رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الحمد لله غافر الذنب وقابل
التوب شديد العقاب ذي الطول،لا إله إلا هو إليه المصير،وكل شيء إليه
يسير،
له الخلق والتدبير ، يرفع العمل الصالح ويقبله وهو السميع البصير ، يفيض
على عباده النعم ، ويزيل عنهم النقم بمنه وكرمه وإليه المرجع والمصير ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو على كل شيء قدير ، يُعصى
فيغفر ، ويُطاع فيشكر ، وهو الحكيم الخبير ، هو الغني عن عباده وهم
الفقراء
إليه وهو العلي الكبير ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخيرته
من
خلقه ، عظيم السجايا ،كريم العطايا ،خير من أعطي فشكر ، وأتقى وصبر ،
وصلى
وصام واستغفر ، صلوات ربي وسلامه عليه،وعلى آله وأصحابه الميامين الغرر
،والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المحشر . . أما بعد : فاتقوا الله
عباد الله ، واعلموا أن ما بكم من نعمة فمن الله : { أَلَمْ تَرَوْا
أَنَّ
اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } .
عباد الله : إنكم قد خرجتم من دياركم تشكون إلى الله جدب أرضكم ، وانحباس
المطر عن إبانه ، وإنكم لم تخرجوا أشرين ولا جبارين ، ولا للجاه سائلين ،
ولا للمال طالبين ، وإنما خرجتم افتقارًا لرب العالمين ، ولمغفرته طالبين
،
ولرزقه راغبين ، مبتهلين للولي الحميد ، أن يعفو عنكم ، ويتجاوز عن
ذنوبكم
، ويغفر لكم ؛ فأروا الله من أنفسكم ما يستجلب خيره ، ويرفع ضره .
عباد الله : ما من ذنب يقع إلا بمعصية ، ولا يرتفع إلا بتوبة ، فالمعاصي
معاول هدم ، وأدوات دفن ، تهدم العقيدة ، وتدفن التوحيد ، والتوبة تجدد
الإيمان ، وتزيد الإحسان ، وتبعث في النفس سراج النور ، ومشعل الحق
والسرور
، لأجل المعاصي والآثام ، والجرائم العظام ، يعاني العالم بأكمله تحديات
متنوعة ، ومصائب متكاثرة ، وآفات مختلفة ، فها هو العالم ينادي ،
مستغيثًا
من ارتفاع معدلات الجريمة ، وكثرة أنواع الجناية ، تدهور في الاقتصاد ،
واحتباس للحرارة في شتى البلاد ، كل ذلك بما كسبت أيدي العباد ، فقر يراد
،
وغلاء يزداد ، تضخم مخيف ، وتمرد سخيف ، ديون تتراكم ، وويلات تتعاظم ،
ألا
فلنأخذ من ذلكم العظات والعبر ، والدروس الدرر ، ألا فلنعلم أن الربا سبب
للحرمان من الأمطار ، ومنع الزكاة حبس عن الخير المدرار ، وانتشار
الفواحش
يؤدي إلى موت الدواب والأشجار ، وافتقار الفيافي والقفار ، ألا وإن أعظم
أسباب فقدان الأمن ، وحلول المخاوف والمصائب ، البعد عن المنهج الإلهي ،
والمخالفة للنهج النبوي ، فتسود المعاصي والشنائع ، وتتفشى الذنوب
والفظائع
، يقول ربنا جل وعلا : { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ * الَّذِي
أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } ، ويقول ربنا جل وعلا
في
كلامه العظيم ، مصورًا لنا واقعا يعانيه مجتمع اليوم : { وَضَرَبَ
اللَّهُ
مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا
رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا
اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } ،
نستغفر
الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله .
عباد الله : ألا إنه ما ابتعد الناس عن التقوى والإيمان ، إلا وفقدوا
الاستقرار والأمان ، وابتلوا بالمصائب والنكبات ، ومنعوا القطر والزخات :
{
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا
عَلَيْهِـم
بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم
بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } ، فإذا ما رمتم أمطاراً غزاراً ، وماءً
وأنهاراً ، وقوة وانتصاراً ، فاستغفروا الله إنه كان غفاراً ، { وَيَا
قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ
السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ
وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } ، وما دواء العصيان إلا التوبة ، ودرب
الاستقامة مطراً وماءً { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ
لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا } ، وما علاج القحط إلا الاستغفار ،
والتفكر والاستبصار ، والندم والانكسار : { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا
رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَمَاءَ عَلَيْكُمْ
مِدْراراً ويُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكِمْ جِنّاتٍ
وَيَجْعَلْ لًكُمْ أًَنْهَاراًَ } ، ألا فاعلموا أن الاستغفار ، أمان من
عذاب الله الشديد ، وأمن يوم الوعيد ، قال الولي الحميد : { وَمَا كَانَ
اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، نستغفر الله ، نستغفر
الله ، نستغفر الله ، اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من
عقوبتك
، اللهم ارحمنا بترك المعاصي أبداً ، فضلاً منك ومنَّاً .
عباد الله : ما أحلم الله على عباده ، ما أعظم صبر الله ، ما أطول إمهال
الله ، الله يمهل ولا يهمل ، ولو أنه أخذ الناس بأول الجرم ، وابتداء
الإثم
، ما ترك على الأرض من أحدٍ أبداً ، عدلاً منه وقسطاً ، ولكنه غفور رحيم ،
رؤوف كريم ، قال العزيز العليم : { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ
لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل
لَّهُم
مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } ، ألا وإن المتأمل في
واقع كثير من الناس اليوم ، ليجد عجباً ، ابتعاد عن دين الله القويم ،
وانحراف عن صراطه المستقيم ، وقوع في فخاخ قنوات مميتة ، وبراثن برامج
مقيتة ، قنوات تدعوا إلى الرذيلة ، وتقتل الفضيلة ، اختلاط بين الفتيان
والفتيات ، في مشاهد مؤلمة ، يُخدش فيها الحياء ، وتغضب رب الأرض والسماء
،
حتى قلد الأبناء والبنات ما شاهدوا ، وتقمصوا ما رأوا وأبصروا ، فحصلت
الخلوات المحرمة ، والعلاقات المجرمة ، في غفلة من الآباء والأمهات ،
فحصلت
فتن ومواجع ، تقض المضاجع ، عصيان وزلل ، وفساد وخلل ، لا ينجو منها إلا
من
أرد النجاة ، وزهد في هذه الحياة ، واستعد للقاء الله ، ألا فاتقوا الله
أيها الآباء والأمهات ، وقوموا بما أوجب الله عليكم من أداء الأمانات ،
والاضطلاع بالمسؤوليات ، فارعوا أبناءكم وبناتكم ، وأدوا أماناتكم ، فقد
أمركم بذلك مولاكم ، فقال ربكم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ
تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ
تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ
فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } ، اللهم إنا ظلمنا
أنفسنا ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لنا وارحمنا ،
وتب
علينا وسامحنا ، نستغفر الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله .
عباد الله : إن من أعظم المعاصي ضراوة وحدوثاً ، وألماً وإحداثاً ، ضياع
شعيرة الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، في كثير من مجتمعات الإسلام ،
الشعيرة التي أمر بها الملك العلام ، وحاربها كثير من الكُتَّاب ووسائل
الإعلام ، دونما حسيب أو رقيب ، وما كتبوه عن الله لن يغيب ، في صور من
الاستهزاء والسخرية والاستهجان ، وقد قال الواحد الديان : { قُلْ
أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ
تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن
طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ
مُجْرِمِينَ
} ، لقد خرج من كُتَّاب المسلمين من يستهزئ بهذه الشعيرة وبرجالها ؟ بل
طالب بإزالتها وإلغائها ، فويل لمن كتبوا ، وبئس ما كسبوا ، ولعلها لم
تطرق
أسماعهم آيات مسطرة سائدة ، في سورة المائدة ، فقد قال الله تعالى : {
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ
دَاوُودَ
وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ *
كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا
يَفْعَلُونَ } ، فلابد من الأخذ على أيدي السفهاء ، وإلا وقع في الأرض
فساد
كبير ، وشر مستطير ، تدق معه نواقيس الخطر ، مؤذنة بمساوئ وضرر ، تأخذ
الصالح والطالح ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم يعمل فيهم
بالمعاصي
، هم أعز منهم ، وأمنع ممن يعملوا ، ثم لم يغيروه ، إلا أعمهم الله تعالى
منه بعقاب " [ وهو حديث سنده صحيح عند أهل العلم ] ، وروى أهل السنن بسند
صحيح من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله
عليه
وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم
بعقابه " ، نستغفر الله ، ونستغفر الله ، ونستغفر الله .
عباد الله : اعلموا أن في الاستغفار ، فوائد لا تحصى ، وفضائل لا تستقصى ،
الاستغفار يقيل العثرات ، ويمحو الزلات ، ويزيل الهفوات ، الاستغفار يذهب
الهموم ، ويزل الكروب والغموم ، فاستغفروا الله الحي القيوم ، قال صلى
الله
عليه وسلم : " من لزم الاستغفار ، جعل الله له من كل هم فرجاً ، ومن كل
ضيق
مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب " ، اللهم يا باسط اليدين بالعطايا ،
اغفر
لنا الذنوب والرزايا ، والسيئات والخطايا ، اللهم أنت الله لا إله إلا
أنت
، أنت الغني ونحن الفقراء ؛ أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ،
اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً ،
سحاً غدقاً طبقاً مجللاً ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا بلاء ولا غرق
،
اللهم لتحيي بها البلاد ، وتسقي به العباد ، ولتجعله بلاغًا للحاضر
والباد
، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، اللهم إنا خلق من خلقك ،
فلا
تمنع عنا بذنوبنا فضلك ، نستغفر الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله ،
اللهم
إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً ، فأرسل السماء علينا مدراراً ، اللهم صل
وسلم
على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، سبحان ربنا رب العزة عما يصفون ،
وسلام على المرسلين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
التوب شديد العقاب ذي الطول،لا إله إلا هو إليه المصير،وكل شيء إليه
يسير،
له الخلق والتدبير ، يرفع العمل الصالح ويقبله وهو السميع البصير ، يفيض
على عباده النعم ، ويزيل عنهم النقم بمنه وكرمه وإليه المرجع والمصير ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو على كل شيء قدير ، يُعصى
فيغفر ، ويُطاع فيشكر ، وهو الحكيم الخبير ، هو الغني عن عباده وهم
الفقراء
إليه وهو العلي الكبير ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخيرته
من
خلقه ، عظيم السجايا ،كريم العطايا ،خير من أعطي فشكر ، وأتقى وصبر ،
وصلى
وصام واستغفر ، صلوات ربي وسلامه عليه،وعلى آله وأصحابه الميامين الغرر
،والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المحشر . . أما بعد : فاتقوا الله
عباد الله ، واعلموا أن ما بكم من نعمة فمن الله : { أَلَمْ تَرَوْا
أَنَّ
اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } .
عباد الله : إنكم قد خرجتم من دياركم تشكون إلى الله جدب أرضكم ، وانحباس
المطر عن إبانه ، وإنكم لم تخرجوا أشرين ولا جبارين ، ولا للجاه سائلين ،
ولا للمال طالبين ، وإنما خرجتم افتقارًا لرب العالمين ، ولمغفرته طالبين
،
ولرزقه راغبين ، مبتهلين للولي الحميد ، أن يعفو عنكم ، ويتجاوز عن
ذنوبكم
، ويغفر لكم ؛ فأروا الله من أنفسكم ما يستجلب خيره ، ويرفع ضره .
عباد الله : ما من ذنب يقع إلا بمعصية ، ولا يرتفع إلا بتوبة ، فالمعاصي
معاول هدم ، وأدوات دفن ، تهدم العقيدة ، وتدفن التوحيد ، والتوبة تجدد
الإيمان ، وتزيد الإحسان ، وتبعث في النفس سراج النور ، ومشعل الحق
والسرور
، لأجل المعاصي والآثام ، والجرائم العظام ، يعاني العالم بأكمله تحديات
متنوعة ، ومصائب متكاثرة ، وآفات مختلفة ، فها هو العالم ينادي ،
مستغيثًا
من ارتفاع معدلات الجريمة ، وكثرة أنواع الجناية ، تدهور في الاقتصاد ،
واحتباس للحرارة في شتى البلاد ، كل ذلك بما كسبت أيدي العباد ، فقر يراد
،
وغلاء يزداد ، تضخم مخيف ، وتمرد سخيف ، ديون تتراكم ، وويلات تتعاظم ،
ألا
فلنأخذ من ذلكم العظات والعبر ، والدروس الدرر ، ألا فلنعلم أن الربا سبب
للحرمان من الأمطار ، ومنع الزكاة حبس عن الخير المدرار ، وانتشار
الفواحش
يؤدي إلى موت الدواب والأشجار ، وافتقار الفيافي والقفار ، ألا وإن أعظم
أسباب فقدان الأمن ، وحلول المخاوف والمصائب ، البعد عن المنهج الإلهي ،
والمخالفة للنهج النبوي ، فتسود المعاصي والشنائع ، وتتفشى الذنوب
والفظائع
، يقول ربنا جل وعلا : { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ * الَّذِي
أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } ، ويقول ربنا جل وعلا
في
كلامه العظيم ، مصورًا لنا واقعا يعانيه مجتمع اليوم : { وَضَرَبَ
اللَّهُ
مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا
رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا
اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } ،
نستغفر
الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله .
عباد الله : ألا إنه ما ابتعد الناس عن التقوى والإيمان ، إلا وفقدوا
الاستقرار والأمان ، وابتلوا بالمصائب والنكبات ، ومنعوا القطر والزخات :
{
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا
عَلَيْهِـم
بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم
بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } ، فإذا ما رمتم أمطاراً غزاراً ، وماءً
وأنهاراً ، وقوة وانتصاراً ، فاستغفروا الله إنه كان غفاراً ، { وَيَا
قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ
السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ
وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } ، وما دواء العصيان إلا التوبة ، ودرب
الاستقامة مطراً وماءً { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ
لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا } ، وما علاج القحط إلا الاستغفار ،
والتفكر والاستبصار ، والندم والانكسار : { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا
رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَمَاءَ عَلَيْكُمْ
مِدْراراً ويُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكِمْ جِنّاتٍ
وَيَجْعَلْ لًكُمْ أًَنْهَاراًَ } ، ألا فاعلموا أن الاستغفار ، أمان من
عذاب الله الشديد ، وأمن يوم الوعيد ، قال الولي الحميد : { وَمَا كَانَ
اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، نستغفر الله ، نستغفر
الله ، نستغفر الله ، اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من
عقوبتك
، اللهم ارحمنا بترك المعاصي أبداً ، فضلاً منك ومنَّاً .
عباد الله : ما أحلم الله على عباده ، ما أعظم صبر الله ، ما أطول إمهال
الله ، الله يمهل ولا يهمل ، ولو أنه أخذ الناس بأول الجرم ، وابتداء
الإثم
، ما ترك على الأرض من أحدٍ أبداً ، عدلاً منه وقسطاً ، ولكنه غفور رحيم ،
رؤوف كريم ، قال العزيز العليم : { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ
لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل
لَّهُم
مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } ، ألا وإن المتأمل في
واقع كثير من الناس اليوم ، ليجد عجباً ، ابتعاد عن دين الله القويم ،
وانحراف عن صراطه المستقيم ، وقوع في فخاخ قنوات مميتة ، وبراثن برامج
مقيتة ، قنوات تدعوا إلى الرذيلة ، وتقتل الفضيلة ، اختلاط بين الفتيان
والفتيات ، في مشاهد مؤلمة ، يُخدش فيها الحياء ، وتغضب رب الأرض والسماء
،
حتى قلد الأبناء والبنات ما شاهدوا ، وتقمصوا ما رأوا وأبصروا ، فحصلت
الخلوات المحرمة ، والعلاقات المجرمة ، في غفلة من الآباء والأمهات ،
فحصلت
فتن ومواجع ، تقض المضاجع ، عصيان وزلل ، وفساد وخلل ، لا ينجو منها إلا
من
أرد النجاة ، وزهد في هذه الحياة ، واستعد للقاء الله ، ألا فاتقوا الله
أيها الآباء والأمهات ، وقوموا بما أوجب الله عليكم من أداء الأمانات ،
والاضطلاع بالمسؤوليات ، فارعوا أبناءكم وبناتكم ، وأدوا أماناتكم ، فقد
أمركم بذلك مولاكم ، فقال ربكم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ
تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ
تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ
فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } ، اللهم إنا ظلمنا
أنفسنا ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لنا وارحمنا ،
وتب
علينا وسامحنا ، نستغفر الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله .
عباد الله : إن من أعظم المعاصي ضراوة وحدوثاً ، وألماً وإحداثاً ، ضياع
شعيرة الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، في كثير من مجتمعات الإسلام ،
الشعيرة التي أمر بها الملك العلام ، وحاربها كثير من الكُتَّاب ووسائل
الإعلام ، دونما حسيب أو رقيب ، وما كتبوه عن الله لن يغيب ، في صور من
الاستهزاء والسخرية والاستهجان ، وقد قال الواحد الديان : { قُلْ
أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ
تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن
طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ
مُجْرِمِينَ
} ، لقد خرج من كُتَّاب المسلمين من يستهزئ بهذه الشعيرة وبرجالها ؟ بل
طالب بإزالتها وإلغائها ، فويل لمن كتبوا ، وبئس ما كسبوا ، ولعلها لم
تطرق
أسماعهم آيات مسطرة سائدة ، في سورة المائدة ، فقد قال الله تعالى : {
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ
دَاوُودَ
وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ *
كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا
يَفْعَلُونَ } ، فلابد من الأخذ على أيدي السفهاء ، وإلا وقع في الأرض
فساد
كبير ، وشر مستطير ، تدق معه نواقيس الخطر ، مؤذنة بمساوئ وضرر ، تأخذ
الصالح والطالح ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم يعمل فيهم
بالمعاصي
، هم أعز منهم ، وأمنع ممن يعملوا ، ثم لم يغيروه ، إلا أعمهم الله تعالى
منه بعقاب " [ وهو حديث سنده صحيح عند أهل العلم ] ، وروى أهل السنن بسند
صحيح من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله
عليه
وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم
بعقابه " ، نستغفر الله ، ونستغفر الله ، ونستغفر الله .
عباد الله : اعلموا أن في الاستغفار ، فوائد لا تحصى ، وفضائل لا تستقصى ،
الاستغفار يقيل العثرات ، ويمحو الزلات ، ويزيل الهفوات ، الاستغفار يذهب
الهموم ، ويزل الكروب والغموم ، فاستغفروا الله الحي القيوم ، قال صلى
الله
عليه وسلم : " من لزم الاستغفار ، جعل الله له من كل هم فرجاً ، ومن كل
ضيق
مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب " ، اللهم يا باسط اليدين بالعطايا ،
اغفر
لنا الذنوب والرزايا ، والسيئات والخطايا ، اللهم أنت الله لا إله إلا
أنت
، أنت الغني ونحن الفقراء ؛ أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ،
اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً ،
سحاً غدقاً طبقاً مجللاً ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا بلاء ولا غرق
،
اللهم لتحيي بها البلاد ، وتسقي به العباد ، ولتجعله بلاغًا للحاضر
والباد
، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، اللهم إنا خلق من خلقك ،
فلا
تمنع عنا بذنوبنا فضلك ، نستغفر الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله ،
اللهم
إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً ، فأرسل السماء علينا مدراراً ، اللهم صل
وسلم
على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، سبحان ربنا رب العزة عما يصفون ،
وسلام على المرسلين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى