ابو ذياد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما
ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه،
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الطريق الشرعي هو الطريق الوحيد لمكافحة السحر ومدافعته :
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السابع من دروس النهي عن التعامل مع السحرة والمشعوذين والجن.
أيها الأخوة الكرام، كان موضوع الدرس السابق
الحديث عن السحرة، واليوم ننتقل إلى موضوع جزئي من هذا الموضوع الكبير، ألا
و هو: أن مدافعة السحر لا تصح إلا بالمعالجة الشرعية.
هناك ألف أسلوب وأسلوب، وألف طريقة و طريقة،
أساسها الدجل، والشعوذة، والكذب، والخرافة، لكن لمكافحة السحر ومدافعة
السحر طريقاً وحيداً هو الطريق الشرعي، يقول أحد كبار العلماء: من سلك في
دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله فإنه لم يظلمهم، بل هو
مطيع لله و رسوله في نصر المظلوم، و إعانة الملهوف، و التنفيس عن المكروب.
أي إذا لجأ إنسان وقع السحر عليه، أو إنسان
أصابه مسّ من الجن، لجأ إلى عالم رباني يعرف الله، يعرف تفاصيل منهج الله،
يعرف الوسائل الشرعية، و طبق هذا العالم الوسائل الشرعية في مدافعة السحر
فلا شيء عليه، بل إنه قدم خدمة كبيرة لهذا المسحور، أو للذي أصابه مس من
الجن.
الطريق الشرعي أيها الأخوة ليس فيه شرك
بالخالق، الحقيقة الكبرى الأولى والأخيرة أن أيّ جهة في الأرض لا تستطيع أن
تمسك بأذى إلا إذا أراد الله:
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102 ]
فعلاقتك في موضوع السحر وموضوع مس الجن مع الله وحده.
الله عز وجل يعاقب الإنسان بمسٍّ من الجن إما لغفلته أو لتقصيره :
اليوم جاءتني رسالة بالبريد الإلكتروني من
رجل يسأل أن زوجته لها تصرفات غير معقولة إطلاقاً، غير مقبولة، وغير مألوفة
منها سابقاً، فأخذها إلى أطباء كثر، أكثرهم قال: معها مس من الجن، كلامها
غير معقول، تصرفاتها غير معقولة، امتناعها عنه غير معقول، تهجمها عليه غير
معقول، فالأطباء النفسيون أجمعوا على أن مساً من الجن أصابها، طبق بعض
التعليمات الشرعية، يقول: الشيء الذي لا يصدق أنها عادت إلى ما كانت عليه
من رقة، ومن لطف، ومن عقلانية، ومن توازن.
أحياناً الله عز وجل لحكمة بالغة يعاقب
إنساناً - وهو العدل - بمس من الجن، إما لغفلته، أو لتقصيره، أو لانغماسه
في معصية لم يعلم بها أحد، أو ما شاكل ذلك، هذا المس من الشيطان، أو المس
من الجن، والشياطين كفرة الجن، أو تأثير السحر على هذا الإنسان لا يدفع إلا
بالطريق الشرعي.
آية الكرسي من أعظم ما يُنتصر به على الجن :
الطريق الشرعي الأول والأخير الاستعاذة بالله عز وجل:
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾
[ سورة الأعراف: 200]
﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا ﴾
[ سورة الأعراف: 201]
فمس الشيطان يذكر بالله، مس الجن يستعيذ
بالله، الاستعاذة بالله وذكر الله المؤدى واحد، إلا أن التفاصيل هنا نستعيذ
بالله بقراءة المعوذتين، وآية الكرسي، والصلاة، والدعاء، هذا كله يقوي
الإيمان، ويجنب الذنوب و العصيان.
يقول بعض العلماء: و من أعظم ما ينتصر به على الجن آية الكرسي، ومع هذا
فقد جرب المجربون الذين لا يحصون قراءة آية الكرسي على من أصابه مس من الجن
فوجدوا لها تأثيراً عظيماً في دفع الشياطين عن نفس الإنسان، و في دفع الجن
عن نفس المصروع .
مفهوم الشيطان ليس مقبولاً عند معظم المسلمين مع أن القرآن الكريم يؤكد ذلك:
أيها الأخوة الكرام، إذا قرأت آية الكرسي على
هؤلاء الذين مسهم الشيطان، أو مستهم الجن، أو من وقع السحر عليهم، أو
تلقوا أذى من أعوان الشياطين، أحياناً هناك شيطان من الإنس، إنسان قد يكون
زميلك في العمل، وقد يكون جارك في السكنى، وقد يكون قريبك، وهو مع
الشياطين، أحياناً يضيق عليك، يبتغي أن ينالك بأذى دون أن يناله شيء، هذا
أيضاً مسّ من شياطين الإنس، إذا قرأت على هؤلاء جميعاً آية الكرسي بصدق
دفعت عنهم الشياطين، بصراحة أقولها لكم: مفهوم الشيطان غير وارد عند معظم
الناس، أو عند معظم المسلمين، مفهوم أنه يوجد مخلوق يكيد لك، يبغضك بزوجتك،
يوقع بينك وبين أخيك العداوة والبغضاء، يدفعك إلى الشر، يدفعك إلى الغضب،
يدفعك إلى البطش، يجعلك ثوراً هائجاً، هو شيطان:
﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾
[ سورة البقرة: 168]
و الله أيها الأخوة، كلما وقعت عيني على صورة
إنسان يسرق لجريمة ارتكبها أقول: هذا من عمل الشيطان، دفعه إلى سرقة،
والسرقة تحولت إلى قتل، و القتل انتهى به إلى حبل المشنقة، هذا من عمل
الشيطان.
تكاد تكون معظم حالات الطلاق التعسفي من عمل الشيطان، تكاد تكون انهيارات
الشركات من عمل الشيطان، شريك متعنت يريد أن يأخذ ما ليس له، و يستخدم
قوته على شريكه الآخر، فتتحطم الشركة، وقد يرجى منها نفع كبير، فلا تظن
قضية الشيطان قضية موجودة في الكتب، قضية الشيطان مع كل إنسان، في كل لحظة،
و كل بيت، لو أن إنساناً دخل إلى البيت، و لم يسلم يقول الشيطان لإخوانه:
أدركتم المبيت، لو جلس إلى الطعام فلم يسمِّ يقول: أدركتم العشاء، فإذا
دخل، و لم يسلم، و جلس، و لم يسمِّ قال: أدركتم المبيت والعشاء.
تجد بيتاً فيه نكد، كيفما تحركت الزوجة تنتقد،
و كيفما تحرك الزوج ينتقد زوجته، والملاسنة، وتراشق التهم أمام الأولاد،
والشحناء والبغضاء، لأن الشيطان في البيت، هذا بيت كالقبر، لا يصلى فيه، لا
يقرأ القرآن فيه، لا يسبح الله فيه، لا يمجد الله فيه، لا يستغفر الله
فيه، إذا دخلت البيت، وقلت: السلام عليكم و رحمة الله ولى الشيطان، أنا
مضطر أن أتكلم بصراحة.
أعيد وأقول: مفهوم الشيطان ليس مقبولاً عند معظم المسلمين، مع أن القرآن الكريم يؤكد ذلك:
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾
[ سورة الإسراء: 53]
الشيطان مسؤول عن إفساد العلاقة بين الناس :
يتضح لي من خلال ما يجري أنّ أيّ زوج حلف على
زوجته طلاقاً معلقاً ألا تذهب إلى بيت أختها، فإذا ذهبت إلى بيت أختها فهي
طالق، سبحانك يا رب! لا يحلو لهذه الزوجة إلا أن تذهب إلى بيت أختها، و
تضحي بزوجها، و تضحي بحسن العلاقة مع زوجها، مئات الحوادث، آلاف الحوادث،
يمين حلفه الزوج على زوجته، هذه الزوجة لأن الشيطان معها لا يحلو لها شيء
إلا أن تكسر يمينه.
أحياناً نصيحة يوجهها الأب لأولاده، فإذا وجد
بين الزوج والزوجة خصومات تعطي العكس لابنها وابنتها، الأب ينصح فتعطي
العكس، إن دعا أولاده إلى الصلاة فتقول الزوجة: دعهم متعبون، إن دعاهم إلى
الذهاب معه إلى المسجد ترفض الزوجة، شيطان، أحياناً الزوج شيطان، وأحياناً
الزوجة شيطان، يقول لك: أخلاقها سيئة، لأن معها شيطان، الشيطان يعرف بالضبط
كيف يفسد العلاقة بين الزوجين، يعرف الشيطان كيف يفسد العلاقة بين
الشريكين، بين الجارين، كلمات قاسية، ملاحظات قاسية، تجهم أحياناً، تجد
الرجل لطيفاً، ابتسامته على فمه، لطيف المعشر، إذا دخل البيت انقلب إلى
وحش، ما الذي حصل؟ هذه زوجتك، هؤلاء أولادك، من لهم غيرك؟ ابتسامتك لمن؟
لزوجتك، لو أن زوجاً له عمل وظيفي، ويوجد موظفات، لا يوجد ألطف منه مع
الموظفات، بكل احترام، بكل مودة، بكل أدب، بكل تواضع، ينتقي أجمل الكلمات،
مع زوجته ينتقي أصعب الكلمات، أقسى الكلمات، أحياناً الشيطان يمنعك أن
تشكر، بيت نظيف، طبخ جيد، أولاد مرتبون، انتهى الأكل فقط، و ليس السلام
عليكم، الله يعطيك العافية، جزاك الله خيراً، الله أكرمني بك، تجد كلمة
كالصخر.
والله يا أخوان، أنا متألم جداً حين أسمع من
أخواننا بالهاتف وبشكاوى مكتوبة أن بيوت مسلمين جحيم لا يطاق، هذا قدر؟ هذا
خطأ و ليس قدراً، ألا تستطيع أن تكون زوجاً راقياً؟ زوجاً مهذباً؟ زوجاً
لطيفًا؟ زوجاً متسامحاً؟ زوجاً عطوفًا؟ زوجاً رحيماً؟ ألا تستطيعي أيتها
الزوجة أن تكوني واعية؟ كسب المال صعب جداً، عقبات، و متاعب، وضغوط، و
قوانين، هي مرتاحة، تريد كل حاجاتها بلا تلكؤ، لا تعذر زوجها، ضغطها الشديد
أحياناً يخرجه من اتزانه، يوجد بالمنزل شيطان، إما مع الزوج، أو مع
الزوجة، أو معهما معاً.
بيوت المسلمين جحيم لا يطاق، لا يوجد ود، لا يوجد محبة، لا يوجد احترام للأب، لا يوجد احترام للأم، لا يوجد اهتمام بالأولاد.
أكبر هدف للشيطان التفريق بين الناس :
مرة ثانية، مفهوم الشيطان مفهوم ضبابي عند
معظم الشياطين، أحياناً تجد إنساناً يندفع إلى الأذى دون أن يربح شيئاً،
أحياناً تقع مصائب كبيرة بسبب كلمة، بسبب غفلة بسيطة، لذلك قل: أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم إذا دخلت بيتك، إذا خرجت من بيتك فقل: اللهم إني أعوذ بك
أن أَضل أو أُضل، أو أن أَذل أو أُذل، أو أن أظلم أو أن أُظلم، يوجد دعاء
لدخول البيت، ودعاء للخروج منه، يجب أن تعلم أن أكبر هدف للشيطان التفريق
بين الزوجين وبين الأخوين، و بين الشريكين، و بين الجارين.
حينما يكون المجتمع ممزقاً فهذا من أهداف
الشيطان، والمجتمعات الآن أيها الأخوة ممزقة والله، آية الكرسي إذا قرأت
بصدق وإخلاص، إذا كانت مقروءة بقلب حاضر، فإن الشيطان يولي دبره.
سبحانك يا رب! لا يوجد إنسان معصوم، أحد
العلماء يرى أن هذا المصروع من أجل أن يخرج منه الجني ينبغي أن يضرب ضرباً
مبرحاً كثيراً، قال: هذا الضرب ليس له، للجني، فتساءل عالم آخر، قال: ما
الدليل؟ لم يرد هذا لا في القرآن ولا في السنة، تقتله قتلاً حتى تميته!
وتقول: وأنا أعالجك، الله ذكر الدواء، فاتعظ بالله، ولم يذكر الضرب، وأنا
أسمع هذا كثيراً، كل إنسان يذهب إلى من يُظن أنه يصرف عنه الجن، يضربه
ضرباً مبرحاً، و قد يكون الضرب فوق طاقة احتماله، قال: هذا ليس له أصل
إطلاقاً.
الآيات الكريمة التي يستعان بها لمن أصابه مس من الجن أو سحر الساحر :
1 ـ سورة الكرسي :
فضلاً عن آية الكرسي يفضل أن نقرأ لهذا الذي
أصابه مس من الجن، أو أصابه سحر الساحر، أو أصابه مس من شياطين الإنس، الآن
شياطين الإنس أبلغ أثراً من شياطين الجن، شياطين الإنس أخطر من شياطين
الجن، تجد فرضاً طفلاً بريئاً شاباً سهر مع رفاقه، شرب كأساً من الشاي فيها
مخدر، بدأ كل شيء يملكه اشترى فيه مخدرات، بعد ذلك تدين، ثم سرق، ثم سمح
لصديقه أن يواقع أخته من أجل ثمن المخدر.
والله يوجد قصص أيها الأخوة عن المخدرات يشيب لهولها الولدان، هذا شيطان، فالإنسان يجب أن يكون في أعلى درجة من اليقظة:
(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
[أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد ]
مرة ثانية:
(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
[أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد ]
لا تدخل بيتًا لا تعرفه، ولا تدخِل أحداً إلى بيتك، و أنت لا تعرفه.
2 ـ الفاتحة و المعوذات :
الآن الفاتحة: يروي الإمام البخاري رضي الله
عنه في صحيحه، إذا ترضينا عن إمام محدث فمن باب الدعاء، و إن ترضينا عن
صحابي جليل فمن باب التقرير، لأن الله سبحانه و تعالى قال:
﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾
[ سورة الفتح: 18]
فرق كبير بين أن تقول: رضي الله عنه دعاء أو تقريراً ـ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ:
(( كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ
يَقُلْ اللَّهُ: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا
يُحْيِيكُمْ، ثُمَّ قَالَ لِي: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ
السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ
أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ
تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ،
قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ
الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ ))
[ البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى ]
حديث آخر عن فضل الفاتحة، والحديث أيضاً في الصحيحين، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
(( انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى
نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ - أي
طلبوا أن يكونوا ضيوفاً عندهم - فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ
سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ - رئيس هذه القبيلة لدغ إما بأفعى أو بعقرب -
فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ
يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا
الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا
يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟ فَقَالَ
بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ
لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ
حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ
الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ - نشط و استعاد
حيويته و قوته - فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ:
فَأَوْفَوْهُمْ ـ أعطوهم -جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ،
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا
حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ
لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ:
وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟ ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمْ،
اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))
[ متفق عليه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما
ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه،
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الطريق الشرعي هو الطريق الوحيد لمكافحة السحر ومدافعته :
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السابع من دروس النهي عن التعامل مع السحرة والمشعوذين والجن.
أيها الأخوة الكرام، كان موضوع الدرس السابق
الحديث عن السحرة، واليوم ننتقل إلى موضوع جزئي من هذا الموضوع الكبير، ألا
و هو: أن مدافعة السحر لا تصح إلا بالمعالجة الشرعية.
هناك ألف أسلوب وأسلوب، وألف طريقة و طريقة،
أساسها الدجل، والشعوذة، والكذب، والخرافة، لكن لمكافحة السحر ومدافعة
السحر طريقاً وحيداً هو الطريق الشرعي، يقول أحد كبار العلماء: من سلك في
دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله فإنه لم يظلمهم، بل هو
مطيع لله و رسوله في نصر المظلوم، و إعانة الملهوف، و التنفيس عن المكروب.
أي إذا لجأ إنسان وقع السحر عليه، أو إنسان
أصابه مسّ من الجن، لجأ إلى عالم رباني يعرف الله، يعرف تفاصيل منهج الله،
يعرف الوسائل الشرعية، و طبق هذا العالم الوسائل الشرعية في مدافعة السحر
فلا شيء عليه، بل إنه قدم خدمة كبيرة لهذا المسحور، أو للذي أصابه مس من
الجن.
الطريق الشرعي أيها الأخوة ليس فيه شرك
بالخالق، الحقيقة الكبرى الأولى والأخيرة أن أيّ جهة في الأرض لا تستطيع أن
تمسك بأذى إلا إذا أراد الله:
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
[ سورة البقرة: 102 ]
فعلاقتك في موضوع السحر وموضوع مس الجن مع الله وحده.
الله عز وجل يعاقب الإنسان بمسٍّ من الجن إما لغفلته أو لتقصيره :
اليوم جاءتني رسالة بالبريد الإلكتروني من
رجل يسأل أن زوجته لها تصرفات غير معقولة إطلاقاً، غير مقبولة، وغير مألوفة
منها سابقاً، فأخذها إلى أطباء كثر، أكثرهم قال: معها مس من الجن، كلامها
غير معقول، تصرفاتها غير معقولة، امتناعها عنه غير معقول، تهجمها عليه غير
معقول، فالأطباء النفسيون أجمعوا على أن مساً من الجن أصابها، طبق بعض
التعليمات الشرعية، يقول: الشيء الذي لا يصدق أنها عادت إلى ما كانت عليه
من رقة، ومن لطف، ومن عقلانية، ومن توازن.
أحياناً الله عز وجل لحكمة بالغة يعاقب
إنساناً - وهو العدل - بمس من الجن، إما لغفلته، أو لتقصيره، أو لانغماسه
في معصية لم يعلم بها أحد، أو ما شاكل ذلك، هذا المس من الشيطان، أو المس
من الجن، والشياطين كفرة الجن، أو تأثير السحر على هذا الإنسان لا يدفع إلا
بالطريق الشرعي.
آية الكرسي من أعظم ما يُنتصر به على الجن :
الطريق الشرعي الأول والأخير الاستعاذة بالله عز وجل:
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾
[ سورة الأعراف: 200]
﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا ﴾
[ سورة الأعراف: 201]
فمس الشيطان يذكر بالله، مس الجن يستعيذ
بالله، الاستعاذة بالله وذكر الله المؤدى واحد، إلا أن التفاصيل هنا نستعيذ
بالله بقراءة المعوذتين، وآية الكرسي، والصلاة، والدعاء، هذا كله يقوي
الإيمان، ويجنب الذنوب و العصيان.
يقول بعض العلماء: و من أعظم ما ينتصر به على الجن آية الكرسي، ومع هذا
فقد جرب المجربون الذين لا يحصون قراءة آية الكرسي على من أصابه مس من الجن
فوجدوا لها تأثيراً عظيماً في دفع الشياطين عن نفس الإنسان، و في دفع الجن
عن نفس المصروع .
مفهوم الشيطان ليس مقبولاً عند معظم المسلمين مع أن القرآن الكريم يؤكد ذلك:
أيها الأخوة الكرام، إذا قرأت آية الكرسي على
هؤلاء الذين مسهم الشيطان، أو مستهم الجن، أو من وقع السحر عليهم، أو
تلقوا أذى من أعوان الشياطين، أحياناً هناك شيطان من الإنس، إنسان قد يكون
زميلك في العمل، وقد يكون جارك في السكنى، وقد يكون قريبك، وهو مع
الشياطين، أحياناً يضيق عليك، يبتغي أن ينالك بأذى دون أن يناله شيء، هذا
أيضاً مسّ من شياطين الإنس، إذا قرأت على هؤلاء جميعاً آية الكرسي بصدق
دفعت عنهم الشياطين، بصراحة أقولها لكم: مفهوم الشيطان غير وارد عند معظم
الناس، أو عند معظم المسلمين، مفهوم أنه يوجد مخلوق يكيد لك، يبغضك بزوجتك،
يوقع بينك وبين أخيك العداوة والبغضاء، يدفعك إلى الشر، يدفعك إلى الغضب،
يدفعك إلى البطش، يجعلك ثوراً هائجاً، هو شيطان:
﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾
[ سورة البقرة: 168]
و الله أيها الأخوة، كلما وقعت عيني على صورة
إنسان يسرق لجريمة ارتكبها أقول: هذا من عمل الشيطان، دفعه إلى سرقة،
والسرقة تحولت إلى قتل، و القتل انتهى به إلى حبل المشنقة، هذا من عمل
الشيطان.
تكاد تكون معظم حالات الطلاق التعسفي من عمل الشيطان، تكاد تكون انهيارات
الشركات من عمل الشيطان، شريك متعنت يريد أن يأخذ ما ليس له، و يستخدم
قوته على شريكه الآخر، فتتحطم الشركة، وقد يرجى منها نفع كبير، فلا تظن
قضية الشيطان قضية موجودة في الكتب، قضية الشيطان مع كل إنسان، في كل لحظة،
و كل بيت، لو أن إنساناً دخل إلى البيت، و لم يسلم يقول الشيطان لإخوانه:
أدركتم المبيت، لو جلس إلى الطعام فلم يسمِّ يقول: أدركتم العشاء، فإذا
دخل، و لم يسلم، و جلس، و لم يسمِّ قال: أدركتم المبيت والعشاء.
تجد بيتاً فيه نكد، كيفما تحركت الزوجة تنتقد،
و كيفما تحرك الزوج ينتقد زوجته، والملاسنة، وتراشق التهم أمام الأولاد،
والشحناء والبغضاء، لأن الشيطان في البيت، هذا بيت كالقبر، لا يصلى فيه، لا
يقرأ القرآن فيه، لا يسبح الله فيه، لا يمجد الله فيه، لا يستغفر الله
فيه، إذا دخلت البيت، وقلت: السلام عليكم و رحمة الله ولى الشيطان، أنا
مضطر أن أتكلم بصراحة.
أعيد وأقول: مفهوم الشيطان ليس مقبولاً عند معظم المسلمين، مع أن القرآن الكريم يؤكد ذلك:
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾
[ سورة الإسراء: 53]
الشيطان مسؤول عن إفساد العلاقة بين الناس :
يتضح لي من خلال ما يجري أنّ أيّ زوج حلف على
زوجته طلاقاً معلقاً ألا تذهب إلى بيت أختها، فإذا ذهبت إلى بيت أختها فهي
طالق، سبحانك يا رب! لا يحلو لهذه الزوجة إلا أن تذهب إلى بيت أختها، و
تضحي بزوجها، و تضحي بحسن العلاقة مع زوجها، مئات الحوادث، آلاف الحوادث،
يمين حلفه الزوج على زوجته، هذه الزوجة لأن الشيطان معها لا يحلو لها شيء
إلا أن تكسر يمينه.
أحياناً نصيحة يوجهها الأب لأولاده، فإذا وجد
بين الزوج والزوجة خصومات تعطي العكس لابنها وابنتها، الأب ينصح فتعطي
العكس، إن دعا أولاده إلى الصلاة فتقول الزوجة: دعهم متعبون، إن دعاهم إلى
الذهاب معه إلى المسجد ترفض الزوجة، شيطان، أحياناً الزوج شيطان، وأحياناً
الزوجة شيطان، يقول لك: أخلاقها سيئة، لأن معها شيطان، الشيطان يعرف بالضبط
كيف يفسد العلاقة بين الزوجين، يعرف الشيطان كيف يفسد العلاقة بين
الشريكين، بين الجارين، كلمات قاسية، ملاحظات قاسية، تجهم أحياناً، تجد
الرجل لطيفاً، ابتسامته على فمه، لطيف المعشر، إذا دخل البيت انقلب إلى
وحش، ما الذي حصل؟ هذه زوجتك، هؤلاء أولادك، من لهم غيرك؟ ابتسامتك لمن؟
لزوجتك، لو أن زوجاً له عمل وظيفي، ويوجد موظفات، لا يوجد ألطف منه مع
الموظفات، بكل احترام، بكل مودة، بكل أدب، بكل تواضع، ينتقي أجمل الكلمات،
مع زوجته ينتقي أصعب الكلمات، أقسى الكلمات، أحياناً الشيطان يمنعك أن
تشكر، بيت نظيف، طبخ جيد، أولاد مرتبون، انتهى الأكل فقط، و ليس السلام
عليكم، الله يعطيك العافية، جزاك الله خيراً، الله أكرمني بك، تجد كلمة
كالصخر.
والله يا أخوان، أنا متألم جداً حين أسمع من
أخواننا بالهاتف وبشكاوى مكتوبة أن بيوت مسلمين جحيم لا يطاق، هذا قدر؟ هذا
خطأ و ليس قدراً، ألا تستطيع أن تكون زوجاً راقياً؟ زوجاً مهذباً؟ زوجاً
لطيفًا؟ زوجاً متسامحاً؟ زوجاً عطوفًا؟ زوجاً رحيماً؟ ألا تستطيعي أيتها
الزوجة أن تكوني واعية؟ كسب المال صعب جداً، عقبات، و متاعب، وضغوط، و
قوانين، هي مرتاحة، تريد كل حاجاتها بلا تلكؤ، لا تعذر زوجها، ضغطها الشديد
أحياناً يخرجه من اتزانه، يوجد بالمنزل شيطان، إما مع الزوج، أو مع
الزوجة، أو معهما معاً.
بيوت المسلمين جحيم لا يطاق، لا يوجد ود، لا يوجد محبة، لا يوجد احترام للأب، لا يوجد احترام للأم، لا يوجد اهتمام بالأولاد.
أكبر هدف للشيطان التفريق بين الناس :
مرة ثانية، مفهوم الشيطان مفهوم ضبابي عند
معظم الشياطين، أحياناً تجد إنساناً يندفع إلى الأذى دون أن يربح شيئاً،
أحياناً تقع مصائب كبيرة بسبب كلمة، بسبب غفلة بسيطة، لذلك قل: أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم إذا دخلت بيتك، إذا خرجت من بيتك فقل: اللهم إني أعوذ بك
أن أَضل أو أُضل، أو أن أَذل أو أُذل، أو أن أظلم أو أن أُظلم، يوجد دعاء
لدخول البيت، ودعاء للخروج منه، يجب أن تعلم أن أكبر هدف للشيطان التفريق
بين الزوجين وبين الأخوين، و بين الشريكين، و بين الجارين.
حينما يكون المجتمع ممزقاً فهذا من أهداف
الشيطان، والمجتمعات الآن أيها الأخوة ممزقة والله، آية الكرسي إذا قرأت
بصدق وإخلاص، إذا كانت مقروءة بقلب حاضر، فإن الشيطان يولي دبره.
سبحانك يا رب! لا يوجد إنسان معصوم، أحد
العلماء يرى أن هذا المصروع من أجل أن يخرج منه الجني ينبغي أن يضرب ضرباً
مبرحاً كثيراً، قال: هذا الضرب ليس له، للجني، فتساءل عالم آخر، قال: ما
الدليل؟ لم يرد هذا لا في القرآن ولا في السنة، تقتله قتلاً حتى تميته!
وتقول: وأنا أعالجك، الله ذكر الدواء، فاتعظ بالله، ولم يذكر الضرب، وأنا
أسمع هذا كثيراً، كل إنسان يذهب إلى من يُظن أنه يصرف عنه الجن، يضربه
ضرباً مبرحاً، و قد يكون الضرب فوق طاقة احتماله، قال: هذا ليس له أصل
إطلاقاً.
الآيات الكريمة التي يستعان بها لمن أصابه مس من الجن أو سحر الساحر :
1 ـ سورة الكرسي :
فضلاً عن آية الكرسي يفضل أن نقرأ لهذا الذي
أصابه مس من الجن، أو أصابه سحر الساحر، أو أصابه مس من شياطين الإنس، الآن
شياطين الإنس أبلغ أثراً من شياطين الجن، شياطين الإنس أخطر من شياطين
الجن، تجد فرضاً طفلاً بريئاً شاباً سهر مع رفاقه، شرب كأساً من الشاي فيها
مخدر، بدأ كل شيء يملكه اشترى فيه مخدرات، بعد ذلك تدين، ثم سرق، ثم سمح
لصديقه أن يواقع أخته من أجل ثمن المخدر.
والله يوجد قصص أيها الأخوة عن المخدرات يشيب لهولها الولدان، هذا شيطان، فالإنسان يجب أن يكون في أعلى درجة من اليقظة:
(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
[أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد ]
مرة ثانية:
(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))
[أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد ]
لا تدخل بيتًا لا تعرفه، ولا تدخِل أحداً إلى بيتك، و أنت لا تعرفه.
2 ـ الفاتحة و المعوذات :
الآن الفاتحة: يروي الإمام البخاري رضي الله
عنه في صحيحه، إذا ترضينا عن إمام محدث فمن باب الدعاء، و إن ترضينا عن
صحابي جليل فمن باب التقرير، لأن الله سبحانه و تعالى قال:
﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾
[ سورة الفتح: 18]
فرق كبير بين أن تقول: رضي الله عنه دعاء أو تقريراً ـ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ:
(( كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ
يَقُلْ اللَّهُ: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا
يُحْيِيكُمْ، ثُمَّ قَالَ لِي: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ
السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ
أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ
تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ،
قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ
الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ ))
[ البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى ]
حديث آخر عن فضل الفاتحة، والحديث أيضاً في الصحيحين، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
(( انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى
نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ - أي
طلبوا أن يكونوا ضيوفاً عندهم - فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ
سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ - رئيس هذه القبيلة لدغ إما بأفعى أو بعقرب -
فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ
يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا
الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا
يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟ فَقَالَ
بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ
لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ
حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ
الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ - نشط و استعاد
حيويته و قوته - فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ:
فَأَوْفَوْهُمْ ـ أعطوهم -جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ،
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا
حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ
لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ:
وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟ ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمْ،
اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))
[ متفق عليه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
ابو ذياد
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
أخذ المال على قراءة القرآن حرام في غير الرقية :
استنبط العلماء من هذا الحديث أنه يجوز أن تأخذ أجراً على رقيك، يوجد حديث آخر عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:
(( أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ - الذي لدغ
بعقرب، أو بحية، لكن السليم هو اللديغ، تفاؤلاً له بالسلامة - أَوْ
سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَقَالَ: هَلْ
فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ ؟ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا، أَوْ سَلِيمًا،
فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ
- ما قرأها على الشاء قرأها على الملدوغ لكن بأجر قدره شاء - فَبَرَأَ،
فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا:
أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا ؟ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ،
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَحَقَّ
مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ))
[ البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ]
في الرقية فقط، حديث آخر والحكم خاص، ولا يقاس
عليه أبداً، في موضوع الرقية يجوز أن يأخذ الراقي أجراً على رقيه، عند
الصحابة معلوم لديهم أن أخذ المال على قراءة القرآن حرام في غير الرقية،
كما فهم أصحاب النبي رضوان الله عليهم حين قالوا لنبيهم صلى الله عليه و
سلم: أخذ على كتاب الله أجراً، وبما سمعوا من كتاب الله قوله تعالى:
﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾
[ سورة المائدة: 44]
إذاً فليحذر الذين اتخذوا تلاوة القرآن صنعة لهم يلبون بها حاجات الناس في المناسبات، ليحذر أن يكون كسبه غير مشروع.
3 ـ خواتيم سورة البقرة :
أيها الأخوة الكرام، حديث ثالث، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
(( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ،
فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ،
لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ:
هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا
الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ
يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ
الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ ))
[ مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ]
المعوذتان، وآية الكرسي، وفاتحة الكتاب، و
خواتيم سورة البقرة، هذه الآيات، وتلك السور يرد بهما السحر، و يرد بهما
المس، و يرد بهما كيد شياطين الإنس الذين هم من بني جلدتنا.
فضائل سورة الفاتحة :
روى الإمام أحمد عَنْ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ:
(( انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ، فَقُلْتُ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ،
فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ
عَلَيَّ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ
يَرُدَّ عَلَيَّ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَمْشِي، وَأَنَا خَلْفَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَحْلِهِ،
وَدَخَلْتُ أَنَا الْمَسْجِدَ، فَجَلَسْتُ كَئِيبًا حَزِينًا، فَخَرَجَ
عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَطَهَّرَ
فَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ
قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَابِرٍ بِخَيْرِ سُورَةٍ
فِي الْقُرْآنِ ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اقْرَأْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى تَخْتِمَهَا ))
[ أحمد عَنْ ابْنِ جَابِرٍ ]
لازلنا في فضائل سورة الفاتحة، و روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
(( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي..... قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي
الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا، وَإِنَّهَا لَلسَّبْعُ مِنْ
الْمَثَانِي ))
[ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]
التواضع وعدم إظهار الزينة وعدم التفاخر والتباهي يرد الحسد :
أيها الأخوة الكرام، هذا الأسلوب الشرعي في
مدافعة السحر والمس، ومدافعة شياطين الإنس، بالاستعاذة بالله تكون أقوى
البشر، بالاستعاذة بالله تكون أعلم البشر، بالاستعاذة بالله تكون أغنى
البشر، لكن سبحانك يا رب، يوجد أشياء كثر تردادها ترداداً لفظياً أجوفاً
فارغاً ففقدت معناها، و فقدت قيمتها، مثلاً لو أن إنساناً أغضب إنساناً
ماذا يقول الإنسان الذي أُغضب؟ أشهد ألا إله إلا الله، هل أنزلت هذه
الشهادة من أجل أن تعبر بها عن غضبك؟ قد تسأل إنساناً ملحداً كيف الصحة؟
الحمد لله، تحمد من؟ يوجد كلمات من كثرة ما رددها المسلمون ترديداً
ببغاوياً وترديداً أجوفاً وشكلياً فقدت معناها، أما أنت حينما تقول: أعوذ
بالله من الشيطان الرجيم، قل: أعوذ برب الفلق من شر ما خلق، ومن شر غاسق
إذا وقب، و من شر النفاثات في العقد، و من شر حاسد إذا حسد، النبي عليه
الصلاة والسلام يقول: عين الحاسد تضع الجمل في القدر، وتضع الرجل في
القبر.
إذا تباهى إنسان بنعمة، و افتخر بها، و أراد
أن يكسر قلوب من حوله بها، هكذا دخلي، هكذا ربحت، إلى هذا المكان ذهبت، بدأ
يفتخر بما آتاه الله عز وجل ليستعلي على عباد الله قد تصيبه عين الحسود،
لأنه غافل عندما مدح نفسه، و افتخر، و استعلى، و كبر نفسه، و استكبر، وأثار
الحسد، فيأتي حاسد غافل فيحسده، فتصيبه العين، العين لا تدرأ أخطارها
بكلمة: عين الحاسد تبلى بالعمى، لا، بهذا لا يرد الحسد، يرد الحسد
بالتواضع، يرد الحسد بعدم إظهار الزينة، بعدم التفاخر، بعدم التباهي، بعدم
الزهو، بهذا يرد الحسد، أما بوضع ورقة مكتوب عليها الحسود لا يسود، فهذا
كلام لا يقدم و لا يؤخر.
أيها الأخوة الكرام، أنا أنصح أخوتي الكرام،
طبعاً أسأل الله لي و لكم السلامة من الجن، أسأل الله لي و لكم السلامة من
خرافات المخرفين، و من شعوذة المشعوذين، و من ضلال الضالين، و من كل فساد و
تيه في الأرض، و لكن أنا أُعدّكم رسلاً لمن حولكم، وكل شخص منكم حوله
أناس، فإذا وصل إلى سمعه مشكلات من هذا القبيل فليقف وقفة حازمة جريئة، و
ليؤكد أن جهة في الأرض لا تستطيع أن تؤذي أحداً إلا بإذن الله، و أن طريق
رد هؤلاء هو الاستعاذة بالله، و لا سيما قراءة الفاتحة، و المعوذتين، و آية
الكرسي، و خواتيم سورة البقرة.
والحمد لله رب العالمين
استنبط العلماء من هذا الحديث أنه يجوز أن تأخذ أجراً على رقيك، يوجد حديث آخر عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:
(( أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ - الذي لدغ
بعقرب، أو بحية، لكن السليم هو اللديغ، تفاؤلاً له بالسلامة - أَوْ
سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَقَالَ: هَلْ
فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ ؟ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا، أَوْ سَلِيمًا،
فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ
- ما قرأها على الشاء قرأها على الملدوغ لكن بأجر قدره شاء - فَبَرَأَ،
فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا:
أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا ؟ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ،
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَحَقَّ
مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ))
[ البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ]
في الرقية فقط، حديث آخر والحكم خاص، ولا يقاس
عليه أبداً، في موضوع الرقية يجوز أن يأخذ الراقي أجراً على رقيه، عند
الصحابة معلوم لديهم أن أخذ المال على قراءة القرآن حرام في غير الرقية،
كما فهم أصحاب النبي رضوان الله عليهم حين قالوا لنبيهم صلى الله عليه و
سلم: أخذ على كتاب الله أجراً، وبما سمعوا من كتاب الله قوله تعالى:
﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾
[ سورة المائدة: 44]
إذاً فليحذر الذين اتخذوا تلاوة القرآن صنعة لهم يلبون بها حاجات الناس في المناسبات، ليحذر أن يكون كسبه غير مشروع.
3 ـ خواتيم سورة البقرة :
أيها الأخوة الكرام، حديث ثالث، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
(( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ،
فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ،
لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ:
هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا
الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ
يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ
الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ ))
[ مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ]
المعوذتان، وآية الكرسي، وفاتحة الكتاب، و
خواتيم سورة البقرة، هذه الآيات، وتلك السور يرد بهما السحر، و يرد بهما
المس، و يرد بهما كيد شياطين الإنس الذين هم من بني جلدتنا.
فضائل سورة الفاتحة :
روى الإمام أحمد عَنْ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ:
(( انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ، فَقُلْتُ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ،
فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ
عَلَيَّ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ
يَرُدَّ عَلَيَّ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَمْشِي، وَأَنَا خَلْفَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَحْلِهِ،
وَدَخَلْتُ أَنَا الْمَسْجِدَ، فَجَلَسْتُ كَئِيبًا حَزِينًا، فَخَرَجَ
عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَطَهَّرَ
فَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ
قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَابِرٍ بِخَيْرِ سُورَةٍ
فِي الْقُرْآنِ ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اقْرَأْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى تَخْتِمَهَا ))
[ أحمد عَنْ ابْنِ جَابِرٍ ]
لازلنا في فضائل سورة الفاتحة، و روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
(( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي..... قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي
الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا، وَإِنَّهَا لَلسَّبْعُ مِنْ
الْمَثَانِي ))
[ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]
التواضع وعدم إظهار الزينة وعدم التفاخر والتباهي يرد الحسد :
أيها الأخوة الكرام، هذا الأسلوب الشرعي في
مدافعة السحر والمس، ومدافعة شياطين الإنس، بالاستعاذة بالله تكون أقوى
البشر، بالاستعاذة بالله تكون أعلم البشر، بالاستعاذة بالله تكون أغنى
البشر، لكن سبحانك يا رب، يوجد أشياء كثر تردادها ترداداً لفظياً أجوفاً
فارغاً ففقدت معناها، و فقدت قيمتها، مثلاً لو أن إنساناً أغضب إنساناً
ماذا يقول الإنسان الذي أُغضب؟ أشهد ألا إله إلا الله، هل أنزلت هذه
الشهادة من أجل أن تعبر بها عن غضبك؟ قد تسأل إنساناً ملحداً كيف الصحة؟
الحمد لله، تحمد من؟ يوجد كلمات من كثرة ما رددها المسلمون ترديداً
ببغاوياً وترديداً أجوفاً وشكلياً فقدت معناها، أما أنت حينما تقول: أعوذ
بالله من الشيطان الرجيم، قل: أعوذ برب الفلق من شر ما خلق، ومن شر غاسق
إذا وقب، و من شر النفاثات في العقد، و من شر حاسد إذا حسد، النبي عليه
الصلاة والسلام يقول: عين الحاسد تضع الجمل في القدر، وتضع الرجل في
القبر.
إذا تباهى إنسان بنعمة، و افتخر بها، و أراد
أن يكسر قلوب من حوله بها، هكذا دخلي، هكذا ربحت، إلى هذا المكان ذهبت، بدأ
يفتخر بما آتاه الله عز وجل ليستعلي على عباد الله قد تصيبه عين الحسود،
لأنه غافل عندما مدح نفسه، و افتخر، و استعلى، و كبر نفسه، و استكبر، وأثار
الحسد، فيأتي حاسد غافل فيحسده، فتصيبه العين، العين لا تدرأ أخطارها
بكلمة: عين الحاسد تبلى بالعمى، لا، بهذا لا يرد الحسد، يرد الحسد
بالتواضع، يرد الحسد بعدم إظهار الزينة، بعدم التفاخر، بعدم التباهي، بعدم
الزهو، بهذا يرد الحسد، أما بوضع ورقة مكتوب عليها الحسود لا يسود، فهذا
كلام لا يقدم و لا يؤخر.
أيها الأخوة الكرام، أنا أنصح أخوتي الكرام،
طبعاً أسأل الله لي و لكم السلامة من الجن، أسأل الله لي و لكم السلامة من
خرافات المخرفين، و من شعوذة المشعوذين، و من ضلال الضالين، و من كل فساد و
تيه في الأرض، و لكن أنا أُعدّكم رسلاً لمن حولكم، وكل شخص منكم حوله
أناس، فإذا وصل إلى سمعه مشكلات من هذا القبيل فليقف وقفة حازمة جريئة، و
ليؤكد أن جهة في الأرض لا تستطيع أن تؤذي أحداً إلا بإذن الله، و أن طريق
رد هؤلاء هو الاستعاذة بالله، و لا سيما قراءة الفاتحة، و المعوذتين، و آية
الكرسي، و خواتيم سورة البقرة.
والحمد لله رب العالمين
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى