رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية عام جديد - عاشوراء
التأريخ: 2/1/1425هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
غرة عام هجري جديد أطلت علينا، ومع البداية يبدأ الأمل، ويكبر في قلب الإنسان.
يعيش الإنسان مع الأمل في أموره كلها، ولولا الأمل لقتل كل امرأ نفسه لذا لا يقدم على الانتحار إلا اليائس، واليأس عيب فبصيص الأمل ما زال يخرج من بين ثنايا الكربات والهموم، وقديما قال العرب:إذا اشتد غلس الليل فقد أقبل الصباح، وكما قال الشاعر:
اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن فجرك بالبلجي
هذا اليأس من النفس أما اليأس من الله فهو ضلال مبين قال إبراهيم الخليل؛ ((قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ)) [الحجر:56]، والإنسان قد يقنط عند أدنى مصيبة قال الله تعالى:((وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ)) [الروم:36]، والأجدر بكل مسلم أن يلتجأ إلى الله تعالى عند حلول المصائب ويدعو الله تعالى وهو واثق أن الله لن يتخلى عنه، ولن يتركه سدى، وهذا النبي ص يقف يوم بدر مثل هذا الموقف فكفار قريش أضعاف المسلمين واشد منهم قوة ورجالا (فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ غ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ).
عباد الله:
كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة في حياته ولكنه يقرن هذه البداية المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة كتحسن حاله أو تحول مكانه، وقد يقرنها بمناسبة خاصة أو غرة عام جديد
، وهو بهذا التسويف يشعر بأن رافدا من روافد القوة المرموقة قد يجئ مع هذا الموعد فينشّه بعد خمول ويمنيه بعد إياس.
وهذا وهم فإن تجديد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس.
والإنسان المقبل على تجديد حياته بعزيمة وبصر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت، ولا تصرفه وفق هواها، إنه هو الذي يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها، كبذور الأزهار التي تمطر تحت أكوام السَّبْخ، ثم هي تشقُّ الطريق إلى أعلى مستقبلة مستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة، لقد حولت الحمأ المسنون والماء الكدر إلى لون بهيج وعطر فوَّاح..كذلك الإنسان.. إنه بقواه الكامنة وملكاته المدفونة فيه والفرض المحودة أو التافهة المتاحة له يستطيع أن يبني حياته من جديد.
لا تعلق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير.
عباد الله:
الليل والنهار مطيتان فأحسنوا السير فيهما إلى الآخرة، واحذروا التسويف فإن الموت يأتي بغتة، ولا يغترن أحدكم بحلم الله عليه فإن الجنة والنار أقرب لأحدكم من شراك نعله كما في الحديث قَالَ النَّبِيُّ غ (الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ) رواه البخاري.
عباد الله:
ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات قصيرة المدى وأخرى وطويلة المدى ليتخلص من هذه الهنات التي تزري به.
إن الإنسان أحوج الخلائق إلى التنقيب في أرجاء نفسه وتعهد حياته الخاصة والعامة بما يصونها من العلل والتفكك.
عباد الله:
إن الله تعالى يدعوك كل ليلة حتى تقبل إليه، قال ص:(إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ) رواه مسلم.
إنها لحظة إدبار من الليل وإقبال من النهار، وعلى إطلال الماضي القريب أو البعيد يمكنك أن تنهض لتبني مستقبلك.
تؤودنَّك كثرة الذنوب والخطايا فلو كانت ركاما أسود كزبد البحر ما بالى الله عز وطل بالتعفية عليها إن أنت اتجهت إليه قصدا وانطلقت إليه ركضا.
إن الكنود القديم لا يجوز أن يكون عائقا أمام أوبة صادقة ((قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر:53]
إن هذه الآية تحيي الأمل في الإرادة المخدرة وتنهض العزيمة الغافية وهي خجلى لستأنف السير إلى الله ولتجدد حياتها بعد ماضٍ ملتوٍ مستكين.
لو تصورت يا عبد الله فرحت الله جل وعلا بعودتك إليه، إن فرحته تعالى تفوق كل وصف، قال ص (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ).
ألا يبهرك هذا الترحاب الغامر أترى سرورا يعدل هذه البهجة الخالصة؟
إن أنبل الناس عِرْقًا وأطهرهم نفسا قلَّما يجد فؤادًا يتلهف لقائه بمثل هذا الحب. فكيف بخطاء أسرف على نفسه وأساء إلى غيره؟ إنه لو وجد استقبالا يستر عليه ما مضى لكان بحسبه ذلك الأمان المبذول ليستريح ويشكر.
إنه الأمل في العام الجديد بالعودة إلى الله تعالى وهو القائل:((وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى)) [طه:82].
إنها الثقة بالرحمن الرحيم، إنه حسن الظن بالغفو الودود قَالَ النَّبِيُّ غ: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)رواه البخاري
الخطبة الثانية:
الحمد الذي خلق الخلق وبرأ الأنفس يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد سيد الخلق وعلى آله وسلم، أما بعد:
فإن الله تعالى فضل بعض الناس على بعض، وفضل بعض الملائكة على بعض، وفضل الأيام على بعض، لا راد لأمره، ولا معقب لحكة يفعل ما يشاء وهو الحكيم الحميد.
ومن ذلك تفضل شهر المحرم، قال ص: (أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل الأوسط وأفضل الشهور بعد شهر رمضان المحرم وهو شهر الله الأصم) قال ابن رجب صحيح.
وقال ابن رجب /: (وأفضل شهر الله المحرم عشره الأول.وقد سمى النبي غ المحرم شهر الله وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواصَّ مخلوقاته، وقيل إضافته إلى الله تعالى أنه ليس لأحد تبديل تحريمه، كما كانت الجاهلية يحلونه عاما ويحرمون مكانه صفر، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره).
عباد الله:
فضل عاشوراء عظيم فهو اليوم الذي تاب الله فيه على أبونا آدم؛ قال غ (إِنَّهُ شَهْرُ اللَّهِ فِيهِ يَوْمٌ تَابَ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ وَيَتُوبُ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ) () وكان أهل الكتاب يعظمون هذا اليوم لأن الله نجى فيه موسى؛، وكذلك فيه استوت سفينة نوح على الجودي. بل حتى أهل الجاهلية كانوا يعظمونه كذلك.
عباد الله:
أفضل الأعمال في شهر الله المحرم الصيام لقوله غ: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ).
وكان أول صيام عاشوراء أن النَّبِيُّ غ (مَرَّ بِأُنَاسٍ مِنْ الْيَهُودِ قَدْ صَامُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا مِنْ الصَّوْمِ قَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي نَجَّى اللَّهُ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ الْغَرَقِ وَغَرَّقَ فِيهِ فِرْعَوْنَ، وَهَذَا يَوْمُ اسْتَوَتْ فِيهِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجُودِيِّ فَصَامَهُ نُوحٌ وَمُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى فَقَالَ النَّبِيُّ غ أَحَقُّ بِمُوسَى وَأَحَقُّ بِصَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالصَّوْمِ) رواه الإمام أحمد، فكان صيامه واجبا، فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ"أَنَّ النَّبِيَّ غ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَأْكُلْ) رواه البخاري، ثم نسخ الوجوب، وبقي الاستحباب فعن عَائِشَةَ لقَالَتْ: كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ غ (مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ) رواه البخاري.
ولم يقتصر صيام عاشوراء على أهل الكتاب فقط بل شمل حتى أهل الجاهلية فعَنْ عَائِشَةَ ل أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) ولعل سبب صيامهم هو ما ذكرته عائشة لأن الكعبة كانت تستر فيها، ولعل هذا مما بقي من ملة إبراهيم.
ثم إن النبي ص في آخر سنة من حياته قال: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ) أي مع العاشر مخالفة لليهود.
أما أجر صيامه فهو من الغنم البارد، وهو منحة من الله تعالى، عمل قليل وأجر كبير قال غ: (وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ).
فالسنة صيام التاسع والعاشر، ومن لم يستطع صام العاشر فقط، ولا يفرط عاقل بهذا الأجر العظيم.
عباد الله:
فضل الصيام عظيم قال رسول الله غ: (قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) قال ابن رجب /: (وفي التوراة:طوبى لمن جوع نفسه ليوم الشبع الأكبر، طوبى لمن ظمأ نفسه ليوم الري الأكبر، طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد غيب لم يره، طوبى لمن ترك طعاما ينفد لدار أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا).
عباد الله:
مغبون من أضاع عليه صيام هذا اليوم العظيم باللعن والسباب وضرب والوجه وشق الجيوب وفوت على نفسه نفحة من نفحات الله ورحمة من رحمات الله الكريم.
بداية عام جديد - عاشوراء
التأريخ: 2/1/1425هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
غرة عام هجري جديد أطلت علينا، ومع البداية يبدأ الأمل، ويكبر في قلب الإنسان.
يعيش الإنسان مع الأمل في أموره كلها، ولولا الأمل لقتل كل امرأ نفسه لذا لا يقدم على الانتحار إلا اليائس، واليأس عيب فبصيص الأمل ما زال يخرج من بين ثنايا الكربات والهموم، وقديما قال العرب:إذا اشتد غلس الليل فقد أقبل الصباح، وكما قال الشاعر:
اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن فجرك بالبلجي
هذا اليأس من النفس أما اليأس من الله فهو ضلال مبين قال إبراهيم الخليل؛ ((قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ)) [الحجر:56]، والإنسان قد يقنط عند أدنى مصيبة قال الله تعالى:((وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ)) [الروم:36]، والأجدر بكل مسلم أن يلتجأ إلى الله تعالى عند حلول المصائب ويدعو الله تعالى وهو واثق أن الله لن يتخلى عنه، ولن يتركه سدى، وهذا النبي ص يقف يوم بدر مثل هذا الموقف فكفار قريش أضعاف المسلمين واشد منهم قوة ورجالا (فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ غ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ).
عباد الله:
كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة في حياته ولكنه يقرن هذه البداية المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة كتحسن حاله أو تحول مكانه، وقد يقرنها بمناسبة خاصة أو غرة عام جديد
، وهو بهذا التسويف يشعر بأن رافدا من روافد القوة المرموقة قد يجئ مع هذا الموعد فينشّه بعد خمول ويمنيه بعد إياس.
وهذا وهم فإن تجديد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس.
والإنسان المقبل على تجديد حياته بعزيمة وبصر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت، ولا تصرفه وفق هواها، إنه هو الذي يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها، كبذور الأزهار التي تمطر تحت أكوام السَّبْخ، ثم هي تشقُّ الطريق إلى أعلى مستقبلة مستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة، لقد حولت الحمأ المسنون والماء الكدر إلى لون بهيج وعطر فوَّاح..كذلك الإنسان.. إنه بقواه الكامنة وملكاته المدفونة فيه والفرض المحودة أو التافهة المتاحة له يستطيع أن يبني حياته من جديد.
لا تعلق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير.
عباد الله:
الليل والنهار مطيتان فأحسنوا السير فيهما إلى الآخرة، واحذروا التسويف فإن الموت يأتي بغتة، ولا يغترن أحدكم بحلم الله عليه فإن الجنة والنار أقرب لأحدكم من شراك نعله كما في الحديث قَالَ النَّبِيُّ غ (الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ) رواه البخاري.
عباد الله:
ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات قصيرة المدى وأخرى وطويلة المدى ليتخلص من هذه الهنات التي تزري به.
إن الإنسان أحوج الخلائق إلى التنقيب في أرجاء نفسه وتعهد حياته الخاصة والعامة بما يصونها من العلل والتفكك.
عباد الله:
إن الله تعالى يدعوك كل ليلة حتى تقبل إليه، قال ص:(إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ) رواه مسلم.
إنها لحظة إدبار من الليل وإقبال من النهار، وعلى إطلال الماضي القريب أو البعيد يمكنك أن تنهض لتبني مستقبلك.
تؤودنَّك كثرة الذنوب والخطايا فلو كانت ركاما أسود كزبد البحر ما بالى الله عز وطل بالتعفية عليها إن أنت اتجهت إليه قصدا وانطلقت إليه ركضا.
إن الكنود القديم لا يجوز أن يكون عائقا أمام أوبة صادقة ((قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر:53]
إن هذه الآية تحيي الأمل في الإرادة المخدرة وتنهض العزيمة الغافية وهي خجلى لستأنف السير إلى الله ولتجدد حياتها بعد ماضٍ ملتوٍ مستكين.
لو تصورت يا عبد الله فرحت الله جل وعلا بعودتك إليه، إن فرحته تعالى تفوق كل وصف، قال ص (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ).
ألا يبهرك هذا الترحاب الغامر أترى سرورا يعدل هذه البهجة الخالصة؟
إن أنبل الناس عِرْقًا وأطهرهم نفسا قلَّما يجد فؤادًا يتلهف لقائه بمثل هذا الحب. فكيف بخطاء أسرف على نفسه وأساء إلى غيره؟ إنه لو وجد استقبالا يستر عليه ما مضى لكان بحسبه ذلك الأمان المبذول ليستريح ويشكر.
إنه الأمل في العام الجديد بالعودة إلى الله تعالى وهو القائل:((وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى)) [طه:82].
إنها الثقة بالرحمن الرحيم، إنه حسن الظن بالغفو الودود قَالَ النَّبِيُّ غ: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)رواه البخاري
الخطبة الثانية:
الحمد الذي خلق الخلق وبرأ الأنفس يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد سيد الخلق وعلى آله وسلم، أما بعد:
فإن الله تعالى فضل بعض الناس على بعض، وفضل بعض الملائكة على بعض، وفضل الأيام على بعض، لا راد لأمره، ولا معقب لحكة يفعل ما يشاء وهو الحكيم الحميد.
ومن ذلك تفضل شهر المحرم، قال ص: (أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل الأوسط وأفضل الشهور بعد شهر رمضان المحرم وهو شهر الله الأصم) قال ابن رجب صحيح.
وقال ابن رجب /: (وأفضل شهر الله المحرم عشره الأول.وقد سمى النبي غ المحرم شهر الله وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواصَّ مخلوقاته، وقيل إضافته إلى الله تعالى أنه ليس لأحد تبديل تحريمه، كما كانت الجاهلية يحلونه عاما ويحرمون مكانه صفر، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره).
عباد الله:
فضل عاشوراء عظيم فهو اليوم الذي تاب الله فيه على أبونا آدم؛ قال غ (إِنَّهُ شَهْرُ اللَّهِ فِيهِ يَوْمٌ تَابَ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ وَيَتُوبُ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ) () وكان أهل الكتاب يعظمون هذا اليوم لأن الله نجى فيه موسى؛، وكذلك فيه استوت سفينة نوح على الجودي. بل حتى أهل الجاهلية كانوا يعظمونه كذلك.
عباد الله:
أفضل الأعمال في شهر الله المحرم الصيام لقوله غ: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ).
وكان أول صيام عاشوراء أن النَّبِيُّ غ (مَرَّ بِأُنَاسٍ مِنْ الْيَهُودِ قَدْ صَامُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا مِنْ الصَّوْمِ قَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي نَجَّى اللَّهُ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ الْغَرَقِ وَغَرَّقَ فِيهِ فِرْعَوْنَ، وَهَذَا يَوْمُ اسْتَوَتْ فِيهِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجُودِيِّ فَصَامَهُ نُوحٌ وَمُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى فَقَالَ النَّبِيُّ غ أَحَقُّ بِمُوسَى وَأَحَقُّ بِصَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالصَّوْمِ) رواه الإمام أحمد، فكان صيامه واجبا، فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ"أَنَّ النَّبِيَّ غ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَأْكُلْ) رواه البخاري، ثم نسخ الوجوب، وبقي الاستحباب فعن عَائِشَةَ لقَالَتْ: كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ غ (مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ) رواه البخاري.
ولم يقتصر صيام عاشوراء على أهل الكتاب فقط بل شمل حتى أهل الجاهلية فعَنْ عَائِشَةَ ل أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) ولعل سبب صيامهم هو ما ذكرته عائشة لأن الكعبة كانت تستر فيها، ولعل هذا مما بقي من ملة إبراهيم.
ثم إن النبي ص في آخر سنة من حياته قال: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ) أي مع العاشر مخالفة لليهود.
أما أجر صيامه فهو من الغنم البارد، وهو منحة من الله تعالى، عمل قليل وأجر كبير قال غ: (وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ).
فالسنة صيام التاسع والعاشر، ومن لم يستطع صام العاشر فقط، ولا يفرط عاقل بهذا الأجر العظيم.
عباد الله:
فضل الصيام عظيم قال رسول الله غ: (قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) قال ابن رجب /: (وفي التوراة:طوبى لمن جوع نفسه ليوم الشبع الأكبر، طوبى لمن ظمأ نفسه ليوم الري الأكبر، طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد غيب لم يره، طوبى لمن ترك طعاما ينفد لدار أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا).
عباد الله:
مغبون من أضاع عليه صيام هذا اليوم العظيم باللعن والسباب وضرب والوجه وشق الجيوب وفوت على نفسه نفحة من نفحات الله ورحمة من رحمات الله الكريم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى