رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
آية الشمس ( آيات وعظات )
د. محمد بن عدنان السمان
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ). أحمده جل شأنه خلق الليل والنهار والشمس والقمر وكل في فلك يسبحون، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له.
أما بعد:
فأوصيكم -عباد الله- بتقوى الله
آية عظيمة من آيات الله ومخلوقاته ، ذكرت هذه الآية في القرآن الكريم أكثر من ثلاثين مرة ، بل وأقسم رب العزة والجلال بهذه الآية العظيمة فقال : ( والشمس وضحاها ) .
آية الشمس من آيات الله العظام ، التي خلقها ربها ، وقدر سيرها وجريانها ، قال الله تعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) .
الشمس من آيات الله التي تدل على توحيده وإفراده بالعبادة ، ولهذا تحدى بهذه الآية العظيمة آية الشمس خليل الرحمن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل صلاة وأتم تسليم أحد أعداء الله ، قال ربنا سبحانه : قال الله تبارك وتعالى( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ( ( البقرة : 258 . قال المفسرون هذا المحاج هو ملك بابل ، واسمه نمرود بن كنعان ، ذكروا أنه استمر في ملكه أربعمائة سنة ، وكان قد طغى وبغى ، وتجبر وعتا وآثر الحياة الدنيا ، ولما دعاه الخليل إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الخالق - جل وعلا - عنادا ومكابرة ، فحاج إبراهيم الخليل في ذلك ، وادعى لنفسه الربوبية ، فلما قال الخليل عليه الصلاة والسلام ) ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت ( .
آية الشمس من نعم الله سبحانه وتعالى على البشرية جمعاء ، ولهذا قال الله تعالى :
(اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ{32} وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ{33} وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ{34})
فهي دلالة على النهار ، والضياء ، والنور ، ولها علاقة مباشرة بالإنسان والحيوان والنبات ، ولها تأثيرها على المناخ ، وتقلب الفصول من صيف وشتاء وخريف وربيع ، كل ذلك بتقدير الله جل جلاله ، ووفق مشيئة الله سبحانه وبحمده ، كما قال تعالى : ( فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) ، قال الامام ابن كثير رحمه الله :
وقوله) وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ( أي : يجريان بحساب مقنن مقدر ، لا يتغير ولا يضطرب ، بل كل منهما له منازل يسلكها في الصيف والشتاء ، فيترتب على ذلك اختلاف الليل والنهار طولا وقصرا ، كما قال تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }يونس5، وكما قال {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }يس40، وقال ) وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) (الأعراف : 54)
وقوله ) ذلك تقدير العزيز العليم ( أي : الجميع جار بتقدير العزيز الذي لا يمانع ولا يخالف ، العليم بكل شيء ، فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، وكثيرا ما إذا ذكر الله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، يختم الكلام بالعزة والعلم .
معاشر المسلمين : لقد ارتبطت أوقات الصلوات الخمس بهذه الآية العظيمة ارتباطاَ مباشراً وغير مباشر ، فمثلاً وقت دخول صلاة المغرب حين تغرب الشمس ووقت دخول صلاة الظهر حين زوال الشمس وهكذا .
يا عباد الله ومع عظمة وهذه الآية آية الشمس ، إلا أنه مخلوق من مخلوقات التي لا يصرف لها شيء من العبادة ، ولهذا كان ذلك الاستعجاب من هدهد سليمان عليه السلام ، وذلك فيما أخبر الله تعالى عنه فقال جل شأنه : ( فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ{22} إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ{23} وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ{24} أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ{25} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ{26} ) .
ثم إن هذه الآية آية الشمس من المخلوقات التي تعظم الله وتسجد له ، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) .
ثم إن الشمس تتعرض لما يسمى بالكسوف والذي عايشناه في هذا اليوم وهذا أيضاً من آيات الله سبحانه روى البخاري عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي )
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى وإلى الصلاة)[رواه البخاري و مسلم]
أيها المسلمون: بالكسوف يتبين للناس عظمة الله تعالى وعظيم قدرته؛ فإن هذه المخلوقات العظيمة مخلوقة مدبرة مسخرة بأمر الله يحكم فيها ما يشاء، ويقضي فيها ما يريد، تسير وفق نظام دقيق: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) ولذلك لا غرابة في أن يعرف الحاسبون الفلكيون أوقات الكسوف وأزمنته ومدته وأماكن ظهوره؛ لأن ذلك يُعرف بالحساب؛ كشروق الشمس وغروبها ودخول الفصول وأوائل الشهور وغير ذلك مما يدرك بالحساب؛ فهذا دال على عظيم صنع الله تعالى، وبديع خلقه، وليس فيه منازعة له جل وعلا.
وبالكسوف -يا عباد الله- يتبين فضل الله على عباده بهذين النيرين الشمس والقمر فبهما تقوم مصالح العباد في معاشهم ودنياهم وقد امتن الله بذلك على عباده فقال جل ثناؤه: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
أقول ماسمعتم ....
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اجتبى،، أما بعد:
فاتقوا الله معاشر المسلمين .
عباد الله ، وتتمة لحديثنا في الخطبة الأولى ، فإن آية الشمس سيكون لها علاقة أيضاً مباشرة بيوم القيامة ، فطلعوها من مغربها لا من مشرقها من علامات الساعة الكبرى ، ثبت بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم إن الشمس يوم القيامة كما قال رب العزة والجلال يكون لها حال غير الحال ، قال تعالى ( إذا الشمس كورت ) قال أهل التفسير : أي لفت وذهب ضوءها ونورها .
، ثم إن لما يقومون للحشر تدنو الشمس من الخلائق قيل شمسنا هذه وقيل غيرها ، في الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم :
تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما.
د. محمد بن عدنان السمان
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ). أحمده جل شأنه خلق الليل والنهار والشمس والقمر وكل في فلك يسبحون، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له.
أما بعد:
فأوصيكم -عباد الله- بتقوى الله
آية عظيمة من آيات الله ومخلوقاته ، ذكرت هذه الآية في القرآن الكريم أكثر من ثلاثين مرة ، بل وأقسم رب العزة والجلال بهذه الآية العظيمة فقال : ( والشمس وضحاها ) .
آية الشمس من آيات الله العظام ، التي خلقها ربها ، وقدر سيرها وجريانها ، قال الله تعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) .
الشمس من آيات الله التي تدل على توحيده وإفراده بالعبادة ، ولهذا تحدى بهذه الآية العظيمة آية الشمس خليل الرحمن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل صلاة وأتم تسليم أحد أعداء الله ، قال ربنا سبحانه : قال الله تبارك وتعالى( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ( ( البقرة : 258 . قال المفسرون هذا المحاج هو ملك بابل ، واسمه نمرود بن كنعان ، ذكروا أنه استمر في ملكه أربعمائة سنة ، وكان قد طغى وبغى ، وتجبر وعتا وآثر الحياة الدنيا ، ولما دعاه الخليل إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الخالق - جل وعلا - عنادا ومكابرة ، فحاج إبراهيم الخليل في ذلك ، وادعى لنفسه الربوبية ، فلما قال الخليل عليه الصلاة والسلام ) ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت ( .
آية الشمس من نعم الله سبحانه وتعالى على البشرية جمعاء ، ولهذا قال الله تعالى :
(اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ{32} وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ{33} وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ{34})
فهي دلالة على النهار ، والضياء ، والنور ، ولها علاقة مباشرة بالإنسان والحيوان والنبات ، ولها تأثيرها على المناخ ، وتقلب الفصول من صيف وشتاء وخريف وربيع ، كل ذلك بتقدير الله جل جلاله ، ووفق مشيئة الله سبحانه وبحمده ، كما قال تعالى : ( فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) ، قال الامام ابن كثير رحمه الله :
وقوله) وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ( أي : يجريان بحساب مقنن مقدر ، لا يتغير ولا يضطرب ، بل كل منهما له منازل يسلكها في الصيف والشتاء ، فيترتب على ذلك اختلاف الليل والنهار طولا وقصرا ، كما قال تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }يونس5، وكما قال {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }يس40، وقال ) وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) (الأعراف : 54)
وقوله ) ذلك تقدير العزيز العليم ( أي : الجميع جار بتقدير العزيز الذي لا يمانع ولا يخالف ، العليم بكل شيء ، فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، وكثيرا ما إذا ذكر الله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، يختم الكلام بالعزة والعلم .
معاشر المسلمين : لقد ارتبطت أوقات الصلوات الخمس بهذه الآية العظيمة ارتباطاَ مباشراً وغير مباشر ، فمثلاً وقت دخول صلاة المغرب حين تغرب الشمس ووقت دخول صلاة الظهر حين زوال الشمس وهكذا .
يا عباد الله ومع عظمة وهذه الآية آية الشمس ، إلا أنه مخلوق من مخلوقات التي لا يصرف لها شيء من العبادة ، ولهذا كان ذلك الاستعجاب من هدهد سليمان عليه السلام ، وذلك فيما أخبر الله تعالى عنه فقال جل شأنه : ( فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ{22} إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ{23} وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ{24} أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ{25} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ{26} ) .
ثم إن هذه الآية آية الشمس من المخلوقات التي تعظم الله وتسجد له ، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) .
ثم إن الشمس تتعرض لما يسمى بالكسوف والذي عايشناه في هذا اليوم وهذا أيضاً من آيات الله سبحانه روى البخاري عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي )
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى وإلى الصلاة)[رواه البخاري و مسلم]
أيها المسلمون: بالكسوف يتبين للناس عظمة الله تعالى وعظيم قدرته؛ فإن هذه المخلوقات العظيمة مخلوقة مدبرة مسخرة بأمر الله يحكم فيها ما يشاء، ويقضي فيها ما يريد، تسير وفق نظام دقيق: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) ولذلك لا غرابة في أن يعرف الحاسبون الفلكيون أوقات الكسوف وأزمنته ومدته وأماكن ظهوره؛ لأن ذلك يُعرف بالحساب؛ كشروق الشمس وغروبها ودخول الفصول وأوائل الشهور وغير ذلك مما يدرك بالحساب؛ فهذا دال على عظيم صنع الله تعالى، وبديع خلقه، وليس فيه منازعة له جل وعلا.
وبالكسوف -يا عباد الله- يتبين فضل الله على عباده بهذين النيرين الشمس والقمر فبهما تقوم مصالح العباد في معاشهم ودنياهم وقد امتن الله بذلك على عباده فقال جل ثناؤه: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
أقول ماسمعتم ....
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اجتبى،، أما بعد:
فاتقوا الله معاشر المسلمين .
عباد الله ، وتتمة لحديثنا في الخطبة الأولى ، فإن آية الشمس سيكون لها علاقة أيضاً مباشرة بيوم القيامة ، فطلعوها من مغربها لا من مشرقها من علامات الساعة الكبرى ، ثبت بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم إن الشمس يوم القيامة كما قال رب العزة والجلال يكون لها حال غير الحال ، قال تعالى ( إذا الشمس كورت ) قال أهل التفسير : أي لفت وذهب ضوءها ونورها .
، ثم إن لما يقومون للحشر تدنو الشمس من الخلائق قيل شمسنا هذه وقيل غيرها ، في الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم :
تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى