رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
مولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولد للأمة
التأريخ: 12/3/1429هـ
المكان: جامع الإمام مالك بن أنس / بالدمام
الحمد لله الذي جعل مولد محمد ص بداية لرفع الآصار والأغلال، وفاتحة لكل خير وبر وإحسان، والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه، أما بعد:
فيا عباد الله:
مر على الناس زمان هو شر الأزمنة وأسوء الأوقات يصفه رسول الله ص بقوله كما عند مسلم: (.. وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمتْ عليهم ما أحللتُ لهم وأمرتهمْ أن يشركوا بي ما لم أُنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب..) فلما أرد الله سبحانه وتعالى أن يرحم الخلق وأن يخرجهم من الظلمات إلى النور شاء مولد النبي ص
وُلِـد الُهدى، فالكائنات ضياءُ
الروح والملأ الملائـك حـوله
والعيش يزهو، والحظيرة تزدهي
والوحي يقطر سلسلاً من سَلْسَلٍ
يا خيرَ من جاء الوجودَ تحيةٌ
يومٌ يتيه على الزمان صبـاحُه
وفم الزمان تَبَسُّمٌ وثناءُ
للدين والدنيا به بُشـراء
والمنتهى والسِّـدرة العصماء
واللوح والقلم البديع رُواء
من مرسلينَ إلى الهدى بك جاءوا
ومســاؤه بمحمــد وضّاءُ
فكان ص رحمة،وكان مولده منة، ومن ذلك اليوم تغير الكون كله، و توردت الأرض خجلى فقد شَرُفتْ باستقبال خير مخلوق على الأرض والسماء،ففتح مولده صفحة جديدة على الكون،وبات العارفون من أهل الكتاب ينتظرون الحدث الأعظم،وهو مبعث الرسول الأكرم ف.
وشب ص على معانِ الخير واليُمن والإيمان والرحمة والكرامة،فهو الخُلُقُ كلّه،ونشأ خير نشأة،وكمّلَه الله بكل فضلٍ،فهو الجمالُ،فقد فاق حسنه حسن القمر،وما فَضّلَ يوسفَ على نفسه الشريفة إلا تواضعا منه،وفي ربوع مكةَ الطاهرة ِولِدَ،وفي أعلى قبيلةٍ نسبا أنتسب،فكأنه خلق كما شاء.
وأحسن منك لم تر قط عيني
وأجمل منك لم تلد النساءُ
خلقت مبرءا من كل عيبٍ
كأنك قد خلقت كما تشاءُ
ويكفي أن تقول محمد بن عبدالله لتجمع كل الأخلاق السامية والمعان السامقة
وصفتمْ أنتمُ بأبي وأمي
بأخلاقٍ حسانٍ لا تعدُ
وكان أبوه طاهرا،أبيٌ على الخنا،رفيع عن الزنا،فما واقع فحشا في حياته،وكذا كانت أمه،وفيها قالت عاتكة بنت النضر بن الحارث ():
أمحمدٌ ولدتك خيرُ نجيبةٍ
في قومها والفحلُ فحلٌ مُعْرِقُ
ولما شب أجال خاطره في جمال الخَلق ودقة الصنعة فعلِمَ بفطرة السليمة وقلبه الحيّ الوقاد أن للخلق خالقا عظيما،ولم يقبل عقله عبادة الأوثان،ولا الخضوع لآفات الآباء والأجداد،وظلّت نفسه ظمئ للحق الأبلج،فَحُبِبَتْ إليه الخلوةُ في غارِ حراءَ،وما أدراك ما غار حراء،فقد سطع النور الأول هناك.
وكان ف يتنقل في نواحي مكة فلا يتأخر أحدهم عن الفوز بنظرة لمحياه،ويسلّمون عليه بالصادق الأمين،فلم تنقل عنه هنه في خلق،ولا طعن عليه في خبر،ولا امتدت يده لخيانة أمانة، وما قال شعرا وكان قومه أهل الشعر والفصاحة، وكان أفصحهم بلا مقارن.
ولما بلغ الأربعين،وتهيأت نفسه لتحمل تكاليف الرسالة العظمى،جاء سيد الملائكة للقاء سيد الخلق أجمعين عليهما صلاة الله وسلامه.
وأي روع تروعه،وأي خوف شعر به،فقد كان في خلوة،يرجو ربه، فما راعه إلا وجبرائيل العظيم على رأسه،يضمه الضمة تلو الأخرى. وهنا ولد مرة أخرى،بل ولد الكون من جديد فالسماء حُرِستْ بالشهب ﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً *وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً ﴾ [الجن:8،9]،وقد سطعت نور الرسالة،وأضاءت شمس الحق،وهبت نسائم الجنة.
ليال الغار هيا خبرينا
أضيفٌ ساكنٌ أم ذاك مجدُ
أطل الغار بالنور أبتهاجًا
لتحيا أمة بالمجد تحدُ
بمبعثكم رسول الله ذبنا
لكم شوقا بكم شرفتْ معدُ
بمبعثكم لقد طربت جبالٌ
لتشهد رايةً للحق تبدُ
بمبعثكم تصافحت البرايا
وألقى سيفه خصمٌ ألدُ
فكان النور أن عمّ البرايا
وأسدل يا ظلام الليل بُرْدُ
فبادر بالدعوة، ولم يتأخر،ولم يتململ،ولم يكن على الحق الأبلج إلا هو ولقد كان بألف أمة،ولكن كان أنسه في قلبه،فقد رُويت نفسه بماء الإيمان،وتخللها عبير اليقين،فنبتت شجرة الإسلام،وأثمرت نخلة الإيمان،وأورقت زهرة الإحسان.
وبدلا من أتبادر قريش المخذولة بالإيمان،واتباع ولدهم الذي عرفوه بالصدق والأمانة مع الخلق،عادوه وشاتموه وضربوه،وظاهروا عليه،فخابوا من قوم نبي.
ولما أيسوا من قهره،راودوه على دعوته،لعله أن ينثني أو ينحني أو يلين أو يستكين،ولكنهم قابلوا جبلا أشما،وصقرا في العُلي قد حلّق، وزئر أسامة الضرغام بالحق المبين، فكان قدوة للخلائق لما قال: (والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته).
فذاب فؤاده على قومه أن خسروا،ثم خسروا ثم خابوا،وشعر بالمرارة تغزو فؤاده، ثم وقع القدر المقدور،وغاب عن الناظر الحبيب،فغيبت في التراب خديجة،وقد صح الخبر كما رواه البخاري أنها في بيت من قصب، وزاد الأمر على نفسه المقدسة هلاك عمه أبي طالب على الكفر،وبعد موته،أظهرت قريش وجهها القبيح الكالح،فقد قاومت دعوة التوحيد،وناوأت نشر إخلاص العبادة لله تعالى،وتمرغت في أوحال الشرك،فلم تطق نفوسهم الخربة رؤية بساتين الإيمان تثمر،فخنقوا خير البرية،وضربوا إمام المرسلين،وبصقوا في وجه سيد الثقلين،ووضعوا سلى الجزور على ظهر حبيب الرحمن،وخليل الديان،ولكن ما علم أولئك المخاذيل المناكيد العالة أنه كان يتلذذ،فكل إيذاء له كان رفعة عند ربه.
في يوم الميلاد الثالث للكون أمره الله تعالى بالهجرة،ليبحث عن أرض خصبة للدعوة،بدل أرض قريش الجدباء،فقد أبى أهلها الفوز،فراموا الخيبة وورثوا الخسارة.
وهناك كان للإسلام شأن آخر،وموعد مع النور، ففي طيبة الطيبة وعلى ربها الطاهرة ترعرع الإسلام وانتشر،وتمكنت جذوره من رشف الإيمان،فسقى الأنصار الدين بعرقهم ودموعهم،ولم يبخلو بدمائهم الطاهرة حبا لله ورسوله.
أما أرض طابة فقد غنت ألحان الحب والشوق يوم مدخل الحبيب،وحق لها أن تتمايل فرحا وسرورا فسيطأ ثراها من لو وطأ السماء لتسامت بهذا.
وهناك أنشأ الدولة الإسلامية، ونشر الراية الإيمانية، فجاهد بلسانه وسنانه، وصبر وصابر في ذات الله، وكم تألم، وكم سر، وكم عانى بأمي هو وأمي ص،وفي يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر من الهجرة النبوية رزأت الأمة الأحمدية،بل رزأت الأرض والسماء،بموت الرحمة المهداة،ما بقي قلب إلا بكاه،وما جفت عيون في محاجرها حزنا عليه،وفيه قالت سيدة نساء العالمين البرة التقية فاطمة بنت رسول الله: (واأبتاه اجاب ربًا دعاه يا ابتاه من جنة الفردوس مأواه يا ابتاه إلى جبريل ننعاه) فلما دفن قالت فاطمة عليه سحائب الرحمة والرضوان: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب؟!!
أما دفنه فهاك خبره من حبيبته الصديقه بنت الصديق عائشة أنها قالت: (ما علمنا بدفن النبي ف حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الاربعاء) وعن أم سلمة قالت: (بينا نحن مجتمعون نبكي لم ننم ورسول الله في بيوتنا ونحن نتسلى برؤيته على السرير إذ سمعنا صوت الكرارين في السحر قالت أم سلمة فصحنا وصاح أهل المسجد فارتجت المدينة صيحة واحدة وأذن بلال بالفجر فلما ذكر النبي بكى وانتحب فزادنا حزنا وعالج الناس الدخول إلى قبره فغلق دونهم فيالها من مصيبة ما اصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت اذ ذكرنا مصيبتنا به)
عباد الله:
وأنا أشهد الله أن النبي ف بلّغ الأمانة ووفي بالرسالة وجاهد في الله حق الجهاد،فجزاه الله خير ما جزى نبي عن أمته.
الحمد لله الذي أمرنا بحب نبيه ف ونصرته وتعظيمه فقال: ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ [الفتح:9] وصلى الله وسلم على عبده ورسوله ص الذي قال: « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين »،أما بعد:
فيا أحباب رسول الله:
إن من أبواب الضلالة التي نشأت بعد الأزمنة المفضلة بدعة المولد النبوي،وأكثر من يفعل هذا المولد مقصده حسن ألا وهو: تعظيم النبي ف واحترامه،وهو أهل لكل فضل وتعظيم وإجلال،ولكن هذا المقصد الحسن لا يجعل هذا الفعل مباح فضلا أن يكون سنة أو خيرا للأمة،قال الإمام مالك رحمه الله: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمد ف خان الرسالة أقرؤ قوله الله: ﴿.. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً..﴾ [المائدة:3] فما لم يكن ذلك اليوم دينا فهو ليس اليوم دينا،ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) ()
عباد الله:
إن الناظر في السيرة النبوية وتاريخ الصحابة والتابعين وتابعيهم وتابع تابعيهم بل إلى ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين سنة هجرية لم نجد أحدا لا من العلماء ولا من الحكام ولا حتى من عامة الناس قال بهذه العمل أو أمر به أو حث عليه أو تكلم به.
قال الحافظ السخاوي في فتاويه:"عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد"()،وإن أول من أظهر هذه البدعة هم العبيدين، وهم المسمين بالفاطمين ()،وهؤلاء باطنيين زنادقة روافض. ()()
ولقد أصدر عدد من علماء العالم الإسلامي بيانًا للأمة الإسلامية حول مسألة المولد النبوي، ومما جاء فيه: (ولقد فشا في أمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بدعة منكرة يوهن إتيانها المحبةَ الحقةَ له صلى الله عليه وآله وسلم وهي بدعة المولد الذي يقام في الثاني عشر من ربيع الأول، وهي بدعة محرمة قولاً وعملاً واعتقاداً، فهي سوق رائجة للعقائد الباطلة، والأقوال والأعمال المحرمة،كالحقيقة المحمدية، والإطراء المحرم، وتوهين المحبة الحقة، والتواصي بالتبرك بالقبور، وتحري إتيان عمرة تسمى بعمرة المولد، وزيارة جبل حراء وثور، ويحصل في بعض البلدان الرقص والغناء واختلاط الرجال بالنساء بل قد يصل الأمر في بعض البلدان التي يكثر فيها الجهل إلى تناول الخمور والمسكرات، وكذلك إظهار ألوان من الشعوذة والسحر،، والخروج بسيوف من خشب، وتوزيع أنواع الحلوى مضاهاة للأعياد الشرعية، وكل هذا مترتب على البدعة الأصلية وهي الاحتفال بالمولد النبوي.)
عباد الله:
فمن كان يحب رسول الله ص صدقا فعليه ترك مثل هذه البدعة بل وإنكارها بالحكمة والموعظة الحسنة.
التأريخ: 12/3/1429هـ
المكان: جامع الإمام مالك بن أنس / بالدمام
الحمد لله الذي جعل مولد محمد ص بداية لرفع الآصار والأغلال، وفاتحة لكل خير وبر وإحسان، والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه، أما بعد:
فيا عباد الله:
مر على الناس زمان هو شر الأزمنة وأسوء الأوقات يصفه رسول الله ص بقوله كما عند مسلم: (.. وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمتْ عليهم ما أحللتُ لهم وأمرتهمْ أن يشركوا بي ما لم أُنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب..) فلما أرد الله سبحانه وتعالى أن يرحم الخلق وأن يخرجهم من الظلمات إلى النور شاء مولد النبي ص
وُلِـد الُهدى، فالكائنات ضياءُ
الروح والملأ الملائـك حـوله
والعيش يزهو، والحظيرة تزدهي
والوحي يقطر سلسلاً من سَلْسَلٍ
يا خيرَ من جاء الوجودَ تحيةٌ
يومٌ يتيه على الزمان صبـاحُه
وفم الزمان تَبَسُّمٌ وثناءُ
للدين والدنيا به بُشـراء
والمنتهى والسِّـدرة العصماء
واللوح والقلم البديع رُواء
من مرسلينَ إلى الهدى بك جاءوا
ومســاؤه بمحمــد وضّاءُ
فكان ص رحمة،وكان مولده منة، ومن ذلك اليوم تغير الكون كله، و توردت الأرض خجلى فقد شَرُفتْ باستقبال خير مخلوق على الأرض والسماء،ففتح مولده صفحة جديدة على الكون،وبات العارفون من أهل الكتاب ينتظرون الحدث الأعظم،وهو مبعث الرسول الأكرم ف.
وشب ص على معانِ الخير واليُمن والإيمان والرحمة والكرامة،فهو الخُلُقُ كلّه،ونشأ خير نشأة،وكمّلَه الله بكل فضلٍ،فهو الجمالُ،فقد فاق حسنه حسن القمر،وما فَضّلَ يوسفَ على نفسه الشريفة إلا تواضعا منه،وفي ربوع مكةَ الطاهرة ِولِدَ،وفي أعلى قبيلةٍ نسبا أنتسب،فكأنه خلق كما شاء.
وأحسن منك لم تر قط عيني
وأجمل منك لم تلد النساءُ
خلقت مبرءا من كل عيبٍ
كأنك قد خلقت كما تشاءُ
ويكفي أن تقول محمد بن عبدالله لتجمع كل الأخلاق السامية والمعان السامقة
وصفتمْ أنتمُ بأبي وأمي
بأخلاقٍ حسانٍ لا تعدُ
وكان أبوه طاهرا،أبيٌ على الخنا،رفيع عن الزنا،فما واقع فحشا في حياته،وكذا كانت أمه،وفيها قالت عاتكة بنت النضر بن الحارث ():
أمحمدٌ ولدتك خيرُ نجيبةٍ
في قومها والفحلُ فحلٌ مُعْرِقُ
ولما شب أجال خاطره في جمال الخَلق ودقة الصنعة فعلِمَ بفطرة السليمة وقلبه الحيّ الوقاد أن للخلق خالقا عظيما،ولم يقبل عقله عبادة الأوثان،ولا الخضوع لآفات الآباء والأجداد،وظلّت نفسه ظمئ للحق الأبلج،فَحُبِبَتْ إليه الخلوةُ في غارِ حراءَ،وما أدراك ما غار حراء،فقد سطع النور الأول هناك.
وكان ف يتنقل في نواحي مكة فلا يتأخر أحدهم عن الفوز بنظرة لمحياه،ويسلّمون عليه بالصادق الأمين،فلم تنقل عنه هنه في خلق،ولا طعن عليه في خبر،ولا امتدت يده لخيانة أمانة، وما قال شعرا وكان قومه أهل الشعر والفصاحة، وكان أفصحهم بلا مقارن.
ولما بلغ الأربعين،وتهيأت نفسه لتحمل تكاليف الرسالة العظمى،جاء سيد الملائكة للقاء سيد الخلق أجمعين عليهما صلاة الله وسلامه.
وأي روع تروعه،وأي خوف شعر به،فقد كان في خلوة،يرجو ربه، فما راعه إلا وجبرائيل العظيم على رأسه،يضمه الضمة تلو الأخرى. وهنا ولد مرة أخرى،بل ولد الكون من جديد فالسماء حُرِستْ بالشهب ﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً *وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً ﴾ [الجن:8،9]،وقد سطعت نور الرسالة،وأضاءت شمس الحق،وهبت نسائم الجنة.
ليال الغار هيا خبرينا
أضيفٌ ساكنٌ أم ذاك مجدُ
أطل الغار بالنور أبتهاجًا
لتحيا أمة بالمجد تحدُ
بمبعثكم رسول الله ذبنا
لكم شوقا بكم شرفتْ معدُ
بمبعثكم لقد طربت جبالٌ
لتشهد رايةً للحق تبدُ
بمبعثكم تصافحت البرايا
وألقى سيفه خصمٌ ألدُ
فكان النور أن عمّ البرايا
وأسدل يا ظلام الليل بُرْدُ
فبادر بالدعوة، ولم يتأخر،ولم يتململ،ولم يكن على الحق الأبلج إلا هو ولقد كان بألف أمة،ولكن كان أنسه في قلبه،فقد رُويت نفسه بماء الإيمان،وتخللها عبير اليقين،فنبتت شجرة الإسلام،وأثمرت نخلة الإيمان،وأورقت زهرة الإحسان.
وبدلا من أتبادر قريش المخذولة بالإيمان،واتباع ولدهم الذي عرفوه بالصدق والأمانة مع الخلق،عادوه وشاتموه وضربوه،وظاهروا عليه،فخابوا من قوم نبي.
ولما أيسوا من قهره،راودوه على دعوته،لعله أن ينثني أو ينحني أو يلين أو يستكين،ولكنهم قابلوا جبلا أشما،وصقرا في العُلي قد حلّق، وزئر أسامة الضرغام بالحق المبين، فكان قدوة للخلائق لما قال: (والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته).
فذاب فؤاده على قومه أن خسروا،ثم خسروا ثم خابوا،وشعر بالمرارة تغزو فؤاده، ثم وقع القدر المقدور،وغاب عن الناظر الحبيب،فغيبت في التراب خديجة،وقد صح الخبر كما رواه البخاري أنها في بيت من قصب، وزاد الأمر على نفسه المقدسة هلاك عمه أبي طالب على الكفر،وبعد موته،أظهرت قريش وجهها القبيح الكالح،فقد قاومت دعوة التوحيد،وناوأت نشر إخلاص العبادة لله تعالى،وتمرغت في أوحال الشرك،فلم تطق نفوسهم الخربة رؤية بساتين الإيمان تثمر،فخنقوا خير البرية،وضربوا إمام المرسلين،وبصقوا في وجه سيد الثقلين،ووضعوا سلى الجزور على ظهر حبيب الرحمن،وخليل الديان،ولكن ما علم أولئك المخاذيل المناكيد العالة أنه كان يتلذذ،فكل إيذاء له كان رفعة عند ربه.
في يوم الميلاد الثالث للكون أمره الله تعالى بالهجرة،ليبحث عن أرض خصبة للدعوة،بدل أرض قريش الجدباء،فقد أبى أهلها الفوز،فراموا الخيبة وورثوا الخسارة.
وهناك كان للإسلام شأن آخر،وموعد مع النور، ففي طيبة الطيبة وعلى ربها الطاهرة ترعرع الإسلام وانتشر،وتمكنت جذوره من رشف الإيمان،فسقى الأنصار الدين بعرقهم ودموعهم،ولم يبخلو بدمائهم الطاهرة حبا لله ورسوله.
أما أرض طابة فقد غنت ألحان الحب والشوق يوم مدخل الحبيب،وحق لها أن تتمايل فرحا وسرورا فسيطأ ثراها من لو وطأ السماء لتسامت بهذا.
وهناك أنشأ الدولة الإسلامية، ونشر الراية الإيمانية، فجاهد بلسانه وسنانه، وصبر وصابر في ذات الله، وكم تألم، وكم سر، وكم عانى بأمي هو وأمي ص،وفي يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر من الهجرة النبوية رزأت الأمة الأحمدية،بل رزأت الأرض والسماء،بموت الرحمة المهداة،ما بقي قلب إلا بكاه،وما جفت عيون في محاجرها حزنا عليه،وفيه قالت سيدة نساء العالمين البرة التقية فاطمة بنت رسول الله: (واأبتاه اجاب ربًا دعاه يا ابتاه من جنة الفردوس مأواه يا ابتاه إلى جبريل ننعاه) فلما دفن قالت فاطمة عليه سحائب الرحمة والرضوان: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب؟!!
أما دفنه فهاك خبره من حبيبته الصديقه بنت الصديق عائشة أنها قالت: (ما علمنا بدفن النبي ف حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الاربعاء) وعن أم سلمة قالت: (بينا نحن مجتمعون نبكي لم ننم ورسول الله في بيوتنا ونحن نتسلى برؤيته على السرير إذ سمعنا صوت الكرارين في السحر قالت أم سلمة فصحنا وصاح أهل المسجد فارتجت المدينة صيحة واحدة وأذن بلال بالفجر فلما ذكر النبي بكى وانتحب فزادنا حزنا وعالج الناس الدخول إلى قبره فغلق دونهم فيالها من مصيبة ما اصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت اذ ذكرنا مصيبتنا به)
عباد الله:
وأنا أشهد الله أن النبي ف بلّغ الأمانة ووفي بالرسالة وجاهد في الله حق الجهاد،فجزاه الله خير ما جزى نبي عن أمته.
الحمد لله الذي أمرنا بحب نبيه ف ونصرته وتعظيمه فقال: ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ [الفتح:9] وصلى الله وسلم على عبده ورسوله ص الذي قال: « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين »،أما بعد:
فيا أحباب رسول الله:
إن من أبواب الضلالة التي نشأت بعد الأزمنة المفضلة بدعة المولد النبوي،وأكثر من يفعل هذا المولد مقصده حسن ألا وهو: تعظيم النبي ف واحترامه،وهو أهل لكل فضل وتعظيم وإجلال،ولكن هذا المقصد الحسن لا يجعل هذا الفعل مباح فضلا أن يكون سنة أو خيرا للأمة،قال الإمام مالك رحمه الله: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمد ف خان الرسالة أقرؤ قوله الله: ﴿.. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً..﴾ [المائدة:3] فما لم يكن ذلك اليوم دينا فهو ليس اليوم دينا،ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) ()
عباد الله:
إن الناظر في السيرة النبوية وتاريخ الصحابة والتابعين وتابعيهم وتابع تابعيهم بل إلى ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين سنة هجرية لم نجد أحدا لا من العلماء ولا من الحكام ولا حتى من عامة الناس قال بهذه العمل أو أمر به أو حث عليه أو تكلم به.
قال الحافظ السخاوي في فتاويه:"عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد"()،وإن أول من أظهر هذه البدعة هم العبيدين، وهم المسمين بالفاطمين ()،وهؤلاء باطنيين زنادقة روافض. ()()
ولقد أصدر عدد من علماء العالم الإسلامي بيانًا للأمة الإسلامية حول مسألة المولد النبوي، ومما جاء فيه: (ولقد فشا في أمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بدعة منكرة يوهن إتيانها المحبةَ الحقةَ له صلى الله عليه وآله وسلم وهي بدعة المولد الذي يقام في الثاني عشر من ربيع الأول، وهي بدعة محرمة قولاً وعملاً واعتقاداً، فهي سوق رائجة للعقائد الباطلة، والأقوال والأعمال المحرمة،كالحقيقة المحمدية، والإطراء المحرم، وتوهين المحبة الحقة، والتواصي بالتبرك بالقبور، وتحري إتيان عمرة تسمى بعمرة المولد، وزيارة جبل حراء وثور، ويحصل في بعض البلدان الرقص والغناء واختلاط الرجال بالنساء بل قد يصل الأمر في بعض البلدان التي يكثر فيها الجهل إلى تناول الخمور والمسكرات، وكذلك إظهار ألوان من الشعوذة والسحر،، والخروج بسيوف من خشب، وتوزيع أنواع الحلوى مضاهاة للأعياد الشرعية، وكل هذا مترتب على البدعة الأصلية وهي الاحتفال بالمولد النبوي.)
عباد الله:
فمن كان يحب رسول الله ص صدقا فعليه ترك مثل هذه البدعة بل وإنكارها بالحكمة والموعظة الحسنة.
- مولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولد للأمة
- حكم من كذب على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- نَسَبِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- لا يمكن أن يرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غير صفته
- لماذا يجب علينا أن نحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر من أي شخص آخر ؟
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى