء وبطاعتهم وبالصلاة عليهم
ومن هذا
الباب ما يروى عن عبد الله بن جعفر أنه قال كنت إذا سألت عليا رضي الله
عنه شيئا فلم يعطنيه قلت له بحق جعفر إلا ما أعطيتنيه فيعطينيه أو كما قال
فإن بعض الناس ظن أن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر أو من باب قولهم أسألك بحق أنبيائك ونحو ذلك وليس ذلك بل جعفر هو أخو علي وعبد الله هو ابنه وله عليه حق الصلة فصلة عبد الله صلة لأبيه جعفر كما ثبت في الحديث إن من البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أو يولي وقوله إن من برهما بعد موتهما الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاد عهدهما من بعد موتهما وصلة رحمك التي لا رحم لك إلا من قبلهما
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب اقتضاء الصراط الستقيم الجزء السادس - صفحة 2 Empty رد: كتاب اقتضاء الصراط الستقيم الجزء السادس {الأحد 12 يونيو - 22:46}


ولو كان هذا من الباب الذي ظنوه لكان سؤاله لعلي بحق النبي وإبراهيم الخليل ونحوهما أولى من سؤاله بحق جعفر ولكان علي إلى تعظيم رسول الله صلى الله عليه و سلم ومحبته وإجابة السائل به أسرع منه إلى إجابة السائل بغيره لكن بين المعنيين فرق
فإن السائل بالنبي طالب به متسبب به فإن لم يكن في ذلك السبب ما يقتضي حصول مطلوبه وإلا كان يسأل ما به باطلا
وإقسام الإنسان على غيره بشيء يكون من باب تعظيم المقسم بالمقسم به وهذا هو الذي جاء به الحديث من الأمر بإبرار المقسم وفي مثل هذا قيل إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره
وقد يكون من باب تعظيم المسؤول به
فالأول يشبه ما ذكره الفقهاء في الحلف الذي يقصد به الحض والمنع
والثاني سؤال للمسؤل بما عنده من محبة المسؤل به وتعظيمه ورعاية حقه فإن كان ذلك مما يقتضي حصول مقصود السائل حسن السؤال كسؤال الإنسان بالرحم
ومن هذا سؤال الله بالأعمال الصالحة وبدعاء أنبيائه وشفاعتهم
وأما بمجرد ذوات الأنبياء والصالحين ومحبة الله لهم وتعظيمه لهم ورعايته لحقوقهم التي أنعم بها عليهم فليس في ذلك ما يوجب حصول مقصود السائل إلا بسبب بين السائل وبينهم إما محبتهم وطاعتهم فيثاب على ذلك وإما دعاؤهم له فيستجيب الله شفاعتهم فيه
فالتوسل بالأنبياء والصالحين يكون بأمرين إما بطاعتهم واتباعهم وإما بدعائهم وشفاعتهم أما مجرد دعاء الداعي وتوسله بهم من غير طاعة منه لهم ولا شفاعة منهم له فلا ينفعه وإن أعظم جاه أحدهم عند الله تعالى
وقد بسطت هذه المسائل في غير هذا الموضع


والمقصود هنا أنه إذا كان السلف والائمة قالوا في سؤال الله بالمخلوق ما
قد ذكرنا فكيف بسؤال المخلوق الميت سواء سئل الميت أن يسأل الله أو سئل
قضاء الحاجة ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس إما عند قبر الميت وإما مع غيبته وصاحب الشريعة صلى الله عليه و سلم حسم المادة وسد الذريعة بلعنة من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد وأن لا يصلي عندها لله ولا يسأل إلا الله وحذر أمته ذلك فكيف إذا وقع نفس المحذور من الشرك وأسباب الشرك
وقد تقدم الكلام على الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد
وقد تبين أن أحد من السلف لم يكن يفعل ذلك إلا
ما نقل عن ابن عمر أنه كان يتحرى النزول في المواضع التي نزل فيها النبي
صلى الله عليه و سلم والصلاة في المواضع التي صلى فيها حتى أن النبي صلى
الله عليه و سلم توضأ وصب فضل وضوئه في أصل شجرة ففعل ابن عمر ذلك وهذا من ابن عمر تحر لمثل فعله فإنه قصد أن يفعل مثل فعله في نزوله وصلاته وصبه للماء وغير ذلك ولم يقصد ابن عمر الصلاة والدعاء في المواضع التي نزلها
والكلام هنا في ثلاث مسائل
أحداها أن التأسي به في صورة الفعل الذي فعله من غير أن يعلم قصده فيه أو مع عدم السبب الذي فعله فهذا فيه نزاع مشهور وابن عمر مع طائفة يقولون بأحد القولين وغيرهم يخالفهم في ذلك والغالب والمعروف عن المهاجرين والأنصار أنهم لم يكونوا يفعلون كفعل ابن عمر رضي الله عنهما وليس هذا مما نحن فيه الآن
ومن هذا الباب أنه لو تحرى رجل في سفره أن يصلي في مكان نزل فيه النبي صلى الله عليه و سلم وصلى فيه إذا جاء وقت الصلاة فهذا من هذا القبيل
المسألة الثانية أن يتحرى تلك البقعة للصلاة عندها من غير أن يكون ذلك وقتا
لصلاته بل أراد أن ينشىء الصلاة والدعاء لأجل البقعة فهذا لم ينقل عن ابن
عمر ولا غيره وإن ادعى بعض الناس أن ابن عمر فعله فقد ثبت

عن أبيه عمر أنه نهى عن ذلك وتواتر عن المهاجرين والأنصار أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك فيمتنع أن يكون فعل ابن عمر لو فعل ذلك حجة على أبيه وعلى المهاجرين والأنصار
والمسألة الثالثة أن لا تكون تلك البقعة في طريقه بل يعدل عن طريقه إليها إو يسافر إليها سفرا طويلا أو قصيرا مثل من يذهب
إلى حراء ليصلي فيه ويدعو أو يسافر إلى غار ثور ليصلي فيه ويدعو أو يذهب
إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ليصلي فيه ويدعو أو يسافر
إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال التي يقال فيها مقامات الأنبياء وغيرهم أو مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء مثل مكان مبني على نعله ومثل ما في جبل قاسيون وجبل الفتح وجبل طور سيناء الذي ببيت المقدس ونحو هذه البقاع فهذا ما يعلم كل من كان عالما بحال رسول الله صلى الله عليه و سلم وحال أصحابه من بعده أنهم لم يكونوا يقصدون شيئا من هذه
الأمكنة فإن جبل حراء الذي هو أطول جبل بمكة كانت قريش تنتابه قبل الإسلام
وتتعبد هناك ولهذا قال أبو طالب في شعره ... وراق ليرقى في حراء ونازل ...

-
وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من الوحي
الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه
الخلاء فكان يأتي غار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ثم
يرجع فيتزود لذلك حتى فجأه الوحي وهو بغار حراء فأتاه الملك فقال له اقرأ فقال لست بقارئ فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ثم قال اقرأ فقلت لست بقارئ مرتين أو ثلاثا ثم قال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم

فرجع بها رسول الله صلى الله عليه و سلم ترجف بوادره الحديث بطوله

فتحنثه وتعبده بغار حراء كان قبل المبعث ثم أنه لما أكرمه الله بنبوته
ورسالته وفرض على الخلق الإيمان به وطاعته واتباعه أقام بمكة بضع عشرة سنة
هو ومن آمن به من المهاجرين الأولين الذين هم افضل الخلق ولم يذهب هو ولا أحد من أصحابه
إلى حراء ثم هاجر إلى المدينة واعتمر أربع عمر عمرة الحديبية التي صده
فيها المشركون عن البيت الحرام والحديبية عن يمينك وأنت قاصد مكة إذا مررت
بالتنعيم عند المساجد التي يقال إنها مساجد عائشة والجبل الذي عن يمينك
يقال له جبل التنعيم والحديبية غربيه ثم إنه اعتمر من العام القابم عمرة القضية ودخل مكة هو وكثير من أصحابه
وأقاموا بها ثلاثا ثم لما فتح مكة وذهب إلى ناحية حنين والطائف شرقي مكة
فقاتل هوازن بوادي حنين ثم حاصر أهل الطائف وقسم غنائم حنين بالجعرانة فأتى
بعمرته من الجعرانة إلى مكة ثم إنه اعتمر عمرته الرابعة مع حجة الوداع وحج معه جماهير المسلمين لم يتخلف عن الحج معه إلا من شاء الله وهو في ذلك كله لا هو ولا أحد من اصحابه يأتي غار حراء ولا يزوره ولا شيئا من البقاع التي حول مكة ولم يكن هناك إلا بالمسجد الحرام وبين الصفا والمروة وبمنى ومزدلفة وعرفات وصلى الظهر والعصر ببطن عرنة وضربت له القبة - يوم عرفة بنمرة المجاورة لعرفة ثم بعده خلفاءه الراشدين وغيرهم من السابقين الأولين لم يكونوا يسيرون إلى حراء ونحوه للصلاة فيه والدعاء
وكذلك الغار
المذكور في القرآن في قوله تعالى ثاني اثنين إذ هما في الغار وهو غار بجبل
ثور يماني مكة لم يشرع لأمته السفر إليه وزيارته والصلاة فيه والدعاء ولا
بنى رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة مسجدا غير المسجد الحرام بل تلك
المساجد كلها محدثة مسجد المولد وغيره ولا شرع لأمته زيارة موضع المولد ولا زيارة موضع بيعة العقبة الذي خلف منى وقد بنى هناك مسجد

ومعلوم أنه لو كان هذا مشروعا مستحبا يثيب الله عليه لكان النبي صلى الله عليه و سلم أعلم الناس بذلك وأسرعهم إليه ولكان علم أصحابه ذلك وكان أصحابه أعلم بذلك وأرغب فيه ممن بعدهم فلما لم يكونوا يلتفتون إلى شيء من ذلك علم أنه من البدع المحدثة التي لم يكونوا يعدونها عبادة وقربة وطاعة
فمن جعلها عبادة وقربة وطاعة فقد اتبع غير سبيلهم وشرع من الدين مالم يأذن به الله
وإذا كان حكم مقام نبينا صلى الله عليه و سلم في مثل غار حراء الذي ابتدىء
فيه بالإنباء والإرسال وأنزل عليه فيه القرآن مع أنه كان قبل الإسلام
يتعبد فيه وفي مثل الغار المذكور في القرآن الذي أنزل الله فيه سكينته على
رسوله صلى الله عليه و سلم
فمن المعلوم أن مقامات غيره من الأنبياء أبعد أن يشرع قصدها والسفر إليها لصلاة أو دعاء أو نحو ذلك إذا كانت صحيحة ثابتة فكيف إذا علم أنها كذب أو لم يعلم صحتها
وهذا كما أنه قد ثبت باتفاق أهل العلم أن النبي صلى الله عليه و سلم لما حج البيت لم يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين فلم يستلم الركنين الشاميين ولا غيرهما من جوانب البيت ولا مقام إبراهيم ولا غيره من المشاعر وأما التقبيل فلم يقبل إلا الحجر الأسود
وقد اختلف في الركن اليماني فقيل يقبله وقيل يستلمه ويقبل يده
وقيل لا يقبله ولا يقبل يده والأقوال الثلاثة مشهورة في مذهب أحمد وغيره
والصواب أنه لا يقبله ولا يقبل يده فإن النبي صلى الله عليه و سلم لم يفعل هذا ولا هذا كما تنطق به الأحاديث الصحيحه
ثم هذه مسألة نزاع وأما مسائل الإجماع فلا نزاع بين الأئمة الأربعة ونحوهم من أئمة العلم أنه لا يقبل الركنين الشاميين ولا شيئا من جوانب البيت


فإن النبي صلى الله عليه و سلم لم يستلم إلا الركنين اليمانيين وعلى هذا
عامة السلف وقد روي أن ابن عباس ومعاوية طافا بالبيت فاستلم معاوية الأركان
الأربعة فقال ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يستلم إلا
الركنين اليمانيين فقال معاوية ليس شيء من البيت متروكا فقال ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فرجع إليه معاوية
وقد اتفق العلماء على ما مضت به السنة من أنه لا يشرع الاستلام والتقبيل لمقام إبراهيم الذي ذكره الله تعالى في القرآن وقال واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
فإذا كان هذا بالسنة المتواترة وباتفاق الأئمة لا يشرع تقبيلها بالفم ولا مسحه باليد فغيره من مقامات الأنبياء أولى أن لا يشرع تقبيلها بالفم ولا مسحها باليد
وأيضا فإن المكان الذي كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائما لم يكن أحد من السلف يستلمه ولا يقبله ولا المواضع التي صلى فيها بمكة وغيرها
فإذا كان الموضع الذي كان يطؤه بقدميه الكريمتين ويصلي عليه لم يشرع لأمته
التمسح به ولا تقبيله فكيف بما يقال أن غيره صلى فيه أو نام عليه

وإذا كان هذا ليس بمشروع في موضع قدميه للصلاة فكيف بالنعل الذي هو موضع
قدميه للمشي وغيره هذا إذا كان النقل صحيحا فكيف بما لا يعلم صحته أو بما
لا يعلم أنه كذب كحجارة كثيرة يأخذها الكذابون وينحتون فيها موضع قدم
ويزعمون عند الجهال أن هذا موضع قدم النبي صلى الله عليه و سلم
وإذا كان هذا غير مشروع في موضع قدميه وقدمي إبراهيم الخليل الذي لا شك فيه ونحن مع هذا قد أمرنا أن نتخذه مصلى فكيف بما يقال أنه

موضع قدميه كذبا وافتراء عليه كالموضع الذي بصخرة بيت المقدس وغير ذلك من المقامات
فإن قيل قد أمر الله أن تتخذ من مقام إبراهيم مصلى فيقاس عليه غيره
قيل له هذا الحكم خاص بمقام إبراهيم الذي بمكة سواء أريد به المقام عند الكعبة موضع قيام إبراهيم أو أريد به المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى فلا نزاع بين المسلمين أن المشاعر خصت من العبادات
بما لم يشركها فيه سائر البقاع كما خص البيت بالطواف فما خصت به تلك
البقاع لا يقاس عليها غيرها وما لم يشرع فيها فأولى أن لا يشرع في غيرها
ونحن قد استدللنا على أن ما لم يشرع هناك من التقبيل والاستلام أولى أن لا يشرع في غيرها ولا يلزم أن يشرع في غير تلك البقاع منه مثل ما شرع فيها
ومن ذلك البنيه
التي على جبل عرفات التي يقال إنها قبة آدم فإن هذه لا يشرع قصدها للصلاة
والدعاء باتفاق العلماء بل نفس رقي الجبل الذي بعرفات الذي يقال له جبل
الرحمة واسمه الأول على وزن هلال ليس

مشروعا باتفاقهم
وإنما السنة الوقوف بعرفات إما عند الصخرات حيث وقف النبي صلى الله عليه و
سلم وإما بسائر عرفات فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال عرفة كلها موقف وادفعوا عن بطن عرنة
وكذلك سائر
المساجد المبنية هناك كالمساجد المبنية عند الجمرات وبجنب مسجد الخيف مسجد
يقال له غار المرسلات فيه نزلت سورة المرسلات وفوق الجبل مسجد يقال له
مسجد الكبش ونحو ذلك لم يشرع النبي صلى الله عليه و سلم قصد شيء من هذه البقاع لصلاة ولا دعاء ولا غير ذلك
وأما تقبيل شيء من ذلك والتمسح به فالأمر فيه أظهر إذ قد علم العلماء بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا ليس من شريعة رسول الله صلى الله عليه و سلم
وقد ذكر طائفة من المصنفين في المناسك استحباب زيارة مساجد مكة وما حولها وكنت قد كتبتها في منسك كتبته قبل ان أحج في أول عمري لبعض الشيوخ جمعته من كلام العلماء ثم تبين لي أن هذا كله من البدع المحدثة التي لا أصل لها في الشريعة وأن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لم يفعلوا شيئا من ذلك وأن أئمة العلم والهدى ينهون عن ذلك وأن المسجد الحرام هو المسجد الذي شرع لنا قصده للصلاة والدعاء والطواف وغير ذلك من العبادات ولم يشرع لنا قصد مسجد بعينه بمكة سواه ولا يصلح أن يجعل هناك مسجد يزاحمه في شيء من الأحكام وما يفعله الرجل في مسجد من تلك المساجد من دعاء وصلاة وغير ذلك إذا فعله في المسجد الحرام كان خيرا

له بل هذا سنة مشروعة وأما قصد مسجد غيره هناك تحريا لفضله فبدعة غير مشروعة
وأصل هذا أن المساجد التي تشد الرحال إليها هي المساجد الثلاثة كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم من حديث
أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى
ومسجدي هذا وقد روي هذا من وجوه أخرى وهو حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم باتفاق أهل العلم متلقى بالقبول عنه
فالسفر إلى هذه المساجد الثلاثة للصلاة فيها والدعاء والذكر والقراءة والاعتكاف من الاعمال الصالحة وما سوى هذه المساجد لا يشرع السفر إليه باتفاق أهل العلم حتى مسجد قباء يستحب قصده من المكان
القريب كالمدينة ولا يشرع شد الرحال إليه فإن في الصحيحين عن ابن عمر رضي
الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه و سلم يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيا
وراكبا وكان ابن عمر يفعله وفي لفظ لمسلم فيصلي فيه ركعتين وذكره البخاري
بغير إسناد
وذلك أن الله تعالى نهاه عن القيام في مسجد الضرار فقال والذين اتخذوا4 مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون

لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس
بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم
الظالمين لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم
والله عليم حكيم
وكان مسجد الضرار قد بني لأبي
عامر الفاسق الذي كان يقال له أبو عامر الراهب وكان قد تنصر في الجاهلية
وكان المشركون يعظمونه فلما جاء الإسلام حصل له من الحسد ما أوجب مخالفته للنبي صلى الله عليه و سلم وفراره إلى الكافرين فقام طائفة من المنافقين يبنون هذا المسجد وقصدوا أن يبنوه لأبي عامر هذا والقصة مشهورة في ذلك فلم يبنوه لأجل فعل ما أمر الله به ورسوله بل لغير ذلك
فدخل في معنى ذلك من بنى أبنية يضاهي بها مساجد المسلمين لغير العبادات المشروعة من المشاهد وغيرها لا سيما إذا كان فيها من الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين
والإرصاد لأهل النفاق والبدع المحادين لله ورسوله ما يقوى بها شبهها بمسجد
الضرار فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه و سلم لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه وكان مسجد قباء أسس على التقوى ومسجده أعظم في تأسيسه على التقوى من مسجد
قباء كما ثبت في الصحيحين عنه أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال
مسجدي هذا فكلا المسجدين أسس على التقوى ولكن اختص مسجده بأنه أكمل

في هذا الوصف من غيره فكان يقوم في مسجده يوم الجمعة ويأتي مسجد قباء يوم السبت
وفي السنن عن أسيد بن حضير الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال الصلاة في مسجد قباء كعمرة رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن
غريب
وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة رواه أحمد والنسائي وابن ماجة
قال بعض العلماء قوله من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء تنبيه على أنه لا يشرع قصده بشد الرحال بل إنما يأتيه الرجل من بيته الذي يصلح أن يتطهر فيه ثم يأتيه فيقصده كما يقصد الرجل مسجد مصره دون المساجد التي يسافر إليها
وأما المساجد الثلاثة فاتفق العلماء على استحباب إتيانها للصلاة ونحوها ولكن لو نذر ذلك هل يجب بالنذر فيه قولان للعلماء

أحدهما أنه لا يجب بالنذر إلا إتيان المسجد الحرام خاصة وهذا أحد قولي
الشافعي وهو مذهب أبي حنيفة وبناء على أصله في أنه لا يجب بالنذر إلا ما
كان من جنسه واجب بالشرع
والقول الثاني وهو مذهب مالك وأحمد وغيرهما أنه يجب إتيان المساجد الثلاثة
بالنذر لكن إن أتى الفاضل أغناه عن إتيان المفضول فإذا نذر إتيان مسجد
المدينة ومسجد إيلياء أغناء إتيان المسجد الحرام وإن نذر إتيان مسجد إيلياء
أغناه إتيان أحد مسجدي الحرمين
وذلك أنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه وهذا يعم كل طاعة سواء كان جنسها واجبا أو لم يكن وإتيان الأفضل إجراء للحديث الوارد في ذلك
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى