خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
قريبتي تزوجت برجل متزوج ، من غير إخبار أهله ؛ لأنه تزوج من
الأولى لرغبة أبيه ، المشكل : لقد تزوج بقريبتي على الطريقة الشرعية إلا أن هذا
الشخص أتى بورقة العزوبة تزويراً لأنه :
1. القانون الجديد في بلدنا لا يسمح للرجل التزوج من الثانية إلا بموافقة زوجته
الأولى .
2. لا يريد حاليّاً الطلاق من الأولى ، وهو ليس لديه مصاريف الطلاق .
علماً أن له ولداً منها ، سافر الآن خارج البلد لتحسين دخله وللعيش هناك وبالتالي
حل مشاكله لأنه كما يقول لا يريد البقاء مع زوجته الأولى ، وفي نفس الوقت إذا كانت
تريد الجلوس في بيت أبيه حيث تجلس بدون تطليق من أجل الولد ، ولحال عائلتها المزرية
، ولكن لن يعاشرها ، فهو يقول هي تختار لأنه لا يريد طردها علما أن أمر الزواج لا
يعلمه أهله لتفادي المشاكل مع أبيه .
السؤال : هل هذا الزواج صحيح بورقة العزوبة المزورة ؟ هل نحن أهل الزوجة الثانية
آثمون لتشجيعه للزواج بهذه الطريقة ، وبهده الورقة المزورة - علما أننا شجعناه ؛
لأن بنتنا - وللأسف - كانت في علاقة غير شرعية معه قبل زواجه من الأولى ، فلخوفنا
من هذا الحرام طالبناه بالزواج منها ، ولو بهذه الطريقة - ؟
أولاً :
نأسف لحال الدول التي تنتسب للإسلام ثم هي تحارب الإسلام ، وتضيق على المسلمين في
شعائرهم وطاعاتهم لربهم تعالى ، وفي الوقت الذي تفتح هذه الدول الأبواب على مصارعها
للفساد والانحلال والتحلل من الأخلاق الفاضلة نجدها تضيق الخناق على من يرغب
بالتعدد في الزواج الذي أباحه الله تعالى ، فبعض هذه الدول تمنعه بالكلية ، وبعضها
الآخر تشترط رضا الزوجة الأولى ! – وأي زوجة لو عُرض عليها ستقبل ؟! – وبعضها تشترط
دخلاً معيَّناً يعجز عنه كثيرون وهم قادرون على التعدد .
وعلى هذه الدول أن تتقي الله ربها في مخالفة شرع الله ، ولا يجوز لأحدٍ من العلماء
والقضاة أن يقبل بهذه التشريعات ، وما يوجد من ظلم لدى بعض المعددين فإنه يوجد
أضعافه في أصحاب الزوجة الواحدة فهل هذا سيؤدي بهم إلى إلغاء الزواج من الأولى أيضاً
؟! .
ومن العجب أن هذه القوانين تبيح المحرم ولا تراه جريمة ولا منكراً ، وتحرم الحلال
وتراه جريمة منكرة ، فهذا الرجل الذي سألت عنه ، وقد كانت له علاقة محرمة بهذه
المرأة قبل زواجه بها ، لو وصلت تلك العلاقة إلى القانون لأباحها القانون طالما حصل
ذلك بالتراضي ، وكانت المرأة رشيدة !! أما أن يتخذها زوجة فهذا هو المحرم المنكر
عندهم ، فيقولون : يجوز لك أن تتخذها عشيقة ، ولا يجوز أن تتخذها زوجة ! ألا ساء ما
يحكمون !
فمثل هذه القوانين الباطلة التي تحارب شرع الله ، لا حرج على المسلم في التحايل
عليها والتهرب منها .
فمن رغب في التعدد فأحضر ورقة مزورة من أجل إتمام عقده : فلا حرج عليه ؛ لأن
القانون الذي منعه من التعدد قانون باطل ، ولا يُلزم المسلم بطاعته والانقياد له ،
لكن ينبغي للزوج أن يدرس الآثار المترتبة على هذا الفعل ، لأنه قد يترتب على هذا
مفاسد كثيرة أو أضرار .
ولا حرج أيضاً على أهل الزوجة الثانية الذين علموا بهذه الورقة المزورة وزوجوه ،
ولا شك أن هذا خير لهم ولابنتهم ولزوجها من البقاء في علاقة محرمة .
ثانيا :
لا ينبغي للأب أن يجبر ابنه على الزواج بامرأة لا يريدها ، ولا ينبغي للابن أن
يطيعه في هذه الحال ، لأنه بهذه الطريقة لن تكون هناك المودة والرحمة والسكن بين
الزوجين ، بل قد يقع الزوج في ظلم زوجته لكراهته لها ، ومثل هذه الزيجات تتعرض
كثيراً للفشل ، ولا يجني الزوجين من ورائها إلا المتاعب والمشاكل وتشتت الأولاد .
ومع هذا ، فلا ذنب للمرأة ، بأن يسيء معاملتها من أجل أنه تزوجها وهو كاره ، وإذا
كان يريد إرضاء أبيه فإن عليه أن يحسن إلى زوجته ويعطيها حقوقها ، ويرضى بها زوجة
لها حقوقها الكاملة من المعاشرة بالمعروف ، فإن لم يحصل هذا ولم يستطع إمساكها
بمعروف فليسرحها بإحسان ، بتطليقها وإعطائها حقها كاملاً من غير نقصان .
وإذا كانت المرأة ترغب ببقائها على ذمته ، ينفق عليها ، ويرعى ولدها دون معاشرة :
فإنه يجوز لها أن تقبل بذلك ، وهكذا لو عرض هو الأمر عليها ووافقت .
عَنْ عَائِشَةَ في قوله تعالى : ( وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا
نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا ) الْآيَةَ قَالَتْ : أُنْزِلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ
عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا فَتَقُولُ : لَا
تُطَلِّقْنِي ، وَأَمْسِكْنِي ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنِّي ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ
الْآيَةَ . رواه البخاري ( 2318 ) ومسلم (
3021 ) .
وفي رواية عند البخاري ( 2584 ) : قَالَتْ عائشة : هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنْ
امْرَأَتِهِ مَا لَا يُعْجِبُهُ كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا
فَتَقُولُ أَمْسِكْنِي ، وَاقْسِمْ لِي مَا شِئْتَ ، قَالَتْ : فَلَا بَأْسَ إِذَا
تَرَاضَيَا .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
الرجل إذا قضى وطراً من امرأته وكرهتها نفسه ، أو عجز عن حقوقها : فله أن يطلقها ،
وله أن يخيِّرها ، إن شاءت أقامت عنده ولا حق لها في القسم والوطء والنفقة أو في
بعض ذلك بحسب ما يصطلحان عليه ، فإن رضيت بذلك : لزم ، وليس لها المطالبة به بعد
الرضى .
هذا موجب السنَّة ومقتضاها ، وهو الصواب الذي لا يسوغ غيره ، وقول من قال : إن حقها
يتجدد فلها الرجوع في ذلك متى شاءت : فاسد ؛ فإن هذا خرج مخرج المعاوضة ، وقد سماه
الله تعالى صلحاً ، فيلزم كما يلزم ما صالح عليه من الحقوق والأموال ، ولو مكنت من
طلب حقها بعد ذلك : لكان فيه تأخير الضرر إلى أكمل حالتيه ولم يكن صلحا ، بل كان من
أقرب أسباب المعاداة ، والشريعة منزهة عن ذلك ، ومن علامات المنافق أنه إذا وعد
أخلف ، وإذا عاهد غدر ، والقضاء النبوي يرد هذا .
" زاد المعاد " ( 5 / 152 ، 153 ) .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام مثل هذا في "
مجموع فتاوى ابن تيمية " ( 32 / 270 ) .
ثالثاً :
وقد ذكرتم في سؤالكم أنه كان على علاقة غير شرعية معها ، فإن كان معنى ذلك : الزنا
، فاعلموا أنه لا يصح زواج الزاني ولا الزانية حتى يتوبا ، وقد سبق بيان ذلك في
جواب السؤال رقم (11195) و (14381)
.
والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى