لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

أحكام الدَّين Empty أحكام الدَّين {الخميس 18 أغسطس - 15:58}

بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام الدَّين
التأريخ: 22/ 4 / 1419هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن كثير من الناس قد تمر عليه أمور و أحوال يحتاج معها إلى مال ليقضي به ما يريد و قد يكون عنده ذلك المال و قد لا يكون فإن لم يكن فقد يلجأ إلى الدين فحديثنا في هذا الخطبة إن شاء الله عن الدين و أحكامه و ذلك في نقاط.
الأولى: حكم الدين
و الذي عليه فقهاء المسلمين أن الدين مباح و أن الدائن له أجر و يأتي بيانه إن شاء الله.
الثانية: بيان كراهية الدين و عظمه
أخرج أبو داود / عَنْ سَمُرَةَ ا قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ^ فَقَالَ:"هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلانٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلانٍ"فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَنا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ^:"مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَمَا إِنِّي لَمْ أُنَوِّهْ بِكُمْ إِلا خَيْرًا إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ"قال سمرة: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَدَّى عَنْهُ حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ.
و أخرج أحمد - / - عَنِ النَّبِيِّ ^ قَالَ إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ Q أَنْ يَلْقَاهُ عَبْدٌ بِهَا بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لا يَدَعُ قَضَاءً"
عباد الله:
إن المجاهد في سبيل الله الذي قدم نفسه لله عز و جل و قتل في سبيله يغفر الله له كل ذنب عمله إلا الدين؛ فقد أخرج مسلم - / - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - ا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ^ قَالَ"يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ"و أخرج الإمام احمد - / - أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ^ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ^ إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاكَ ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ لَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ^ إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاكَ إِلَّا الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ ×"و أخرج النسائي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ^ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ أُحْيِيَ ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ.
عباد الله:
ألا و إن النبي ص كان يستعيذ من الدين في كل صلاة فقد أخرج البخاري / عَنْ عَائِشَةَ ل زَوْجِ النَّبِيِّ ^ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ^ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ"
ثالثا: آداب الدين
و إن الواجب على المسلم إن احتاج للدين أن ينظر لما حاجته تلك فإن كانت لأمر يمكن تأجيله أجله و من المعلوم أن كثير من المسلمين يتساهلون في الدين فيأخذ أحدهم الدين لشراء سيارة و هو يملك أخرى تقضى حاجته أو لتأثيث البيت و عنده ما يستره و قليل منهم يأخذها لحاجة حقيقية و يجب على المسلم عدم التوسع في الدين إلا لضرورة لما في شغل ذمته بالدين من خطر عظيم عليه في الدنيا و الآخرة، فإن الإنسان لا يفتح عليه باب الدين إلا و قد شعر أن الدين قد أغرقه و هو لا يستطيع و فاءها.
فإن كانت لأمر لابد منه استخار الله تعالى ثم بحث عن قريب أو صديق قادر فأخذ منه ما يحتاجه على أن يكون عازما على السداد فقد أخرج البخاري - / - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ا عَنِ النَّبِيِّ ^ قَالَ"مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتلافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ"و معنى أن الله يؤديها عنه أي ييسر له سدادها بفتح باب الرزق له أو يعطي صاحب الدين حسنات عوضا عن الدين.قال الحافظ - / - و معنى (أتلفه الله) ظاهره أن الإتلاف يقع له في الدنيا وذلك في معاشه أو في نفسه. وهو علم من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئا من الأمرين، وقيل المراد بالإتلاف عذاب الآخرة، قال ابن بطال: فيه الحض على ترك استئكال أموال الناس والترغيب في حسن التأدية إليهم عند المداينة وأن الجزاء قد يكون من جنس العمل.
أما من أخذها و لم يسدد ما عليه فهو مفلس كما في الحديث الذي أخرجه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - ا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ^ قَالَ"أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار"ألا و إن الله تعالى لا يبقى حقا لأحد إلا و أخذه قال رَسُولَ اللَّهِ ^"لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ"أي حتى الحيوانات يقتص بعضها من بعض.
و علي صاحب الدين كذلـك سرعة السداد متى استطاع ذلك أخرج البخاري - / - عن أَبو هُرَيْرَةَ ا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ^"لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسَرَّنِي أَنْ لا تَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاثُ لَيَالٍ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إِلا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ"و لا يحل له تأخير السداد متى ما أمكنه ذلك أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ^ قَالَ"مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ..."
و اعلموا عباد الله أن النبي - صلى الله عليه و آله و سلم - امتنع عن الصلاة على صاحب الدين كما أخرج البخاري - / - عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ ا قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ^ إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا فَقَالَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا لَا فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا قَالَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قِيلَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا قَالَ هَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
و الواجب على المدين كتابة الدين قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ …"و قال تعالى:"وَ لا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا"فإن استحى الدائن من ذلك فاليتقى الله المدين و ليكتب فإن الكتابة أحفظ للحق و قد ينسى أحدهم فيقع بينهم شحناء و خلاف فيكون المرجع لما كتبا.
و يجب على المدين مع سرعة الأداء أن يحسن في الأداء بأن يشكر صاحب الدين قال - صلى الله عليه و آله و سلم ــ"إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً"أخرجه البخاري.
عباد الله:
بعدما ذكرنا ما على صاحب الدين من الخطر العظيم إن هو تساهل في الدين و لم يوفيه و أن الأصل في المسلم أن يمتنع عن أخذ الدين إلا من حاجه ماسة فكذلك على من أغناه الله و رزقه أن لا يمنع عباد الله مال الله تعالى الذي عنده و لا يبخل؛ أخرج مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - ا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ^"مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
و اعلموا أن غيبة المدين المماطل جائزة و ذلك من سوء المدين قال تعالى:"وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ"
عباد الله:
كما ذكرنا أن على المدين مراعاة آداب فعلى الدائن كذلك مراعاة آداب.
أولها: حسن الطلب:
أخرج البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ ب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ^ قَالَ:"رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى"و أخر ج أحمد عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ا عَنِ النَّبِيِّ ^ قَالَ:"كَانَ رَجُلٌ سَمْحًا بَائِعًا وَمُبْتَاعًا وَقَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا فَدَخَلَ الْجَنَّةَ".
ثانيها: الصبر على المعسر:
أخرج مسلم - / - عن أبي هريرة - ا - عن النبي - صلى الله عليه و آله و سلم - قال:"مَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"و يجب أنظار المعسر حتى ينقضي إعساره قال تعالى"وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"و أخرج البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ ا عَنِ النَّبِيِّ ^ قَالَ"كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ"
ثالثها: الصدقة على المعسر:
و ذلك بترك بعض الدين إن كان يستطيع ذلك، قال تعالى"و من كان ذو عسره فنظرة إلى ميسرة و أن تصدقوا خير لكم.."و أخرج مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ فَتَوَارَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فَقَالَ إِنِّي مُعْسِرٌ فَقَالَ آللَّهِ قَالَ آللَّهِ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ^ يَقُولُ"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ"، و أخرج البخاري عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ^ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى يَا كَعْبُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ"ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَيِ الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُمْ فَاقْضِهِ"
و لا يجوز ترك الدين و احتسابه بدلا من الزكاة.
و نختم بهذه القصة فقد أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ^:"أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَالَ ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا قَالَ فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ قَالَ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا قَالَ صَدَقْتَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ قَالَ هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ قَالَ أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا"
أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم فاستغفروه إنه هو الغفور البر الرحيم
الحمد لله رب السموات و الأرض عالم الغيب و الشهادة العزيز الحميد و الصلاة و السلام على عبده و رسوله محمد - صلى الله عليه و آله و سلم - أما بعد:
فيا عباد الله:
بعدما ذكرنا الواجب على المدين و الدائن نذكر بأمرين:
الأول: أن من قال دين فلان الميت عليّ فقد خرج الحق من فلان و انتقل لمن قال و لا يجوز الرجوع في ذلك أبدا و قد برئ الميت من الدين.
الثاني: التحذير و الإنكار على ما قد يفعله بعض من لا خلاق له مما لا يرجوا الله و الدار الآخرة و هو أكل الربا في الدين سواءً بأن يعطيه الرجل الذي أسلفه الدين أو يعطيه البنك الذي أخذ منه أو يأخذ ببطاقة ألفيزا بأن يسحب من ماكينة الصراف التابعة للبنك مبلغ و يرده أكثر كل ذلك ربا قال تعالى:"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ(276)"و قال تعالى متوعدا من لم يترك الربا:"(278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ(279) ثم قال تعالى في ختام آيات الربا:"(280)وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ"و صاحب الربا ملعون على لسان رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - فقد أخرج مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ^ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ قَالَ قُلْتُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ).
و قد جعله رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - من السبع الموبقات المهلكات
فأخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ا عَنِ النَّبِيِّ ^ قَالَ"اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ
و اعلموا عباد الله أنه ما من قوم ظهر فيهم الربا إلا عاقبهم الله تعالى فقد أخرج أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ^ يَقُولُ"مَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمُ الرِّبَا إِلا أُخِذُوا بِالسَّنَةِ"أي: القحط
و الربا أعظم من الزنى فقد أخرج أحمد - / - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ^"دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً". و بعض الناس يأكل الربا خاصة ربا البنوك فيأخذ مائة ألف ريال و يردها بزيادة عشرة آلاف مثلا أو أكثر فإذا أنكرت عليه قال أنا مضطر و للمطظر أكل الميتة و جعل من نفسه فقيها عالما و ما علم أن المظطر هو من لا يجد طعام يأكله أبدا أو لباس يستره فله أخذ ما يشبعه أو يستره فقط و لا يزيد عن ذلك.
اللهم صلى على محمد و آل محمد كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى