ابو ذياد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما
ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه،
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
السحر و الجن :
أيها الأخوة الكرام، في الدرس الماضي تحدثت
عن موضوع الشعوذة، و اتصل الموضوع بموضوع الجن و السحر، و أخوة كثر رجوني
أن أتابع هذه الموضوعات، لأن إشكالاً كبيراً عند المسلمين وقع فيما بينهم
حول قضية السحر والجن، و ما إلى ذلك.
والحقيقة أن هذا الموضوع ضاغط، أي السحرة و
المشعوذون يستغلون البسطاء من المسلمين لابتزاز أموالهم، ولانتهاك أعراضهم،
ولتضليلهم، وإضلالهم، وكل هذا الذي سوف يرد مدعّم بالأدلة القرآنية و
النبوية و الواقعية، و الذي أرجوه، وأنا أحسن الظن بكم أنكم بعيدون عن هذا
المجال، لكن من يلوذ بكم، ولاسيما البسطاء يقعون في فخ الشيطان، وفي فخ
السحرة، والمنجمين، والدجالين، والعرافين، والكهنة، وأبسط شيء يمسك الواحد
من هؤلاء مجلة، ويطالع حظه هذا الأسبوع، ويسأل نفسه: في أي وقت ولد؟ إذاً
هو من برج التيس مثلاً، ثم يتابع الموضوع في المجلات، ثم يتفاءل أن قبضة
كبيرة سوف يكسبها، ويوجد علاقة حب مع فتاة سوف تتحقق، ويقع في أوهام وفي
كذب لا ينتهي.
لذلك أنا مضطر أن أجعل بعض الدروس القادمة حول
موضوع الجن و السحر، و هذا موضوع متعلق بالدين، و في الدين ليس هناك رأي
شخصي أبداً، الدين توقيفي، هذا وحي السماء، إما عن طريق القرآن، أو عن طريق
بيان النبي العدنان عليه أتمّ الصلاة و السلام.
تسلط الظلمة من الجن على الظلمة من الإنس :
يوجد عندنا مفهوم مستنبط من قوله تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي أضللتم أناساً كثيرين:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ
الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ
بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
المحور الأول في هذا اللقاء الطيب: ما مفهوم الاستمتاع؟ كيف يستمتع الجن بالإنس؟ وكيف يستمتع الإنس بالجن؟
﴿ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا
اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ
لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ
اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
الآية لها مفهوم سياقي، و لها مفهوم عام، مفهومها السياقي هنا: أن الظلمة من الجن يتسلطون على الظلمة من الإنس.
بادئ ذي بدء أنا لا أستطيع إنكار السحر، السحر
موجود، ولكنه أفك، وتسليط الجن على الإنس موجود، هذا هو المس، أن يمس الجن
الإنس، التعبير الدارج أن يلبسه شيطان، يدخل فيه، فهذا الذي يشكو منه
الناس موجود، و واقع، و قائم، و لكن في أدق التفاسير أن ظلمة الجن يتسلطون
على ظلمة الإنس:
﴿ بِمَا كَسَبُوا ﴾
[ سورة النساء: 88]
شيطان الإنس أحياناً أشد فتكاً وأكثر خبثاً وإضلالاً من شيطان الجن :
أما:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42]
﴿ يَا مَعْشَرَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ
عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا
شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾
[ سورة الأنعام: 130]
لكن قد يسأل سائل: أين الجن؟ الآن الإنس
يُعلّمون الجن دروساً، إذا لم تجد في المجتمع شيئًا اسمه جن، الإنس أصبحوا
أشد إيذاء من الجن، الدليل:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 130]
شياطين الإنس والجن، التقديم هنا تقديم أهمية، أي أحياناً شيطان الإنس أشد فتكاً، وأكثر خبثاً وإضلالاً من شيطان الجن.
فعدم وجود جن فيما يتوهم الناس ليس دليل نقاء الجو من الجن، بل لأنهم يتعلمون من الإنس:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا
بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ* يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي
وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى
أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾
العلاقة بين الإنس و الجن علاقة كفر ومعصية :
أي نوع من أنواع التعامل مع الجن كفر واضح،
من سحر فقد كفر، الذي يقال: إن هذا الإنسان رجل صالح، و لفته خضراء، و
متخصص بالجن، و يتعامل مع الجن، كلام غير صحيح، أيّ علاقة بين الإنس و الجن
علاقة كفر ومعصية، و الدليل:
﴿ اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
يوجد قراءة لنافع: ويوم نحشرهم جميعاً، أي الإنس و الجن:
﴿ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
قال ابن عباس: " استكثرتم من الإنس أي أضللتم
منهم عباداً كثيراً "، الآن ملايين مملينة يقول لك: تسعمئة مليون في الهند
يعبدون البقر من دون الله، مئات الملايين ضالة مضلة.
استمتاع الجن بالإنس يكون بالتلذذ بطاعة الإنس لهم :
﴿ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي استمتع بعضنا بعضاً بالضبط، أي الجن
استمتعوا بالإنس، والإنس استمتعوا بالجن، استمتاع الجن بالإنس هو التلذذ
بطاعة الإنس لهم، هؤلاء الأقوياء الطغاة يوجد عندهم شهوة خفية، والناس
يخضعون لهم، يخافونهم، يتوسلون إليهم، يتذللون لهم، استمتاع الجن بالإنس
التلذذ بخضوع الإنس لهم، أي الإنسي حتى يستمتع بالجن لابد من أن يزني، كما
ذكرت في الدرس السابق، قد يكتبون القرآن بدم الحيض، قد يكتبون القرآن
بالنجاسة، على العورة، إن فعل هذا الجن أعطاه شيئاً، أعطاه معلومة أحياناً،
أعطاه دعماً، كان الرجل في الجاهلية كما قال ابن جريج: " ينزل الأرض،
فيقول: أعوذ بكبير هذا الوادي، فذلك استمتاعهم، فاعتذروا يوم القيامة:
﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾
[ سورة الجن: 6]
يتحطم الإنسي، ولا يأخذ شيئاً، يعيش في الوهم،
أما استمتاع الجن بالإنس فما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف، والكهانة،
والسحر، أي بضاعة الجن رائجة عند الإنس، هذا نوع من الاستمتاع، أما استمتاع
الجن بالإنس أيضاً فاعتراف الإنس أن الجن يقدرون أن يدفعوا عنهم ما
يحذرون.
استمتاع الإنس بالجن يكون بتوهم الإنس أن الجن يعينونهم :
نحن نبقى في كلام الله عز وجل:
﴿ اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي استمتع بعضنا بعضاً، الجن استمتعوا شعروا
بالقوة، والهيمنة، والسيطرة، الآن لو كل إنسان إذا خضع الناس له فأخذته
نشوة العظمة هذا يسميه علماء النفس جنون العظمة، هذا استمتاع، تيمور لنك
حينما وصل إلى الشام أمر بقطع رأس خمسين ألف إنسان، وضعت هذه الرؤوس على
شكل برج، البرج هو برج الروس بالقصاع، هنا وُضع خمسون ألف جمجمة على شكل
برج، نظر إليهم، و استمتع بهم، فاستمتاع الجن بالإنس استمتاع الغلبة،
والسيطرة، والقوة، والشعور بالتفوق، واستمتاع الإنس بالجن توهم الإنس أنهم
يعينونهم، يوجد إنسان توفي، أو في الحقيقة قتل، فجاء من يطلب من زوجته أن
تدفع مئة ألف ليرة ليعلمها من قتله، ماذا يفعل هذا الإنسي؟ يلتقي مع قرين
هذا المقتول، وكل إنسان له قرين، والقرين يعلم دخائل حواس الإنس، فيأتون
بالأخبار من قرينه، و يزعمون أنها من علم الغيب، وهو كذب بكذب.
الموت ينهي كل شيء و يبقى العذاب الأليم المديد الخالد :
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
جاء الموت، والعملية انتهت، والاستمتاع انتهى، والمصالح انتهت، وكل شيء انتهى، وبقي العذاب الأليم المديد الخالد:
﴿ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ
النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ
رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
هذا المعنى: أي إنسان من عالم الإنس لا يستطيع
أن يستعين بالجن على إضلال الناس إلا إذا ارتكب الكبائر، كالزنا، والكفر،
وتدنيس كلام الله، و ما شاكل ذلك، و هذا شيء متواتر أيها الأخوة.
الذي قرأته لكم في الدرس الماضي عن هذا
المشعوذ الذي تعاون مع الجن على إضلال البشر، و كيف أنه كان يرتكب
الموبقات، و يجمع الثروات من أجل أن يستمتع بالجن، والجن يستمتعون بسيطرتهم
عليه، و قهرهم له.
من معاني الآية التالية :
1 ـ المؤمن الطاهر المستقيم الذاكر لله مستحيل أن يصل الجن إليه :
أيها الأخوة الكرام، أما الآية التي في السياق، و هي من أدق الآيات:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
كلام مختصر مفيد، جامع مانع، محور هذا الدرس،
ظلمة الجن تسيطر على ظلمة الإنس، العوام يصور لك أن إنساناً بريئاً طاهراً
دخل فيه جني، لو لم يكن مؤهلاً لدخول جني لما دخل، الجواب:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: الآية 129]
أما المؤمن الطاهر، المستقيم، الموحد، المصلي، الذاكر لله، مستحيل وألف ألف مستحيل أن يصل الجن إليه:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42]
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ ﴾
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما
ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه،
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
السحر و الجن :
أيها الأخوة الكرام، في الدرس الماضي تحدثت
عن موضوع الشعوذة، و اتصل الموضوع بموضوع الجن و السحر، و أخوة كثر رجوني
أن أتابع هذه الموضوعات، لأن إشكالاً كبيراً عند المسلمين وقع فيما بينهم
حول قضية السحر والجن، و ما إلى ذلك.
والحقيقة أن هذا الموضوع ضاغط، أي السحرة و
المشعوذون يستغلون البسطاء من المسلمين لابتزاز أموالهم، ولانتهاك أعراضهم،
ولتضليلهم، وإضلالهم، وكل هذا الذي سوف يرد مدعّم بالأدلة القرآنية و
النبوية و الواقعية، و الذي أرجوه، وأنا أحسن الظن بكم أنكم بعيدون عن هذا
المجال، لكن من يلوذ بكم، ولاسيما البسطاء يقعون في فخ الشيطان، وفي فخ
السحرة، والمنجمين، والدجالين، والعرافين، والكهنة، وأبسط شيء يمسك الواحد
من هؤلاء مجلة، ويطالع حظه هذا الأسبوع، ويسأل نفسه: في أي وقت ولد؟ إذاً
هو من برج التيس مثلاً، ثم يتابع الموضوع في المجلات، ثم يتفاءل أن قبضة
كبيرة سوف يكسبها، ويوجد علاقة حب مع فتاة سوف تتحقق، ويقع في أوهام وفي
كذب لا ينتهي.
لذلك أنا مضطر أن أجعل بعض الدروس القادمة حول
موضوع الجن و السحر، و هذا موضوع متعلق بالدين، و في الدين ليس هناك رأي
شخصي أبداً، الدين توقيفي، هذا وحي السماء، إما عن طريق القرآن، أو عن طريق
بيان النبي العدنان عليه أتمّ الصلاة و السلام.
تسلط الظلمة من الجن على الظلمة من الإنس :
يوجد عندنا مفهوم مستنبط من قوله تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي أضللتم أناساً كثيرين:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ
الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ
بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
المحور الأول في هذا اللقاء الطيب: ما مفهوم الاستمتاع؟ كيف يستمتع الجن بالإنس؟ وكيف يستمتع الإنس بالجن؟
﴿ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا
اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ
لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ
اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
الآية لها مفهوم سياقي، و لها مفهوم عام، مفهومها السياقي هنا: أن الظلمة من الجن يتسلطون على الظلمة من الإنس.
بادئ ذي بدء أنا لا أستطيع إنكار السحر، السحر
موجود، ولكنه أفك، وتسليط الجن على الإنس موجود، هذا هو المس، أن يمس الجن
الإنس، التعبير الدارج أن يلبسه شيطان، يدخل فيه، فهذا الذي يشكو منه
الناس موجود، و واقع، و قائم، و لكن في أدق التفاسير أن ظلمة الجن يتسلطون
على ظلمة الإنس:
﴿ بِمَا كَسَبُوا ﴾
[ سورة النساء: 88]
شيطان الإنس أحياناً أشد فتكاً وأكثر خبثاً وإضلالاً من شيطان الجن :
أما:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42]
﴿ يَا مَعْشَرَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ
عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا
شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾
[ سورة الأنعام: 130]
لكن قد يسأل سائل: أين الجن؟ الآن الإنس
يُعلّمون الجن دروساً، إذا لم تجد في المجتمع شيئًا اسمه جن، الإنس أصبحوا
أشد إيذاء من الجن، الدليل:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 130]
شياطين الإنس والجن، التقديم هنا تقديم أهمية، أي أحياناً شيطان الإنس أشد فتكاً، وأكثر خبثاً وإضلالاً من شيطان الجن.
فعدم وجود جن فيما يتوهم الناس ليس دليل نقاء الجو من الجن، بل لأنهم يتعلمون من الإنس:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا
بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ* يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي
وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى
أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾
العلاقة بين الإنس و الجن علاقة كفر ومعصية :
أي نوع من أنواع التعامل مع الجن كفر واضح،
من سحر فقد كفر، الذي يقال: إن هذا الإنسان رجل صالح، و لفته خضراء، و
متخصص بالجن، و يتعامل مع الجن، كلام غير صحيح، أيّ علاقة بين الإنس و الجن
علاقة كفر ومعصية، و الدليل:
﴿ اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
يوجد قراءة لنافع: ويوم نحشرهم جميعاً، أي الإنس و الجن:
﴿ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
قال ابن عباس: " استكثرتم من الإنس أي أضللتم
منهم عباداً كثيراً "، الآن ملايين مملينة يقول لك: تسعمئة مليون في الهند
يعبدون البقر من دون الله، مئات الملايين ضالة مضلة.
استمتاع الجن بالإنس يكون بالتلذذ بطاعة الإنس لهم :
﴿ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي استمتع بعضنا بعضاً بالضبط، أي الجن
استمتعوا بالإنس، والإنس استمتعوا بالجن، استمتاع الجن بالإنس هو التلذذ
بطاعة الإنس لهم، هؤلاء الأقوياء الطغاة يوجد عندهم شهوة خفية، والناس
يخضعون لهم، يخافونهم، يتوسلون إليهم، يتذللون لهم، استمتاع الجن بالإنس
التلذذ بخضوع الإنس لهم، أي الإنسي حتى يستمتع بالجن لابد من أن يزني، كما
ذكرت في الدرس السابق، قد يكتبون القرآن بدم الحيض، قد يكتبون القرآن
بالنجاسة، على العورة، إن فعل هذا الجن أعطاه شيئاً، أعطاه معلومة أحياناً،
أعطاه دعماً، كان الرجل في الجاهلية كما قال ابن جريج: " ينزل الأرض،
فيقول: أعوذ بكبير هذا الوادي، فذلك استمتاعهم، فاعتذروا يوم القيامة:
﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾
[ سورة الجن: 6]
يتحطم الإنسي، ولا يأخذ شيئاً، يعيش في الوهم،
أما استمتاع الجن بالإنس فما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف، والكهانة،
والسحر، أي بضاعة الجن رائجة عند الإنس، هذا نوع من الاستمتاع، أما استمتاع
الجن بالإنس أيضاً فاعتراف الإنس أن الجن يقدرون أن يدفعوا عنهم ما
يحذرون.
استمتاع الإنس بالجن يكون بتوهم الإنس أن الجن يعينونهم :
نحن نبقى في كلام الله عز وجل:
﴿ اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
أي استمتع بعضنا بعضاً، الجن استمتعوا شعروا
بالقوة، والهيمنة، والسيطرة، الآن لو كل إنسان إذا خضع الناس له فأخذته
نشوة العظمة هذا يسميه علماء النفس جنون العظمة، هذا استمتاع، تيمور لنك
حينما وصل إلى الشام أمر بقطع رأس خمسين ألف إنسان، وضعت هذه الرؤوس على
شكل برج، البرج هو برج الروس بالقصاع، هنا وُضع خمسون ألف جمجمة على شكل
برج، نظر إليهم، و استمتع بهم، فاستمتاع الجن بالإنس استمتاع الغلبة،
والسيطرة، والقوة، والشعور بالتفوق، واستمتاع الإنس بالجن توهم الإنس أنهم
يعينونهم، يوجد إنسان توفي، أو في الحقيقة قتل، فجاء من يطلب من زوجته أن
تدفع مئة ألف ليرة ليعلمها من قتله، ماذا يفعل هذا الإنسي؟ يلتقي مع قرين
هذا المقتول، وكل إنسان له قرين، والقرين يعلم دخائل حواس الإنس، فيأتون
بالأخبار من قرينه، و يزعمون أنها من علم الغيب، وهو كذب بكذب.
الموت ينهي كل شيء و يبقى العذاب الأليم المديد الخالد :
ثم يقول الله عز وجل:
﴿ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
جاء الموت، والعملية انتهت، والاستمتاع انتهى، والمصالح انتهت، وكل شيء انتهى، وبقي العذاب الأليم المديد الخالد:
﴿ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ
النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ
رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة الأنعام: 128]
هذا المعنى: أي إنسان من عالم الإنس لا يستطيع
أن يستعين بالجن على إضلال الناس إلا إذا ارتكب الكبائر، كالزنا، والكفر،
وتدنيس كلام الله، و ما شاكل ذلك، و هذا شيء متواتر أيها الأخوة.
الذي قرأته لكم في الدرس الماضي عن هذا
المشعوذ الذي تعاون مع الجن على إضلال البشر، و كيف أنه كان يرتكب
الموبقات، و يجمع الثروات من أجل أن يستمتع بالجن، والجن يستمتعون بسيطرتهم
عليه، و قهرهم له.
من معاني الآية التالية :
1 ـ المؤمن الطاهر المستقيم الذاكر لله مستحيل أن يصل الجن إليه :
أيها الأخوة الكرام، أما الآية التي في السياق، و هي من أدق الآيات:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
كلام مختصر مفيد، جامع مانع، محور هذا الدرس،
ظلمة الجن تسيطر على ظلمة الإنس، العوام يصور لك أن إنساناً بريئاً طاهراً
دخل فيه جني، لو لم يكن مؤهلاً لدخول جني لما دخل، الجواب:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: الآية 129]
أما المؤمن الطاهر، المستقيم، الموحد، المصلي، الذاكر لله، مستحيل وألف ألف مستحيل أن يصل الجن إليه:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
[ سورة الحجر: 42]
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ ﴾
ابو ذياد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
ـ المؤمن ولي المؤمن و الكافر ولي الكافر :
يوجد معنى آخر للآية رائع:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
المؤمن ولي المؤمن، و الكافر ولي الكافر، و
الفاسق ولي الفاسق، و الظالم و لي الظالم، إن الطيور على أشكالها تقع،
المؤمن يعيش بين مؤمنين، المؤمنون بعضهم لبعض نصحة متوادون، بيئته طاهرة،
جامعه نظيف، بيته إسلامي، تجارته مشروعة، زوجته محجبة، بناته منضبطات،
أولاده طائعون، لا يوجد منفذ للشيطان، لا يوجد مسلك، إذاً المؤمن ولي
المؤمن، و الكافر ولي الكافر، المنافق ولي المنافق، الشهواني ولي الشهواني.
3 ـ الظالمون يدخلون النار تباعاً فوج وراء فوج :
يوجد معنى آخر:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
قال بعض علماء التفسير: من باب أن الظالمين يدخلون النار تباعاً فوج وراء فوج:
﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾
[ سورة الأعراف: 38]
الذي يؤكد المعنى الأول:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
قال الله عز وجل :
﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾
[ سورة الزخرف: 36]
كيف إذا رأى الذباب قذارة يجتمع عليها، كبقايا
طعام، بيت غير نظيف، الذباب والبعوض وبعض الحشرات الأخرى تتهافت على بقايا
الطعام، و على بيت غير نظيف، تماماً كالجن، يوجد ذبابة كبيرة جداً، هذه
الذبابة لا تأتي إلى بيت إلا إذا كان فيه لحم متفسخ، لو أن حيواناً صغيراً
ميتاً تحت السرير فهذه الذبابة تأتي، و كأنها تشعر أنه يوجد لحم متفسخ في
هذا المكان.
أيّ ذكر لله يحرق الشيطان :
الملخص أيها الأخوة، إن الله عز وجل يسلط
ظالمي الجن على عصاة المسلمين الذين يتجاوزون بعض ما حرم الله تكاسلاً أو
تجاهلاً، فيسومونهم سوء العذاب، يشاركونهم حياتهم، و طعامهم، و شرابهم.
يوجد بعض الأحاديث، الإنسان إذا دخل بيته، و
لم يسلم قال الشيطان لإخوانه: أدركتم المبيت، نخن نائمون هنا الليلة، تجد
غضباً، و بغضاء، و أصواتاً مرتفعة، و شجاراً، و سباباً، ونكداً، و خصومة في
هذا البيت، لأنه يوجد به شيطان، قال: فإذا جلس إلى الطعام، و لم يسمِّ
قال: أدركتم العشاء اليوم، يوجد عشاء، لا يشبعون، لا يوجد بركة في الأكل
أبداً، فإذا دخل، و لم يسلم، و جلس إلى الطعام، و لم يسمِّ قال الشيطان
لإخوانه: أدركتم المبيت و العشاء، أما إذا دخلت بيتك، و سلمت، قلت: السلام
عليكم، و جلست إلى الطعام، وسميت تولى الشيطان من البيت.
بالمناسبة أخواننا الكرام، كلام قطعي، كلمة
الله أكبر، كلمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي ذكر لله يحرق الشيطان،
معك سلاح مخيف، إذا ذكرت الله وحده ولى الشيطان مدبراً، و لم يعقب، فضلاً
عن أنهم يشاركونهم طعامهم و شرابهم، ينغصون عليهم معيشتهم، تجد الزوجة دخل
فيها جني، ما الذي يزعج الزوج تعمله، حلف عليها في ساعة غضب بطلاق ألا تزور
الجارة الفلانية، لا يحلو لها في الحياة شيء إلا أن تزورها، و أن تذل
زوجها، و أن تكسر يمينه.
يقول العوام: داخل فيها جني، و أحياناً الزوج
يدخل به جني، أحياناً يبحث عن الأخطاء حتى يخلق مشكلة، ليس طبيعياً، يوجد
إنسان رحماني، و إنسان شيطاني، يوجد إنسان مسالم، وإنسان نزّاع إلى الشر،
حتى يذوقوا الضنك، و وعد الله بالمعيشة الضنك:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
[ سورة طه: 124 ]
شخص داخل به الشيطان يقود سيارة، امرأة أشارت
إليه أن يقف، وقف، أين يا أختي؟ قالت له: خذني أينما تريد، فهمَ، واعتبرها
مغنماً كبيراً، فلما انتهى أعطته ظرفين، ظرف فيه دولارات، و ظرف فيه رسالة،
الرسالة مكتوب فيها: مرحباً بك في نادي الإيدز، الدولارات مزورة، دخل من
أجلها السجن، لأنه دخل فيه شيطان.
أيّ إنسان يصل إلى حبل المشنقة هذا من عمل الشيطان :
عندما قال سيدنا موسى لهذا القبطي:
﴿ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾
[ سورة القصص: 15]
الإنسان الذي قتل في المهاجرين، أخذ القاتل
منه ثمانية عشر ألف دولار، و اشترى سيارة بالليلة نفسها، وأخذ فتاة معه إلى
اللاذقية، و استأجر شاليه، و في اليوم الثاني قبض عليه، و انتهى، درسنا في
علم النفس أن المجرمين حمقى مصنفون مع الأغبياء، لأن الشيطان يوهم المجرم
أنك سوف تأخذ هذه الثروة الطائلة، و سوف تعيش إلى أمد بعيد في بحبوحة
كبيرة، لكن لم يقل له: أيام معدودة و سوف تعلق على حبال المشانق.
في عهد النبي عليه الصلاة والسلام خان شخص
جاره بزوجته، فأكله الكلب، فقال عليه الصلاة و السلام: خان صاحبه، و الكلب
قتله، و الكلب خير منه.
والله أيها الأخوة، يوجد أعمال تشعر أن هذا
الإنسان الأحمق الغبي لا مصلحة له فيها، إلا أن الشيطان دفعه إليها، و
دمره، و أنهاه، أنا أقول لكم: أي إنسان يصل إلى حبل المشنقة هذا من عمل
الشيطان، كان مع الجن:
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
أي ضحكت عليكم:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
هذه الآية القطعية:
﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا
أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنْفُسَكُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
العاقل من ابتعد عن الشيطان و وساوسه :
بربكم لو دخل شخص مخفراً يدّعي على إنسان كان
يرتدي ثياباً بيضاء جميلة جداً، وغالية جداً، إذا هو ينزل في حفرة فيها
ماء آسن، فخرج من هذه الحفرة بشكل لا يوصف من الخزي و العار، و المياه
الآسنة النجسة، و توجه إلى مخفر يدّعي على فلان، قال له المحقق: هو دفعك
إلى هذه المياه الآسنة؟ قال له: لا، و الله لم يدفعني، قال له: أمسكك و
وضعك فيها؟ قال له: لا و الله، قال له: شهر عليك المسدس؟ قال له: لا و
الله، لماذا إذاً تدعي عليه؟ قال له: قال لي: انزل، فنزلت، هل هذا إنسان
عاقل؟ هذه الآية:
﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا
أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ
إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
حقيقة السحر و الحكم الشرعي فيمن يتعامل معه :
الآن ينبغي أن نتحدث عن قاعدة أساسية من عقائد الدين في الإيمان بالسحر، ما حقيقة السحر؟ و ما الحكم الشرعي فيمن يتعامل معه؟
القاعدة الأولى: السحر كفر، تعريف جامع مانع: السحر كفر، و سحره في اللغة خدعه، أي أضله بتمويه أو تخييل:
﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾
[ سورة طه: 66]
شعوذة، أو خفة يد، أو معاونة جني، أو كلام، و
قد يكون من كلام الشيطان، أو أدوية، أو أدخنة، و غير ذلك، قال الله عز وجل
في سورة البقرة:
﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا
يَعْلَمُونَ* وَاتَّبَعُوا ﴾
[ سورة البقرة: 101]
الجن فيما أخبرنا ربنا جلّ جلاله كانوا يسترقون السمع من الملائكة، و يوجد آية صريحة:
﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾
[ سورة الحجر: 18]
فكانوا يسترقون السمع، يأخذون الفكرة، و
يضيفون عليها أضعافاً مضاعفة من الكذب، ويلقونها إلى الكهنة، و السحرة، و
المضللين، و المشعوذين، لما نزل هذا القرآن الكريم مُنع الشياطين بعد نزول
هذا الوحي العظيم من أن يسترقوا السمع، فمن صعد إلى السماء ليسترق السمع
أتبعه شهاب ثاقب فأحرقه.
فسيدنا سليمان نبي عظيم، لما جمع السحرة ما
استرقوا سمعه، ما استرقوه من أخبار السماء، و روجوه في الأرض، و أضافوا
عليه أضعافاً مضاعفة من الكذب، جمع كل ما كتب السحرة، و أخفاه عن الجن،
لأنه نبي مرسل، هم ماذا فعلوا؟ قالوا:
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
لو أن سليمان تعامل مع الجن فقد كفر، و ما كفر سليمان، هذه القصص، هذا الكذب، هذا الدجل، ما أنزل الله به من سلطان:
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هل هناك أوضح من هذا الدليل؟
هاروت و ماروت رجلان يتعاملان مع الجن روّجا قصصاً لا أصل لها :
﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ
النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ
وَمَارُوتَ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هاروت و ماروت رجلان، و ليسا ملكين، رجلان يتعاملان مع الجن روّجا قصصاً لا أصل لها:
﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
يقول لك: تعلم السحر ولا تعمل به، هذا حديث موضوع لا أصل له:
﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
أكبر نشاط للسحرة و المشعوذين والكهنة التفريق بين الرجل وزوجته :
يكاد يكون أكبر نشاط للسحرة، والمشعوذين،
والمنجمين، والكهنة، التفريق بين الرجل وزوجته، سبحانك يا رب! أكثر الأزواج
الغافلين عن الله عز وجل يكرهون زوجاتهم، أكثر الزوجات الغافلات عن الله
عز وجل يكرهن أزواجهن، تجد الزوج متعلقًا بغير زوجته، والزوجة متعلقة بغير
زوجها، والخيانات الزوجية الآن على قدم وساق، حتى لو سألت إنساناً خبيراً
لهالكَ ما تسمع.
كنت مرة ببلد بعيدة، سألته: أي شارع فيه مئة
بيت؟ كم بيت فيه خيانة؟ قال لي: سبعون بالمئة، لأن مهمة الشيطان الأولى أن
تكره زوجتك، و أن تحب غيرها بالحرام، لذلك معظم الأعمال الفنية التي تعرض
على الناس أهم شيء أن الزوجة مملة، دفء الأنثى في العشيقة، امرأة تلتقي
معها بالحرام، لكن النبي العدنان يقول: "الحمد لله الذي رزقني حب عائشة".
أنت كمؤمن بطولتك أن تحب زوجتك، هي أنثى،
وعندها ما عند الآخرين، لكن تحتاج إلى كلمة لطيفة، إلى اهتمام، إلى احترام،
إلى إشعار أنك تحبها، لا تمزح بموضوع الطلاق أبداً، و لا بموضوع الزواج
الثاني، هذا مزاح غليظ وسمج، يوجد امرأة غنية جداً قال لها زوجها: أريد أن
أتزوج عليك امرأة أخرى، قالت له: خذ هذه الأساور، و بعها، و قدِّمها لها
مهراً، شخصيتها قوية جداً.
﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ
وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هذه الآية أصل:
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
تأكيد الله عز وجل أن تعلّم السحر كفر :
يؤكد الله عز وجل أن الذي يتعلمه الإنس من الجن يضره، ولا ينفعه:
﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
اليهود يزعمون أن السحر نزل به جبريل وميكائيل، فكذبهم الله عز وجل:
﴿ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
اللذان أنزلا السحر ليسا جبريل ولا ميكائيل، و
لكنهما رجلان من بني إسرائيل، هاروت و ماروت، الله عز وجل يؤكد بأن تعلم
السحر كفر، لا شك في ذلك.
السحرة كذبة فجرة :
الموضوع الثاني المتعلق بهذا المحور هو أن السحرة كذبوا.
لي قريب توفي ـ رحمه الله ـ يذكر لي قصة، أن
إنساناً يعمل ضابطاً في الشرطة، و عنده أثاث جيد، سرقت من بيته قطعة أثاث
غالية جداً، سجادة عجمي، هو لا يعلم الحقيقة إلا أنه يوجد جهل مطبق، فسأل،
قال له: يوجد إنسان يضرب بالمندل، كما كنت أسمع، يأتون بطفل يضعون كأساً من
الزيت تحت عينيه، يرى أشياء، أو الجن يساعدونه، يوجد معاونة من الجن، يقول
هذا الطفل: هذا السجادة موجودة في بيت في الشارع الفلاني، الدخلة
الفلانية، البيت الثالث، بابه باب خوخة، فيه أرض ديار، يوجد مربع بالصدر، و
هذه كلها مصطلحات قديمة، يوجد فرش، يقام هذا الفرش، يوجد دف، تحت هذا الدف
توجد السجادة، هذا ضابط شرطة أخذ دورية، و أخذ المختار لاقتحام البيت،
لأنه سارق، هذا الجني دلّه على السارق، بتفاصيل غير معقولة، يوجد حجرة أمام
الباب مربعة، ويوجد توتة بالبيت، ويوجد مربع بالصدر، و يوجد فرش، و يوجد
دف خشب، و السجادة تحته، أخذ المختار، واقتحموا البيت، فعلاً الزقاق
الفلاني، الدخلة الفلانية، الباب الثالث، باب خوخة، ديار، توتة، مربع، فرش،
دف، فتحوا لم يجدوا شيئاً، و إذا صاحب المنزل تاجر سجاد، ذهبوا إلى محله
التجاري فضربوه، لأنه متهم بحسب كلام الجن، قال لهم: اختاروا أي سجادة أنا
أخذتها، و بعتها، أريد أن أنتهي، أخذ سجادة مناسبة جداً، و انتهى الأمر، و
الملف يوجد فيه سرقة، و يوجد متهم، و الجن دلونا عليه، و أنكر اللص، هو
تاجر سجاد، و على التعذيب اعترف، و بعد ذلك أخذنا سجادة، و انتهى الأمر،
بعد سنة يزور هذا الضابط سجيناً كان بالسجن، وكان إلى جواره اللص الذي دخل
بيت هذا الضابط، وسرق السجادة، والقصة كلها مختلقة ليس لها أصل من الصحة،
لكن الجن يعرفون تاجر السجاد، يعرفون بيته بالضبط، يعرفون معالم البيت.
لذلك الدرس القادم إن شاء الله الموضوع
الأساسي أن السحرة كذبة، إن كان هناك توافق، توافق محض صدفة، مثلاً أنا
أقول لك: هذه المرأة ماذا تحمل؟ قال لي شخص: صار هناك كومبيوتر، صار هناك
إيكو، يعرفون، و أنا أعرف، أنا أعرف أن الجنين إما أن يكون ذكراً أو أنثى،
هذا الكلام صحيح؟ يوجد أشياء بديهية، أشياء متوقعة، أشياء مألوفة، يحكيها
الجني للعراف، للكاهن، أحياناً تقع، لأنها تقع بالمئة خمسين، إذا قال لك
شخص: أنا عندي معلومات غيبية عن نوع الجنين ببطن أمه، تفضل انظر، ذكر، يوجد
احتمال ذكر، ليس معنى هذا أن الجني قد صدق، لا، الاحتمال بالمئة خمسين،
فهذا أعطاهم معلومات مضللة، ثم ظهر أن القصة كلها ليس لها أصل من الصحة.
والحمد لله رب العالمين
يوجد معنى آخر للآية رائع:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
المؤمن ولي المؤمن، و الكافر ولي الكافر، و
الفاسق ولي الفاسق، و الظالم و لي الظالم، إن الطيور على أشكالها تقع،
المؤمن يعيش بين مؤمنين، المؤمنون بعضهم لبعض نصحة متوادون، بيئته طاهرة،
جامعه نظيف، بيته إسلامي، تجارته مشروعة، زوجته محجبة، بناته منضبطات،
أولاده طائعون، لا يوجد منفذ للشيطان، لا يوجد مسلك، إذاً المؤمن ولي
المؤمن، و الكافر ولي الكافر، المنافق ولي المنافق، الشهواني ولي الشهواني.
3 ـ الظالمون يدخلون النار تباعاً فوج وراء فوج :
يوجد معنى آخر:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
قال بعض علماء التفسير: من باب أن الظالمين يدخلون النار تباعاً فوج وراء فوج:
﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾
[ سورة الأعراف: 38]
الذي يؤكد المعنى الأول:
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾
[ سورة الأنعام: 129]
قال الله عز وجل :
﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾
[ سورة الزخرف: 36]
كيف إذا رأى الذباب قذارة يجتمع عليها، كبقايا
طعام، بيت غير نظيف، الذباب والبعوض وبعض الحشرات الأخرى تتهافت على بقايا
الطعام، و على بيت غير نظيف، تماماً كالجن، يوجد ذبابة كبيرة جداً، هذه
الذبابة لا تأتي إلى بيت إلا إذا كان فيه لحم متفسخ، لو أن حيواناً صغيراً
ميتاً تحت السرير فهذه الذبابة تأتي، و كأنها تشعر أنه يوجد لحم متفسخ في
هذا المكان.
أيّ ذكر لله يحرق الشيطان :
الملخص أيها الأخوة، إن الله عز وجل يسلط
ظالمي الجن على عصاة المسلمين الذين يتجاوزون بعض ما حرم الله تكاسلاً أو
تجاهلاً، فيسومونهم سوء العذاب، يشاركونهم حياتهم، و طعامهم، و شرابهم.
يوجد بعض الأحاديث، الإنسان إذا دخل بيته، و
لم يسلم قال الشيطان لإخوانه: أدركتم المبيت، نخن نائمون هنا الليلة، تجد
غضباً، و بغضاء، و أصواتاً مرتفعة، و شجاراً، و سباباً، ونكداً، و خصومة في
هذا البيت، لأنه يوجد به شيطان، قال: فإذا جلس إلى الطعام، و لم يسمِّ
قال: أدركتم العشاء اليوم، يوجد عشاء، لا يشبعون، لا يوجد بركة في الأكل
أبداً، فإذا دخل، و لم يسلم، و جلس إلى الطعام، و لم يسمِّ قال الشيطان
لإخوانه: أدركتم المبيت و العشاء، أما إذا دخلت بيتك، و سلمت، قلت: السلام
عليكم، و جلست إلى الطعام، وسميت تولى الشيطان من البيت.
بالمناسبة أخواننا الكرام، كلام قطعي، كلمة
الله أكبر، كلمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي ذكر لله يحرق الشيطان،
معك سلاح مخيف، إذا ذكرت الله وحده ولى الشيطان مدبراً، و لم يعقب، فضلاً
عن أنهم يشاركونهم طعامهم و شرابهم، ينغصون عليهم معيشتهم، تجد الزوجة دخل
فيها جني، ما الذي يزعج الزوج تعمله، حلف عليها في ساعة غضب بطلاق ألا تزور
الجارة الفلانية، لا يحلو لها في الحياة شيء إلا أن تزورها، و أن تذل
زوجها، و أن تكسر يمينه.
يقول العوام: داخل فيها جني، و أحياناً الزوج
يدخل به جني، أحياناً يبحث عن الأخطاء حتى يخلق مشكلة، ليس طبيعياً، يوجد
إنسان رحماني، و إنسان شيطاني، يوجد إنسان مسالم، وإنسان نزّاع إلى الشر،
حتى يذوقوا الضنك، و وعد الله بالمعيشة الضنك:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
[ سورة طه: 124 ]
شخص داخل به الشيطان يقود سيارة، امرأة أشارت
إليه أن يقف، وقف، أين يا أختي؟ قالت له: خذني أينما تريد، فهمَ، واعتبرها
مغنماً كبيراً، فلما انتهى أعطته ظرفين، ظرف فيه دولارات، و ظرف فيه رسالة،
الرسالة مكتوب فيها: مرحباً بك في نادي الإيدز، الدولارات مزورة، دخل من
أجلها السجن، لأنه دخل فيه شيطان.
أيّ إنسان يصل إلى حبل المشنقة هذا من عمل الشيطان :
عندما قال سيدنا موسى لهذا القبطي:
﴿ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾
[ سورة القصص: 15]
الإنسان الذي قتل في المهاجرين، أخذ القاتل
منه ثمانية عشر ألف دولار، و اشترى سيارة بالليلة نفسها، وأخذ فتاة معه إلى
اللاذقية، و استأجر شاليه، و في اليوم الثاني قبض عليه، و انتهى، درسنا في
علم النفس أن المجرمين حمقى مصنفون مع الأغبياء، لأن الشيطان يوهم المجرم
أنك سوف تأخذ هذه الثروة الطائلة، و سوف تعيش إلى أمد بعيد في بحبوحة
كبيرة، لكن لم يقل له: أيام معدودة و سوف تعلق على حبال المشانق.
في عهد النبي عليه الصلاة والسلام خان شخص
جاره بزوجته، فأكله الكلب، فقال عليه الصلاة و السلام: خان صاحبه، و الكلب
قتله، و الكلب خير منه.
والله أيها الأخوة، يوجد أعمال تشعر أن هذا
الإنسان الأحمق الغبي لا مصلحة له فيها، إلا أن الشيطان دفعه إليها، و
دمره، و أنهاه، أنا أقول لكم: أي إنسان يصل إلى حبل المشنقة هذا من عمل
الشيطان، كان مع الجن:
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
أي ضحكت عليكم:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
هذه الآية القطعية:
﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا
أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنْفُسَكُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
العاقل من ابتعد عن الشيطان و وساوسه :
بربكم لو دخل شخص مخفراً يدّعي على إنسان كان
يرتدي ثياباً بيضاء جميلة جداً، وغالية جداً، إذا هو ينزل في حفرة فيها
ماء آسن، فخرج من هذه الحفرة بشكل لا يوصف من الخزي و العار، و المياه
الآسنة النجسة، و توجه إلى مخفر يدّعي على فلان، قال له المحقق: هو دفعك
إلى هذه المياه الآسنة؟ قال له: لا، و الله لم يدفعني، قال له: أمسكك و
وضعك فيها؟ قال له: لا و الله، قال له: شهر عليك المسدس؟ قال له: لا و
الله، لماذا إذاً تدعي عليه؟ قال له: قال لي: انزل، فنزلت، هل هذا إنسان
عاقل؟ هذه الآية:
﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا
أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ
إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 22]
حقيقة السحر و الحكم الشرعي فيمن يتعامل معه :
الآن ينبغي أن نتحدث عن قاعدة أساسية من عقائد الدين في الإيمان بالسحر، ما حقيقة السحر؟ و ما الحكم الشرعي فيمن يتعامل معه؟
القاعدة الأولى: السحر كفر، تعريف جامع مانع: السحر كفر، و سحره في اللغة خدعه، أي أضله بتمويه أو تخييل:
﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾
[ سورة طه: 66]
شعوذة، أو خفة يد، أو معاونة جني، أو كلام، و
قد يكون من كلام الشيطان، أو أدوية، أو أدخنة، و غير ذلك، قال الله عز وجل
في سورة البقرة:
﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا
يَعْلَمُونَ* وَاتَّبَعُوا ﴾
[ سورة البقرة: 101]
الجن فيما أخبرنا ربنا جلّ جلاله كانوا يسترقون السمع من الملائكة، و يوجد آية صريحة:
﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾
[ سورة الحجر: 18]
فكانوا يسترقون السمع، يأخذون الفكرة، و
يضيفون عليها أضعافاً مضاعفة من الكذب، ويلقونها إلى الكهنة، و السحرة، و
المضللين، و المشعوذين، لما نزل هذا القرآن الكريم مُنع الشياطين بعد نزول
هذا الوحي العظيم من أن يسترقوا السمع، فمن صعد إلى السماء ليسترق السمع
أتبعه شهاب ثاقب فأحرقه.
فسيدنا سليمان نبي عظيم، لما جمع السحرة ما
استرقوا سمعه، ما استرقوه من أخبار السماء، و روجوه في الأرض، و أضافوا
عليه أضعافاً مضاعفة من الكذب، جمع كل ما كتب السحرة، و أخفاه عن الجن،
لأنه نبي مرسل، هم ماذا فعلوا؟ قالوا:
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
لو أن سليمان تعامل مع الجن فقد كفر، و ما كفر سليمان، هذه القصص، هذا الكذب، هذا الدجل، ما أنزل الله به من سلطان:
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هل هناك أوضح من هذا الدليل؟
هاروت و ماروت رجلان يتعاملان مع الجن روّجا قصصاً لا أصل لها :
﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ
النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ
وَمَارُوتَ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هاروت و ماروت رجلان، و ليسا ملكين، رجلان يتعاملان مع الجن روّجا قصصاً لا أصل لها:
﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
يقول لك: تعلم السحر ولا تعمل به، هذا حديث موضوع لا أصل له:
﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
أكبر نشاط للسحرة و المشعوذين والكهنة التفريق بين الرجل وزوجته :
يكاد يكون أكبر نشاط للسحرة، والمشعوذين،
والمنجمين، والكهنة، التفريق بين الرجل وزوجته، سبحانك يا رب! أكثر الأزواج
الغافلين عن الله عز وجل يكرهون زوجاتهم، أكثر الزوجات الغافلات عن الله
عز وجل يكرهن أزواجهن، تجد الزوج متعلقًا بغير زوجته، والزوجة متعلقة بغير
زوجها، والخيانات الزوجية الآن على قدم وساق، حتى لو سألت إنساناً خبيراً
لهالكَ ما تسمع.
كنت مرة ببلد بعيدة، سألته: أي شارع فيه مئة
بيت؟ كم بيت فيه خيانة؟ قال لي: سبعون بالمئة، لأن مهمة الشيطان الأولى أن
تكره زوجتك، و أن تحب غيرها بالحرام، لذلك معظم الأعمال الفنية التي تعرض
على الناس أهم شيء أن الزوجة مملة، دفء الأنثى في العشيقة، امرأة تلتقي
معها بالحرام، لكن النبي العدنان يقول: "الحمد لله الذي رزقني حب عائشة".
أنت كمؤمن بطولتك أن تحب زوجتك، هي أنثى،
وعندها ما عند الآخرين، لكن تحتاج إلى كلمة لطيفة، إلى اهتمام، إلى احترام،
إلى إشعار أنك تحبها، لا تمزح بموضوع الطلاق أبداً، و لا بموضوع الزواج
الثاني، هذا مزاح غليظ وسمج، يوجد امرأة غنية جداً قال لها زوجها: أريد أن
أتزوج عليك امرأة أخرى، قالت له: خذ هذه الأساور، و بعها، و قدِّمها لها
مهراً، شخصيتها قوية جداً.
﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ
وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
هذه الآية أصل:
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
تأكيد الله عز وجل أن تعلّم السحر كفر :
يؤكد الله عز وجل أن الذي يتعلمه الإنس من الجن يضره، ولا ينفعه:
﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
اليهود يزعمون أن السحر نزل به جبريل وميكائيل، فكذبهم الله عز وجل:
﴿ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ﴾
[ سورة البقرة: 102]
اللذان أنزلا السحر ليسا جبريل ولا ميكائيل، و
لكنهما رجلان من بني إسرائيل، هاروت و ماروت، الله عز وجل يؤكد بأن تعلم
السحر كفر، لا شك في ذلك.
السحرة كذبة فجرة :
الموضوع الثاني المتعلق بهذا المحور هو أن السحرة كذبوا.
لي قريب توفي ـ رحمه الله ـ يذكر لي قصة، أن
إنساناً يعمل ضابطاً في الشرطة، و عنده أثاث جيد، سرقت من بيته قطعة أثاث
غالية جداً، سجادة عجمي، هو لا يعلم الحقيقة إلا أنه يوجد جهل مطبق، فسأل،
قال له: يوجد إنسان يضرب بالمندل، كما كنت أسمع، يأتون بطفل يضعون كأساً من
الزيت تحت عينيه، يرى أشياء، أو الجن يساعدونه، يوجد معاونة من الجن، يقول
هذا الطفل: هذا السجادة موجودة في بيت في الشارع الفلاني، الدخلة
الفلانية، البيت الثالث، بابه باب خوخة، فيه أرض ديار، يوجد مربع بالصدر، و
هذه كلها مصطلحات قديمة، يوجد فرش، يقام هذا الفرش، يوجد دف، تحت هذا الدف
توجد السجادة، هذا ضابط شرطة أخذ دورية، و أخذ المختار لاقتحام البيت،
لأنه سارق، هذا الجني دلّه على السارق، بتفاصيل غير معقولة، يوجد حجرة أمام
الباب مربعة، ويوجد توتة بالبيت، ويوجد مربع بالصدر، و يوجد فرش، و يوجد
دف خشب، و السجادة تحته، أخذ المختار، واقتحموا البيت، فعلاً الزقاق
الفلاني، الدخلة الفلانية، الباب الثالث، باب خوخة، ديار، توتة، مربع، فرش،
دف، فتحوا لم يجدوا شيئاً، و إذا صاحب المنزل تاجر سجاد، ذهبوا إلى محله
التجاري فضربوه، لأنه متهم بحسب كلام الجن، قال لهم: اختاروا أي سجادة أنا
أخذتها، و بعتها، أريد أن أنتهي، أخذ سجادة مناسبة جداً، و انتهى الأمر، و
الملف يوجد فيه سرقة، و يوجد متهم، و الجن دلونا عليه، و أنكر اللص، هو
تاجر سجاد، و على التعذيب اعترف، و بعد ذلك أخذنا سجادة، و انتهى الأمر،
بعد سنة يزور هذا الضابط سجيناً كان بالسجن، وكان إلى جواره اللص الذي دخل
بيت هذا الضابط، وسرق السجادة، والقصة كلها مختلقة ليس لها أصل من الصحة،
لكن الجن يعرفون تاجر السجاد، يعرفون بيته بالضبط، يعرفون معالم البيت.
لذلك الدرس القادم إن شاء الله الموضوع
الأساسي أن السحرة كذبة، إن كان هناك توافق، توافق محض صدفة، مثلاً أنا
أقول لك: هذه المرأة ماذا تحمل؟ قال لي شخص: صار هناك كومبيوتر، صار هناك
إيكو، يعرفون، و أنا أعرف، أنا أعرف أن الجنين إما أن يكون ذكراً أو أنثى،
هذا الكلام صحيح؟ يوجد أشياء بديهية، أشياء متوقعة، أشياء مألوفة، يحكيها
الجني للعراف، للكاهن، أحياناً تقع، لأنها تقع بالمئة خمسين، إذا قال لك
شخص: أنا عندي معلومات غيبية عن نوع الجنين ببطن أمه، تفضل انظر، ذكر، يوجد
احتمال ذكر، ليس معنى هذا أن الجني قد صدق، لا، الاحتمال بالمئة خمسين،
فهذا أعطاهم معلومات مضللة، ثم ظهر أن القصة كلها ليس لها أصل من الصحة.
والحمد لله رب العالمين
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى